بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم للعمل الصالح الذي يرضيه، وأسأله سبحانه وتعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا وذرياتنا، وأسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا علمًا نافعًا وعملًا صالحًا، وأسأله سبحانه وتعالى أن يجعل مجلسنا هذا مجلس خير وعلم ورحمة، تنزل عليه الملائكة، وتغشاه الرحمة، وتحفه الملائكة، تنزل عليه السكينة، وتغشاه الرحمة، وتحفه الملائكة، ويذكره الله فيمن عنده.
أيها الإخوان والأبناء! إن تعلم العلم وتعليمه أفضل القربات، وأجل الطاعات، والعبادة والطاعة التي يتقرب بها المسلم لله -عَزَّ وَجَلَّ- لا بد فيها من تحقق أصلين:
الأصل الأول: أن تكون هذه العبادة مرادًا بها وجه الله والدار الآخرة.
والأصل الثاني: أن تكون هذه العبادة موافقة لشرع الله، وصوابًا عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أي عبادة تتعبد بها لله -عَزَّ وَجَلَّ- لا بد أن يتحقق فيها هذان الأصلان، صلاة، صيام، زكاة، حج، بر للوالدين، صلة للأرحام، أمر بالمعروف، نهي عن المنكر، تعلم العلم، تعليمه، الدعوة إلى الله، الإحسان إلى الجيران، صلة الأرحام، صدقات، وغيرها.
لا بد أن تتفقدها، تتفقد هذه العبادة التي تعبد الله بها، وتتقرب إلى الله بها، لا بد أن يتحقق فيها هذان الأصلان:
أن تكون خالصة لله، مرادًا بها وجه الله والدار الآخرة، العبادة تكون لله لا لغيره؛ لأن الله تعالى خلقنا لعبادته وتوحيده وطاعته، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات:56].
والأصل الثاني: أن تكون موافقة لشرع الله، وصوابًا على هدي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فالصلاة التي يعبد بها الإنسان ربه لا بد أن تكون خالصة لله، فإن أراد بها غير الله فهي مردودة، ولا بد أن تكون موافقة للشريعة، صلاة الظهر أربع ركعات، وصلاة العصر أربع ركعات، وصلاة المغرب ثلاث ركعات، وصلاة المغرب ركعتين، فلو زاد أو نقص بطلت الصلاة، مردودة؛ لأنها غير موافقة للشريعة، وكذلك إذا كانت موافقة للشريعة ولكن ما أراد بها وجه الله فهي مردودة، لا بد أن تبتغي بها وجه الله، وأن تكون موافقة للشريعة، قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾[الكهف:110].
والعمل الصالح ما كان موافقًا للشريعة، والعمل الذي ليس فيه شرك هو الخالص لله، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾[لقمان:22]، وإسلام الوجه هو إخلاص العمل لله، والإحسان هو أن يكون العمل موافقًا للشريعة.
فنسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في العمل والصدق في القول وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه وموافقة لشرعيته، وأريد بها وجهه سبحانه وتعالى إنه ولي ذلك والقادر عليه.