شعار الموقع

طلب العلم 1

00:00
00:00
تحميل
71

طلب العلم 

الشيخ/  

 

فاصل صفحات 

وأن يجمعنا وإياه في جنة الخلد في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، إخواني قبل أن يبدأ الشيخ، لعل الإخوة يحرصون على الجوالات وعلى أن يُوضع على الصامت أو على الهزاز، والمسألة الثانية أن نتقارب، من في آخر المجلس يتقاربون، كما أنه سيكون بعد الكلمة مجالًا للأسئلة، إن كان هناك بعض الأسئلة نأتي بها. 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا إمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني، أشهد أنه رسول الله، إلى الثقلين الجن والإنس، والعرب والعجم، وأشهد أنه خاتم النبيين والمرسلين، وأنه لا نبي بعده، وأشهد أنه بلَّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى آتاه من ربه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى آله وأصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين. 

أما بعد، فإني أحمد الله إليكم وأثني عليه الخير كله وأسأله المزيد من فضله، وأسأله سبحانه وتعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا وذرياتنا، كما أسأله سبحانه أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا، وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقًا معصومًا، وألا يجعل منا ولا فينا شقيًا ولا مخذولًا، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يجعل جمعنا هذا جمع خير تنزل عليه السكينة وتخشاه الرحمة وتحفه الملائكة ويذكره الله فيمن عنده. 

أيها الإخوان، إن تعلُّم العلم وتعليمه وطلب العلم من أفضل القربات، وأجلَّ الطاعات، فهو عبادة عظيمة، تعلٌّم العلم وتعليمه من العبادات العظيمة التي هي أفضل من نوافل العبادة؛ لأن نوافل العبادة، نوافل الصلاة والصيام والحج نوافل يتعبد بها الإنسان لربه ويختصر نفعها على فاعلها، أما تعلَّم العلم وتعليمه فإن نفعه متعدد، ولذا قرر العلماء أن تعلم العلم وتعليمه أفضل من نوافل العبادة، بمعنى أنه إذا تعارض نوافل الصلاة ونوافل الصيام ونوافل الحج، فإن تعلم العلم وتعليمه مقدم على ذلك لأن نفعه متعدد، وإذا كان تعلُّم العلم وتعليمه من العبادات العظيمة فإن العبادة لا تصح ولا تكون نافعة ولا مقبولة عند الله إلا إذا توفر فيها هذان الأمران العظيمان: 

الأمر الأول: أن تكون العبادة خالصة لله مرادًا بها وجه الله والدار الآخرة. 

الأمر الثاني: أن تكون هذه العبادة موافقة لشرع الله وصوابًا على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

وقد جمع الله تعالى بين هذين الأمرين في مواضع من كتابه، الأمر الأول الإخلاص لله، بأن تقصد من عبادتك وصلاتك وصيامك وزكاتك وحجك، تعلُّمك، تعليمك، برك لوالديك، صلتك لرحمك، إحسانك إلى الناس، جهادك في سبيل الله، أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر، دعوتك إلى الله، كفْك بنفسك عن أذية الناس في دمائهم أو أموالهم أو أعراضهم تقصد بهذا العمل الذي تعمله وبهذا الترك الذي تتركه وجه الله وتريد آخرته، تريد ما عند الله لا تريد محمدة من الناس ولا تريد ثناءً ولا جاهًا، ولا تريد دنيا إنما تريد وجه الله، تريد أن تتعبد لله، تريد أن تمتثل لأمر الله، تريد ثواب الله الذي أعدَّه لك وللمخلصين. 

والأمر الثاني أن يكون عملك موافقًا للشريعة، هذا العمل الصلاة التي تتعبد بها، جاء بها الشرع عليها دليل من الكتاب أو من السنة، هذه الصلاة التي تصليها، هذا المال الذي تنفقه، هذا الصيام الذي تصومه، هذا العمل الذي تعمله مع والديك، مع أولادك، مع جيرانك، هذه النصيحة الذي تفعلها وتؤديها، هذا القول الذي تقوله، هذه التلاوة التي تتلوها، كلها موافقة لشرع الله، وصوابًا على هدي النبي صلَّى الله عليه وسلَّم. 

فإذا توافر هذان الأمر فإن هذه العبادة مقبولة ونافعة عند الله، قد جمع الله بين هذه الأمرين في مواضع من كتابه، قال الله تعالى في كتابه العظيم: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110]، العمل الصالح هو المربوط بالشرع وهذا هو الأمر الأول، ﴿وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ العمل الذي ليس فيه شرك هو الخالص لله، قال تعالى: ﴿ وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ﴾ [لقمان: 22] وإسلام الوجه هو إخلاص الأمر لله، والإحسان هو أن يكون الأمر موافقًا للشريعة، وقال تعالى: ﴿ بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ﴾ [البقرة: 112]، وإسلام الوجه هو إخلاص الأمر لله، والإحسان هو أن يكون الأمر موافقًا للشريعة، وقال: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر: 2]، وقال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5]، ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ نخصك يا الله بالعبادة، نعبدك يا الله، ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ مخلصًا له العبادة، والأصل الأول وهو الإخلاص لله هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، فإن مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله ألا تعبد إلا الله، شهادة أن لا إله إلا الله معناها أن تشهد وتعترف وتقر وتخبر وترفع صوتك بأنه لا معبود حقًا إلا الله، مقتضاها شهادة أن لا إله إلا الله أن يكون العمل خالصًا لله، وإذا تخلًّف هذا الأصل حلَّ محله الشرك، قال عليه الصلاة والسلام في حديث صحيح رواه الشيخان في صحيح البخاري ومسلم: «إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، الأعمال بالنيات. 

مقتضى هذا الأصل شهادة أن لا إله إلا الله، ومقتضى الأصل الثاني هو أن تكون العبادة موافقة للشريعة، ومقتضى الأصل هو الشهادة لنبينا صلَّى الله عليه وسلَّم الرسالة، قال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو ردٌّ» رواه الشيخان البخاري ومسلم، وفي نص لمسلم: « مَنْ عَمِلَ عَمَلاً ليسَ عليه أمرُنا هذا فهو رَدٌّ». 

إذن هذان الأصلان؛ الأصل الأول هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، والأصل الثاني هو مقتضى شهادة أن محمدًا رسول الله، وهاتان الشهادتان هما أصل الدين وأساس الملة أن تشهد لله وتعالى بالوحدانية وأن تشهد لنبيه محمدًا صلَّى الله عليه وسلَّم بالرسالة؛ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، هاتان الشهادتان هما أصل الدين وأساس الملة، هما مفتاح الإسلام، لا يدخل الإنسان في الإسلام حتى يأتي بهاتين الشهادتين، وهاتان الشهادتين هما مفتاح دار السلام مفتاح الجنة، فهما مفتاح الإسلام ومفتاح دار السلام، فمن شهد أن لا إله إلا الله عن إخلاص ورهبة ورغبة وصدق ومحبة وانقياد وقبول، قوَي الإيمان في قلبه والتصديق فإنه إذا قوَيت هذه الشهادة قالها عن إخلاص وصدق فإنها تحرق الشبهات والشهوات. 

ولا يصر الإنسان على معصية، فإذا حصل عنده غفلة وإعراض ضعفت هذه الشهادة في القلب فجاءت المعاصي، إذا استولت الغفلة على القلوب جاءت المعاصي، وجاءت الشبهات وجاءت الشهوات، فإذا قوَّي الإيمان والتوحيد في القلب وقويت هذه الشهادة لا يمكن أن يصر الإنسان على معصية. 

والله تعالى لم يخلقنا سبحانه وتعالى لنأكل ونشرب ونبري البدايات ولنغرس الأشجار، وأن نشق الأنهار ونجمع الأموال ونقدس بعضها على بعض، لا، لم نخلق لهذا إنما خلقنا لعبادته وطاعته، بينما نحن نبري البدايات ونغرس الأشجار ونكسب المال ونستعين بذلك على طاعة الله، نكسب الأموال على وفق شرع الله وننفقها وفق شرع الله، أكل المسلم، الإسلام يسير المسلم في جميع حالاته لا تتحرك أي حركة إلا والإسلام له في هذه الحركة توجيه، وأنت نائم الإسلام يوجهك وأنت قاعد الإسلام يوجهك وأنت تأكل الإسلام يوجهك، وأنت تشرب الإسلام يوجهك، وأنت تتعامل مع ربك الإسلام يوجهك، وأنت تتعامل مع أهلك الإسلام يوجهك، تتعامل مع والديك، تتعامل مع جيرانك، تتعامل مع إخوانك فالإسلام يوجهك، تتعامل بالشرع، وأنت في الطائرة، في القطار، في السيارة، في الجو في البر في البحر في المصعد الكهربائي، في أي مكان أنت مأمور ومنهي وموجه ومطلوب منك أن تفعل أشياء وأن تترك أشياء، والشرع يرَّغبك في أشياء ويوجب عليك أشياء وينهاك أشياء ويكره علبك أشياء. 

فالإنسان مكلف مخلوق لعبادة الله، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56] هذه العبادة كيف نعرفها حتى نعبد الله بها؟ لا نعلمها إلا عن طريق الكتاب والسنة كتاب الوحي؛ القرآن الكريم الذي أنزله الله تعالى علينا لنتدبره ونعمل به ونتفهم معانيه ونتحاكم إليه ونحكمه في كل شأن من شئوننا، وكذلك السنة النبوية. 

إذن الطريق إلى معرفة العبادة التي خلقنا الله لها وتعلٌّم العلم، عليك أن تتعلم، وتعلُّم العلم نوعان: 

النوع الأول هو فرض عين على كل إنسان، كل إنسان عليه أن يتعلم ما يقيم به دينه، تتعلم كيف تعبد الله، تتعلم أن تصلي، كيف تتطهر للصلاة، كيف تتوضأ، كيف تصوم رمضان، كيف تحج البيت إذا وجب عليك الحج، كيف تزكي إذا كان عندك مال، هذا فرض، هذه أمور مفروضة على كل إنسان لأن الله لا يقبل إلا مع العلم، ولا يصح للعبادة أن تكون إلا أن تعلم عبادة، ولا تعلم أنها عبادة إلا عن طريق الوحي عن طريق الكتاب والسنة، قال الله تعالى لنبيه الكريم: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [الأحقاف: 19]، وقال البخاري رحمه الله: لابد العلم قبل القول والعمل، إذن لابد أن تتعلم، اعلم إنه لا معبود حق إلا الله، يجب عليك أن تتعلم كيف تعبد الله، تعلم أن الله تعالى هو المعبود الحق، تؤمن بأن الله تعالى موجود وأنه فوق السماء فوق العرش، والسماء والعرش بائن من خلقه، وأنه سبحانه واجب الوجود لذاته. 

لم يجده أحد ولم يتفرع منه شيء، وليس له أصل وليس له فرع، قال الله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) ﴾ [الإخلاص]، نزلت هذه السورة لما قال المشركون: اوصف لنا ربك، فقال الله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ هو متوحد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ليس له مثيل، ﴿ اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ الذي لا جوف له لا يأكل ولا يشرب، السيد الذي [00:16:11] والذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها، ﴿لَمْ يَلِدْ ﴾ لم يتفرع منه شيء ليس له ولد، ﴿وَلَمْ يُولَدْ﴾ ليس له أصل أب ولا جد، لم يتفرع منه شيء ولم يتفرع من شيء، فهو واجب الوجود لذاته، لأن الله هو الأول الذي لا بداية لأوليته، هو الأول في ذاته وأسمائه وصفاته، قال تعالى: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحديد: 3]، والأول الذي لا بداية لأوليته لأنه لو كان له بداية لكان يسوق بالعدد، فليس له بداية، وهو الآخر الذي لا آخر لآخرته، وهو الظاهر الذي ليس فوقه عرش هو فوق العرش والعرش سقف المخلوقات كلها، وهو الباطن الذي لا ليس دونه شيء ولا أحد من خلقه سبحانه وتعالى. 

فسَّر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم هذه الأسماء الأربعة من الكتاب ومن السنة، بقوله في الحديث الصحيح: «اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ» فالله هو الأول ليس قبله شيء، فهو واجب الوجود لذاته، وهو سبحانه وتعالى غني عن ما سواه، فهو غني عن جميع الخلق لا يحتاج إلى أحد، لا إلى العرش ولا الآدميين ولا إلى الإنس ولا الجن ولا الملائكة، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [العنكبوت: 6] وهو سبحانه قديم أزلي يعني كنيته لا بداية لأوليته، لا يجوز عليه الحدوث ولا العدم، لا يجوز عليه الحدوث كالمرض أو الأكل أو الشرب أو الضعف أو النوم أو النقص أو الموت أو العدم، هذا كله لا يجوز على الله سبحانه وتعالى، فهو واجب الوجود لذاته، قديم أزلي، قدير عما سواه لا يجوز عليه العدم، تعلم ربك بأسمائه وصفاته، توحده وتؤمن بوجوده، وأنه واجب الوجود لذاته وأنه قديم أزلي وأنه قدير على العالمين، وأنه الأول ليس قبله شيء وأنه الآخر ليس بعده شيء، وأنه الظاهر ليس فوقه شيء، وتؤمن بربوبيته، تؤمن بأنه الخالق وغيره المخلوق، وبأنه الرب وغيره المربوب وبأنه المالك وغيره المملوك، والرب المالك الخالق رب الجميع وهو خالق الجميع وهو مالك كل شيء، وبأنه مدَّبِر وغيره مُدَبَر، وبذلك تكون آمنت بربوبيته. 

تؤمن بأنه الخالق وغيره المخلوق، وبأنه الرب وغيره المربوب، وبأنه المالك وغيره المملوك وبأنه مُدّبِر وغيره مُدَبَر، وبهذا تكون وحدته في ربوبيته. 

وتوحد الله في أسمائه بأن تؤمن بأن لله أسماء حسنى سمَّى بها نفسه وسمَّاه بها رسوله، أسماء الله، أعرف المعارف ليس بها غير الله، الرحمن ليس بها غير الله، الرحيم، البري، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، الغفور، الودود، كل هذه من أسمائه، وكل اسم مشتمل على صفة، الرحمن يشتمل على صفة الرحمة، القدير مشتمل على صفة القدرة، أسماء الله مشتقة، العليم مشتمل على صفة العلم، تؤمن بأن الله موصوف بالعلم، موصوف بالقدرة، موصوف بالسمع، موصوف بالبصر، بأنه ينزل إلى السماء الدنيا، وبأنه فوق العرش، بأنه إله العلوم، موصوف بالعلوم؛ علوم الذات وعلوم القدر وعلوم القهر، وبهذا تكون وحدت الله في أسمائه وصفاته. 

وتوحد الله أيضًا في ألوهيته وعبادته، بأن تعبده وحده، توجه جميع إراداتك وقصدك لله، كل ما تتقرب به من العبادات تخص الله به، فلا تدعو إلا الله، ولا تصلي إلا لله، ولا تركع إلا لله، ولا تسجد إلا لله، ولا تذبح إلا الله، ولا تخاف إلا الله، ولا ترهب إلى من الله ولا ترغب إلا إلى الله، ولا ترجو إلا الله، ولا تخشى إلا الله، ولا تتوكل إلا على الله، فتخص الله بعباداتك، فإن قصدت شيء من العبادات لغير الله وقعت في الشرك، إذا دعوت غير الله أو ذبحت لغير الله أو ذللت لغير الله أو طوفت لغيره وقعت في الشرك. 

كما إنك إذا لم تؤمن بأسمائه وصفاته وقعت في شرك الأسماء والصفات، أو لم تؤمن بأفعاله فإذا كان لا توحده في ربوبيته، لابد أن تتعلم كيف تصلي، كيف تصوم، كيف تحج، إذن العلم نوعان: 

نوع فرض يجب على كل إنسان أن يتعلمه وهو ما يقيم به دينه، يجب على كل إنسان أن يتعلم كيف يعبد الله، يتعلم أن الله تعالى هو المعبود الحق، ويتعلم الشرك حتى يحذر ولا يقع فيه، يتعلم كيف يتوضأ، يتعلم كيف يصلي، يتعلم كيف يخرج زكاة ماله إذا كان عنده مال، يتعلم كيف يصوم، كيف يحج، إذا كان يبيع ويشتري يجب عليه أن يتعلم كيف يبيع ويشتري، إذا كان عنده أموال أو يتعاطى تجارة لابد أن يتعلم، هذه فرض عليك أن تتعلم، إذا كان عندك زوجة أو أولاد لابد أن تتعلم حقوق الزوجة والأولاد. 

النوع الثاني: فرض الكفاية، وهو ما زاد على ذلك، يعني التفاصيل؛ تفاصيل أحكام الوقف، وأحكام الإجارة، والبيع والشراء والصلح وغير ذلك، هذه أمور فرض كفاية، يوجد في الأمة طائفة من أهل العلم أن يتعلموه، أما بقية الناس فلا يجب عليهم، ولكن يجب على الأمة الشريعة محفوظة حفظها الله بعلمائها، فلابد أن يكون في الأمة طائفة تتعلم هذه العلوم الشرعية وكذلك الصناعات التي تحتاجها الأمة يجب أن يقوم عليه طائفة من الناس حتى لا تتعطل التجارة والحدادة والنجارة والصناعة، تتخصص طائفة من الناس تقوم بها وتقوم بحوائج الأمة، هذا فرض كفاية. 

فإذن العلم نوعان: فرض عين لابد منه وهو الذي لا يقوم دين الإنسان إلا به، والنوع الثاني وما زاد على ذلك يكون فرض كفاية، ولذلك جاءت النصوص في فرض العلم وتعليمه العلم الشرعي. 

الله تعالى نوَّه إلى العلم والعلماء قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11] بيِّن الله تعالى أنه يرفع المؤمنين وأهل العلم درجات، وقال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ﴾ [الزمر: 9] والله سبحانه وتعالى قرن شهادة العلماء بشهادته وشهادة ملائكته على أجلَّ مشهودٌ به وهو الشهادة لله سبحانه وتعالى بالوحدانية، أعظم شهادة أن يشهدوا لله بالوحدانية، قرن الله شهادته بشهادة العلماء، وشهادة الملائكة بشهادة العلماء، فقال سبحانه: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [النساء: 18] وقال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» إذن أنت تسلك طريقًا إلى الجنة حينما تتعلم العلم ولكن عليك الإخلاص، العلم عبادة، تتعلم العبادة لله لترفع الجهل عن نفسك ثم لترفع الجهل عن غيرك، قيل عن الإمام أحمد رحمه الله: ماذا ينوي؟ قال: العلم، قال: ينوي رفع الجهل عن نفسه ثم رفع الجهل عن غيره؛ لأن الإنسان في الأصل لا يعلم، قال الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: 78]، إذن أصل الإنسان أنه لا يعلم، يتعلم، تتعلم فتنوي رفع الجهل عن نفسك، قبل أن تتعلم لم تكن تعرف كيف تتوضأ ثم علمت، هذا علم، مثلًا الذي أسلم من جديد مثلًا قبل ذلك كان لا يعرف كيف يصلي، الآن عرف وعلم، هذا علم، العلم رزق يرزقه الله، عرف كيف يصلي وكيف يصوم وكيف يحج وكيف يزكي، عرف كيف يتعامل مع والديه، فإذا زاد على ذلك صار من أهل العلم في المدارس والمعاهد العلمية وفي الكليات والجامعات، وفي كذلك الدروس التي تُلقى في المساجد والمحاضرات والندوات، الإنسان يثابر عليها، يحصل على هذا الأجر، في الحديث: «إنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ». 

«وثبت أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في حديث صحيح كان يومًا يتحدث إلى أصحابه، وكانوا حلقى؛ متحلقين في المسجد والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم بينهم، فجاء ثلاثة نفر، فأما أحد الثلاثة فوجد فُرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الثاني فجلس خلف الحلقة، وأما الثالث فإنه أدبر راجعًا، فلما قضى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بالحديث قال: ألا أنبئكم بخبر الثلاثة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أما الأول فآوى فآواه الله، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الثالث فأعرض، فأعرض الله عنه.» 

أيضًا طالب العلم لا يجب أن يكون من المعرضين، العلم من أشرف ما أُعطيه الإنسان، العلم شريف، ولهذا أمر الله نبيه أن يسأله المزيد من العلم، ونبينا صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل الناس وأعلم الناس بالله، قال تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه: 114]، الرسول عليه الصلاة والسلام أشرف الخلق يأتيه الوحي صباحًا ومساءً، ومع ذلك أمره الله بأن يسأله الزيادة من العلم، ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ لم يقل زدني علمًا ولا جاهًا، فأنت عليك أن تزداد وتطلب العلم وأن تتعلم. 

كان العلماء يتعلمون ويتعبون، قال البخاري رحمه الله: "ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر في طلب حديث واحد"، جابر بن عبد الله رحل مسيرة شهر في طلب حديث واحد، جابر بن عبد الله اشترى بعيرة من المدينة على الشام وجلس لمدة شهر لطلب حديث واحد، "حتى وصل إلى الشام إلى عبد الله بن أنيس، فلما جاء إليه طرق الباب فخرج إليه، فقال: قل له بالباب جابر عبد الله، فخرج فقال: حديثٌ بلغني عنك فخشيتُ أن تموت أو أموت قبل أن أسمعه"، انظر مسيرة شهر اشترى بعير لهذه المهمة وسافر مسافة شهر من أجل حديث واحد. 

والإمام أحمد -رحمه الله- يرحل من بغداد إلى اليمن وكتبه على واحدة، ولا يزال أهل العلم قديمًا وحديثًا يرحلون لطلب العلم ويتعبون، يهجرون البلاد والوطن، يهجرون الأولاد، يهجرون الأهل ويجلسون السنين. 

تَقي بن مخلد يُحكى أنه سافر مسيرة سنتين للإمام أحمد ليتعلم ويطلب العلم والحديث، فلما جاء إليه وجده مسجون، فلما وصل قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون سنتين ومسجون؟ ثم كان يأتي إليه يزوره كزائر ويُلقي عليه حديث أو حديثين يحفظه، وهكذا أهل العلم لايزالون يتعلمون ويصبرون على شغف العيش. 

نحن الآن سبل العلم الآن والوسائل المتعددة؛ وسائل طلب العلم الآن متعددة، والحمد لله في هذا الزمن وُجدت وسائل ليست موجودة في الأزمنة السابقة، كان العلماء في الزمن السابق يرحلون، ليس عندهم وسائل، ليس هناك مكبرات صوت ولا هناك مُسجلات ولا إنترنت، ولا هناك كتاب ولا أوراق ولا مطابع، كانوا يكتبون بالعظام والخرق واللخاف والعُسُب ومع ذلك حصلوا علم غزير. 

كان الواحد من العلماء من المحدثين يحضر عنده الآلاف، ليس عنده مكبر صوت، لكن هناك مبلغون فإذا قالوا الشيخ حدثنا ثم يسمع ويبلغ فيقول: حدثنا، ثم يصل إلى مبلغ يقول: حدثنا، حتى يصل إلى آخر الآلاف المؤلفة ثم يقول فلان فلان حدثنا وهكذا، نحن الآن لم نتعب وليس لدينا شيء من هنا، نحن الآن في بيوتنا ومُرفَّهون ومكيفون، وأنواع من الأطعمة وأنواع من الأشربة وأنواع من الملابس وأنواع من المساكن وأنواع من المراكب والسيارات، رفاهية، ومع ذلك توجد دروس علمية في المساجد ولا يحضر إلا القليل، نقدِّم شهوة النوم أو الأكل أو الشرب أو الذهاب والإياب، أو الذهاب إلى الاستراحات، ليس هناك همة عالية عند الكثير، والبعض يتذوق يحضر في الأسبوع مرة أو في الشهر مرة، العلم يحتاج إلى مثابرة وصبر باستمرار، ثم أيضًا يحتاج إلى ورع، كان العلماء يتعلمون بالسنين طويلة ولا يتكلمون وكان يجلس للتدريس لفترة حتى يشهد له مشايخه بأنه أهل للتدريس. 

وبعض الناس تجده بدأ شاب صغير وهو في المتوسط أو في الثانوي استقام على طاعة الله أيام قليلة، ثم بعد ذلك يقولوا له: تكلم، ويتكلم وهو لا يتعلم ثم يسأل ويُفتي في مسائل يتوقف عنها العلماء الكبار، هذا من عمل الشيطان، أولًا: لا تتكلم ولا تلقي الكلمة ولا الموعظة حتى تتعلم وتتبصَّر ويمر عليك مدة ثم تُلقي كلمة في حدود معرفتك، وإذا سألوك لا تجيب، قل لهم: الجواب ليس عندي، اتصلوا بأهل العلم، أما أن تكون صغير وتفتي وتقول: هذا لا يجوز، وهذا حلال وهذا حرام، الله تعالى يقول: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النحل: 116] فاتقِّ الله واحذر، تعلَّم وتبصَّر وتفقَّه في شريعة الله ودينه، والزم ركب أهل العلم، والحمد لله إذا فاتك شيء تجدها الآن محفوظة، أو تجد الدرس محفوظ في الشبكة المعلوماتية المسماة بالإنترنت. 

فعلينا جميعًا أن نحرص على طلب العلم، يحرص الشاب ما دام في وقت الإمكان ووقت المهلة، قد يأتي وقت لا تجد من تتعلم عليه، لا تجد أهل العلم والبصيرة، تجد هناك من أهل العلم لكن لا تثق به؛ إما لأنه غير ورع أو لأن معلوماته ضحلة وقليلة، قد يأتي الوقت فتن لا تستطيع ولا تتمكن، انتهز الوقت والفرصة مادام أهل العلم والبصيرة موجودون وما دمت شاب ونشيط، وما دمت تستطيع الآن، ولم تنشغل بطلب المعيشة، كل شيء مهيأ لك، فعليك أن تنتهز الفرصة وتطلب العلم في وقت شبابك ووقت نشاطك وقوتك وفراغك وعدم انشغالك. 

ابن عباس -رضي الله عنه- توفي النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وهو صغير في حدود العشرين، وكان وهو صغير عنده حرص؛ «أتى إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في بيت ميمونة خالته، ومات النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وكان ابن عباس ابن عشر من عمره، فنام النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأهله في طول الوسادة وابن عباس في عرضها، وكان يراقب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا السن، قال ابن عباس: فلما انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل قام النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وقام إلى شّنَّة –وهي قربة- معلقة فصبَّ منها ماءً وتوضأ، وابن عباس يرقبه، فقام ابن عباس وهو صغير فصب من هذه القربة مثله وتوضأ وصفَّ بجانب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يصلي في الليل، ووقف عن يساره فأداره النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عن يمينه »، لأنه مأموم، والمأموم يكون على يمين الإنسان لا على يساره فأداره إلى الخلف، فدلَّ على أن المأموم إذا دار الإمام عن يساره إلا عن يمينه فلا [00:38:03] ودعا له النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال له: «اللهم فقههُّ في الدين وعلمه التأويل»، فاستجاب الله دعوة نبيه. 

فتوفي النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وهو ابن عشرون سنين، والصحابة متوافرون، العلماء والصحابة عندهم علم غزير، فجاء ابن عباس يطلب العلم ويأخذ عنهم، فكان يأتي إلى الواحد من الصحابة ويجلس عند بابه ويتوسَّد يده حتى تشدد الرياح، فإذا خرج الصحابي قال: «يا ابن عم رسول الله هلا أخبرتني؟ يقول: لا، أنا الذي آتي إلى العلم»، فرآه أنصاري –بعض الشباب من الأنصار- قالوا: يا ابن عباس أنت الآن تظن أن الناس يحتاجون إليك؟ هؤلاء الصحابة لا يحتاجون إليك، فلا داعي أن ترهق نفسك فالعلم عند الصحابة والناس يرجعون إليهم، فلم يلتفت إليه وتركه واستمر يطلب العلم عن الصحابة ويأخذ منهم حتى مات أكثر الصحابة، وكبر ابن عباس رجلًا يتضلع من العلم وأصبح هو المرجع وتأتي إليه أفواد الإبل من كل مكان، وكان الناس يتعلمون عليه، فيجعل حلقة للناس بعد صلاة الفجر لتفسير القرآن، ثم يأتي حلقة للحديث، ثم يأتي أيضًا لأيام العرب وأشعارهم وهكذا من حلقة إلى حلقة، والأنصاري طال عمره –زميله في الأصل- ولم يكن متعلمًا، ورأى ابن عباس كيف وصل من العلم وكيف أن الناس يأتون إليه يتعلمون، يتعلم ويعلم ويفتي، وكيف أصبح هو المرجع في أيام العرب علم وفي اللغة وفي الشعر في التفسير وفي الحديث، فلما رأى قال: هذا أعقل مني، في هذا الوقت قال ذلك، طلب العلم ومضت السنين والأنصاري بقي على جهله. 

أسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، وأن يرزقنا الإخلاص في العمل والصدق في القول وأن يثبتنا على دينه القويم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمدًا وعلى آله وصحبه وسلم. 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد