شعار الموقع

طلب العلم 3

00:00
00:00
تحميل
42

طلب العلم. 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد. 

فإن الله خلق الخلق لتوحيده وعبادته وطاعته، خلق الله الجن والإنس ليعبدوه وليوحدوه، قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات:56]. 

والعبادة هي التوحيد والطاعة، وهذه العبادة التي خلق الله من أجلها لا بد في ثبوتها (00:00:39) من أمرين: الأمر الأول: الاجتهاد في الإمتثال، لا بد في هذه العبادة التي أوجبها الله، لا بد من الاجتهاد في الامتثال، والاجتهاد في الامتثال يتضمن أمرين:  

الأمر الأول: الاجتهاد في العلم في هذه العبادة وكيف يؤديها المسلم، وما صفتها، وهذا العلم  إنما هو مأخوذ من الكتاب والسنة، من الوحيين، من كتاب الله وسنة رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فالله تعالى أوجب علينا الصلاة قال:{وأقيموا الصلاة} وفضل الله تعالى بإقامة الصلاة، وبين نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في السنة المطهرة كيفية إقامة الصلاة، وأن تعالى الله أوجب خمس صلوات في اليوم والليلة، وأن صلاة الظهر أربعة ركعات وصلاة الفجر ركعتان وصلاة المغرب ثلاث ركعات، وبين كيفيتها وأنها هيئة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، وأن هذه الهيئة لها أركان ولهها واجبات ولها شروط ولها سنن. 

فإذن لا بد من الاجتهاد في الامتثال بالعلم بكيفية هذه العبادة، ثم الاجتهاد في العمل، فلا تتحق العبادة إلا بهذا الأمرين، من هنا يتبين أن طلب العلم من أهم المهمات، لأن الإنسان حينما يتعلم أولًا : العلم بأسماء الله وصفاته، هذا أشرف العلم، أشرف العلوم هو العلم بالله، والمعرفة بأسمائه وصفاته، فأنت تتعلم من الكتاب والسنة أسماء الله وصفاته، حتى تعلم ربك الذي خلقك، والذي أوجدك من العدم، تعلم هذا المعبود، تعلم أنه سبحانه وتعالى أعظم من كل شيء، وأنه سبحانه وتعالى له العظمة والجمال، والكمال في أسماء الله وصفاته، فإن عرفت معبودك فإنك تتعلم كيفية العبادة التي تعبده بها، التي خلقك من أجلها. 

 ومن هذا يتبين شرف العلم، ولهذا جاء النصوص بفضل العلم والعلماء، وبيان مزيتهم على غيرهم، قال الله تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾[الزمر: 

وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾[فاطر:28] والله تعالى أثنى على العلماء، وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته على أجل مشهود به، وهو الشهادة لله تعالى بالوحدانية، قال الله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[آل عمران:18] 

وقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «من سلك طريقًا يلتمسبه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة» إلى غير ذلك من النصوص. 

ولهذا ينبغي لطالب العلم أن يعتني بالعام ويهتم به، ولهذا بين أهل العلم أن التفرغ لطلب العلم أفضل من نوافل العبادة، إذا تعارضت نوافل العبادة من صلاة وصوم وصدقة وحج مع العلم فإن طلب العلم مقدم، فلهذا ينبغي للمسلم أن يهتم بالعلم، وأن يتفرغ له وأن يعتني به. 

والقرآن  الكربم هو كلام الله -عَزَّ وَجَلَّ- بل هو أساس العلوم، والعلم إنما أخذ من كتاب الله وسنة رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الوحيين، فلهذا ينبغي للطالب والشاب أن يهتم بحفظ القرآن الكريم، أولًا يهتم بحفظ القرآن، ويخصص أوقاتًا للحفظ، وأوقاتًا للقراءة، ولا مانع أن يخصص أوقاتًا لحفظ المتون العلمية ولحضور الدورات والدروس العلمية، ويستمر في طلب العلم، يستمر وليس هناك انقطاع، ولا يزال الإنسان يتعلم إلى الوفاة، والعلم مشاع والعلم لا حدود له، وقال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾[الإسراء:85] 

فلا يزال الإنسان يتعلم حتى يموت، كما روي عن الإمام أحمد أنه قال: من المحبرة إلى المقبرة، فأنا أوصي نفسي وإخواني وأبنائي الطلاب  بالحرص على حفظ القرآن الكريم أولًا، لأنه أصل العلوم وأساس العلوم، ولأنه كتاب الله فيه السعادة وفيه الهدى والنور، وكذلك العناية بسنة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحفظ المتون، يبدأ طالب العلم مثلًا بحفظ الأربعين النووية، ثم عمدة الأحكام ثم بلوغ المرام ثم ينتقل إلى رياض الصالحين، ثم ينتقل إلى الصحيحين ثم إلى السنن الأربعة وهكذا. 

وكذلك أيضًا المذاهب الفقهية، كل مذهب، هناك متون، مثل زيادة المستقنع، أدب المشيإلى الصلاة أولًا، ثم عودة الفقه، ثم بعد عودة الفقه زاد المستقنع لأنه يصور المسائل ويجمعها في مكان، ثم بعد ذلك إذا توسع طالب العلم وترقى، ينظر في هذه المسائل الآن، وينظر ما قام عليه الدليل، ويختار ما دل عليه الدليل. 

ونسأل الله -عَزَّ وَجَلَّ- التوفيق والسداد، والعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.   

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد