شعار الموقع

أنساك الحج الثلاثة

00:00
00:00
تحميل
226

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين،  والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وأمامنا ونبينا محمد ﷺ، وصفيه وخليله من خلقه، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وعلى أصحابه، وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد؛ فإني أحمد الله إليكم وأشكره سبحانه وأسأله المزيد من فضله، وأسأله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً، وأن يجعل تفرنا من بعده تفرقاً معصوماً، وأن لا يجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروماً، كما سأله سبحانه و تعالى أن يجعل مجلسنا هذا مجلس علم، وخير، ورحمة، تنزل عليه السكينة، وتغشاه الرحمة، وتحفه الملائكة، ويذكره الله فيمن عنده.

فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال. وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ([1])،  أيها الأخوان، موضوع الحديث هذه الليلة كما سمعتم ( الأنساك الثلاثة، وصفة كل نسك منها)

الحج في اللغة القصد، يقال حَج و حِج بفتح الحاء وكسرها، فهو في  اللغة القصد؛ وشرعاً قصد مكة، في وقت مخصوص لعمل مخصوص، من شخص مخصوص، قصد مكة لأداء مناسك الحج أو مناسك العمرة،

والحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، فهو الركن الخامس من أركان الإسلام، التي لا يقوم الإسلام ولا يستقيم إلا بها، كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أن النبي ﷺ قال بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاة, وَصَوْمِ رَمَضَانَ وحج بيْتِ اللهِ الحَرَام([2]

ولا يجب الحج إلا بشروط، قررها العلماء، وأخذوها من النصوص، هذه الشروط:

الإسلام : فالكافر لا يصح منه الحج، في حال كفره حتى يشهد لله تعالى بالوحدانية، ويشهد للنبي محمد ﷺ بالرسالة، ويدخل في الإسلام ثم يصح منه الحج، والصلاة والصوم وسائر الأعمال، ولكنه في حال الكفر لا يصح منه الحج، وإن كان يعذب يوم القيامة على ترك الحج، وعلى ترك الإسلام، وعلى ترك فراض الإسلام، لكنه لا يصح منه الحج في حال كفره.

الشرط الثاني البلوغ : فالصبي الذي لم يبلغ لا يجب عليه حج، ولكن الصبي إذا حج صح منه الحج، في حال صغره، حتى ولو كان صبياً في المهد كما ثبت في صحيح مسلم أنِ النَّبِيِّ ﷺ لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ: مَنِ الْقَوْمُ؟قَالُوا: الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: رَسُولُ اللهِ، فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا، فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ رفعت امرأة صبياً في المهد فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟  قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ([3]) فإذا حج الصبي صح منه الحج، ويكون الحج له، ولوليه أجر المعونة والسمع،  وسواء كان مميزاً أو غير مميز، ولكنه إذا كان مميزاً فإنه ينوي الإحرام بنفسه بإذن وليَّه، وإن كان غير مميز ينوي عنه أحرام وليُّه، وإذا بلغ فإنه يحج حجة الإسلام.

الشرط الثالث العقل : ففاقد العقل كالمجنون، والمعتوه، والشيخ الكبير، والمرأة الكبير التي خرف، فلا يصح منه الحج، لأنه لا عقل له.

الشرط الرابع الحرية : فالعبد الذي يباع ويُشترى لا يجب عليه الحج، ولكن لو أذن له سيده للحج صح منه الحج، لكن إذا عتٌق فإن عليه أن يحج حجة الإسلام، لما ورد في الحديث أن النبي ﷺ قال أيمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ الْحِنْثَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى([4])

الشرط الخامس القدرة والاستطاعة : والقدرة والاستطاعة نوعان، قدرة بالبدن، وقدرة بالمال.

قدرة بالبدن: بأن يستطيع الإنسان أن يثبت على مركوب، ويستطيع الحج بنفسه، ببدنه.

والقدرة بالمال: بأن يكون عنده مال، يحج به يكفيه ذهاباً وإياباً، زائد على نفقة أهله وأولاده، فإذا وجدت القدرتان، القدر بالبدن، والقدرة بالمال، وجب عليه أن يحج بنفسه، فإن فقد القدرة بالمال سقط عنه الحج، لقول الله تعالى  وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا  [آل عمران 97]

وإن فقد القدرة بالبدن وعنده مال، فأنه يجب عليه أن ينيب من يحج عنه، حجة أخرى، إن كان العجز مستمراً، بأن كان كبير السن ولا يستطيع الثبات على المركوب، أو كان مريضاً لا يرجى برءه وعنده مال فإنه ينيب من يحج عنه، فإن كان المرض طارئاً ويرجى زواله فإن عليه أن ينتظر، حتى يزول المانع، ثم يحج بنفسه.

 والمسلم عليه إذا عزم على الحج أن يقدم بين يدي الحج أموراً منها: التوبة النصوح، يتوب إلى الله توبة نصوح من جميع الذنوب والمعاصي، والتوبة واجبة على كل مسلم، في كل وقت، قال الله تعالى وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]؛ حقيقة التوبة الإقلاع عن المعصية والمعاصي، والندم على ما مضى منها، والعزم الصادق والجازم على أن لا يعود إليها، ورد المظلمة إلى أهلها، وأن تكون التوبة قبل الموت، وقبل طلوع الشمس من مغربها، وعليه أيضاً أن يكتب وصيته، ويشهد عليها، وعليه أن يسترضي والديه، أو من يوجد منهما، وعليه أن يقضي دينه، أن كان عليه ديناً، أو يستأذن أصحاب الديون إن كان الدين حالاً، وعليه أن يكون مع رفقة صالحة، تعينه على أداء نسكه، ولاسيما أذا كانت هذه الرفقة من أهل الدين والعلم والورع؛ ينبغي للمسلم أن يختار رفقة طيبة، تعينه على أداء نسكه، وعليه ايضاً أن يختار لحجه نفقة طيبة، خالصة من الحرام والشبهة، فإن حج بمال حرام، فإنه في هذه الحالة، إذا حج الإنسان بمال حرام، فهو في الحقيقة لم يحج، وإنما حج مركوبه، المركوب هو الذي حج، كما قال الشاعر:

إذا حججت بمال أصله سحـت فمــــــا حججت ولكــن حجــــــــــــت العـير
ما يقبـل الله إلا كــــــل صالحة ما كـــــــــــــــــل من حج بيـت الله مـــبرور

 ثم إذا وصل المسلم إلى الميقات،ـ إلى أحد المواقيت الخمسة، التي وقتها رسول الله ﷺ، فعليه أن يختار أحد النسك الثلاثة، (التمتع، والقران، والإفراد) وهذه المواقيت الخمسة وقتها رسول الله ﷺ ، الميقات الأول ميقات أهل المدينة وهو ذو الحلفيه، والثاني ميقات أهل الشام ومصر والمغرب وهو الجحفه، والثالث وهو ميقات أهل اليمن وهو يلملم، والرابع ميقات أهل نجد وهو قرن المنازل، والخامس ميقات أهل العراق وأهل المشرق وهو ذات عرق، كما ثبت في الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ، هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ ممَنْ أراد الحَجَّ وَالعُمْرَةَ([5])          

وثبت في حديث عائشة، أنن النبي ﷺ وقت لأهل العراق ذات عرق، وثبت في صحيح مسلم أيضاً من حديث جابر، إلا أن راويه شك في رفعه، وثبت في صحيح البخاري أن الذي وقت ذلك عمر بن الخطاب، ولا منافاة فإن الموقوف يؤيد المرفوع، ويحمل توقيت عمر لأهل العراق ذات عرق، أنه خفي عليه توقيت النبي ﷺ، وأجتهد فوافق اجتهاده النص، ولا غرابة فإن عمر بن الخطاب معروف بموافقته النص في مواضع معروفة، هذه المواقيت المكانية، المواقيت نوعان مواقيت مكانية، ومواقيت زمانية، هذه المواقيت المكانية.

أما مواقيت الحج الزمانية، فهي شوال، وذي القعدة، وعشر من ذي الحجة، فإذا وصل المسلم إلى أحد المواقيت المكانية، في المواقيت الزمانية، يعني في شوال أو في ذي القعدة أو في العشر من ذي الحجة، فإنه يخير بين هذه الإنساك الثلاثة.

وقبل الإحرام عليه أن يراعي أموراً، منها الاغتسال، قبل أن يحرم عليه أن يغتسل، لأن النبي ﷺ تجرد لإهلاله وأغتسل والحديث وإن كان فيه لين، إلا أنه يعضده أن النبي ﷺ أمر عائشة لما حاضت بلاغتسال وأرادت الحج، وأمر أسماء بنت عميث لما ولدت محمد بن أبي بكر أن تغتسل، وتستثر بثوب وتحرم، فمن أراد الحج أو العمرة فعليه أن يغتسل، حتى الحائض والنفساء، ولكن الاغتسال مستحب وليس بواجب، فلو ترك الاغتسال فلا حرج عليه، فالاغتسال مستحب كغسل الجمعة، ويستحب له ايضاً أن يتطيب قبل أن يحرم، وإذا كان ذكراً فإنه يلبس إزاراً ورداءاً، ويتجرد من المخيط، يلبس إزاراً يشُد به نصفه الأسفل، قطعة قماش، ورداءً يجعله على كتفيه، ويستحب أن يكون أيضاً الإحرام عقب صلاة، فإن كان الوقت وقت فريضة صلى الفريضة ثم أحرم، كما فعل النبي ﷺ، فإنه صلى الظهر ثم أحرم، أحرم دبر صلاة، وإن كان الوقت غير وقت فريضة، توضأ وصلى سنة الوضوء ثم أحرم عقبها.

 وذهب جمهور العلماء إلى أن الإحرام له صلاة تخصه، وأنه ينوي بها سنة الإحرام، واستدلوا بما ثبت في الحديث أن النبي ﷺ لما كان في ذو الحليفة أتاه جبريل قال  أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي، فقال صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ([6]) قالوا فهذا دليل على أن للإحرام صلاة تخصه، وذهب بعض المحققين كشيخ الإسلام بن تيمية وبن القيم وجماعة من المحققين، إلى أن الإحرام ليس له صلاة تخصه، والصلاة التي صلاها النبي ﷺ هي صلاة الفريضة، فإن كان الوقت وقت فريضة أحرم دبرها، وإن كان الوقت غير وقت فريضة توضأ وصلى سنة الوضوء، أو سنة الضحى إذا كان في وقت الضحى، ثم يحرم بعد الصلاة وبعد الاغتسال وبعد التطيب وبعد لبس الإزار والرداء إذا كان رجلاً، إذا كان ذكراً.

 والسنة أن يكون الإحرام عقب, بعد أن يركب المركوبة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه لما ركب دابته أحرم، وإن أحرم قبل أن يركب فلا حرج، لكن الأفضل الاقتداء بالنبي ﷺ، أن يكون الإحرام عقب ركوبه السيارة، وإن كان في الطائرة أحرم إذا حادى الميقات، وكذلك إذا كان في الباخرة إذا حادى الميقات يحرم.

والإحرام هو نية الدخول في النُسك، وهو أن ينوي بقلبه الدخول في النسك، فإذا نوى بقلبه الدخول في النسك صار محرماً بهذه النية؛ إذاً النية أمرٌ باطن أمرٌ باطني، النية أن تنوي بقلبك الدخول في النسك ثم يشرع لك أن تذكر نسكك في تلبيتك فيختار المسلم أحد الانساك الثلاثة ( التمتع، أو القران، أو الإفراد ).

النسك الأول التمتع : كيفية التمتع، وصفة التمتع إذا تجرد الذكر من المخيط، وتطيب، وأغتسل، وصلى؛ فإنهُ ينوي بقلبه الدخول في العمرة، فإذا نوى بقلبه الدخول في العمرة، صار محرماً ثم يلبي ويذكر نسكه في تلبيته ويقول "لبيك عمرة" أو "اللهم لبيك عمرة" أو " أوجبت عمرة" وإن قال متمتعاً بها إلى الحج فلا حرج.

ثم يكثر من التلبية، يلبي بتلبية رسول الله ﷺ يقول لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ([7]) ويكرر هذه التلبية

والتلبية، معني لبيك اللهم لبيك يعني أجيبك يا الله إجابة بعد إجابة، أجيبك يا الله، وأمتثل أمرك، وألبي ندائك؛ لبيك اللهم يا اللهم أي يا الله، الله لفظ الجلالة، الله أعرف المعارف، وأصل الله الآلة، حذفت الهمزة التي هي فاء الكلمة، ثم التقت اللام الزائدة باللام التي هي عين الكلمة، ففخمت الله، الله هو المألوه، فعال بمعنى مفعول هو المألوه التي تألهه القلوب محبةً وإجلالاً وتعظيماً وخوفاً ورجاءاً، وهو أعرف المعارف، وكل أسم من أسماء الله مشتمل على صفة، فالله مشتمل على صفة الإلوهية، الرحمن مشتمل على صفة الرحمة، العليم مشتمل على صفة العلم؛ فلما تقول لبيك اللهم يعني يا الله، لبيك اللهم لبي يعني أجيب ندائك مرة بعد مرة،  لبيك لا شريك لك تنفي الشرك عن الله، لا شريك لك يا الله في الربوبية، فأنت الرب وأنت المدبر وأنت الخالق، أنت الخالق وغيرك المخلوق، وأنت الرب وغيرك المربوب، وأنت المدبِر وغيرك المدبَر، وأنت المالك وغيرك المملوك، لبيك اللهم لبيك لا شريك لك، لا شريك لك في الربوبية، ولا شريك لك في الإلوهية والعبادة، ولا شريك لك في الأسماء، ولا شريك لك في الصفات، ولا شريك لك في الأفعال؛ توحيد, التلبية توحيد ، لهذا قال جابر في حديث طويل، في صفة حجة النبي ﷺ، قال أهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالتَّوْحِيدِ([8]) أهل يعني رفع صوته بالإهلال، الإهلال هو التلبية، يُسن رفع الصوت بالتلبية للرجال، الحديث أن النبي ﷺ أمرني ربي أمر أصحابي أن يرفعوا صوتهم بالتلبية، فكان الصحابة يرفعون أصواتهم ويصرخون بها صراخاً؛ أما المرأة فإنها تلبي ولا ترفع صوتها، ولا تجهر لئلا يُفتتن بصوتها، وإنما تُلبي بقدر ما تسمع رفيقتها التي بجوارها، لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ.

 إذاً التلبية إهلال، إهلال بالتوحيد، فإذاً المسلم الحاج موحد لله عز وجل، فإذا كان الإنسان يفعل شيء من الشرك فلابد أن يتوب حتى لا يتناقض، بعض الحجاج يحج وهو مشرك يدعو غير الله ويذبح لغير الله أو ينذر لغير الله أو يطوف بالقبور، ويقول لبيك لا شريك لك قوله ينقض فعله، وفعله ينقض قوله، لبيك لا شريك لك وهو يُشرك، يُشرك في الدعاء يشرك في الذبح، يُشرك في النذر، ما يصح الحج، لابد من التوحيد، إذا حج وهو مشرك فحجه باطل.

لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إن الحمد والنعمة لك الحمد, الحمد هو الثناء على المحمود بصفاته الثرية، مع حبه وإجلاله وتعظيمه، يعني الحمد جميع أنواع المحامد لك يا الله، مستغرقة لله عز وجل، ملكاً واستحقاقاً، والنعمة جميع النعم، كلها لله، كلها من الله، هذه التلبية يكررها، يكررها المسلم الحاج أو المعتمرلَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ([9])

وتتأكد هذه التلبية عند تغير الأحوال، عند إقبال الليل، أو إدبار النهار، أو ملاقاة الحاج، أو ملاقاة محرم، أو فعل محظوراً ناسياً، أو غير ذالك، يكثر منها، من التلبية في كل وقت، ولاسيما عن تغير الأحوال؛ ولا يزال الحاج أو المعتمر يلبي حتى يصل إلى المسجد الحرام، فإذا وصل إلى المسجد الحرام، وشرع في الطواف، قطع التلبية، يقطع التلبية عند شروعه في الطواف، فالمتمتع الذي لبي بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج إذا وصل إلى المسجد الحرام ووصل إلى البيت إلى - الكعبة - قطع التلبية، وطاف طواف العمرة، طواف العمرة لأنه متمتع، العمرة مستقلة عن الحج، فيطوف بالبيت سبعة أشواط، ثم يصلي ركعتين خلف المقام، ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ثم يقصر أو يحلق رأسه، ويتحلل.

هذه هي العمرة التي يفعلها المتمتع، والتي يفعلها أيضاً المعتمر، في غير وقت الحج، أركانها طواف، إحرام وهو النية، وطواف وسعي؛ هذه أركان لا تسقط لا سهواً، ولا عمداً ،لا بد أن يعتني بها.

الإحرام التي هي النية، ثم الطواف، ثم السعي، وواجباتها اثنان:

الواجب الأول: أن يكون الإحرام من الميقات.

والواجب الثاني: الحلق، حلق الرأس أو التقصير.

 ويطوف بالبيت سبعة أشواط، لابد من النية ينوي أن هذا طواف العمرة، يقول ﷺ إنما الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى([10]) ؛ ولابد أن يكون البيت عن يساره يجعله عن يساره، فإن جعله عن يمينه أو أستدبره ما صح الطواف، ولابد أن يكون طاهراً متوضئاً، لأن النبي ﷺ توضأ وطاف، وقال خُذُوا مَنَاسِكَكُمْ مَنَاسِكَكُمْ ([11])، ولابد أن يكون مستور العورة، ولابد أن يستوعب الأشواط السبع، يبدأ من الحجر إلى الحجر، ولابد أن يطوف من وراء الحِجر، فإن دخل في بعض الأطوفة بين الحِجر وبين الكعبة ما صح طوافه.

 وأما ما عدا ذلك فهو مستحب، الأذكار، والدعاء، وكذلك أيضاً الاضطباع، كشف الكتف الأيمن والرمل و هو الإسراع في الأشواط الثلاثة كل هذا مستحب، ثم يُصلي ركعتين خلف المقام أيضاً، سُنه يقرأ فيهما في الأولى بعد الفاتحة قل يا أيها الكافرون، وفي الثانية بعد الفاتحة قل هو الله أحد، وإن صلاهما في أي مكان فلا حرج، لكن الأفضل - إن تيسر- أن يكون خلف المقام، ثم يسعى بين الصفا والمروة، وإن تيسر له بعد الركعتين استلام الركن فهو الأفضل وإن لم يتيسر ذهب إلى المسعى ثم سعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ولابد فيه من النية، ينوي أن هذا السعي سعي العمرة؛ ولابد أن يستوعب الأشواط السبعة، يبدأ من الصفا وينتهي بالمروة، فإن بدأ بالمروة فإنه يسقط الشوط الأول، ويأتي بشوط زائد، لأن البدء لابد أن يكون من الصفا، يقول النبي ﷺ أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ ([12]) والله بدأ بالصفا يقول إن الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158].

لابد في السعي من النية، ولابد أن يستوعب الأشواط السبعة، ولا يُتشرط أن يكون على طهارة، بل يُستحب أن يكون على طهارة، فلو سعى على غير طهارة فلا حرج، ولابد أن يكون السعي بعد الطواف، يسبقه الطواف، وما عدا ذالك فهو مستحب، الوضوء مستحب، ستر العورة كذلك مستحب، معلوم أن الإنسان لا يسعى وهو مكشوف العورة، لكنه لا يشترط ستر العورة كالطواف، والأذكار كذلك مستحبة، والصعود على الصفا وعلى المروة، والذكر ورفع اليدين كل هذا مستحب، ثم يحلق رأسه، أو يقصر، وإذا كان الوقت وقت الحج قريباً فالأفضل أن يقصر، ويعمم رأسه بالتقصير بالموس من جميع الجهات، أو بالمكينة نمرة ثلاثة، هذا التقصير، فإذا كان الوقت قريباً وقت الحج قريباً فالأفضل أن يُقصر، يترك شعر رأسه ليحلقه في الحج، فإذا طاف وسعى وقصر تحلل من العمرة، تحلل تحلُلاً كاملاً، وحينئذ يجوز له أن يفعل جميع ما حرم عليه بالإحرام، فله أن يتطيب، وله أن يلبس المخيط، وله أن يقص أظفاره، ويقص شاربه، إلا إذا كان يريد أن يُضحي وكان في العشر الأول من ذي الحجة فلا يأخذ شيء من شعره، وتحل له زوجته لو كانت معه أيضاً، ويبقى حلالاً حتى يأتي اليوم الثامن من ذي الحجة، فإذا جاء اليوم الثامن من ذي الحجة، أحرم للحج، ويفعل كما فعل عند الميقات من الاغتسال، والطيب، والتجرد من المخيط، إذا كان ذكراً، ويكون إحرامه عقب صلاة، ثم ينوي بقلبه الدخول في الحج، فإذا نوى بقلبه الدخول في الحج حينئذ أحرم بالحج الإحرام هو النية، ثم يلبي ويذكر نُسكه في تلبيته ويقول "لبيك حج" أو "اللهم لبيك حج" أو " أوجبتُ حج" ثم يلبي بتلبية رسول الله ﷺ، فيقول لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ([13]) يكثر من هذه التلبية.

ثم يذهب إلى منى مع الناس والسُنة أن يكون الإحرام بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة، هذا هو السنة، السنة أن يذهب إلى منى محرماً، يكون مثلاً في مكة، أو إذا كان لم يأتي إلا متأخراً يحرم بالحج، ثم يذهب إلى منى، والسنة للحاج أن يبقى في منى في اليوم الثامن، ويصلي فيها خمس صلوات، الظهر، والعصر، والمغرب ، والعشاء، والفجر، كل صلاة في وقتها، قصراً بلا جمع، تُقصر الرباعية، الظهر في وقتها ركعتان، والعصر في وقتها ركعتان، والعشاء في وقتها ركعتان، والمغرب والفجر لا يُقصران، فإذا طلعت الشمس من يوم عرفة وهو اليوم التاسع توجه إلى عرفة ملبياً، يكثر من التلبية وينزل ويذهب إلى عرفة، والنبي ﷺ نزل بنمرة في الضحى قبل الزوال، وجد قُبة له من شعر قد ضربت فنزل فيها وهي غربي عرفة، قرية غربي عرفة يعني أرض فضاء، في غربي عرفة نزل فيه عليه الصلاة والسلام حتى زالت الشمس، فلما زالت الشمس ركب ناقته عليه الصلاة والسلام ثم خطب الناس بعرنة، وهو وادي وادي معروف أمام المسجد الآن، يقال له "وادي عُرنة" خطب الناس على راحلته, عليه الصلاة والسلام خُطبة عظيمة، أقر فيها قواعد التوحيد، وهدم فيها الشرك، وبين فيها حقوق النساء على الرجال، وحقوق الرجال على النساء، ووضع فيها ربا الجاهلية تحت قدميه، ووضع فيها دماء الجاهلية، وقال عليه الصلاة والسلام لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ, إنَّ دِمائَكُم و أموَالَكُم و أعْراَكُم عليْكُم حرَام([14])

 ، ثم بعد ذلك صلى عليه الصلاة والسلام الظهر والعصر قصراً وجمعاً، في وقت الأولى، في وقت الضحى؛ وكان اليوم يوم جمعة، يوم عرفة في الحجة التي حجها النبي ﷺ، كان يوم جمعة ولم يجهر بالقراءة، لأنه لم يُصلها جمعة صلاها ظهراً، ولو كانت جمعة لكانت الخُطبة قبل الأذان، لكنه خطب عليه والسلام قبل الأذان خطب أولاً ثم لما انتهت الخطبة أذن بلال لصلاة الظهر، ثم صلى الظهر سراً ركعتين، ثم أقام وصلى العصر ركعتين، ولم يصليها جمعة، لو كانت جمعة لكانت الخطبة بعد الأذان، لكن الخطبة هنا قبل الأذان، ولو كانت جمعة لجهر فيها بالقراءة، لكنه أسر فيها بالقراءة، لأن الحاج المسافر ليس عليه جمعة، ثم بعد ذلك أنتقل عليه الصلاة والسلام بعد الصلاة وركب راحلته ووقف بعرفة، فيكول عليه الصلاة والسلام، يوم عرفة نزل ثلاث منازل المنزل الأول في الضُحى نزل بنمرة غربي عرفة، والمنزل الثاني لما زالت الشمس خطب الناس وصلى "بعرنة" – الوادي - والمنزل الثالث لما انتهي من الصلاة ركب ناقته ووقف بعرفة، إذاً نزل بنمرة وخطب الناس وصلى "بعرنة" ووقف بعرفة، معروف المسجد الآن يسمي "مسجد نمرة"، وهو المكان الذي صلى فيه النبي ﷺ، مقدمه، ثم وسع المسجد وصار مؤخره من عرفه، مؤخر المسجد من عرفة ومقدمه من نمرة من الوادي ، ثم بقي عليه الصلاة والسلام بعرفه واقفاً على راحلته، رافعاً يديه متضرعاً داعياً عليه الصلاة والسلام حتى غربت الشمس، وهذه سنن الحاج، أن يستقبل القبلة، ويرفع يديه، ويدعو ويتضرع إلى الله، وإن قرأ شيء من القرآن أو دعا أو لبى فحسن.

إذا غربت الشمس واستحكم غروبها دفع الحاج إلى مزدلفة، ويصلي فيها المغرب، والعشاء، أول وصوله إليها، يصلي فيها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً، بأذان وإقامتين، يصلي المغرب ثلاث ركعات في وقتها، ثم العشاء في وقتها ركعتان، قبل حط الرحال، النبي ﷺ صلى المغرب قبل حط الرحال صلى المغرب ثلاثة، ثم أمر بحط الرحال عن الإبل تخفيفاً عليها، ثم صلى العشاء ثم أُنيخت الإبل.

 وما يفعله بعض الحاج من كونه يبدأ بالتقاط الحصى قبل الصلاة، فهذا غلط لا وجه له، بل السنة للحاج أن يبدأ بالصلاة، يصلي المغرب والعشاء، ثم بعد الصلاة الحاج يبيت في هذه الليلة بمزدلفة، والنبي ﷺ نام مبكراً ليتقوى على وظائف النهار، وأعمال النهار، لأن يوم العيد يوم عظيم وهو يوم الحج الأكبر، وله وظائف أربع عظيمة فالسنة للحاج أن ينام، وصلى الفجر ﷺ مبكراً، في أول انشقاق الفجر، بعد ما تبين الفجر صلى مبكراً، ولهذا قال بن مسعود كما في صحيح البخاري مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى صَلاَةً بِغَيْرِ مِيقَاتِهَا، إِلَّا هذه الصَّلاة([15]) إلا صلاة الفجر بمزدلفة, في غير ميقاتها المراد في غير ميقاتها المعروف المعتاد وليس المراد أنه صلاها قبل دخول الوقت، لا، بل المراد أنه صلاها في غير ميقاتها المعتاد، لأنه عليه الصلاة والسلام يتأخر بعض الشيء، إذا أذن الفجر وأنشق الفجر صلى ركعتين، ثم جاءه بلال ثم آذنه ثم يصلي، أما في مزدلفة فإنه بادر مبادرةً شديدة، للصلاة من حين انشقاق الفجر، والحكمة في ذلك والله أعلم، حتى يتسع الوقت للوقوف بمزدلفة، ولما صلى الفجر عليه الصلاة والسلام ركب حتى أتى الجبل، وهو المشعر الحرام، وهو جبل صغير بني عليه المسجد واستقبل القبلة، ورفع يديه، وجعل يدعو ويذكر الله، حتى أسفر جداً، وبعد الأسفار جدا وقبل طلوع الشمس، دفع إلى مزدلفة، فالنبي ﷺ بكر بصلاة الفجر من أجل أن يتسع وقت الوقوف، ثم بعد ذلك دفع إلى منى، والنبي ﷺ خالف المشركين في موضوعين، في عرفة كان المشركون يدفعن من عرفة قبل غروب الشمس، إذا كانت الشمس فوق رؤؤس الجبال كعمائم الرجال دفعوا، فخالفهم النبي ﷺ فلم يدفع من عرفه حتى غربت الشمس، واستحكم غروبها، وزال قرص الشمس ثم دفع، وخالفهم في الموضع الثاني في الدفع من مزدلفة، فكان المشركون لا يدفعون من مزدلفة حتى تطلع الشمس، وتشرق على الجبال، ويقولون " أشرق ثبير كيما نغير" ، ثبير جبل بمزدلفة إذا أشرقت الشمس عليه دفعوا، فالنبي ﷺ خالفهم ودفع قبل طلوع الشمس، بعد الأسفار من جدَّا وقال خالف هدينا هدي المشركين عليه الصلاة والسلام.

ثم بعد ذلك أمر ابن عباس فلتقط له سبع حصيات وهو في الطريق، سبع حصيات يرمي بها جمرة العقبة، فأتى لهُ بسبع حصيات، هن حصى الخذف، الخذف هي الحصاة التي تكون بين الأصبع بين أصبعين يخذفها الأسنان، بمقدار الحمصة الكبيرة بمقدار بعرة الغنم، مثل حبة الفول، هذه الحصيات.

 فلما وضعهن بيده عليه الصلاة والسلم قال نعم, بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ فارْمُوا، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ([16]) يعني ارموا بأمثال هذه الحصيات الصغار، وإياكم والغلو فتأخذوا حجارة كباراً، فإن هذا من الغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو، فالرمي بالحجارة الكبار بناءً على أنه أبلغ من الصغار من الغلو، والحديث عام، وعلى هذا ما يفعله بعض الناس من كونه يرمي الجمار بالحجارة الكبار أو يرميها بالنعال هذا من الغلو، كما أن بعض الناس يرميها وهو منفعل غضبان، يشتم ويلطم بعض الناس، ويظن أنه يرمي الشيطان، كل هذا من الجهل ومن الغلو، هذه مشاعر، جمرات، قال عليه الصلاة والسلام إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ([17]) ما يأتي الإنسان وهو منفعل ويشتم، يظن أنه يريد أن يضرب الشيطان بالنعال أو بالحجارة الكبار، هذه مشاعر، لإقامة ذكر الله، صحيح أن الشيطان تعرض لإبراهيم عليه الصلاة والسلام ورماه في الأول، لكن لا، ما في شياطين الآن، فيه ذكر الله ، الآن مناسك، جعلها الله تعالى لإقامة ذكر الله، قولاً وفعلاً.

وأول شيء بدأ به عليه الصلاة والسلام رمي جمرة العقبة، هذه الوظيفة الأولى يوم العيد، في أربعة وظائف عظيمة، ولهذا نام النبي ﷺ مبكراً حتى يتقوى على هذه الوظائف.

الوظيفة الأولى: رمي جمرة العقبة أول شيء بدأ به، رمي جمرة العقبة، وهذه هي تحية منى، وهي بمثابة صلاة العيد لأهل الأمصار، الحاج ليس عليه صلاة عيد، ما يفعله بعض الحجاج إذا كان يوم جمعة ينزل إلى مكة يصلى صلاة العيد، هذا غلط، الحاج ما عليه صلاة العيد، رمي جمرة العقبة بمثابة صلاة العيد، كافية عن صلاة العيد، الأمصار لهم صلاة العيد، والحجاج لهم رمي جمرة العقبة، فإذا رمى جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة، فإنه حينئذ يكون أدى هذه الوظيفة العظيمة، وهذا النسك في هذا اليوم وهو يوم العيد.

ثم الوظيفة الثانية الذبح والنحر، نحر الهدايا، فالحاج المتمتع والقارن عليه أن يذبح هدياً، إن كان ساقه معه، وإن لم يسق الهدي أشترى ذبيحة وذبحها، والنبي ﷺ كان قارناً، وساق معه مائة بعير، التي ساقها والتي أتى بها علي من اليمن، صار مجموعهم مائة، فذبحها بيده الشريفة عليه الصلاة والسلا ذبحم هذه الإبل، كل واحدة يذبحها قائمة معقولة يدها اليسرى، قائمة على ثلاث، يطعنها في الحربة في الوهدة التي أسفل العنق والصدر حتى تسقط ثم يجهز عليها، هذه هو السنة، السنة الإبل تُذبح وهي قائمة، ولهذا لما رأى بعض الصحابة رجُلاً يذبحُ ناقة وهي باركة، قال أبعثها قياماً سنة أبي القاسم ﷺ، وأما البقر والغنم فإنها تذبح على جنبها الايسر، فالنبي ﷺ ذبح بيده الشريفة ثلاث وستين ناقة، على عدد سنين عمره، عمره ثلاثة وستون عليه الصلاة و السلام وذبح ثلاثة وستين، ثم أمر علي فنحر البقية, بقية المائة وهي سبعة وثلاثون، ثم أمر بها عليه الصلاة والاسلم أن يؤخذ له من كل ناقة ببضعة قطعة من اللحم، فجمعت وجعلت في قدر وطبخت، فشرب من مرقها وأكل شيء منها عليه الصلاة والسلام شيء من لحمها، وأمر أن توزع بقية لحومها على الناس، فوزعت جميع اللحوم والجلاد والجلود ولم يبقى شيء، عليه الصلاة والسلام، بعض الناس يذبح هديه ثم يتركه ويرميه، ما تبرأ الذمة بهذا لابد أن توزع، تستأجر من يسلخه لك ويوزعه؛ هذه الوظيفتان.

ثم الوظيفة الثالثة حلق الرأس أو التقصير، والحلق أفضل، والنبي ﷺ دعا المحلقين ثلاثة قال اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟، قَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟، قَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ: وَلِلْمُقَصِّرِينَ([18]) في المرة الرابعة، فالحلق أفضل، والحلق يكون بالموس،وأما المكينة ما يعتبر حلق ولو كان على الصفر لأنه يبقى أصول الشعر، وإن قصر من جميع الجهات فلا حرج.

الوظيفة الرابعة الطواف, الطواف بالبيت طواف الإفاضة، النبي ﷺ لما ذبح هديه حلق رأسه، ثم وزع شعره، أعطاه أبى طلحه يوزعه على الناس شعرة شعرة، يتبركوا به عليه الصلاة والسلام، وهذا من خصائصه لما جعل الله في جسده عليه الصلاة والسلام، وما لامس جسده من البركة، يوزعه على الناس شعر شعرة، وهذا خاص به عليه الصلاة والسالم، النبي إذا توضأ الصحابة يكادون يقتتلون على القطرات، قطرات الماء، يدلكون بها وجوههم، وإذا تنخم وقعت في يد واحد منهم فدلك بها وجهه يتبرك بها، هذا خاص به ﷺ، لا يتبرك بغيره، الصحابة ما تبركوا بأبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي، هذا خاص به ﷺ، ولما نام عند أم سليم وكان بينه وبينها محرمية، نام في قيلولة وعرق، سلتت العرق، وجعلته في قارورة مع طيبها، وقالت "إنهُ لأطيب الطيبُ" كان أطيب الناس ريحاً ﷺ، ولهذا قال أنس: "ما شممت رائحة ولا مسكاً أطيب من رائحة النبي ﷺ، ولا مسست يداً وحريراً ألين من كف رسول الله ﷺ"

ثم بعد ذلك النبي ﷺ دفع إلى مكة لطواف الإفاضة، فطاف بالبيت سبعة أشواط طواف الإفاضة يسمى طواف الإفاضة ويسمى طواف الحج ويسمى طواف الصدر، والنبي ﷺ طاف طواف الإفاضة، ثم أدرك صلاة الظهر في المسجد الحرام.

كل هذا الوظائف كلها قبل الظهر، مشى دفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس على ناقته ما في سيارات مثل الآن، ثم رمى جمرة العقبة، ثم ذبح بيده الشريفة ثلاثة وستين بعير، ثم حلق رأسه، ثم ركب ناقته، وطاف طواف الإفاضة، كل هذا قبل الظهر، هذه الأعمال أعمال عظيمة، طاف طواف الإفاضة ﷺ، وصلى الظهر، ذهب إلى منى وجد أصحابه مجتمعين فصلى بهم تلك الصلاة، صلى بهم الظهر مرة أخرى، لهم نافلة وله فريضة، وهذا هو الجمع بين الأحاديث، لأن في الحديث أن النبي ﷺ صلى الظهر بمكة، فيى حديث أخر أن النبي صلى الظهر بمنى، الجمع بينهما أنه أدركته الصلاة الفريضة أدركته الظهر بمكة فصلاها، ثم لما دفع إلى منى وجد أصحابه مجتمعين، فصلى بهم تلك الصلاة له نافلة ولهم فريضة، وهذا له نظائر فعلها النبي ﷺ في صلاة الخوف، وفعل هذا معاذ كان يصلي مع النبي صلاة العشاء، ثم يصلي بأصحابه تلك الصلاة في ناحية المدينة.

ثم بعد ذلك بات ﷺ بمنى ثلاث ليال، ليلة الحادي عشر، وليلة الثاني عشر، وليلة الثالث عشر، وفي كل يوم من أيام التشريق الثلاثة، الحادي عشر والثاني عشر و الثالث عشر، يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال، والزوال هو أذان الظهر، إذا مالت الشمس إلى الغروب، إذا زالت الشمس رما، ولم يأذن لأحد أن يرمي من الفجر إلى الظهر ليس هناك رمي, في أيام التشريق الثلاثة، بخلاف يوم العيد، فإن رمي الجمار رمي جمرة العقبة من طلوع الشمس إلى غروبها، هذا وقت واسع، أما أيام التشريق الثلاثة من الفجر إلى الظهر ليس هناك رمي, يبدأ الرمي من الظهر، والنبي ﷺ يرمي إذا زالت الشمس، قبل صلاة الظهر هذا الأفضل إن تيسر، ولكن إذا لم يتيسر، لا يتيسر الغالب الآن من شدة الزحام فالإنسان يفعل ما هو أرفق به، ويؤدي العبادة بطمأنينة وراحة، هذا هو المطلوب، لكن لو تيسر أن يكون الرمي بعد الزوال و قبل صلاة الظهر كما فعل النبي ﷺ كان أفضل، لكن الغالب يكون فيه زحام شديد في هذه الأزمنة الأخيرة، والنبي ﷺ رمي الجمرة الأولى - الصغرى – التي تلي مسجد الخير بسبع حصيات، ثم جعلها عن يساره وأستقبل القبلة، ورفع يديه ودعا دعاءاً طويلاً بمقدار قراءة سورة البقرة، ثم رمى الجمرة الوسطى، وجعلها عن يمينه واستقبل القبلة ورفع يديه ودعا دعاءاً طويلاً بمقدار قراءة سورة البقرة، ثم دفع ورمى جمرة العقبة، ولم يقف بعدها ولم يدعو.

أختلف العلماء في الحكمة لماذا لم يدعو بعد جمرة العقبة، ودعا بعد الجمرة الأولى والثانية؟

فقال بعضهم لأن المكان ضيق، كانت جمرة العقبة كانت ملاصقة للجبل في ذلك الوقت، قال بعضهم لأنه ضيق المكان ضيق، وقال آخرون الحكمة في ذلك أنه انتهت العبادة وهذا هو الأرجح، لما كانت الجمرة الأولى والجمرة الثانية في صلب العبادة، فكان يدعو، فلما رمى جمرة العقبة انتهت العبادة، كما لو سلم من الصلاة إذا سلم من الصلاة أنصرف، وفي اليوم الحادي عشر والثاني عشر فعل ذلك، وفي اليوم الثالث عشر فعل ذلك ثلاث أيام،

ورخص لمن أراد أن يتعجل، من أراد أن يتعجل في اليوم الثاني عشر رخص له إذا رمى الجمار في اليوم الثاني عشر أن يدفع من منى إلى مكة، ثم يطوف طواف الوداع، ثم ينصرف إلى أهله راجعاً، وأما هو ﷺ فلم يتعجل، بل تأخر وهذا هو الأفضل، قال الله تعالى  وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَىٰ  [البقرة:203] المراد باليومين الحادي عشر والثاني عشر، بعض العامة يغلط، يعد يوم العيد، يوم العيد يجعله اليوم الأول الحادي عشر، ثم يريد أن ينصرف في اليوم الثاني عشر، هذا غلط يوم العيد ليس من أيام التشريق،  وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ  هما الحادي عشر والثاني عشر  وَمَن تَأَخَّرَ  يعني اليوم الثالث عشر فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ

هذا كيفية التمتع، والمتمتع إذا طاف طواف الإفاضة يوم العيد، لابد أن يسعى بين الصفا والمروة، لابد أن يسعى بين الصفا والمروة, لابد أن يسعى بين الصفا والمروة سعي الحج، لأن طوافه الأول وسعيه الأول للعمرة، وطوافه يوم العيد وسعيه يوم العيد للحج، والحج مستقل، منفصل عن العمرة، لأنه طاف وسعى وقص للعمرة وتحلل، ثم أحرم بالحج، وطاف، وسعى، وقصر وتحلل يوم العيد، هذا كيفية التمتع، وعليه هدي يذبحه يوم العيد، شكراً لله حيث وفقه لأداء نُسكين في سفرة واحده، وأما القارن فإنه إذا وصل إلى الميقات كما سبق واغتسل وتنظف وتطيب، نوى بقلبه الدخول في العمرة والحج.

هذا الآن كيفية النسك الثاني

النسك الثاني القران: النسك الثاني القران, القران إذا وصل إلأى أحد المواقيت الخمسة وأغتسل وتطيب وصلى نوى بقلبه الدخول في العمرة والحج جميعاً، فإذا نوى بقلبه الدخول في العمرة والحج صار قارناً، ثم بعد ذلك يذكر نُسكه في تلبيته فيقول "لبيك عمرة وحجا" أو " اللهم لبيك عمرة وحجا" أو " أوجبت عمرة وحجا"

 ومما يذكره بعض الفقهاء، الفقهاء المتأخرون، من قول "اللهم أني أريد الحج" أو "اللهم أني أريد العمرة فيسرها لي وتقبلها مني" ، هذا ليس بصحيح، لأن التلفظ بالنية ليس له أصل، ما يتلفظ بالنية، النية في القلب، ولكنه يذكر نيته في نسكه فيقول " لبيك اللهم حجاً وعمرة" أو " اللهم لبيك حجة وعمرة"  أو " لبيك اللهم عمرة وحجاً" أو " لبيك عمرة وحجاً"  أو " أوجبت عمرة وحجاً" وإن كان خائفاً من عدم أتمامه نسكه لكونه يخشى من مرض أو غيره، فإنه يشترط على ربه فيقول "وإن حبسني حابس فمحلي حيثُ حبستني" لأن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي ﷺ قالت: "يا رسول الله أني أريد الحج، وأنا شاكية" يعني مريضة قال حجي واشترطي، وقولي محلي حيثُ حبستني فإن لك على ربك ما استثنيتي أما إذا لم يكن خائفاً فلا يشترط وليحسن الظن بالله، هذا هو الذي أقره المحققون من أهل العلم، كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، وأما الفقهاء، كثير من الفقهاء يقولون كل إنسان يشترط، أخذاً من الحديث كل إنسان يشترط يقول وإن حبسني حابس، فمحلي حيث حبستني

لكن الدليل أنما خاص، خاص بمن كان يخشى، لأن النبي ﷺ والصحابة ما اشترطوا، اشترطت ضباعة بنت الزبير، فحينئذ يكون قد دخل في العمرة والحج، ثم يقول لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، أن الحمد والنعمة لك، والملك، لا شريك لك ولا يزال يلبي حتى يصل إلى البيت، فإذا وصل إلى البيت فإنه يطوف بالبيت سبعة أشواط، لكن هذا الطواف ليس طواف العمرة وليس طواف الحج، ما هو هذا الطواف؟ طواف القدوم، مستحب، سنه، مثل إذا دخلت المسجد وصليت ركعتين تحية المسجد، هذا الطواف ليس طواف العمرة، وليس طواف الحج، بخلاف المتمتع، النسك الأول طواف العمرة فرض، أين طواف القدوم بالنسبة للمتمتع؟ سقط، طواف القدوم يسقط، فيكفي عنه طواف العمرة، طواف العمرة يكفي عن طواف القدوم، كما لو دخل الإنسان وقد أقيمت الصلاة سقطت تحية المسجد تكفي عنها الفريضة، أما القارن فأنه يطوف طواف القدوم مستحب، سنة، ليس طواف العمرة ولا طواف الحج، طواف العمرة وطواف الحج متى يكون؟ يكون يوم العيد طواف واحد وسعي واحد، لأن الحج و العمرة الآن دخل أحدهما في الآخر، لقول النبي ﷺ  دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ([19]) العمرة غير منفصلة عن الحج، بخلاف المتمتع، فإن المتمتع عمرته منفصلة مستقلة، لها طواف وسعي وتقصير خاص، أما القارن فالعمرة داخلة في الحج، ليست منفصلة، فلهذا لا يجب عليه إلا طواف واحد وسعي واحد، للحج والعمرة، أما الطواف الأول الذي يقدم به مكة هذا طواف القدوم، سنة يطوف بالبيت سبعة أشواط، ويبقى على احرامه لا يتحلل إلا يوم العيد، وإن أحب أن يسعى بعد طواف القدوم سعي العمرة والحج فله ذلك، إذا سعى بعد طواف القدوم بين الصفا والمروة هذا سعي الحج والعمرة، وإن أحب أن يؤخره مع طواف الإفاضة يوم العيد فلا حرج، أما طواف الإفاضة فلا يكون إلا يوم العيد، طواف الإفاضة يكون يوم العيد، يطوف للإفاضة سبعة أشواط، بنية طواف الإفاضة، ويكون هذا هو طواف العمرة والحج، وإذا سعى بعده بين الصفا والمروة سبعة أشواط، هذا سعي العمرة والحج؛ السعي هو بالخيار، إن أحب أن يقدمه مع طواف القدوم، أو يؤخره مع طواف الإفاضة، أو يؤخره مع طواف الوداع، هو سعي واحد يأتيه بعد طواف، بعد طواف مشروع.

والأطوفة المشروعة ثلاثة، طواف القدوم، وطواف الإفاضةـ، وطواف الوداع، تأتي بالسعي بعد واحد من الأطوفة الثلاثة، بعد طواف القدوم أو بعد طواف الإفاضة، أو بعد طواف الوداع.

هذا السعي للحج والعمرة، وأما طواف الحج والعمرة هذا يكون يوم العيد، والطواف الأول الذي تقدمه بمكة هذا طواف القدوم، سنة، طواف القدوم سنة يوم القدوم، وطواف الإفاضة ركن من أركان الحج يوم العيد، وطواف الوداع عند السفر واجب، الطواف الأول مستحب، والطواف الثاني ركن، والطواف الثالث واجب، طيب.

فهذا القارن ليس عليه إلا طواف واحد، وسعي واحد لحجه وعمرته ، فإذا طاف طواف القدوم إن أحب أن يسعى سعي الحج والعمرة فلهُ ذلك، وإن أحب أن يؤخره مع طواف الإفاضة فله ذلك، ثم يبقى على إحرامه حتى يأتي اليوم الثامن من ذي الحجة، ولا يتحلل فإذا جاء اليوم الثامن من ذي الحجة، ذهب إلى منى مستديماً بإحرامه، ملبياً، ويفعل كما يفعل المتمتع، يصلي بمنى خمس صلوات، ويقف بعرفه إلى غروب الشمس، ويبيت بمزدلفة، ويدفع إلى منى، ويرمي جمرة العقبة، ثم يرمي جمرة العقبة، ثم يذبح هديه، عليه هدي يذبحه، ثم يحلق رأسه، ثم يطوف بالبيت طواف الإفاضة، ثم يسعى سعي العمرة، والحج، ثم يبيت بمنى ثلاث ليال إن تأخر، وليلتين إن تعجل، في كل يوم يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال، ثم يطوف بالبيت طواف الوداع، وينصرف إلى أهله، هذا القارن.

ويلاحظ الفرق بين المتمتع والقارن: المتمتع عليه طوافان وسعيان، طواف للعمرة وسعي للعمرة، وطواف للحج وسعي للحج، القارن ليس عليه إلا طواف واحد وسعي واحد.

 المتمتع والقارن كل منهما عليه هدي يذبحه يوم العيد، لأن كل منهما حصل على نسكين في سفرةً واحده، فهذا الدم يذبحه شكراً لله، حيث حصل على نسكين في سفرة واحدة، إلا أن المتمتع عمرته مستقلة، منفصلة عن الحج، والقارن عمرته داخلة في الحج، أما المفرد فإنه إذا وصل إلى أحد الميقات الخمس وأغتسل وتنظف وتطيب، نوى بقلبه الدخول في الحج فقط، فإذا نوى بقلبه الدخول في الحج، حينئذ أحرم، الإحرام هو نية الدخول في النسك، إذا نوى بقلبه الدخول في الحج أحرم ثم بعد ذلك يذكر نسكه في تلبيته، فيقول " لبيك حجاً " أو " اللهم لبيك حجاً " أو " أوجبتُ حجاً"، ثم يلبي بتلبية رسول الله ﷺ فيقول لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، والملك، لا شريك لك فإذا وصل إلى البيت طاف بالبيت طواف القدوم، مثل القارن ليس طواف الحج ولا طواف العمرة، ثم إن أحب أن يسعى مع طواف القدوم سعي الحج، وإن أحب أن يؤخره مع طواف الإفاضة وإن أحب أن يؤخره مع طواف الوداع فلا حرج، سعي واحد.

وطواف الحج يكون يوم العيد، أما هذا الطواف الأول فهو طواف القدوم، ويفعل مثل ما فعل القارن والمتمتع، يذهب إلى منى وعرفه ومزدلفة، في يوم العيد يرمي جمرة العقبة، ثم يحلق رأسه وليس عليه ذبح، ما عليه هدي المفرد ما عليه هدي، يرمي جمرة العقبة ثم يحلق رأسه ثم يتحلل ثم يطوف بالبيت طواف الحج ثم يسعى سعي الحج.

والفرق بين القارن والمفرد الفرق بينهما:

 أولاً: النية, القارن نوى حج وعمرة، والمفرد نوى حج فقط.

ثانياً : القارن عليه هدي يذبحه يوم العيد، والمفرد ليس عليه هدي يذبحه يوم العيد.

 وأما الأعمال فهي ثابتة، واحد، أعمال المفرد وأعمال القارن سواء لا فرق، كل منهما عليه طواف واحد وسعي واحد، لكن الفرق النية هذا القارن نوى عمرة وحج والمفرد نوى حجاً، والفرق الثاني الذبح، المتمتع عليه هدي يذبحه يوم العيد, القارن, والمفرد ليس عليه هدي، لأنه لم يحصل إلا على نسك واحد.

هذه هي كيفية الانساك الثلاثة مختصره، بالتفصيلات الأخرى تطول، ولكن حسبي أن أقف عند هذا الحد وأفسح المجال للأسئلة، وأسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، وأسأل الله أن يرزقنا جميعاً الإخلاص في العمل، والصدق في القول، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وعلى هدي نبيه الكريم، وأن يتوفانا على الإسلام، غير مغيرين ولا مبدلين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وبارك على عبد الله ونبيه محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين.

 

 


 

([1])صحيح مسلم (4/ 2074)، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، رقم: 2699.

([2])صحيح البخاري (1/ 11)، باب قول النبي ﷺ، رقم: 8.

([3])صحيح مسلم (2/ 974)، باب صحة حج الصبي وأجر من حج به، رقم: 1336.

([4])السنن الكبرى للبيهقي (4/ 533)، باب إثبات فرض الحج على من استطاع، رقم: 8613.

([5])صحيح البخاري (2/ 134)، باب مهل أهل الشأم، رقم: 1526.

([6])صحيح البخاري (3/ 107)، باب من أحيا أرضا مواتا، رقم: 2337.

([7])صحيح البخاري (2/ 138)، باب التلبية، رقم: 1549.

([8])سنن أبي داود (2/ 183)، باب صفة حجة النبي ﷺ، رقم: 1905.

([9])صحيح البخاري (2/ 138)، باب التلبية، رقم: 1549.

([10])   صحيح البخاري (1/ 6)، باب كيف كان بدء الوحي، رقم: 1.

([11])   السنن الكبرى للنسائي (4/ 161)، باب الأمر بالسكينه في الإفاضه من عرفة، رقم: 4002.

([12])  صحيح مسلم (2/ 888)،باب حجه النبي ﷺ، رقم:  1218.

([13])  صحيح البخاري (7/ 162)،باب التلبيه، رقم: 5915.

([14])  صحيح البخاري (5/ 177)، باب حجه الوداع، رقم: 4405.

([15])  صحيح البخاري (2/ 166)،باب متى يصلي الفجر بجمعه، رقم: 1682.

([16]) سنن النسائي (5/ 268)،باب ألتقاط الحصي، رقم: 3057.

([17]) سنن أبي داود (2/ 179) باب في الرمل، رقم: 1888.

([18])صحيح مسلم (2/ 946)، باب تفضيل الحلق على التقصير، رقم: 1302.

([19])  سنن أبي داود (2/ 156)،باب في إفراد الحج ، رقم: 1790.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد