● [3936] في هذا الحديث جانب مما حدث من القتال بين المسلمين والمشركين، حيث التقوا واقتتلوا حتى دخل الليل، فمال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم انتظارًا لجولة أخرى من القتال.
وظهر في هذا القتال رجل كان يقاتل قتالًا شديدًا أعجب الصحابة، وأرادوا معرفة خبره من النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: «وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه» الشاذة: ما انفرد عن الجماعة، والفاذة: ما لم يختلط بهم. وهذا يدل على شجاعة هذا الرجل.
فتحدث الناس عن شجاعته، فقيل: «ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان» يعني: ليس أحد منا عمل مثل عمله ونشاطه وتأثيره في العدو. «فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه من أهل النار» أثار هذا دهشة الصحابة أكثر مما أدهشهم من شجاعة الرجل، وهم يوقنون أن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، «فقال رجل من القوم: أنا صاحبه»، يعني: أنا ألزمه أنظر ما خاتمته، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا إلا عن وحي أطلعه الله عليه من حاله، «قال: فخرج معه»، أي: لازمه هذا الرجل، «كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه»، وإذا مشى مشى ملازمًا له ينظر النهاية، قال: «فجرح الرجل جرحًا شديدًا»، أي: لم يصبر على الألم ولم يتحمله، «فاستعجل الموت، فوضع سيفه بالأرض»، يعني: ثبت قاعدة سيفه بالأرض «وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه» ألقى بنفسه على السيف فمات، فرجع الرجل الذي لزمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «أشهد أنك رسول الله» وهذا ليس معناه أنه لم يكن مسلمًا، ولكن شهد هذه الشهادة تصديقًا لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الرجل الذي قتل نفسه.
قوله: «وما ذاك؟» يدل على أن هذا كان بعد مدة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا عن وحي ثم انشغل عنه.
قوله: «الرجل الذي ذكرت آنفًا أنه من أهل النار»، ذكر له أنه قد قتل نفسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار»، يظهر عمل أهل الجنة لأنه منافق.
قوله: «وإن الرجل ليعمل عمل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة» يكون ذلك لأسباب دعته أنه يظهر عمل أهل النار: إما خوفًا من الكفار، أو لأنه مكره، فيظهر عمل أهل النار فيما يبدو للناس، ولكنه مؤمن في الباطن.
وحكم من قتل نفسه عند أهل العلم على قسمين:
القسم الأول: من قتل نفسه مستحلًّا للقتل لنفاقه وعدم إيمانه، فهذا كافر مخلد في النار، وإن كان في الظاهر يعمل عمل أهل الجنة.
القسم الثاني: من قتل نفسه لضعف إيمانه لا مستحلًّا للقتل وليس منافقًا، بل هو مؤمن ولكنه لم يصبر على الجراح في القتال أو لم يصبر على المرض، فبسبب عدم الصبر قتل نفسه فهذا عاصٍ وهو تحت مشيئة الله ولا يخلد في النار إذا دخلها.
● [3937] وردت قصة هذا الرجل في حديث سهل بن سعد الساعدي السابق ولا ندري إن كان هو نفس الرجل أو غيره، فبين القصتين بعض الاختلافات اليسيرة، ففي حديث أبي هريرة قال: «شهدنا خيبر»، والقصة الأولى ليس فيها ذكر خيبر، قال: «التقى هو والمشركون»، فيحتمل أنه هو، وأن هذا كان بخيبر.
ثم أيضًا الرجل الأول: تحامل على سيفه، أي: اتكأ عليه فقتل نفسه، والرجل الثاني: أخرج أسهمًا من كنانته فنحر بها نفسه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الأول: «إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار»، وقال في الثاني: «قم يا فلان فأذن: ألا يدخل الجنة إلا مؤمن، إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر» وفي لفظ: «إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة»([1]). وهذا قد يستدل به على أن هذا الرجل كافر، وأنه لم يكن مؤمنًا أصلًا، وإن كان الفاجر يشمل العاصي ويشمل الفاسق ويشمل الكافر.
قال بعضهم: إن هذا الرجل هو قزمان، وهو رجل كافر، كما أشار إليه الحافظ ابن حجر /.
وفيه: دليل على أن الجنة حرام على الكافرين بنص القرآن، ولا يدخلها إلا نفس مؤمنة، قال الله تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) [سورة المائدة: 72].
والنصوص التي فيها أن بعض الأعمال الخيرية تكون سببًا في دخول الجنة نصوص مطلقة، لابد أن تقيد بهذا الحديث، مثل: «من قتل دون ماله فهو شهيد»([2]). فلابد أن يكون مؤمنًا، فلو قتل وهو غير مؤمن فلا يكون شهيدًا، فهذا شرط.
وكذلك النصوص التي فيها بعض الأعمال الخيرية، وإطعام المساكين، وأن من فعل ذلك دخل الجنة . فالمراد أن هذا بشرط أن يكون مؤمنًا، فهذا شرط لابد منه؛ لأن الجنة حرام على الكافر، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة.
وقد يؤخذ من الحديث الأول والحديث الثاني أن كلًّا منهما كافر؛ لقوله في الحديث الأول: «فيما يبدو للناس وهو من أهل النار»، ولقوله في الحديث الثاني: «فأذن: ألا يدخل الجنة إلا مؤمن».
وعلى كل حال فالذي يقتل نفسه -عند أهل العلم- على قسمين:
الأول: إن كان قتل نفسه لنفاقه وعدم إيمانه ومستحلًّا للقتل - فهذا كافر.
الثاني: إن كان قتل نفسه لضعف إيمانه لا مستحلًّا للقتل وليس منافقًا بل لجزعه وعدم صبره على الجراح ، فهذا مؤمن ضعيف الإيمان، وهو تحت المشيئة، وإن دخل النار لا يخلد فيها.
قال الحافظ ابن حجر /: «قال المهلب: هذا الرجل ممن أعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه نفذ عليه الوعيد من الفساق».
يعني: الذي قتل نفسه قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه من أهل النار».
ثم قال الحافظ ابن حجر /: «ولا يلزم منه أن كل من قتل نفسه يقضى عليه بالنار، وقال ابن التين /: يحتمل أن يكون قوله: «هو من أهل النار»، أي: إن لم يغفر الله له. ويحتمل أن يكون حين أصابته الجراحة ارتاب وشك في الإيمان أو استحل قتل نفسه فمات كافرًا. ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في بقية الحديث: «لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة»؛ وبذلك جزم ابن المنير. والذي يظهر أن المراد بالفاجر أعم من أن يكون كافرًا أو فاسقًا ولا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم: «إنا لا نستعين بمشرك»([3])».
قوله: «تابعه معمر، عن الزهري»، يعني: تابع معمر شعيبًا عن الزهري.
● [3938] هذا الحديث من ثلاثيات البخاري؛ لأن بين البخاري وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة: شيخه «المكي بن إبراهيم»، والتابعي «يزيد بن أبي عبيد»، والصحابي «سلمة» رضي الله عنه.
والثلاثيات موجودة في «الصحيح»، وهي تقارب أربعة وعشرين حديثًا.
قوله: «رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم» كنية سلمة، «ما هذه الضربة؟ قال: هذه ضربة أصابتها يوم خيبر فقال الناس: أصيب سلمة فأتيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات؛ فما اشتكيتها حتى الساعة» النفث: هو نفخ مع ريق خفيف، والنفخ بلا ريق، والتفل: ريق بلا نفخ. وقد برئ سلمة من هذه الضربة وما اشتكى بعد ذلك، وهذه معجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم. كما تفل النبي صلى الله عليه وسلم في عين علي وكان أرمد يقاد كالأعمى، فلما تفل به برأ في الحال كأن لم يكن به وجع ولا احتاج إلى شيء من العلاج، وهو من دلائل قدرة الله وأن الله على كل شيء قدير: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[يس: 82].
● [3939] هذا هو حديث سهل السابق أعاده المصنف هنا بالطريق الأخرى، وهذا يحتمل أنه كافر ويحتمل أنه عاصٍ، لكن قوله: «فيما يبدو للناس وإنه من أهل النار» قد يؤيد القول بأنه كافر؛ قال بعضهم: إنه قزمان وهو رجل كافر.
● [3940] قوله: «فرأى طيالسة» قال الحافظ ابن حجر /: «أي: عليهم. وفي رواية محمد بن بزيع، عن زياد بن الربيع عند ابن خزيمة وأبي نعيم أن أنسًا رضي الله عنهقال: ما شبهت الناس اليوم في المسجد وكثرة الطيالسة إلا بيهود خيبر. والذي يظهر أن يهود خيبر كانوا يكثرون من لبس الطيالسة، وكان غيرهم من الناس الذين شاهدهم أنس رضي الله عنهلا يكثرون منها، فلما قدم البصرة رآهم يكثرون من لبس الطيالسة فشبههم بيهود خيبر. ولا يلزم من هذا كراهية لبس الطيالسة وقيل: المراد بالطيالسة الأكسية، وإنما أنكر ألوانها لأنها كانت صفراء».
يعني: كانت أغطية على رؤوسهم، وقيل: إنها أكسية، والأقرب -والله أعلم- أنها شيء يوضع على الرأس.
قوله: «كأنهم الساعة يهود خيبر» ظاهر كلام أنس الذم لتشبههم باليهود كما قاله العيني، لكن قد يكونون معذورين لأنهم لم يعلموا بذلك، لأنه رأى بالبصرة أناسًا عليهم الطيالسة تشبهوا بهم.
وهذا فيه: دليل على أن يهود خيبر كان على رؤوسهم الطيالسة، وجاء في الحديث: «يتبع الدجال سبعون ألفًا من يهود أصبهان عليهم الطيالسة»([4]). وهذا يدل على أنه إنما أراد الذم أنه يتبع الدجال سبعون ألفًا من يهود أصبهان، وأصبهان: من مدن إيران، والطيالسة –كما سبق- أغطية توضع على الرؤوس.
● [3941]، [3942] هذا الحديث ساقه المؤلف من طريقين:
الطريق الأولى: طريق سلمة بن الأكوع.
الطريق الثانية: طريق سهل بن سعد.
فذكر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر» وهذا شاهد أن هذا حدث يوم خيبر.
قوله صلى الله عليه وسلم: «لأعطين هذه الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» تطاول الناس كلهم يتمنى أن يختاره النبي صلى الله عليه وسلم، لا رغبة في الإمارة، ولكن رغبة في هذا الوصف، حتى قال عمر رضي الله عنه: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ.
قوله: «فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها؟»، يعني: يخوضون كل الليل كلهم يتمنى أن يعطاها؛ رغبة في الخير.
وفيه: حرص الصحابة على الخير حيث جعلوا يخوضون كل الليل مَن الذي يعطى الراية؟ حتى يظفر بهذا الشرف العظيم، وتلك المنزلة الرفيعة؛ حيث شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويكون الفتح على يديه.
قوله: «أين علي بن أبي طالب؟» فقد كان مريضًا، ولعله كان في خيمته. «فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه» مما بهما من الرمد، «قال: فأرسلوا إليه»، فأتوا به يقاد ولا يبصر من شدة الرمد.
قوله: «فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع»، فيه: علم من أعلام النبوة؛ حيث بصق النبي صلى الله عليه وسلم في عيني علي ودعا له فبرأ في الحال، فدل على أنه رسول الله حقًّا، ولم يحتج إلى علاج.
وفيه: عظيم قدرة الله؛ حيث أبرأه الله من هذا المرض في الحال، فالله على كل شيء قدير، قال الله تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [سورة يس: 82].
قوله: «فأعطاه الراية» في هذا الحديث منقبة لعلي،
وفيه: الشهادة بأنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم،
وفيه: إثبات صفة المحبة للمولى جل وعلا، على ما يليق به سبحانه.
وفيه: دليل على إثبات القدر، وأن القدر نافذ، من قدَّر الله له شيئًا فسيأتيه، فلم ينل الصحابة الكرام ممن حضر هذا الأمر شيئًا من هذا الشرف، بل دعا النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا رضي الله عنه وكان غائبًا ومريضًا، فرزق الله لا يجره الحرص على الرزق، ولا يرده كراهية الكاره للرزق، قال الله تعالى: (مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ)[فاطر: 2].
وفيه: الرد على ما تدعيه الشيعة الرافضة - استدلالًا بهذا الحديث وغيره - أن عليًّا يعلم الغيب أو يجوز أن يدعى من دون الله، أو أنه الوصي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أنه أفضل من أبي بكر وعمر، فكل هذا من أبطل الباطل.
وفيه: الرد على الناصبة من الخوارج الذين يكفرون عليًّا -فإن النبي صلى الله عليه وسلم نص على أنه يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم- ولهذا قتله من الخوارج عبدالرحمن بن ملجم وقال: إنه يتقرب إلى الله بقتله. وهذا بسبب فهمهم الخاطئ المعكوس، فهموا من النصوص غير ما دلت عليه، ففهموا أن عليًّا كافر؛ ولهذا مدحه الخارجي الثاني فقال:
يا ضربة من تقي ما أراد بها |
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا |
فرد عليه رجل سني وقال:
يا ضربة من شقي مـا أراد بها |
إلا ليبلغ من ذي العرش خسرانا |
قوله: «ثم ادعهم إلى الإسلام» فيه: مشروعية دعوة الكفار إلى الإسلام وقد بلغتهم الدعوة فيستحب دعوتهم مرة أخرى، هذا هو الصواب، قال بعض العلماء: تجب الدعوة مطلقًا في كل مرة، وقيل: لا تجب مطلقًا، والصواب: أنه إن بلغتهم الدعوة فيكون الإمام أو القائد مخيرًا بين أن يدعوهم مرة أخرى، وهذا هو الأفضل، وبين أن يغير عليهم من دون دعوة. والأحاديث دلت على هذا فقد أغار النبي صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون -يعني: غافلون- وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم([5]) وكذلك أغار على خيبر، كما مر في الحديث السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم صبح خيبر وهم غارون فقتل مقاتلتهم فقالوا: محمد والخميس فاجأهم؛ لأنهم بلغتهم الدعوة، وفي بعض الحصون قال لعلي: «ادعهم إلى الإسلام» مرة أخرى من باب الاستحباب، فدل على استحباب دعوتهم مرة أخرى وليست واجبة، إن شاء دعاهم وإن شاء هجم عليهم.
قوله: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا» يعني: إلى الإسلام، يخاطب عليًّا، والخطاب لعلي وللأمة كلها؛ لأن الشريعة عامة ليست خاصّة بعلي رضي الله عنه.
وقد أقسم النبي صلى الله عليه وسلم -وهو الصادق وإن لم يقسم- لبيان عظم شأن هذا الأمر.
وفيه: فضل من هدى الله على يديه رجلًا واحدًا، وأن من هدي على يديه رجل واحد إلى الإسلام خير له من الدنيا وما عليها وما فيها، ويستحق هذا الفضل من كان سببًا في ترك امرئ معصية كان عليها، أو أرشده إلى فعل قربة من القرب؛ كصلاة ليل أو الضحى أو عمل من أعمال الخير والبر.
قوله: «خير لك من أن تكون لك حمر النعم»، بإسكان الميم حُمْر جمع أحمر، وهي الإبل الحمر، وبعض الناس يقرؤها حُمُر وهي جمع حمار، وهذا خطأ شنيع.
وحمر النعم هي أنفس أموال العرب، وهذا مثال وليس المراد أن ما زاد على حمر النعم يكون خيرًا، بل المراد أنه خير من الدنيا وما فيها، وهذا المثال يقاس عليه أنفس الأموال الآن، فنقول: خير لك من العمارات والأراضي والأسهم في الشركات والمؤسسات، وخير لك من الطائرات والمصانع ومن كل شيء، وخير من الدنيا وما عليها.
● [3943] قوله: «قدمنا خيبر فلما فتح الله عليه الحصن»، وهو آخر حصن فتحه النبي صلى الله عليه وسلم من حصون خيبر، وكان يسمى القموص، وهو أقواها وأمنعها، فتح للنبي صلى الله عليه وسلم على يد علي بن أبي طالب.
قوله: «ذكر له جمال صفية بنت حيي بن أخطب» هي من ذرية هارون عليه السلام أخي موسى عليه السلام.
قوله: «وقد قتل زوجها وكانت عروسًا» هو كنانة بن أبي الحقيق، وكانت زوجة لرجل قبله أيضًا، ثم طلقت ثم تزوجها ابن أبي الحقيق هذا.
قوله: «فاصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه» كانت وقعت في سهم دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاه غيرها.
قوله: «فخرج بها حتى بلغنا سد الصهباء»،وهو اسم مكان قريب من خيبر.
قوله: «حلت» يعني: طهرت من حيضتها التي استبرأها بها النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا يدل على أن الأمة إذا سبيت ينفسخ نكاحها من زوجها الأول بمجرد السبي، ولمن ملكها أو لمن كانت في سهمه أن يتسراها، لكن بعد أن يستبرئ رحمها بحيضة؛ حتى لا يكون في رحمها شيء قبل السبي، فالنبي صلى الله عليه وسلم استبرأها بحيضة، فلما بلغ سد الصهباء طهرت من حيضها.
قوله: «فبنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صنع حيسًا في نطع صغير»، الحيس: هو الأقط والسمن والتمر يجمع إلا أنه لم يختلط، وهذه وليمة النبي صلى الله عليه وسلم على صفية ليس فيها لحم، فلا يشترط أن تكون الوليمة لحمًا، بل إن حصل - فهو أفضل- كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالرحمن بن عوف: «بارك الله لك، أولم ولو بشاة»([6]) وإلا فلا يشترط.
قوله: «ثم قال: آذن من حولك»، يعني: ادعهم للوليمة، «فكانت تلك وليمة على صفية ثم خرجنا إلى المدينة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يحوي لها وراءه بعباءة»، يعني: جعل من هذه العباءة حوية، والحوية: كساء محشو تدار حول الراكب.
● [3944] قوله: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام على صفية بنت حيي بطريق خيبر ثلاثة أيام حتى أعرس بها»، يعني: بنى بها وأعتقها وجعل عتقها صداقها.
قوله: «وكان فيمن ضرب عليها الحجاب»، فعلم أنها من أمهات المؤمنين، وهذا يدل على أن الأمة لا تحجب ولا يجب عليها الحجاب كالحرة، إلا إذا خيفت الفتنة بأن كانت جميلة فتحجب دفعًا للفتنة، لا لأنها يجب عليها الحجاب، ولهذا كان عمر رضي الله عنه إذا رأى الأمة تحتجب ضربها وقال: تتشبهين بالحرائر؛ لأنها مال فتباع وتشترى.
ولهذا لما شكوا في صفية: هل هي من أمهات المؤمنين أو جارية؟ قالوا: ننظر إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي من الجواري، فحجبها فعرفوا أنها من أمهات المؤمنين.
● [3945] قوله: «أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية» ذلك لأن صفية كانت عروسًا قبله، وكان من سنته صلى الله عليه وسلم أنه إذا تزوج البكر أقام معها سبع ليال، وإذا تزوج الثيب أقام معها ثلاثًا.
قوله: «فدعوت المسلمين إلى وليمته وما كان فيها من خبز ولا لحم» كما قلنا: إن الوليمة كانت حيسًا، وهو: السمن والأقط والتمر.
قوله: «وما كان فيها إلا أن أمر بلالًا بالأنطاع» الأنطاع: جمع نطع، وهو بساط من جلد يوضع عليه الطعام، مثل السفرة «فألقى عليها التمر والأقط والسمن».
قوله: «فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين أو ما ملكت يمينه؟» يعني: هل النبي صلى الله عليه وسلم تسراها أو أعتقها وتزوجها؟ فإن تسراها فهي أمة، وإن أعتقها وتزوجها فهي حرة، والنبي صلى الله عليه وسلم أعتقها وجعل عتقها صداقها،
وفيه: دليل على جواز أن يكون الصداق بغير المال، كما حصل لأم سليم ل.
قوله: «قالوا: إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه» هذه هي العلامة التي كان الصحابة يعرفون بها أمهات المؤمنين، وهي الحجاب؛ فالحجاب فريضة على الحرائر ويمنع منه الإماء؛ لأنهن مال يبعن ويشترين.
قوله: «فلما ارتحل وطأ لها خلفه ومد الحجاب» وضع لها حوية؛ تقيها عناء السفر؛ فعرفوا أنها حرة، وأنها من أمهات المؤمنين.
وهذا دليل من أدلة الحجاب وهي كثيرة، ومن أصرح الأدلة الآية الكريمة: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)[الأحزاب: 53]، وحديث عائشة في قصة الإفك: خمرت وجهي بجلبابي وكان يعرفني قبل الحجاب([7]).
وهذا رد على أصحاب السفور ودعاة الاختلاط، فإنهم يَعْمون عن هذه النصوص؛ لأنهم يتبعون أهواءهم وشهواتهم.
● [3946] هذا الحديث في غزوة خيبر، وقد كانت بعد صلح الحديبية، وكانت حصونًا حاصر النبي صلى الله عليه وسلم بعضها، وبعضها فتحت عنوة، وبعضها فتحت صلحًا.
قوله: «كنا محاصري خيبر» كان هذا في العام السابع من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: «فرمى إنسان بجراب فيه شحم» هو ما يستخلص من الدهن والودك.
قوله: «فنزوت لآخذه فالتفت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم فاستحييت» ذلك أن الطعام والشيء الذي يفسد لو ترك لا بأس بأخذ ما يحتاج الإنسان منه، ولا يدخل هذا في الغنيمة التي تخمس، لكنه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم استحيا منه.
وهذا فيه: دليل على أن طعام أهل الكتاب وذبائحهم حلال؛ قال الله تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ)[سورة المائدة: 5]. والمراد بطعامهم: ذبائحهم، فهذا الجراب الذي فيه الشحم من ذبيحة ذبحها أهل الكتاب أهل : خيبر من اليهود، والأصل فيها الحل إلا إذا عرف أنها ذبحت بطريقة حرام، كأن تكون ذبحت باسم المسيح، فهي مما أهل به لغيرالله، أو خنقت أو صعقت، أو ضرب رأسها، فهذا حرام، حتى المسلم إذا فعل ذلك فهي حرام.
● [3947] قوله: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن أكل الثوم» الثوم: نبات كريه الرائحة لمن أكله، والنهي أصله للتحريم إلا بصارف فيكون للتنزيه، وهنا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل الثوم، ولا شك أن الثوم حلال أكله، فالنهي هنا للتنزيه، نهى عن أكله لمن أراد أن يدخل المسجد ليصلي.
واستدل به بعضهم على الجمع في الشيء بين حقيقته ومجازه، قالوا: إن النهي للتحريم، وهذا حقيقة، والنهي عن أكل الثوم مجاز. هذا على القول بالمجاز، والصواب: أنه ليس في القرآن مجاز ولا في السنة مجاز ولا في اللغة مجاز؛ لأن القول بالمجاز حدث بعد ذلك بعد القرون المفضلة.
ويعرف كون النهي للتنزيه من أدلة أخرى دلت على أن الثوم ليس بحرام، ولكن المكروه رائحته؛ ولهذا سماها النبي صلى الله عليه وسلم الشجرة الخبيثة، والمراد بالخبيثة: الرديئة، قال صلى الله عليه وسلم: «من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا»([8]).
قوله: «وعن لحوم حمر الأهلية» النهي عن لحوم الحمر الأهلية للتحريم، كما دلت عليه النصوص الصحيحة،
وفيه: دليل على أن الحمر الأهلية حرام حرمت يوم خيبر، والحمر الأهلية بضم الحاء والميم جمع حمار، وفي اللفظ الآخر: «الحمر الإنسية»، احترازًا عن الحمر الوحشية؛ لأن الحمر الوحشية صيد.
● [3948] قوله: «نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل الحمر الإنسية» ظاهره أنه نهى عن الأمرين: نهى عن متعة النساء، وهي زواج المرأة المؤقت إلى أجل، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
ولم يكن في خيبر متعة حتى ينهى عنها؛ ولهذا قال بعضهم: إن يوم خيبر ليس ظرفًا لمتعة النساء، وإنما التقدير: نهى عن متعة النساء وعن أكل لحوم الحمر الإنسية يوم خيبر، فقوله: «يوم خيبر» ظرف للنهي عن أكل لحوم الحمر الإنسية.
أما المتعة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص فيها عام اوطاس ثلاثاً،ثم نهى عنهاً ([9])، فلم يكن هناك تمتع بالنساء في يوم خيبر، وإنما قصد علي رضي الله عنه أن يبين أن كلًّا من الأمرين حرم، فمتعة النساء حرمت، ولحوم الحمر الأهلية حرمت، وإن كان وقت التحريم مختلفًا، فتحريم الحمر الأهلية كان يوم خيبر.
وهنا قال: «الإنسية»، وفي الحديث: السابق قال: «الأهلية»، فالإنسية لأنها مستأنسة، والأهلية لأنها متأهلة، وذلك احتراز عن الحمر الوحشية لأنها متوحشة، ولأنها صيد، والحمر الإنسية محرمة، فهذا الحمار الموجود في البلد يقال له: حمار أهلي، ويقال: حمار إنسي، أما الحمار الوحشي فحلال، وهو صيد.
● [3949] قوله: «نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية» هنا صار الظرف قيدًا للنهي عن لحوم الحمر الأهلية.
● [3950] قوله: «الأهلية» هي المتأهلة؛ وذلك احتراز عن الحمر الوحشية.
● [3951] قوله: «ورخص في الخيل»، يعني: أذن في الخيل، فهي مباحة حلال أكلها بخلاف الحمر فإنها محرم أكلها، وفي حديث أسماء أنها قالت: نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسًا فأكلناه ونحن بالمدينة([10]).
● [3952] هذا الحديث فيه: دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية، وأما العلة فقد خفيت على عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه،قال: «فتحدثنا أنه إنما نهى عنها لأنها لم تخمس» هذا ظن من عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه ظن أنها حرمتلأنها لم تخمس، يعني: لم توضع في الغنيمة ليؤخذ منها الخمس، فبادر الناس وذبحوا وطبخوا قبل أن تخمس؛ فلذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها، والصواب: أنه إنما نهى عنها لأنها رجس؛ لما فيها من الخبث كما سبق في الحديث الآخر: «إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر؛ فإنها رجس» هذه هي العلة لما فيها من الرجس والخبث، وليس المراد أنها لم تخمس.
وكونها رجسًا يعني: ذاتها رجس ولحمها رجس، لا لأنها تأكل العذرة، وإلا لكانت تحبس وتطعم الطعام الطيب ويطيب لحمها كما جاء في الحديث: «إذا كانت الدابة جلالة فإنها تحبس ثلاثة أيام حتى تطعم الطعام الطيب فيطيب لحمها»، فلو كان العلة العذرة لحبس الحمار ثم طعم الطعام الطيب وحل، ولكن العلة أنها رجس يعني: خبث ذاتها وخبث لحمها مثل الكلب نجس.
قوله: «نهى عنها البتة» البتة يعني: نهائيًّا، وألفها ألف وصل. وجزم الكرماني بأن ألفها ألف قطع على غير القياس. يقال: لا أفعله بتة أو لا أفعله البتة لكل أمر لا رجعة فيه، وهو منصوب على المصدر.
قوله: «لأنها كانت تأكل العذرة» هذا أيضًا ظن من بعضهم، وليست هذه هي العلة، وأكل العذرة ليس خاصًّا بالحمر، حتى الإبل والبقر والغنم إذا كانت تأكل العذرة فإنها تخبث، وتطعم الطعام الطيب حتى يطيب مأكلها وتحل.
● [3953]، [3954]، [3955] قوله: «أكفئوا القدور»، أي: لإلقاء ما فيها من لحم الحمر؛ لأنها حرمت.
● [3956] قوله: «أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر أن تُلقى الحمر الأهلية نيئة ونضيجة» يعني: أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يلقوا الحمر الأهلية نيئة، وهي التي لم تطبخ، ونضيجة وهي المطبوخة، يعني: لحمها حرام سواء كان مطبوخًا أو غير مطبوخ.
قوله: «ثم لم يأمرنا بأكله بعد»؛ فيه: إشارة إلى استمرار التحريم إلى الأبد؛ وذلك لأن ذاتها خبيث ولحمها خبيث، سواء كان مطبوخًا أو غير مطبوخ.
● [3957] قوله: «لا أدري أنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم» هذا شك من ابن عباس رضي الله عنه، لا يدري سبب التحريم، هل حرم «من أجل أنه كان حمولة الناس» فلو ذبحت وطبخت صاروا لا يجدون مراكب؛ لأنها هي مراكب الناس، يقول: «فكره أن تذهب حمولتهم»، أو لغير ذلك؟
وكان ابن عباس يرى أن لحوم الحمر حلال، وهذا في الأول. واستمر على ذلك مدة ثم رجع عن ذلك حتى جاءه رجل يسأله قال: ليس عندي شيء أطعم أهلي إلا من سمين حمري، قال: أطعم أهلك من سمين حمرك. ثم بعد ذلك رجع، وتبين له أن السنة أنها محرمة فرأى تحريمها، فابن عباس أشكل عليه الأمر لا يدري سبب التحريم هل من أجل أنها حمولة الناس؟ فلو ذبحت لم يجد الناس مراكب، وكذلك عبدالله بن أبي أوفى ظن أنها حرمت «لأنها لم تخمس»، وكذلك قال بعضهم: «لأنها كانت تأكل العذرة» وكل هذه أقوال بالظن؛ لأنهم خفيت عليهم السنة.
والصواب: أن النهي عنها لأنها رجس؛ أي: لما فيها من الخبث والنجاسة العينية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على ذلك، وإذا جاء النص فلا كلام لأحد مع النص، ولا يعدل عنه إلى غيره. إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل.
● [3958] قوله: «قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر للفرس سهمين، وللراجل سهمًا» هذا في قسمة الغنيمة، والغنيمة: هي ما يستولي عليه المسلمون بعد الانتصار على الأعداء في الحرب، والغنيمة تكون من الذهب أو من الفضة أو الإبل أو البقر أو الغنم أو الأمتعة أو غيرها، فإنها أولًا يؤخذ الخمس من رأسها ويقسم خمسة أخماس: خمس لله عزوجل وللرسول صلى الله عليه وسلم، وخمس لقرابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وخمس لليتامى، وخمس للمساكين، وخمس لابن السبيل.
ثم تقسم أربعة الأخماس على الغانمين، تجعل أسهمًا: فالفارس الذي يجاهد ومعه فرس يعطى ثلاثة أسهم: سهم له وسهمان للفرس، والراجل الذي يجاهد على رجليه وليس معه دابة يعطى سهمًا، فإذا كان مثلًا السهم ألفًا يعطى الراجل ألفًا والفارس يأخذ ثلاثة آلاف: ألفًا له وألفين لفرسه؛ وذلك لأن الفارس له تأثير في الأعداء أكثر من الراجل من الفر واللحاق بالعدو والمنهزم ولحاق خيل العدو، كل هذا يتولاه الفارس، لكن الراجل لا يستطيع؛ ولأن الفارس يقصده العدو أكثر من الراجل؛ لما يخشى منه فالخطر عليه أشد؛ ولأن الفارس فرسه يحتاج إلى مئونة وإعلاف، وقد يكون له خادم يسوسه؛ فلذلك زاد على الراجل، وبهذا أخذ جمهور العلماء فقالوا: إن للراجل سهمًا وللفارس ثلاثة أسهم، وخالف في ذلك الإمام أبو حنيفة([11]) فقال: لا أجعل للدابة أكثر من الآدمي، فقال: للراجل سهم وللفارس سهمان وهو محجوج بالحديث ومحجوج بالنص.
● [3959] هذه القصة لجبير بن مطعم وعثمان بن عفان م حدثت بعد غزوة خيبر عندما قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم خيبر.
قوله: «أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن بمنزلة واحدة منك» ذلك أن عبد مناف له أربعة أولاد: هاشم والمطلب ونوفل وعبد شمس، فأما هاشم فهو جد النبي صلى الله عليه وسلم فهو: محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، والثلاثة الباقون وهم: المطلب ونوفل وعبد شمس هم أعمام النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم أعمام جده عبد المطلب، وعثمان من بني عبد شمس وجبير من بني نوفل.
فأما بنو المطلب، فإنهم أسلموا قديمًا وناصروا النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك ناصروه قبل أن يسلموا، فدخلوا الشعب مع بني هاشم لما حاصرتهم قريش في الشعب، فبنو المطلب لم يفارقوا بني هاشم لا في الجاهلية ولا في الإسلام، وهذا هو السبب في كون النبي صلى الله عليه وسلم أعطى بني المطلب ولم يعط بني نوفل ولا بني عبد شمس، وإن كانوا بمنزلة بني عبد المطلب في الدرجة، إلا أنهم لم يناصروا النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا يقول أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم في لاميته المشهورة:
جزى الله عنا عبد شمس ونوفلًا عقوبة شر عاجلًا غير آجل([12])
دعا عليهم؛ لأنهم لم ينصروهم وهم أعمامهم.
فلذلك أعطى النبي صلى الله عليه وسلم بني المطلب من خمس خيبر وكذلك يعطون من بيت المال إذا كان فيه مورد غير الزكاة عند عدم الغنائم والفيء، بخلاف بني نوفل وبني عبد شمس.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ردًّا عليهم: «إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» لأن بني المطلب لم يفارقوا بني هاشم في جاهلية ولا في إسلام فكانوا كبني هاشم في المنع من الزكاة والأخذ من سهم ذوي القربى من الغنيمة والفيء.
قوله: «قال جبير: ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس وبني نوفل شيئًا» يعني: ما أعطاهم شيئًا؛ لأنهم فارقوهم في النصرة.
● [3960] هذه القصة فيها مجيء جعفر بن أبي طالب وأبي موسى من الحبشة إلى المدينة، وذلك بعد السنة السابعة من الهجرة بعد أن انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من فتح خيبر.
قوله: «بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن» يحتمل المراد مخرجه إلى المدينة.
قوله: «فخرجنا مهاجرين إليه أنا وأخوان لي أنا أصغرهم؛ أحدهما: أبو بردة، والآخر: أبو رهم»، ومعهم عدد من الناس، «إما قال: بضعًا وإما قال: في ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلًا» والبضع: من ثلاثة إلى تسعة، يعني: فوق الخمسين إلى الستين.
قوله: «فركبنا سفينة فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة»، يعني: لا يريدون الحبشة، لكن السفينة ألقتهم بالحبشة فوافقوا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه والمهاجرين الذين هاجروا من مكة إلى الحبشة، وهم عدد من الرجال والنساء، فلما وافقوهم مكثوا معهم بأرض الحبشة.
قوله: «فأقمنا معه حتى قدمنا جميعًا»، أي: أبو موسى ومن معه من اليمنيين وجعفر بن أبي طالب وكذلك المهاجرون من أهل مكة كلهم جاءوا جميعًا قال: «فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر»، ومعهم أسماء بنت عميس، وهي امرأة جعفر بن أبي طالب، وهي امرأة عاقلة ثم لما استشهد جعفر يتزوجها أبو بكر رضي الله عنه، ثم توفي عنها أبو بكر وتزوجت أيضًا بعده عليًّا رضي الله عنه.
فلما قدموا المدينة جاءت أسماء بنت عميس ودخلت على حفصة بنت عمر تزورها، فجاء عمر إلى ابنته حفصة، فلما دخل عليها قال: من هذه المرأة التي عندكم؟ قالت: هي أسماء بنت عميس.
قوله: «من هذه؟» قال مصطفى البغا: «فيه دلالة على أنها كانت مستورة الوجه؛ إذ لو كانت مكشوفة لعرفها بمجرد رؤيتها ولما احتاج أن يستفسر عنها. وهذا دليل على أن حجاب المرأة المسلمة يشمل الوجه وأن هذا كان شائعًا مألوفًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي فهمه زوجات أصحابه -رضوان الله عليهم وعليهن- من آيات الله عز وجل وبيان رسوله صلى الله عليه وسلم»([13]).
والأدلة صريحة و كثيرة فمنها: حديث عائشة عند أبي داود: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذونا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه([14]). ولكن أهل السفور ودعاة الاختلاط يعمون عن هذه النصوص.
قال عمر: «آلحبشية هذه؟ آلبحرية هذه؟» الحبشية لأنها كانت في الحبشة مع المهاجرين من أهل مكة، والبحرية لأنها ركبت البحر، والمد فيهما للاستفهام، فقالت له أسماء: «نعم» فقال لها عمر مفتخرًا عليها: نحن «سبقناكم بالهجرة» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم «فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم»، أي: نحن هاجرنا من مكة إلى المدينة وأنتم ماكثون في الحبشة. فغضبت أسماء وقالت: كلا والله ما سبقتم، فرق بيننا وبينكم: «كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم»، ونحن هاجرنا فرارًا بديننا وكنا في دار البعداء والبغضاء بالحبشة، وليس هذا باختيار منا وذلك في ذات الله وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: لأجلهما، فكيف تكونون أنتم خيرًا منا وأفضل منا؟ ثم أخذتها أيضًا الحمية لله عزوجل وأقسمت ألا تأكل الطعام ولا تشرب الشراب حتى تذكر ما قال عمر للرسول صلى الله عليه وسلم فتسأل: هل هم أفضل أم نحن أفضل؟
قولها: «وأيم الله»، قسم يمين بالله عزوجل. والأفصح أن تكون بهمزة وصل. «لا أطعم طعامًا ولا أشرب شرابًا حتى أذكر ما قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن» - أيضًا في الحبشة -«كنا نؤذى ونخاف»، وأنتم عند الرسول عليه الصلاة والسلام يطعم الجائع ويعظ الجاهل، وإذا أشكل عليكم الأمر رجعتم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
قالت: «وسأذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وأسأله والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه. فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا نبي الله، إن عمر قال كذا وكذا، قال: «فما قلت له؟» قالت: قلت له كذا وكذا»، فقال عليه الصلاة والسلام: «ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة» يعني: عمر.
قوله: «ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان» أهل بالنصب على الاختصاص أو على النداء بحذف أداته، والمعنى: إن لكم هجرة من مكة إلى الحبشة وهجرة من الحبشة إلى المدينة.
ففرحوا بذلك فرحًا عظيمًا، وصار أهل السفينة الذين قدموا يأتون إلى أسماء أرسالًا يسألونها عن هذا الحديث لفرحهم به، قالت: «فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتون أسماء أرسالًا»، أي: أفواجًا فوجًا بعد فوج يسألون أسماء عن هذا الحديث، «ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم»، لأن هذا فضل عظيم، فالهجرة فضلها عظيم فكيف إذا كانت هجرتان؟!
قوله: «قالت أسماء: ولقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني»، أي: يطلب إعادته مرة بعد مرة من فرحه به.
قوله صلى الله عليه وسلم: «إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار» الأشعريون من اليمن لهم أصوات حلوة حسنة بالقرآن، ومنهم أبو موسى الأشعري، استمع له النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ولم يعلم، فقال: «لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة»([15])، فقال: لو علمت لحبرته لك تحبيرًا([16])، يعني: حسنته لك تحسينًا، والتحسين لله عزوجل ؛ لأن ما يرضي رسول الله فهو لله عزوجل، وليس المراد الرياء، وإلى الآن اليمنيون من هداه الله عزوجل منهم لهم أصوات عذبة بالقرآن.
قوله: «ومنهم حكيم إذا لقي الخيل -أو قال: العدو- قال لهم: إن أصحابي يأمرونكم أن تنظروهم» حكيم صفة للرجل، وقيل: هو اسم علم، يعني: على رجل من الأشعريين.
قال الحافظ ابن حجر /: «قوله: «ومنهم حكيم»، قال عياض: قال أبو علي الصدفي: هو صفة لرجل منهم، وقال أبو علي الجياني: هو اسم علم على رجل من الأشعريين، واستدركه على صاحب «الاستيعاب».
قوله: «إذا لقي الخيل، أو قال العدو»، هو شك من الراوي.
قوله: «قال لهم: إن أصحابي يأمرونكم أن تنظروهم»، أي: تنتظروهم، من الانتظار، ومعناه: أنه لفرط شجاعته»، يعني: لزيادة شجاعته، «كان لا يفر من العدو، بل يواجههم ويقول لهم إذا أرادوا الانصراف مثلًا: انتظروا الفرسان حتى يأتوكم ليثبتهم على القتال، هذا بالنسبة إلى الشق الثاني وهو قوله: «أو قال العدو»، وأما على الشق الأول - وهو قوله: «إذا لقي الخيل»- فيحتمل أن يريد بها خيل المسلمين، ويشير بذلك إلى أن أصحابه كانوا رجالة، فكان هو يأمر الفرسان أن ينتظروهم ليسيروا إلى العدو جميعًا، وهذا أشبه بالصواب، قال ابن التين: معنى كلامه أن أصحابه يحبون القتال في سبيل الله عزوجل ولا يبالون بما يصيبهم».
● [3961] قوله: «ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرَنا» هذا التعليق فيه أن الأصل أن الغنيمة لمن حضر الواقعة، ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لأحد لم يشهد الفتح غير أصحاب السفينة، فإن جعفر بن أبي طالب وأبا موسى ومن لم يشهد الفتح من أصحاب السفينة أعطالهم النبي صلى الله عليه وسلم من غنيمة خيبر بغير استرضاء أحد من الغانمين.
وأما أبو هريرة فإنه لم يعطه وأصحابه إلا بعد استرضاء المسلمين وعن طيب خواطرهم، وأبو هريرة لم يقدم هو وأصحابه على النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد فتح خيبر، كما في الحديث الذي يأتي بعد، وسيأتي الكلام فيه.
● [3962] قوله: «افتتحنا خيبر فلم نغنم ذهبًا»، يعني: افتتحناها معشر المسلمين -وإن لم يكن هو شاركهم- أو ربما يكون وهمًا من ثور بن زيد راوي الحديث، وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة و أصحابه من سهم خيبر بعد استرضاء المسلمين، أما جعفر وأبو موسى و من لم يشهد الفتح من أصحاب السفينة فإنه أعطاهم من غير استرضاء المسلمين.
وقال الحافظ ابن حجر تحت قوله: «افتتحنا خيبر»: «حكى الدارقطني عن موسى ابن هارون أنه قال: وهم ثور في هذا الحديث؛ لأن أبا هريرة رضي الله عنه لم يخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر وإنما قدم بعد خروجهم وقدم عليهم خيبر بعد أن فتحت. قال أبو مسعود: ويؤيده حديث عنبسة بن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر بعدما افتتحوها([17]) قال: ولكن لا يشك أحد أن أبا هريرة حضر قسمة الغنائم، فالغرض من الحديث قصة مدعم في غلول الشملة، قلت: وكأن محمد بن إسحاق صاحب المغازي استشعر بوهم ثور بن زيد في هذه اللفظة فروى الحديث عنه بدونها، أخرجه ابن حبان والحاكم وابن منده من طريقه بلفظ: «انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى»([18])، ورواية أبي إسحاق الفزاري التي في هذا الباب تسلم من هذا الاعتراض بأن يحمل قوله: «افتتحنا»، أي: المسلمون، وقد تقدم نظير ذلك قريبًا.
وروى البيهقي في «الدلائل»([19]) من وجه آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى وادي القرى» فلعل هذا أصل الحديث، وحديث قدوم أبي هريرة رضي الله عنه المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر أخرجه أحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم من طريق خثيم بن عراك بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قدمت المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر وقد استخلف سباع بن عرفطة...» ، فذكر الحديث، وفيه: «فزودونا شيئًا حتى أتينا خيبر وقد افتتحها النبي صلى الله عليه وسلم فكلم المسلمين فأشركونا في سهامهم»([20]). ويجمع بين هذا وبين الحصر الذي في حديث أبي موسى رضي الله عنه الذي قبله أن أبا موسى رضي الله عنه أراد أنه لم يسهم لأحد لم يشهد الوقعة من غير استرضاء أحد من الغانمين إلا لأصحاب السفينة، وأما أبو هريرة رضي الله عنه وأصحابه فلم يعطهم إلا عن طيب خواطر المسلمين، والله أعلم ».
وفي هذا الحديث: أنهم لم يغنموا ذهبًا ولا فضة، وإنما غنموا البقر والإبل والمتاع والحوائط.
قوله: «ثم انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى» يعني: بعد فتح خيبر وتقسيم الغنائم.
قوله: «ومعه عبد له يقال له: مدعم، أهداه له أحد بني الضباب؛ فبينا هو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم عائر حتى أصاب ذلك العبد» فمات منه، والسهم العائر أي: الذي لا يدرى من رمى به، وقيل: هو الحائد عن قصده، جاءه من جهة اليهود فأصابه ومات.
قوله: «فقال الناس: هنيئًا له الشهادة» هذه شهادة لواقع الحال؛ حيث إنهم في غزو، وهذا قتل فيه فهنئوه بالشهادة لسابق علمهم أن من قتل في الجهاد فهو شهيد بإذن الله.
قوله: «فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أصابها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارًا» الشملة: قطعة قماش سرقها، و هذا يسمى الغلول، والغلول: هو الإخفاء من الغنيمة قبل أن تقسم، ومثله الأخذ من بيت المال، أو من الصدقات التي تجمع، أو الأوقاف؛ والغلول من كبائر الذنوب؛ لأن هذا الوعيد يدل على تعظيم أمر الغلول من الغنيمة، و يمنع الشهادة ويبطلها؛ لأن الشهيد موعود بالجنة إذا لم يفعل كبيرة، والغال متوعد بالنار، فلا يجتمعان، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ولا فتش رحله؛ فالظاهر أنه وحي من الله عوجل.
قوله: «فجاء رجل حين سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بشراك أو شراكين فقال: هذا شيء كنت أصبته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراك أو شراكين من نار» الشراك: هو سير النعل على ظهر القدم، وهو شيء يسير، فقال: لو بقي لصار يشتعل عليك نارًا.
([1]) الترمذي (3092)، والنسائي (2958).
([2]) البخاري (2480)، ومسلم (141).
([3]) أبو داود (2732)، وابن ماجه (2832)، وبنحوه مسلم (1817).
([4]) مسلم (2944).
([5]) البخاري (2541)، ومسلم (1730).
([6]) البخاري (5155)، ومسلم (1427).
([7]) البخاري (4750)، ومسلم (2770).
([8]) البخاري (853)، ومسلم (563).
([9]) مسلم (1405).
([10]) البخاري (5510)، ومسلم (1942).
([11]) انظر «تبيين الحقائق» (3/254).
([12]) «لسان العرب» (11/489) (عيل).
([13]) تعليق د. مصطفى ديب البغا على «صحيح البخاري» (4/1546).
([14]) أبو داود (1833).
([15]) مسلم (793).
([16]) أبو يعلى (13/266)، والحاكم (3/529)، وابن حبان (16/170).
([17]) البخاري (2827).
([18]) الحاكم في «المستدرك» (3/42)، وابن منده في «الإيمان» (2/669).
([19]) (4/270).
([20]) أحمد (2/345)، وابن خزيمة (2/120)، وابن حبان (11/188)، والحاكم (2/38).