شعار الموقع

فضل العلم والعلماء 2

00:00
00:00
تحميل
108

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، 

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبد الله ورسوله وخاتم الأنبياء والمرسلين، ورسول رب العالمين، صل الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه التابعين، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد 

فإني أحمد الله إليكم وأثني عليه الخير كله، وأسأله المزيد من فضله، وأسأله سبحانه أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا وذرياتنا، كما اسأله سبحانه أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا، وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقًا معصوما، وألا يجعل فينا شقيًا ولا محرومًا، كما اسأله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماع خير وعلم ورحمة، تنزل عليه السكينة، وتغشاه الرحمة، وتحفه الملائكة ويذكره الله فيمن عنده. 

فقد ثبت في صحيح مسلم في حديث أبو غرابة رضي الله عنه، ـأن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده». 

أيها الإخوان إن الله-سبحانه وتعالى-خلقنا وأوجدنا من العدم، وهذه منة من الله-سبحانه وتعالى-خلقنا وأوجدنا من العدم وكرّمنا وفضّلنا على كثير من المخلوقات، ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾[الإسراء:70] ثم إن الله-سبحانه وتعالى-اجتبانا وهدانا للإسلام، وهذه أعظم نعمة قد منّ الله بها علينا، أعظم منة يمن الله بها عليك أيها المسلم هو أن هداك للإسلام، وشرّفك بالإيمان، هذه أعظم نعمة، فهذا فضله-سبحانه وتعالى- وإحسانه، لو شاء لما هدانا، كما قال الله-تعالى- عن أهل الجنة، ﴿وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾[الأعراف:43]نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم، لولا فضله وإحسانه ما اهتدينا، انظروا إلى من لم يوفقهم الله ولم يهدهم، انظروا إلى من خذلهم الله، نصارى، يهود، شيوعيون، وثنيون ملاحدة، منافقون زنادقة، خذلهم لحكمة بالغة-سبحانه وتعالى-والله تعالى-اجتبانا وهدانا وفضّلنا وخصّنا واختارنا للإسلام فهذا فضل الله-سبحانه وتعالى- واحسانه، فلله تعالى على المؤمن نعمة دينية خصّه بها دون الكافر، ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ ﴿فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً ﴾[الحجرات8:7] فلله-تعالى-على عبده المؤمن نعمة دينية خصّه بها دون الكافر، فنحمد الله -تعالى- ونثني عليه الخير كله، ونمجّده-سبحانه-ونحمده ونثني عليه الخير كله، ونسأله-سبحانه وتعالى- أن يثبتنا على دين الإسلام، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهّاب. 

أيها الإخوان خلقنا الله-تعالى- لحكمة عظيمة، لم يخلقنا، لنأكل ونشرب ونسعى في هذه الحياة فقط، إنما خلقنا للعبادة والتوحيد والطاعة، نحن نأكل ونشرب ونبيع ونشتري ونزرع ونغرس؛ لنستعين بذلك على طاعة الله، الأمر الذي خُلقنا له، والمؤمن حياته كلها عبادة من أولها إلى آخرها، إذا حسنت نيته وكل حياة المسلم، حينما تصلي في عبادة تصوم في عبادة تزكي في عبادة، حينما تقضي حوائج أهلك وتشتري لهم ما يحتاجون في عبادة؛ لأنك تؤدي الواجب، هذا واجب ومن أدّى الواجب فقد أثابه الله، أليس واجب على المسلم أن ينفق على أهله وأولاده؟ ويقضي حوائجهم؟ بلى هذا واجب، الأدلة التي أمر الله بها بالنفقة على الأهل والأولاد والأقارب والأيتام والبهائم كثيرة، والواجب هو ما أمر الله بفعله، وكل ما أمر الله بفعله إذا فعله الإنسان فهو مُثاب، وكذلك المُستحّب، وكذلك أيضًا العادات تكون عبادات حينما ينوي المسلم أن يستعين بذلك على طاعة الله، فالنوم إذا نوى الإنسان بنومه أن يتقوّى على طاعة الله، مثلًا في الليل وأن يستيقظ لصلاة الفجر، ليصلى ما قُدّر له في آخر الليل فهو في عبادة، ولهذا قال بعض السلف: نوم الصائم عبادة ونفسه تسبيح، وكان بعض السلف يقول: يا حبذا عبادة وأنا نائم على فراشي. 

والله-تعالى- يقول في كتابه العظيم: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ﴿لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾[الأنعام162: 163] صلاتي ونسكي ذبحي، ومحياي ما أحيا عليه ومماتي بعدهم كله عبادة لله رب العالمين لا شريك له. 

ولكن أعظم العبادات أعظم الواجبات وأفرض الفرائض على المسلم، أفرض الفرائض على المسلم وأوجب الواجبات هو توحيد الله-عز وجلّ-هذا هو أفرض الفرائض، أفرض الفرائض هو أن توحد الله بأن تخص له العبادة، بأن يكون توجّهك وإرادتك في جميع ما تتعبّد به لله تقصد به وجه الله والدعوة إلى الآخرة، التوحيد هو أفرض الفرائض وأوجب الواجبات، كما أن أعظم الذنوب وأعظم المعاصي وأغلظها وأشدها عند الله-عز وجل- الكفر الذي يخرج من الملّة والشرك، أعظم الذنوب، أعظم ذنب عُصي الله به في الأرض هو الشرك والكفر، وإذا لقي الإنسان ربه بالشر فإنه لا يُغفر له، ولا تنفعه شفاعة، وهو مخلّد في النار، ولا يستطيع أحد أن ينقذه من عذاب الله ولو اجتمع الخلائق كلهم، ولا يُقبل منه فدية، ولو افتدى بمليء الأرض ذهبًا لن يُقبل منه، حقّت عليه كلمة العذاب ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾[النساء:48] والجنّة عليه حرام، ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾[المائدة:72]. 

فلابد للمسلم أن يعلم الأمر الذي خُلق له، والواجب الذي أوجبه الله عليه، والمُستّحب الذي شرعه الله وشرعه رسوله-صلى الله عليه وسلم-ولابد أن يعلم أيضًا الشرك والكفر حتى لا يقع فيه، حتى يحذره، لابد أن يعلم أنواع الشرك وأنواع الكفر، وأنوع البدع؛ حتى يحذرها، عرفت الشر لا للشر ولكن لاتقّاء الشر. 

ومن هنا كان تعلم العلم وتعليمه أفضل الطاعات وأفضل القربات بل إن تعلم العلم فيما أوجب الله عليه فرض، فرض عليك أن تتعلم ما أوجب الله عليك، فرض عليك أن تتعلم كيف تصلي، وإذا كان عندك مال فرض عليك أن تتعلم كيف تزكي، وما الواجب في الزكاة، وما شروط الزكاة، وإذا وجب عليك الصوم واجب عليك أن تتعلم كيف تصوم، وما الذي يلزمك في الصوم، وما الذي يفسد صومك، وإذا وجب عليك الحج وكنت من أهل الاستطاعة وجب عليك أن تعلم كيف تحج، وكيف تؤدي هذه الفريضة، هذا فرض لابد منه، وما زاد عن ذلك فإنه مُستحب وفضل عظيم، ولهذا فضّل العلماء، هذا فضل العلماء، وشرّف الله العلماء وخصّهم بخصائص ليس بغيرهم، فالعلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورّثوا العلم، فمن أخذ أخذ بحظ وافر، ومن شرفهم أن الله-تعالى-قرن شهادة العلماء بشهادته وشهادة ملائكته على أعظم مشهود به وأجلّ مشهود به وهو الشهادة لله تعالى بالوحدانية، الشهادة لله -تعالى- بالوحدانية هذه أعظم مشهود به، أعظم مشهود به الشهادة لله –تعالى- بالوحدانية، وأنه هو الواحد في ذاته وأسمائه وصفاته، وأنه هو المعبود بالحق وغيره معبود بالباطل، أعظم شهادة الله-تعالى- قارن شهادة العلماء بشهادته وشهادة ملائكته، قال-تعالى-:﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[آل عمران:18] والعلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورّثوا العلم، ولهذا لمّا رأى أبو هريرة-رضي الله عنه-قومًا من التابعين في زمن متأخر بعد وفاة النبي-صلى الله عليه وسلم-ومسجد النبي-صلى الله عليه وسلم- فيه حِلَق ودروس مرّ عليهم وهم جلوس وقال: ما لكم جالسون ها هنا وميراث محمد-صلى الله عليه وسلم-يُقسّم في المسجد، فأسرعوا إلى المسجد يظنون أن هناك دراهم ودنانير تُقسّم، فذهبوا إلى المسجد فلم يجدوا شيئًا يُوزع، فرجعوا إليه كان واقفًا ينتظرهم فقالوا: يا أبو هريرة ما رأينا شيء، ما رأينا شيء يُقسّم، فأين الذي يُقسّم، قال: ماذا رأيتم؟ قالوا: رأينا حِلَق وأناس يدرّسون، قال: هذا ميراث محمد-صلى الله عليه وسلم- ميراث محمد-صلى الله عليه وسلم- العلم ليس هو الدراهم والدنانير. 

ولهذا في الحديث العلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورّثوا العلم فمن أخذ أخذ بحظ وافر، وفي الحديث «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِما يصنع»  والله-تعالى- رفع شأن العلماء فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾[المجادلة:11]  (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) ولا يستوي العالم والعابد، والعالم والفقيه الواحد أشد على الشيطان من ألف عابد، لو مات ألف عابد ومات واحد من أهل العلم كان موت العالم أشد؛ لأن العالم هو الذي يبيّن للناس، ويوضح لهم طريق الحق وطريق الهدى. 

انظر إلى قصة وردت في الصحيحين، قصة الرجل ممن كان قبلنا الذي ((14:29)) الله في قلبه العدوان والطغيان فقتل تسعة وتسعين نفسًا، قتل تسعة وتسعين نفسًا ثمّ سأل: عن من يفتيه هل له توبة؟ فدُلّ على راهب دُلّ على العابد، ففجاء إلى العابد فقال: إنه قتل تسعة وتسعون نفسًا هل له من توبة؟ قال: أعوذ بالله تسع وتسعون نفس تريد توبة؟ تسع وتسعين نفس ليس لك توبة؛ فقتله، وكملهم المائة هذه عقوبة العاجلة، عقوبة عاجلة جاهل، عابد يتعبّد لكن على غير بصيرةـ، أفتى على غير بصيرة، ومن هنا يتبيّن خطورة الفتوى، خطورة الفتوى بغير علم، الأمر خطير يفسد أكثر مما يصلح، فلا يجوز للإنسان أن يتكلم أو يفتي بغير علم، بل عليه أن يحيل المسألة إلى غيره أو يقول الله أعلم، ولهذا قال العلماء : إذا أخطأ المفتي وقال :الله أعلم ((15:36)) هذه عقوبة العاجلة قتله وكّل به المائة ثم سأل عن مفتٍ فدُلّ على عالم في المرة الثانية، وجاء إليه فقال أنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ قال: نعم ومن يحول بينك وبين التوبة؟ من يحول بينك وبين التوبة؟ التوبة مقبولة من كل شخص ومن كل ذنب، من كل شخص ومن كل ذنب ما دام أنه في وقت الإبهام، التوبة مقبولة من كل ذنب ومن كل شخص. 

الله-تعالى- عرض التوبة على المثلثة النصارى الذي يقول أن الله ثالث ثلاثة، ذنبهم عظيم قال الله-تعالى-﴿ قَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[المائدة:73] ثم قال-تعالى ﴿أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[المائدة:74] عرض عليهم التوبة، والله-تعالى- قال في كتابه العظيم: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾[الزمر:53] وهذه الآية عامة، أجمع العلماء على أن هذه الآية في التائبين؛ لأن الله عمم وأطرق، ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ﴾[الزمر:53] أما قوله-تعالى-: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾[النساء:116] فهذه الآية في غير التائبين؛ لأن الله خصّ وعلّق، خصّ الشرك بأنه لا يُغفر، وعلّق ما دونه بالمشيئة، دلّ على أنه في غير التائبين، وأما هذه الآية فهي في التائبين ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾[الزمر:53] 

أي ذنب يفعله الإنسان؛ الشرك أو الكفر أو النفاق أو غيره إذا تاب توبة نصوح بشروطها وكان هذا قبل الموت قبل بلوغ الروح إلى الحلقوم، وقبل طلوع الشمس من مغربها فهي مقبولة، قال الله-تعالى-:﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾[طه:82] والله-تعالى- أمر بالتوبة ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[النور:31] وليس بعد التوبة النصوح إلا تكفير السيئات ورفع الدرجات، قال-تعالى-﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾[التحريم:8] التوبة مقبولة من كل شخص ولهذا فإنه ينبغي للمسلم أن يتعلم ويتفقه ويتبصّر في شريعة الله حتى يعبد ربه على بصيرة ثبُت في الصحيحين من حديث معاوية بن سفيان-رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين وأنا قاسم والله معطي» من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، قال العلماء: هذا الحديث له منطوق وله مفهوم، فمنطوقه أن من فقّهه الله في الدين فقد أراد به خيرًا ، ومفهومه أن من لم يفقهه الله في الدين من لم يرد الله به خيرًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأنا أقول هذا لأني أرى بعض الناس يزهد في العلم والتعلم، ويقبل على العبادة، نعم العبادة شأنها عظيم، لكن العلم أفضل؛ ولهذا قال العلماء أن تعلم العلم أفضل نوافل العبادة، يعني إذا دار الأمر مثلًا بين أن تتعلم العلم وتتفقه وبين أن تصوم تطوع فطلب العلم مُقدّم، أو أن تصلي نوافل فطلب العلم مُقدّم، أو أن تصوم أو أن تحج  حج النافلة فطلب العلم مُقدّم، إذا أمكن الجمع بينهم هذا حسن، وإذا لم يمكن يُقدّم طلب العلم، الإنسان يتنور ويتبصّر ويتفقه في دين الله وينقذ نفسه من الجهل وينقذ غيره، ولكن لابد من الإخلاص في طلب العلم، بعض الناس يقبل على العبادة ويترك طلب العلم، هذا زهد في الأفضل، والشيطان يحرص على حرمان الإنسان من الخير؛ لأن الشيطان له مع الإنسان أحوال، الشيطان حريص على إضلال البني آدم وعلى اغوائه وعلى جرهم معه إلى النار، فهو يحرص، له مواقف مع الإنسان، الموقف الأول أنه يحرص على أن يوقعه في الكفر والشرك، فإذا ظفر بذلك فقد حصل، وإذا لم يظفر نقله إلى  مرتبة ثانية، ينقله إلى البدعة، يبتدع في دين الله؛ لأن البدعة أشد من الكبيرة، أشد من الكبائر، فإذا حصل على البدعة فهذا المطلوب، وإن لم يحصل ولم يستطع نقله إلى الكبيرة الزنا والسرقة وشرب الخمر وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم والتعامل بالربا والرشوة وأكل مال اليتيم إلى غير ذلك، فإن عجز ولم يستطع نقله إلى الصغائر، وإن عجز ولم يستطع نقله إلى المفضول دون الافضل لأن في أمرين ينقله إلى المفضول مثلًا طلب العلم أو العبادة طلب العلم أفضل يقول له: خليك في العبادة، اترك طلب العلم حتي يفوته الأفضل، فإن عجز نقله إلى المُباحات، هذه ستة مواقف للشيطان مع الإنسان. 

اسأل الله أن يعيذنا وإياكم منه وأن يعصمنا وإياكم من شره، ونسأله تعالى أن يفقهنا في الدين وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الإخلاص في العمل والصدق في القول، والثبات على دينه، إنه ولي ذلك والقادر عليه. 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد