شعار الموقع

شرح كتاب المغازي من صحيح البخاري (64-22)

00:00
00:00
تحميل
76

المتن

[80/55] نزول النبيِّ صلى الله عليه وسلم الحِجْر

 ●         [4131] حدثنا عبدالله بن محمد الجعفي، قال: نا عبدالرزاق، قال: أنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم؛ أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين»، ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي.

 ●         [4132] نا يحيى بن بكير، قال: نا مالك، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الحجر: «لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين؛ أن يصيبكم مثل ما أصابهم».

الشرح

هذه الترجمة في «نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر» والحجر هي ديار ثمود قوم صالح عليه السلام، وهم الذين أهلكهم الله بالصيحة لما كذبوا نبيهم وكفروا بالله، فقد صاح بهم جبريل عليه السلام صيحة قطعت أمعاءهم في أجوافهم؛ فماتوا عن آخرهم - نسأل الله السلامة والعافية - وكانوا قومًا أشداء ينحتون من الجبال بيوتًا ويتخذون من السهول قصورًا، فأهلكهم الله، وكان الحجر على طريق النبي صلى الله عليه وسلم في ذهابه إلى تبوك .

 ●         [4131] ذكر حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم؛ أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين».

قوله: «ثم قنع رأسه»، يعني: غطى رأسه بالقناع «وأسرع السير حتى أجاز الوادي».

 ●         [4132] هذا الحديثان فيهيما: النهي عن دخول المسلمين منازل هؤلاء المعذبين وهم ثمود قوم صالح عليه السلام إلا على حالة واحدة وهي حالة البكاء، وبين العلة في النهي وهي خشية أن يصيبهم ما أصابهم.

وهذا النهي للتحريم؛ لأنه نهى عن دخول مساكن الظالمين إلا على هذه الحالة وهي أن يكون الداخل باكيًا، فالحديث بطريقيه فيه النهي عن دخول مساكن ثمود وهم قوم صالح الذين أهلكهم الله بالصيحة والرجفة.

وهذا النهي يشمل الدخول في جميع أماكن العذاب كالأهرام في مصر وأصحاب الأخدود في نجران فلا يجوز دخولها؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم» فهذا قول عام، وقد صدر من هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية قرار بمنع الرحلات الطلابية إلى مساكن ثمود، وبلغت الدولة وفقها الله بذلك، وعلى جميع المدارس أن تلتزم بهذا الحكم الشرعي.

وقد جاء في الحديث الآخر: أنه عندما مر المسلمون بمساكن ثمود عجنوا العجين من البئر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تعلف الإبل العجين وألا يستقوا إلا من بئر الناقة([1])، فكان هناك آبار متعددة منها بئر الناقة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يستقوا منها، وأما ما عداها فلا يستقى منها، ولذلك لما عجنوا من غير بئر الناقة العجين أمرهم صلى الله عليه وسلم أن يعلفوا الإبل بهذا العجين.

مسألة/ هل تصح الطهارة من آبار ثمود أو لا تصح؟

القول الأول قول :الحنابلة([2]) وجماعة أنه: لا يصح الوضوء منها؛ لأنه ماء مثل الماء المغصوب أي: إنه ماء ممنوع منه شرعًا.

القول الثاني :أنه يصح مع الإثم، وهذا هو الأقرب مثل الصلاة في الأرض المغصوبة فإنها تصح مع الإثم، فالمتوضئ منها له ثواب الوضوء وعليه إثم الغصب، كما لو توضأ بالماء المغصوب فله ثواب الوضوء وعليه إثم الغصب.

وكذلك لو صلى الإنسان في ثوب فيه صورة فإنه تصح صلاته على الصحيح، فله ثوابها وعليه إثم الصورة، وكذلك لو صلى في ثوب حرير أو في ثوب مغصوب، كل هذا فيه خلاف بين العلماء فمنهم من قال: لا تصح الصلاة، ومنهم من قال: تصح مع الإثم.

* * *

المتن

[81/55] باب

 ●         [4133] حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث، عن عبدالعزيز بن أبي سلمة، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جبير، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه مغيرة بن شعبة قال: ذهب النبي صلى الله عليه وسلم لبعض حاجته، فقمت أسكب عليه الماء، لا أعلمه إلا أنه قال: في غزوة تبوك، فغسل وجهه، وذهب يغسل ذراعيه فضاق عليه كُمُّ الجُبَّة فأخرجهما من تحت جبته، فغسلهما ثم مسح على خفيه.

 ●         [4134] حدثنا خالد بن مخلد، قال: نا سليمان، عن عمرو بن يحيى، عن عباس بن سهل بن سعد، عن أبي حميد قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، حتى إذا أشرفنا على المدينة قال: «هذه طابةُ، وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه».

 ●         [4135] نا أحمد بن محمد، قال: أنا عبدالله، قال: أنا حميد الطويل، عن أنس، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك، فدنا من المدينة فقال: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم»، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: «وهم بالمدينة حبسهم العذر».

الشرح

 ●         [4133] هذا حديث المغيرة بن شعبة في ذكر بعض ما وقع في تبوك،
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب لبعض حاجته فقام المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ليسكب عليه الماء، وهذا فيه المعاونة على الوضوء، فإذا كان الإنسان يتوضأ ويصب عليه أخوه فلا بأس بذلك.

قوله: «ثم مسح على خفيه» وفي اللفظ الآخر قال المغيرة: «فأهويت لأنزع الخفين فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين»([3]).

فالحديث فيه: مشروعية المسح على الخفين إذا استكملت الشروط وتوفرت، بأن يلبسهما على طهارة، ويكون الخف ساترًا للمفروض، ويكون مباحًا.

وفيه: جواز لبس ضيق الكمين فلا بأس به ولا حرج، وإن احتاج إلى توسعته فلا بأس أن يخرجهما من تحت، وجواز لبس ما جاء من بلاد الكفار؛ لأن هذه الجبة جبة شامية، وكانت الشام في ذلك الوقت بلاد كفار، فكانت من بلاد الروم آنذاك، ولم تفتح إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل النبي صلى الله عليه وسلم لبس هذه الجبة من أجل البرد؛ لأن تبوكًا كان جوها باردًا آنذاك.

 ●         [4134] قوله: «هذه طابة» فيه: : أن طابة من أسماء المدينة، فالمدينة لها أسماء منها: طابة وطيبة والمدينة.

وقوله: «وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه»، يعني: أن الله تعالى جعل في الجبل إحساسًا وهو المحبة وإن كان جمادا، كما جعل الله فيه الخشية كما في قوله تعالى: (وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) [البقرة: 74] ، فالله على كل شيء قدير.

 ●         [4135] هذا الحديث فيه من الفوائد: أن الإنسان إذا كان يعمل عملا كصلاة أو جهاد أو حج في كل سنة ثم منعه منه مرض أو عذر كتب الله له أجر ذلك العمل كما في هذا الحديث: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم»، وفي لفظ: «إلا شركوكم في الأجر»([4]).

