شعار الموقع

أخطاء في العقيدة

00:00
00:00
تحميل
685

بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران:102]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[الأحزاب:70-71]، أما بعد.

فإن أحسن الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هدي محمدٍ – ﷺ – وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الإخوان، لا شك أن الله – – بعث محمدًا – ﷺ – بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون، والله - تعالى - أرسل رسله، وأنزل كتبه ليُعبَد – – ويُفرَد بالعبادة، ويُمتثل أمره، ويُجتَنب نهيه، ويُوقف عند حدوده، قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريات:56]، وقال سبحانه: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[النحل:36].

وثبت في الحديث الصحيح أن النبي – ﷺ – قال للناس: سَلُونِي ([1])، فهابوا أن يسألوه، فأرسل الله – – جبرائيل في صورة رجلٍ، وسأل النبي – ﷺ – عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، والساعة وأماراتها، فلما سأله عن الإسلام، قال عليه الصلاة والسلام: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، هذا هو الإيمان، وهذا هو الاعتقاد الذي يعتقده الإنسان بربه – – يؤمن بالله، بأن يثبت وجود الله – – وأنه فوق العرش، وأنه إله العالمين، وأنه رب العالمين، وأنه المعبود بالحق، وأن سواه معبود بالباطل، ويؤمن بملائكة الله، وأنهم عباد مكرمون، وأنهم ذوات وأشخاص محسوسة، تُرى، وتصعد، وتنزل، وتذهب، وتجيء، وتُرى، وتخاطب الرسول – ﷺ – ولها أعمال ووظائف على حسب ما وظفهم الله – – والإيمان بكتب الله التي أنزلها على أنبيائه ورسله، وأنها حق، وهدى، ونور، والإيمان برسل الله، وأن الله تعالى أرسلهم إلى الناس لهدايتهم، ولإخراجهم من الظلمات إلى النور، ولتبصيرهم بالطريق الذي يوصلهم إلى الله – عز وجل – والإيمان باليوم الآخر، وهو يوم القيامة، والإيمان بالبعث والنشور، والجزاء والحساب، والوقوف بين يدي رب العالمين، والإيمان بالصراط، والميزان، والحوض، والجنة، والنار، والإيمان بالقدر خيره وشره، وأن الله علم كل شيء، وكتب كل شيء في اللوح المحفوظ، وأراد كل شيء في هذا الوجود، وهو الخالق – – دون ما سواه، هذه هي العقيدة الصحيحة التي يعتقدها الإنسان بربه عز وجل.

وموضوع هذه الكلمة كما سمعتم اختير أن يكون (أخطاء في العقيدة)، والأخطاء التي تكون في العقيدة كثيرة جدًّا، وأعظم خطأ في هذا الزمن وفي غيره من الأزمان، وقلَّ أن يسلم بلد من هذا الخطأ، وهو خطأٌ عظيم في العقيدة لم تسلم منه إلا هذه البلاد، وهو اعتقاد أن عبادة الصالحين وسؤالهم الحوائج، وقضاء الحوائج، وتفريج الكربات، والذبح لهم، والنذر لهم، أن هذا ليس من العبادة لغير الله، وإنما هو توسلٌ بالصالحين، وتشفعٌ بهم، وجعلهم وسائط بين الله وبين العباد، لينقلوا حوائجهم إلى الله، وأن الإنسان إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأنه الخالق الرازق المدبر المحيي المميت، فإنه لا يضره كونه يسأل أحدًا من المخلوقين حوائجه، أو يستشفع به، أو يسأله قضاء الحاجات، أو تفريج الكربات، أو يذبح له، أو ينذر له، هذا خطأٌ قل أن يسلم منه بلد من البلاد العربية و غير العربية، فهذا الخطأ موجودٌ في كثير من البلاد، موجودٌ في الشام، وفي مصر، وفي العراق، وفي ليبيا، وفي الجزائر، وفي الباكستان، وفي كل مكان، قل أن يسلم بلدٌ إلا هذه البلاد، سلمت من هذا الخطأ، وهو اعتقاد أن سؤال الصالحين قضاء الحاجات، سؤال الأولياء، وسؤال أهل القبور قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، وإغاثة اللهفات، وطلب المدد منهم، وسؤالهم الشفاعة، وأن الذبح لهم، والنذر لهم، وأن الطواف بقبورهم تقربًا إليهم ليس من العبادة، ظنوا أن هذا ليس من العبادة، وقالوا: إننا لسنا مشركين بهذا، لأننا نشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله ونشهد أن لا اله إلا الله ونشهد أن محمداً رسول الله، ونعتقد أن الله هو الخالق الرازق المدبر، فلا يكون حكمنا حكم الكفرة، وحكم المشركين الذين بعث إليهم النبي – ﷺ – لأن النبي – ﷺ – بُعث إلى المشركين، وأبوا أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأبوا أن يشهدوا أن محمدًا رسول الله، فلما أبوا صاروا بذلك كفارًا، وصاروا بذلك مشركين، ولهذا لما قال لهم النبي – ﷺ – لمشركي قريشٍ: قُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله([2])، قولوا كلمة تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم، فلما سألوه عنها، قال: هي لا إله إلا الله، فولوا على أعقابهم ينكصون، ويقولون: أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ[ص:5]، قالوا: إن هؤلاء صاروا مشركين؛ لأنهم لم يشهدوا أن لا إله إلا الله، ولم يشهدوا أن محمدًا رسول الله، أما نحن فنشهد أن لا إله إلا الله، ونشهد أن محمدًا رسول الله، فكيف تجعلوننا مشركين مثل هؤلاء؟!

والجواب أن من شرط كلمة التوحيد الجواب عن هذا الخطأ الذي وقع فيه كثير من الناس الآن، كثير من البلدان الآن فيها قبورٌ يطاف بها كما يطاف بالكعبة المشرفة، ويذبحون لها الذبائح، وينذرون لها النذور، ويسألونها المدد، يسألون أصحابها المدد، المدد المدد يا فلان، في مصر يقولون: المدد المدد يا سيد البدوي، المدد المدد يا دسوقي، المدد المدد يا سيدة نفيسة، المدد المدد يا عبد القادر الجيلاني، المدد المدد يا ابن علوان، يهتفون بهم كما يهتفون بالفرد الصمد!

قالوا: إن هذا ليس بشرك، إنما هذا محبة للصالحين، وتوسل بالصالحين، وتشفع بالصالحين، فكيف تجعلوننا كحال المشركين، الذين أبوا أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، نحن معاذ الله أن نكون مشركين، نحن نشهد أن لا إله إلا الله، ونشهد أن محمدًا رسول الله، ونعتقد أن الله هو الخالق الرازق المدبر، فكيف تجعلوننا مشركين، والجواب أن من شرط كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) الإخلاص المنافي للشرك، وأنتم حينما تقولون: لا إله إلا الله، ثم تسألون هؤلاء المقبورين المدد، وتسألونهم تفريج الكربات، وقضاء الحاجات، وتذبحون لهم، وتنذرون لهم، وتطوفون بقبورهم تقربًا إليهم، نقضتم هذه الكلمة، انتقضت لأنها لم تكن خالصة لله.

ولهذا قال النبي – ﷺ – في الحديث الصحيح: مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خالصًا مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ([3])، وفي رواية صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ([4])، وفي رواية مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مَنْ دُونِ اللهِ([5])، إذًا لا بد من الإتيان بشروط هذه الكلمة، فإن لم يأتِ الإنسان بشروطها، انتقضت عليه، فإذا قال: لا إله إلا الله، ثم ذبح للأولياء أو للصالحين، انتقضت عليه هذه الكلمة، وبطلت، إذا قال: لا إله إلا الله، لأن الإله هو المعبود، لأن معنى هذه الكلمة (لا إله إلا الله) معناها لا معبود بحق إلا الله، المعبود بحق هو الله، فإذا ذبح للولي فقد عبده، لأن الذبح عبادة، عبده من دون الله، وانتقضت عليه هذه الكلمة، يقول الله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ[الكوثر:2]، ويقول سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ لا شَرِيكَ لَهُ[الأنعام:162-163]، قال عليه الصلاة والسلام: لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ ([6])، فإذا ذبح للولي، أو ذبح للنجم، أو للقبر، أو للملك، أو للنبي، أو للشجر، أو للحجر، فقد بطلت هذه الكلمة وانتقضت عليه.

وكذلك إذا سأله قضاء الحاجات، إذا قال: يا سيدي البدوي، المدد المدد، أو أغثني، أو يا سيدي رسول الله، اشفع لي، أو فرج كربتي، عبده من دون الله، عبده لأنه صرف إليه نوعًا من أنواع العبادة، وانتقضت عليه هذه الكلمة، لأن الدعاء عبادة، قال الله تعالى: فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ[الشعراء:213]، قال سبحانه: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ[يونس:106]، يعني المشركين، وقال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[الجن:18]، فإذا دعا غير الله انتقضت عليه هذه الكلمة، لأن معنى لا إله إلا الله (لا معبود بحق إلا الله)، وهو قد عبد غير الله، فانتقضت عليه هذه الكلمة، وبطلت، وبطل دينه وإسلامه، وصار من المشركين، بعد أن كان من الموحدين المسلمين.

أرأيت لو أن إنسانًا توضأ فأحسن الوضوء، وتطهر فأحسن الطهارة، ثم أحدث، فخرج منه ريح، أو بول، أو غائط، أين تكون طهارته؟ بطلت هذه الطهارة، انتقضت، انتقضت بالحدث، فكذلك إذا كان مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ثم ذبح لغير الله، أو نذر لغير الله، أو طاف بغير بيت الله تقربًا إلى ذلك الغير، أو سأله، أو دعاه من دون الله، انتقضت عليه هذه الكلمة وبطلت كما تبطل طهارة المتطهر إذا أحدث، وهذا خطأ عظيم، خطأ فاحش، لا بد من الانتباه له، وسبب ذلك الجهل بكلمة التوحيد، وبمعنى الإله، وأن معنى الإله هو المعبود، ظنهم أن من قال لا إله إلا الله، يكفيه ذلك، ولو فعل ناقضًا من نواقض الإسلام.

وقد أجمع العلماء على أن المسلم إذا فعل ناقضًا من نواقض الإسلام فإنه يكون مرتدًّا، ويبطل دينه وإسلامه، فإذا قال لا إله إلا الله ثم اعتقد أن محمدًا ليس خاتم النبيين، بل بعده نبي، كفر بإجماع المسلمين، أو قال لا إله إلا الله لكنه واعتقد أن محمدًا رسول للعرب خاصة، فهو كافر بإجماع المسلمين، أو قال لا إله إلا الله ثم سب الله، أو سب رسوله، أو سب دين الإسلام، انتقض إسلامه ودينه، وصار كافرًا بإجماع المسلمين.

فكذلك إذا قال: لا إله إلا الله، ثم ذبح لغير الله، أو نذر لغير الله، أو طاف بغير بيت الله تقربًا إليه، أو سأل أحدًا قضاء الحوائج، أو تفريج الكربات، أو إغاثة اللهفات، فإنه يكون مشركًا، ويبطل إسلامه، ودينه بهذا، وعليه أن يتوب توبة نصوح وأن يجدد إسلامه من جديد، وإذا تاب ورجع إلى الإسلام، فإنه يحرز بإسلامه ورجوعه إلى الإسلام أعماله الصالحة، ولا تبطل أعماله الصالحة السابقة، ولو تخللها ردة، إذا عاد إلى الإسلام وتاب، فإذا لم يتب ومات على الكفر بطلت أعماله، نعوذ بالله، وحبطت كما قال الله تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[البقرة:217].

فهذا خطأ عظيم، يجب على المسلم وعلى الموحد أن ينتبه لهذا الخطأ، وأن يكون طالب العلم داعية إلى الله، ويبين لهؤلاء الجهال الذين في كل مكان، في مصر، وفي الشام، وفي العراق، حتى إن قبر البدوي يحج إليه في المولد في بعض السنوات أكثر من الذين يحجون إلى مكة، يجلسون الأيام الطوال، يذهبون بأولادهم ونسائهم وأهليهم، يذبحون الذبائح والنذور، ويهتفون بهم، تأتي المرأة تطلب الولد، تطلب قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، حتى إن بعضهم إذا مر بالسيارة لا بد أن يقف، وإذا أصابه شيء ظن أنه بسبب البدوي، وهكذا، بسبب تعلقهم بهذا الوثن، نعوذ بالله، فالأمر جد خطير، على طالب العلم أن ينتبه لهذا الخطأ العظيم، وهو أن من قال لا إله إلا الله يكون مؤمنًا، ويكون موحدًا بشرط ألا يفعل ناقضًا من نواقض الإسلام، بشرط أن يخلص هذه الكلمة، فإذا وقع في الشرك، فقد بطلت هذه الكلمة، وانتقضت عليه هذه الكلمة، وإذا فعل ناقضًا من نواقض الإسلام بطلت هذه الكلمة بإجماع المسلمين.

الخطأ الثاني من الأخطاء التي قد توجد في مجتمعنا أيضًا الذهاب إلى المشعوذين وإلى السحرة للعلاج، فإذا كان الإنسان عنده مريض ذهب يطلب الطب، وأن يتطبب، ولا يبالي، فيذهب إلى بعض المشعوذين، وإلى بعض السحرة، ويسأله، وهذا محرم، وأمر خطير، فسؤال السحرة والكهنة حرام لا يجوز، وإذا سأله وصدقه، فيكون الإثم أعظم وأكبر، هذا خطأ في العقيدة، يقول النبي - ﷺ – في الحديث الصحيح: مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَألهُ عن شَيء لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا([7])، وفي الحديث الآخر يقول النبي – ﷺ – الأول رواه الإمام مسلم في صحيحه، مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ([8])، فالأمر خطير.

فإذا ذهب إلى الكاهن أو إلى الساحر، وسأله ولم يصدقه، يعاقب بأنه لم تقبل له صلاة أربعين يومًا، وإذا سأله وصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد – ﷺ – وهذا فيه تفصيل، إن كان سأله وصدقه في هذه القضية، في علاج مريضه، أو ما أشبه ذلك، ولم يصدقه في دعوى علم الغيب، فإنه يكفر كفرًا أصغر، أما إذا صدقه في دعوى علم الغيب، لأن الساحر والكاهن يدعي علم الغيب، إذا صدقه في دعوى علم الغيب فإنه يكفر كفرًا أكبر، لأن دعوى علم الغيب كفر، ومن صدق مدعي الغيب فهو مكذب لله ولرسوله، قال الله تعالى: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ[النمل:65]، وقال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ۝ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ[الجن:26-27]، فإذا صدق الكاهن في دعوى علم الغيب فإنه يكفر كفرًا أكبر نعوذ بالله، لأنه مكذب لله، وإذا صدقه في هذه القضية فإنه يكفر كفرًا أصغر، وقد سُئل النبي – ﷺ – عن الكهان، فقال: لَيْسُوا بِشَيْءٍ([9])، يعني أخبارهم لا يوثق بها، فلا يجوز للإنسان المسلم أن يأتي إلى الكاهن، ولا إلى الساحر، ولا يسأله، ولا أن يتعالج عنده.

الخطأ الثالث وهو ناتج عن هذا الخطأ، أن بعض الناس إذا ذهب إلى الساحر أو إلى الكاهن المشعوذ لعلاج مريضه، أمره بأن يذبح خروفًا حتى يشفى مريضه، فيذبح خروفًا صفته كذا وكذا، وسواء قال له: سمِّ الله، أو قال له لا تسمِّ الله، فهذه الذبيحة ذبيحة شركيّة، لأنها لغير الله، يقول: اذبح خروفًا، لا توجهه إلى القبلة، أو خروف صفته كذا وكذا، أسود أو كذا، أو ما أشبه ذلك، فيذبح الخروف، هذا الخروف ذبحه لمن؟ لغير الله، هذه ذبيحة شركيّة، ذبحه للجن، والله تعالى يقول: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ[الكوثر:2]، ويقول : قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي يعني وذبحي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ لا شَرِيكَ لَهُ[الأنعام:162-163]، وقال عليه الصلاة والسلام: لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ، لَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، لَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ ([10])، وعن طارق بن الشهاب – – عن النبي – ﷺ – أنه قال: دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ , وَدَخَلَ رَجُلٌ النَّارَ فِي ذُبَابٍ قَالُوا: وَكَيْفَ ذَلِكَ يا رسول الله ؟ قَالَ: مَرَّ رَجُلَانِ عَلَى قَوْمٍ لَهُمْ صَنَمٌ , لَا يَجُوزُهُ أَحَدٌ حَتَّى يُقَرِّبَ لَهُ شَيْئًا , فمَرَّ احدُهُما فَقَالُوا لِأَحَدِهِمَا: قَرِّب مر الأول وقالوا له قرب فقَالَ: لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ أقَرب ما عندي شيء يعني ما عندي خروف و لا دجاج ولا بقر ولا إبل قَالُوا: قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا ولو ذباب يعني إذا كنت موافق على الشرك يكفي ولو ذباب فَقَرَّبَ ذُبَابًا, فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ فَدَخَلَ النَّارَ , وَقَالُوا لِلْآخَرِ: قَرِّبْ , فقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُقَرِّبَ لِأَحَدٍ شَيْئًا دُونَ اللَّهِ عز وجل , فَضَرَبُوا عُنُقَهُ بالسيف فقتلوه فَدَخَلَ الْجَنَّةَ([11])، فإذا كان الذي قرب ذبابًا دخل النار، فالذي يقرب خروفًا، أو بقرًا، أو إبلًا أعظم وأعظم، فالأمر جد خطير، فهذا خطـأ يقع فيه بعض الناس بسبب حرصهم على شفاء مريضهم.

والذهاب إلى السحرة والكهان لعلاج المرضى طريق مسدود، وعلاج غير مشروع، فالعلاج ينقسم إلى قسمين، قسم مشروع، وقسم ممنوع، فهذا من القسم الممنوع، حتى ولو شفي من مرضه، لا يجوز، لا يجوز الإتيان إلى السحرة، وسؤالهم، ولا يجوز تنفيذ ما طلبوا من الذبح لغير الله، فهذه ذبيحة شركيّة، لا يجوز للإنسان أن يذبح لغير الله بحال من الأحوال، حتى ولو قال بسم الله، ولو سمى الله، لأن العبرة بالقصد، قصده بهذه الذبيحة أن يتقرب بها إلى الجن حتى يشفى مريضه، فهي ذبيحة شركيّة، ولو قال فيها بسم الله ألف مرة لا يفيده التسمية، كما أن المسلم إذا تقرب لله - عز وجل – ونسي التسمية، فذبيحته صحيحة إذا نسيها، لأنه قصد التقرب إلى الله – عز وجل – هذا خطأ ينبغي الانتباه له.

الخطأ الثالث من الأخطاء القولية التي هي منتشرة في مجتمعنا، خطأ قولي، وهو قول بعض الناس إذا جاء فلان يقول: أنت يا فلان تباركت علينا، أو إذا أرادوا أن يدعوه إلى منزلهم أو إلى عزيمة أو غيرها، قالوا: تبارك حتى تبارك علينا، أنت تباركت علينا، أو تباركت علينا بجمع هؤلاء، بجمع هؤلاء الطيبين، أو أنت تباركت علينا بمجيئك، أو تبارك علينا بمجيئك، هذا خطأ، لفظ (تبارك) لا تقال إلا في جناب الرب سبحانه، قال تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[الملك:1]، وفي الحديث الصحيح أن النبي – ﷺ – علم الأمة إذا سلموا من الصلاة أن يقول أحدهم: اسْتَغْفَرَ الله استغفر الله اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ([12])، فتبارك لا تقال إلا في جناب الرب فالله تعالى هو المتبارك، وعبده المبارك، تصحيح هذا الخطأ أن تقول: أنت رجل مبارك، أنت رجل فيك بركة، تحصل البركة من مجيئك، لا بأس، أما أن تقول تباركت علينا، لا، هذا لا يقال إلا في جناب الرب، فالله تعالى هو المتبارك، وعبده المبارك، يقال: أنت رجل مبارك، أنت رجل فيك بركة، كما قال أسيد بن حضير لعائشة – رضي الله عنها – في إحدى الغزوات، لما تأخروا بسببها، ونزلت آية التيمم، فقال أسيد بن حضير لعائشة – رضي الله عنها – (جزاك الله خيرًا، ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر)، فلا بأس أن تقول إذا كان الرجل فيه خير: أنت رجل مبارك، أنت رجل فيك بركة، أنت رجل فيك خير، تحصل البركة من مجيئك، لا بأس، أما أن تقول أنت تباركت علينا، أو تبارك علينا، فلا.

كذلك أيضًا من الأخطاء اللفظية التي يقع فيها بعض الناس قول بعضهم: (توكلت عليك يا فلان، توكلت عليك في قضاء الحاجة)، هذا اللفظ خطأ، ينبغي أن تقول: توكلت على الله، التوكل لا يكون إلا على الله، ولو كان هذا في الأسباب الظاهرة، ولو كان الشخص عنده أسباب ظاهرة يقدر عليها، لكن ما ينبغي أن يسند لفظ التوكل إلا إلى الله - عز وجل – التوكل يكون على الله، قل: توكلت على الله، وأما أنت يا فلان، فوكلتك في كذا، أو أنبتك في كذا، أو طلبت منك أن تفعل كذا، وكلتك في كذا، أو أنبتك في كذا، ولا تقل توكلت عليك في كذا، فالتوكل إنما هو في جناب الرب .

ومن الأخطاء العقدية ما هو منتشر في كثير من المجتمعات من الحلف بغير الله – عز وجل – كالحلف بالنبي، والحلف بالأمانة في بعض المجتمعات، والحلف بالأب، أو الحلف بحياتك، أو بشرفك، وكل هذا من الشرك الأصغر، يقول النبي ﷺ: مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كفر أو أَشْرَكَ([13])، ويقول عليه الصلاة والسلام: مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا([14])، ويقول عليه الصلاة والسلام: لا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ أو بالأنداد، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ ([15])، فلا يجوز الحلف بالأمانة، ولا بالكعبة، ولا بحياتك، ولا بلحيتك، ولا بشرفك، ولا بالنبي، إنما تحلف: برب الكعبة، بالله، رب النبي، بأسماء الله وصفاته، تحلف بآيات الله، كلمات الله، بآيات الله القرآنية، ومنتشر عند طلاب المدارس طالب، الطلاب والطالبات القسم، قولهم: أقسم بآيات الله، وهذا لا بد فيه من تفصيل، الأَولى أن يقول: أقسم بآيات القرآنية، لأن آيات الله تنقسم إلى قسمين، آيات قرآنية، وآيات كونية، فالآيات القرآنية كلام الرب – عز وجل - صفة من صفاته، يجوز الحلف بها، أما آيات الله الكونية هي الشمس والقمر والليل والنهار، هذه لا يجوز الحلف بها، آيات الله الكونية من آيات الله الليل والنهار، والشمس والقمر، هذه آيات الله الكونية، لا يُحلف بها، لكن آيات الله القرآنية نعم، صفة من صفاته، فهذا فيه تفصيل، وفيه إجمال، يقول: أقسم بآيات الله، ولو تقيد: أقسم بكلام الله أو بآيات الله القرآنية، أو بكلام الله كان أولى؛ لأن آيات الله تنقسم إلى قسمين، آيات كلامية يجوز الحلف بها، لأنها صفة من صفات الله، وآيات كونية هي من مخلوقاته، فلا يجوز الحلف بها.

كذلك من الأخطاء العقدية التشريك بين الخالق والمخلوق بلفظ الواو، بالواو، بأن يعطف مشيئة المخلوق على مشيئة الخالق بالواو، فيقول: ما شاء الله وشئت، أو لولا الله وأنت، أو مالي إلا الله وأنت، أو أعوذ بالله وبك، هذا لا يجوز، هذا خطأ عقدي، من الشرك الأصغر، لأنه سوى بين الخالق والمخلوق في المشيئة، وعطف مشيئة المخلوق على مشيئة الخالق، وسوى بينهما، وشرَّك بينهما، لأن الواو للتشريك، فلا يجوز، وذلك لأن مشيئة الرب تأتي أولًا، ومشيئة المخلوق تأتي متأخرة تابعة لمشيئة الله كما قال الله تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا[الإنسان:30]، وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ[التكوير:29].

والتصحيح أن تقول: ما شاء الله ثم شئت، لولا الله ثم أنت، أعوذ بالله ثم بك، هذا لا بأس، إذا أتيت بلفظ ثم لا بأس، والسبب في ذلك أن كلمة (ثم) في اللغة العربية تأتي للترتيب والتراخي، أما كلمة الواو فإنها تأتي للتشريك، ولا تفيد الترتيب، بل تسوي بين المعطوف والمعطوف عليه، ولا يجوز أن تسوى مشيئة الخالق بمشيئة المخلوق، فالتصحيح لهذا الخطأ أن تأتي بكلمة ثم، والأفضل أن تقول: ما شاء الله فقط، أو لولا الله فقط، فالأحوال ثلاثة، حالة كمال، وحالة جواز، وحالة منع، فحالة الكمال أن تقول: ما شاء الله، وحده، كما ثبت في الحديث أن رجلًا قال للنبي – ﷺ -: ما شاء الله وشئت، فقال: أجَعَلْتَني لِلَّهِ نِدًّا بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ ([16])، هذا هو الأكمل، أن تقول: ما شاء الله، أو تقول لولا الله، هذا هو الأكمل، هذه حالة كمال.

الثانية حالة جواز: أن تقول لولا الله ثم أنت، ما شاء الله ثم شئت، هذا جائز، الحالة الثالثة حالة منع، وهو أن تشرك بين الخالق والمخلوق بالواو تقول: ما شاء الله وشئت، لولا الله وأنت، أعوذ بالله وبك، هذا ممنوع.

الخطأ الذي بعد هذا إسناد الأشياء إلى السبب ونسيان المسبب وهو الله - – كأن تقول: لولا فلان لحصل كذا، أو لولا فلان لما حصل كذا، فهذا أنت أسندت إلى السبب، والذي ينبغي أن تقول: لولا الله ثم فلان، أو لولا الله لما حصل كذا، أو لولا الله لحصل كذا، أو تقول: لولا الله ثم فلان لحصل كذا، أو لولا الله ثم فلان لما حصل كذا، كأن يقول مثلًا لولا الكلب يحرس البستان لأتى اللص، هذا إسناد إلى السبب، وهذا من الشرك الخفي، وهو من الأنداد، من التنديد الأصغر، وبه فسر ابن عباس – رضي الله عنهما – قول الله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[البقرة:22]، قال ابن عباس: (هي أن تقول والله وحياتك يا فلان وحياتي، وتقول: لولا كليبك هذا لأتى اللصوص، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، ولولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلانًا، هذا كله به شرك)، هذا كلام ابن عباس – رضي الله عنهما – هذا من التنديد ومن الشرك الخفي.

ومن الأخطاء أيضًا إسناد المطر ونزول المطر إلى الأنواء والنجوم، كأن يقول: مطرنا بنوء كذا، أو مطرنا بنجم كذا، وهذا خطأ لأنه أسند المطر ونزول المطر إلى النوء وإلى النجم، والواجب إسناده إلى الرب – – لأن النجم خلق مسخر، ليس له من الأمر شيء، فإذا قال: مطرنا بنجم كذا، ففيه تفصيل، فإن كان يعتقد أن للنجم تأثيرًا في إنزال المطر فهذا شرك أكبر، شرك في الربوبية نعوذ بالله، كأن يعتقد أن النجم له تأثير، مؤثر في إنزال المطر هذا شرك أكبر، وإن كان يعتقد أن منزل المطر هو الله، لكن النجم سبب، فهو شرك أصغر، ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن النبي – ﷺ – صلى بالناس في الحديبية على إثر مطر جاء في الليل، فلما سلم النبي – ﷺ - أقبل على الناس بوجهه، فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ الليلَة؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ ([17])، فهذا فإذا قال: مطرنا بنوء كذا أو بنجم كذا فهذا شرك إما أكبر وإما أصغر على حسب الاعتقاد، فإن اعتقد أن للنجم تأثيرًا في إنزال المطر فهو شرك أكبر، شرك في الربوبية، لأنه جعل النجم مدبر، منزل للمطر، متسبب في إنزال المطر، منزل للمطر، وإن اعتقد أن منزل المطر هو الله، ولكن النجم سبب، فهو شرك أصغر، وأما من قال: مطرنا في نجم كذا فلا بأس، لأن في للظرفية، مطرنا في يعني في وقت كذا، مطرنا في الموسم، في نجم كذا، في الخريف، في الربيع، في نجم كذا فلا بأس لأن (في) ليست للسبب، وإنما هي للوقت، فتكون الأحوال ثلاثة: إذا قال مطرنا بنجم كذا معتقداً أن للنجم تأثيرًا في إنزال المطر فهذا شرك أكبر، ثانيًا: أن يقول مطرنا بنجم كذا معتقدًا أن منزل المطر هو الله والنجم سبب، فهذا شرك أصغر، ثالثًا: أن يقول مطرنا في نجم كذا، فهذا لا بأس به.

كذلك من الأخطاء العقدية الرقية التي تحصل من بعض الناس، والرقية معناها القراءة على المريض، كأن يقرأ على المريض، أو يذهب إلى قارئ يقرأ على المريض برقية غير معروفة، ليست بلسان عربي، بل يتمتم يقرأ رقية فيها تمتمة، أو فيها قراءة بلسان غير عربي معروف، فهذا ممنوع، فلا بد أن تكون بلسان عربي، ولا بد أن تكون القراءة تعويذات بأسماء الله أو صفاته، أو بآيات من القرآن أو بأدعية مشروعة أو بأدعية مباحة، ولا بد أن تكون بلسان عربي، ولا بد أن يعتقد أنها سبب، والشافي هو الله، هذه الرقية الشرعية، لا بد لها من الشروط الثلاثة، أن تكون بأسماء الله أو بصفاته أو بآيات من القرآن، أو بأدعية مباحة، وأن تكون بلسان عربي مفهوم، وأن يعتقد أنها سبب، والشافي هو الله، وقد ثبت أنَّ النبي – ﷺ – قال: اعْرِضُوا عَلَىَّ رُقَاكُمْ لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ تَكُنْ شِرْكًا([18]).

بعض الناس يذهب إلى بعض المشعوذين ويقرأ قراءة غير معروفة، بعض المشعوذين عندهم طرق، يأتي ويتمتم تمتمة، هذا لا يجوز، لا بد أن تكون القراءة بلسان عربي مفهوم، لأنه يُخشى أن تكون هذه التمتمة استعاذة بأسماء الجن، أو بأسماء الشياطين، وبعض السحرة وبعض المشعوذين عنده طرق في اجتلاب الناس، تجده أول ما يأتي إلى المريض، يقول: الشفاء بيد الله، أنا ما أشفي، الله هو اللي يشفي، والشفاء بيد الله، وهكذا، وهكذا، ويتكلم، ثم يقرأ قل هو الله أحد أمامك، ويقرأ الفاتحة أمامك، ثم يتمتم، يقرأ أشياء ما تفهمها، إذا انتهى وطمأنك، بعد ذلك يأتي بالتمتمة التي فيها استعاذة بأسماء الجن أو بالشياطين، هذه التمتمة فيها البلاء، لا تجوز، هذه رقية شركيّة ممنوعة، فلا بد أن تكون الرقية بلسان عربي مفهوم، بأدعية مباحة مشروعة، أو بآيات من القرآن معروفة بلسان عربي مفهوم، أما تمتمة أو بلسان بغير اللغة العربية فلا يجوز، ولا بد أن يعتقد أنها هي السبب، والشافي هو الله.

ومن الأخطاء في العقيدة الحُجُب التي يضعها بعض الناس يسمونها الحُجُب، بعضها يسميها الجوامع، وبعضهم يسميها الحرز، الحروز، وهي ما يعلق في رقبة الإنسان، أو في الطفل على الطفل، أو في اليد، أو في العضد، أو في الرجل، بقصد دفع العين، سواء كان هذا الذي يعلق من شعر الذئب أو خيوط من صوف، أو حجاب كتب فيه شيء من الأدعية، أو غيرها، وإذا كان هذا الحجاب فيه غير القرآن، فهذا ممنوع بإجماع العلماء، إذا كان هذا الحجاب مكتوب فيه بغير أدعية شرعية، أو غير آيات من القرآن، فهذا ممنوع، إما إذا كان فيه آيات من القرآن، وأدعية شرعية، فذهب بعض العلماء إلى إباحته، وأنه جائز، لأنه حجاب فيه آيات من القرآن وأدعية شرعية، وذهب جماهير العلماء إلى المنع، ولو كان فيه آيات من القرآن، واستدلوا بأن النبي – ﷺ – قال: إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ ([19])، التمائم هي الحُجُب، ولم يستثنِ من ذلك شيئًا، ولم يقل إلا تميمة من القرآن، فدل على المنع، وثانيًا لأن من علق الحجاب يتعلق قلبه بهذا الحجاب، ولا يتعلق قلبه بالله، والواجب على المسلم أن يتعلق قلبه بالله، وثالثًا لأن هذا الحجاب الذي فيه آيات من القرآن قد يمتهنه الإنسان ويدخل فيه بيت الخلاء، وفيه آيات من القرآن فيمتهنها، فالصواب الذي عليه جماهير العلماء المنع من الحجب مطلقًا، سواء كانت من القرآن أو من غير القرآن.

كذلك أيضًا من الأخطاء في العقيدة التطير والتشاؤم، التطير معناه التشاؤم، التشاؤم بالأشخاص، أو بالألفاظ، أو بالبقاع، أو بالأماكن، كانوا في الجاهلية يتشاءمون بالطيور، فإذا جاء الطير وأقبل وذهب جهة اليمين، قالوا: هذا خير، وإذا ذهب جهة الشمال، قالوا: شر، كان يصدهم عن مقاصدهم، فإذا أراد أن يسافر وطار جهة اليمين، قال: تيمن وسافر، وكذلك إذا أراد أن يتزوج، أو أراد أن يشتغل في تجارة، وإذا ذهب جهة الشمال أمسك وأحجم، وهذا محرم، لأن الطيرة من الشرك، قال عليه الصلاة والسلام: الطِّيَرَةُ شِّرْكِ الطِّيَرَةُ شِّرْكِ ، قال عليه الصلاة والسلام: لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ([20])، بعض الناس يتشاءم بالأشخاص، هذا يوجد عند بعض الناس، التشاؤم بالأشخاص أو بالبقاع أو بالأماكن ، فإذا كان يبيع ويشتري في الدكان، وفتح الدكان، ثم مر اشترى منه أعور أو أعمى تشاءم وأغلق الدكان، هذا من التشاؤم المحرم، ولا يجوز الإنسان أن يتشاءم لا بالطيور، ولا بالأشخاص، ولا بالبقاع، ولا بالأماكن، ولا بالألفاظ، وقد أخبر الله تعالى أن التطير من أعمال المشركين، قال الله تعالى عن آل فرعون أنهم إن تصبهم حسنة يقولوا لنا هذه، وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه، قال تعالى: ألا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ[الأعراف:131]، يعني ما قدر لهم وحظهم مقدر عليهم، أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ[الأعراف:131].

فالطيرة محرمة لأنها من الأعمال الشركيَّة، ولكونها منافية للتوكل على الله، ولكونها ولما يقع في القلب من الوساوس والشكوك، ولكونها تصد الإنسان عن حاجته، فهي من الأعمال الشركيَّة، وكفارتها أن من وقع في قلبه عليه أن يقول هذا الدعاء: اللَّهُمَّ لاَ طَيْرَ إِلاَّ طَيْرُك، وَلا خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُك، وَلا إلَهَ غَيْرُك([21])، ويدعو بالدعاء الآخر: اللهم لا يأتي بالحسنة إلا أنت، ولا يدفع السيئة إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك، ولا يُحجم عن حاجته، بل يتوكل على الله – عز وجل – ويترك هذا الشيء الذي وقع فيه، ولا يتشاءم بشيء، لا بالطيور، ولا بالأشخاص، ولا بالألفاظ، ولا بالبقاع.

هذا تنبيه على بعض الأخطاء التي تذكرتها، وأسأل الله – – أن يوفقني وإياكم للعمل الصالح الذي يرضيه، وأن يوفقنا جميعًا للعلم النافع، والعمل الصالح، وأن يوفقنا لإخلاص العبادة لله – عز وجل- وأن يوفقنا للدعوة إليه، والصبر على الأذى فيه، وأن يجعلنا هداة مهتدين، وأن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يعيذنا من الشيطان الرجيم، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله، وسلم، وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله، وصحبه، وأتباعه بإحسان.

 


[1]صحيح مسلم (1/ 40)، باب الإسلام، رقم: 10.

[2]مسند أحمد مخرجا (5/ 394)، باب مسند عبد الله بن عباس، رقم: 3419.

[3]تخريج الأحاديث المرفوعة المسندة في كتاب التاريخ الكبير للبخاري (ص: 1270)، باب من قال لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه، رقم: 836.

[4]صحيح البخاري (1/ 38)، باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهة، رقم: 128.

[5]صحيح مسلم (1/ 53)، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: رقم: 23.

[6]صحيح مسلم (3/ 1567)، باب تحريم الذبح لغير الله، رقم: 1978.

[7]مسند أحمد مخرجا (27/ 197)، باب حديث بعض أزواج النبي،رقم: 16638.

[8]مسند أبي داود الطيالسي (1/ 300)، باب ما أسند عبد الله بن مسعود، رقم: 381.

[9]صحيح البخاري (8/ 47)، باب قول الرجل للشيء ليس بشيء، رقم: 6213.

[10]صحيح مسلم (3/ 1567)، باب تحرم الذبح لغير الله، رقم: 1978.

[11]الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي (ص: 185) ،باب في إتباع المحدث على لفظه وإن خالف.

[12]صحيح مسلم (1/ 414)، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، رقم: 591.

[13]سنن أبي داود (3/ 223)، باب كراهية الحلف بالآباء، رقم: 3251.

[14]سنن أبي داود (3/ 223) ،باب كراهية الحلف بالأمانة، رقم: 3253.

[15]صحيح مسلم (3/ 1267)، باب النهي بالحلف بغير الله، رقم: 1646.

[16]المعجم الكبير للطبراني (12/ 244)، باب يزيد بن الأصم عن ابن عباس، رقم: 13005.

[17]صحيح البخاري (2/ 33)، باب قول الله تعالى، رقم: 1038,

[18]سنن أبي داود (4/ 11)، باب ما جاء في الرقى، رقم: 3886.، وصححه الألباني.

[19]سنن أبي داود (4/ 9)، باب في تعليق التمائم، رقم: 3883، وصححه الألباني.

[20]مسند البزار = البحر الزخار (9/ 52)، باب أول حديث عمران بن حصين.

[21]المعجم الكبير للطبراني (13/ 22)، باب أبو عبد الرحمن الحبلي، رقم: 38.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد