بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني، أشهد أنه رسول الله للثقلين الجن والإنس، وللعرب والعجم، وأشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه من ربه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى إخوانه النبيين والمرسلين، وعلى آله وعلى أصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإني أحمد الله إليكم وأسأله المزيد من فضله، وأثني عليه الخير كله، وأسأله أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا وذرياتنا، كما أسأله سبحانه أن يرزقنا جميعًا الإخلاص في العمل، والصدق في القول، وأسأله سبحانه أن يجعل مجلسنا هذا مجلس خير وعلم ورحمة، تنزل عليه السكينة، وتغشاه الرحمة، وتحفه الملائكة، ويذكره الله فيمن عنده.
أيها الإخوان! في هذه الليلة إن شاء الله نتكلم على صفة الحج والعمرة، هذه الليلة هي آخر ليلة في الدروس التي قبل الحج، وغدًا إن شاء الله نتوجه توجه الحجاج إلى منى محرمين بالحج، ونسأل الله للجميع التوفيق والتسديد والثبات على دينه، والقبول.
أيها الإخوان! إن حج بيت الله الحرام أحد أركان الإسلام، بل هو الركن الخامس الذي لا يقوم الإسلام ولا يستقيم إلا بها، كما قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان عن ابن عمر –-رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام، الحج: الركن الخامس من أركان الإسلام، فهو أحد الأركان التي لا يقوم الإسلام ولا يستقيم إلا بها، فالحج واجب على الفور؛ لقول جمع من أهل العلم، ولهذا من تأخر عن الحج من غير عذر فإنه يرى جمع من أهل العلم أنه يكون كافرًا؛ لقول الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ[آل عمران:97]
ويرى آخرون من أهل العلم أن الوجوب على التراخي، وعلى ذلك لو أخر الحج وهو يريد أن يحج فلا يكفر، إنما هو واجب في ذمته، عليه أن يأتي به.
ولا يجب الحج إلا بشروط دلت عليها النصوص:
الشرط الأول: الإسلام.
الشرط الثاني: البلوغ.
الشرط الثالث: العقل.
الشرط الرابع: الحرية.
الشرط الخامس: الاستطاعة.
هذه الشروط إذا وجدت وجب الحج.
الشرط الأول: الإسلام، فغير المسلم لا يؤمر بالحج، ولا يصلح منه الحج في حال كفره، بل يؤمر بالتوحيد، ويؤمر بالإسلام، فإذا دخل في الإسلام وشهد أن لا إله إلا الله، وشهد أن محمدًا رسول الله فإنه يؤمر بالحج، وليس معنى ذلك أن الحج لا يعذب عليه يوم القيامة، بل يعذب يوم القيامة على ترك الإسلام، وعلى ترك الصلاة، وعلى ترك الصوم، وعلى ترك الحج، ولكن الحج منه في حال كفره لا يصح؛ لأن من شروط صحة الحج: الإسلام، فغير المسلم لا يصلح حجه.
الشرط الثاني: البلوغ، والصبي الذي لم يبلغ لا يجب عليه الحج؛ لأنه لم يكلف، لكن لو حج به وليه صح منه الحج، حتى ولو كان صبيًا في المهد، لما ثبت في صحيح مسلم -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- أن امرأة رفعت إلى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صبيًا في المهد، فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر، ولكن إذا بلغ فإن عليه أن يجح حجة الإسلام، وأجر الحج إلى الصبي، ووليه له أجر المعونة والسبب، والدليل أنه يجب عليه أن يحج، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى.
الشرط الثالث: العقل، فاقد العقل لا يجب عليه الحج؛ لقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ.
الشرط الرابع: الحرية، فالعبد الذي يباع ويشترى لا يجب عليه الحج، لكن لو أذن له سيده في الحج صح حجه، ولكن إذا أعتق فعليه أن يحج حجة الإسلام؛ لما جاء في الحديث: أيما عبد حج ثم عتق فعليه أن يحج حجة أخرى.
الشرط الخامس: الاستطاعة، الاستطاعة والقدرة على الحج؛ لقول الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلً[آل عمران:97]،والاستطاعة والقدرة نوعان: استطاعة بالبدن، واستطاعة بالمال، استطاعة بالبدن بأن يستطيع الثبات على المركوب فيذهب إلى الحج ويأتي ويرجع، يستطيع الثبات على المركوب، فإن كان شيخًا كبيرًا أو امرأة كبيرة لا يستطيع الثبات على المركوب؛ لتقدم السن، ولكبره، أو كان مريضًا مرضًا لا يرجى برؤه فلا يستطيع الثبات لمرضه فإنه غير مستطيع لبدنه.
والنوع الثاني: الاستطاعة بالمال، وهو أن يكون عنده مال يكفيه للحج ذهابًا وإيابًا، زائدة عن نفقة أهله وماله ومن يعول، فإذا وجدت القدرتان: الاستطاعة بالبدن، والاستطاعة بالمال وجب عليه أن يحج ببدنه، وإذا وجدت الاستطاعة بالبدن، ولكن ليس عنده استطاعة بالمال، فإنه لا يجب عليه الحج، وإذا وجدت الاستطاعة بالمال ولم توجد الاستطاعة بالبدن، وهو مستمر، وجب عليه أن ينيب من يحج عنه، ويدخل في استطاعة المرأة وجود محرم يسافر معها للحج، ويصحبها في سفرها في الحج؛ لقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحديث الصحيح: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم»، ولما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك قام رجل فقال: يا رسول الله! إني امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ارجع فحج مع امرأتك»، فإذا كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ألغى كتابة هذا الرجل في الغزو، في الجهاد في سبيل الله، وجعله يترك الغزو والجهاد في سبيل الله ويحج مع امرأته، يدل على أي شيء؟ يدل على وجوب المحرم، فما بال هؤلاء النسوة يأتين من بلادهن من دون محارم؟! تسافر المرأة وحدها في الطائرة بحجة أنه يستقبلها محرمها في المطار ويوصلها المحرم الأول، وما بال هؤلاء النسوة يأتين خادمات سنين؟ ويأتين بدون محرم، وما بال هؤلاء النسوة يحججن إلى البيت بدون محرم، لا بد من محرم للمرأة يصحبها في سفرها للحج، فإن عدمت المحرم، قال بعض العلماء: لا يجب عليها الحج، وقيل: عليها أن تستنيب إذا كانت قادرة بالمال.
ومن آداب الحج، ينبغي للمسلم إذا عزم الحج أن يتأدب بآداب الحج، منها:
أولًا: الإخلاص لله، أن يكون قصده بحجه وجه الله والدار الآخرة، لا رياء ولا سمعة ولا مفاخرة ولا حطامها؛ لأن ذلك من أقبح الأعمال، قال الله تعالى: .
ومنها: أن يسترضي والديه، أو من يوجد منهما.
ومنها: أن يرد الودائع إلى أهلها، أو يستأذنهم في بقائها.
ومنها: أن يتحلل ممن بينه معاملة أو مشاحنة.
ومنها: أن ينتخب لحجة نفقة طيبة خالصة من الحرام والشبهة، فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا، كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحديث الصحيح: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ﴾[المؤمنون:51]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾[البقرة:172] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشغث أغبر، يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك».
وفي الحقيقة أن الإنسان إذا حج بالمال الحرام فلم يحج، وإنما حج مركوبه، كما قيل:
إذا حججت بمال أصله سحت
فما حججت ولكن حجت العير
لا يقبل الله إلا كل صالحة
لا كل من حج بيت الله مبرور
والحج والعمرة واجبان في العمر مرة، يقول الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾[آل عمران:97]
ولقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إن الله كتب عليكم الحج فحجوا»، فقام رجل فقال: يا رسول الله! أكل عام؟ فسكت، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت لما استطعتم»، الحج مرة فمن زاد فهو تطوع، وهذا [00:10:28]، وكذلك العمرة تجب في العمر مرة؛ لحديث عائشة: هل على النساء جهاد؟ قال: «عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة».
ومن الأدلة أيضًا على وجوب الحج من الآثار، حديث الدارمي: «مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الْحَجِّ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ مَرَضٌ حَابِسٌ أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ فَمَاتَ، فَلا عليه أن يموت يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا».
ومن الآثار جاء عن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه قال: لقد هممت أن أبعث إلى هؤلاء الأمصار فينظر كل من كان له سعة فلم يحج، فيضرب عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين.
وقال ابن عباس: من كان عنده مال ولم يؤد زكاة ماله، وقدر على الحج فلم يحج إلا سأل الرجعة عند الموت.
وينبغي أيضًا أن يختار رفقة يحج معهم من أهل العلم والصلاح والدين تعينه على أداء نسكه، فإن الجليس يعثر على الجليس الصالح، يعثر على جليسه، والجليس السوء يعثر على جليسه.
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن يرشد
إذا وصل المسلم إلى الميقات، أحد المواقيت الخمسة فإنه يحرم.
المواقيت الخمسة التي وقتها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ذو الحليفة لأهل المدينة وتسمى الآن أبيار علي، والجحفة لأهل الشام ومصر والمغرب، ويلملم لأهل اليمن، وقرن المنازل لأهل نجد،[00:12:29] أي: ذات عرق لأهل المشرق والعراق، وقتها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث ابن عباس، «وقت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل نجد قرن، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة»، إذا وصل المسلم لواحد من هذه المواقيت وهو يريد الحج والعمرة فلا يجوز له أن يتجاوزها إلا بإحرام.
وحينئذ إذا أراد الإحرام يستحب له أن يفعل السنن، منها: الاغتسال.
ومنها: التنظف.
ومنها: التطيب.
ومنها: أن يكون إحرامه عقب صلاة، سواء صلاة فريضة أو نافلة.
ومنها: أن يحرم في إزار ونعلين، أو [00:13:18].
ومنها: أن يتجرد من المخيط في الإزار والرداء.
ثم أحرم بواحد من الأنساك الثلاثة، وأفضلها التمتع، ثم القران، ثم الإفراد؛ وذلك لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خير الناس عند الميقات، ثم لما قرب من المدينة أي: من مكة، قال للناس: «من لم يكن معه هدي فليجعل إحرامه عمرة»، أن يغيره لعمرة، ثم لما طافوا وسعوا أمرهم بالتحلل، فتحللوا كلهم إلا من ساق الهدي، تحللوا جعلوها عمرة، من هنا ذهب بعض العلماء إلى أن التمتع واجب، وقالوا: إن القران والإفراد هذا كان أولًا ثم نسخ، وهو اختيار ابن عباس، ورواية عن الإمام أحمد، واختيار ابن القيم في زاد المعاد، وهو اختيار الشيخ ناصر الدين الألباني، أنه يجب التمتع.
والجمهور على أنه ليس واجبًا ولكنه أفضل الأنساك، فإذا وصل إلى الميقات أحرم بواحدة من الأنساك الثلاثة، إما بالعمرة أي: متمتعًا بها إلى الحج، وإما بالحج وحده، وإما بالجح والعمرة معًا.
وكيفية ذلك باختصار: أنه إذا أراد التمتع يحرم بالعمرة، فيقول بعد الغسل والتنظف والتطيب والصلاة، ينوي بقلبه الدخول في العمرة، فإذا نوى بقلبه الدخول في العمرة أحرم هذه النية، ثم يلبي ويذكر نسكه بتلبيته، فيقول: لبيك عمرة، أو لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج، ثم يلبي بتلبية رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، ويكثر من هذه التلبية، في الليل، والنهار، وإذا صعد مرتفعًا، وإذا هبط، وإذا أقبل الليل، وإذا أدبر النهار، وإذا سمع ملبيًا، وإذا سمع محظورًا ناسيًا، يستحب تكرار التلبية، فإذا وصل إلى مكة، وصل إلى الكعبة قطع التلبية.
وطاف بالبيت سبعة أشواط طواف العمرة، ويدخل فيه طواف القدوم، وسعى بين الصفا والمروة سعي العمرة، ثم يقصر من جميع الشعر أو يحلق ويتحلل، وهنا انتهت العمرة، ثم يبقى حلالًا حتى يأتي اليوم الثامن من ذي الحجة، وهو يوم غد، يوم الأحد، فإذا جاء اليوم الثامن من ذي الحجة فإن المحلين من المتمتعين بمكة كل واحد يحرم من مكانه، من بيته، من مسكنه، كما أن أهل مكة يحرمون من بيوتهم للحج، كل الحج غدًا إن شاء الله يتوجهون إلى منى، المتمتع يحرم وهو من مسكنه، وأهل مكة يحرمون من بيوتهم، والقارن والمفرد يتوجه إلى منى مع الناس، ويجتمعون جميعًا في منى، ثم يكملون مناسك الحج، وعليه الطواف والسعي يوم العيد، طوافه الأول وسعيه الأول للعمرة.
أما القارن فإنه إذا وصل للميقات وتنظف وتطيب وصلى ينوي بقلبه الدخول في الحج والعمرة، فيقول: لبيك عمرة وحجًا، أو اللهم لبيك عمرة وحجًا، ثم يلبي بتلبية رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، ولا يزال يلبي حتى يصل مكة، فإذا وصل مكة ودخل المسجد الحرام، أول شيء يبدأ طواف القدوم سبعة أشواط سنة.
أما المتمتع، ماذا يكون الطواف الأول؟ طواف العمرة فرض، والمفرد طواف القدوم سنة، وكذلك القارن طواف القدوم سنة، فإذا أحب أن يسعى بعده طواف الحج والعمرة سعى، وإذا أحب أن يؤخر السعي مع طواف الإفاضة يوم العيد فله ذلك، السعي إن شاء قدمه وإن شاء أخره، ثم يذهب إلى منى مع الناس، ويكمل بقية المناسك، وعليه الهدي يذبحه يوم العيد، والمتمتع عليه الهدي يذبحه يوم العيد، كل منهما عليه الهدي حيث حصل لكل منهما على نسكين في سفرة واحدة، واضح هذا.
كل من القران والمتمتع عليه الهدي، أما المفرد فإنه إذا وصل إلى الميقات وتوضأ وصلى وتطيب نوى بقلبه الدخول إلى الحج، وإذا نوى بقلبه الدخول إلى الحج أحرم، ويذكر نسكه في التلبية فيقول: لبيك حجة، أو اللهم لبيك حجة، ثم يلبي بتلبية رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، ثم لا يزال يلبي حتى يصل إلى مكة، فإذا وصل مكة ودخل المسجد أول شيء يبدأ طواف القدوم كالقارن سواء بسواء، طواف القدوم مستحب، ثم يسعى سعي الحج إذا أحب، وإذا أحب أن يؤخر سعي الحج مع طواف الإفاضة يوم العيد فله ذلك.
فإذا جاء اليوم الثامن يتوجه القارن والمفرد إلى منى مع الناس، كل الحجاج يتوجهون إلى منى، المتمتعون يحرمون من مساكنهم ويتوجهوا إلى منى ضحى، قبل الظهر أو بعد الظهر، وأهل مكة يحرمون من بيوتهم ويتوجهون إلى منى، والقارنون والمفردون يتوجهون إلى منى مستديمين لإحرامهم، فيجتمع الحجاج جميعًا في منى في اليوم الثامن.
والمفرد والقارن عملهما واحد، والفرق بينهما في شيئين: الشيء الأول: أن القارن نوى عمرة وحجًا إلا أن العمرة داخلة في الحج، بخلاف المتمتع فإن عمرته منفصلة على الحج، طواف وسعي وتقصير وتحلل، أما القارن فطواف الحج هو طواف العمرة، وسعي الحج هو سعي العمرة، طواف واحد، فلا يتحلل إلا يوم العيد، والمفرد كذلك عمله مثل عمل القارن طواف وسعي، طواف القدوم وسعي الحج وطواف للإفاضة، لا فرق بين القارن والمفرد إلا في شيئين: القارن نوى حج وعمرة، فعليه هدي، والمفرد ما نوى إلا حج فليس عليه هدي، وإلا فالعمل واحد، عملهما واحد، كل واحد منهما ليس عليه إلا طواف وسعي، هذه هي الأنساك الثلاثة.
كيفية الحج: إذا كان اليوم الثامن وهو غدًا إن شاء الله، ويوم الأحد هو الثامن من ذي الحجة يتوجه الحجاج جميعًا إلى منى، المتمتع يغتسل ويتنظف ويتطيب ويحرم -الأفضل- قبل الظهر ويتوجه إلى منى، وأهل مكة يغتسلون ويتنظفون ويتطيبون ويحرمون ويتوجهون إلى منى، والقارن والمفرد يتوجه إلى منى مع الناس، فيجتمعون جميعًا في منى، والسنة للحجاج جميعًا أن يصلوا في منى خمس صلوات، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ويبيتون بمنى ليلة التاسع، وهذا سنة، يصلون الظهر والعصر جمعًا ولا بدون جمع؟ بدون جمع، كل صلاة في وقتها قصر بدون جمع، قصر الرباعية، الظهر في وقتها ركعتين، والعصر في وقتها ركعتين، والمغرب في وقتها ثلاث، والعشاء في وقتها ركعتين، والفجر في وقته ركعتين، فإذا طلعت الشمس يوم عرفة وهو اليوم التاسع توجه الحجاج إلى عرفة، وهو يوم الاثنين، بعد الشمس توجه الحجاج جميعًا إلى عرفة يلبون، يكثرون من التلبية والتضرع والتبتل إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ-، ثم يصلي الحجاج في عرفة الظهر والعصر جمعًا وقصرًا في وقت الأولى.
يصلون الظهر والعصر جمعًا وقصرًا في وقت الأولى، يصلون الظهر والعصر جمعًا وقصرًا في وقت الأولى، يعني في وقت الظهر، فإن صلى خلف الإمام [00:22:19]، وإلا صلاها مع رفقته داخل عرفة.
ما الحكمة من صلاة الظهر والعصر جمعًا في وقت الظهر؟ ما الحكمة؟ لم يصلي الحاج الظهر في وقتها ركعتين والعصر في وقتها ركعتين؟ العلماء يقولون: الحكمة من ذلك: حتى يتسع وقت الوقوف بعرفة، من الظهر إلى غروب الشمس؛ لأن العشية عشية عظيمة ثمينة، العشية عشية مباركة ثمينة، ينزل فيها الرب جل جلاله إلى السماء الدنيا، ويباهي بأهل الموقف ملائكته، فيقول الرب -عَزَّ وَجَلَّ-: «يا ملائكتي! انظروا إلى عبادي، أتوني شعثًا غبرًا من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم»، عشية عظيمة مباركة، ينبغي للمسلم أن يستغلها فيما يقربه إلى مولاه، بالدعاء والتضرع وإن تلا شيئًا من القرآن، أو سبح أو هلل، كله خير، ويحرص على الإخلاص، ويكثر من كلمة التوحيد: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقف على بعيره، على ناقته عند الصخرات وجبل الرحمة، الجبل اسمه جبل إلال، وبعض الناس يسمونه: جبل الرحمة، يسميه بعض الناس جبل الرحمة.
لا يصعد الجبل وإنما يقف تحت الجبل، ويكون مستقبل القبلة، يكون الجبل بينه وبين القبلة إن تيسر، وإلا فليقف في أي مكان من عرفة، النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف»، اتجه إلى القبلة وارفع يديك، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقف على بعيره رافعًا يديه من حين صلى الظهر والعصر إلى غروب الشمس، مبتهلًا، متضرعًا إلى الله، وقد أمسك بزمام ناقته، حتى أنه لما سقط الزمام، مسك الزمام بإحدى يديه وبقيت الأخرى مرفوعة عليه الصلاة والسلام.
فيتضرع الإنسان إلى مولاه في هذه العشية العظيمة، ويدعوا ويسأل الله من خيري الدنيا والآخرة، يسأل الله صلاح قلبه ونيته ودينه، يسأل الله العافية العفو والعافية، يسأل الله الجنة ويعوذ به من النار، يسأل الله أن يغفر له ولوالديه، يسأل الله أن يوفقه إلى العمل الصالح، يسأل الله أن يعز الإسلام وأهله، ويذل الشرك وأهله، وهكذا.
وإن ذكر الله بأكثر من كلمة، يكثر من كلمة التوحيد، ويسبح، ويهلل، أو يكبر، أو قرأ شيئًا من القرآن، أو لبى، فلا حرج، حسن، ولا يزال الحاج في ابتهال وتضرع إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- ودعاء حتى تغرب الشمس، فإذا غربت الشمس، واستحكم غروبها، وغاب قرص الشمس دفع إلى مزدلفة، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «خالف هدينا هدي المشركين»، كان المشركون إذا وقفوا بعرفة ينصرفون منها قبل غروب الشمس، إذا صارت الشمس فوق الجمال كعمائم الرجال انصرفوا، فخالفهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: «خالف هدينا هدي المشركين»، فلم ينصرف من عرفة حتى غربت الشمس، واستحكم غروبها وغاب القرص انصرف.
وينصرف من عرفة بسكينة ووقار وطمأنينة، وليس له أن يؤذي ولا أن يزعج، ولا يكون في إزعاج، وأصوات السيارات، ويجب أن يكون هناك رحمة على الفقراء والمساكين والمشاة والضعفة، فلا يكون في إزعاج بأصوات السيارات، ولا إيذاء للمارة، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما دفع كان يقول للناس: «السكينة السكينة، السكينة السكينة»، ويجر زمام الناقة حتى لا تسرع، فإذا وجد متسعًا أرخى لها، ويقول للناس: «السكينة السكينة فإن البر ليس بالإيضاع»، البر ليس بالإسراع، «السكينة السكينة فإن البر ليس بالإيضاع»، حتى لا يضر بعضهم بعضًا، ولا يزال الحجاج يكثرون من التلبية في مسيرهم من عرفات إلى مزدلفة حتى يصلوا مزدلفة، فإذا وصلوا مزدلفة أول شيء يبدأون به صلاة المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا، صلى المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين، كما فعل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لكن إذا خاف من خروج الوقت، كان في ازدحام في السيارات، وخشي أن يذهب نصف الليل وهو وقت صلاة العشاء، فليقف وليصلي، يصلي المغرب والعشاء؛ لأن صلاة العشاء وقتها إلى نصف الليل، قال: «صلاة العشاء ما لم ينتصف الليل».
صلاة العشاء وقتها إلى نصف الليل، فإذا خشي أن يفوته نصف الليل، قف في مكانك وصلي المغرب والعشاء، ولا تؤخر الصلاة إلى المزدلفة كما يفعل بعض العامة، بعض الجهال يظن أنه لا يصليها إلا في مزدلفة ولو خرج الوقت، وتجده يأتي الفجر وما وصل إلى مزدلفة، ويصلي المغرب والعشاء مع الفجر، هذا ما يجوز هذا، تؤخر الصلاة عن وقتها، لولا أنه معذور، قف وصلي في مكانك ولا تؤخر الصلاة، ويصلي المغرب والعشاء في المزدلفة بأذان واحد وإقامتين، اقتداء بالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثم يبيت الحاج في مزدلفة إلى الفجر ويصلي الفجر، هذا هو السنة.
وأما الضعفاء من الناس والعجزة والصبيان والمرضى فقد رخص لهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يدفعوا من منى بعد غيبوبة القمر حتى يذهبوا إلى منى ويرمي الجمرة قبل ازدحام الناس، أما الأقوياء فيتأكد بحقهم البقاء في مزدلفة حتى يصلوا الفجر، ويذكروا الله عند المشعر الحرام، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى صلاة الفجر في مزدلفة يوم العيد، صلاها في أول وقتها، بادر بها من بعد [00:29:06]، قائل يقول: طلع الفجر، وقائل لم يطلع، والحكمة في المبادرة والإسراع بها، قال العلماء: حتى يتسع وقت الوقوف بمزدلفة، حتى يتسع وقت الوقوف من الصلاة إلى الإسفار جدًا.
ثم لما صلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا، المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين بأذان واحد وإقامتين، ثم لما صلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الفجر، صلاة المغرب والعشاء هذا في الليل وبات، لما صلى المغرب والعشاء بات عليه الصلاة والسلام، بات بها إلى الفجر، ولم يلقط الحصاة كما يفعل بعض الناس قبل الصلاة، بات تلك الليلة، ونام مبكرًا حتى يتقوى على وظائف يوم العيد، وظائف يوم العيد وظائف عظيمة حتى يتقوى عليها، ولما صلى العشاء نام، ثم صلى الفجر في أول وقتها، من وقت انشقاق الصبح، قال ابن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ما رأيت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى صلاة بغير ميقاتها إلا صلاة الفجر بمزدلفة؛ لأنه بادر إليه مبادرة شديدة، حتى يتسع وقت الوقوف، وكان عليه الصلاة والسلام عادته أنه يتأخر بعض الشيء في صلاة الفجر، وإن كان يصليه بغلس لكنه يتأخر حتى يتحقق انشقاق الفجر، وحتى يأتيه بلال ويصلي ركعتين، ثم يؤذنه بالصلاة، لكن فجر يوم العيد بمزدلفة بادر بها مبادرة شديدة حتى يتسع الوقت.
فلما صلى الفجر ركب ناقته حتى أتى جبل قزح، وهو جبل صغير بني عليه المسجد الذي في مزدلفة، فوقف عنده وحمد الله وكبره وهلله ودعاه، واستمر رافعًا يديه حتى أسفر جدًا، وبعد الإسفار جدًا وقبل طلوع الشمس دفع إلى منى، من مزدلفة إلى منى، وقال: خالف هدينا هدي المشركين، وكان المشركون يدفعون من مزدلفة إذا طلعت الشمس، وصارت فوق رؤوس الجمال، ويقولون: أشرق ثبير كيما نغير، يقولون ذلك في مزدلفة، يقولون: أشرق ثبير كيما نغير، وخالفهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودفع قبل طلوع الشمس، كما خالفهم يوم عرفة ودفع بعد غروب الشمس، ثم لما صار عليه الصلاة والسلام وهو في الطريق أمر ابن عباس أن يلقط له سبع حصيات مثل حصى الخذف، من الخذف التي يخذف بها، الصغيرة، مثل حبة الفول، مثل البعرة، مثل حبة البقلاء، لا كبيرة ولا صغيرة، لا يجزئ إلا حصى، فلو رمى بدراهم أو دنانير ما أجزأت، ولو بطين ما أجزأت، لا بد له من حصى، يرميها، يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات.
فالسنة للحاج أن يلتقط في ذلك اليوم سبع حصيات ثم في كل يوم من أيام التشريق يلتقط إحدى وعشرين حصاة، الجمار الثلاث، كل واحدة سبع، ولما لقط له ابن عباس هذه الحصيات، وضعهن بيده وقال: «نعم، بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين»، فالرمي بالحجارة الكبار بناء على أنه أبلغ من الصغار من الغلو، والحديث عام، كذلك ما يفعله بعض الناس من الرمي بالحجارة الكبيرة، أو رمي الحذاء، وكونه منفعل ويشتم ويغضب ويلعن، ويشتم الشيطان، ويقول: اضربوا الشيطان، كل هذا من الجهل، الآن ما في شيطان، في مشاعر الجمرات، صحيح أن الشيطان عرض لأبينا إبراهيم فرماه، لكن الآن ما في شيطان، الآن هذا مشاعر، وجمرات، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، أن ترمي بهدوء وسكينة ووقار واستحضار لعظمة الله، تعظم الله، الله أكبر! الله أكبر! ما يرميها غضبان ويشتم الشيطان، ويرمي بالحجارة وبالحذاء يظن أنه يضرب الشيطان، هذا جهل، هذا جهل.
أنت الآن تتأدب، عليك أن تتأدب، وتؤدي المشاعر، وتؤدي العبادة ومناسك الحج، وتقول: الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! فهذه رمي جمرة العقبة بمثابة صلاة العيد في الأمصار، فالحجاج ما عليهم عيد، ليس عليهم صلاة عيد، صلاة العيد يقوم مقامهما رمي جمرة العقبة، فإذا رمى جمرة العقبة إن كان متمتعًا أو قارنًا ذبح هديه، هذا الأفضل، ثم إذا ذبح هديه حلق رأسه بالموس، أو بالتقصير، لكن الحلق أفضل، وحينئذ تحلل التحلل الأول، حل له كل شيء إلا زوجته، إذا رمى وحلق حل له لبس المخيط والتطيب وقص الأظفار وقص الشعر إلا زوجته، فإذا رمى ثم ذبح ثم حلق ثم طاف بالبيت طواف الإفاضة وسعى سعي الحج حلت له زوجته، [00:34:44] العيد تنوي أربعة: الرمي، والذبح، والحلق، والطواف، الأصل أن يرتبها هكذا، يرمي ثم يذبح ثم يحلق ثم يطوف، ويسعى إن كان عليه سعي، إن كان متمتع يسعي، وإن كان مفرد ولكن سعى مع طواف القدوم سعى وإلا فإنه يكفيه السعي مع طواف القدوم.
هذه وظائف يوم العيد، وظائف عظيمة، أربع وظائف: رمي جمرة العقبة، ذبح الهدي، الحلق أو التقصير، الطواف، ثم بعد ذلك إذا طاف بالبيت إن تيسر له أن يطوف بالبيت يوم العيد هذا أفضل، وإن لم يتيسر أخرها إلى اليوم الحادي عشر، أو الثاني عشر، أو الثالث عشر، لا حرج، الأمر في هذا واسع، فإذا طاف، يرجع إلى منى ويبيت بها، ليلتين إن تعجل، وثلاث ليال إن تأخر، والأفضل التعجل أم التأخر؟ الأفضل التأخر، وفي كل يوم من أيام التشريق الثلاث يرمي الجمرات الثلاث، يأخذ إحدى وعشرين حصاة، يرمي الجمرة الدنيا وهي الصغرى التي تلي [00:35:58]، وهي أقرب الجمرات إلى منى، ترمي بسبع حصاة، ثم يرمي الوسطي بعدها بسبع حصيات، ثم يرمي العقبة وتكون يوم العيد وهي الأخيرة بسبع حصيات، ولا يكون الرمي إلا بعد الظهر.
وفي اليوم الثاني عشر ترميها على الترتيب، ترميها على الترتيب السابق، ثم إذا أحب أن يتعجل خرج من منى قبل غروب الشمس، خرج بنفسه وبرحله وبعفشه خارج حدود منى، وحينئذ يجوز له أن يبيت بمكة ولا يبقى عليه إلا طواف الوداع، فإن أحب ألا يتعجل ويرمي الجمار الثلاث ليلة الثاني عشر فهذا أفضل، وهو فعل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، هذه هي كيفية الحج وصفته.
وفق الله الجميع لطاعته ورزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح وصلى الله على محمد وآله وصحبه.