شعار الموقع

العبودية وطلب العلم

00:00
00:00
تحميل
87

 

العبودية وطلب العلم

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا، وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله بن عبد المُطلب؛ الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني.

 أشهد أنه رسول الله إلى الثقلين الجن والإنس من العرب والعجم، وأشهد أنه رسول رب العالمين، وخاتم النبيين وأن لا نبي بعده، أشهد أنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه من ربه اليقين وصلوات الله وسلامه عليه، وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى آله وعلى أصحابه وعلى أتباعه بإحسانٍ إلى يوم الدين أما بعد:

فإني أحمد الله إليكم وأثني عليه الخير كله وأسأله المزيد من فضله، وأسأله -سبحانه وتعالى- أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا وذرياتنا، أسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا، وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقًا معصومًا، وأن لا يجعل فينا ولا منا شقيًا ولا محرومًا.

كما أسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعل جمعنا هذا جمع خيرٍ وعلمٍ ورحمة؛ تنزل عليه السكينة وتغشاه الرحمة، وتحُفه الملائكة ويذكره الله فيمن عنده.

فقد ثبت في صحيح مُسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده».

أيها الإخوان، عنوان هذه الكلمة: "العبودية، وطلب العلم أو وطالب العلم".

الله -سبحانه وتعالى- خلق الثقلين الجن والإنس لعبادته، وتوحيده وطاعته، كما قال -سبحانه وتعالى-: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات:56]، والعبودية نوعان:

النوع الأول: عبوديةٌ عامة؛ وهذه شاملة لجميع ما في السماوات والأرض، ولجميع الثقلين من الجن والإنس مؤمنه وكافره، كلٌ منهم مُعبدٌ لله بمعنى أنه تنفذ فيه قدرة الله ومشيئته، مُعبد، مذلل، مُنقاد لما قدره الله وأراده، لا يمتنع أحد عما يريده الله، فيما قدره عليه من الموت، أو الفقر أو الغنى، أو غير ذلك.

قال الله تعالى في كتابه العظيم: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾[مريم:93]، كل من في السماوات والأرض يأتي يوم القيامة مُعبد مقهور مذلل منقاد.

النوع الثاني: العبودية الخاصة: وهذه خاصةٌ بالمؤمن وهو المؤمن الذي يعبد ربه باختياره وطواعية نفسه، وهذه هي التي عليها مدار السعادة والشقاوة، وهذه هي التي انقسم الناس فيها إلى مؤمنٍ وكافر، وشقيٍ وسعيد، وبرٍ وفاجر؛ فمن أطاع الله باختياره وعبده الله وأخلص له العبادة فهو المؤمن التقي، ومن أبى وعصى؛ فهو عبدٌ لله العبوديةٌ العامة بمعناها العام: يعني أنه مُعبد مقهور، مُذلل تنفذ فيه قدرة الله وهو من الأشقياء –نسأل الله السلامة والعافية-.

قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى؛ قيل: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى».

فنحن أيها الإخوان، مخلوقون لأمرٍ عظيم، ما خُلقنا لنغرس الأشجار، ولا نشق الأنهار، ولا لنبيع العمارات الفخمة؛ وإنما خُلقنا لأمرٍ عظيم لعبادة الله وتوحيده وطاعته، نغرس الأشجار ونستعين بها على طاعة الله، نشقُ الأنهار ونستعين بها على طاعة الله، نتجر: نبيع ونشتري، ولكن نحن مُقيدون بشرع الله -عز وجل-.

والعبادة: هي اسمٌ جامع لكل ما يُحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، العبادة هي الأوامر والنواهي، نحن خلقنا الله -سبحانه وتعالى- وأوجدنا في هذه الحياة؛ لكنه سبحانه لم يتركنا سدًا، ولم يُهملنا لا نُأمر ما خلقنا سدًا لا نأمر ولا ننهى؛ وإنما خلقنا وأرسل إلينا الرسل وأنزل إلينا الكتب تعلمنا، وتُبين لنا ما يُحبه الله ويرضاه، فنمتثله، وتُبين لنا ما يكرهه ويأباه فنجتنبه.

﴿أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾[القيامة:36]، ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾[المؤمنون:115]، فالله تعالى ما خلقنا عبثًا ولا تركنا سدًا؛ بل أرسل إلينا الرسل، أرسل الله رُسل تُبين للناس الأمر الذي خلق العباد له، كل أمة بعث الله فيها رسولًا؛ يأمرهم بالتوحيد، وينهاهم عن الشرك: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[النحل:36]، نحن مخلوقون لعبادة الله -عز وجل-.

والعبادة: هي الأوامر والنواهي، الأوامر: سواءً كان أمر إيجاب أو أمر استحباب يمتثله المؤمن طاعةً لله، وخوفًا من عقابه، وطمعًا في ثوابه، وتعظيمًا له ومحبة -سبحانه وتعالى-، وكذلك (6:54) نترك ما نهى الله عنه خوفًا ورجاءً، وتعظيمًا لله -عز وجل-، الأمر الذي أمر الله به سواءً أمر إيجاب مثل: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾[النور:56]، هذا أمر إيجاب يجب على المسلم أن يمتثله، وأن يقيم الصلاة.

أو أمر استحباب: كالأمر بالسواك عند كل صلاة عبادة؛ فالمؤمن يقيم الصلاة وإن كانت واجبة؛ تعبدًا لله، ويمتثل أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسواك أمر الذي أمر به أمر استحباب تعبدًا لله وطاعةً له، وكذلك يترك النهي، ما نهى الله عنه، أو نهى عنه رسوله -صلى الله عليه وسلم- سواءً كان نهي تحريم كقوله تعالى: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى﴾[الإسراء:32]، أو نهي تنزلي: كالنهي عن الحديث بعد صلاة العشاء.

فالشريعة أوامر ونواهي، أوامر ونواهي: أوامر يمتثلها المُسلم، ونواهي يتركها المسلم، والأوامر نوعان: أمر إيجاب، وأمر استحباب، والنواهي نوعان: نهي تحريم، ونهي تنزيل، فالأوامر يفعلها المُسلم، والنواهي يتركها المُسلم، وهو في كلا الحالين مُطيعًا لله، ومُتعبدٌ لله -عز وجل-.

أعظم الأوامر التي أمر الله بها والتي يتعبد بها رسل الله له هي التوحيد، أعظم ما أمر الله به عباده هو التوحيد، أعظم أمر هو الأمر بالتوحيد، وأعظم نهي هو النهي عن الشرك، النهي، التوحيد: هو الأمر العظيم الذي خُلق الخلق من أجله؛ والذي أرسل الرسل وأنزل الكُتب للدعوة إليه، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات:56].

وكل نبي بعثه الله، كل رسول يبدأ قومه يدعو قومه بادئًا ذي بدء إلى التوحيد، كل نبي من لدن نوح إلى آخرهم وخاتمهم نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾[المؤمنون:23]، وقال سبحانه: ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾[هود:50]، وقال سبحانه: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ﴾[هود:61]، ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾[هود:84].

هذا هو التوحيد الذي أمر الله به عباده، وبعث به رُسله، وأول الأوامر في القرآن الكريم، أول أمرٍ أمر الله به في القرآن الكريم هو التوحيد، الأمر بعبادة الله، وهو قوله تعالى في سورة البقرة بعد أن ذكر الله في مطلع سورة البقرة صفات المؤمنين في أربع آيات، ثم صفات الكفار الظاهرة والباطنة في آيتين، ثم صفات المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكُفر في ثلاثة عشرة آية.

قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾[البقرة:21]، هذا أمر، أول أمر هو الأمر بالتوحيد، أول أمر في القرآن الكريم هو الأمر بالتوحيد، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة22:21].

وأعظم نهي نهى الله عنه هو الشرك، أعظم هو أعظم الذنوب، وأغلظها، وأشدها؛ لأنه لأن من مات على الشرك، ولقي ربه بالشرك فإن الشرك لا يُغفر، لا يغفر، والشرك يُحبط الأعمال، ويبطلها، ويقضي عليها، والشرك صاحبه مُخلدٌ في النار –والعياذ بالله- والجنة عليه حرام، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء:48].

والمُشرك من أعظم الناس ضلالًا، وأعظم الناس إثمًا: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾[النساء:48]، ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا﴾[النساء:116]، وهو يحبط الأعمال قال -سبحانه وتعالى-: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[الزمر:65]، وقال -سبحانه وتعالى-: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[الأنعام:88].

إذًا أعظم الذنوب، وأغلظها، وأشدها هو الشرك والكفر؛ ولهذا فإنه يُحبط الأعمال، قال تعالى في الكفار: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾[الفرقان:23]، ولهذا أعظم نهي نهى الله عنه هو الشرك، وهو أول النواهي في القرآن، أول نهيٍ نهى الله عنه في القرآن هو النهي عن الشرك، وهو قوله تعالى: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة:22]، بعد الأمر بالتوحيد.

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾[البقرة:21]، هذا الأمر بالتوحيد،﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ﴾[البقرة22:21]، ثم قال سبحانه: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة:22]، والأنداد: جمع نِد وهو الند هو المثيل لله، لا تجعلوا لله مثيل؛ تعظمونه كما تُعظمون الله، وتعبدونه كما تعبدون الله، وتصرفون له العبادة، ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة:22].

ومن هنا ينبغي للمسلم أن يعلم هذا الأمر الذي خُلق العباد من أجله؛ الذي هو أعظم الواجبات، وأفرض الفرائض وهو التوحيد، وأن يعلم هذا الأمر الذي هو أعظم الذنوب وأغلظها، وأشدها؛ وهو الشرك الذي يحبط الأعمال، ويخلد صاحبه في النار، ويقضي على الأعمال بالبطلان، ويعود عليها بالبطلان.

التوحيد: هو أن توحد الله وتفرده، التوحيد هو أن تفرد الله بالربوبية، وتعتقد أن الله موجود، وأنه فوق السماء السابعة، وأنه استوى على العرش، استواءٌ يليق بجلاله وعظمته، وتعتقد أن الله هو الرب، وهو رب العباد، وتعتقد أنه الخالق، وغيره مخلوق، وتعتقد أنه مُدبِر وغير مدبر، وهذا ما يسمى بتوحيد الربوبية، وهو أن توحد الله بأفعاله هو سبحانه أفعاله، أفعال الله: الخلق، والرزق، والإماتة، والإحياء، وتدبير الأمور، وتسبيب الأسباب، وإنزال المطر؛ هذه الأمور تعتقد أن الله هو الفاعل له، وأنه ليس له شريكٌ في ذلك.

فمن جحد ربوبية الله أو اعتقد أن الله له شريك فهو شركٌ في الربوبية، هذا هو توحيد الربوبية، أن توحد الله في ربوبيته، وتعتقد بوجود الله، وأنه فوق العرش، وأنه -سبحانه وتعالى- هو الرب وغيره مربوب، وأنه الخالق وغيره مخلوق، وأنه المالك وغيره مملوك، وأنه مُدبرٌ وغيرُ مُدبر؛ وبهذا تكون وحدت الله في ربوبيته.

 ولابد أن توحد الله في أسمائه وصفاته، وأفعاله، وتؤمن بأسماء الله، وأنها حُسنى، وأنها مُشتملة على الصفات، وعلى المعاني العظيمة، والأسماء وكذلك تثبت حسن الصفات لله -عز وجل-، والأسماء والصفات توقيفيه؛ بمعنى أنه لا يثبت لله اسم، ولا صفة إلا إذا وردت في الكتاب والسنة، فالناس لا يخترعون لله أسماء من عند أنفسهم، ولا صفات، ولا أفعال؛ فالأسماء والصفات، والأفعال توقيفية.

والله -سبحانه وتعالى- هو أعرف المعارف لا يسمى به غيره؛ فالله هو الإله والمألوه الذي تألاه القلوب محبة، وتعظيمًا، وإجلالًا، وخوفًا، ورجاءً؛ فاسم الله لا يسمى به غيره، ومُشتمل على صفة الألوهية، والرحمن مشتمل على صفة الرحمن الرحمة، والعليم: مشتمل على صفة العلم، والقدير: مُشتمل على صفة القُدرة.

ومن أسماء الله: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾[الحشر:22]، ومن أسماء الله: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ ﴿هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[الحشر24:23].

هذه فيها الآيتان كم فيها من اسم؟ هو الله، الذي عالم الغيب والشهادة، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المُهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، والآية الثالثة: هو الله، الخالق، البارئ، المُصور؛ هذه كلها أسماء لله -عز وجل-.

وتعتقد لابد(17:02) أن تعتقد أنها حُسنى، وأنها مُشتملة على الصفات، كل اسم مشتمل على صفة، أسماء الله مشتقة وليست جامدة؛ فاسم الله مشتمل على صفة الألوهية، واسم الرحمن: مشتمل على صفة الرحمة، واسم العليم: مشتمل على صفة العلم، واسم القدير مشتمل على صفة القدرة؛ وهكذا.

وكذلك الصفات توقيفية، لم يثبت لله صفات إلا ما أثبته الله لنفسه، قال الله تعالى: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾[البينة:8]، هذه الآية تثبت فيها إثبات صفة الرضا لله -عز وجل-، ونثبت أن الله يرضى كما يليق بجلاله وعظمته، ﴿كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ﴾[التوبة:46]، كيف تثبت صفة الكراهة،﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ﴾[غافر:10]، (17:58) تثبت صفة المقت، والمقت هو أشد البغض، فالله تعالى يمقت الكفار، ويبغضهم أشد من بغضهم لأنفسهم.

وهكذا قوله تعالى: ﴿غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾[المجادلة:14]، تثبت لله صفة الغضب، هذا لا يليق بجلاله وعظمته، هذه الصفات لله، لا يشابه المخلوقين في صفاته، المخلوق له صفاتٌ تخصه، والخالق له صفاتُ تخصه، فالغضب عند المخلوق غليان دم القلب لطلب الانتقام، وأما الغضب غضب الله فإنه سبحانه لا يعلم كيفيته إلا هو، نحن نثبت صفة الغضب، ونعرف معنى الغضب لكن لا نعرف الكيفية، ولا يعلم كيفية غضب الله(18:45) إلا هو، ولا يعلم كيفية صفاته إلا هو -سبحانه وتعالى-.

وكذلك الأفعال مثل صفة الخلق، والرزق، والإماتة، الإحياء، والاستواء، استوى على العرش، النزول؛ ينزل ربنا كل ليلةٍ إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فإن أثبت الأسماء، والصفات لله -عز وجل- والأفعال فتكون حينئذٍ وحدت الله في أسمائه وصفاته، وهذا نوع من أنواع التوحيد، والأول نوع؛ ولا يكفي هذا في إسلام العبد، إذا وحد الإنسان ربه في ربوبيته، ووحد الله في أسمائه وصفاته لا يكفي في إسلامه حتى يوحد الله في ألوهيته وعبادته.

وهذا هو النوع الثالث من أنواع التوحيد؛ وهو توحيد الله في عبادته وألوهيته، وهو توحيد الله في أفعالك أنت أيها العبد، أفعالك ما هي؟ الصلاة، الصيام، الزكاة، الحج، الدعاء، الذبح، النذر، الخوف، الرجاء، التوكل، الاستعانة، الاستعاذة، الاستغاثة؛ أفعالك هذه توحد الله، توحد الله في عبادته، وألوهيته بأن تصرف هذه العبادة لله، وهذه الأنواع لله، فلا تصلي إلا لله، ولا تصوم إلا لله، ولا تزكي إلا لله، ولا تحُج إلا لله، ولا تدعو إلا الله، ولا تذبح إلا لله، ولا تنذر إلا لله، ولا تتوكل إلا على الله، ولا تخف إلا الله، ولا ترجو إلا الله، وهكذا؛ فتكون حينئذٍ وحدت الله في عبادته وألوهيته.

فإذا وحدت الله في ربوبيته، ووحدت الله في أسمائه وصفاته وأفعاله، ووحدت الله في وعبوديته وإلاهيته؛ فأنت بذا تكون بذلك موحدًا، وحدت الله ما لم تفعل ناقضًا من نواقض الإسلام، ولابد من أيضًا في التوحيد من أن يؤمن الإنسان بالملائكة، ويؤمن بالكُتب المُنزلة، ويؤمن بالرُسل، ويؤمن باليوم الآخر، والبعث والجزاء والحساب، ويؤمن بالقدر خيره وشره.

ويؤمن أيضًا بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنه خاتم النبيين وأن لا نبي بعده، وأن رسالته عامة إلى الثقلين الجن والإنس، ولا يفعل ناقضًا من نواقض الإسلام، وبهذا يكون الإنسان موحد، ويكون مؤمن؛ إذا وحد الله في ربوبيته، وفي ألوهيته، وفي أسمائه وصفاته، وآمن بأصول الإيمان، وأركان الإيمان الستة: آمن بالله، وآمن بملائكته، وكُتبه، ورُسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره؛ فإنه يكون بذلك موحد مالم يفعل ناقضًا من نواقض الإسلام.

والعمل الذي يعمله الإنسان لابد فيه من ركنين لا يصح إلا بركنين:

-الركن الأول: الإخلاص لله، أن يكون عملك خالصًا لله؛ لا تريد به إلا وجه الله، والدار الآخرة.

-والركن الثاني: أن يكون عملك موافقًا للشريعة، صوابًا على هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

لا يصح العمل، ولا تصح العبادة إلا بهذين الركنين؛ أحدهما الإخلاص لله -عز وجل-، والإخلاص بمعنى معناه أن تريد بهذه العبادة، وتقصد بهذه العبادة وجه الله واليوم الآخر، لاتريد بها الدنيا، ولا تريد بها الرياء والسمعة، ولا تريد بها الشهرة، وإنما تريد وجه الله والدار الآخرة في صلاتك، في صيامك، في زكاتك، في حجك، في برك للوالدين، في صلتك للرحم، في إنفاقك في المشاريع الخيرية، في كف نفسك عن المُحرمات تريد وجه الله والدار الآخرة.

فإن أردت الدنيا فلك الدنيا، قال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ﴾، ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[هود16:15].

وقال سبحانه: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا﴾، ﴿وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا﴾[الإسراء19:18].

-والركن الثاني: المتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يكون عملك موافقًا للشريعة، ليس فيه بدعة، وهذان الأصلان لا يصح العمل إلا بهما، قد جمع الله بينهما في مواضع من كتابه العزيز، فقال -سبحانه وتعالى- في آخر سورة الكهف: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾[الكهف:110].

والعمل الصالح ما كان موافقًا للشريعة، والعمل الذي ليس فيه شرك هو خالصًا لله، وقال -سبحانه وتعالى-:  ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾[لقمان:22]، وإسلام الوجه: هو أن يكون عمله خالصًا لله، والإحسان هو أن يكون العمل موفقًا للشريعة، وقال -سبحانه وتعالى-﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾[البقرة:112]، وإسلام الوجه هو إخلاص العمل لله، والإحسان هو أن يكون العمل موافق للشريعة.

وإذا تخلف الأصل الأول وهو أن يكون العمل خالصًا لله إذا تخلف؛ فإنه يحل محله الشرك، وهو مقتضى شهادة: أن لا إله إلا الله، فإن مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله أن تكون العبادة لله، إذا تخلف حل محلها الشرك.

وقال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم -رحمهما الله-: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل إمرئ ما نوى»، «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل إمرئ ما نوى»، الأعمال بالنيات إذا تخلف الإخلاص حل محله الشرك.

والثاني: المتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا تخلف؛ تخلفت المتابعة حل محلها البدع، كما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وفي لفظٍ لمُسلم: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد»؛ فلابد أن يكون العمل خالصًا لله، مُرادًا به وجه الله والدار الآخرة.

فالذي يفعلون العبادة، ويريدون بها غير وجه الله عملهم حابطًا، باطلًا، وكذلك الذين يعملون لله ولكن أعمالهم غير موافقة للشرع أيضًا أعمالهم باطلة، قال سبحانه: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا﴾، ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾، ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾[الكهف105:103].

 وقال -سبحانه وتعالى-: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾، ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾، ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾، ﴿فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾[الأعراف30:27]، وهذا الشاهد: ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾[الأعراف: 30].

فعملهم حابط وإن كانوا يظنون أنهم مهتدون، فظنهم لا يفيدهم شيئًا لابد أن يكون العمل موافقًا للشريعة، وكذلك أيضًا الموحد، والمخلص لله -عز وجل-، والذي يعبد الله لابد أن يحذر من الوقوع بالشرك؛ لأنه إذا وقع في الشرك حبط العمل وبطل العمل.

والشرك أنواع متعددة:

-قد يكون الشرك بالاعتقاد: كأن يعتقد أن هناك مُدبر في الكون مع الله؛ فيكون مُشرك في هذا الاعتقاد.

-أو يعتقد أن لله صاحبةً أو ولدًا.

-أو يعتقد أن الصلاة غير واجبة، وبهذا الاعتقاد يكون مُشرك؛ إذا أنكر أمرًا معلوم من الدين بالضرورة أو يعتقد أن الزكاة غير واجبة، ولو صلى، ولو زكى، يكفر بهذا الاعتقاد؛ لأنه أنكر أمرًا معلوم من الدين بالضرورة.

-أو ينكر أمرًا معلوم من الدين بالضرورة تحريمه، كأن يعتقد أن الزنا حلال، أو أن الخمر حلال، أو أن الربا حلال ولو ما فعل، بهذا الاعتقاد يكون كافر مُشرك؛ لأنه استحل أمرًا معلوم من الدين بالضرورة، كذب الله وكذب رسوله، شخص يتعامل بالربا، ويعتقد أن الربا حلال هذا مُشرك.

وشخص يتعامل بالربا، ويعتقد أن الربا حرام؛ ولكنه تعامل بالربا طاعة للشيطان، غلبه هواه، وغلبه محبة المال، ويعتقد أن الربا حلال هذا ضعيف الإيمان ليس مُشرك، لا يكون مُشركًا، ضعيف الإيمان، ناقص الإيمان، وعلى خطأ؛ ولكنه لا يكون كافرًا.

وشخصٌ آخر يعتقد أن الربا حلال وهو لم يتعامل بالربا؛ هذا مُشرك كافر لماذا؟ لأنه كذب الله، كذب الله وكذب رسوله، والله -سبحانه وتعالى- يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[البقرة:278]، وهو يعتقد أن الربا حلال يكون مكذبًا لله، حيث أنكر أمرًا معلوم من الدين بالضرورة تحريمه، وهكذا.

-وقد يكون الشرك بالقول كأن يتكلم بكلمة الكُفر، كأن يسب الله، أو يسُب رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو يسُب دين الإسلام فيكفر بهذا القول، أو يستهزئ بالله أو بكتابه، أو برسوله أو بدينه فيخرج من الإسلام بهذا القول بهذا بهذا القول؛ لأن الشرك يكون بالقول.

أو يقول يدعو غير الله كأن يقول: يا رسول الله أغثني، يا رسول الله فرج كربتي، ينادي الرسول، الرسول -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق، وهو نبيٌ كريم؛ يُطاع ويُتبع لكن لا يُعبد، العبادة حق الله، فإذا دعا الرسول من غير..، دعا الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ فإنه يكون مشركًا.

أو دعا غيره قال: يا سيدي البدوي، يا ابن علوان، يا عايدة روس، يا حُسين، يا علي، ودعا من غير الله يكون مشرك، قال تعالى: ﴿وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾[يونس:106]، وقال سبحانه: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾[الجن:18]، وقال سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾، ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾[فاطر14:13]، وهو الله.

وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾، ﴿وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾[الأحقاف6:5]، وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾[المؤمنون:117].

فالشرك يكون بالاعتقاد، ويكون بالقول، ويكون بالفعل أيضًا، يكون بالفعل كمن سجد للصلاة، سجد لغير الله، فإنه يكون مشركًا بهذا الفعل، كذلك أيضًا إذا امتهن المصحف: داس المصحف بقدميه أو لطخه بالنجاسة؛ يكون كافر بهذا العمل، مُشرك، يكون الشرك يكون بالفعل أيضًا، يكون بالاعتقاد، ويكون بالفعل، ويكون بالقول، ويكون بالفعل.

وكذلك أيضًا يكون الشرك بالشك، كأن يشك في الجنة أو النار يقول ما أدري في جنة وفي نار مُحتمل قد يكون في جنة وقد يكون في نار، يشك في البعث يقول ما أدري في بعث أو ما في بعث، يشك في القيامة، يشك في نبيٍ من الأنبياء؛ ذكره الله في كتابه، أو يشك في رسولٍ من الرُسل، أو في ملك من الملائكة فيكون مُشرك بهذا الشك.

قال الله تعالى القصة في قصة الرجلين الذي قصهم الله علينا في سورة الكهف، وأن أحد الرجلين، وأن أحدهما كان شاكًا في البعث؛ فقال له صاحبه إنه كفر بهذا الشك، قال -سبحانه وتعالى-: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا﴾، ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا﴾، ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾، ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا﴾، ﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾[الكهف36:32]، هذا الشك شك في الساعة.

﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا﴾، ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ﴾[الكهف36:37]، كفر بأي شيء؟ بالشك، ﴿أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾، ﴿لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا﴾[الكهف37:38]، فالشرك يكون أيضًا بالشك.

ويكون أيضًا الشرك بالرفض والترك كأن يترك دين الإسلام، ويرفضه، لا يتعلمه ولا يعمل به، فيكون مُشرك بهذا الرفض الترك، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ﴾[الأحقاف:3]، وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ﴾[السجدة:22]، ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ﴾[السجدة:22].

فإذا رفض دين الإسلام لا يتعلمه ولا يعمل به فهو مُشرك، إذًا الشرك يكون بالقول، ويكون بالفعل، ويكون بالاعتقاد، ويكون بالشك، ويكون بالرفض والترك، فلابد للموحد أن يجتنب الوقوع في الشرك، فإذا وحد الله وأخلص له العبادة واجتنب أنواع الشرك، واجتنب الشرك؛ فلم يفعل ناقضًا من نواقض الإسلام فإنه هو الموحد، هذا هو الموحد.

وإذا لقي المُسلم ربه بالتوحيد؛ فلم يعمل ناقضًا من نواقض الإسلام، وحد الله، أدى الأوامر، امتثل أوامر الله، واجتنب نواهيه، ووحد الله وأخلص له العبادة، ولا يفعل شرك، ولا ناقض من نواقض الإسلام هذا هو المُسلم وهذا هو الموحد، وهذا من أهل الجنة، هذا يكون من أهل الجنة، الموحد الذي أخلص لله العبادة، ووحد الله وأخلص له العبادة، ولم يفعل شركًا، ولا ناقضًا من نواقض الإسلام هذا هو المُسلم وهو يكون من أهل الجنة، لكن الموحدين والمُسلمين على ثلاث طبقات:

-الطبقة الأولى: المؤمنون الموحدون السابقون، المُقربون، الذين وحدوا الله وأخلصوا له العبادة، وأدوا الواجبات، وتركوا المُحرمات؛ وكان عندهم نشاط أيضًا ففعلوا المُستحبات، والنوافل، أدوا الواجبات وفعلوا المستحبات والنوافل، وتركوا المُحرمات، وكان عندهم نشاط أيضًا فتركوا المكروهات، بل وتركوا فضول المُباحات؛ هؤلاء أعلى أهل الجنة.

ومن وأعلاهم الرسل والأنبياء، ثم الصحابة والتابعون هم المشهود لهم بالجنة، كلهم من هذا الصنف، وحدوا الله، وأدوا العبادة، وأدوا الواجبات، وفعلوا المستحبات والنوافل، وتركوا المُحرمات، وتركوا المكروهات، وتركوا فضول المُباحات التوسع (36:45) للمباحات؛ هؤلاء يسمون المقربون، ويسمون السابقون؛ هؤلاء في أعلى الدرجات، وأعلاهم الرُسل والأنبياء، ثم يليهم الصديقون، ثم يليهم الشهداء، ثم يليهم الصالحون.

-والطبقة الثانية: المقتصدون أصحاب اليمين، أدوا الواجبات، وحدوا الله وأخلصوا له العبادة، وأدوا الواجبات، وتركوا المُحرمات، أدوا الواجبات ووقفوا عند هذا الحد، ما كان عندهم نشاط لفعل المُستحات والنوافل، اقتصروا على فعل الواجبات فقط، والمستحبات والنوافل وقفوا، وتركوا المُحرمات ووقفوا عند هذا الحد، ما كان عندهم نشاط لفعل لترك المُكروهات، كراهة تنزيه قد يفعلون المكروهات، وقد يتوسعون في المُباحات، وهؤلاء يسمون أصحاب اليمين، يسمون أصحاب اليمين.

والصنفان الأول والثاني: السابقون والمقربون، السابقون المقربون، وأصحاب اليمين، ويقال لهم المقتصدون، أيضًا يدخلون الجنة من أول وهلة؛ فضلًا من الله تعالى وإحسانًا؛ لأنهم أدوا ما أوجب الله عليهم، وتركوا ما حرم الله عليهم.

-الصنف الثالث: من المؤمنين الموحدين: الظالمون لأنفسهم، الظالمون لأنفسهم، مؤمنون وحدوا الله وأخلصوا له العبادة وتركوا الشرك، لم يقع في أمرهم شرك، ثبتوا على التوحيد لكنهم ماتوا على كبائر بغير توبة، ماتوا على كبائر موحدون وحدوا الله وليس عندهم نقص في توحيدهم إلا بفعل المعاصي والكبائر، ولم يفعلوا الشرك، لكنهم فعلوا كبائر، وماتوا عليها بغير توبة؛ أما من تاب تاب الله عليه قبل موته لكن هؤلاء ماتوا على التوحيد لكن مع كبائر؛ فهؤلاء على خطأٍ عظيم.

يعني شخص مؤمن موحد لكن مات على الزنا، يفعل الزنا ولم يتوب، أو مات وهو يشرب الخمر ما تاب، أو مات وهو يتعامل بالربا، أو مات وهو عاقٌ لوالديه، أو مات وهو قاطعٌ للرحم، أو مات وهو يأكل الرشوة، أو مات وهو يغتاب الناس، أو مات وهو ينم عليهم؛ هذه كبائر وردت النصوص بهذا.

وأصح ما قيل في الكبيرة: "أنها كلُ ذنبٍ وجب فيه حدٌ في الدُنيا، أو وعيدٌ في الآخرة بالنار أو باللعن أو الغضب"؛ هذه هي الكبيرة، وألحق به بعضهم: من نُفي عنه الإيمان، ومن قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ليس منا»، هذه هي الكبيرة؛ ماتوا على التوحيد وعلى كبائر ما حُكمهم؟ هؤلاء مآلهم في النهاية إلى الجنة، لكن قبل ذلك ماذا يحصل لهم؟

منهم –من هؤلاء- من يعفو الله عنه ويدخله الجنة من أول وهلة كما قال الله تحت مشيئة الله، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء:48]، ومنهم من يُعذب في القبر بسبب هذه الكبائر.

كما في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بقبرين، فقال: «إنهما ليعذبان وما يُعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرأ من البول، وأما الآخر فكان يمشي في النميمة»، ثم أخذ جريدة رطبة وشقها نصفين وغرز في كل قبرٍ واحدة وقال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا»، فهؤلاء عذبوا في قبورهم بسبب الكبائر التي ماتوا عليها.

وقد يُصيب هذا الذي مات على كبيرة وغير توبة تصيبه أهوال وشدائد، كموقف القيامة تشدد عليهم، فيكون تكفيرًا له، وقد يدخل النار ويُعذب فيها، وقد يعفى عنه ويشفع له قبل دخول النار، منهم من يشفع فيه الشفعاء، ومنهم من يدخل الجنة فلا يدخل النار، ومنهم من يدخل النار ويجلس فيها مُدة، وبعضهم يطول مكثه في مدة في النار، لكثرة جرائمه، أو فُحشها كالقاتل.

القاتل أخبر الله تعالى أنه يُخلد في النار، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾[النساء:93]، لكنه خلودٌ له نهاية، فالخلود خلودان: خلودٌ مؤبد لا نهاية له؛ هذا خلود الكفرة، الكفرة لا يخرجون منها.

والثاني: خلودٌ مؤمد له أمدٌ ونهاية، وهو خلود العصاة الموحدين الذين كثرت جرائمهم أو غلظت، وفحشت؛ هؤلاء الذين دخلوا النار من الموحدين أولًا عذابهم ليس كعذاب الكفار، الكفار تغمرهم النار من جميع الجهات –أعوذ بالله- يصلونها، ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾[الأعراف:41].

 وأما العصاة عصاة الموحدين فليسوا كذلك، ولهذا لا تأكل النار وجوههم، لا تأكل النار وجوههم مكان الصلاة، مكان الصلاة جباههم ووجوههم لا تأكلها النار، ويشفع فيهم الشفعاء، وقد ثبت أن نبينا مُحمد -صلى الله عليه وسلم- يشفع في عصاة الموحدين، وأنه يشفع أربعة شفاعات، وفي كل مرة يحد الله له حدًا، ويخرجهم بالعلامة.

في بعض الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أن الله تعالى يقول أخرجوا من النار من في قلبه مثقال بُرة من إيمان»، وفي بعضها قال «مثقال دينار»، وفي بعضها: «مثقال ذرة من إيمان»، وفي بعضها: «أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبةٍ خردلٍ من إيمان»، وفي بعضها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يشفع أن يقول الله له: «أخرج من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من إيمان»، ثم يقول له في المرة الثانية: «أخرج من في قلبه أدنى مثقال ذرةٍ من إيمان»، ثم يقول له في المرة التالية: «أخرج من في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردلٍ من إيمان».

والإيمان لا يقضي، لا ينتهي بالمعاصي ولو كثرت، المعاصي تُضعف الإيمان وتنقصه، ولكن لا تقضي عليه، متى ينتهي الإيمان؟ ينتهي بالكفر الأكبر، أو الشرك الأكبر، أو النفاق الأكبر ينتهي الإيمان أما المعاصي ولو كثرت ما تقضي على الإيمان، لابد يبقى شيءٌ من الإيمان يخرج به الموحد من النار؛ ولهذا بعضهم يكون في قلبه أدنى، أدنى أدنى مثقال حبة خردلٍ من إيمان فيخرج بهذا الإيمان من النار.

وكذلك الأنبياء يشفعون، وكذلك أيضًا الأبرار(44:12) يشفعون، والشهداء يشفعون، والملائكة يشفعون، وتبقى بقية لا تنالهم الشفاعات؛ فيخرجهم رب العالمين برحمته -سبحانه وتعالى-، فيقول الرب سبحانه: «شفعت الملائكة، وشفعت الأنبياء، وشفعت الملائكة ولم يبقى إلا رحمة أرحم الراحمين»، فيخرج قومًا من النار لم يعملوا خيرًا قط يعني زيادة على التوحيد والإيمان.

وثبت في الأحاديث أن العصاة الموحدين قد يخرجون من النار ضبائر ضبائر قد انتحشوا وصاروا فحمًا؛ فيلقون في نهر الحياة؛ فينبتون كما تنبت الحبة في (44:51) الحبة: البذرة، فإذا تكامل خلقه وهذبوا ونُقوا أذن لهم بدخول الجنة، فإذا تكامل خروج عصاة الموحدين ولم يبقى في النار أحد؛ أطبقت النار على الكفرة، بجميع أصنافهم: اليهود، والنصارى، والوثنيون، والملاحدة، والزنادقة، والبهيون، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار.

وكل تركةٍ سفلى في النار أعظم عذابًا من التركة التي أعلى منها-أعوذ بالله-؛ فالنار دركات: كل دركةٍ سفلى أعظم وأشد عذاب من الدركة التي أعلى منها.

والجنة درجات كل درجةٍ عليا أعظم نعيم من الدرجة التي تحتها، فالمنافقون في الدرك الأسفل من النار، فإذا تكامل خروج عصاة الموحدين ولم يبقى أحد في النار أُطبقت النار على الكفرة بجميع أصنافهم؛ فلا يخرجون منها أبد الآباد، كما قال سبحانه: إنها عليهم مطبقة ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُوصَدَةٌ﴾[الهمزة:8]، يعني مغلقةٌ ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾[الهمزة:9].

وقال سبحانه: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾[المائدة:37]، وقال سبحانه: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾[البقرة:167]، وقال سبحانه: ﴿لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا﴾[النبأ:23]، والأحقاب: جمع حقب وهي المدد المتطاولة التي لا نهاية لها كلما انتهى حقب يعقبه حقب إلى ما لا نهاية، -نسأل الله السلامة والعافية-.

ونسأله -سبحانه وتعالى- أن يوفقنا إلى العمل الصالح الذي يرضيه، وأن يوفقنا لتحقيق التوحيد، وتنقيته وتخليصه من شوائب الشرك، وأن يعيذنا من الشرك قليله وكثيره، وأن يتوفانا على الإسلام غير مغيرين ولا مُبدلين إنه ولي ذلك وهو القادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا مُحمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد