( المتن )
وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ كُلُّهُمْ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ -- قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ -ﷺ-: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟ قَالَ: لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا ثَوْباً مَسَّهُ وَرْسٌ، وَلَا زَعْفَرَانٌ، وَلَا الْخُفَّيْنِ إِلَّا أَلَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ.
وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- أَنَّهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ- أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْباً مَصْبُوغاً بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ جَمِيعاً عَنْ حَمَّادٍ قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهمَا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -ﷺ- وهو يَخْطُبُ يَقُولُ: السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ يَعْنِي الْمُحْرِمَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ ح وحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الرَّازِيُّ قال حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَالَا جَمِيعاً: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -ﷺ- يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ.
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ ح وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ح وحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قال: حَدَّثَنَا إِسْماَعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ غَيْرُ شُعْبَةَ وَحْدَهُ.
وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قال: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ -- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ-: مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَاراً فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ
( الشرح )
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد:
نحمد لله سبحانه وتعالى أن أعادنا إلى مجالس العلم والذكر وأسأل الله أن يرزق الجميع العلم النافع و العمل الصالح وأن يحسن ختام الجميع.
كتاب الحج الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام والحج بالفتح تطلق على المصدر حج يحج حجاً والاسم يقال الحج وحج الحج والحج و يقال الحج لغة أهل نجد والحج لغة غيرهم هما لغتان الحج وحِج والحج معناه لغة القصد ويطلق على العمل والحج شرعاً هو زيارة بيت الله الحرام في أوقات مخصوصة لأعمال مخصوصة والعمرة في اللغة الزيارة وشرعاً زيارة البيت الحرام لأعمال مخصوصة والحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام ولا يجب الحج إلا بشروط خمسة الشرط الأول الإسلام والشرط الثاني البلوغ والشرط الثالث العقل والشرط الرابع الحرية والشرط الخامس القدرة والاستطاعة إذا وجدت هذه الشروط وجب على الإنسان أن يحج الشرط الأول الإسلام فالكافر لا يصح منه الإسلام في حال كفره وليس معنى ذلك أنه لا يعاقب على ترك الحج لا بل يعاقب على ترك الحج وعلى ترك الإيمان لكن لا يصح منه الحج في حال كفره بل يدعى إلى الإسلام أولاً فإذا دخل في الإسلام وشهد لله تعالى بالوحدانية ولنبيه محمد ﷺ بالرسالة صح منه الحج أما في حال كفره فلا يصح منه الحج ولا جميع الأعمال لأن الأعمال لا تصح إلا بالإيمان بالتوحيد جميع الأعمال جميع أعمال الكفار حابطة قال تعالى وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا قال سبحانه وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ فلا تصح من الكفرة فما يعمله الكافر من أعمال من صلة الرحم وصدقات في حال كفره قد يستفيد في الدنيا يثاب في الدنيا صحة في بدنه و وفرة في ماله و ولده ثم يفضي إلى لآخرة ولا حسنة له أعوذ بالله فمن شرط الحج الإسلام ومن شرطه البلوغ فالصبي لا يجب عليه الحج لكن لو حج بإذن ولي صح منه الحج حتى لو كان صبي في المهد كما سيأتي في حديث مسلم في صحيح مسلم أن النبي ﷺ لقي قوم بالروحاء فسألوه فرفعت إليه امرأة صبي في المهد قالت ألهذا حج قال نعم و لك أجره إذا حج الصبي صح لكن لا يجزيه عن حجة الإسلام الشرط الثالث العقل ففاقد العقل لا يصح منه الحج لأنهم مرفوع عنهم القلم في حديث رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم فاقد العقل الشرط الرابع الحرية العبد الذي يباع ويشترى لا يجب عليه الحج لكن لو أذن له سيده الحج صح منه الحج ولكن لا يجزيه عن حجة الإسلام فإذا أعتقه سيدة وجب عليه أن يحج حجة الإسلام لما ثبت في الحديث عن النبي صلى الله علية و سلم قال أيما صبي حج ثم بلغ الحنث عليه أن يحج حجة أخرى وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه أن يحج حجة أخرى فالصبي والعبد يصح منهم الحج لكن لا تجزيهم عن حجة الإسلام الشرط الخامس القدرة والاستطاعة لقوله تعالى وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا والقدرة والاستطاعة نوعان استطاعة بالمال واستطاعة بالبدن فإذا وجدت الاستطاعتان والقدرتان وجب عليه أن يحج ببدنه والقدرة في البدن القدرة أن يستطيع الثبات على المركوب أن يستطيع الثبات على المركوب وعلى الراحلة وعلى الطائرة وعلى السيارة وعلى الباخرة فإن كان شيخاً كبيراً لا يثبت على مركوب أو امرأة كبيرة أو مريضاً قرر الطب أنه لا يرجى برؤه ولا يستطيع الثبات على المركوب هنا لا يجب عليه الحج ببدنه والقدرة بالمال أن يكون عنده مال نفقة تكفيه في الحج ذهاباً وإياباً بعد نفقة أهله وقضاء ديونه وحوائجه الأصلية فالحوائج الأصلية مثل النجار آلة النجارة لا بد منها وآلة الحدادة وطالب العلم وكتب العلم هذه لا يقال أنه يبيع آلة النجارة والحدادة وكتب العلم ويحج هذه نفقه حوائج أصلية لا بد منها وإذا كانت نفقته تكفيه ذهاباً وإياباً بعد قضاء ديونه ونفقة أهله وحوائجه الأصلية وجب عليه الحج بماله إذا توفرت القدرتان قدرة بالبدن وقدرة بالمال وجب عليه أن يحج بنفسه فإن فقدت القدرة بالبدن لا يستطيع الثبات على المركوب وعنده مال وجب عليه أن يحج بماله بأن ينيب من يحج عنه لما ثبت في صحيح البخاري ( أن امرأة من خثعم جاءت إلى النبي ﷺ وهو في حجة الوداع فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخ كبيراً لا يستطيع الركوب على الراحلة أفأحج عنه قال حجي عن أبيكِ ) دل على أن الذي لا يستطيع الثبات على المركوب يُحج عنه إذا كان قادراً بالمال فإن لم يكن قادراً بالمال فليس عليه حج وفي حديث ابن عمر وحديث ابن عباس وجابر دليل على أن المحرم ممنوع من هذه الأشياء الخمسة أو الستة وهي القمص والعمائم والبرامس والسراويلات والخفاف وما سبغ بالطيب هذه الأشياء يتجنبها المحرم ولهذا في حديث ابن عمر وحديث ابن عباس وحديث جابر أن النبي ﷺ سئل عما يلبسه المحرم قال لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرامس و لا الخفاف ولا شيء مسه زعفران أو ورس هذه يتجنبها المحرم , والسائل سأل النبي ﷺ عما يلبسه المحرم فأجابه بما لا يلبس وهذا من الأسلوب الحكيم والسائل سأل النبي عما يلبس عن الشيء الذي يلبسه فأجابه بما لا يلبس بالشيء الذي لا يلبس والسبب في ذلك أن الذي يلبسه المحرم كثير لا حصر له أما الذي لا يلبسه محصور فكأن النبي ﷺ قال هذه الأشياء لا تلبسها والباقي لك أن تلبسها تجنب هذه الأشياء القمص وهو ما خيط على قدر البدن ومثله ما خيط على عضو من الأعضاء كالقفازين والشراب شراب الرجلين والفنيلة والعمائم وهو ما يشد على الرأس يقاس عليه كل ما يشد على الرأس حتى العقال والسراويلات وهو ما خيط على القدم من الأسفل سواء كان سروال طويل أو قصير(..) والبرانس هي ثياب مغربية متصلة بها رؤوسها ولا الخفاف الخف هو أسفل الكعبين أما إذا الخف دون النعلين فهذا له الحكم النعل ولا شيء مسه زعفران أو ورس والزعفران والورس نوعان من الطيب هذه يتجنبها المحرم لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف ولا ما صبغ بالطيب ولهذا قال ولا شيء مسه زعفران أو ورس والزعفران والورس نوعان من أنواع الطيب يتجنبها المحرم وفي حديث ابن عمر عن النبي ﷺ قال من لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين هذا قاله النبي في خطبته في المدينة قبل أن يذهب للحج خطب الناس وقال من لم يجد نعلين فليلبس وليقطعهما أسفل الكعبين ثم خطب الناس في يوم عرفة في حجة الوداع في حديث ابن عباس وقال من لم يجد إزارا فليلبس السراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفاف ولم يقل ليقطعهما أسفل من الكعبين و قد حضر خطبته في حجة الوداع من لم يحضرها في المدينة اختلف العلماء في الجمع بين الحديثين حديث ابن عباس حديث ابن عمر فيه أن من لم يجد النعلين يلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين في حديث ابن عباس وحديث جابر قال من لم يجد إزار فليلبس السراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين ولم يقل وليقطعهما أسفل من الكعبين اختلف العلماء في الجمع بينهما على قولين على ثلاثة أقوال القول الأول أن حديث ابن عباس ناسخ لحديث ابن عمر لأن حديث ابن عمر فيه الأمر بقطع الخفين وحديث ابن عباس ليس فيه هذا الأمر بقطع الخفين فدل ذلك على أنه لا بأس أن يلبس الخفين (..)ولا يقطعهما لأن المتأخر ينسخ المتقدم وقد حضر خطبته في حجة الوداع من لم يحضرها في المدينة ولا يجوز تأخيرها (...) عن وقت الحاجة ذهب إلى هذا الإمام أحمد رحمه الله قال و يأيد هذا أمران الأمر الأول أن النبي ﷺ قال من لم يجد إزارا فليلبس السراويل ولم يقل فليفتقهما وليفتق السراويل فدل على أنه يلبسهما ولا يفتقهما والأمر الثاني أن قطع الخفين فيه إفساد لهما وإضاعة لمالهما وقد جاءت النصوص بالنهي عن إضاعة المال فهي تؤيد عدم القطع والقول الثاني للعلماء أن الأمر بالقطع محمولاً على الاستحباب و الأمر للاستحباب ليس للوجوب والذي صرفه عن الوجوب إلى الاستحباب في حديث ابن عباس حيث أن النبي ﷺ لم يأمر بقطع الخفين فدل على أنه مخير إن شاء قطعهما عملا بحديث ابن عمر وإن شاء لم يقطعهما و هو أفضل عمل بحديث ابن عباس فيكون الأمر بالاستحباب إن شاء قطعهما فالأمر بالقطع للاستحباب وعدم القطع للجواز والأصل في الأوامر الوجوب لكن صرف الأمر بالقطع من الوجوب إلى الاستحباب حديث ابن عباس حيث أن النبي ﷺ لم يأمر بقطعهما والأمر الثالث وهو القول الثالث للعلماء أنه يحمل المطلق على المقيد وقالوا يجب قطع الخفين لأن حديث ابن عباس مطلق ليس فيه الأمر بالقطع وحديث ابن عمر فيه الأمر بالقطع والقاعدة الأصولية عند أهل العلم أن المطلق يحمل على المقيد والخاص يخصصه العام، العام يخصصه الخاص والمطلق يحمل على المقيد وحديث جابر وحديث ابن عباس مطلق وحديث ابن عمر فيه قطع فيحمل أحدهما على الآخر فيجب القطع والأرجح القول الأول القول بالنسخ ثم يليه القول الثاني والمحرم يتجنب هذه الأشياء محظورات الإحرام تسعة أشياء دل عليها الاستقراء والتتبع للنصوص منها لبس المخيط كما في هذا الحديث وتغطية الرأس وأخذ الشعر وأخذ الأظافر والطيب والصيد وعقد النكاح والجماع ومباشرة النساء هذه تسعة أشياء تحرم على المحرم إذا أحرم في حج أو في عمرة والطيب ممنوع منه المحرم كما في هذا الحديث في لباسه أو في أكله أو في شربه فلا يشرب المحرم قهوة فيها زعفران فالزعفران نوع من الطيب كما أنه لا يلبس الثوب المصبوغ بالزعفران فلا يشرب الزعفران لأن الزعفران نوع من الطيب .
( المتن )
(الشرح )
وهذا الحديث فيه فوائد منها وجوب الرجوع إلى العلماء عند النوازل فهذا الرجل لما تضمخ بالطيب ولبس جبة سأل النبي قال ماذا يصنع من تضمخ بالطيب وعليه جبة فقد قال الله تعالى فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ فالواجب على العامي إذا لم يعلم حكم المسألة أن يرجع إلى العلماء وأن يسألهم أما إن كان عنده أهلية النظر في الأدلة فإنه ينظر في الأدلة ويعمل بما دلت عليه الأدلة وفيه دليل على أن النبي ﷺ لا يعلم إلا ما أعلمه الله عز وجل ولهذا لم يجب هذا السائل حتى نزل عليه الوحي وفيه دليل على أن العالم والمفتي والقاضي يجب عليه أن يتوقف في المسائل التي لا يعلمها كما توقف النبي ﷺ لما سأله هذا الرجل سكت , سكت ساعة حتى نزل عليه الوحي فكذلك العالم والمفتي والقاضي إذا لم يعلم حكم المسألة فإنه يتوقف ويمهل السائل إلى وقت آخر أو يرشده إلى غيره أو يقول لا أدري أو يقول الله أعلم ثبت عن ابن مسعود قال ( إن من العلم أن يقول الإنسان لما لا يعلم الله أعلم ) قال الله تعالى لنبيه قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ أو كما ثبت في البخاري عن ابن مسعود ولا يجوز للإنسان أن يتكلم أن يفتي بشيء لا يعلم حكمه بل عليه أن يتوقف ولهذا توقف النبي ﷺ ساعة حتى نزل عليه الوحي وفيه شدة الوحي على النبي ﷺ ولهذا احمر وجهه عليه الصلاة والسلام ويغط في غطيط البكر بكر الفتى من الإبل صوت كصوت النائم ثم سري عنه كشف عنه فقال أين السائل فقال له انزع عنك الجبة واغسل أثر الخلوق والخلوق نوع من الطيب أخلاط من الطيب وفيه دليل على أن المحرم ممنوع من الطيب ولهذا قال اغسل الطيب وممنوع من لبس المخيط ولهذا قال انزع الجبة دل على أن المحرم لا يلبس المخيط ما خيط على قدر البدن كما في حديث ابن عمر السابق وحديث ابن عباس لا يلبس القمص ولهذا قال انزع الجبة واغسل أثر الطيب المحرم ممنوع من الطيب وممنوع من لبس المخيط وفيه أن الجاهل معفو عنه وليس عليه فدية ولهذا لم يوجب النبي عليه فدية ما قال عليك فدية قال انزع الجبة واغسل أثر الطيب وفي لفظ اغسله ثلاث مرات ولم يوجب عليه فدية لأنه جاهل والصواب أن الجاهل والناسي معفو عنه أما العالم فإن عليه فدية كما في حديث كعب بن عجرة كما سيأتي أنه جاء النبي ﷺ والقمل يتناثر على وجهه فقال له أيؤذيك هوام رأسك احلق رأسك وانسك شاة أو أطعم ستة مساكين أو صم ستة أيام أوجب عليه فدية لأنه متعمد , متعمد محتاج فالمحرم إذا احتاج إلى محظور من محظورات الإحرام كأن يحتاج إلى تغطية رأسه لأن الوقت بارد أو لبس ثياب الصوف لأنه لا يتحمل البرد يلبس وعليه فدية كما أرشد النبي ﷺ كعب بن عجرة أما إذا كان جاهلاً فهو معفو عنه كما في قصة هذا الرجل لم يوجب عليه فدية فالجاهل والناسي لا يوجب في أصح قولي العلماء وذهب بعض العلماء على أنه عليه فدية وأنه ليس معفواً عنه وذهب أيضاً الحنابلة للتفريق بين إذا فيه اتلاف وما ليس فيه اتلاف فمال ليس فيه اتلاف مثل لبس المخيط وتغطية الرأس ليس فيه فدية وما فيه اتلاف كحلق الرأس والطيب فإن فيه الفدية والصواب عدم التفريق أن الناس (..) عنه أما الاجماع فيه كلام لأهل العلم وفيه دليل على أن العمرة حكمها حكم الحج ولهذا قال اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك يعني فيما هو مشترك بينهما من الطواف والسعي والتحلل بحلق الرأس أو التقصير واجتناب المحظورات قال اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك أما ما يختص به الحج فلا , مثل المبيت ويوم عرفة ومزدلفة ورمي الجمارات فهذا يخص الحج اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك يعني مما هو مشترك بينهما ولا يلزم من هذا أن يكون طواف الوداع واجب في العمرة احتج بعض العلماء بهذا الحديث على أن طواف الوداع في العمرة واجب قالوا لقوله اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك والحاج يطوف الوداع فكذلك المعتمر يطوف الوداع فأوجبوا عليه الوداع وأفتي بهذا فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله وهو قول لبعض العلماء والقول الثاني لجمهور العلماء أن طواف الوداع خاص بالحج وهو الصواب وهو قول جمهور العلماء وهو الذي يفتي به سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وهو قول الجماهير والدليل على هذا أن النبي ﷺ لما رأى الناس ينفرون من كل وجه في حجة الوداع قال لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت قال ابن عباس أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت(..) هذا في الحج ولكن أما العمرة فإن طواف الوداع مستحب وأحوط لكن ليس بواجب في أصح قولي العلماء.
( المتن)
(الشرح)
نعم الصفره يعني الطيب , يصفر لحيته يعني بالطيب هذا من المبالغة المهم زوال أثر الطيب إذا زال الطيب يكفي فهذا من المبالغة اغسلها ثلاثا حتى تتحقق من زوال أثر الطيب لأنه قد لا يزول أثره في المرة الأولى وفي الثانية فأمره أن يغسله ثلاث حتى يتحقق من زواله أثر الطيب نعم إذا غسله المحظور الطيب نعم .
(المتن)
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا وهيب قال حدثنا عبد الله بن طاووس عن أبيه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ أن رسول الله ﷺ وقت لأهل المدينة ذا الحليفة. ولأهل الشام ، الجحفة . ولأهل نجد ، قرن المنازل. ولأهل اليمن ، يلملم. وقال هن لهن. ولكل آت عليهن من غير أهلهن. ممن أراد الحج والعمرة. ومن كان دون ذلك ، فمن حيث أنشأ. حتى أهل مكة ، من مكة
(الشرح)
هذا حديث عن ابن عباس فيه بيان المواقيت المواقيت جمع ميقات وأصلها موقات حركت الواو وقلب ما قبلها فصارت ميقات والميقات والمواقيت نوعان مواقيت زمانية ومواقيت مكانية فالمواقيت الزمانية الحج ثلاث أشهر شوال وذو القعدة وذو الحجة هذي المواقيت الزمانية أما المواقيت المكانية هذه المواقيت التي حددها الرسول صلى الله علية وسلم كما في حديث ابن عباس وقت النبي ﷺ لأهل المدينة ذا الحليفة والحليفة تصغير حلفى وهو نوع من الشجر يكثر في هذا الوادي وسمي ذا الحليفة ،الحليفة هو تصغير حلفى وحلفى نوع من الشجر ويسمى اليوم أبيار علي وهو أبعد المواقيت عن مكة بينها و ين مكة عشرة مراحل ولأهل الشام ومصر والمغرب الجحفة وهي قرية خربت منذ زمن فصار الناس يحرمون من (..) ثم أعيدت الآن جحفة أعيد الميقات الآن وصار فيه الآن مسجد يحرمون الناس من الجحفة وسميت الجحفة لأن جاء سيل واجتحفها والميقات الثالث لأهل اليمن ميقات يلملم ويسمى السعدية ثم من جاء من جهة الساحل يحرم من يلملم والميقات الرابع قرن المنازل لأهل نجد من جاء من جهة نجد من جهة الطائف يحرم من قرن المنازل ويقال له قرن ويسمى الآن السيل أو وادي محرم وهو وادي محرم من جاء من وادي الهدى يحرم من وادي محرم هو الوادي ومن جاء من مكان آخر يسمونه السيل هو وادي احد والمقصود الإحرام من هذا الوادي من أي مكان لا يلزم الإحرام من المسجد يحرم من أي مكان لا يتجاوز الوادي حتى يحرم والميقات الخامس سيأتي ميقات أهل المشرق وأهل العراق ذات عرق ويسمى الضريبة هذه خمسة مواقيت وقتها رسول الله صلى الله علية وسلم سيأتي أن عمر خفي عليه توقيت النبي لأهل العراق اجتهد فصادف اجتهاده النص وافق النص وقت لأهل العراق ذات عرق هذه المواقيت لا يجوز لمن أراد الحج والعمرة أن يتجاوزها إلا بإحرام وفيه دليل على أن من مر بهذه المواقيت وهو يريد الحج والعمرة فليحرم منها ولو لم يكن من أهلها ولهذا قال النبي عن المواقيت في حديث ابن عباس وقت رسول الله لأهل المدينة ذا الحليفة. ولأهل الشام ، الجحفة . ولأهل اليمن ، يلملم. ولأهل نجد ، قرن . ثم قال هن لهن ولكل من أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة فدل على أن من مر بهذه المواقيت وهو يريد الحج يجب عليه أن يحرم ولو لم يكن من أهلها فإذا مر النجدي من جهة الساحل يجب أن يحرم ما يقول أنا أذهب للطائف وكذلك إذا جاء من اليمن ثم مر من جهة الطائف وجب عليه أن يحرم وإذا مر المدينة لزيارة قال أراد أن يزور المسجد النبوي قبل الحج فإنه يحرم من ميقات أهل المدينة ولا يرجع إلى ميقات بلده لقول النبي ﷺ هن لهن و لمن أتى عليهن من غير أهلهن و قوله ممن أراد الحج والعمرة دليل أن من لم يرد الحج و العمرة يجوز له تجاوز المواقيت وأن يدخل مكة من غير إحرام هذا هو الصواب الذي عليه المحققون وذهب الحنابلة وجمع من أهل العلم أن كل داخل إلى مكة يجب عليه أن يحرم قال هذا من خصائص الحرم يجب كل من دخل مكة علية أن يحرم لعمرة قالوا ويستثنى من هذا من يكثر تكرار دخوله إلى مكة قالوا مثلوا لهذا بالحطاب والحشاش الذي يأخذ الحطب أو الحشيش ومثله الآن سائق السيارة التكسي والموزين يتردد على مكة هذا مستثنى مرة واحدة تكفي والصواب أنه لا يجب عليه مطلقاً إلا إذا أراد الحج والعمرة لأن النبي ﷺ قال ممن أراد الحج أو العمرة فإذا أراد دخول مكة ولا يريد الحج ولا يريد العمرة بل يريد زيارة أقارب له أو دخلها للتجارة أو لغير ذلك من المقاصد فإنه لا يجب عليه لكن الأفضل له أن يحرم بعمرة وألا يحرم نفسه الثواب والأجر .
(المتن)
(الشرح)
قال يهل الخبر بمعنى الأمر والمعنى أهل خبر بمعنى الأمر مثل قوله تعالى وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ يعني هي تتربص ثلاثة قروء هذا خبر بمعنى الأمر كما في الحديث الآخر أنه وقت لأهله يهل يعني أهلوا مثل قوله عليه الصلاة و السلام صلاة الليل مثنى مثنى هذا الخبر بمعنى الأمر وهذا من ورع عبد الله بن عمر قال بلغني النبي ﷺ قال يهل أهل اليمن من يلملم وهذا الذي بلغه ثابت ثابت في حديث ابن عباس في غيره لكن من ورعه ما تأكد من ميقات أهل اليمن قال وبلغني أن النبي قال ويهل أهل اليمن من يلملم وهذا الذي بلغه ثابت ثابت في حديث ابن عباس
(المتن)
وحدثني حرملة بن يحيى. أخبرنا ابن وهب. قال أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، عن أبيه. قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: مُهل أهل المدينة ذو الحليفة. ومهل أهل الشام مهيعة، وهي الجحفة. ومهل أهل نجد قرن. قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: وزعموا أن رسول الله ﷺ (ولم أسمع ذلك منه) قال ومهل أهل اليمن يلملم
(الشرح)
وزعموا يعني قالوا الزعم يأتي بمعنى القول ويأتي بمعنى ادعاء الكاذب الدعوى الكاذبة يعني قالوا وزعموا وهذا من ورعه قال وزعموا أنه قال ولم أسمع قوله مهل مثل يهل خبر بمعنى الأمر مهل مصدر أهل يهل مهلا نعم .
(المتن)
(الشرح)
هذا قول أمر هذا دليل على أن الخبر السابق بمعنى الأمر أمر أهل المدينة بأن يهلوا نعم .
(المتن)
حدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا روح بن عبادة. حدثنا ابن جريج. أخبرني أبو الزبير ؛ أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يسأل عن المهل ؟ فقال: سمعت (ثم انتهى فقال: أراه يعني) النبي ﷺ.
(الشرح)
يُسأل عن المهل سمعت أيش ؟ أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يسأل عن المهل ؟ نعم المقصود رفع الصوت التلبية يسأل عن المهل يعني المكان الذي يهل منه ويسمع صوته بالتلبية ويحرم يعني مكان الإحرام نعم وأصله أن من رأى الهلال رفع صوته نعم .
(المتن)
(الشرح)
هنا في الحديث الأول الميقات الخامس ميقات أهل العراق ذات عرق فيه أن النبي وقت ذات عرق خفي هذا عن عمر فاجتهد و وقت لأهل العراق ذات عرق فوافق اجتهاد عمر النص ولا غرابة في هذا فإن عمر معروف بموافقاته النصوص ومن ذلك أنه قال وافقني ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فأنزل الله آية الحجاب وهكذا له موافقات ومن ذلك هذا من موافقاته خفي عليه أن النبي وقت ذات عرق فوقتها باجتهاده فاجتمع في ذات عرق أمران النص واجتهاد عمر تسمى الضريبة نعم. ايه نعم حتى أهل مكة من مكة يعني أهل مكة يحرمون من مكة ومن كان دون ذلك فمهله من أهله يعني من كان دون المواقيت لما وقت النبي المواقيت قال هن لهن ولكل آت عليهن من غير أهلهن ومن كان دون ذلك فمهله من أهله يعني من كان دون المواقيت فإنه يحرم من أهله مثلا جدة يحرم أهل جدة من جدة وأهل الشرايع من الشرايع وأهل بحرة من بحرة حتى أهل مكة من مكة يحرمون للحج من مكة من من جوف مكة من بيوتهم إلا العمرة هذا للحج أما العمرة جاء ما يدل على أن المكي إذا أراد العمرة يخرج خارج الحرم ويحرم من الحل كما في قصة عائشة لما طلبت من النبي ﷺ أن تعتمر بعد الحج قال لأخيها عبد الرحمن اخرج بأختك فلتخرج من الحرم فأحرمت من التنعيم دل على أن العمرة لأهل مكة لا بد أن يخرج المكي خارج الحرم وأقرب الحل لأهل مكة التنعيم نعم, القارن والمتمتع يحرمون إذا أحرم بالحج يغلب جانب الحج هنا إذا كان قارن يغلب جانب الحج لكن الأولى ألا يقرن معروف المكي لا يقرن لكن لو كان متمعاً ما كان عليه ذنب مثلا إذا خرج خارج مكة ثم تمتع لكن في هذه الحالة مأمور بالحج فيهل من مكة .
(المتن)