قوله: «وهم بالمدينة حبسهم العذر»، يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أصحابه أن بالمدينة أقواما كتب لهم أجر الجهاد وهم في المدينة فقد حبسهم العذر، فإذا كان الإنسان عنده نية العمل ثم منعه مانع كتب الله له ما نواه بحيث إنه لولا المانع لكان مؤديًا للعمل.

ويؤيد هذا الحديث حديث أبي موسى: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا»([5])، وهذا من فضل الله وإحسانه.

ومن ذلك أن الحائض والنفساء يكتب لهما أجر المصلين، وكذلك يكتب لهما أجر الست من شوال إذا نويا ذلك، أما كون النساء ناقصات عقل ودين فهذا نقص خلقي واقعي وليس في الثواب.

أما العمل السيئ فلا يكتب على الإنسان إذا عزم عليه أو نواه، أما إن فعل الأسباب التي تمكنه من فعله السيئ ثم تركه للعجز عنه فهذا يكتب عليه كما في حديث: «القاتل والمقتول في النار»، قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول، قال: «إنه كان حريصا على قتل صاحبه»([6])، فهذا حريص على قتل صاحبه لكن منعه مانع أنه سبقه صاحبه فقتله، فقد فعل الأسباب وعزم بخلاف إذا ما ترك الشيء إعراضا عنه فهذا لا يكتب له ولا عليه، أما إذا تركه خوفا من الله فإنه يكتب له حسنة كما في الحديث: «إذا هم العبد بسيئة فتركها فقال الله: اكتبوها له حسنة فإنه إنما تركها من جرائي»([7])، يعني: من أجلي.

إذن فالعمل السيئ له ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يكتب له سيئة وهي إذا فعل الأسباب وصمم على فعله ثم منعه مانع مثل القاتل والمقتول، ومثل شخص أراد أن يسرق فجعل السلم وأراد أن يسرق ثم رأى إنساناً فخاف ورجع، فهذا يكتب عليه عمله، لأنه فعل الأسباب لكن منعه مانع.

الحالة الثانية: أن يهم بفعل السيئة ثم يتركها خوفاً من الله فهذا يكتب له حسنة كما في الحديث القدسي: «اكتبوها له حسنة فإنما تركها من جرائي»، وكذلك مثل أحد الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار من بني إسرائيل، فإن أحدهم كانت له ابنة عم وكان يحبها فلما تمكن منها قالت له: «اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقام وتركها خوفاً من الله»([8]) فهذا تكتب له حسنة.

الحالة الثالثة: أن يترك السيئة لا خوفاً من الله ولا عجزاً وإنما تركها تشاغلاً وإعراضاً عنها، فهذا لا تكتب له ولا عليه.

* * *

المتن

[82/55] كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر

 ●         [4136] حدثنا إسحاق، قال: أنا يعقوب بن إبراهيم، قال: نا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبيدالله بن عبدالله، أنَّ ابن عباس أخبره، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كسرى مع عبدالله بن حذافة السهمي، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأ مزقه، فحسبت أن ابن المسيَّب قال: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزَّقوا كلَّ ممزَّق.

 ●         [4137] نا عثمان بن الهيثم، قال: نا عوف، عن الحسن، عن أبي بكرة قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الجمل، بعدما كدتُ أن ألحقَ بأصحاب الجمل فأقاتلَ معهم، قال: لما بلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملَّكوا عليهم بنت كسرى، قال: «لن يُفلحَ قومٌ ولَّوْا أمرَهم امرأةً».

 ●         [4138] نا علي بن عبدالله، قال: نا سفيان، قال: سمعت الزهري يقول: سمعت السائب ابن يزيد يقول: أذكر أني خرجت مع الغِلمان إلى ثنيَّة الوداع نتلقَّى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.

وقال سفيان مرَّةً: مع الصبيان.

 ●         [4139] حدثني عبدالله بن محمد، قال: نا سفيان، عن الزهري، عن السائب، أذكر أني خرجت مع الصبيان نتلقَّى النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى ثنيَّة الوداع، مقْدَمَه من غزوة تبوك.

الشرح

اختلف العلماء في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك فقيل: في السنة السابعة وقت الهدنة، وقيل: كتب إليهم مرتين، لكن الأقرب أنه كتب إليهم عام الوفود في السنة التاسعة من الهجرة بعد فتح مكة وقبل تبوك أو بعدها؛ لأنه بعد فتح مكة ظهر أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وقوي شأنه.

 ●         [4136] هذا الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى كسرى كتاباً يدعوه إلى الإسلام، فلما قرأه مزقه، «فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل مزق»، فاستجاب الله دعوة نبيه صلى الله عليه وسلم، هذا هو الواقع؛ فإن الله سلط على الفرس رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ففتحوا بلادهم وصاروا يلاحقونهم بلدًا بلدًا حتى تمزق ملكهم، وكان في ذلك رحمة لهم حيث أسلم من أسلم من الفرس وصار منهم العباد والزهاد والعلماء.

وأما الروم؛ فإن ملكهم هرقل عظم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وجمع حاشيته وكبارهم وعرض عليهم الإسلام، ثم لما رأى نفورهم تابعهم؛ ولذلك فإن الروم تماسكوا بعض الشيء وبقي بعض ملكهم إلى الآن.

قال الحافظ ابن حجر /: «قوله: «أن يمزقوا كل ممزق» بفتح الزأي: أي: يتفرقوا ويتقطعوا، وفي حديث عبد الله بن حذافة فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم مزق ملكه» وكتب إلى باذان عامله على اليمن: ابعث من عندك رجلين إلى هذا الرجل الذي بالحجاز، فكتب باذان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أبلغا صاحبكما أن ربي قتل ربه في هذه الليلة»([9])، قال: وكان ذلك ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى سنة سبع وإن الله سلط عليه ابنه شيرويه فقتله، وعن الزهري قال: بلغني أن كسرى كتب إلى باذان بلغني أن رجلًا من قريش يزعم أنه نبي فَسِرْ إليه، فإن تاب وإلا ابعث برأسه، فذكر القصة قال: فلما بلغ باذان أسلم هو ومن معه من الفرس».

 ●         [4137] هذا حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: «لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الجمل» ذلك أن موقعة الجمل ذهبت فيها السيدة عائشة ل للإصلاح بين علي ومعاوية م، وتبعها طلحة والزبير م وذهبوا إلى العراق ليطالبوا بدم عثمان رضي الله عنه، فكان الرأي: لها، وأراد أبو بكرة أن ينضم إليهم، ثم اعتبر رضي الله عنه ذلك نوع إمرة من عائشة ل وهي امرأة فلم يخرج معها؛ لأنه استنبط من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» أنهم ليسوا على حق، فهم مجتهدون لكنهم لم يصيبوا ي.

قال الحافظ ابن حجر /: «قوله «بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل»، يعني: عائشة ل ومن معها وسيأتي بيان هذه القصة في «كتاب الفتن» إن شاء الله تعالى، ومحصلها أن عثمان لما قتل وبويع علي بالخلافة خرج طلحة والزبير إلى مكة فوجدا عائشة وكانت قد حجت فاجتمع رأيهم على التوجه إلى البصرة؛ يستنفرون الناس للطلب بدم عثمان».أي: إن خروج السيدة عائشة ومعها طلحة والزبير ي في موقعة الجمل اجتهادًا منهم كما اجتهد علي رضي الله عنه في قتال أهل الشام، وكذلك أهل الشام أيضًا مجتهدون، فكلٌّ مجتهد، فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر.

ثم قال الحافظ ابن حجر /: «فبلغ ذلك عليًّا فخرج إليهم فكانت وقعة الجمل ونسبت إلى الجمل الذي كانت عائشة قد ركبته وهي في هودجها تدعو الناس إلى الإصلاح والقائل «لما بلغ» هو أبو بكرة وهو تفسير لقوله: «بكلمة»
وفيه: إطلاق الكلمة على الكلام الكثير.

قوله: «ملكوا عليهم بنت كسرى»، هي بوران بنت شيرويه بن كسرى بن برويز، وذلك أن شيرويه لما قتل أباه كما تقدم كان أبوه لما عرف أن ابنه قد عمل على قتله احتال على قتل ابنه بعد موته فعمل في بعض خزائنه المختصة به حقاً مسموماً وكتب عليه حق الجماع: من تناول منه كذا جامع كذا فقرأه شيرويه، فتناول منه فكان فيه هلاكه فلم يعش بعد أبيه سوى ستة أشهر، فلما مات لم يخلف أخا؛ لأنه كان قتل إخوته حرصا على الملك ولم يخلف ذكرا، وكرهوا خروج الملك عن ذلك البيت، فملكوا المرأة واسمها بوران بضم الموحدة، ذكر ذلك ابن قتيبة في المغازي، وذكر الطبري أيضا أن أختها أرزميدخت ملكت أيضا.

قال الخطابي: في الحديث أن المرأة لا تلي الإمارة ولا القضاء،
وفيه: أنها لا تزوج نفسها، ولا تلي العقد على غيرها. كذا قال وهو متعقب، والمنع من أن تلي الإمارة والقضاء قول الجمهور، وأجازه الطبري، وهي رواية عن مالك وعن أبي حنيفة تلي الحكم فيما تجوز فيه شهادة النساء».

والصواب: أن المرأة لا تلي الإمارة، ولا القضاء، ولا تزوج نفسها، ولا تلي العقد.

ثم قال /: «ومناسبة هذا الحديث للترجمة من جهة أنه تتمة قصة كسرى الذي مزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فسلط الله عليه ابنه فقتله ثم قتل إخوته حتى أفضى الأمر بهم إلى تأمير المرأة، فجر ذلك إلى ذهاب ملكهم ومزقوا كما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم».

 ●         [4138]، [4139] هذان الحديثان فيهما أن السائب بن يزيد كان صغيرا عند مقدم النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك، وكان عمره آنذاك اثنتا عشرة أو أربع عشرة سنة، وأنه خرج مع الصبيان يتلقون النبي صلى الله عليه وسلم عند ثنية الوداع.

المتن

[83/55] باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته
وقول الله عز وجل: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) الآية [الزمر: 30]

 ●         [4140] نا يحيى بن بكير، قال: نا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن ابن عباس، عن أم الفضل بنت الحارث قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفا، ثم ما صلى لنا بعدها حتى قبضه الله.

 ●         [4141] نا محمد بن عرعرة، قال: نا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان عمر بن الخطاب يدني ابن عباس، فقال له عبدالرحمن بن عوف: إن لنا أبناء مثله، فقال: إنه من حيث تعلم، فسأل عمر ابن عباس عن هذه الآية: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) [النصر: 1]، فقال: أجَلُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أعلمَهُ إياه، قال: ما أعلمُ منها إلا ما تعلمُ.

وقال يونس، عن الزهري، قال عروة: قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه: «يا عائشةُ، ما أزالُ أجدُ ألَمَ الطعام الذي أكلتُ بخيبرَ، فهذا أوانُ وجدتُ انقطاعَ أبْهَري من ذلك السُّمِّ».

 ●         [4142] حدثني حِبَّان، قال: أنا عبدالله، قال: أنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة، أن عائشة أخبرته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات، ومسح عنه بيده، فلما اشتكى وجعه الذي تُوُفِّي فيه طفِقت أنفِث عليه بالمعوذات التي كان ينفث، وأمسح بيدَي النبيِّ صلى الله عليه وسلم عنه.

 ●         [4143] نا قتيبة، قال:نا ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير، قال: قال ابن عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس! اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال: «ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا»، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: ما شأنه أهجر؟ استفهموه، فذهبوا يردوا عنه، فقال: «دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه»، وأوصاهم بثلاث: قال: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم»، وسكت عن الثالثة - أو قال: فنسيتها.

 ●         [4144] نا علي بن عبدالله، قال: نا عبدالرزاق، قال: أنا معمر، عن الزهري، عن عبيدالله ابن عبدالله بن عتبة، عن ابن عباس قال: لما حُضِر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال، فقال النبي: «هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده»، فقال بعضهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا؛ فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قوموا»، قال عبيدالله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب؛ لاختلافهم ولغطهم.

 ●         [4145] نا يسرة بن صفوان بن جميل اللخمي، قال:نا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة قالت: دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة في شكواه الذي قبض فيه، فسارها بشيء فبكت، ثم دعاها فسارها فضحكت، فسألنا عن ذلك، فقالت: سارني النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت.

 ●         [4146] حدثني محمد بن بشار، قال: نا غندر، قال: نا شعبة، عن سعد، عن عروة، عن عائشة قالت: كنت أسمع أنه لا يموت نبي حتى يخير بين الدنيا والآخرة، فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه وأخذته بُحَّة يقول: (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) الآية [النساء: 69]؛ فظننت أنه خير.

 ●         [4147] نا مسلم، قال: نا شعبة، عن سعد، عن عروة، عن عائشة قالت: لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي مات فيه جعل يقول: «في الرفيق».

 ●         [4148] نا أبو اليمان، قال: أنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صحيح يقول: «إنه لم يقبض نبي قط حتى يُرَى مقعده من الجنة، ثم يحيا أو يخير»، فلما اشتكى وحضره القبض ورأسه على فخذ عائشة غُشِيَ عليه، فلما أفاق شَخَصَ بصرُه نحو سقف البيت، ثم قال: «اللهم في الرفيق الأعلى»، فقلت: إذن لا يجاورنا، فعرفت أنه حديثه الذي كان يحدثنا وهو صحيح.

 ●         [4149] حدثني محمد، قال: نا عفان، عن صخر بن جويرية، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، دخل عبدالرحمن بن أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مُسنِدَتُه إلى صدري، ومع عبدالرحمن سواك رطْبٌ يستنُّ به، فأَبَدَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بصرَه، فأخذت السواك فقَضِمْتُه ونَفَضْتُه وطَيَّبْتُه، ثم دفعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستن به، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استن استنانا قط أحسن منه، فما عدا أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده أو إصبعه، ثم قال: «في الرفيق الأعلى» ثلاثا، ثم قضى، وكانت تقول: مات بين حاقنتي وذاقنتي.

 ●         [4150] نا معلَّى بن أسد، قال: نا عبدالعزيز بن مختار، قال: نا هشام بن عروة، عن عباد بن عبدالله بن الزبير، أن عائشة أخبرته، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وأَصْغَتْ إليه قبل أن يموت، وهو مُسنِدٌ إليَّ ظهرَه يقول: «اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق».

 ●         [4151] نا الصلت بن محمد، قال: نا أبو عوانة، عن هلال الوزَّان، عن عروة، عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: «لعن الله اليهود؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، قالت عائشة: لولا ذاك لأُبرِزَ قبرُه، خَشِيَ أن يُتخَذَ مسجدًا.

 ●         [4152] نا عبدالله بن يوسف، قال: نا الليث، قال: حدثني ابن الهاد، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: مات النبي صلى الله عليه وسلم وإنه لبين حاقنتي وذاقنتي، فلا أكره شدة الموت لأحد أبدا بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

 ●         [4153] نا سعيد بن عفير، قال: حدثني الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود، أن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه استأذن أزواجه أن يُمَرَّضَ في بيتي، فأذن له، فخرج وهو بين الرجلين تخط رجلاه في الأرض؛ بين عباس بن عبدالمطلب، وبين رجل آخر، قال عبيدالله: فأخبرت عبدالله بالذي قالت عائشة فقال لي عبدالله بن عباس: هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة؟ قال: قلت: لا، قال ابن عباس: هو علي بن أبي طالب، فكانت عائشة تحدث، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل بيتي واشتد به وجعه قال: «أَهْريقوا عليَّ من سَبْعِ قِرَبٍ لم تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهن؛ لعلي أعهد إلى الناس»، فأجلسناه في مِخْضَبٍ لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب، حتى طَفِقَ يشير إلينا بيده: أن قد فعلتن، قالت: ثم خرج إلى الناس فصلى لهم وخطبهم.

 ●         [4154] وأخبرنا عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، أن عائشة وابن عباس قالا: لما نُزِل برسول الله صلى الله عليه وسلم طَفِقَ يَطرَحُ خَميصةً له على وجهه، فإذا اغتمَّ كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدَ»، يُحَذِّرُ ما صنعوا.

 ●         [4155] أخبرني عبيدالله، أن عائشة قالت: لقد راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلا قام مقامه أبدًا، وإلا كنت أُرَى أنه لن يقوم أحد مقامه إلا تشاءَم الناس به، فأردت أن يعدِل ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر.

رواه ابن عمر وأبو موسى وابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

 ●         [4156] حدثني إسحاق، قال: أنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة، قال: حدثني أبي، عن الزهري، قال: أخبرني عبدالله بن كعب بن مالك الأنصاري، وكان كعبُ بن مالك أحدَ الثلاثة الذين تِيبَ عليهم، أن ابن عباس أخبره، أن علي بن أبي طالب خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا حسن، كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أصبح بحمد الله باريا، فأخذ بيده عباس بن عبدالمطلب، فقال له: أنت والله بعد ثلاث عَبْدُ العصا، وإني والله لأُرَى رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف يُتَوَفَّى من وجعه هذا؛ إني لأعرف وجوه بني عبدالمطلب عند الموت، اذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلْنَسْأَلْه فيمن هذا الأمر: إن كان فينا علمنا ذلك، وإن كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا، فقال علي: إنا والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فَمَنَعَنَاها لا يُعطيناها الناس بعده، وإني والله لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 ●         [4157] نا سعيد بن عفير، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عُقيل، عن ابن شهاب قال: حدثني أنس بن مالك، أن المسلمين بينما هم في صلاة الفجر من يوم الإثنين وأبو بكر يصلي لهم لم يَفجَأْهم إلا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجرة عائشة، فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسَّم يضحكُ، فَنَكَصَ أبو بكر على عَقِبَيْهِ؛ لِيَصِلَ الصف، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة، فقال أنس: وهَمَّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم؛ فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليهم بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر.

 ●         [4158] حدثني محمد بن عبيد، قال: نا عيسى بن يونس، عن عمر بن سعيد، قال: أخبرني ابن أبي مليكة، أن أبا عمرو ذكوان مولى عائشة أخبره، أن عائشة كانت تقول: إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سَحري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته، ودخل عليَّ عبدالرحمن وبيده سواك وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه: أن نعم، فتناولته فاشتد عليه، فقلت: أُلَيِّنُهُ لك؟ فأشار برأسه: أن نعم، فلَيَّنْتُه فأمَرَّه، وبين يديه رَكوة - أو عُلبة يشك عمر - فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه يقول: «لا إله إلا الله، إن للموت سكرات»، ثم نصب يده فجعل يقول: «في الرفيق الأعلى»، حتى قبض ومالت يده.

 ●         [4159] نا إسماعيل، قال: نا سليمان بن بلال، قال هشام بن عروة: أخبرني أبي، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات فيه يقول: «أين أنا غدا؟ أين أنا غدا؟» يريد يوم عائشة، فأذن له أزواجه يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها، قالت عائشة: فمات في اليوم الذي كان يدور علي فيه في بيتي، فقبضه الله وإن رأسه لبين نحري وسَحْري، وخالط ريقه ريقي، قالت: دخل عبدالرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يستن به، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: أعطني هذا السواك يا عبدالرحمن، فأعطانيه فَقَصَمْتُه ثم مضغته فأعطيته رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستن به وهو مستسند إلى صدري.

 ●         [4160] نا سليمان بن حرب، قال: نا حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: تُوُفِّيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في بيتي، وفي يومي، وبين سحري ونحري، وكان أحدنا يُعَوِّذُه بدعاء إذا مرض، فذهبت أُعَوِّذُه فرفع رأسه إلى السماء، وقال: «في الرفيق الأعلى، في الرفيق الأعلى»، ومر عبدالرحمن وفي يده جريدة رطبة، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فظننت أن له بها حاجة، فأخذتها فمضغت رأسها ونفضتها، فدفعتها إليه، فاستنَّ بها كأحسن ما كان مُستنًّا، ثم ناوَلَنيها، فسقطت يده - أو سقطت من يده - فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة.

 ●         [4161] نا يحيى بن بكير، قال: نا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة، أن عائشة أخبرته، أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسُّنح، حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس، حتى دخل على عائشة، فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغشى بثوبِ حِبَرَةٍ، فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله وبكى، ثم قال: بأبي وأمي أنت، والله لا يجمع الله عليك موتتين؛ أما الموتة التي كتبت عليك فقد مِتَّها.

 ●         [4162] وحدثني أبو سلمة، عن ابن عباس، أن أبا بكر خرج وعمر بن الخطاب يكلم الناس، قال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس، فأقبل الناس إليه وتركوا عمر، فقال أبو بكر: أما بعد، من كان منكم يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت، قال الله عز وجل: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ)، إلى قوله: (الشَّاكِرِينَ) [آل عمران: 144]، وقال: والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها منه الناس كلهم، فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها.

 ●         [4163] فأخبرني ابن المسيَّب، أن عمر قال: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت، حتى ما تُقِلُّني رجلاي، وحتى أَهْوَيْتُ إلى الأرض حين سمعته تلاها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات.

 ●         [4164] حدثني عبدالله بن أبي شيبة، قال: نا يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن عائشة وابن عباس، أن أبا بكر قَبَّل النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعدما مات.

 ●         [4165] نا علي، قال: نا يحيى، وزاد: فقالت عائشة: لدَدْناه في مرضه فجعل يُشير إلينا أن لا تَلُدُّوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء، فلما أفاق قال: «ألم أنهكم أن تلُدُّوني؟»، قلنا: كراهيةَ المريض للدواء، فقال: «لا يبقى أحد في البيت إلا لُدَّ وأنا أنظر إلا العباسَ فإنه لم يشهدكم».

رواه ابن أبي الزناد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

 ●         [4166] حدثني عبدالله بن محمد، قال: نا أزهر، قال: أنا ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود قال: ذُكر عند عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى إلى علي، فقالت: من قاله؟! لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وإني لمسندته إلى صدري، فدعا بالطَّسْتِ فانخنث فمات فما شَعَرْتُ، فكيف أوصى إلى علي؟!

 ●         [4167] نا أبو نعيم، قال: نا مالك بن مغول، عن طلحة قال: سألت عبدالله بن أبي أوفى: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، فقلت: كيف كُتِب على الناس الوصية أو أُمِرُوا بها؟ قال: أوصى بكتاب الله عز وجل.

 ●         [4168] نا قتيبة، قال: نا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن الحارث قال: ما ترك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم دينارًا ولا درهمًا ولا عبدًا ولا أمةً، إلا بغلتَه البيضاءَ التي كان يركبها، وسلاحه، وأرضًا جعلها لابن السبيل صدقةً.

 ●         [4169] نا سليمان بن حرب، قال: نا حماد، عن ثابت، عن أنس قال: لما ثقُل النبيُّ صلى الله عليه وسلم جعل يتغشَّاه، فقالت فاطمة: واكربَ أباه، فقال لها: «ليس على أبيك كربٌ بعد اليوم»، فلما مات قالت: يا أبتاه! أجاب ربًّا دعاه! يا أبتاه! مَن جنةُ الفردوسِ مأواه! يا أبتاه! إلى جبريل ننعاه! فلما دُفن قالت فاطمةُ: يا أنسُ، أطابت أنفسُكم أن تَحْثُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم الترابَ؟

الشرح

صدر المؤلف هذا الباب بقوله: «باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته وقول الله عز وجل: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)[الزمر: 30]»

وهذا للرد على من قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت، فالصواب أنه صلى الله عليه وسلم وإن كان يحيا حياة برزخية إلا أنه مات، فقال الله تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) [آل عمران: 144].

وسيأتي أن عمر رضي الله عنه وغيره غابت عنهم هذه الآية، وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت مما جعل عمر رضي الله عنه قال عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: لا يموت حتى يقتل المنافقين، فجاء أبو بكر رضي الله عنه وأظهر العلم والبصيرة وتلا هذه الآية فسقط عمر قال: عقرت حتى إن رجلأي: لا تحملاني، وذكر الراوي أنه ما رأى بشرًا في المدينة إلا يقرأ هذه الآية: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) فالرسول صلى الله عليه وسلم مات وجسده الطاهر موجود بالمدينة وهو حي حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء، فالأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، فقد حرم الله عليها ذلك، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد مات، فإن دينه باق إلى يوم القيامة.

 ●         [4140] هذا الحديث فيه: دليل على أن صلاة المغرب يقرأ فيها بالطوال تارة وبالقصار تارة، وإن كان الغالب أن يقرأ بالقصار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بالطور، وقرأ بالمرسلات([10]) كما في هذا الحديث وقرأ بالطور واقتربت، ويقرأ المصلي بالقصار غالبًا ولكن لا يداوم على القصار فيقرأ أحيانا بالطوال كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فالسنة عدم ملازمة القصار كحال كثير من الناس اليوم، وقيل: إن المداومة على قراءة القصار في المغرب من سنة مروان الحمار.

 ●         [4141] هذا الحديث فيه أن عمر رضي الله عنه له مجلس مشاورة للمحدثين والفقهاء من الصحابة، وكان يدخل ابن عباس م معهم فيجعله معهم، وكان ابن عباس م صغير السن فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لعمر رضي الله عنه: «إن لنا أبناء مثله» يعني: لماذا يؤتى بهذا الصغير ولنا أبناء مثله لا يأتون؟! فأراد عمر رضي الله عنه أن يبين لهم علم ابن عباس رضي الله عنهما وأنه ما أتى به إلا لأنه يتميز عن غيره بالعلم؛ فجمعهم وسألهم عن قول الله تعالى: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) [النصر: 1] ، فقال: ما معنى السورة؟ فقالوا: أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أنه إذا جاء الفتح أنه يكثر من الاستغفار والتسبيح حمدا لله فقال: ماذا تقول يا ابن عباس؟ قال: «أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إياه»، فقال عمر: «ما أعلم منها إلا ما تعلم» فبين لهم عمر رضي الله عنه أن ابن عباس متميز، وأنه ليس مثل أبنائهم.

والشاهد لإتيان المؤلف لهذا الحديث في الترجمة هو قوله: «أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم»، لأنه شاهد مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته.

قوله: «ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم» يقال: السُّم والسِّم، والسَّم أي: مثلثة السين، والأبهر: عرق مستبطن بالظهر متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه في الحال.

وهذا في قصة المرأة اليهودية التي دعت النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعام في خيبر فأكل النبي صلى الله عليه وسلم منه، وكان يعجبه الذراع([11]) فسمته له المرأة اليهودية فنطق الذراع وقال: إنه مسموم، وكان قد أكل بعض الصحابة منه، فممن أكل بشر بن معرور فمات، لكن النبي صلى الله عليه وسلم تأخر السم عنه وبقي كامنا، فلما كان عند وفاته صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث سنوات عاوده أثر هذه الأكلة فكانت سبب وفاته.

 ●         [4142] قوله: «إذا اشتكى»، يعني: إذا مرض.

قوله: «نفث على نفسه بالمعوذات» النفث هو تفل بغير ريق أو مع ريق خفيف، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات ومسح عنه بيده.

قوله: «فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه طفقت أنفث عليه بالمعوذات التي كان ينفث وأمسح بيدي النبي صلى الله عليه وسلم عنه»، وفي رواية معمر: «وأمسح بيد نفسه لبركتها»([12]).

فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مرض ينفث بيده ثم يمسح، فلما مرض مرضه الأخير عجز عن ذلك، فجعلت عائشة تأخذ يديه صلى الله عليه وسلم وتنفث فيها وتمسح بها؛ لبركتها.

قوله: «بالمعوذات» بكسر الواو وهن القواقل: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) [الفلق: 1] و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)[الناس: 1] و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) [الإخلاص: 1]. وهذا القول تغليبًا، فالمعوذتان هما: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، لكن أضيفت إليها: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) تغليبًا.

والمعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث في كل ليلة ويمسح وجهه ورأسه وما استطاع من جسده، وينبغي أن يكرر ذلك المرء ثلاثًا.

 ●         [4143] هذا حديث ابن عباس في قصة كتابة النبي صلى الله عليه وسلم كتابا في أول يوم مرضه وهو يوم الخميس.

قوله: «يوم الخميس وما يوم الخميس!» تفخيما للأمر فهو اليوم الذي اشتد فيه وجع النبي صلى الله عليه وسلم ثم سري عنه فيما بعد من الأيام وتأخر موته إلى يوم الإثنين.

فاليوم الأول الذي مرض فيه النبي صلى الله عليه وسلم اشتد به الوجع فقال: «ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبدا»، فتنازعوا، فقال بعضهم: «ما شأنه أهجر؟!» والهجر هو الهذيان، وقد تكلم الشراح في معناه.

قال الحافظ ابن حجر /: «فقال القرطبي /: إن منهم من قال ذلك مستنكراً على من توقف في امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإحضار العظم والدواة»، يعني: يقول: لماذا تمتنعون؟ هل الرسول صلى الله عليه وسلم هذى؟ وما هذى الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه معصوم صلى الله عليه وسلم، ومنهم من قاله عن شك عرض له، ومنهم من قاله عن دهشة وحيرة، فهذه ثلاثة احتمالات ذكرها القرطبي واستحسنها الحافظ /.

قوله: «دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه» قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأصحابه عندما ذهبوا يردون عليه، ثم أوصاهم النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث وصايا:

الأولى: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» فهذا أمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب؛ وجزيرة العرب هي اليمامة والحجاز ودول الخليج واليمن ومن الشمال إلى أطراف الشام، هذا على الصحيح.

وقوله: «أخرجو المشركين»، يشمل اليهود والنصارى والوثنيين، فلا يجوز لأحد أن يستقدم إليها مشركاً وثنياً أو يهودياً أو نصرانياً ما عدا ما يحصل مع بعض ولاة الأمور من الرسل وأشباههم، ولا يجوز للإنسان أن يقتدي بولاة الأمور في مثل هذا، وكان الكفار من العجم من الشام يأتون في عهد الخلفاء الراشدين لحاجة قد تستغرق يومين أو ثلاثة، فإما أن يبلغ رسالة لولي الأمر أو يبيع طعاما أو سلعة ثم يرجع إلى بلده، أما أن يسكن في جزيرة العرب فلا، ويحرم على المسلم أن يستقدم خادما أو قائد سيارة مشركا لجزيرة العرب، لكن يستقدم المسلمين، وإذا وجد المشركون في جزيرة العرب فلا يجوز قتلهم؛ لأن دمهم معصوم، فليس معنى حرمة استقدامهم لجزيرة العرب أنهم يقتلون؛ لأن لهم عهدا وأمانا، فهم ليسوا حربيين وقد دخلوا جزيرة العرب بأمان إما من قبل ولي الأمر أو الكفلاء، لكن يأثم هذا الذي استقدمهم.

ومن المؤسف أن كثيرا من الناس لا يبالون بذلك فيستقدمون عمالا كفرة سواء كان قائدا للسيارة أو خادمات؛ وذلك من ضعف الإيمان، بل إن بعض المسلمين يفضلون الكفرة على المسلمين والعياذ بالله! فقد سمعت أن بعض الناس يستقدم الكفرة ويقول: إنهم أنشط من المسلمين في العمل والعياذ بالله! وبعضهم يقول: إنهم يشتغلون وقت الصلاة، وهذا من المصائب ومن البلاء.

الثانية: «وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم»، يعني: أعطوا الوفد جائزة أو عطية بقريب مما كنت أعطيهم، وكانت جائزة الواحد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أوقية من فضة وهي أربعون درهما.

قوله: «وسكت عن الثالثة»، أي: سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن الثالثة.

 ●         [4144] قوله: «لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم» يعني: حضره الموت، وكان في البيت رجال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ««هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده» فقال بعضهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قوموا» وكان ابن عباس رضي الله عنهما يأسف من كون النبي صلى الله عليه وسلم منع من الكتابة وكونهم لم يمتثلوا أمره، واعتبر هذا مصيبة.

قوله: «إن الرزية كل الرزية»، يعني: إن المصيبة كل المصيبة «ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب؛ لاختلافهم ولغطهم» فاعتبرها مصيبة من أعظم المصائب.

وقد ثبت عن ابن عباس م أنه قال: من أحب أن يقرأ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فلم تغير ولم تبدل فليقرأ هذه الآية من سورة الأنعام، وهي قوله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الأنعام: 151 - 153]. فهذه وصايا عشر، ومعنى كلام ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لو أوصى لكانت وصيته هي وصية الله والله أوصى بهذه الوصايا العشر.

فبعض الصحابة - ومنهم عمر رضي الله عنه - اجتهدوا فلم يأتوا للنبي صلى الله عليه وسلم باللخاف ليكتب؛ لأنهم فهموا أن الأمر ليس أمر إيجاب وقالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وكذلك عندنا كتاب الله، وكل هذا يكفينا، فلا داعي للكتابة مع شدة مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدل على أن الأمر ليس للإيجاب أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك خف عنه المرض وجلس بعض الأيام ولم يكتب كتابا، أما ابن عباس فاعتبر عدم تنفيذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالكتابة مصيبة، وقال: ما دام طلب النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب فلماذا تختلفون؟

 ●         [4145] قوله: «في شكواه» الشكوى تؤنث وتذكر، والمعنى: في مرضه.

وذكر في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة ل في مرضه الذي توفي فيه، وسارها أنه سيموت في مرضه هذا فبكت، ثم سارها ثانية أنها أول أهل بيته لحوقا به فضحكت.

وهذا من دلائل النبوة حيث وقع كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فماتت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر.

وقوله: «فضحكت» فضحكها هذا رغبة منها ل وحبًّا للثواب في الحياة الآخرة.

وقد جاء في رواية أخرى: «أن النبي صلى الله عليه وسلم سارها أنه سيموت وأنها أول أهله لحوقا به؛ فبكت، ثم أخبرها أنها سيدة نساء أهل الجنة؛ فضحكت»([13]).

 ●         [4146] قوله تعالى: (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) [النساء: 69] فالذين أنعم الله عليهم أربع طوائف: النبيون والصديقون والشهداء والصالحون.

قال الحافظ ابن حجر تعليقًا على هذه الآية: «وقد ختمت بقوله: (وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً) ونكتة الإتيان بهذه الكلمة بالإفراد الإشارة إلى أن أهل الجنة يدخلونها على قلب رجل واحد، نبه عليه السهيلي».

 ●         [4147] قوله: «في الرفيق» يعني: المكان الذي يحصل فيه المرافقة مع المذكورين وهم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون.

           [4148] لما أفاق النبي صلى الله عليه وسلم وشخص بصره نحو سقف البيت قال: «اللهم في الرفيق الأعلى» عرفت عائشة ل أنه خير وسيقبض صلى الله عليه وسلم لأنه قال: «إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يحيا أو يخير» فقالت عائشة ل: «إذن لا يجاورنا».

 ●         [4149] قولها: «فأبده رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره» يعني: جعل ينظر إليه من محبته للسواك؛ فأخذت عائشة ل السواك «فقضمته ونفضته وطيبته، ثم دفعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستن به»، وفي لفظ آخر: «قلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه نعم»([14]). قالت: «فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استن استنانًا قط أحسن منه».

وهذا السواك اجتمع فيه أمران: حاجة النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته للسواك، وكون عائشة ل قضمته فصار فيه شيء من ريقها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب كل ما له صلة بعائشة ل، ثم قال: «في الرفيق الأعلى» ثلاثاً.

قال الحافظ ابن حجر /: «قوله: «وكانت تقول: مات ورأسه بين حاقنتي وذاقنتي» وفي رواية ذكوان عن عائشة: «توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري، وإن الله جمع ريقي وريقه عند موته في آخر يوم من الدنيا»([15]). والحاقنة بالمهملة والقاف: ما سفل من الذقن، والذاقنة: ما علا منه، أو الحاقنة: نقرة الترقوة، فهما حاقنتان، ويقال: إن الحاقنة المطمئن من الترقوة والحلق، وقيل: ما دون الترقوة من الصدر، وقيل: هي تحت السرة. وقال ثابت: الذاقنة: طرف الحلقوم، والسحر: بفتح المهملة وسكون الحاء المهملة هو الصدر، وهو في الأصل الرئة، والنحر: بفتح النون وسكون المهملة والمراد به موضع النحر، وأغرب الداودي فقال: هو ما بين الثديين.

والحاصل أن ما بين الحاقنة والذاقنة هو ما بين السحر والنحر، والمراد أنه مات ورأسه بين حنكها وصدرها صلى الله عليه وسلم ورضي عنها، وهذا لايغاير حديثها الذي قبل هذا أن رأسه كان على فخذها؛ لأنه محمول على أنها رفعته من فخذها إلى صدرها، وهذا الحديث يعارض ما أخرجه الحاكم وابن سعد من طرق أن النبي صلى الله عليه وسلم مات ورأسه في حجر علي([16])، وكل طريق منها لا يخلو من شيعي، فلا يلتفت إليهم».

 ●         [4150] قوله: «وألحقني بالرفيق»، وفي رواية: «بالرفيق الأعلى»، يعني: بالمكان الذي يكون فيه الرفيق الأعلى، وهم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون، وهذا المكان أعلى مكان في الجنة.

 ●         [4151] هذا الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم - وهو في آخر حياته في مرضه الذي مات منه - حذر من الشرك ومن مشابهة المشركين قال: «لعن الله اليهود؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».


وفيه: جواز لعن اليهود والنصارى على العموم، وكذلك الفساق وأصحاب الكبائر على العموم، كما تقول: لعن الله السارق كما في الحديث: «لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده ويسرق البيضة فتقطع يده»([17])، فتقول: لعن الله شارب الخمر، أو لعن الله اليهود أو لعن الله النصارى أو لعن الله المشركين أو لعن الله الوثنيين، كل ذلك على العموم.

أما لعن الشخص المعين ففيه: خلاف، لكن الصحيح أنه لا يلعن ولو كان فاسقاً أو كافراً؛ لأنه قد يتوب الله عليه، إلا إذا اشتد أذاه للمسلمين فلا بأس بأن يلعن.

أما إن كان الفاسق ميتًا فلا يلعن، وذلك للحديث: «لا تسبوا الأموات؛ فإنهم أفضوا إلى ما قدموا»([18]).

فالخلاصة: أنه لا مانع من قول: إن الله لعن من شرب الخمر، ولعن السارق والزاني، أما أن تقول لعن الله فلان بن فلان بعينه وبنفسه فلا؛ لأنه يحتمل أن يكون قد تاب إلى الله، وقد يكون له حسنات ماحية، وقد يكون معذورًا وقد يكون جاهلًا.

فالشخص المعين لا يلعن إلا إذا اشتد أذاه على المسلمين، فما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على رعل وذكوان أربعين صباحا([19]) إلا بعدما قتلوا القراء.

والحديث فيه التحذير من اتخاذ القبور مساجد وأن اتخاذ القبور مساجد من وسائل الشرك القريبة؛ ولهذا حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته، وفي حديث آخر: «إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء ومن يتخذ القبور مساجد»([20]) فشرار الناس طائفتان:

الأولى: من تدركهم الساعة وهم كفار.

الثانية: من يتخذون القبور مساجد.

 ●         [4152] قوله: «فلا أكره شدة الموت لأحد أبدا بعد النبي صلى الله عليه وسلم»، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوعك وعكًا شديدًا عند الموت فسأله ابن مسعود عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: «أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم» قلت: ذلك أن لك أجرين؟ قال: «أجل، ذلك كذلك»([21]).

 ●         [4153] هذا الحديث في قصة مرض النبي صلى الله عليه وسلم قالت عائشة: «لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي فأذن له».

والحديث فيه: أنه لا بأس أن يمرض الزوج عند أحد زوجاته إذا استأذنهن كما أن له أن يسافر بإحداهن إذا استأذنهن أو خرجت القرعة لإحداهن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر أقرع بين أزواجه، فمن خرجت لها القرعة سافر بها([22]).

قوله: «أهريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن» فيه: : أن الاغتسال للمريض الذي به حمى يعطيه نشاطا وقوة، وهذا في الحمى الحارة؛ لأن هناك حمى باردة ينتفض فيها المرء من البرد، فهذه لا يناسبها الماء، بل يناسبها أن يغطى المريض حتى يدفأ.

وقوله: «أوكيتهن» جمع وكاء وهو الرباط الذي يربط به فم القربة.

وقوله: «مخضب لحفصة» المخضب من جنس الطست الذي يغسل فيه الثياب، فجعلوا يصبون عليه من سبع قرب حتى أفاق ونشط قليلًا فأشار إليهم «أن قد فعلتن»، «ثم خرج إلى الناس فصلى لهم وخطبهم».

وأما كون الاغتسال من سبع قرب فقد يكون للسبع خاصية؛ لأن الفاتحة سبع آيات، والتمرات التي يتصبح بها للوقاية من السم والسحر سبع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تصبح بسبع تمرات من العجوة لم يصبه في ذلك اليوم سم ولا سحر»([23])، ولأن السموات سبع والأرضين سبع.

وقد ذكر الشارح شيئا من الحكمة فقال: «الحكمة في هذا العدد أن له خاصية في دفع ضررالسم والسحر... وتمسك به بعض من أنكر نجاسة سؤر الكلب وزعم أن الأمر بالغسل منه سبعا إنما هو لدفع السمية».

ثم قال الحافظ ابن حجر /: «وللنسائي في قراءة الفاتحة على المصاب سبع مرات، وسنده صحيح.

وفي صحيح مسلم القول لمن به وجع «أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات»([24])، وفي النسائي: «من قال عند مريض لم يحضر أجله: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات»([25])».

 ●         [4154] قوله: «يطرح خميصة» أي: كساء له أعلام.

وقوله: «فإذا اغتم» أي: إذا احتبس نفسه كشفها، فيجعل قطعة قماش على وجهه فإذا احتبس نفسه أزالها ثم يضعها مرة ثانية وهكذا، وقال في هذه الحالة: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، فقالت عائشة: «يحذر ما صنعوا» ففيه: التحذير من اتخاذ القبور مساجد.

وقوله: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، معناه البناء عليها والعكوف وإطالة المكث وقراءة القرآن والصلاة عندها، وهذا كله من البدع ومن وسائل الشرك؛ لأن الشيطان يتدرج بالإنسان من هذه الأعمال إلى عبادة هذا الميت.

والحديث فيه: دليل على التحريم لهذه الأشياء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك، ودل هذا على أن اتخاذ القبور مساجد من الكبائر والذنوب العظيمة التي تطرد الإنسان من رحمة الله.

ولعن اليهود أو النصارى أو غيرهم من الكفار يكون على العموم والوصف، يعني: من اتصف بهذا الوصف لعنه الله، أما تعيين شخص بعينه فلا يجوز إلا إذا اشتد أذاه للمسلمين.

 ●         [4155] تذكر عائشة ل في هذا الحديث أنها راجعت النبي صلى الله عليه وسلم في أن يعدل عن أمره لأبي بكر رضي الله عنه أن يصلي بالناس، وذلك لخشيتها أن يكون هو الخليفة بعده فيتشاءم الناس به، فتقول ل: «وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلاً قام مقامه أبدًا».

ولهذا لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مروا أبا بكر فليصل بالناس»، قالت: يا رسول الله، إن أبا بكر رجل أسيف لو أمرت عمر فقال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس»، قالت: يا رسول الله، إن أبا بكر رجل أسيف لا يسمع الناس من البكاء لو أمرت عمر قال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس، إنكن صواحب يوسف»([26]).

قولها: «أسيف» يعني: رقيق القلب لا يملك عينه من البكاء.

و قوله: «إنكن صواحب يوسف» يعني: تظهرن أمرا وتردن شيئا آخر، وقد بينت عائشة ل ذلك، فهي تريد ألا يتشاءم الناس من أبيها قالت: «وإلا كنت أرى أنه لن يقوم أحد مقامه إلا تشاءم الناس به»، ورأيها مخالف للصواب، فالصواب أنه لا يصلح لهذا الأمر إلا أبو بكر رضي الله عنه، وقد ظهر فضل أبي بكر وقوته في الحق حينما وقف لأهل الردة، فعمر ذاته مع قوته توقف وأبو بكر قال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ما استمسك السيف بيدي فقال له عمر: كيف تقاتل من يقول: لا إله إلا الله؟ قال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، ثم بعد ذلك شرح الله صدر عمر، وظهرت قوة أبي بكر وحكمته رضي الله عنه في تسييره جيش أسامة، فرأي: عائشة ل هذا كان اجتهادا منها، لكن المجتهد يخطئ ويصيب.

 ●         [4156] أخذ العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه بيد علي رضي الله عنه وقال له: «أنت والله بعد ثلاث عبد العصا»، يعني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا توفي سوف يكون من بعده خليفة، فلا يكون لك من الأمر شيء.

قوله: «فلنسأله فيمن هذا الأمر» يعني: الخلافة.

والحديث فيه الرد على الرافضة القائلين بخلافة علي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا صريح أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أوصى له بها.

 ●         [4157] هذا الحديث فيه أن أنسًا رضي الله عنه ذكر أن الناس صلوا يوم الإثنين وأبو بكر رضي الله عنه هو إمامهم وبينما هو يصلي بهم «لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجرة عائشة»، وحجرة عائشة بابها على المسجد عن يسار أبي بكر رضي الله عنه وهو يصلي، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين وهم صفوف فأعجبه أنهم مجتمعون على أبي بكر وأنهم يصلون خلفه فتبسم صلى الله عليه وسلم.

قوله: «فنكص أبو بكر على عقبيه» يعني: تأخر «ليصل الصف، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة، فقال أنس: وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم؛ فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليهم بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر» ثم توفي بعدها صلى الله عليه وسلم.

 ●         [4158]، [4159] هذا من فضائل عائشة رضي الله عنها فقد مات الرسول صلى الله عليه وسلم في بيتها وفي يومها الذي يدور عليها فيه وبين سحرها ونحرها، قالت: «بين سحري ونحري»، تعني: بين الصدر والحلق، وجمع الله بين ريقها وريق النبي صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من أيام الدنيا بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم وأول يوم من أيام الآخرة، ووجه ذلك قولها ل: «ودخل علي عبدالرحمن وبيده سواك وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقالت: آخذه لك؟ فأشار برأسه: أن نعم» فأخذته وقضمته ولينته ومضغته ثم أعطته إياه فمضغه فاجتمع ريقه صلى الله عليه وسلم وريقها ل.

قولها: «فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه يقول: لا إله إلا الله، إن للموت سكرات» قال ذلك وهو أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، «ثم نصب يده فجعل يقول: في الرفيق الأعلى» حتى قبض ومات صلى الله عليه وسلم.

 ●         [4160] هذا الحديث من فضائل عائشة رضي الله عنه؛ لأنها مضغت السواك بريقها ثم أعطته فاختلط ريقه صلى الله عليه وسلم بريقها ثم توفي بعدها صلى الله عليه وسلم.

قولها: «سحري ونحري» كلاهما بإسكان الحاء أو فتحها.

 

([1]) أحمد (2/117)، ومسلم (2981).

([2]) انظر «مطالب أولي النهى» (1/32).

([3]) أحمد (4/255)، والبخاري (206)، ومسلم (274).

([4]) أحمد (3/103)، ومسلم (1911).

([5]) أحمد (4/410)، والبخاري (2996).

([6]) أحمد (4/418)، والبخاري (31)، ومسلم (2888).

([7]) أحمد (1/227)، والبخاري (7501)، ومسلم (129).

([8]) أحمد (2/116)، والبخاري (2215)، ومسلم (2743).

([9]) البيهقي في «الدلائل» (5/8).

([10]) أحمد (6/338)، والبخاري (763، 765)، ومسلم (462، 463).

([11]) أحمد (1/397)، والبخاري (2617)، ومسلم (2190).

([12]) أحمد (6/104)، والبخاري (5735)، ومسلم (2192).

([13]) أحمد (6/283)، والبخاري (3624).

([14]) أحمد (6/48)، والبخاري (4449).

([15]) أحمد (6/48)، والبخاري (4451).

([16]) ابن سعد في «الطبقات» (2/263)، والبزار في «مسنده» (2/76).

([17]) أحمد (2/253)، والبخاري (6783)، ومسلم (1687).

([18]) أحمد (6/180)، والبخاري (1393).

([19]) أحمد (1/301)، والبخاري (2801).

([20]) أحمد في «المسند» (1/195)، وشطره الأول عند البخاري (7067).

([21]) أحمد (1/455)، والبخاري (5648)، ومسلم (2571).

([22]) أحمد (6/114)، والبخاري (2594)، ومسلم (2445).

([23]) أحمد (1/181)، والبخاري (5445)، ومسلم (2047).

([24]) مسلم (2202).

([25]) النسائي في «الكبرى» (6/259).

([26]) أحمد (1/209)، والبخاري (664)، ومسلم (418).

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد