بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني أشهد أنه رسول الله إلى جميع الثقلين الإنس والجن، وأنه خاتم النبيين وأنه لا نبي بعده.
وأشهد أن الله أرسله رحمة للعالمين، وحجة على الخلق أجمعين، وأشهد أنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأعوانه بإحسانٍ إلى يوم الدين أما بعد:
فإنني أحمد الله إليكم وأشكره وأُثني عليه الخير كله، وأسأله المزيد من فضله، وأسأله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا اجتماعاً مرحوما وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما، وأسأله سبحانه وتعالى أن يجعل مجلسنا هذا مجلس خير تغشاه الرحمة وتحفه الملائكة وتنزل عليه السكينة ويذكره الله فيمن عنده، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ،([1]).
وأسأله سبحانه وتعالى أن يرزقني وإياكم الإخلاص في العمل، والصدق في القول، وأسأله أن يصلح أعمالنا وقلوبنا ونياتنا وذرياتنا، وأن يجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأسأله سبحانه وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يتوفانا على الإسلام غير مغيرين ولا مبدلين إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أيها الإخوان إن موضوع هذه الكلمة كما سمعتم الفتن أو الفتنة والسبيل المنجي من الفتن، الفتنة في اللغة معناها: الاختبار والامتحان، ومنه قولهم: فتنت الذهب بالنار إذا صلَيته بالنار وأحفيته بالنار حتى يتميز طيبه من خبيثه، وحتى يتبين الذهب الخالص من الزغل.
وتطلق الفتنة على معاني متعددة، وتُطلق الفتنة على الشرك، والفتن متعددة، فالفتن تكون في الشبهات وفي الشهوات، وفتن الحروب، وكل هذه الفتن تصد المرء عن دينه، وتضعف إيمانه، وقد تقضي على إيمانه ولا حول ولا قوة إلا بالله، فنسأل الله وإياكم أن يُعيذنا وإياكم من مضلات الفتن.
وأعظم الفتن فتن الشبهات، وأعظم فتنة الفتنة في الدين، وأعظم الفتن الشبهات، وأعظم الفتن فتنة الشرك، وهو أن يُفتن الإنسان عن دينه، ويُصد عن دينه فيقع الشرك بالله كأن يصده المشركون، وأن يصده المضللون يصدونه عن دينه ويفتنونه عن دينه فيقع في الشرك بالله .
فالمشركون والكفار من اليهود والنصارى والوثنيين والشيوعيين والملاحدة والزنادقة والمنافقين كلهم يريدون أن يصدوا الناس عن دين الله، ويفتنونهم عن دين الله، ويوقعوهم في الشرك، ولا يرضى هؤلاء الكفرة على المسلمين حتى يكونوا مثلهم، وحتى يوافقوهم في الكفر.
قال الله تعالى في كتابه العظيم: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة: 120]، وقال سبحانه: وَدُوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [النساء 98]، وقال سبحانه: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ[القلم:9].
ولهذا أمر الله تعالى بجهاد الكفار، وبجهادهم والجهاد أنواع، وأعلاها القتال، فالكفار الذين يصدون الناس عن دينهم، ويفتنوهم عند دينهم، لابد من جهادهم، والجهاد يكون باللسان وبالسلاح، وبِرَد الشبهات، فإذا اعتدى الكفار على المسلمين وتسلطوا عليهم، وأرادوا صدهم عن دينهم وصرفهم عن دينهم فلابد من قتالهم؛ حتى لا تقع الفتنة في الشرك.
قال الله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ[البقرة:193]، وقال سبحانه: وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ[البقرة:191]، فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ[البقرة:192]، فإذا قاتل المشركون المسلمين يريدون أن يصدوهم عن دينهم فلابد من قتالهم، حتى لا تقع الفتنة، والفتنة هي الشرك.
ومن أعرض عن أوامر الله وعن نواهيه فإنه يُخشى عليه أن يقع في الشرك، ولهذا قال سبحانه: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[النور:63]، قال الإمام أحمد-رحمه الله-: عجبت لمن تركوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان لعله إذا رد بعض قوله، يعني بعض قول النبي ﷺ أن يقع في قلبه شيءٌ من الزيغ فيهلك.
واستدل بقول الله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[النور:63]، فالفتنة تُطلق على الشرك، والسبيل والطريق المخرج من هذه الفتنة هي رد كيد الكائدين، وصد الكفار الذين يريدون أن يفتنوا المسلمين عن دينهم ويصدوهم عن دينهم.
قال سبحانه وتعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[البقرة:217].
بين سبحانه أن صد المسلمين عن دينهم أعظم من القتال عند المسجد الحرام، وبين سبحانه أن الفتنة أكبر من القتل، الفتنة عن الدين أعظم من القتل، والفتنة أكبر من القتل.
فإذا تسلط الكفار من اليهود أو النصارى أو الوثنيين أو غيرهم، أو المنافقين بالصد عن دين الله فلابد للمسلم أن يجاهدهم، فالكفار يُقَاتَلُون بالسلاح يُجاهدون بالسلاح، والمنافقون يجاهدون بالحجة، والبيان، كذلك الفساق.
أعظم الفتن، وأعظم فتنة الفتنة في الدين، وأعظم الفتنة في الدين فتنة الشرك، وبين الله سبحانه وتعالى أن الكفار لا يزالون يقاتلون المسلمين حتى يردوهم عن دينهم إن استطاعوا، وأنهم لن يرضوا عن المسلمين حتى يتركوا دينهم، ويتبعوا ملة الكفار.
ودين المسلم أغلى شيءٍ عند المسلم هو دينه، يفدي المسلم دينه بماله ونفسه .
الدين رأس المال فاستمسك به | فضياعه من أعظم الخسران |
فالواجب على المسلم أن يحافظ على دينه وعقيدته وإسلامه من الوقوع في الشرك, فالفتن متعددة، الفتنة من الفتن التي توقع في الشرك، ومن الفتن: فتن الشبهات، ومن الفتن: فتن الشهوات، ومن الفتن: فتن الحروب، هذه الفتن التي تعرض للمسلم لابد له أن يعتصم بالله، وأن يعلم الطريق المخرج من هذه الفتن، ففتنة الشرك يحذرها المسلم بالتبصر والتفقه في دينه، ومعرفة التوحيد، وأن توحيد الله هو إخلاص الدين للعبادة.
التوحيد هو أن يوحد الإنسان ربه في ربوبيته، وفي إلوهيته وعبادته، وفي أسمائه وصفاته، وفي أفعاله، فيعتقد أن الله هو الرب وغيره مربوب، وهو الخالق وغيره مخلوق، وهو المالك وغير مملوك، وهو المدبر، وغيره المدَبَر.
ويعتقد أن لله أسماءً وصفات وأفعال أخبر بها عن نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله ﷺ فيجب على المسلم أن يؤمن بها ويعتقدها، ويوحد الإنسان ربه في إلوهيته وعبادته، بأن يعتقد أن الله هو المستحق للعبادة بجميع أنواعها.
والعبادة هي ما أمر بها شرعاً من غير اقتضاء عرفي ولا اقتضاء عقلي، العبادة هي الأوامر والنواهي، الأوامر التي جاءت في الكتاب والسنة، سواء كانت أمر إيجاب أو أمر استحباب، يفعلها المسلم طاعة لله، وتعبداً له، وتقرباً إليه وابتغاء مرضاته، تعظيماً لله وإجلالاً وخوفاً ورجاءً.
والعبادات متنوعة أنواعها كثيرة، منها ما يكون بالقلب، ومنها ما يكون باللسان ومنها ما يكون بالجوارح، العبادات القلبية كالنية والإخلاص والصدق مع الله، ومحبة الله، ومحبة دينه، وشريعته، ومحبة رسوله، وأنبيائه وأوليائه.، والرضا بالقضاء، والصبر على البلاء، والشكر عند الرخاء، والتوبة، والإنابة إلى الله U، والخوف والرجاء، والرغبة والرهبة.
واعتقاد ما أوجب الله على المسلم أن يعتقده من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالجنة و النار، والبعث والجزاء والنشور، والحوض الصراط والميزان والشفاعة، وتطاير الصحف، والإيمان بالجنة والنار.
والإيمان بأن الله تعالى أوجب على المسلم أن يصلي خمس صلوات في اليوم والليلة، وأن يزكي إذا كان عنده مال، وأن يصوم رمضان وأن يحج بيت الله الحرام، وأن يصل رحمه، وأن يبر والديه، ويُحسن إلى جيرانه، والإيمان بأن الله أوجب على المسلم أن يجتنب الشرك، والعدوان على الناس في الدماء، والعدوان على الناس في الأموال، والعدوان على الناس في الأعراض، وأن يجتنب السرقة والزنى والخمر، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم والرشوة.، وأكل الرشوة، والغش في البيوعِ، وتلفيق السلع بالحلف الكاذب ويتلاعبون بالسلعة.
يعتقد المسلم أن الله أوجب عليه هذا، امتثال الأوامر واجتناب النواهي، والعبادات القولية، كالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعبد لله بتلاوة القرآن وبالذكر التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير وقولٌ معروف.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعبادات البدنية التي يفعلها بجوارحه من الصلاة والصيام والزكاة والحج، وبر الوالدين وصلة الأرحام، فهذه العبادات هي حقوق التوحيد.
توحيد الله وإخلاص الدين له وهو معنى لا إله إلا الله فإن معناها لا معبود بحقٌ إلا الله، فالمسلم يعبد الله مخلصاً له الدين، ويحذر من الشرك وأسبابه وذرائعه ويحذر من الفتن التي توقعه في الشرك، الفتن التي توقعه في الشرك كأن يصده كافر عن دينه بالسلاح أو بغيره، أو بالشُبه التي يوردها عليه بعض المشركين.
فالدعاء عبادة، والذبح عبادة، والنذر عبادة والركوع عبادة، والسجود عبادة، فإذا صرف منها شيئاً لغير الله وقع في الشرك، فقد يُفتن الإنسان عن دينه، ويُلبس عليه بعض المشركين ويقولون له: إن دعاء الأولياء والصالحين والأولياء والذبح لهم والنذر لهم ليس شركاً، وإنما هو محبة للصالحين، وتشفعٌ بهم، وإعطاء حقوقهم، هذا من الفتن، فيُفتن الإنسان فيقع في الشرك.
كما وقع عُباد القبور، لبس عليهم بعض المشركين وزينوا لهم أن الدعاء لغير الله، والذبح لغير الله والنذر لغير الله والركوع والسجود ليس من الشرك، وإنما تشفع ومحبة للصالحين، فتجد الآن في كثير من البلدان التي تنتسب إلى الإسلام في بلاد العرب وغيرهم، فيها قبور، يطوف بها بعض الناس، وينذرون لها، ويذبحون لها، ويسألونها قضاء الحاجات وتفريج الكربات.
فإذا قلت لأحدهم هذا شرك، قالوا: لا، هذا ليس شركاً وإنما محبة للصالحين، أنت تُبغض الصالحين ، أنت لا تحب الصالحين، ولا تعطيهم حقوقهم،هذا من الفتنة، فُتن ، هؤلاء فتنوا عن دينهم فوقعوا في الشرك ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والمخرج من هذه الفتنة، أن يتبصر الإنسان ويتفقه في دينه، ويقرأ القرآن، ويتدبر ويسأل أهل العلم حتى يبينوا له، أن الله تعالى بين في كتابه أنه من دعا غير الله فقد أشرك، قال الله تعالى: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ[المؤمنون:117]، كفر الله من دعا غير الله.
وقال سبحانه: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُون وإذا حُشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين [الأحقاف: 6,5].
وقال سبحانه: فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ[الشعراء:213]، وقال سبحانه: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[الجن:18]، فهذا هو البصيرة يتبصر الإنسان في دينه وتفقه في كتاب ربه، يقرأ القرآن بتدبر ويسأل أهل العلم حتى يبينوا له أن دعاء غير الله من الشرك، وأن الذبح لغير الله شرك، قال تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ[الكوثر:2]، وقال سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الأنعام:162]، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[الأنعام:163].
فهذا هو المخرج من هذه الفتنة التي توقع الإنسان في الشرك، أن يتبصر الإنسان في كتاب ربه وسنة نبيه ﷺ ويدرسهما ويسأل أهل العلم؛ حتى يُبينوا له أن هذه الأفعال التي يفعلها عُباد القبور تفتن الناس عن دينهم وتوقعهم في الشرك.
فتجد الذبائح يذبحون لغير الله وهذه عبادة، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ[الكوثر:2]، تجد النذور عند أصحاب القبور، تجد الطواف حول القبور، تجد الدعاء، يقول هذا: يا رسول الله اشفع لي، يا عبد القادر الجيلاني، يا بدوي، يا سيد البدوي، يا عيدروس يا حسين يا علي يا فاطمة، أنا في حسبك أنا في جوارك لا تخيب رجائي، انصرني على عدوي، أو يقول: أنجني من النار وارزقني، أعطني الولد هذا هو الشرك، هذا شرك أكبر، فُتن هذا الرجل فُتن عن دينه، وقع في الفتنة، ووقع في الشرك، وهذا أعظم الفتن.
والمخرج منها: أن يتبصر ويتفقه في دينه، ويقرأ كتاب الله ، ويسأل أهل العلم حتى يُبينوا له ويوضحوا له، النصوص التي فيها بيان أن دعاء غير الله شرك، وأن الذبح لغير الله شرك، وأن النذر لغير الله شرك، وأن الطواف بالقبور والتقرب لهم شرك، وأن الركوع والسجود لغير الله شرك، هذا هو المخرج من هذه الفتنة.
وكذلك أيضاً من الشبهات التي توقع الإنسان من الفتن التي يقع فيها الإنسان, الفتن التي توقع الإنسان في الشرك الأصغر أو الكبائر، فتن الشبهات، كأن يحلف بغير الله مثلاً، ويفتنه بعض الناس ويقولون له: إن الحلف بالنبي هذا ليس شركاً، وإنما هو تعظيمٌ للنبي ﷺ.
فيحلف بغير الله فيقع في الشرك وإن لم يكن شركٌ أكبر إلا أنه شركاً أصغر يوقعه ويوصله إلى الشرك الأكبر، قال ﷺ: مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ([2]) ، وقال عليه الصلاة والسلام: لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَلَا بِالْأَنْدَادِ، ومن كَانَ حالِفاً فليحْلِف بالله أو ليصمُت ([3])، وقال ﷺ: لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ، وَشَاءَ فُلَانٌ، وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ ([4]).
ولما قال رجل لنبي ﷺ: ما شاء الله وشئت، قال: أَجَعَلْتَنِي لِلَّهِ نِدًا؟ بلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ ([5])، فإذا قال: لولا الله وأنت, ما لي إلا الله وأنت، وأنا بالله وبك، وأعوذ بالله وبك، وهذا من الله ومنك، وما شاء الله وشئت كل هذا من الشرك الأصغر، وإن لم يكن أكبر إلا أنه يوصل للشرك الأكبر.
وهذا يقع فيه بعض الناس ويفتتن ويظن أنه ليس من الشرك، والمخرج هو التبصر والتفقه في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ حتى يخرج من هذه الفتنة، ويعلم العقيدة الصحيحة والاعتقاد الصحيح، ويحذر الشرك الأصغر، سواء كان حلفاً بغير الله أو تسوية الخالق بالمخلوق، عطف مشيئة المخلوق على مشيئة الخالق بالواو.
والفتن نوعان، بل أنواع منها:
فتن الشبهات، وفتن الشهوات، وفتن الحروب.
ففتن الشبهات أعظمها ما كان في الشرك، من الشبهات فتن الشبهات التي توقع الإنسان في المعاصي والكبائر نفي الصفات عن الله U، نفي صفات الله وأسمائه، وقع في هذه الفتنة الجهمية، والمعتزلة، والشبهة التي وقعوا فيها هو أنهم اعتقدوا أنهم لو أثبتوا الأسماء والصفات لله شبهوا الله بخلقه.
فإذا قالوا: نفوا عن الله السمع والبصر والعلم والقدرة، قالوا إن الله لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم ولا يقدر، نفوا جميع الأسماء والصفات، قالوا: لو قلنا إن الله يسمع والمخلوق يسمع وأن الله يبصر والمخلوق يبصر، لشبهنا الخالق بالمخلوق، ففراراً من ذلك نفوا الصفات.
هذه شبهة وقع في هذا الجهمية، والمعتزلة، وكذلك الأشاعرة أثبتوا سبع صفات ونفوا بقية الصفات، شبهتهم قالوا: لو أثبتنا الصفات لله لشبهنا الخالق بالمخلوق، والله ليس له شبيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
والمخرج من هذه الشبهة: أن تتبصر وتتفقه في دين الله، وتفهم النصوص كما فهمها السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة، والجواب عن هذه الشبهة: أن الله تعالى له صفات لا تُشابه صفات المخلوقين، وله أسماء لا تشابه أسماء المخلوقين.
فالله تعالى له سمع وبصر ما يشبه سمع المخلوقين ولا بصرهم، له علم لا يشبه المخلوقين، الله له صفات والمخلوقات لها صفات، والله ليس كمثله شيء، لا يماثل أحداً من خلقه لا في صفاته ولا في ذاته ولا في أسمائه ولا في أفعاله، هذا المخرج من هذه الفتنة.
ومن الشبهات التي يفتتن بها الإنسان عن دينه نفي الصفات الآن الذين نفوا الأسماء والصفات شبهوا الله بالمعدوم، جعلوا الله معدوم، لأن الذي ليس له صفات ولا أسماء عدم، ولهذا كفر العلماء الجهمية.
قالوا: إنهم كفار لأنهم تنقصوا الرب ونفوا الأسماء والصفات وشبهوا الرب بالمعدوم، والمخرج هو فهم النصوص على وفق ما فهمه السلف الصالح.
من الفتن، من الشبهات التي وقعت لبعض الناس: شبهة الخوارج والمعتزلة، والخوارج حصلت لهم شبهة فتنوا بها عن دينهم، وهو أنهم استدلوا بالنصوص التي فيها الوعيد على العصاة على كفر العاصي، فاعتقد الخوارج أن المسلم إذا فعل الكبيرة خرج من الإسلام ودخل في الكفر وصار مخلداً في النار.
فقالت المعتزلة: إذا زنى الإنسان أو سرق أو شرب الخمر أو عاق والديه، أو قطع رحمه أو أكل الربا أو الرشوة فهو كافر، وإذا مات فهو مخلد في النار.
وقالت المعتزلة: أنه إذا فعل الكبيرة خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر، فكان في منزلة بين المنزلتين، والشبهة التي حصلت لهم أنهم لم يفهموا النصوص تعلقوا ببعض النصوص وتركوا البعض الآخر تركوا بعضها.
فقالوا: إن الله تعالى توعد من أكل مال اليتيم بالنار، قال سبحانه وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا[النساء:10]، فقالوا: من أكل مال اليتيم فهو كافر مخلد في النار، هذه شبهة.
وكذلك أيضاً الله تعالى توعد القاتل،قال: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا[النساء:93] ، قالوا: القاتل مخلد في النار، وقال عليه الصلاة والسلام: لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ([6])، فقالوا إن القاتل كافر.
وقال ﷺ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ([7])، فقالوا: إن الزاني كافر، والسارق كافر، وشارب الخمر كافر، هذه من الفتن فتنوا بها عن دينهم كفروا المسلمين بالمعاصي؛ لأن حصلت لهم فتنة وشبهة, شُبَه.
والمخرج من هذه الشبهة: هو التفقه في دين الله، والتبصر والجمع بين النصوص، والرجوع إلى أهل العلم، من الصحابة والتابعين، وما فسروا به النصوص وما فهموا به النصوص فالزاني والسارق وشارب الخمر ليس بكافر لكنه ضعيف الإيمان، لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ([8])، يعني الإيمان الكامل الذي تبرأ به ذمته، لكنه ليس بكافر.
لو كان الزاني والسارق كافر لوجب قتله؛ لأن الكافر يُقتل ولما ورث من أقاربه المسلمين، السارق والزاني يرث ويورث ليس بكافر، ولكنه ضعيف الإيمان، فالنصوص يُضم بعضها إلى بعض.
قوله: لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ([9])، يعني هذا كفرٌ أصغر لا يُخرج من الملة.
كذلك أيضاً من الشبهات التي حصلت, من الشُبه التي افتتن بها بعض الناس عن دينهم، اعتقاده أن اعتقاد بعض القدرية أن العبد يخلق فعل نفسه، قالت القدرية: إن العبد هو الذي يخلق المعاصي والطاعات، الله تعالى ما خلق الطاعات، ولا المعاصي.
قالوا: لو قلنا إن الله خلق المعاصي ويعذب عليها صار ظالماً، لكنهم وقعوا في أشر مما فروا منه، وقعوا في القول: بأنه يقع في ملك الله ما لا يريد، وأن مشيئة العاصي تغلب مشيئة الله.
والمخرج من هذه الفتنة: هو فهم النصوص على فهم السلف الصالح، والنصوص تُضم بعضها إلى بعض، الله تعالى بين في كتابه العظيم: أنه لا يقع في ملك الله إلا ما يريد، وبين أنه هو الذي خلق كل شيء، اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، وخلق كل شيء فقدره تقديره، وهذا عام للذوات والصفات ولكل شيء.
وقابلهم طائفة حصلت لهم فتنة، قالوا: العبد مجبورٌ على أفعاله ليس له أفعال كالريشة في الهواء، والأفعال هي أفعال الله، الله هو المصلي والصائم، واستدلوا بالنصوص التي فيها أن الله خلق كل شيء، وأن لا يقع في ملك الله إلا ما يريد، وأغمضوا أعينهم عن النصوص الأخرى.
والمخرج من هذه الفتنة: هو فهم النصوص وضم النصوص بعضها إلى بعض، وكذلك أيضًا من الفتن التي حصلت لبعض الناس الفتن التي تحصل حصلت للرافضة الذي كفَّروا الصحابة وسبوهم، وقالوا: إنهم كفروا بعد وفاة النبي ﷺ وغلو في أهل البيت وعبدوهم من دون الله، بسبب شُبه وأحاديث مكذوبة عندهم شبهوا بها على الناس شبهوا بها، اشتبهت عليهم ففتنوا عن دينهم ووقعوا في تكفير الصحابة.
والمخرج من هذه الفتنة هو الرجوع إلى الكتاب والسنة، فهم لم يرجعوا إلى الكتاب والسنة، وإنما رجعوا إلى أهوائهم، وما يذكره لهم رؤساؤهم من الأكاذيب والقصص، والأحاديث المكذوبة، وتركوا كتاب الله ورائهم ظِهْرياً.
ولو رجعوا إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ لوجدوا أن الله تعالى زكى الصحابة وعدلهم، ووعدهم بالجنة، الله تعالى قال: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ، والحسنى هي الجنة، كل الصحابة موعودون بالجنة.
قال سبحانه: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[التوبة:100].
النوع الثاني من الشبه من الفتن: فتن الشهوات، فتن الشهوة، كمن تحصل له يفتن بسبب الشهوة فيتعامل بالربا بسبب شهوة المال، صار يتعامل بالربا ولا يُبالي؛ لأنه عَبَد المال، حصلت له فتنة فصار يغش الناس ويخدعهم، حتى يحصل على المال عن طريق الغش، أو عن طريق الربا، أو عن طريق الرشوة، أو عن طريق تلفيق السلعة بالحلف الكاذب، أو عن طريق إخفاء عيب السلعة هذه شبهة.
والنبي ﷺ يقول: تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ، تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيلَةِ ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ ([10]).
هذه الفتنة فتنة الشهوات، فتنة المال، شهوة المال، والمخرج من هذه الفتنة هو: التوبة إلى الله والرجوع إليه، وتذكر أن المال الحرام يمحقه الله، وأنه وبالٌ على صاحبه، وأنه سحتٌ يأكله، وأنه زادٌ له إلى النار، فيتوب إلى الله من هذه المكاسب الخبيثة، ويتخلص من هذه الأموال، ويعلم أن الكسب الطيب الحلال ولو كان قليلاً فإن الله يُبارك فيه وينميه.
والمال الحلال وإن كان قليل إذا تغذى الإنسان به تغذى بالمال الحلال، وإذا أنفق منه أخلف الله عليه، وإذا تصدق منه تقبل الله منه، بخلاف المال الحرام، فإنه إذا أكل منه وأنفق على نفسه وأولاده: تغذى جسمه على الحرام، وإن دعا الله فإنه لا يُقبل دعاؤه وإن خلفه ورائه كان زاداً له إلى النار والعياذ بالله وكُلُّ جسدٍ نبَتَ على السُّحْتِ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ ([11]).
كذلك من فتنة الشهوات شهوة الزنى هذه شهوة، شهوة الفرج، هذه فتنة تحصل لبعض الناس، فتجده يتتبع تجده يعمل الحيل، ويدبر المكائد ليحصل على الزنى، أو على النظر إلى المرأة الأجنبية، فهذه فتنة أفتتن بها بعض الناس؛ لأن قلبه مريض.
والمخرج من هذه الفتنة: هو التوبة إلى الله وتذكر أن الله تعالى يحاسبه، هذه الشهوة المحرمة، وأن الزاني متوعد بالوعيد الشديد، وأنه قد يُبتلى بمحارمه، وأن من هتك محارم عباد الله هتك الله محارمه.
وكذلك أيضاً المخرج من هذه الفتنة: هو سد الباب المؤدي إلى الوقوع في الفواحش من الزنى ، من ذلك: تحجب النساء، تكون المرأة متحجبة متسترة تستراً كامل حتى لا تكون سبباً في الوقوع في الفواحش، وإذا تكلمت فإنها تتكلم بكلامٍ عادي ليس فيه خضوع.
قال الله سبحانه وتعالى في نساء نبيه: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ[الأحزاب 32] ، من مرض الشهوة، وكذلك ركوب المرأة مع الرجل الأجنبي في سيارة واحدة هذه خلوة، خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية من أسباب وقوع الفاحشة، سفر المرأة من غير محرم من أسباب وقوع الفواحش، لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.
فقال ﷺ: لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ الشَّيْطَانُ ثَالِثَهُمَا ([12])، فالمخرج من هذه الفتن سد هذه الأبواب للفتن، الإسلام سدها لكن لابد من التطبيق، تُمنع المرأة من الخروج متعطرة أو متجملة، تُمنع المرأة من الخروج كاشفة الوجه، تُمنع المرأة من لبس العباءة على كتفيها فتتشبه بالرجال، وتبرز رأسها ورقبتها، أو تلبس العباءة المخصرة التي تضعها على كتفيها وتكون أكمامها واسعة أو تكون لماعة أو تكون ضيقة من جهة ظهرها حتى تبرز وهي دعوة للفساق إليها فتوقع نفسها وتوقع نفسها في الفاحشة وفي أسبابها.
والمخرج هو سد هذا الباب، فهذه من الفتن، كلها فتن يُفتن بها الإنسان، والمخرج منها هو سد هذه الأبواب وعدم التعرض للفتن، وغض الإنسان بصره أيضاً من الأسباب التي تعصم من هذه الفتنة، والوقوع في مرض الشهوة، ألا يتعرض الإنسان لهذه الأسباب، فلا يخلو بامرأة، ولا يُكلم امرأة، إذا كان يخشى على نفسه، ولا يُسافر ولا يخلو بامرأة لا في السيارة ولا في البيت ولا في المصعد وحدها.
لقول النبي ﷺ: لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ الشَّيْطَانُ ثَالِثَهُمَا ([13])، فيبتعد عن الأسباب التي توقعه في المعصية، وفي الكبيرة.
كذلك أيضاً من الفتن التي توقع في المعاصي: الفتن التي توقع في الغيبة والنميمة، وأعظم منها التي توقع في القتل، فمثلاً إذا كان الإنسان عليه حقٌ لشخص فعليه أن يكتب هذا الحق ويُشهد عليه؛ حتى لا تقع فتنة في المستقبل من إنكار الدين، ومن الوقوع في الخصام والنزاع الذي قد يؤدي إلى القتل.
وكذلك أيضاً الغيبة والنميمة التي هي فاكهة كثير من الناس في المجالس، من أسبابها الاستماع في المجالس، والفراغ، وعدم شغل المجالس بما ينفعُ من التحدث بما ينفع المسلمين، أو قراءة شيء من الكتب النافعة.
نجد بعض الناس عنده فراغ كثير، تجدهم يجلسون بعد العصر أو بعد المغرب أو بعد العشاء ثم يغتابون الناس، فتكون هذه شهوة لهم، بعض الناس تجده يتلذذ بهذا الشيء يتكلم في أعراض الناس، فلان كذا، فلان طويل، فلان قصير، فلان بخيل، فلانٌ فيه كذا، هذه هي الغيبة.
كما قال النبي ﷺ: الْغِيبَةُ قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ. قِيلَ: وَإِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: فَإِنْ كَانَ فِيهِ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ، فَقَدْ بَهَتَّهُ ([14])، وكذلك النميمة وهي نقل الكلام من شخص إلى شخص على وجه الإفساد.
فلان قال فيك كذا، والغيبة والنميمة من كبائر الذنوب، والحديث: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ ([15])، ينقل الكلام من شخص إلى شخص؛ حتى يُفسد بين الوالد وولده، أو بين الزوجة وزوجها، أو بين الجار وجاره، أو بين القبيلة والقبيلة.
والمخرج من هذه الفتنة هو ألا يُقبل قول النمام، ويُرد عليه، ومن نم لك فإنه ينم عليك، من نقل إليك كلاماً فإنه ينقل عنك إلى غيرك، فعليك ألا تقبل كلام النمام ولا المغتاب، وعليك أن تُنكر على المغتاب.
فهذه الفتنة التي يقع فيها كثيرٌ من الناس في المجالس بسبب الفراغ، يتكلمون في أعراض الناس، يقعون في الغيبة والنميمة وسب الناس، وقد يسب بعضهم العلماء، أو يسبوا الأمراء، أو يسبوا ولاة الأمور، ولحوم العلماء مسمومة.
والمخرج من هذه الفتنة: هو ملئ هذا الفراغ بما يفيد، يُملئ هذا الفراغ هذه المجالس يكون فيها قراءة في كتاب، يكون فيها بحث مفيد، سماع لبعض الأشرطة، قراءة بعض الكتب النافعة، بحث فيما ينفع المسلمين، بحث في المشاريع الخيرية التي تفيد المسلمين، حتى يُقضى على هذه الفتنة وعلى أسبابها.
النوع الثالث من الفتن: فتن الحروب، الحروب التي تقع بين الناس، فيُفتن تحصل الفتن لكثيرٍ من الناس قد حصلت حروبٌ في كثير من الأزمنة، فتحصل الفتن لبعض الناس فيقع في القتل، يقتل غيره بسبب الحروب.
يقتل من لا يستحق القتل، والقتل من أعظم الذنوب، من أكبر الكبائر، بعد الشرك بالله فعلى الإنسان ألا يُقدم في الحروب والمشاركة في الحروب والقتال الذي يكون بين الناس أو بين الطوائف، أو بين القبائل أو بين الأشخاص حتى يعلم وجه هذه الفتنة، فيعلم بأي شيء يقاتل ولأي شيء يقتل.
وقد جاء في الحديث أنه تأتي فتن على الناس فتن الحروب، يكون فيها قتل وقتال، فلا يدري القاتل لأي شيء قتل ولا يدري المقتول لأي شيء قُتل، هذه فتن، لا يدري القاتل في أي شيء يُقاتل، ولا يدري المقتول لأي شيءٍ قتل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولهذا جاء في الأحاديث النهي عن القتال في الفتنة، وهي التي لا يُعرف فيها وجه القتال، تُشارك في القتال تقاتل مع الناس وأنت ما تدري، ولهذا فإن بعض الصحابة اعتزلوا في الفتنة والحروب التي حصلت بين الصحابة، اعتزل بعض الصحابة، وكذلك الحروب التي كانت بين عبد الله بن الزبير، وبين عبد الملك بن مروان اعتزل بعض الصحابة اعتزلوا الفريقين.
واستدلوا بالأحاديث التي فيها الاعتزال في الفتنة، وجاء في بعض الأحاديث أنه في الفتن التي فيها قتال، أن القاعد فيها خيرٌ من القائم، والمضطجع خير فيها من القاعد، وجاء في بعض الأحاديث الأمر بتكسير السلاح والسيوف في وقت الفتنة.
ولهذا قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ([16])، فالحروب فيها فتن عظيمة تفتن الإنسان عن دينه، توقعه في الكبائر و المعاصي، وفي إراقة الدم بغير حق، كما أن الشهوات توقع الإنسان في المعاصي وفي المحرمات، وفي الفواحش كالزنى، وفي السرقة وفي أكل المال بالباطل.
كما أن الشبهات تفتن الإنسان عن دينه، فتوقعه في الاعتقاد السيئ في الاعتقاد الباطل، يعتقد اعتقاداً باطلاً، يخالف كتاب الله وسنة رسوله r، وأعظم هذه الفتن، الفتن التي توقع الإنسان في الشرك بالله
والمخرج من هذه الفتن:
أولًا: البعد عن أسباب الفتن، يبتعد المسلم عن أسبابها، وعن الأسباب الموصلة إليها.
ثانياً: الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ يعتصم الإنسان بكتاب الله، وسنة رسوله ﷺ يقرأ كتاب الله ويتدبره، ويفهم معانيه ويقرأ في كتب أهل العلم، وفي كتب أهل التفسير، ويحضر الحلقات العلمية، والدروس العلمية، حتى يتفقه في دين الله، ويتبصر في دينه، حتى لا يقع في الشبهات والشهوات.
يُقبِل الإنسان على طلب العلم حتى يتنور ويتبصر ويكون الأمر عنده جلياً واضحاً، يعلم أن هذه شبهة توقع الإنسان في اعتقادٍ فاسد، يعلم أن هذه الشهوة توقعه في الحرام، فيبتعد فالتعلم والتفقه والبصيرة من الأسباب التي يخرج بها الإنسان من الفتن.
أولًا: البعد عن أسبابها، جاء في الحديث إنه يكون في آخر الزمان فتن، من استشرف لها وقع فيها، وجاء في الحديث أن النبي ﷺ حذر الناس وقال: إِنِّي أرأيتُ الفتَن تُعرَضُ عليْكُم كمَوَاقِعَ القَطْر ([17])، وجاء في البعض " أنها تعرض عليكم كأعواد الحصير عوداً عوداً " .
ومن الفتن: فتنة الرجل في أهله وماله وولده، أيضاً هذه من الفتن التي تُكفر بالصلاة والصوم والزكاة، وثبت أن عمر سأل عن الفتنة فقال له حذيفة: أنا أعلم، فسأله فقال: فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصوم والصدقة.
يعني ما يحصل للإنسان بينه وبين أهله من الكلام الذي قد يزل فيها بينه وبين جاره وبينه وبين ولده هذه تُكفرها الصلاة والصوم هذه صغائر.
فقال عمر: أريد الفتنة التي تموج كموج البحر؟ فقال: إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا فقَالَ عُمَرُ : أَيُغْلقُ البَابُ أَمْ يُكْسَرُ؟ فقَالَ: بَلْ يُكْسَرُ قال: إن ذلك أشد ([18]) .
والباب هو قتل عمر، لما قتل عمر صار هذا كسرٌ للباب، وهي فتن الحروب، ثم بعد ذلك لما قتل عثمان بعد ذلك أيضاً كذلك ففتحت أبواب الفتن، فالخروج من الفتن والبعد عن أسبابها.
ثانياً: الاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ والإقبال على العلم، وتدبر كتاب الله وتفهم معانيه، واستنباط أحكامه، ومراجعة والرجوع إلى أهل العلم، وسؤالهم والبحث معهم، والرجوع إلى كتب أهل العلم؛ حتى يتبصر الإنسان ويتفقه فيخرج من هذه الفتن يكون على نور وبصيرة.
ومن ايضاً الطرق التي يخرج بها من الفتن: العبادة في وقت الفتن، إذا كثرت الفتن يُقبل الإنسان على العبادة، يعبد ربه يكثر من العبادة، قال ﷺ: الفتنة في الهرج كهجرة إلي، والهرج يعني الحروب والفتن، يُقبل الإنسان إلى العبادة، رواه الإمام مسلم في صحيحه، الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ ([19])، في وقت فتن، ونحن الآن في آخر الزمان، وقد كثرت الفتن في هذا الزمان، وصار يرقق بعضها بعضا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كما جاء في الحديث أن النبي ﷺ قال: وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ جُعِلَتْ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وأُمورٌ تنكِرونها، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَلْتأتهُ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ([20])، ولتأتي إلى الناس الذين يحب أن يؤتوه إليه، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
ومن الفتن التي فُتحت على الناس الآن من الشرور الوسائل الحديثة، وسائل الاتصال الحديثة، التي تصل المسلمين بالكفار، والتي أصبح العالم كقرية واحدة كأنه قرية واحدة، المؤمنون والكفار، وكذلك اختلاط الكفار بالمسلمين هذه من الفتن.
من الفتن العظيمة التي دخلت على الناس هذه الأجهزة، وهذه الفضائيات، فهذه الأجهزة وهذه الفتن يرقق بعضها بعضا، أول ما خرج المذياع استنكره الناس، وأنكره بعض أهل العلم وقالوا: لا يجوز للإنسان أن يستمع للمذياع لما فيه من كذا وفيه من الأغاني، ثم جاء المسجل، فقالوا: هذا أشد، المسجل فيه الغناء.
ثم جاء التلفاز صار فتنة أعظم، وصار مرقق لما قبلها، صار المذياع والمسجل لا يُسأل عنه، جاءت فتنة التلفاز، وصار يُنشر فيه أشياء وبرامج ليست جيدة، وأنكرها أهل الغيرة وأهل العلم.
ثم جاءت الطامة الدشوش الدش، الذي يقضي على الأخضر واليابس، والفتن يرقق بعضها، صار التلفاز ليس فيه شيء التلفاز يُتحكم فيه، وهذا لا, يُشرف عليه من قبل مثلاً الدول، وهذا لا يحجبه شيء، هذا الدش يأتي بجميع محطات العالم، ويأتي يُنشر فيه عقائد اليهود والنصارى والكفر والدعوة إلى اليهودية والنصرانية، وإلى الشرك والوثنية، ويُنشر فيه التفسخ والعري، وتنشر المرأة كما ولدتها أمها عارية، وقد تنشر ويجامعها الرجل أمام الولد والبنت والزوجة والجار والقريب.
أين الغيرة الدينية، أين الحمية، أين الشيمة العربية؟ كيف يرق في المسلم أن يضع الدش في بيته، وتنشر فيه عقيدة اليهود والنصارى، والدعوة إلى النصرانية، الدين أغلى شيء، يشكك، يُنشر فيه التشكيك في دين الإسلام.
يشككون في الجنة وفي النار، يُنشر فيه برامج في الدش يُشكك في الجنة والنار، نشر بعضهم قصة قال: إن جمعة وأُناس أمر بهم بالدخول إلى النار، فجاءوا إلى خازن النار وضحكوا عليه وتخلصوا منه وخرجوا، هذا كله سخرية بدين الله وبرسوله وبالجنة والنار، من لم يؤمن بالله وباليوم الآخر و بالجنة والنار فليس بمسلم.
يُنشر في الدش هذا التشكيك في الجنة وفي النار، وفي البعث وفي الحساب، وفي دين الإسلام، وفي الدعوة لليهودية والنصرانية هذا أعظم شيء، ويُنشر فيه الدعارة والمجون والخلاعة، فعلى من ابتلي بذلك أن يتوب إلى الله .، قبل أن تخرمه المنية، قبل أن يأتيه الموت يكون هذا الجهاز في بيته يكون تسبب في إفساد أخلاق أولاده وعائلته، وفي إيجاد الشبه والشكوك.
والواجب محاربة هذا الجهاز الخبيث جهاز الدش، والتعاون تعاون الجميع على البر والتقوى، والتعاون بين القبائل وبيت أهل الخير والدعاة، ونصيحة من ابتلي بشيء من ذلك، وهجره وعدم استجابة دعوته حتى يتوب إلى الله ويخرج هذا الجهاز من بيته.
فهذا هو الواجب على المسلمين أن يتعاونوا قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، فلو يُتعاون الناس ويُتعاون القبائل وأهل الخير والدعاة، وتناصحوا فيما بينهم وأكدوا على من عنده دش وألزموه وقالوا: أخرج هذا الدش، كيف يا فلان أنت صاحب غيرة، صاحب شهامة، كيف ترضى أن تكون عائلتك تنشر الفساد بين أولادك وأهلك.
وأكثرهم يستجيبون، ومن لم يستجب يُقاطع، ولا تُجاب دعوته، ولا تؤكل وليمته، ولا يُكلم حتى يُخرج هذا الدش، لو فعل الناس كذا القبائل والإخوان وأهل الغيرة، إذا زال هذا الجهاز الخبيث، الذي هو مضرته على المسلمين وعلى الدين، وعلى القوم أعظم من مضرة السم القاتل، السم القاتل أسهل.
إذا سُم الإنسان وهو مسلم ومؤمن وموحد وعقيدته سليمة مات والموت لابد منه مات على خير مات على التوحيد، لكن هذا أشد الدش هذا، هذا يقضي على الدين، وعلى الخلق، فهي فتنة عظيمة أبتلي بها الناس.
نسأل الله أن يعصمنا ,إياكم من الفتن، ونسأل الله أن يعيذنا وإياكم من مضلات الفتن، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ونسأله أن يوفقنا وإياكم للاعتصام بكتاب الله، وسنة رسوله ﷺ ولزوم الطاعة، والبعد عن المعصية، والحرص على الخير، والذب لكتاب الله، وسنة رسوله ﷺ وقبول النصيحة من أهل الخير، وحضور حلقات الدروس العلمية، والمحاضرات والندوات، وسؤال أهل العلم، واستفتائهم فيما يُشكل، وعدم الإصرار على المعصية.
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الثبات على دينه، والاستقامة عليه، ونسأله سبحانه أن يعيذنا وإياكم من مضلات الفتن، وأن يجعلنا من المتقين، الذين يقولون النصائح والمواعظ ويستفيدون، ويعملون ويطبقون، ويقولون سمعنا وأطعنا، نسأله سبحانه وتعالى أن يثبتنا على دين الإسلام حتى الممات، وأن يعيذنا من مضلات الفتن، وأن يجعلنا من المؤمنين الذين ثبتوا على دينهم، واستقاموا على دين الإسلام وتوفاهم الله عليه، غير مغيرين ولا مبدلين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين.
([1]) صحيح مسلم (4/ 2074)،باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، رقم: 2699.
([2]) سنن أبي داود (3/ 223)،باب في كراهية الحلف بالآباء، رقم: 3251.
([3])سنن أبي داود (3/ 222)، باب في كراهية الحلف بالآباء، رقم: 3248
([4]) سنن أبي داود (4/ 295)، باب لا يقال خبثت نفسي ،رقم: 4980.
([5])السنن الكبرى للنسائي (9/ 362)، باب ذكر الاختلاف على عبد الله بن يسار، رقم: 10759.
([6]) صحيح البخاري (1/ 35)، باب الإنصات للعلماء، رقم: 121.
([7]) صحيح مسلم (1/ 76)، باب بيان نقصان المعاصي بالإيمان، رقم: 57.
([8]) سبق تخريجه.
([9]) سبق تخريجه.
([10]) المعجم الأوسط (3/ 94)، باب من أسمه إبراهيم، رقم: 2595.
([11]) المعجم الأوسط (3/ 211)، باب من اسمه إبراهيم، رقم: 2944.
([12]) الإبانة الكبرى لابن بطة (1/ 287)،باب ذكر ما أمر به النبي، رقم: 116.
([13]) سبق تخريجه.
([14]) سنن الدارمي (3/ 1782)، باب في الغيبة، رقم: 2756.
([15])صحيح مسلم (1/ 101)، باب بيان غلظ تحريم النميمة، رقم: 105.
([16]) سبق تخريحه.
([17]) صحيح البخاري (3/ 133)، باب الغرفة والعليا المشرفة، رقم: 2467.
([18])صحيح البخاري (9/ 54)،باب الفتنه التي تموج كموج البحر، رقم: 7096.
([19]) صحيح مسلم (4/ 2268)، باب فضل العبادة في الهرج، رقم: 2948.
([20]) صحيح ابن حبان - مخرجا (13/ 295)،باب ذكر البيان، رقم: 5961.