شعار الموقع

وقفات حول طلب العلم وتعليمه وآدابه 3

00:00
00:00
تحميل
72

بسم الله الرحمن الرحيم 

 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني، أشهد أنه رسول الله حقًا، وأنه رسول الله إلى الناس كافة من العرب والعجم إلى الجن والإنس، وأنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتى من ربه اليقين. 

فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين، وعلى آله وعلى أصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد ... 

فإني أحمد الله إليكم وأشكره وأسأله المزيد من فضله، وأسأله سبحانه وتعالى أن يصلح قلوبنا، وأعمالنا ونياتنا ودنياتنا. 

كما أسأله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا، وأن يجعل تفرقنا تفرقًا معصومًا، وألا يجعل فينا ولا منا شقيًا ولا محرومًا، كما أسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعل مجلسنا هذا واجتماعنا هذا مجلس خير وعلم ورحمة، تنزل عليه السكينة، وتغشاه الرحمة، وتحفه الملائكة ويذكره الله فيمن عنده. 

لقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده». 

أيها الإخوان، إن تعلم العلم وتعليمه وطلب العلم من أفضل القُربات، وأجل الطاعات، تعلم العلم فضله عظيم، حتى إن العلماء بينوا أن التفرغ لطلب العلم وأن تعلم العلم مقدم على نوافل العبادة. 

يعني على نوافل الصلاة، ونوافل الصوم ونوافل الحج، إذا تعارض طلب العلم مع صلاة الضحى مثلًا، أو مع قيام الليل فإن طلب العلم مقدم، وكذلك إذا تعارض طلب العلم مع الصيام، صيام النفل، الصيام مثلًا يوم، وفطر يوم، أو الصيام ثلاثة أيام صيام الاثنين والخميس، فإنه يُقدم طلب العلم. 

وكذلك حج النفل، وما ذاك إلا لأن طلب العلم يتبصر به المسلم، (3:08) بإذن الله، ويعرف حق الله –عز وجل-، وما أوجب الله عليه، وما نهى الله، يتبصر في دين الله، فينقذ نفسه من الجهل، ويرفع الجهل عن نفسه، ويرفع الجهل عن غيره؛ لأن الأصل في الإنسان أن لا يعلم، كما قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل:78]. 

قيل للإمام أحمد –رحمه الله- ماذا ينوي العلماء؟ قال: ينوي رفع الجهل عن نفسه، ورفع الجهل عن غيره. 

ولهذا ثبت بالحديث الصحيح الذي رواه الشيخان، من حديث معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من يُرد الله به خيرًا يفقه في الدين»، «من يُرد الله به خيرًا يفقه في الدين»، والله قال: وأنا معطي، أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-، قال: «من يُرد الله به خيرًا يفقه في الدين» قال العلماء: هذا فيه لا هو منطوق ولا مفهوم، فمنطوقه أن من فقهه الله في الدين، فقد أراد به خيرًا، ومفهومه أن من لم يفقهه لله في الدين لم يرد به خيرًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله. 

وسلوك طريق العلم والعناية في طلب العلم، والصبر على تعلم العلم، طريق إلى الجنة، إذا خلصت نية المسلم كما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة». 

العلم وراثة، وراثة الأنبياء، يرثه أهل العلم عن الأنبياء، كما في الحديث «فإن العلماء ورثة الأنبياء»، والأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا علمًا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر. 

وقد ميز الله أهل العلم العامرين، ورفع شأنهم وأعلى قدرهم، قال الله تعالى: ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ [الزمر:9]، وأمر الله نبيه أن يسأله الزيادة من العلم، ولم يسأل (5:40) الزيادة من الجاه ولا المال ولا المنصب، يقول: ﴿ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه:114]. 

وقد قرن الله تعالى شهادة أهل العلم بشهادته وشهادة ملائكته، على أجل مشهود به، وهو الشهادة لله تعالى بالوحدانية، وقال تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران:18]. 

والعلم ثلاثة أقسام: لا رابع له، العلم النافع، ثلاثة أقسام لا رابع لها: 

القسم الأول: العلم الذي يتعلق بذات الرب. 

وهو إثبات حقيقة ذات الرب، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، فاعلم أسماء الرب، وصفاته، وأفعاله، ويتفقه فيها، فتعرف معبودك، وإلهك بأسمائه وصفاته وأفعاله. 

الثاني، القسم الثاني: معرفة الأوامر والنواهي، الذي هو دين الله، الحلال والحرام، معرفة حق الله، أولًا: تعرف معبودك، الأول تعرف معبودك، وإلهك بأسمائه وصفاته وأفعاله، وأنه -سبحانه وتعالى- فوق العرش بذاته، وأنه العلي الأعلى، وأنه العزيز الحكيم، العلي العظيم، الملك القدوس، السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، إلى غير ذلك من أسماء الله وصفاته وأفعاله، وأنه الخلاق أنه الرزاق، أنه المحيي أنه المميت أنه المدبر، أنه الخالق وغير المخلوق، وأنه الرب وغير المربوب، وأنه المالك وغير المملوك، وأنه المُدبِر وغير مُدَبر. 

وهذا هو الوسيلة، وهذا هو الذي يسمى عند أهل العلم بتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، إثبات حقيقة ذات الرب، وأسمائه وصفاته وأفعاله. 

القسم الثاني: معرفة حق الله. 

بعد أن عرفت ربك بأسمائه وصفاته وأفعاله، فاعرف فاعرف الحق، وما أوجبه عليك، وهي الأوامر والنواهي الذي هو دين الله، معرفة الحلال والحرام، والأوامر والنواهي. 

فتعبد الله بأفعالك أنت، وهذا ما يسمى عند أهل العلم بتوحيد الألوهية والعبادة. 

القسم الثالث: أن تعلم الجزاء في الآخرة. 

الذي أعده الله في الآخرة للمطيعين، والجزاء الذي أعده الله للعاصيين. 

بعد أن عمل الناس في هذه الدنيا، الناس يكدحون ويعملون بعد ذلك لا بد من الجزاء، الجزاء على الأعمال الصالحات، والجزاء على الأعمال السيئة. 

لأننا لم نُخلق عبثًا، ولم نترك هملًا ولا سدى، لا نؤمر ولا ننهى في الدنيا، ولا نجازى ولا نحاسب في الآخرة، فتعرف أن الله -سبحانه وتعالى- تعلم تعتقد أن الله تعالى (9:49) في الخلائق يوم القيامة، وينشئهم خلقًا جديدًا، بأن تُغير الصفات، أما الذوات فهي هي، بعد أن نادى الله إسرافيل ينفخ في الصور ويرفع والموت، يمكث الناس أربعين، وينزل الله مطرًا، تنبت منه أجساد الناس. 

وذلك أن ابن آدم، يبلى، كله إلا عجم الذنب، وهو العصعص آخر العمود الفقير، كما ذكر في صحيح مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل ابن آدم يبلى إلى عجم الذنب، إنما خلق ابن آدم (10:35) يركب». 

فيعيد الله (10:35) تراب، أن تستحيل تراب، إلا الأنبياء سلام الله عليهم، (10:44) والشهداء بعضهم تبقى أجسادهم مددًا، ثم تبقى أجسادهم مدة، فيعيد الله الذرات التي في (10:55) لأنه عليم (10:58)، وقادر، وينشأهم تنشأة قوية، تقوي الصفات وتبدل الصفات، والذوات هي هي. 

فإذا تم خلقهم أمر الله إسرافيل فنفخ في الصور نفخة البعث، فعادت الأرواح إلى أجسادها، ودخلت كل روح في جسدها، فقام الناس ينقضون عن رؤوسهم التراب، وذلك أن الروح ما تبلى، ما تموت، الموت هو مفارقة الروح للجسد، ثم روح المؤمن تنقل إلى الجنة، ولها صلة بالبدن، تُنعم الروح متصلة بالجسد، ومنفردة، وروح الكافر تنقل إلى النار ولها صلة بجسده، تعذب مفردة، وتعذب متصلة في الجسد. 

كما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نشبت المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثون»، يعني يأخذ، فتأخذ شكل طائر فتنعم في الجنة، وأما الشهيد، فإنه روحه تتنعم بواسطة خواطر (12:16) أكمل تنعم الشهيد أكمل من تنعم غير الشهيد، كذلك أن الشهيد، لما بذل جسده لله عوض الله روحه جسدًا آخر تتنعم بواسطة، وهي حواصل الطير، كما في الحديث، «إن أرواح الشهداء في حواصل الطير تضرم تفرح بالجنة، تجد أنهارها وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش». 

وأما المؤمن غير الشهيد، فإن روحه تتنعم وحدها وتأخذ شكل طائر، من حديث طائر نعم (12:51) إلى الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثون، يعني يأخذ لا بد من الإلمام بهذا، من لم يؤمن بالبعث فهو كافر، بإجماع أهل السنة، ونص القرآن، (13:5) الله نبيه أن يقسم عالبعث في ثلاثة مواضع من كتابه، قال -سبحانه وتعالى-: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [التغابن:7]، وقال سبحانه في سورة يونس: ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ﴾ يعني البعث ﴿قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ [يونس:53]، وقال سبحانه في سورة سبأ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ﴾ [سبأ:3]. 

ثم بعد البعث يُبعث الناس حفاة عراة، حفاة عراة غرلًا، حفاة لا نعال عنهم، عراة لا ثياب عليهم، غرلًا غير مختونين، تعود القطعة الجلدة التي قطعت من الإنسان في وقت الختان وهو صغير تعود إليه. 

ثم بعد أن يقفون هذا الموقف العظيم، وبعد ذلك يحاسب الناس، وتتطاير الصحف، فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله، وتوزن الأعمال ويوزن الأشخاص، ويرد الناس على حوض نبينا صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك المرور على الصراط، المنصوب على متن جهنم، فمن تجاوزن فإلى الجنة، ومن هوى سقط في النار، وعلى الصراط كلاليب تستطيع (14:33) بخطفه. 

ثم بعد ذلك الاستقرار في الجنة أو في النار، العصاة الموحدين على خطأ، منهم من يعفى عنهم ومنهم من يدخل النار، ويعذب ثم يخرج، هذا الجزاء معرفة الجزاء هذا العلم الثالث. 

ولهذا قال يقول العلامة ابن القيم رحمه الله: "والعلم أقسام ثلاثة كلها، والعلم أقسام ثلاثة كلها"، والعلم أقسام ثلاثة كلها. 

"والعلم أقسام ثلاث مالها من رابع، والحق ذو تبيان، علم بأوصاف الإله وفعله، وكذلك الأسماء للرحمن" هذا الأول. 

"والأمر والنهي الذي هو دينه" هذا الثاني، وجزاءه يوم يبعث هذا الثاني. 

(والعلم أقسام ثلاث ما لها من رابع والحق ذو تبيان علم بأوصاف الإله وفعله، وكذلك الأسماء للرحمن، والأمر والنهي الذي هو دينه وجزاءه يوم الميعاد الثاني). 

فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرزقنا جميعًا العلم النافع، والعمل الصالح، ونسأله -سبحانه وتعالى- أن يوفقنا للبصيرة في دينه، والفقه في شريعته، والعمل لتصفيق الأخبار، وتنفيذ الأحكام، وأن يُثبتنا على ذلك حتى الممات، إنه ولي ذلك والقادر عليه. 

وفق الله جميع اللقاءات، ثبت الله جميعنا للهدى، وصلى الله وسلم على محمد وآله وسلم. 

طلب العلم والثبات على الحق 

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأصلي وأسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد ... 

فإن تعلم العلم وتعليمه من أفضل القربات، وأجل الطاعات التي ينال بها الإنسان عند ربه أفضل الدرجات، فإن العلم وسيلة إلى العمل، والله تعالى خلقنا لعبادته، وتوحيده وطاعته، ولا طريق لنا إلى معرفة هذه العبادة إلا العلم، العلم هو وسيلة التي تعرف بها العبادة، التي أمر الله بها، وخلقك أيها العبد لها. 

فإن، فإننا خُلقنا لعبادة الله وتوحيده وطاعته، نحن عبيد مخلوقون لأمر عظيم، وأن نعبد الله ونطيعه ونمتثل أمره ونجتنب نهيه، كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56]، فلا بد من العلم بما أمر الله به، حتى يفعله المسلم، ولا بد من العلم بما نهى الله عنه حتى يتركه المسلم. 

والله -سبحانه وتعالى- من رحمته بعباده، لم يتركهم سدًى، ولم يخلقهم عبثًا، والبينة لهم -سبحانه وتعالى- السبيل التي توصل إليه، والأمر الذي يحبه -سبحانه وتعالى-، والأمر الذي يكرهه ويأباه، وذلك عن طريق الرسل، أرسل الله الرسل مبشرين ومنذرين، كما قال -سبحانه وتعالى-: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ [البقرة:213]. 

وكان حظنا من الرسل هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل الخلق على الإطلاق، فمنّ الله به على هذه الأمة، وكمل خلقه -عليه الصلاة والسلام-، وكان -عليه الصلاة والسلام- من أنفسنا من العرب، فبعثه الله بالحق بشيرًا ونذيرًا، يتلو آيات الله يزكي النفوس، ويعلم الناس الكتاب والحكمة، وقد كانوا قبل بعثته -عليه الصلاة والسلام- في ضلال وبعد عن الحق، وهو -عليه الصلاة والسلام- يشق عليه ما يشق على الأمة ويعنتها، وهو حريص على هدايتها، وإيصال النفس الدنيوي والأخروي إليها. 

وهو -عليه الصلاة والسلام- من صفاته، من صفته الرأفة والرحمة بالأمة، ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران:164]. 

﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة:128]، ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [الجمعة:2]. 

فبلغ نبينا -عليه الصلاة والسلام- الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، حتى آتاه من ربه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين، وعلى آله وعلى أصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين. 

ولم يمت -عليه الصلاة والسلام- حتى أكمل الله الدين لهذه الأمة، وأتم عليها النعمة، ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة:3]، ولم يترك شيئًا -عليه الصلاة والسلام- تحتاجه الأمة إلا بينه لها. 

قال بعض الصحابة: "مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه إلا ذكر لنا منه علمًا". 

وقيل لسلمان الفارسي -رضي الله عنه- علمكم نبيكم كل شيء؟ قال: نعم، علمنا كل شيء حتى القراءة، حتى أحكام الاستنجاء والاستجمار، -عليه الصلاة والسلام-. 

ومن أعظم ما يهم الأمة ويكون سببًا في نجاتها وسعادتها، هو تعليم الأمة التوحيد، ونهيهم عن الشرك، ولذا أنزل الله تعالى القرآن الكريم، هذا الكتاب العظيم الذي هو أعظم كتاب وأفضل كتاب، وخير كتاب، كتاب عظيم من عمل بما فيه فهو السعيد، ومن تركه وأعرض عنه فهو الشقي، هذا الكتاب العظيم الذي بين الله فيه طريق أهل السعادة، وطريق أهل الشقاوة، في صفات المؤمنين، وصفات الكفار، وصفات المنافقين فيه الدعوى، الطريق الموصل إلى الله فيه النهي، عن طرق الضلال وسبل الضلال، فيه الهداية لأقوم الطرق ولأحسن الأخلاق، فيه البشارة للمؤمنين بالجنات، والتنعم في دار الكرامة. 

فيه الجزارة والتحريم للكفار، ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [الإسراء:9-10]، فأكمل الله الدين لهذه الأمة، وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم البلاغ المبين، ودخل الناس في دين الله أفواجًا. 

فانتهت مهمته -عليه الصلاة والسلام-، عبد ربه حتى آتاه اليقين، وبلغ الرسالة وأدى الأمانة، فأنزل الله عليه في آخر حياته سورة النصر، وجعل له علامة على قرب أجله، وهي مجيء نصر الله، وفتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجًا، فهذه علامة أجله -عليه الصلاة والسلام-، فأنزل الله عليه هذه السورة ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ [النصر:1-3]. 

ولهذا فقه فقه ذلك حَبر الأمة وتُرجمان القرآن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- وأن هذه الآية علامة أجله -عليه الصلاة والسلام-، ولما جمع عمر -رضي الله عنه- الصحابة وسألهم عن هذه السورة، واختلفوا ثم سأل ابن عباس وقال أتقول مثلهم؟ قال: لا، إنما هي أجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. 

والصحابة الكرام الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خير الناس ومن أفضل الناس، اختارهم الله لصحبته نبيه، لا كان ولا يكون مثلهم، أسلموا عن طواعية واختيار، وذاقوا حلاوة هذا الدين، اعتنقوا هذا الدين، وأحبوه، وكان هذا الدين أحب إليهم من أموالهم وأنفسهم وأهليهم، ونبيهم محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الناس وخير الناس، وأحب إليهم من كل شيء، يفدونه بكل غالٍ ونفيس عليه الصلاة والسلام. 

والقرآن الكريم يتنزل، الوحي يتنزل بين أظهرهم، والنبي صلى الله عليه وسلم بينهم وهم يبينُ لهم آيات الله، ويسألونه عما أشكل عليه، ويجاهدون معه، وهم خير الناس وأفضل الناس، اختارهم الله لصحبة نبيه، لا كان ولا يكون مثلهم. 

فمن طعن فيهم أو سبهم، فذلك لمرضٍ في قلبه، فحب الصحابة دين وإيمان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان، كما قال ذلك الطحاوي –رحمه الله- في عقيدته الطحاوية، حملوا دين الله، ودعوا إلى دين الإسلام، ونشروا دين الله في مشارق الأرض ومغاربها، ثم خالفهم التابعون، فدعوا إلى دين الله، وجاهدوا في الله حق جهاده، ثم خلفهم تابع التابعين وهكذا، والعلماء في كل زمان يدعون إلى الله، ويجاهدون في سبيل الله ويبنون للناس. 

الأمر الذي خُلق له الإيمان، ترصدوا خطى النبي صلى الله عليه وسلم، خطى الصحابة الكرام، ثم لما تطاولت العهود والآثار حصل للناس ضعف في دينهم، وظهرت بعض الفِرق المنحرفة، فظهر في أواخر عصر الصحابة، عقيدة ظهر فيها الخوارج الذين اشتبهت عليهم بعض النصوص وتأولوها على غير تأويلها، وحملوا النصوص التي وردت الكفار جعلوها في العُصاة. 

اعتقدوا أن المسلم يكفر بالمعصية والكبيرة، فكفروا المسلمين، وقاتلوهم واستحلوا دماءهم وأموالهم، والصحابة بينوا لهم خطأهم، ولما لم يرجعوا قاتلوهم، ثم ظهرت أيضًا، عقيدة السبعية أي: التشيع المنحرف، وهو الغلو في آل البيت، وعبادتهم من دون الله، وسبّ الصحابة، والطعن فيهم. 

ثم ظهرت عقيدة الجهمية، وهو الجهم بن صفوان، وأنكر صفات الله –عز وجل-، وتقلدها عنه المعتزلة، وظهرت فرقة القدرية وفرقة المرجئة، وكثرت الفرق فانبرى العلماء والأئمة وتصدوا للرد على هؤلاء، وردهم إلى عقيدة الحق والصواب، وألفوا في ذلك المؤلفات، والكتب، والرسائل التي تبين للناس الحق الذي ثبت على كثير من الناس، من أشهر هؤلاء الأئمة الأربعة الإمام أبو حنيفة النعمان، والإمام مالك بن أنس، والإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل. 

وتسلط المعتزلة في زمان الإمام أحمد رحمه الله حينما أثروا على الخليفة المعتصم، وتأثر بعقيدة المعتزلة، فتصدى لهم الإمام أحمد رحمه الله، ورد على هؤلاء، ووقف وقفة صادقة، ولم ينثني، وصبر على الأذى، وامتحن في ذلك حتى صار إمام أهل السنة والجماعة، حتى قال بعض العلماء: إن الله نصر هذا الدين برجلين، أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- حين ارتد الناس بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فردهم أبو بكر -رضي الله عنه- والصحابة إلى الحق. 

والإمام أحمد بن حنبل حينما ظهرت الفتنة، فتنة القول بخلق القرآن، وصمد لها الإمام أحمد –رحمه الله-. 

وفق الله الجميع لطاعته، وثبت الله الجميع على الهدى، وصلى الله على محمد وآله وصحبه. 

نحمد الله ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا ونبينا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني، نشهد أنه رسول الله إلى الثقلين الجن والإنس، إلى العرب والعجم، وأشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، حتى آتاه من ربه اليقين، وأشهد أنه خاتم النبيين وخاتم الأنبياء والمرسلين، وأنه لا نبي بعده. 

فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين، وعلى آله وعلى أصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد ... 

فإني أحمد الله إليكم، وأثني عليه الخير كله، وأرسله النبي (31:15) وأسأله -سبحانه وتعالى- أن يصلح قلوبنا، وأعمالنا ونياتنا وذرياتنا. 

كما أسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا، وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقًا معصومًا، وألا يجعل فينا لا شقيًا ولا محرومًا، كما أسأله سبحانه أن يجعل جمعنا هذا جمع خير وعلم ورحمة، تنزل عليه السكينة وتغشاه الرحمة، وتحفه الملائكة ويذكره الله في عليين. 

كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده». 

أيها الإخوان، إن طلب العلم وتعلم العلم وتعليمه من أفضل القُربات، وأجل الطاعات، وذكر العلماء على أن طلب العلم أفضل من نوافل العبادات، نوافل الصلاة والصوم والحج، وقد أمر الله تعالى طائفة إذا نفر المجاهدون في سبيل الله، (32:52) مثلًا إذا رجع المجاهدون يتفقه، يفقهوهم في الدين، قال تعالى: ﴿ فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ [التوبة:122] إنه ذكر طائفة، ﴿لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة:122]. 

ثم جاء بأن تعلم العلم وتعليمه، وطلب العلم وتعلم العلم، وسيلة إلى معرفة الأمر الذي خُلق العباد من أجله، فالله تعالى خلقنا لعبادته وتوحيده وطاعته، وأمر بأوامر ونهانا عن نواهي، ولا سبيل إلى معرفة الأمر الذي يحبه الله، حتى يفعله المسلم، والأمر الذي يكرهه الله حتى يصرفه المسلم، إلا عن طريق العلم، تعلم العلم. 

والأصل في الرسالة المبياعة، قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل:78]. 

على المسلم الذي وفقه الله لطلب العلم، أن (34:19) بهذه النعمة، وبهذا الخير، الذي وفقه الله له، وعليه أن يراعي الآداب آداب طالب العلم، من أعظم الآداب والواجبات التي يجب على طالب العلم وغيره إمراءها الإخلاص، الإخلاص لله –عز وجل-. 

لأن الإخلاص أصل لا تصلح العبادة إلا به، فلا تصلح العبادة إلا بالإخلاص والمتابعة لله –عز وجل-، ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة:5]. 

فأنت حينما تتعلم وتطلب العلم تعبد الله بذلك، عليك أن تخلص هذه العبادة لله، تتعلم لله لا للرياء ولا للسمعة، ولا لمماراة العلماء، ولا لمجاراة السفهاء، احذر أن تكون أن تتعلم لهذه الدنيا، أو لأجل الرياء والسمعة، أو لأجل مقصد من المقاصد التي تنافي الإخلاص لله –عز وجل-، ولهذا جاء الوعيد الشديد لمن تعلم العلم بهذه الدنيا، والحديث «من تعلم علمًا (36:00) أراد وجه الله لا يتعلمه إلا هربًا من الدنيا» (36:2) ليس علمًا. 

لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- لما رواه الإمام مسلم، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أو ثلاثة تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة طالب أو عالم، ومجاهد قتل في المعركة، ومتصدق». 

أما الطالب أو العالم فيؤتى به بين يدي الله –عز وجل-، فيقول الله لهم، ماذا عملت؟ فيقول يا رب قرأت في كثرة وتعلمت منك العلم، (36:46) دعوتك، فتقول الملائكة له، وإذا تعلمت ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال قارئ وليس لك إلا ذلك، ثم أمر الله به فيشهد عليه حتى يلقى في النار. 

ويؤتى بالمجاهد الذي قتل في المعركة شهيدًا، فيؤتى به لله، فيقال له: ماذا عملت؟ فيقول: يا الله قتلت فيك في سبيلك، لأجلك قال الله: كذبت، (37:20) وإنما فعلت ليقال شجاع، ويقال جريء وقد قيل وليس لك إلا ذلك، ثم أمر الله فيسكب على وجهه فيلقى في النار. 

ويؤتى بالمتصدق الذي أنفق أمواله، ينصبون الخيرات والمشاريع الخيرية، فيؤتى به ويقول له: ماذا عملت؟ يقول يا رب ما ترك من خليل تحب أن أنفق فيها إلا (37:47) يقول له الله كذبت وإنما فعلت ليقال (37:54) ويقال كريم، وقد قيل وليس لك إلا ذلك، ثم أمر الله به فيسكب على وجهه حتى يلقى في النار. 

قال أبو هريرة هؤلاء الثلاثة، قال أبو هريرة -رضي الله عنه- هؤلاء الثلاثة أول خلق الله يسعر بهم دار الوقيع. 

هذه الأعمال الآن، الأعمال التي في الظاهر هي أعمال ما الذي جعلها وبال على أصحابها؟ عدم الإخلاص، هذا العالم أو القارئ لو كان عمله خالصًا لله لكان من الصديقين، (38:28) الأنبياء، وهذا الذي قتل في المعركة لو كان لإعلاء كلمة الله كان من الشهداء، في مرتبة صالحة، والذي يتصدق الذي أنفق أمواله في سبل الخيرات، لو كان العمل لله لكان من الصالحين، ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء:69]. 

فلا بد من الإخلاص وجهاد النفس، والإخلاص وتعلم لله، لأجل أن تنقذ نفسك من الجهل، حتى تعمل بما أمر الله بك، بما أمرك الله به، وتمتنع (39:18). 

رحمه الله، ماذا ينوي طالب العلم؟ قال: ينوي رفع الجهل عن نفسه، ثم رفع الجهل عن غيره، ترفع الجهل عن نفسك أنت، ثم ترفع الجهل عن غيرك، يعني أكثر الناس لا يعلمون. 

فلا بد من الآداب التي يراعيها طالب العلم الإخلاص، وجهاد النفس الصلاة (39:52)، والمجاهد. 

قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت:69]، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [العنكبوت:6]. 

لا بد من الإخلاص؛ لأن تعلم العلم عبادة عظيمة، تعلم العلم من أجل الطاعات، والعبادة والطاعة والقربة لا بد فيها من الإخلاص، لا بد من إخلاص لها الشيء. 

الأصل الأول: أن تكون لله، أخلص لله ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ﴾ [البينة:5]. 

والأصل الثاني: أن يكون موافق لشرع الله، وصوابًا على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:110]. 

والعمل الصالح ما كان فيه شرك بالله، والعمل الذي ليس فيه شرك (40:48) قال: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ [لقمان:22]، والإحسان هو كان العمل موافقًا للشريعة. 

والإخلاص هو شهادة أن لا إله إلا الله، إذًا مقتضاها (41:12) إلا الله، أن تكون العبادة لله. 

والأصل الثاني، مقتضى أن محمدًا رسول الله، إن مقتضاها متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وترك البدع، وترك (41:26) أصل الدين، وآفة الملة. 

أصل الدين وآفة الملة أن تشهد لله تعالى بالوحدانية، وتشهد للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، أصل دين الإسلام مفتاح باب الإسلام الشهادة، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد نبي الله. 

ثم أيضًا بعد ذلك تراعي الآداب الأخرى، وهي العناية والاهتمام، وحضور القلب، والاستمرار في الحضور، وعدم التخلف، (42:12) والمدارسة مع الزملاء، ندرس علم أنت تفيد وتستفيد، في ذلك الحسد، ولا أثر، فكل الطوائف فقضية العلم (42:42). 

ولكن مع ذلك من غير العلم، ولا يعتمد على التحقيق، التحقيق قد يحتاج إلى وقت الطباعة، وقراءته، لا بد من الاهتمام والعناية. 

ولا بد أيضًا من سؤال الله والدعاء إليه، بأن يوفقك الله للعلم، من يوفقه للعلم يوفقه الله للعبادة، العلم يوفقك الله للعبادة، فعليك أن تسأل الله. 

وفق الله الجميع (43:27) ويثبت الله الجميع على الهدى، وصلى الله على محمد وآله وسلم. 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد ... 

فنحمد الله -سبحانه وتعالى- أن وفقنا لعقد مدارس العلم، ونسأله -سبحانه وتعالى- أن يرزقنا جميعًا الإخلاص في العمل الصدق في القول، نسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وصوابًا على هدي نبيه صلى الله عليه وسلم. 

أيها الإخوان إن طلب العلم وتعلم العلم وتعليمه من أفضل القربات، وأجل الطاعات، طلب العلم عبادة لله –عز وجل-، وهو من أطول العبادات وأجل القربات، ولذلك قال أهل العلم إن طلب العلم أفضل من نوافل العبادة، أفضل من نوافل العبادة. 

النوافل والسنن، إذا تعارض طلب العلم مع  قيام الليل أو صلاة الضحى، فإن طلب العلم مقدم، إذا تعارض طلب العلم مع الصيام صيام النفل، فإن طلب العلم مقدم، وإذا تعارض طلب العلم مع حج النفل فإن طلب العلم مقدم، وما ذاك إلا لأن مواطن العبادة مسألة قاصرة، قاصرة على الإنسان، بخلاف طلب العلم فإن نفعه متعدي، فإن المسلم إذا تعلم وتبصر وتفقه في شريعة الله نفع نفسه ونفع غيره، رفع الجهل عن نفسه ورفع الجهل عن غيره. 

وقاعدة: عند أهل العلم أن العبادة التي نفعها متعدي أفضل من العبادة التي نفعها قاصر، ففرض في فضل العلم وتعلم العلم وتعليمه، والنصوص الكثيرة التي تدل على صلة العلم وصلة أهل العلم، وكذلك التعلم والتعليم، فلا يستوي العالم والجاهل، فلا يستوي الذي يعلم والذي لا يعلم. 

قال الله تعالى في كتابه العظيم: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ [الزمر:9]، وقال -سبحانه وتعالى-: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر:28] فإنما يخشى الله الخشية الكاملة التامة، وإلا فكل مؤمن له أصل الخشية، من لا يخشى الله، (46:10). 

العلم هو أصل التقوى وأصل الخشية، ومن اتقى الله ووحد الله يأخذ فرع العبادة ويبتعد عن السنة، فيبقى عاصي، لكن الخشية الكاملة من الله لأهل العلم، ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر:28]، والرسل هم في مقدمة العلماء عليهم الصلاة والسلام، هم أعلم الناس بالله، أعلم الناس بالله هم الرسل، وأعلم الناس بالله وأتقى الناس وأعبد الناس، وأعلم الناس بالله وأتقاهم هم أولي العزم الخمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام. 

وأعظم الناس، وأعلمهم وأتقاهم وأخشاهم الخليلان إبراهيم ومحمد عليهما السلام، وأتقى الخليلين وأعلمهما بالله –عز وجل- وأتقاهما إمامنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم. 

ثم يليه جده إبراهيم، ثم يليه موسى الكليم، ثم بقية أولي العزم، ثم بقية الرسل، ثم الأنبياء ثم الصديقون هم أعلم الناس بالله، (47:15) صديق هو الذي قوي (47:17) وإيمانه في أحد (47:20) الشبهات والشهوات، وفي مقدمتهم الصديق الأكبر أبو بكر -رضي الله عنه-، ثم الشهداء، ثم الصالحون ثم ما أدخل الله من عباده العلماء. 

فإن (47:29) هم أفعل قرب شهادته وشهادة ملائكة بشهادة أهل العلم على أجل مشهود به، وهو شهادته لله تعالى بالوحدانية، أجل مشهود به تشهد له بالوحدانية، قبل الله شهادته وشهادة الملائكة وشهادة أهل العلم مما يدل على شرفه، ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران:18]. 

وأمر الله نبيه أن يسأله الزيادة من العلم، قال: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه:114]، (48:3) والغاية الزيادة من البعض أو الجياع ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه:114]، فالسعي في طلب العلم، والسير في طريقه سعي من الجنة. 

قال -عليه الصلاة والسلام-: «من سلك طريقًا تلتمس فيه علمًا، سهل الله به طريقًا إلى الجنة»، والعلم وراثة الأنبياء، والمرسلين. 

فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ورثة العلم، ولم يرثوا المال ولا الجاه ولا السلطان، بل إن الأنبياء لا يرثون، الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن، ما نرى، ما ترك له صدقة، بأن (48:44) هداية الناس عليهم الصلاة والسلام. 

والحديث العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يرثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ رائع. 

وإذا أقبل الإنسان على العلم تعلم تبصر، وتفقه في شريعة الله، وكان عنده رغبة في طلب العلم، وسعي إليه هذا من علامات الخير، الذي أراد الله به لهذا العبد، إذا رأيت عبد بعناية طلب العلم، والسعي إليه وحرص عليه، واستمرار على طلب العلم، فاعلم أن الله أراد به خيرًا، كما ثبت في الصحيحين من حديث معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من يُرد الله به خيرًا يفقهه في الدين». 

«من يُرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (49:45)، قال العلماء هذا الحديث له منطوق، منطوقه أن من فقهه الله في الدين، فقد أراد به خيرًا، فمنطوقه أن من لم يفقه الله في الدين لم يرد به خيرًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله. 

(50:00) إنه يتعين على طالب العلم أن يتأدب بآداب طالب العلم، ومن الآداب وأعظم هذه الآداب الإخلاص لله –عز وجل-، (50:16) قاصدًا بتعلمه وتعليمه وجه الله والدار الآخرة لا رياءًا ولا سمعة، ولا الدنيا ولا شيئًا آخر، ولا الشهرة، هو يتعلم لوجه الله، يتعلم ليرفع الجهل عن نفسه، ليرفع الجهل عن غيره. 

سئل الإمام أحمد –رحمه الله- كيف ينوي؟ قال: ينوي رفع الجهل عن نفسه، ورفعه عن غيره، ورفع الجهل عن غيره؛ لأن أصل الإنسان أنه لا يعلم، قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [النحل:78] فالأصل في الإنسان أنه لا يعلم، لا بد من الإخلاص. 

العلم عبادة، فلا بد من الإخلاص والعبادة لا تصح إلا بالإخلاص والمثابرة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، قال الله -سبحانه وتعالى-: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:110]، وقال -سبحانه وتعالى-: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ [لقمان:22]. 

إسلام الوجه هو إخلاص العمل لله، والإحسان هو أن يكون العمل موافقًا للشرع، والحديث (51:31) من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»، الأعمال بالنيات. 

الأعمال بالنية، والعبادات بالنية، وطلب العلم عمل وعبادة، بنية النية التي قصد النية هي القصد من صاحب العبادة، التوعد الشديد على من تعلم العلم لأجل الدنيا، أو لأجل الرياء، من أجل المباهاة. 

حديث «من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا للوصول لعرض من الدنيا، لم يرح رائحة الجنة» نسأل الله السلامة والعافية. 

ويجب الحذر، على الإنسان أن يجاهد نفسه، وأن يدافع الخواطر الرمزية التي ترد عليه، حتى تصح نيته، يجتمع قصده، والمجاهد وعيد وهداية، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت:69]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [العنكبوت:6]. 

ومن آداب طلب العلم، الحرص على طلب العلم، الحرص على حضور المجالس مجالس العلم، وعدم التخلف، ومن الآداب الإنصات وإحضار العلم، وعدم الغفلة، جهاد النفس، ثم من يتقي الفوائد حتى لا تضيع. 

ومن الفوائد: تبليغ العلم من (53:22) يبلغ أن يكمل من وراءه من أهله وجيرانه وزملائه، وغيره. 

وأهل السنة هم الصحابة والتابعون، ومن بعدهم من الأئمة والعلماء الذين لزم الحق، واستقاموا عليه، (53:46) السنة لأنه (53:50) أهل البدع، ولا دين الحق، أهل السنة هم الصحابة والتابعون ومن بعدهم الأئمة والعلماء، وأهالي العقيدة تلقوها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

هؤلاء (54:3) الله تعالى أخذوها (54:6) من الكتاب والسنة، وأما الفِرق الأخرى فإنها انحرفت عن الصراط المستقيم، فلا ينطبق عليها وصف السنة، وإنما توعد بالنار، ولا ينجو إلا أهل السنة والجماعة من الوعيد، كما ترى في الأحاديث الصحيحة طرق متعددة وألفاظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «افترقت اليهود على 33 فِرقة، وافترقت النصارى على 63 فِرقة، وستفترق هذه الأمة على 73 فِرقة، كلها في النار إلا واحدة، قيل من يا رسول الله، قال: من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي، ويلقبوا أهل الجماعة. 

هؤلاء هم أهل السنة أهل الحق، الذين لم يبتدعوا في دين الله بعد ما (55:00) انفصلوا عن أهل البدع، ودين الحق والصراط المستقيم، وكانوا وسط في فِرق الأمة، ولأن هذه الأمة محمد دين وسط عن أهل الدين السابقة اليهود والنصارى، والوسط الخيار العدل، قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة:143]. 

وسماهم خيارًا عدولًا، العدل هو الذي تقوم سعادته، أما الفاسق فلا تقوم سعادته، قالوا (55:36) الله خيارًا عدولًا، فلذلك شهد الأمم السابقة أمة ليس نبيها، ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة:143] جاءت الأحاديث أي نعم بعض الأمة تشهد الأنبياء السابقين، أنهم بلغوا، وفي الحديث أنه نوح عليه السلام يقول هل بلغت وهو أمته، يسأل أمته لأنه لم ينظر إلا قليل، كفروا. 

هل بلغوا قال ما جاء (56:7) فتشهد هذه الأمة (56:11) أنه بلغ وأدى الأمانة، فتقول ما الذي أعلمكم كيف تشهدون علينا ولستم معنا؟ فقالوا: إن الله تعالى بعث إلينا النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه كتابًا عظيم، وأخبرنا الله أن نوحًا بلغ الرسالة وأدى الأمانة، فنحن نشهد. 

ولذلك قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة:143]. 

فهم خيار عدول، والأمم ثم هذه الأمة صار فيها افترقت إلى فِرق متعددة، وصارت أهل السنة والجماعة هي الوسط وإلى فِرق الأمة، وهذه السنة والجماعة وهي خيار والعدول، (57:03) أهل الحق فرق الأمة، وأن خير الفرق فهم منحرفون متوعدون الوعيد الشديد. 

وإلا يكونوا كفارًا مع هذه الفرق مبتدعة، شوف الفرق هذه والسنن (57:20) في النار، ومتعودة بالنار، لضلالهم وانحرافهم وبدعتهم وإلا أن يكونوا كفارًا، على الصحيح على أقوال أهل العلم أن القدرية الغلاة والجهمية خارجون عن الثنتين والسبعون فرقة، لكفرهم وضلالهم، القدرية الغلاة الذين أنكروا علم الله (57:39) وكذلك الجهمية، الذين (57:41) وكذلك الرافضة هم هؤلاء غلاة خارجين عن فرقهم عن الثنتين والسبعين فرقة لكفرهم ضلالهم. 

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلني وإياكم من أهل السنة والجماعة، ولزم الدين الحق، اتبعه واختاره ورضيه ولزمه، واستقر عليه، وتوفاه الله عليه. 

وبهذه المناسبة، هم رؤوس الشباب (58:17) على لزوم الحق الصراط المستقيم، وطريق أهل السنة والجماعة، والحذر من التحزبات التي فرقت الشباب، وصرفتهم عن طلب العلم، وأيضًا منهم الحزازات والبغضة، أيضًا الحق، وهم أهل السنة والجماعة، أهل السنة ينتسب إليهم هذه التحزبات التي فرقت الشباب وصار بعضهم غر الشياطين حيرى ولا يعلم، وحصل لبعض الشباب نفسه بسبب هذه التحزبات. 

هذا إخواني، هذا تبليغي، هذا جامي، هذا تكفيري، هذا سروري، هذه التحزبات التي كل حزب بما لديه فريحون، هي اللي أضاعت أوقات الشباب، وهي اللي فرقت الشباب، وهي التي أضاعت أوقات الشباب، وهي التي صرفت الشباب على العلم، ونحن نحذر على التحزبات، أهل الحق حزب واحد كل على الحق أهل السنة والجماعة. 

وأحيانًا أن تشغل نفسك بهذه الانتماءات وأن توالي مثل هذه الحزبيات، ليس من الحق، وإذا سئلت قل أنا من أهل السنة والجماعة، وإذا سئلت عن الأحزاب الأخرى، ما تقول من الإخوان ما تقول كذا، قل أنا طالب العلم أطلب العلم اسألوا غيري، اسألوا أهله، لا تشغلوني هذا من أهل السنة والجماعة، والأحزاب الأخرى عدني منها، أنت من أهل السنة والجماعة. 

وإذا قيل من تكون أنت؟ أنت سروري؟ أنت إخواني أنت جامي، أنت قل أنا من أهل السنة والجماعة، أهل الحق، واسألوا أهل العلم وإذا أخبروني بالحق من أهل السنة والجماعة، فاستريح واحذر التحزبات. 

وفق الله الجميع (1:00:20) وثبت الله الجميع على الهدى وصلى الله على محمد وآله وسلم. 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد