بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني، أشهد أنه رسول الله إلى الناس كافة، إلى العرب والعجم، إلى الجن والإنس، وأنه خاتم النبيين، وأنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه من ربه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين، وعلى آله، وعلى أصحابه، وعلى أتباعه بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد.
فإني أحمد الله إليكم، وأثني عليه الخير كله، وأسأله المزيد من فضله، وأسأله – سبحانه وتعالى – أن يصلح قلوبنا، وأعمالنا، ونياتنا، وذرياتنا، كما أسأله – سبحانه وتعالى – أن يجعل هذا الجمع المبارك اجتماعًا مرحومًا، وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقًا معصومًا، وأن لا يجعل فينا ولا منا شقيًّا ولا محرومًا، وأسأله – سبحانه وتعالى – أن يجعل مجلسنا هذا مجلس خيرٍ وعلمٍ ورحمة، تنزل عليه السكينة، وتغشاه الرحمة، وتحفه الملائكة، ويذكره الله تعالى فيمن عنده، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة – – أن النبي – ﷺ – قال: ومَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ([1]).
أيها الإخوان، إنها لساعة مباركة، وإنها فرصة طيبة، حيث أجتمع بإخوان لي، وأبناء أعزاء، نتدارس، ونتذاكر، ونتعلم، ونستفيد، ونتفقه، ونتبصر في شريعة الله – عز وجل – وهذا من علامة الخير، ومن علامات إرادة الله الخير للعبد أن يوفقه لسلوك طريق العلم، فيتفقه ويتبصر في شريعة الله، فيعبد الله على بصيرة، فقد ثبت في الصحيحين من حديث معاوية بن أبي سفيان – – أن النبي – ﷺ – قال: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، قال العلماء: هذا الحديث له منطوق، وله مفهوم، فمنطوق هذا الحديث أن من فقهه الله في الدين فقد أراد به خيرًا، ومفهومه أن من لم يفقهه الله في الدين لم يرد به خيرًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فعلامات إرادة الله الخير للعبد أن يوفقه للتفقه والتبصر، فيتفقه في أسماء الله وصفاته ويتفقه في معاني كتابه العزيز، ويتفقه في معاني أحاديث سيد المرسلين – عليه الصلاة والسلام – ومن ثم يعبد الله على بصيرة، فيكون هذا هو سبيل السعادة والنجاة، سبيل السعادة والنجاة أن تتبصر وتتفقه في شريعة الله، ثم تعبد الله على بصيرة، والعبادة, وعبادة الله على بصيرة لا بد في العبادة التي يتعبد بها المسلم لله – عز وجل – لا بد فيها من أمرين أساسيين حتى تكون العبادة صحيحة ونافعة ومقبولة عند الله:
الأمر الأول: أن يكون هذا العمل وهذه العبادة التي تعبد الله بها و تتقرب إلى الله بها، أن يكون خالصًا لوجه الله، مرادًا به وجه الله والدار الآخرة، يتعلم الإنسان، ويتفقه، ويتبصر، يريد بذلك وجه الله، يريد ثواب الله، يريد امتثال أمر الله، لا لغرضٍ آخر، لا يريد الدنيا وحطامها، ولا يريد الشهرة، ولا يريد المباهاة، ولا يريد أي مقصدٍ آخر، وإنما يقصد وجه الله والدار الآخرة.
والأمر الثاني: أن تكون هذه العبادة التي تتقرب بها إلى الله - عز وجل – موافقة لشرع الله، وصوابًا على هدي رسول الله – ﷺ – المسلم يتعبد لله بالصلاة، والصيام، والزكاة، والحج وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران، ويتعامل مع والديه، ويتعامل مع أولاده، وبتعامل مع جيرانه، ويتعامل مع إخوانه المسلمين، لا بد أن يكون هذا العمل وهذه العبادة التي تتقرب بها إلى الله، يتوفر فيها هذان الأمران، وهذان الركنان، أن يكون مرادك من برك والديك، من صلاتك، من صيامك، من زكاتك، من حجك، تريد وجه الله والدار الآخرة، تريد ثواب الله، تريد مغفرة الله، تريد النجاة من غضب الله، تريد السعادة الأبدية، تقصد وجه الله والدار الآخرة، أما إذا قصدت من عملك الدنيا، أو مراءاة، أو الشهرة، فإن العمل يكون مردود، سئل النبي – ﷺ – كما ثبت في الحدث الصحيح، عن الرجل يقاتل الكفار، يقاتل رياءً، ويقاتل حمية، ويقاتل ليرى مكانه، ويقاتل لأجل المال، لأجل الغنيمة، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ([2])، لا بد أن تقصد بعملك وجه الله، إذا قصدت بهذا العمل الذي تعبد الله به الدنيا، أو مراءاة أو الجاه، فإن هذا العمل مردود وباطل، حابط، إذا أردت بهذا العمل الدنيا، إذا أردت مراءاة الناس، إذا أردت مثلًا شخص يقاتل الكفار، لكن يقاتلهم حمية، أو يقاتلهم حمية لرابطة الدم، أو للقومية، ما يكون في سبيل الله، تكون ميتته ميتة الجاهلية، متى يكون في سبيل الله؟ إذا قاتل لإعلاء كلمة الله،مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ([3])، إذًا لا بد من إصلاح النية.
قال تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[هود:15-16]، ما الذي جعل أعمالهم حبطت؟ لأنهم أرادوا الدنيا، ما أرادوا وجه الله، مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ[هود:15]، يعني إذا أرادوا الدنيا وزينتها، فالله يعطيه من الدنيا ما يريد، ثم يفضي إلى الآخرة وليس له إلا النار، وأيضًا كونه يعطى من الدنيا ليس كل أحدٍ يعطى من الدنيا، هذه الآية مقيدة بآية، هذه الآية وهي آية هود، مقيدة بآية الإسراء، آية الإسراء وهي قوله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ[الإسراء:18]، ليس لكل أحد، لمن أراد الله، إذا أراد الدنيا أعطاه من الدنيا إذا أراد، وإذا لم يرد، فلا يعطى له الدنيا، يفوته الدنيا والآخرة، والعياذ بالله.
مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ[الإسراء:18]، هذه الآية قيدت آية هود، فآية هود وهي قوله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ[هود:15]، بين الله فيها أن من أراد الدنيا أعطي الدنيا، ولكن هذا مقيد بآية الإسراء، وهي قوله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ[الإسراء:18]، إذًا من أراد الدنيا قد يعطى الدنيا، وقد لا يعطى، ثم يفضي إلى الآخرة ولا ثواب له.
من أراد الدنيا، الذين يريدون الدنيا قسمان، قسم يعطيهم الله الدنيا، ثم يفضون إلى الآخرة، ولا ثواب لهم، وقسم لا يعطون الدنيا ولا الآخرة، لأن الله قال: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ[الإسراء:18]، إذًا من لم يرد بعمله وجه الله، فعمله حابط، وباطل، والأمر الثاني أن يكون العمل موافق لشريعة الله، وصواب على هدي رسول الله، كل عمل تعمله، فتش في عملك، في عبادتك، صلاتك، صيامك، زكاتك، حجك، برك للوالدين، صلتك للرحم، معاملتك مع الناس، كفك الأذى عن الناس، لا بد أن يتوافر فيه هذان الأمران: أن يكون مقصدك وجه الله، وأن يكون العمل موافقًا للشرع، وهذان الأمران دلت عليهما أدلة ونصوص كثيرة من كتاب الله، وسنة رسوله – ﷺ – قال الله تعالى في كتابه العظيم: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[الكهف:110]، والعمل الصالح هو الموافق للشرع، والعمل الذي ليس فيه شرك هو الخالص لله، وقال تعالى: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى[لقمان:22]، وإسلام الوجه هو إخلاص العمل لله، والإحسان هو أن يكون العمل موافقًا للشرع، إذًا لا بد من الأمرين، وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى[لقمان:22]، وقال سبحانه: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ[البقرة:112]، (بلا من أسلم وجهه) وإسلام الوجه هو إخلاص العمل لله، (وهو محسن) أن يكون العمل موافقًا للشرع، إذًا لا بد من هذين الأمرين.
إذا تخلف الأمر الأول، وهو أن يكون العمل خالصًا لله، حل محله الشرك، إذا تخلف الأمر الأول، الأمر الأول ما هو؟ أن يكون العمل لله، مرادًا به وجه الله، إذا تخلف هذا الركن، أو هذا الأساس، أو هذا الشرط، حل محله الشرك، والأمر الثاني أن يكون العمل موافقًا للشرع، إذا تخلف هذا الأمر الثاني، حل محله البدعة، لا بد أن يكون العمل خالصًا لله ليس فيه شرك، ولا بد أن يكون العمل موافقًا للشرع، ليس فيه بدعة، والأمر الأول وهو أن يكون العمل خالصًا لله، هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله أن يكون العمل لله، وشهادة أن لا إله إلا الله هي أصل الدين، وأساس الملة، أصل الدين وأساس الملة أن يعبد الله وحده، ولا يشرك به شيء، هذا أصل الدين وأساس الملة، فيقول الإنسان أشهد أن لا إله إلا الله، لا إله إلا الله كلمة التوحيد، وهي الكلمة التي يدخل بها الإنسان في الإسلام، وهي أول ما يدخل به في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا، وهي كلمة التوحيد التي تقي قائلها الشرك، وهي العروة الوثقى، ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة، والمقصود من هذه الكلمة ليس التلفظ فقط، بل المعنى والعمل جميعًا، لا بد للمسلم أن يعرف معنى هذه الكلمة (لا إله إلا الله) معناها لا معبود حقٌّ إلا الله، معنى هذه الكلمة لا اله إلا الله لا معبود حق إلا الله, فالإله هو المعبود، لا إله إلا الله، لا معبود بحق إلا الله، والعبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، العبادة هي الأوامر والنواهي في الشريعة الإسلامية في الكتاب والسنة، الأمر تمتثل الأمر فتفعله، وتترك النهي، فتنتهي عن النهي، فتكون متعبدًا لله، فالتعبد إلى الله بفعل الأوامر وترك النواهي، والأوامر نوعان: أمر إيجاب، وأمر استحباب، فأمر الإيجاب مثل قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ[البقرة:43]، اقيموا الصلاة، فأنت تعبد الله بإقامة الصلاة امتثالًا للأمر، هذا واجب، والنوع الثاني من الأمر المستحب، كقوله عليه الصلاة والسلام:لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ ([4])، يعني لأمرتهم أمر إيجاب، وإلا فقد أمرهم أمر استحباب، إذًا العبادة أن تفعل الأوامر وتترك النواهي، والأوامر نوعان، منها ما هو أمر إيجاب، كقوله تعالى: أَقِيمُوا الصَّلاةَ[البقرة:43]، أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[المائدة:1]، أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ[الرحمن:9]، وهكذا، أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43]، هذه أوامر واجبة لا بد من أدائها، وقد يكون الأمر أمر استحباب، مستحب، كالأمر بالسواك عند كل صلاة، هذا أمر مستحب، فأنت تعبد الله بفعل الأوامر الواجبة، وبفعل الأوامر المستحبة، وتعبد الله بترك النواهي أيضًا، تكف نفسك عن النواهي، عن المحرمات، والنواهي نوعان: النوع الأول نهي تحريم، كقوله تعالى: لا تَقْرَبُوا الزِّنَى[الإسراء:32]، فأن تترك هذا يجب، يحرم على الإنسان أن يفعل الزنا، لا تَقْرَبُوا الزِّنَى[الإسراء:32]، لا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ[الأنعام:151]، لا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ[الرحمن:9]، لا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ[النحل:116]، هذه نواهي، نواهٍ نهي تحريم، يحرم على الإنسان أن يفعلها، وقد يكون النهي نهي للتنزيه، ليس للتحريم، كنهيه – ﷺ – عن الحديث بعد صلاة العشاء، وكان يكره النوم قبلها، صلاة العشاء، والحديث بعدها هذا نهي تنزيه، فهذه هي العبادة، العبادة أن تفعل الأوامر، وتترك النواهي، تفعل الأوامر سواء كانت أمر إيجاب أو أمر استحباب، وتترك النواهي سواء كان نهي تحريم، أو نهي تنزيه، فتكون عابدًا لله.
إذًا العبادة حق الله – عز وجل – إذا وحدت الله، وأفردت الله بالعبادة فأنت موحد، وحققت معنى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، فإن معناها لا معبود حق إلا الله، فإذا وحدت الله، وأخلصت له العبادة، ولم تصرف نوعًا من أنواع العبادة لغير الله، فأنت موحد، هذا التوحيد، وإذا صرفت نوعًا من أنواع العبادة لغير الله وقع الإنسان في الشرك.
إذًا الأصل الأول هو معنى (شهادة أن لا إله إلا الله) لا معبود حق إلا الله، وإذا تخلف هذا الأصل حل محله الشرك، ويدل عليه من السنة ما ثبت في الصحيحين عن النبي - ﷺ - أنه قال: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ([5])، الأعمال بالنيات، العمل بالنية، فأنت تعبد الله بالصلاة، فلا تصلِّ إلا لله، تعبد الله بالزكاة، فلا تزك ِّإلا لله، تعبد الله بالصيام، فلا تصوم إلا لله، تعبد الله بالحج، فلا تحج إلا لله، تعبد الله ببر الوالدين فلا تبر والديك من أجل الدنيا أو من أجل الناس، أو من أجل السمعة، تبر والديك لله، امتثالًا لأمر الله، تعبد الله بصلة الرحم، تعبد الله بالإحسان إلى الجيران، تعبد الله بأن تعامل الناس معاملة حسنة، تعبد الله بأداء الأمانة، وكذلك أيضًا تعبد الله بترك النواهي، تعبد الله بترك الشرك الذي هو أعظم الذنوب والمعاصي، تعبد الله بترك الزنى، أنت تترك الزنى خوفًا من الله، تعبد الله بترك التعامل بالربا، تعبد الله بترك أخذ الرشوة، تعبد الله بترك الزنى، تعبد الله بترك اللواط، تعبد الله بترك الغيبة، تعبد الله بترك النميمة، تعبد الله بترك شهادة الزور، وهكذا، فالمسلم يعبد الله بفعل الأوامر واجتناب النواهي، يريد بذلك وجه الله والدار الآخرة، يريد بذلك رضا الله، يريد بذلك السلامة من عذاب الله وسخطه، السلامة من النار، يريد بذلك ثواب الله ورضاه ودخول جنته، والتمتع بدار كرامته، هكذا المسلم، هذا هو طريق السعادة، وطريق النجاة أن تعبد الله مخلصًا له الدين، فتخلص له العبادة، أما إذا وقع في عمل الإنسان شرك فإنه يبطل العمل ويحبط، إذا وقع فيه، تعبد الله بالدعاء، تعبد الله بالذبح لا تدعو إلا الله، تعبد الله بالذبح، لا تذبح إلا لله، تعبد الله بالنذر، فلا تنذر إلا لله، تعبد الله بالطواف بالبيت، فلا تطوف إلا ببيت الله تقربًا إلى الله، وهكذا.
فإذا صرف الإنسان نوعًا من أنواع العبادة إلى غير الله، بطل العمل وحبط، وصار الإنسان مشركًا، وصار من أهل النار لو مات على ذلك، فإذا دعا غير الله، المسلم يدعو الله: (اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، اللهم أدخلني الجنة، اللهم نجني من النار، اللهم انصرني على عدوي)، هذا المسلم، يوحد الله بالدعاء، فإذا دعا غير الله وقع في الشرك، لو قال: يا رسول الله، أغثني، أو قال: يا سيدي البدوي، أو يا سيدي الدسوقي، أو يا ابن علوان، أو يا فلان، أغثني، يدعو صاحب القبر، فرج كربتي، وقع في الشرك، بطل عمله، وبطلت صلاته، وصيامه، وزكاته، وحجه، وبره للوالدين، وإذا مات على ذلك صار من أهل النار، وانتقل من كونه مسلم فصار وثنيًّا، لأنه أشرك بالله - عز وجل – وإذا مات على ذلك صار من أهل النار، إلا إذا تاب قبل الموت، إذا تاب، ندم على ما مضى، وترك الشرك، وعزم على أن لا يعود إليه، ووحد الله، وأخلص له العبادة، ومات على ذلك، صار من أهل التوحيد، أما إذا استمر على شركه حتى جاءه الموت، فإنه يكون من أهل النار، وعمله حابط، وهو مخلد في النار، ولا نصيب له في الرحمة، ولا يستطيع أن ينقذ نفسه، ولا ينقذه أحد من عذاب الله، لو اجتمع الناس كلهم أهل الدنيا على أن ينقذوه، فلا يستطيعون أن ينقذوه، ولو أراد أن يفتدي بملء الدنيا ذهب على أن يفتدي، وينقذ نفسه من النار ما استطاع، وعمله حابط، قال الله تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[المائدة:5]، وقال تعالى: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا[النساء:48]،وقال: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا[النساء:116]، وقال: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا[الفرقان:23]، وقال: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[الأنعام:88]، والجنة على المشرك حرام، قال الله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ[المائدة:72]، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي – ﷺ – أمر مناديًا ينادي في بعض الغزوات إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، وبهذا يتبين للإنسان أهمية هذا الأمر وهو التوحيد وإخلاص الدين لله، والحذر من الشرك الذي يبطل الأعمال، والشرك قد يكون قول وقد يكون فعل، وقد يكون ترك، وقد يكون اعتقاد، وقد يكون شك، إذا وقع الشرك في العمل بطل وحبط، بطل الإيمان وحبط، مثال ذلك، مثله في ذلك مثل الإنسان الذي توضأ، إذا توضأ وأحسن الوضوء، وتطهر وأحسن الطهارة، ثم خرج منه البول أو الغائط أو الريح، بطلت الطهارة، وصار محدثًا، فكذلك إذا كان الإنسان موحد يقول لا إله إلا الله، ويصلي ويصوم ويحج، ثم وقع في عمله شرك، دعا غير الله، أو ذبح لغير الله، أو نذر لغير الله، بطل العمل وحبط، وصار انتقل من كونه مسلم إلى كونه من أهل الأوثان، نسأل الله السلامة والعافية.
فلا بد من العناية بهذا الأمر العظيم، وهو التوحيد، وإخلاص الدين لله، العمل، الشرك الذي يبطل الأعمال قد يكون بالقول، كأن يدعو غير الله، يقول: (يا رسول الله أغثني، يا فلان، فرج كربتي)، وقد يكون عمل، كأن يذبح ذبيحة لغير الله، يذبح ذبيحة لصاحب القبر، أو للرسول، أو للقمر أو للنجم، فيكون مشرك، أو يطوف بغير بيت الله تقربًا لذلك الغير، أو ينذر، يقول: إن شفا الله مريضي لأذبحن ذبيحة للولي الفلاني صاحب القبر، أو لأتصدقن بدراهم أو جنيهات على روح فلان، هذا شرك، وقد يكون الشرك أيضًا عمل مثل السجود للصنم، يكون هذا مشرك إذا سجد لغير الله، قد يكون الشرك اعتقاد، عقيدة، كأن يعتقد أن لله صاحبة أو ولدًا، أو يعتقد أن هناك مدبر لهذا الكون مع الله، أو يعتقد أن هناك أحدًا يستحق العبادة مع الله – عز وجل – أو يعتقد أن لله شريكًا في الربوبية، أو في الألوهية، أو في الأسماء والصفات، أو يجحد أمرًا معلوم من الدين بالضرورة، كأن يعتقد أن الصلاة غير واجبة، يجحد وجوب الصلاة، أو يجحد وجوب الزكاة، أو يجحد وجوب الصوم، أو يجحد وجوب الحج، لأن هذه فرائض أمور معلومة من الدين بالضرورة، فمن أنكر شيئًا منها وجوبه كفر، كأن ينكر وجوب الصلاة، ينكر وجوب الزكاة، وجوب الصوم، وجوب الحج، وجوب بر الوالدين، ينكر وجوب صلة الرحم، فيكون مشرك، يكون مرتد بهذا، ويكون مشركًا، أو يجحد أمر معلوم من الدين بالضرورة تحريمه، كأن ينكر تحريم الزنى، يرى يعتقد أن الزنى حلال، أو ينكر تحريم الربا، يرى أن الربا حلال، أو يعتقد أن شهادة الزور حلال، أو يعتقد أن عقوق الوالدين حلال، أو قطيعة الرحم حلال، فيكفر بهذا، يكون مرتد.
لكن إذا أنكر أمر مختلف فيه، فلا يكفر، أنكر مثلاً أمر الوضوء من أكل لحم الإبل، أو أنكر مثلًا تحريم الدخان، وإن كان الدخان محرم، الدخان محرم، لكن قد يخفى هذا على بعض الناس، وفد يجد من يفتيه بعدم تحريم الدخان، فلا يكفر في هذا الحالة، لأن الدخان قد يخفى أمره، بخلاف تحريم الخمر، الخمر أمر معلوم من الدين بالضرورة تحريمه، فلو أنكر تحريم شرب الخمر كفر، لأن هذا ما فيه خلاف، أو أنكر تحريم الزنى أو تحريم عقوق الوالدين وهكذا، وبهذا يتبين للمسلم أنه يجب على الإنسان أن يوحد الله، ويخلص له العبادة، وأن يحذر من الشرك الذي ينقض العمل، ويبطله، وينقض التوحيد، سواء كان الشرك في الأقوال، أو في الأعمال، أو في العقيدة، أو في الشك، كأن يشك في ربوبية الله، يشك في الجنة، يشك في النار، كأن يقول: ما أدري فيه جنة وإلا ما فيه نار، ما أدري، يشك في الملائكة، أو يشك في البعث، يقول: ما أدري فيه بعث، وإلا ما فيه بعث، فيكفر بهذا, لا بد من الإيمان بالبعث، والإيمان بالجنة، والإيمان بالنار، والإيمان بالملائكة، والإيمان بالكتب، والإيمان بالرسل، من لم يؤمن بالكتب المنزلة، أو بالرسل، أو بالملائكة، أو بالبعث، أو بالجزاء، أو بالحساب، أو بالجنة وبالنار، كفر، هذه أمور معلومة من الدين بالضرورة، فلا بد للمسلم أن يحرص على تحقيق التوحيد، وتخليصه، وتنقيته من شوائب الشرك.
وهناك نوع من الشرك يسمى الشرك الأصغر، لا يحبط الأعمال، ولكنه ينقص التوحيد، ويضعف التوحيد والإيمان، ويبطل العمل الذي قارنه فقط، الشرك الأكبر يبطل الأعمال كلها، والشرك الأصغر يبطل العمل الذي قارنه فقط، ولا يُخرج صاحبه من الملة، مثل الحلف بغير الله، كأن يحلف بالنبي، والنبي، أو يحلف بحياتك، أو لحيتك، أو شرفك، أو أبيك، هذا شرك أصغر، يقول النبي ﷺ : مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كفَرَ أو أَشْرَكَ ([6])، ومن ذلك أيضًا التسوية بين الخالق والمخلوق بالواو، كأن يقول: (لولا الله وأنت، ما لي إلا الله وأنت، وأنا بالله وبك، وأعوذ بالله وبك) هذا تشريك الخالق والمخلوق، أو ما شاء الله وشئت هذا من الشرك الأصغر، ولكن يأتي بكلمة (ثم)، يقول: ما شاء الله ثم شئت، لولا الله ثم أنت، ما لي إلا الله ثم أنت، والفرق بينهما أن الواو تفيد التشريك والمساواة بين المعطوف والمعطوف عليه، أما ثم فإنها للترتيب والتراخي، فيأتي المعطوف بعد المعطوف عليه بمهلة وتراخي، ومن ذلك أيضًا تعليق التمائم، من الشرك الأصغر، تعليق التمائم يعتقد أنها سبب، يعلق في رقبته أو في يده خيط أو حجاب مكتوب فيه كتابة، يعتقد أنه سبب في دفع العين، فهذا من الشرك الأصغر، أو يضع حلقة في يده يعتقد أنها تدقع البلاء، قال عليه الصلاة والسلام: مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً، فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً، فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ ([7])، وقال عليه الصلاة والسلام: مَنْ نعَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ ([8])، وقد رأى النبي – ﷺ – في يد رجل حلقة من صفر، فقال: ما هذا ؟ قال: من الواهنة، يعني جعلته لدفع الواهنة، والواهنة مرض يأخذ في العضد في الرجال، فقال عليه الصلاة والسلام: « انْزِعْهَا فَإِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا »([9])، فإنك لو مت وهي عليك، ما أفلحت أبدًا, فلا بد من اجتناب الشرك الأصغر، ومن ذلك الرياء، يرائي الناس بعمله، يزين صلاته من أجل الناس، قال عليه الصلاة والسلام: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ ([10])، فسئل عنه، فقال: «الرِّيَاء»، يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه، وكذلك أيضًا التسميع في القراءة، يسمع الناس، يحسن صوته من أجل الناس، أو يعظ الناس من أجل مراءتهم، قال عليه الصلاة والسلام: « مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ »([11])، وفي الحديث: من صَلَّى يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ صَامَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ حج يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ ([12])، فلا بد من اجتناب الشرك الأصغر والأكبر، الشرك الأكبر كما سبق يحبط الأعمال، والشرك الأصغر يحبط العمل الذي قارنه فقط.
ثم بعد ذلك الكبائر، يترك الإنسان الكبائر، الكبائر التي توعد عليها بالنار، أو اللعنة، أو الغضب في الآخرة، أو وجب فيه حد في الدنيا، أو نفي عن صاحبه الإيمان، أو تبرأ منه النبي – ﷺ – أو قال فيه ليس منا، هذا من الكبائر، وما وجب فيه حد في الدنيا مثل السرقة، فيها حد وهو قطع اليد، إذًا هي من الكبائر، مثل الزنى فيه الجلد أو الرجم من الكبائر، مثل القتل توعد عليه بالنار واللعنة والغضب، وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا[النساء:93]، هذا من الكبائر، ومثل أكل مال اليتيم من الكبائر، قال الله تعالى: إن الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا[النساء:10]، ومثل قول النبي عليه الصلاة والسلام أن النبي برئ من الحالقة والصالقة والشاقة، فالحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة، والصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة، والشاقة التي تشق ثوبها عند المصيبة، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ ([13])، هذه كبائر ، لا بد من تركها، كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وشهادة الزور، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، هذه كبائر، ومن ذلك أيضًا السحر، السحر أيضًا الذي يتصل فاعله بالشياطين من الشرك الأكبر، فلا يجوز للإنسان، من عمل السحر، أو رضي به، أو تعلمه، أو علمه فهو مشرك، ولهذا قال النبي ﷺ : اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ ([14])، قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ ([15])، فإذا اجتنب المسلم, إذا وحد المسلم الله، واجتنب الشرك الأكبر، واجتنب الشرك الأصغر، واجتنب الكبائر التي توعد عليها بالنار أو اللعنة أو الغضب، فإن الله – تعالى – يكفر ذنوبه الصغائر، ويدخله الجنة من أول وهلة فضلًا من الله - تعالى - وإحسانًا، يكون من أهل الجنة، الذي وحد الله، وأخلص له العبادة، وترك الشرك الأكبر، وترك الشرك الصغر، وترك الكبائر، هذا يدخل الجنة من أول وهلة فضلًا من الله – تعالى – وإحسانًا، أما إذا مات على الشرك الأكبر، فإن هذا من أهل النار، والجنة عليه حرام، ولا يمكن لأحد أن ينقذه من عذاب الله، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[المائدة:36]، وإذا سلم الإنسان من الشرك الأكبر، ووحد الله، ولكن مات على الكبائر، مات على الغيبة، مات على النميمة، مات على قطيعة الرحم، مات على الزنى من غير توبة، مات على عقوق الوالدين، مات على التعامل بالربا، مات على الزنى، ماذا مصيره؟ هذا تحت مشيئة الله بشرط أن يكون مات على التوحيد، ما وقع في عمله شرك، اجتنب الشرك، وحد الله، وأخلص له العبادة، لكن مات على كبيرة، ما تاب منها، مات على الغيبة، أو على النميمة، أو على الزنى، أو على السرقة، أو شرب الخمر، أو التعامل بالربا، أو قطيعة الرحم، هذا تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له، وأدخله الجنة من أول وهلة، وإن شاء – سبحانه وتعالى – عذبه بقدر معاصيه وجرائمه، ثم يخرجه إلى الجنة، تحت مشيئة الله، من العصاة الذين ماتوا على الكبائر من يعفى عنه، ومنهم من يعذب، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[النساء:48]، ومنهم من يعذب في القبر، كما في حديث ابن عباس في قصة الرجلين اللذين مر بهما النبي – ﷺ – فقال: إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ([16])، فهذا عذب في قبره الذي يمشي بالنميمة، والذي لا يستبرئ من البول، وقد يصيبه أهوال وشدائد في موقف القيامة، وقد يستحق دخول النار، فيعفى عنه، ويشفع له، ومنهم من يعذب في النار، والذين يعذبون في النار يمكثون فيها مدة، على قدر وحسب جرائمهم، ومنهم من تطول مدته بحسب كثرة جرائمه وعظمها وفحشها، ومن ذلك القاتل، القاتل تطول مدته، ولهذا قال الله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا[النساء:93]، فهو مخلد يعني يمكث مكثًا طويلًا، لكن ما يخلد أبد الآباد إذا مات على التوحيد، وقد تواترت الأخبار أنه يدخل النار جملة من أهل الكبائر مؤمنون مصلون موحدون، ولا تأكل النار وجوههم، وقد ثبت أن نبينا – ﷺ – يشفع أربع شفاعات، في كل مرة يحد الله له حدًّا يخرجهم من النار، يقال فيها أول مرة: أخرج من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، ثم قال في مرة: أخرج من كان في قلبه أدنى من مثقال ذرة من الإيمان، ثم قال في مرة: أخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة من الإيمان، وهكذا الرسل يشفعون، بقية الرسل الأنبياء، والشهداء يشفعون، والصالحون يشفعون، والأطفال يشفعون، والملائكة يشفعون، وتبقى بقية لا تنالهم الشفاعة، فيخرجهم رب العالمين برحمته، فيقول: شفعت الملائمة، وشفع النبيون، وشفع الصالحون، ولم يبق إلا رحمة أرحم الراحمين، فيخرج قومًا من النار لم يعملوا خيرًا قط، يخرجون من النار يخرجون قد امتحشوا، وصاروا فحمًا، فيلقون في نهر الحياة، يصب عليهم من نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فإذا تكامل خروج العصاة، العصاة ما يبقون في النار الموحدون، تكامل خروجهم، ولم يبقَ منهم أحد، فإن النار تطبق على الكفرة بجميع أصنافهم، اليهود والنصارى والوثنيين والشيوعيين، والملاحدة، والمنافقين في الدرك الأسفل منها، تطبق عليهم النار فلا يخرجون منها أبد الآباد، كما قال سبحانه وتعالى: إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤصَدَةٌ[الهمزة:8]، يعني مطبقة مغلقة، وقال سبحانه وتعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ[المائدة:37]، وقال سبحانه وتعالى: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ[البقرة:167]، وقال سبحانه وتعالى: لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا[النبأ:23]، والأحقاب جمع حقب، والحقب هي المدد الطويلة، كلما انتهى حقب يعقبه حقب إلى ما لا نهاية، وقال سبحانه: كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا[الإسراء:97]، فنسأل الله – سبحانه وتعالى – أن يوفقنا وإياكم إلى العمل الصالح الذي يرضيه، ونسأله – سبحانه وتعالى – أن يوفقنا إلى تحقيق التوحيد، وتخليصه من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، ونسأله – سبحانه وتعالى – أن يوفقنا للعمل الصالح الذي يرضيه، وأن يوفقنا إلى الإخلاص في العمل، والصدق في القول، ونسأله – سبحانه وتعالى – أن يعيذنا وإياكم من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يتوفانا على الإسلام، غير مغيرين ولا مبدلين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
انتهت مادة هذا الشريط، ويسرنا أن نكمل ما تبقى من هذه الشريط بهذه المادة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى أهله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فإن أشراط الساعة هي علاماتها، وقد قال الله سبحانه وتعالى: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ[محمد:18]، وقوله تعالى في سورة محمد: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ[محمد:16-18]،فأشراط الساعة هي علاماتها، وعلامات الساعة قسمها العلماء إلى قسمين، علامات صغرى ظهرت، وظهر كثير منها، ولا تزال تظهر وتزداد، وعلامات كبرى لم يخرج منها شيء حتى الآن، ولم يظهر منها شيء حتى الآن، فمن علاماتها الصغرى التي ظهرت وانقضت، بعثة النبي – عليه الصلاة والسلام – فإنه عليه الصلاة والسلام نبي الساعة، قال عليه الصلاة والسلام: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ ([17])، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى، فهو نبي الساعة – عليه الصلاة والسلام – وهو آخر الأنبياء والمرسلين، وأمته آخر الأمم، فليس بعده نبي ولا رسول – عليه الصلاة والسلام – وتقوم الساعة على آخر الأمة، والأمة أمتان، أمة إجابة، وأمة دعوة، أمة إجابة الذين استجابوا لله ولرسوله، وآمنوا بالله وبرسوله منذ بعثة النبي – ﷺ – والأمة الثانية أمة الدعوة، وهم الذين لم يستجيبوا للنبي – ﷺ - من الكفرة واليهود والوثنيين وغيرهم، ومنهم من تقوم عليه الساعة في آخر الزمان، من أمة الدعوة.
فهذه الأشراط التي ،ظهرت منها بعثة النبي – ﷺ – ومنها موته – عليه الصلاة والسلام – ومنها فتح بيت المقدس، ومنها ما جاء في بعض الأحاديث من إضاعة الأمانة، ومن إسناد الأمور إلى غير أهلها إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ ([18])، ومنها إضاعة الصلاة، ومنها كثرة العقوق، جاء هذا في أحاديث كثيرة، ومنها ظهور الزنا، وظهور الجهل، كثرة الجهل، ورفع العلم، ومنها قلة الرجال وكثرة النساء، كما جاء في الحديث إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، ويظْهَر الجَهْلُ، وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَتكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمُ وَاحِدُ ([19])، ومن ذلك كثرة الحروب، ومن ذلك تقارب الزمان، ومنها كذلك كثرة الشرط، وجاء في بعض الأحاديث وإن كان في بعضها ضعف، "أن يكون المطر قيظًا، وأن يكون الولد غيظًا"، إلى غير ذلك من الأشراط الكثيرة التي ظهرت ولا تزال تظهر.
والنوع الثاني من أشراط الساعة, أشراط الساعة الكبرى، التي تتبعها الساعة، وهي عشر علامات، وهي كعقد السلك الذي إذا قطع فإن الخرز هذا الخرز الذي في السلك يتتابع كعقد قطع فيتتابع، يعني إذا ظهر أولها تتابعت، وهي عشر علامات لم يظهر منها شيء حتى الآن، أولها خروج المهدي، وهو رجل من آل النبي – ﷺ – من سلالة فاطمة، اسمه كاسم النبي – ﷺ – وكنيته كنيته، محمد بن عبد الله المهدي، جاء في المهدي أحاديث بعضها ضعيفة، وبعضها صحيحة، وبعضها حسن، والأحاديث تدل بمجموعها على ثبوت خروج المهدي، وهذا الرجل يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورًا، ويبايع له في وقت ليس للناس إمام، يبايع له بين الركن والمقام، ويحكم بالعدل، في زمانه تكثر الحروب بين المسلمين والنصارى، ويجتمع الناس أهل الحق في بيت المقدس، تلجئهم الحروب والفتن هناك، وفي زمانه تكثر الحروب بين المسلمين والنصارى، وتفتح القسطنطينية فتحًا آخر، وبعد فتح القسطنطينية، والناس يعلقون سيوفهم بالزيتون، يخرج الدجال، يصيح الشيطان إن الدجال قد خلفكم في اهليكم، فيخرج الدجال وهي العلامة الثانية من علامات الساعة الكبرى، والدجال رجل من بني آدم، يدعي الصلاح أولًا، يدعي أنه رجل مصلح، ثم يدعي النبوة، ثم يدعي الربوبية، مكتوب بين عينيه كافر، يقرأه كل مؤمن، وهو أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية، ويمكث في الأرض كما جاء في الحديث أربعين يومًا، يوم طوله كسنة، ويوم طوله كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامنا، يعني اليوم الأول طوله سنة، تطلع الشمس ولا تغرب إلا بعد سنة، واليوم الثاني شهر، واليوم الثالث طوله أسبوع، قيل للنبي – ﷺ – هذا اليوم الذي طوله كسنة، والذي كشهر، والذي كجمعة، أتكفينا فيه صلاة اليوم؟ قال: لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ ([20])، يعني في كل أربعة وعشرين ساعة خمس صلوات، والشمس طالعة.
استفاد العلماء من هذا الحديث الأحكام الحكم الشرعي في البلاد التي لا تطلع عليهم الشمس مدة طويلة، ستة أشهر أو كذا، أو تطلع عليهم الشمس مدة طويلة، يستفيدوا من حديث الدجال ماذا يعملون، وأنهم يقدرون أوقات الصلوات كما جاء في حديث النبي – ﷺ – والدجال معه صورة الجنة والنار، ويقتل رجلًا نصفين، ويقول: قم، فيستوي قائمًا، كل هذا امتحان، ويأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، وفتنته عظيمة، حتى قال النبي – ﷺ – كما ثبت في صحيح مسلم: مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ وَقِيَامِ السَّاعَةِ أَمْرٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ ([21])، وفي الحديث أن الناس ليفرون من الدجال في الجبال، وجاء في الحديث أن أتباع الدجال هم اليهود، ويتبعه سبعون ألفًا من يهود أصبهان عليهم الطيالسة، وفتنته عظيمة، ولهذا شرع لنا، شرع لنا نبينا – ﷺ – أن نستعيذ بالله من فتنة المسيح الدجال في كل صلاة، ثم بعد ذلك في زمن الدجال ينزل عيسى ابن مريم – عليه الصلاة والسلام – من السماء، لأن الله رفعه وهو حي، وهو العلامة الثالثة، قال الله تعالى: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا[الزخرف:61]، وفي القراءة (وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ)، يعني عيسى، فينزل عيسى ابن مريم – عليه الصلاة والسلام – فيقتل الدجال، يطلبه بباب لُدّ، فيقتله، يقتل مسيح الهدى مسيح الضلالة، وفي الحديث فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ([22])، ولكنه يقتله ثم بعد ذلك في زمن عيسى ابن مريم – عليه الصلاة والسلام – يخرج يأجوج ومأجوج، وهي العلامة الرابعة، هذه علامات متوالية ومرتبة، أولًا المهدي، ثم الدجال، ثم نزول عيسى ابن مريم، ثم خروج يأجوج ومأجوج، ويأجوج ومأجوج أمتان من بني آدم، أمة تسمى يأجوج، والثانية مأجوج، أمتان كافرتان، وهم عددهم كثير، حتى جاء في الحديث الصحيح أن الله - تعالى - ينادي آدم، يقول: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، يقول: أخرج بعث النار، فيقول: يا رب، من كم؟ فيقول: من كل ألفٍ تسعمائة وتسعة وتسعون، يعني إلى النار، وواحد إلى الجنة، فشق ذلك على الصحابة، فقالوا: يا رسول الله، أينا ذلك الواحد؟ فقال: أَبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْكُمْ واحِداً وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا ([23])، هذا يدل على أن عددهم كبير، ولهذا لما بنى ذو القرنين السد بينهم وبين الناس فيخرجون في آخر الزمان، قال الله تعالى عن ذي القرنين لما بنى السد: حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا[الكهف:96-98]، فيخرجون وهم عدد كبير، وفي الحديث أنهم يمرون بأول بحيرة فيشربون ماءها من كثرتهم، ثم يمر آخرهم، فيقول: قد كان بهذه مرة ماء، وجاء في الحديث أن الله - تعالى - يوحي إلى عيسى - عليه الصلاة والسلام – إن لي عبادًا لا يدان لأحد بهم، فحرز عبادي بالطور، إنِّي مخرج عبادًا لا يدان لهم، يعني أن يأجوج ومأجوج من عباد الله العبودية العامة، لأن الناس كلهم عبيد الله، لا يدان لأحد في قتالهم، يعني لا قدرة لهم، فيتحرز نبي الله عيسى والمؤمنون، ومن معه من المؤمنين بجبل الطور، ثم يرغب نبي الله ومن معه من المؤمنين إلى الله، فيدعون الله، فيهلك يأجوج ومأجوج في ليلة واحدة، يصبحون فرسى كنفس واحدة، قتلى، يعني يموتون، يهلكهم الله في ليلة واحدة، فيكونون كالجبال بعضهم على بعض، فيرسل الله مطرًا، يرسل الله بعد ذلك طيرًا كأعناق البخت تنقلهم، وتلقيهم إلى حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرًا تغسل الأرض، وهذا من رحمة الله تعالى وإحسانه بالعباد، لأنهم لو بقوا لأرخمت الأرض ولهلك الناس، فيرسل الله هذا الطير، التي تنقلهم و تلقيهم حيث يشاء الله، ثم يرسل الله مطرًا تغسل الأرض، وصلى الله وسلم وبارك على نبي الله ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فقد سبق الكلام عن أشراط الساعة في الحلقة الماضية، قلنا إن أشراط الساعة بين العلماء أنها تنقسم إلى قسمين، أشراط صغرى وقد مضت وانقضت، وأشراط كبرى، وهي عشر، تتبعها الساعة، وتتابع، أولها خروج المهدي، ثم خروج الدجال، ثم نزول عيسى ابن مريم، ثم خروج يأجوج ومأجوج.
قلنا إن هذه العلامات الأربع هي أول العلامات الكبرى، وهي متوالية ومرتبة، وأن يأجوج ومأجوج أمتان كافرتان، يقال لأحدهما يأجوج، والأخرى مأجوج، وهم من بني آدم، وإن الله - تعالى - يوحي إلى نبيه عيسى ابن مريم أن يحرز عباده بالطور، وأنه سيبعث عبادًا لا يدان لأحد بهم، يدان يعني لا قوة لأحد بهم لكثرتهم، ومعنى عباد المراد العبودية المراد بالعباد العبودية العامة، لأن العبادة نوعان، الناس كلهم عبيد الله بالمعنى العام بمعنى أنهم معبدون مذللون مقهورون، تجري فيهم أحكام الله، وتنفذ فيهم مشيئته، ولا أحد يمتنع من ذلك، والثاني العبودية الخاصة، وهذا خاص بالمؤمن الذي يعبد الله باختياره، فهؤلاء عباد، سموا عباد من العبودية العامة، لا قدرة لأحد بهم ولهذا أمر الله عيسى - عليه السلام - أن يتحرز بجبل الطور، ثم يهلكهم الله في ليلة واحدة، ويصبحون فرسى كموت نفسٍ واحدة، يعضهم على بعض كالجبال، ومن رحمة الله - تعالى – بعباده أن يرسل إليهم طيرًا تنقلهم، وتلقيهم حيث شاء الله، ثم يرسل مطرًا تغسل الأرض، فينزل عيسى - عليه السلام - ومن معه، وحينئذٍ كما جاء في الحديث يأمر الله - تعالى - الأرض أن ترد بركتها، وأن ترد خيراتها، ويبارك الله في الرسل يعني الإبل والبقر والغنم، حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، لبنها يكفي جماعات من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، وحتى يستظل الناس أي جماعة من الناس بقحف الرمانة، وجاء في الحديث أنه يحج البيت بعد يأجوج ومأجوج، وفي الحديث أن الجهاد ماضٍ باقٍ حتى يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، وبعد يأجوج ومأجوج يحج البيت، ثم بعد ذلك يتوفى الله عيسى – عليه السلام – ويدفن، وعيسى – عليه السلام – إذا نزل لا يأتي بشرعٍ جديد، وإنما يكون فردٌ من أفراد الأمة المحمدية، لأن الله تعالى أخذ الميثاق على كل نبي لئن بعث محمد وأنت حي لتتبعنه، وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ[آل عمران:81]، فعيسى - عليه السلام - إذا نزل لا يأتي بشرع جديد، وحينئذٍ إذا نزل يكون فرد من أفراد الأمة المحمدية، ويحكم بشريعة نبينا محمد – ﷺ – وهو أفضل هذه الأمة، ويعاين بها، ويقال: نبي وهو من هذه الأمة، من هو؟ هو عيسى، نبي ومن هذه الأمة، وأفضل هذه الأمة النبي عيسى، ويليه أبو بكر، لأن عيسى نبي، ثم يليه أبو بكر الصديق، ثم يتوفاه الله، ثم بعد ذلك تتابع أشراط الساعة.
ومنها، من أشراط الساعة الدخان، يملأ ما بين السماء والأرض، ويصيب المؤمن كهيئة الزكام، ويصيب الكافر شدة عظيمة، يدخل في أنفه وسمعه وبصره، ومن ايضاً أشراط الساعة نزع القرآن والعياذ بالله من الصدور ومن المصاحف، إذا ترك الناس العمل به نزع القرآن، من الصدور ومن المصاحف، يصبح الناس لا يجدون في صدورهم آية، ولا في المصاحف آية، نعوذ بالله.
ومنها هدم الكعبة، من أشراط الساعة هدم الكعبة، يهدمها رجل من الحبشة، دقيق الساقين يقول النبي ﷺ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أصَيْلِع أفَيْدِع، يَنْقُضُهَا حَجَرًا حَجَرًا ([24])، فيلقيها في البحر، ثم يصلي الناس إلى جهة القبلة، ثم بعد ذلك تنسى، يصلي الناس في الأول إلى جهة، ثم إذا طال عليهم الأمد نسوا، فتنسى الصلاة والعياذ بالله.
ومن آخر أشراط الساعة، أشراط الساعة المتأخرة طلوع الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس بالله جميعًا، لكن لا ينفع الإيمان، لا ينفع الإيمان الجديد، يبقى كل على ما كان، المؤمن على إيمانه، والكافر على كفره، لا تنفع التوبة، قال عليه الصلاة والسلام: لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ([25])،قال الله تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ جاء في تفسير قوله تعالى " أو بعض آيات ربك " أنها طلوع الشمس من مغربها يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا[الأنعام:158].
ثم الدابة، تخرج بعد ذلك دابة، دابة تسم الناس، فالمؤمن تسمه بسمة بيضاء حتى يبيض لها وجهه، والكافر تسمه بسمة سوداء حتى يسود لها وجهه، والدابة وطلوع الشمس من مغربها علامتان مقترنتان، فأيهما خرجت فالأخرى على إثرها قريبة، إن طلعت الشمس تتبعها الدابة، وإن طلعت الدابة تتبعها طلوع الشمس، ويبقى الناس بعد ذلك يعرف المؤمن والكافر، فالكافر مسود وجهه، والمؤمن مبيض وجهه، حنى يتبايع الناس مدة من الزمان في أسواقهم يقولون بع هذا يا مؤمن، اشتر هذا يا كافر، الكافر معروف مسود وجهه، والمؤمن معروف مبيض الوجه.
ثم بعد ذلك تأتي ريح طيبة، تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات، تأتي من قبل اليمن، قال النبي – ﷺ – في الحديث: حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُكُمْ فِي كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْ عَلَيْهِ ([26]) حتى تقبضه، وحينئذٍ لا يبقى إلا الكفرة، فعليهم تقوم الساعة، وتكون آخر أشراط الساعة نار، وهي العاشرة، نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر، إلى المحشر بأرض فلسطين، تبيت معهم إذا باتوا، وتقيل معهم إذا قالوا، إذا جاء وقت البيتوتة وقفت، فإذا انتهى وقت البيتوتة ساقتهم، ومن تخلف أكلته، وإذا جاء وقت القيلولة وقفت حتى يقيل الناس، وإذا انتهى وقت القيلولة، ساقتهم، ومن تخلف أكلته، والأرض ليس فيها إلا الكفرة، ما فيه إلا الكفرة، قبضت أرواح المؤمنين والمؤمنات، وحينئذٍ يخرب هذا الكون، هذا الكون ما يخرب إلا بزوال التوحيد والإيمان، ما دام فيه إيمان وتوحيد لا يمكن يخرب، وإذا خلا من الإيمان والتوحيد خرب، وقامت القيامة، انشقت السماء، وانكدرت النجوم، وسيرت الجبال، وسجرت البحار، ولهذا قال النبي – عليه الصلاة والسلام – كما في الحديث الصحيح: لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله ([27]).
فهؤلاء الكفرة هم الذين بقوا، وهم في ذلك قال النبي هم في ذلك حسن رزقهم دار عيشهم، فيتمثل لهم الشيطان، فيقول: ألا تستجيبون لي؟ يقولون: ماذا تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأصنام والأوثان، فيعبدون الأصنام والأوثان، لا يعرفون معروفًا، ولا ينكرون منكرًا، يتسافدون في الأسواق، يعني يتناكحون في الشوارع والعياذ بالله، ما عندهم إيمان ولا حياء، نزع الإيمان، فعليهم تقوم الساعة، والساعة تقوم وهم مشغولون بدنياهم، تقوم عليهم الساعة، جاء في الحديث أنها تقوم الساعة والرجل يلوط الحوض لإبله، وتقوم الساعة والرجل يغرس الفسيلة، وتقوم الساعة والرجل يأخذ اللقمة، فلا يتناولها حتى تقوم عليه الساعة، وتقوم الساعة والرجلان يتمادان القماش، يتبايعانه، فعليهم تقوم الساعة، يأمر الله إسرافيل فينفخ في الصور نفخة طويلة، فيفزع الناس، لا يسمعها أحد إلا أصغى ليتًا ورفع ليتًا يعني تسمع، إذا سمع الصوت، توجه جهة اليمين، وتوجه لليسار تسمع الصوت، فلا يزال الصوت يقوى يقوى يقوى، حتى يموت الناس، قال الله تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ[الزمر:68]، والصواب أن النفخات نفختان، النفخة الأولى نفخة أولها فرع، وآخرها صعق وموت، ثم نفخة البعث، وجاء في حديث، لكن فيه ضعف، أنها ثلاث نفخات، نفخة الفزع، ثم نفخة الصعق، ثم نفخة الموت، جاء في حديث فيه ضعف، فيه إسماعيل بن رافع، وهو ضعيف، والصواب أنها نفختان، النفخة الأولى نفخة طويلة، يطولها إسرافيل، أولها فزع، يفزع الناس، ثم لا يزال الصوت يقوى يقوى حتى يُصعق الناس ويموتون، قال الله تعالى: وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ[النمل:87]، هذه في آية النمل، الفزع أوله فزع، وقال في سورة الزمر: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ[الزمر:68]، ثم يمكث الناس بعد ذلك أربعين، وينزل الله مطرًا تنبت منه أجساد الناس، وينشأ الناس تنشئة قوية، الذوات هي هي، الذات هي هي، يعيدها الله الذرات التي استحالت، والإنسان يبلى إلا عجب الذنب، وهو العصعص، وهو آخر عظم في العمود الفقري، منه خلق ابن آدم كما في الحديث، ومنه يركب، ويعيد الله الذرات مما استحالت، يعيدها، لأن الله تعالى يعلم الذرات التي استحالت، ويقدر، وهو قادر، وينشئ الله نشأة قوية، تنشئة الصفات، يعني الصفات ينشؤون تنشئة قوية يتحملون فيها شدائد يوم القيامة وأهوالها، فإذا تم خلقهم، ونبتت أجسامهم، بعد أن ينزل الله مطرًا تنبت منه أجساد الناس، فإذا تم خلقهم أذن الله لإسرافيل، فنفخ في الصور نفخة البعث، فعادت الأرواح إلى أجسامها، فقام الناس ينفضون التراب من رؤوسهم، يقفون بين يدي الله للحساب.
والأرواح باقية، الأرواح ما تموت، المؤمن إذا مات نقلت روحه إلى الجنة، ولها صلة بالجسد، والكافر إذا مات نقلت روحه إلى النار، ولها صلة بالجسد، فأرواح المؤمنين وأرواح الشهداء تنعم في الجنة بواسطة الطير الخضر، أجواف طير خضر، والمؤمن غير الشهيد تنعم روحه وحدها، تأخذ شكل طائر، كما في الحديث: إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ ([28])، فإذا نفخ إسرافيل في الصور، عادت الأرواح إلى أجسادها، فقام الناس ينفضون التراب عن رؤوسهم، ووقفوا بين يدي الله للحساب، حفاة لا نعال عليهم، عراة لا ثياب عليهم، غرلًا غير مختونين، شاخصة أبصارهم إلى السماء، لا يلوي أحد على أحد، كل لا تهمه إلا نفسه، نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، نسأل الله أن يهون علينا تلك الشدائد، وأن يوفقنا وإياكم إلى حسن الختام، وأن يثبتنا على دينه حتى الممات، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله، وسلم، وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين.
([1])سنن أبي داود (2/ 71)، باب في ثواب قراءة القرآن، رقم 1455، صححه الألبانى
([2])صحيح البخاري (4/ 20)، باب من قاتل لتكون كلمه الله هي العليا، رقم: 2810
([3]) سبق تخريجه
([4])سنن أبي داود (1/ 12)، باب السواك، رقم: 47
([5])صحيح البخاري (1/ 6)، باب كيف كان الوحى إلي رسول الله، رقم: 1
([6])مسند أحمد مخرجا (9/ 276)، باب مسند عبدالله بن عمر ، رقم: 5375
([7])مسند أحمد مخرجا (28/ 623)، باب حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه، رقم: 17404
([8])مسند أحمد مخرجا (28/ 637)، باب حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه، رقم: 17422
([9])سنن ابن ماجه (2/ 1167)، باب تعليق التمائم، رقم: 3531
([10])مسند أحمد مخرجا (39/ 43)، باب حديث محمود بن لبيد، رقم: 23636
([11])صحيح مسلم (4/ 2289)، باب من أشرك في عمله غير الله، رقم: 2986
([12])مسند أحمد مخرجا (28/ 364)، باب حديث شداد بن أوس، رقم: 17140
([13])صحيح البخاري (2/ 82)، باب ما ينهي من الويل ودعوي الجاهلية، رقم: 1298
([14])صحيح البخاري (4/ 10)، باب قول الله تعالي: إن الذين يأكلون، رقم: 2766
([15])صحيح البخاري (4/ 10)، باب قول الله تعالي: إن الذين يأكلون، رقم: 2766
([16]) صحيح البخاري (1/ 54)، باب ما جاء في غسل البول، رقم: 218
([17]) مسند أحمد مخرجا (19/ 271)، باب مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، رقم: 12245
([18]) صحيح البخاري (8/ 104)، باب رفع الأمانة، رقم: 6496
([19]) صحيح البخاري (7/ 37)، باب يقل الرجال ويكثر النساء، رقم: 5231
([20])صحيح مسلم (4/ 2252)، باب ذكر الدجال وصفته وما بعده، رقمٍ: 2937
([21])مسند الروياني (1/ 134)،باب زرارة، والشعبي وأبو الدهماء، رقم: 137
([22])صحيح مسلم (4/ 2221)، باب في فتح قسطنطينية وخروج الدجال، رقم: 2897
([23])صحيح البخاري (4/ 139)، باب قصة يأجوج ومأجوج ،رقم: 3348
([24])مسند أحمد مخرجا (3/ 459)، باب مسند عبدالله بن العباس بن عبد المطلب، رقم: 2010
([25])مسند أحمد مخرجا (28/ 111)، باب حديث معاوية بن أبى سفيان، رقم: 16906
([26])المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 594)، باب وأما حديث عقيلة بن خالد ،رقم: 8654
([27])مسند أحمد ط الرسالة (6/ 280)، باب مسند عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى، رقم: 3735
([28])السنن الكبرى للنسائي (2/ 481)، باب أرواح المؤمنين، رقم: 2211