الأربعون في دلائل التوحيد للهروي 2
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا ... أما بعد :
اللهم اغفر لشيخنا و للحاضرين و لمن يسمع , قال المصنف أبو إسماعيل الهروي رحمه الله تعالى .
( متن )
بابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى فِي السَّمَاء تعالى
قال أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيل الإِمَام قال حدثَنَا جَعْفَر بْن مَعَالِي قال حدثَنَا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ قال حدثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قال حدثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه قَالَ ( جَاءَ رَجَلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَمَعَهُ جَارِيَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَ عَلَيَّ رَقَبَةٌ فَهَلْ تجزيء هَذِهِ عَنِّي فَقَالَ أَيْنَ اللَّهُ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ من أَنا فَقَالَت أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو إِسْمَاعِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ إِسْنادًا مِنْ هَذَا .( الشيخ )
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .. أما بعد :فهذا الباب الحادي عشر من أبواب هذه الرسالة الأربعون في دلائل التوحيد لأبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري الهروي الصوفي الحنبلي , قال باب الدليل على أنه تعالى في السماء يعني هذا الباب يذكر فيه الدليل على أن الله تعالى في السماء و المراد بالسماء هنا العلو , إن الله في السماء في العلو لأن السماء يراد بها العلو و (في) للظرفية على بابها و كل شيء فوق رأسك فهو السماء و الله تعالى له أعلى العلو و هو ما فوق العرش فالسماء يراد بها العلو و ( في ) تكون للظرفية على ذاتها و هذا الأصل أنه أريد بالسماء الطباق المبنية التي تكون في معنى (على)كقوله تعالى ( أأمنتم من في السماء ) الدليل على أن الله تعالى في السماء يعني العلو أدلة كثيرة من القرآن العزيز كقوله تعالى ( أأمنتم من في السماء ) يعني من في العلو ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور . أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا ) فإذا السماء يراد بها العلو و ( في ) للظرفية على بابها , أأمنتم من في العلو و الله تعالى له أعلى العلو و هو ما فوق العرش و إذا أريد بالسماء الطباق المبنية فتكون في معنى ( على ) أأمنتم من في السماء أي من على السماء كقوله تعالى ( فسيروا في الأرض ) أي على الأرض و قوله ( و لأصلبنكم في جذوع النخل ) أي على جذوع النخل و يقال فلان في السطح و في الجبل و إن كان على أعلى منه يعني على الجبل , إذا الدليل على أن الله تعالى في السماء و في العلو أدلة كثيرة التي تدل على أن الله في العلو فوق العرش يزيد أفراده على ألف دليل يزيد أفراده على ألف دليل و من ذلك قوله ( أأمنتم من في السماء ) في موضعين و من ذلك قول الله تعالى ( ثم استوى على العرش ) في سبعة مواضع من كتاب الله تعالى في سورة الأعراف و في سورة الرعد و في سورة طه و في سورة يونس و في سورة الفرقان و في سورة الحديد كلها فيها أن الله استوى على العرش و كلها فيها التعدية بحرف على الذي يدل على العلو ( أأمنتم من في السماء ) ( سبح اسم ربك الأعلى ) و كل نص في الصعود ( إليه يصعد الكلم الطيب ) و الصعود يكون من أسفل إلى أعلى ( بل رفعه الله إليه ) ( تعرج الملائكة و الروح إليه ) و العروج يكون من أسفل إلى أعلى و ( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ) و النزول يكون من أعلى إلى أسفل فأفراد الأدلة التي تدل على أن الله في العلو تزيد على ألف دليل و من ذلك هذا الحديث الذي ذكره المؤلف في حديث الجارية فهذا الحديث المؤلف ساق هذا الحديث بهذا السند عن ابن عباس قال ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم و معه جارية أعجمية سوداء ) يعني ما تعرف العربية , فقال يعني هذا الرجل الذي معه الجارية ( علي رقبة ) يعني و جب علي رقبة , يعني إما أنه , الرقبة متى تجب في كفارة اليمين في كفارة الظهار في كفارة القتل ( فهل تجزئ هذه عني ) يعني هذه الجارية أعجمية و يعتقها فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( أين الله ) فأشارت الأعجمية بيدها إلى السماء فقال ( من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة ) , هذا الحديث بهذا السند ضعيف لأنه من رواية أبي كريب عن معاوية عن سعيد المرزبان عن عكرمة و لكن هذا الحديث رواه الإمام مسلم من طريق آخر من طريق صحيح , عن معاوية بن حكم السلمي لذلك قال المؤلف الهروي , قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري يعني نفسه رحمه الله , حديث معاوية بن الحكم أصح إسنادا سقطت كلمة أصح , أصح إسنادا من هذا و هو الحديث الذي رواه الإمام مسلم الذي رواه الإمام مسلم أصح إسنادا من هذا و المؤلف أتى بهذا الحديث لأن فيه تصريح بأن الجارية أعجمية سوداء و إلا فالأولى أن يأتي بالحديث بالسند الذي رواه الإمام مسلم , معاوية بن الحكم معروف السلمي كان له قصة في صحيح الإمام مسلم أنه جاء و النبي صلى الله عليه و سلم يصلي و كان في أول الإسلام يتكلمون و لم يعلم ثم نسخ الكلام فجاء فتكلم , عطس رجل فقال الحمد لله فقال يرحمك الله فنظر القوم إليه , بعد ما صل بعد ما كبر فنظر القوم إليه فقال مالكم تنظرون إلي و جعلوا يضربون أفخاذهم فسكت فقال له النبي صلى الله عليه و سلم بعد الصلاة أن هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس و كان له غنم ترعى فيها جاريته الأعجمية خلف أحد فنظر إليها مرة من بعد الجارية الأعجمية و هي ترعى الغنم فجاء ذئب و أخذ شاة من غنمه فغضب و جاء إليها و صكها قال كيف يأخذ الذئب الغنم و أنتي ترعي تتركين الذئب يأخذ الغنم ثم بعد ذلك ندم قال كيف أنا أضرب هذه الجارية المسكينة فجاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره فعظم عليه الأمر شدد عليه فقال لرسول الله أعتقها أعتقها ما دام المسألة فيها كذا أخطأت فأعتقها حتى تكون كفارة لذنبي فقال ائت بها فأتى بالجارية فقال أين الله قالت في السماء فقال من أنا قالت أنت رسول الله فقال أعتقها فإنها مؤمنة , هذا الحديث دليل على أن الله في السماء و دليل من الأدلة الكثيرة التي تزيد أفرادها على ألف دليل على أن الله في العلو , الذين أنكروا علو الله على خلقه أهل البدع من هم , الجهمية و المعتزلة و الأشاعرة و غيرهم تأولوا هذه النصوص كلها و ضربوا بها عرض الحائط و قالوا إن الله ليس في العلو منهم من قال من الأشاعرة بعضهم أول السماء بالقدرة و الجهمية و المعتزلة قالوا إن الله في كل مكان نعوذ بالله قالوا بالحلول و الحلول هو الكفر فهذا من الأدلة هذا الحديث من الأدلة التي تدل على أن الله في العلو و الأدلة التي تدل على أن الله في العلو كما قلت لكم الأدلة الشرعية تزيد على ألف دليل و كذلك العقل يدل على أن الله في العلو و الفطرة تدل على أن الله في العلو الجارية الأعجمية أخبرت عن الفطرة التي فطرها الله عليها و أن الله في السماء فصدقها النبي صلى الله عليه و سلم و شهد لها بالإيمان و أهل البدع ماذا قالوا عن هذا الحديث أجابوا عنه قالوا اتهموا الرسول عليه الصلاة و السلام و قالوا الرسول عليه الصلاة و السلام سأل قال أين الله , أين إنما يسألوا بها عن المكان و أهل البدع يقولون الله ليس له مكان لأنه لو كان في العلو لكان له مكان و لو كان له مكان يكون محصور و لا يكون في المكان إلا الجسم المحدود فلو كان له مكان لكان محصورا لكان جسما محصورا و عندهم أن الله لا يحصره مكان بزعمهم و قالوا أن من قال أن الله في العلو كفر يكفرون من قال أن الله في العلو و من الأدلة أن الله في العلو أن الرسول صلى الله عليه و سلم رفع إصبعه إلى السماء رفع إصبعه إلى السماء في عرفة يستشهد الله عليه قال اللهم اشهد و هم أهل البدع ينكرون رفع الإصبع إلى السماء و لو كان عندك الجهمية ورفعت إصبعك قطعوا إصبعك الجهمية انتبه لا ترفع إصبعك و أنت و حدك أمام جهمية أو معتزلة يقطعون إصبعك يقولون أنت مجسم يقولون أنت مجسم , فماذا أجابوا على هذا الحديث , هذا الحديث حجة عليهم قالوا الرسول عليه الصلاة و السلام ما يريد أن يقول أين الله يريد أن يقول من الله يريدون أن يؤولون , قالوا لا يسأل عن المكان الله ليس له مكان بزعمهم الرسول يريد أن يقول أين الله لكن هذه الجارية أعجمية ما تفهم فالنبي صلى الله عليه و سلم خاطبها على قدر عقلها فسأل سؤالا فاسدا قال هذا السؤال فاسد هكذا اتهموا الرسول السؤال فاسد أين الله لكن مضطر إلى أن يسأل سؤال فاسد لأن الأعجمية لا تفهم إلا هذا يخاطبها على قدر عقلها و أقرها على جواب فاسد أيضا هكذا اتهموا الرسول عليه الصلاة و السلام قالوا الرسول يريد أن يقول من الله لا يريد أن يقول أين الله يريد أن يقول من الله الرسول أفصح الناس ما يستطيع أن يقول من الله , من حرفان و أين ثلاثة حروف و الرسول أفصح الناس فهكذا أهل البدع حرفوا هذا النص و اتهموا الرسول عليه الصلاة و السلام بأنه سأل سؤالا فاسدا لأجل مخاطبة الجارية لأعجمية و أقرها على جواب فاسد , فهذا الحديث من الأدلة التي تدل على أن الله في السماء على أن الله في العلو و أما تأويل أهل البدع فهو تأويل باطل لأن الرسول أفصح الناس و أنصح الناس إذا كان الرسول يريد أن يقول من الله يقول أين الله يكون يلبس و لا يكون بلغ الرسالة و لا أدى الأمانة و الرسول أفصح الناس و أنصح الناس هو أفصح الناس و أنصح الناس و أعلم الناس و أتقى الناس و أبر الناس كيف يلبس على الأمة و يقول أين الله و هو يريد أن يقول من الله , إذا الدليل على أن الله تعالى في السماء أكثر من ألف دليل و المصنف أتى بدليل واحد و القرآن الكريم مليء بالأدلة ( أأمنتم من في السماء ) ( ثم استوى على العرش ) ( إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه ) ( تعرج الملائكة و الروح إليه ) و الأدلة كثيرة .
( متن )
بابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ
قال حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْن مُحَمَّدٍ الْأَنْمَاطِيُّ قال حدثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكِسَائِيُّ قال حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الْمَدَنِيُّ قال حدثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ( عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنه قال ( لَمَّا قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا فَهُوَ عِنْدَهُ عَلَى عَرْشِهِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي )( الشيخ )
هذا الباب الثاني عشر عقده المؤلف لبيان الدليل على أن الله عز وجل على العرش فهو في السماء و على العرش , في السماء المراد بها العلو فالعلو من صفات الله عز و جل , أن الله في العلو وهذا عام لجميع الخلق و استوائه على العرش هذا وصف آخر لو قال المؤلف باب الدليل على أن الله عز و جل استوى على العرش لكان أولى لأن كونه في العلو يشمل العرش و غيره لكن الاستواء علو خاص و هو الاستواء على العرش الدليل على أن الله على العرش أن الله استوى على العرش , أخبر الله أنه استوى على العرش في سبعة مواضع من كتابه كما سبق في سورة الأعراف و في سورة يونس و في سورة الرعد و في سورة طه و في سورة الفرقان و في سورة الحديد كلها فيها أن الله استوى على العرش و الاستواء وصف يليق بجلاله و عظمته وصف فعلي يليق بجلاله و عظمته و الفرق بين العلو و الاستواء أن العلو من الصفات الذاتية الملازمة للرب لا تنفك عن الباري بخلاف الاستواء على العرش فهو صفة فعلية و كان بعد خلق السماوات و الأرض فالله تعالى خلق العرش و لم يستو عليه ثم قدر المقادير قبل خلق السماوات و الأرض بخمسين ألف سنة ولم يستو على العرش ثم خلق السماوات ثم استوى على العرش بعد خلق السماوات فدل على أنه في وقت كان مستويا و في وقت لم يكن مستويا فكان من الصفات الفعلية أما العلو فهو من صفاته الذاتية لا يقال أنه في قوت عال و في وقت سافل تعالى الله بل هذا من الصفات الذاتية العلو و العظمة و العزة و الكبرياء و السمع و البصر و العلم و القدرة هذه من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن الباري و الدليل على أن الله استوى على العرش سبعة في سبع مواضع , هنا المؤلف قال باب الدليل على أن الله على العرش يعني فوق العرش فدلت النصوص على أنه مستو على العرش , استوى لها أربع معاني في اللغة العربية , استوى استقر و علا و صعد و ارتفع و أما الكيفية فلا يعلمها إلا هو لكن هذه المعاني اللغوية المعاني اللغوية لكلمة الاستواء أربع معاني و عليها تدور تفاسير السلف للفظة الاستواء فالله تعالى مستو على عرشه بهذه المعاني الأربع استواء يليق بجلاله و عظمته لا نعلم كيفيته كما قال ابن القيم ( فله علامات عليها أربع قد حصلت للفارس الطعان وهي استقر وقد علا وكذلك ارتفع الذي ما فيه من نكران وكذاك قد صعد الذي هو رابع وأبو عبيدة صاحب الشيباني يختار هذا القول في تفسيره أدرى من الجهمي بالقرآن ) يعني أن الاستواء له أربع معاني استقر و علا و صعد و ارتفع , ذكر المؤلف حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لما قضى الله عز و جل الخلق كتب في كتاب فهو عنده على عرشه ( إن رحمتي غلبت غضبي ) ) هذا الحديث رواه الشيخان البخاري و مسلم قوله قال ( لما قضى الله عز و جل الخلق كتب في كتاب فهو عنده على عرشه) الشاهد (فهو عنده على عرشه) إثبات أن الله على العرش و هذا الحديث فيه إثبات عدة صفات الصفة الأولى صفة الخلق ( لما قضى الله الخلق) صفة الخلق , الصفة الثانية صفة الكتابة ( كتب ) و هي من الصفات الفعلية , الصفة الثالثة أن الله على العرش الصفة الرابعة إثبات صفة الرحمة الصفة الخامسة إثبات صفة الغضب خمس صفات صفة الخلق و صفة الكتابة و صفة العلو على العرش و صفة الرحمة و صفة الغضب ( إن رحمتي غلبت غضبي ) .( متن )
بَابُ ذِكْرِ حِجَابِ اللَّهِ
قال أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤَذِّنُ بِطُوسٍ قال أخبرنا مُحَمَّد بن أَحْمَدَ الْعَمْرَوِيُّ قال حدثَنَا تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَارَزِيُّ قال و أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُوبٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عمر قَالَا حدثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَنَوَيْهِ قال حدثَنَا يحيى بْنُ إِدْرِيسَ قال حدثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قال حدثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( حِجَابُهُ تَعَالَى النَّارُ لَوْ كَشَفَهَا لَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ ) .( الشيخ )
و هذا الحديث رواه الإمام مسلم من طريق جرير عن الأعمش عن أبي المرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى و ذكر المحقق في قوله عن الأعمش يقول عند المصنف من طريق الأعمش عن أبي عبيدة و الصواب عند مسلم كما عند مسلم برواية عمر بن مرة في رواية مسلم ( حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) في رواية مسلم عند مسلم بهذا و هنا قال ( حجابه النار لو كشفه لحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره ) و في رواية مسلم ( حجابه النور ( و في لفظ النار ) لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) هذا الباب الثالث عشر استدل به المؤلف رحمه الله على ذكر الحجاب حجاب الله عز و جل في حديث أبي موسى رواه الإمام مسلم ( حجابه النور) أول الحديث ( إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط و يرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار و عمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات و جهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) (لأحرقت سبحات وجهه ) قيل المعنى أنوار بصره و اللفظ الذي أتى به المؤلف ( حجابه النار لو كشفها لحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره ) إذن الحديث فيه إثبات الحجاب و أن الله احتجب عن خلقه بالنور أو بالنار و أنه لو كشف الحجاب لاحترق الخلق و كما قلت لكم أن هذا من أدلة عند الجمهور على أن النبي صلى الله عليه و سلم لم ير ربه ليلة المعراج بعين رأسه و إنما رآه بعين قلبه لأن الله احتجب عن خلقه بالحجاب لو كشفه لاحترق الخلق و منهم محمد صلى الله عليه وسلم من الخلق (لأحرقت سبحات و جهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) إذا الصواب أن النبي لم ير ربه ليلة المعراج بعين رأسه و إنما رآه بعين قلبه و إن كان سمع كلامه بدون واسطة سمع كلام الله تعالى من دون واسطة لكن ما رأى الله بعين بصره , بعض العلماء يرى بأنه رآه بعين بصره و منهم المؤلف كما سيأتي , إذا الحديث استدل به المؤلف رحمه الله على ذكر الحجاب , الله يحتجب عن خلقه بالنار و لو كشف الحجاب لاحترق الخلق و جاء في آثار أخرى في آثار أن الله احتجب عن خلقه بأنواع من الحجب بنار و نور و ظلمة و كذا و كذا لكن في الصحيح هنا أن حجابه النور أو النار ( لو كشفه لأحرقت سبحات و جهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) الحديث فيه أن الله لا ينام في أول الحديث ( أن الله لا ينام و لا ينبغي له أن ينام ) و فيه أن الله ( يخفض القسط و يرفعه ) و فيه إثبات أن الله احتجب عن خلقه بحجاب و هو النار و فيه أن الخلق لا يثبتون لرؤية الله فلو كشف الحجاب لاحترق الخلق .( متن )
بابُ وَضْعِ اللَّهِ قَدَمَهُ عَلَى الْكُرْسِيِّ
قال أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قال حدثَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قال حدثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ قال حدثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ سُفْيَانَ ح و أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَحْمُودِيُّ قال حدثَنَا الْإِدْرِيسِيُّ قال حدثَنَا أَبُو سعيد قال حدثَنَا يحيى بْنُ يَحْيَى عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه قَالَ ( إِنَّ الْكُرْسِيَّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ وَالْعَرْشَ لَا يَقْدُرُ أَحَدٌ قَدْرَهُ ) لَفْظُ وَكِيعٍ وَيُرْوَى عَنْ أَبِي مُوسَى وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي مَالِكٍ .( الشيخ )
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و صلى الله و بارك على عبده و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ... أما بعد :فهذا الباب الرابع عشر من أبواب هذه الرسالة الأربعين في دلائل التوحيد لأبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري الهروي الحنبلي الصوفي , باب وضع الله عز و جل قدمه على الكرسي ذكر فيه حديث ابن عباس ذكر في تحويل السند عن سفيان ثم التحويل عن مسلم البطين عن سعيد بن جرير عن ابن عباس رضي الله عنه و قال ( إن الكرسي موضع القدمين و العرش لا يقدر أحد قدره ) و هذا لفظ وكيع , وكيع عن سفيان و هذا الأثر صحيح و هو موقوف على ابن عباس ليس من كلام النبي صلى الله عليه و سلم و لكنه من كلام ابن عباس فيقول ( إن الكرسي موضع القدمين و العرش لا يقدر أحد قدره ) لأن العرش أعظم , فهو موقوف عن ابن عباس لكن مثل هذا له حكم رفع لأن ابن عباس لا يمكن أن يقوله من نفسه إذا كان قول الصحابي مما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع عند أهل العلم إذا كان الصحابي لا يأخذ عن بني إسرائيل و ابن عباس يأخذ من بني إسرائيل لكن مثله لا يمكن أن يأخذ هذا عن بني إسرائيل يقول ( إن الكرسي موضع القدمين و العرش لا يقدر أحد قدره ) , و هذا لفظ وكيع يعني في رواية وكيع عن سفيان عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ذكر المحقق و أبو مالك جهاد بن السيد المرشدي تخريج هذا الأثر و قال أنه صحيح موقوف رواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد و رواه الحاكم ابن أبي حاتم في التفسير من طريق سفيان عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس و قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه قال و أورده السيوطي في الدر المنثور , قال المؤلف و يروى عن أبي موسى يعني يروى هذا الأثر من طريق أبي موسى يعني من طريق أبي موسى قال المحقق و أورده السيوطي في الدر المنثور و قال السيوطي و أخرجه جرير و ابن منذر و أبو الشيخ البيهقي عن أبي موسى و أبي هريرة يروى أيضا عن أبي هريرة من طريق أبي هريرة قال المحقق و أورده ابن كثير رواه ابن مردويه من طريق الحاكم أبو بكر الفزاري الكوفي و هو متروك عن أبي هريرة و هو أصح و يروى عن طريق عكرمة ذكر المحقق أنه أورده السيوطي في الدر المنثور و قال أخرج أبو الشيخ عن عكرمة ما قال ( الشمس جزء من سبعين جزء من نور الكرسي و الكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش ) و أبي مالك من طريق أبي مالك ذكره ابن كثير و السيوطي في الدر المنثور و قال السدي عن أبي مالك و قال أخرجه أبو حميد و أبو الشيخ بن عظمة و البيهقي عن أبي مالك , فهذا الأثر فيه أن الكرسي موضع القدمين , فيه إثبات القدم لله عز و جل و فيه إثبات الكرسي و أنه موضع قدمين لله عز و جل ( و العرش لا يقدر أحد قدره ) لعظمه فيكون العرش أعظم من الكرسي و جاء في اللفظ الآخر أن نسبة السماوات و الأرضيين إلى الكرسي كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض في صحراء ما نسبة حلقة تلقيها في صحراء , نسبة الحلقة إلى الصحراء هذا نسبة السماوات و الأرضيين إلى الكرسي من عظم الكرسي , الكرسي أعظم من السماوات و الأرضيين نسبة السماوات و الأرضيين إلى الكرسي كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض و نسبة الكرسي إلى العرش كحلقة في فلاة في صحراء من الأرض العرش أعظم المخلوقات سقفه هو سقف المخلوقات و الله تمدح بأنه ذو العرش قال ( إذا لبتغوا إلى ذي العرش سبيلا ) قال ( ذو العرش المجيد ) فالعرش أعظم المخلوقات و أوسعها و أعلاها و سقفها و الكرسي موضع القدمين للرب عز و جل و العرش لا يقدر أحد قدره و هذا العرش و الكرسي و السماوات و الأرضيين هذه المخلوقات العظيمة لا تساوي شيء بالنسبة لعظمة الله تعالى كما سبق في الحديث ( أن الله تعالى يضع السماوات على إصبع و الأرضيين على إصبع و الماء و الثرى على إصبع و الجبال على إصبع و سائر الخلق على إصبع ثم يهزهن و يقول أنا الملك ) و جاء أيضا في الحديث الآخر ( ما السماوات السبع و الأرضيين السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في كف أحدكم ) و الخردلة هي الحبة الصغيرة يعني نسبة السماوات و الأرضيين في كف الرحمن كالخردلة , الخردلة الحبة الصغيرة معلوم أن الواحد إذا كان في كفه خردلة مستول عليها إن شاء قبضها و إن شاء ألقاها فهذا الباب عقده المؤلف فقال باب و ضع الله عز و جل قدمه على الكرسي , فيه إثبات القدم لله عز و جل و فيه إثبات الكرسي و أن الكرسي غير العرش هذا هو الصواب و قال بعض العلماء الكرسي هو العرش وروي عن ابن عباس أن الكرسي هو العرش و هذه الرواية ضعيفة و أضعف منها رواية أن الكرسي هو العلم و هذا باطل , الكرسي ليس هو العلم لأن الله تعالى قال ( وسع كرسيه السموات و الأرض ) و لو فسر الكرسي بالعلم لقال وسع علمه السماوات و الأرض لأن علم الله أوسع قال تعالى ( ربنا وسعت كل شيء رحمة و علما ) فالصواب ما جاء في هذه الرواية عن ابن عباس أن الكرسي هو موضع القدمين و أنه غير العرش و أن العرش هو سقف المخلوقات , فيه إثبات الكرسي و إثبات العرش و إثبات القدمين لله عز و جل .
( متن )
بَابُ إِثْبَاتِ الْحَدِّ لِلَّهِ
قال حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَارُودِيُّ الْحَافِظُ قال حدثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُخَارِقٍ بتستر قال حدثَنَا يحيى بْنُ مُعَاذٍ الْغَزَّالُ قال حدثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ قال حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن وكيع بن بزيغ عَن روح بن الْقَاسِمِ قال حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ فِي دُعَائِهِ (أَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ) .( الشيخ )
هذا الباب قال باب إثبات الحد لله عز و جل ثم ذكر حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال في دعائه ( أنت الظاهر فليس فوقك شيء و أنت الباطن فليس دونك شيء ) و هذا جزء من حديث رواه الإمام مسلم من طريق سهيل ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه و هذا جاء في دعاء الاستفتاح و ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر قول الله تعالى ( هو الأول و الآخر و الظاهر و الباطن و هو بكل شيء عليم ) فقال في حديث الاستفتاح ( اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء و أنت الآخر فليس بعدك شيء و أنت الظاهر فليس فوقك شيء و أنت الباطن فليس دونك شيء اقض الدين و أغنني عن الفقر ) المؤلف أتى بالجزء بالشاهد (أنت الظاهر فليس فوقك شيء و أنت الباطن فليس دونك شيء ) قبلها ( اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء و أنت الآخر فليس بعدك شيء و أنت الظاهر فليس فوقك شيء و أنت الباطن فليس دونك شيء) لو أتى المؤلف بالأول لكان أولى هذا الباب قال المؤلف فيه باب إثبات الحد لله عز و جل و الحد من الكلمات المجملة التي لم ترد في الكتاب و السنة نفيا و إثباتا و المقصود من الحد كما ذكر العلماء و كما ذكر المؤلف هو أن الله تعالى بائن من خلقه منفصل عنهم و مقصد المؤلف الرد على الجهمية و الاتحادية القائلين بوحدة الوجود و الرد على الجهمية الذين يقولون أن الرب مختلط بمخلوقاته ممتزج بها تعال الله فالمؤلف قال الله تعالى له حد يعني منفصل عن مخلوقاته بائن من خلقه ليس مختلطا بهم و كلمة الحد مجملة , كلمة الحد مجملة لا تطلق على الله نفيا ولا إثباتا فمن أراد إطلاقها نفيا و إثباتا فلابد من الاستفصال فمن قال إن لله حد و أراد بذلك أن الله منفصل عن المخلوقات بائن منها فهذا حق و كذلك أيضا يقال من المصطلحات أن لله حد يعني أن لله حد يعلمه و يقول بعض العلماء ليس لله حد المقصود بذلك أن ليس لله حد يعرفه العباد لأن ليس لله حد يعرفه العباد و قول المؤلف باب إثبات الحد يعني أن الله تعالى له حد يعني بائن من المخلوقات منفصل عنها ليس مختلط بها كما قال عبد الله بن مبارك ( نعرف ربنا عز و جل فوق سبع سماوات على العرش بائن من خلقه بحد و لا نقول كما قالت الجهمية هاهنا و أشار إلى الأرض ) فمن أثبت الحد كعبد الله بن مبارك أراد بذلك أن الله تعالى له حد يعني أنه منفصل عن مخلوقاته بائن منها ليس مختلطا بها فله حد منفصل و من قال من العلماء ليس لله حد فمقصوده أن ليس لله حد يعرفه العباد لكن له حد يعلمه سبحانه و تعالى فإنها كلمة مجملة مثل لفظ الجهة و لفظ الجسم و العرض و الحيز و الحد و الأبعاض و الأغراض كل هذه كلمات لم ترد في الكتاب و السنة فلا تدل على نفي ولا إثبات فمن أطلقها نفيا أو إثباتا يستفصل فإن أراد حقا قبل و إن أراد باطلا رد فإن قال شخص الله جسم نقول ما مرادك بالجسم , الجسم ما ورد في الكتاب و لا في السنة قال أنا مرادي أن الله متصل بالصفات نقول صحيح هذا صحيح المعنى صحيح لكن اللفظ ما ورد عبر بألفاظ النصوص لأن ألفاظ النصوص بريئة و سليمة من احتمال المعاني الباطلة و إذا قال أن الله ليس له جسم أو الله ليس بجسم نقول ما مرادك قال مرادي أن الله تعالى ليس متصلا بالصفات نقول هذا باطل هذا المعنى باطل و إذا قال آخر ليس الله بجسم يعني ليس لله جسم يعني ليس الله مشابه للمخلوقات نقول هذا حق لكن اللفظ ما ورد و هكذا .و بعضهم يقول الله ليس له عرض يريدون بالعرض الصفات يقول ما مرادك بالعرض يقول أن لله ليس له صفات نقول هذا باطل و هكذا و كذلك الحد بعضهم يقول لله حد نقول ما مرادك بالحد قال مرادي أن الله منفصل عن المخلوقات و أنه ليس مختلطا بها نقول هذا حق إن أراد أن لله حد يعلمه العباد فليس بصحيح و من قال من العلماء ليس لله حد يعني ليس لله حد يعلمه العباد و لكن هو يعلمه سبحانه و من ذلك الإمام إسماعيل بن محمد بن فضل الأصفهاني تكلم قال تكلم أهل الحقائق في تفسير الحد بعبارة مختلفة و محصول تلك العبارات أن حد كل شيء موضع بينونته من غيره , حد الشيء كونه منفصل عن غيره مثلا حد هذه الطاولة كونها منفصلة عن طاولة أخرى هذا الحد , و إن كان غرض القائل بقوله ليس لله حد أي لا يحيط علم الخلائق بالله فهو مصيب ليس لله حد يعني أن العباد لا يعلمون و لا يحيطون بعلمه و إن كان غرضه بذلك لا يحيط علم الله بنفسه فهو ضال هذا كلام الإمام أبو إسماعيل بن محمد بن فضل الأصفهاني يقول إن حد كل شيء موضع بينونته فإن كان غرض القائل ليس لله حد أنه لا يحيط علم الخلائق به فهو مصيب و إن كان غرضه بذلك لا يحيط علم الله بنفسه فهو ضال و قد أورد الدشتي أيضا في كتابه إثبات الحد لله في كتابه إثبات الحد لله نقول عن السلف تبين أن مرادهم من هذه العبارة فقال و مذهب علماء السلف أن الله هو الأول القديم و له حد لا يعلمه غيره و لكن ليس لأحد أن يتوهم الحد لغاية في نفسه و لكن عليهم أن يؤمنوا بذلك و يكلوا علم ذلك إلى الله تعالى , قال أهل السنة إن الله بكماله فوق عرشه يعلم و يسمع من فوق العرش لا يخفى عليه من خلقه خافية و لا يحجبه عنه شيء علمه بهم فوق العرش محيط و بصره فيهم نافذ قال الله تعالى ( وسع ربي كل شيء علما ) يعني علم الله محيط و قال تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) و قال تعالى ( و هو القائم فوق عباده ) و قال تعالى ( إليه يصعد الكلم الطيب ) و قال تعالى ( إني متوفيك و رافعك إلي ) و قال تعالى ( تعرج الملائكة و الروح إليه ) و قال تعالى ( يخافون ربهم من فوقهم ) ثم ذكر أحاديث في هذا المعنى ونقولا عن الأئمة إلا أن ذكر الهروي و أورد عنه هذا الحديث ذاكر الباب الذي أورده و الآثار التي تحته و وهو إثبات الحد لله عز و جل و بهذا يتبين أن مقصود المؤلف بقوله باب إثبات الحد لله جل و علا مقصوده أن الله تعالى منفصل عن المخلوقات و بائن منها ليس حالا فيها و مقصده الرد على الجهمية الذين يقولون إن الله مختلط بالمخلوقات و أنه في كل مكان , الله له حد فوق العرش له حد و استدل بالحديث ( و أنت الظاهر فليس فوقك شيء و أنت الباطن فليس دونك شيء ) إذا كان هو الظاهر ليس فوقه شيء إذا هو منفصل عن المخلوقات ليس فوقه شيء من المخلوقات انتهت المخلوقات سقفها هو عرش الرحمن انتهت المخلوقات والله فوق العرش بعد أن تنتهي المخلوقات فليس مختلطا بالمخلوقات سبحانه و تعالى فله حد منفصل و كما سبق أن إثبات الحد أو ذكر الحد نفيا و إثباتا لم يرد في الكتاب و لا في السنة فمن أطلقه نفيا و إثباتا فيستفصل فإذا أراد حقا قبل و إن أراد باطلا رد و كذلك لفظ الجسم و العرض و الحيز و الأبعاض و الأغراض و مراد المؤلف في هذا باب إثبات الحد يعني أن الله تعالى بائن عن المخلوقات منفصل عنها ليس حالا بها .
( متن )
بَابُ إِثْبَاتِ الْجِهَاتِ لِلَّهِ
قال حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالب قال أخبرنا الرفاء قال حدثنا مُبشر بْنُ مُوسَى قال حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قال حدثَنَا سُفْيَانُ قال حدثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنِ عَمْرٍو يَقُولُ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ) .
) الشيخ )
هذا الباب السادس عشر من أبواب الرسالة قال المؤلف باب إثبات الجهات لله عز و جل , لو قال باب إثبات الجهة يعني أن الله في العلو أيضا لفظ الجهة من الألفاظ التي لم ترد في الكتاب و لا في السنة مثل إثبات الحد محتملة للحق و محتملة للباطل فمن أطلقها نفيا أو إثباتا فإنه يستفصل فإن أراد حقا قبل و إن أراد باطلا رد , فالجهة يراد بها أمر وجودي و يراد بها أمر عدمي , فإذا قال شخص إن الله في جهة نقول ما مرادك بالجهة هل مرادك أمر وجودي أم أمر عدمي فإن كان مراده أمر وجودي يعني العرش هذا أمر وجودي أو السماء السابعة و غيرها و أن الله في جهة يعني داخل العرش أو داخل السماوات و أن الله تحيط به المخلوقات و تحصره و تحيط به إحاطة الظرف بالمظروف كما نحن الآن يحيط بنا المسجد من جميع الجهات من الجهات الأربع نحن في جهة , هذا باطل نقول هذا باطل أما إذا أراد بالجهة الجهة العدمية و أن الله في جهة , جهة عدمية و هي ما فوق العرش و المعنى أن المخلوقات انتهت , انتهت الجهات و انتهت المخلوقات و الله في جهة فوق العرش بعد أن تنتهي المخلوقات فهذا حق و كذلك إذا قال الله ليس في جهة نقول ما مرادك بالجهة هل تراد ليس في جهة عدمية فهذا باطل الله في جهة عدمية و هي ما فوق المخلوقات ما فوق العرش و إن أردت الله ليس في جهة وجودية فهذا حق الله ليس في جهة وجودية ليس في شيء من المخلوقات الله فوق المخلوقات ليس مختلطا بالمخلوقات فإذا قال الله في جهة أو قال ليس في جهة يستفصل فإن أراد أنه في جهة وجودية و أن الله داخل في شيء من المخلوقات فهذا باطل و إن أراد أن الله في جهة عدمية و أن الله فوق المخلوقات بعد أن تنتهي المخلوقات التي سقفها عرش الرحمن و الله فوق العرش انتهت المخلوقات ما فوق العرش شيء من المخلوقات و الله فوق العرش فهذا حق و لهذا قال المؤلف باب إثبات الجهات لله عز و جل مقصوده هنا المؤلف أن الله في جهة العلو بعد أن تنتهي المخلوقات أن الله في جهة عدمية ذكر المحقق مثل ما ذكرته قال أما لفظ الجهة فقد يراد به ما هو موجود و قد يراد به ما هو معلوم و من المعلوم أنه لا موجود إلا الخالق و المخلوق فإذا أريد بالجهة أمر وجودي غير الله تعالى كان مخلوقا إذا أراد بالجهة أمر وجودي العرش أو السماء السابعة أو الكرسي كان مخلوقا و الله ليس في شيء من المخلوقات و الله تعالى لا يحصره شيء و لا يحيط به شيء من المخلوقات تعالى الله عن ذلك و إذا أريد بالجهة أمر عدمي و هو ما فوق العالم فليس هناك إلا الله وحده فإذا قيل أنه في جهة بهذا الاعتبار فهو صحيح إذا قيل إنه في جهة و أريد جهة العدمية بعد أن تنتهي المخلوقات فهذا صحيح و معناه أنه فوق العالم حيث انتهت المخلوقات فهو فوق الجميع عال عليهم و نفاة لفظ الجهة الذين يريدون بذلك نفي العلو بعض الذين يقولون الله ليس في العلو الله ليس في جهة مقصودهم أن الله ليس في العلو و ليس فوق العرش من أدلتهم أن الجهات كلها مخلوقة يقولون الجهات كلها مخلوقة و أنه كان قبل الجهات و أن من قال أنه في جهة يلزمه القول بقدم شيء من العالم أو أنه كان مستغنيا عن الجهة ثم صار فيها و هذه الألفاظ و نحوها قال إنما تدل على أنه ليس في شيء من المخلوقات سواء سمي جهة أو لم يسم جهة الله ليس في شيء من المخلوقات منفصل عن المخلوقات بائن عنها سواء سمي جهة أو لم يسمى جهة العلم سقفه عرش الرحمن هذا سقف المخلوقات كلها انتهى, و الله فوق العالم فوق العرش بعد أن تنتهي المخلوقات , قال و لا شك أن الجهات لا نهاية لها و ما لا يوجد فيها نهاية ليس بموجود نقل الشارح عن الطحاوي , الطحاوي في عقيدته قال عن الله لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات , الجهات الست ما هي , أمام خلف يمين شمال فوق تحت هذه الجهات الست الطحاوي يقول أن الله لا تحويه الجهات الست كسائر المخلوقات , كسائر المبتدعة يعني كسائر المخلوقات و الطحاوي انتقد عليه هذا و ابن أبي العز شارح الطحاوية انتقده في هذا و قال إن مراده مراد الطحاوي بأنه لا تحيط به الجهات , بأنه لا تحيط به شيء من مخلوقاته و ليس المراد نفي العلو و لهذا قال مراده بأنه لا يحيط به شيء من المخلوقات بل هو محيط بكل شيء و وفوقه قال هذا المعنى هو الذي أراده الشيخ الطحاوي رحمه الله قال لأنه إذا جمعنا بين كلامه السابق و اللاحق يفيد هذا المعنى بما يأتي في كلامه أن الله تعالى محيط بكل شيء و فوقه فإذا جمع بين كلاميه و هو قوله لا تحيطه الجهات الست كسائر المبتدعات و بين قوله محيط بكل شيء و فوقه علم أن مراده أن الله تعالى لا يحويه شيء و لا يحيط به شيء كما يكون لغيره من المخلوقات و أنه تعالى هو المحيط بكل شيء العالي على كل شيء , ثم ذكر المحقق كلام ابن أبي العز شرح الطحاوية و قال شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن سمعت الأستاذ ابن منصور بعد روايته حديث النزول يقول سئل أبو حنفية فقال ينزل بلا كيف و إنما توقف و من توقف في ذلك لضعف علمه في معاني الكتاب و السنة و أقوال السلف و لذلك ينكر بعضهم أن يكون فوق العرش إذ يقول لا مباين و لا محايد لا داخل العالم و لا خارجه فيصفونه بصفات العدم و الممتنع و لا يصفونه بما وصف به نفسه من العلو و الاستواء على العرش و يقول بعضهم لحلوله في كل موجود أو يقول هو وجود كل موجود و نحو ذلك تعالى الله عما يقول الظالمون و الجاحدون علوا كبيرا , مقصود المؤلف هنا في قوله باب إثبات الجهات لله , لو قال باب إثبات الجهة مقصوده إثبات العلو و أن الله فوق العرش و مقصوده الرد على الذين أنكروا علو الله في خلقه و أنه فوق المخلوقات , استدل بالحديث , هذا الحديث حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن عز و جل و كلتا يديه يمين ) و هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه من طريق سفيان بن عيينة على (49:21) عن عمر بن دينار قال أخبرنا عمر بن أوس عن عبد الله بن عمرو به هذا الحديث تفرد به الإمام مسلم كما ذكر المحقق و قال ابن أبي حاتم في (49:35) سئل أبي عن حديث رواه ابن مبارك عن معمر عن الزهري عن سعيد بن مسيب عن عبد الله بن عمر قال ( المقسطون لله في الدنيا يوم القيامة على منابر من نور بين يدي الرحمن بما أقسطوا في الدنيا ) فقيل لأبي أليس يرفع هذا الحديث قال نعم و الصحيح موقوف , هذا الحديث حديث صحيح رواه الإمام مسلم يقول النبي صلى الله علي و سلم ( إن المقسطين على منابر من نور ) المقسطين يعني العادلين ( إن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن عز و جل و كلتا يديه يمين ) جاء في لفظ آخر تفسيره الذين يعدلون في حكمهم و في أهليهم في ما ولوا المقسط هو العادل قول : من أقسط يقسط فهو مقسط يعني عدل فهو يعدل فهو عادل أما قسط من الثلاثي , قسط بمعنى جار و ظلم قال الله تعالى ( و أما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ) و القاسطون الجائرون الظالمون فأقسط من الرباعي بمعنى عدل و قسط من الثلاثي بمعنى جار و ظلم ما بينهم إلا الهمزة أقسط عدل مقسط عادل قسط جار و ظلم قاسط جائر و ظالم ( إن المقسطين ) يعني العادلين الذين يعدلون لهم هذا الفضل العظيم (على منابر من نور عن يمين الرحمن ) المقسطين من هم المقسطين من هم المقسطون العادلون فصلهم قال الذين يعدلون في حكمهم و في أهليهم و ما ولوا يعدل في حكمه يعدل في حكمه إذا حكم بين الناس إذا كان قاضيا و يعدل في أهله و ما ولي هؤلاء فضلهم عظيم العادلون أين يكونون يوم القيامة ( على منابر من نور عن يمين الرحمن و كلتا يديه يمين ) فيه إثبات اليدين لله عز و جل و أن لله يدين كريمتين و أن كل منهما يمين كلتا يديه يمين كلتا يديه يمين سبحانه و تعالى و هل له يمين و شمال , جاء إثبات الشمال في رواية في صحيح مسلم ( شماله ) فأخذ بها بعض العلماء و أثبتوا لله يمين و شمال قالوا له يمين و شمال و لكن كلتا يديه يمين معناها يمين في الفضل و الشرف و البركة و عدم الضعف بخلاف المخلوق فإن يده الشمال أضعف من يده اليمين و لهذا قال ( و كلتا يديه يمين ) و قال آخرون لا تسمى شمال كلاهما يمين و طعنوا في الرواية و قالوا انفرد بعض الرواة عن أقرانهم انفرد بها بعض الرواة عن شيخه فلهذا طعنوا فيها , الحديث فيه إثبات اسم الرحمن لله عز و جل و أنه من أسمائه الخاصة و إثبات صفة الرحمة و إثبات اليدين لله لكن ما مناسبة هذا الحديث في قوله إثبات الجهات إثبات الجهة لله عز وجل , الحديث فيه دليل على أن الله تعالى منفصل عن المخلوقات و أن المقسطون على منابر من نور على يمين الرحمن و الذي له يمين منفصل عن المخلوقات بخلاف المختلط , المختلط ليس له يمين و لا شمال فالحديث فيه إثبات أن الله تعالى منفصل عن المخلوقات و أنه تعالى فوق العرش و جاء في أحاديث أن الله تعالى و إن كان فيه ضعف ينصب كرسيه يوم القيامة و يدعى الصديقون و الشهداء و يوضع لهم الكراسي و يأتي أدناهم على منابر من نور فيتجلى لهم الرب سبحانه و تعالى فيه إثبات العلو و أن الله فوق المخلوقات منفصل عنها بائن عنها و أنه في جهة العلو فوق المخلوقات .( متن )
بَابُ إِثْبَاتِ الْوَجْهِ لِلَّهِ
قال أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ الْإِمَامُ قال حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ قال حدثَنَا حَاتِمُ بْنُ مَحْبُوبٍ قال حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّار قال حدثَنَا سُفْيَان ما أسمعناه مِنِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أنه قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (مَنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَقَالَ مَرَّةً مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَتَبَارَكَ اللَّهُ تَلَقَّاهُنَّ مَلَكٌ فَضَمَّ عَلَيْهِنَّ جَنَاحَهُ وَقَالَ مَرَّةً تَلَقَّاهُنَّ فَكَتَبَهُنَّ ثُمَّ ضَمَّهُنَّ إِلَى جَنَاحِهِ حَتَّى يجئ وَجْهَ رَبِّ الْعَالَمِينَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى) .( الشيخ)
هذا الباب السابع عشر من أبواب الرسالة عقده المؤلف لإثبات الوجه لله عز و جل باب إثبات الوجه لله عز و جل فالوجه صفة من صفات الله عز و جل و الوجه ثابت لله عز و جل في القران العزيز و في السنة المطهرة , قال الله تعالى ( و يبقى وجه ربك ذي الجلال و الإكرام ) و يبقى وجه ربك فيه إثبات الوجه لله عز وجل ( و يبقى وجه ربك ذي الجلال و الإكرام ) فهذه الآية فيها إثبات الوجه و كذلك أيضا جاء في الأحاديث (أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ) بنور وجهك , ثبت الوجه لله في الكتاب و في السنة و مقصود المؤلف الرد على الجهمية و المعتزلة و الأشاعرة الذين ينكرون الوجه فيفسرون الجهمي و المعتزلي و الأشعري ( و يبقى وجه ربك ) أي ذاته فتحت كتاب الجلالين في تفسير الجلالين و جئت عند هذه الرواية , فوجدت وجهه يقال ذاته فالمقصود إنكار الوجه فسر الوجه بالذات الآية فيها إثبات للوجه و الذات جميعا ( و يبقى وجه ربك ) ( و يبقى وجه ربك ) فيه إثبات الوجه لله عز و جل و فيه الرد على الجهمية الذين ينكرون الوجه و الرد على المعتزلة و الرد على الأشاعرة و كذلك قوله ( أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ) أما هذا الحديث الذي ذكره المؤلف فهو ضعيف يعني لو أتى المؤلف بالآية , الآية كافية الآيات القرآنية و الأحاديث الصحيحة ذكر هذا الحديث من رواية عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال بسم الله و قال مرة من قال سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و لا حول و لا قوة إلا بالله و تبارك الله تلقاهن ملك فضم عليهن جناحه و قال مرة تلقاهن فكتبهن ثم ضمهن إلى جناحه حتى يجيء وجه رب العالمين تبارك و تعالى ) فهذا الحديث ضعيف كما قال المحقق أورده الهيثمي في مجموع الزوائد و زوائد الطبراني و هو من رواية عون بن عبد الله و عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي هو عبد الله الكوفي الزاهد فيه كلام لأهل العلم تكلموا فيه قالوا حفظه عن أبيه و عمه مرسلا و قيل روايته عن الصحابة مرسلة و كذلك في رواية عن عبد الله بن مسعود في , تكلموا فيها و أنه لم يسمع عن عبد الله بن مسعود فيكون الحديث بهذا ضعيف , الحديث هذا ضعيف لكن الوجه ثابت لله في الأحاديث الصحيحة و ثابت في القران الكريم ( و يبقى وجه ربك ذي الجلال و الإكرام ) الآية كافية أما هذا الحديث فهو ضعيف و لعل المؤلف أتى به ليكون شاهد للأحاديث الصحيحة و للآية و الشاهد من الحديث قوله (حتى يجيء وجه رب العالمين تبارك و تعالى ) إذن الذي يقول سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و لا حول و لا قوة إلا بالله يتلقاهن ملك و يضم عليهن جناحه يقال مرة يكتبهن ملك ثم يضم جناحه حتى يجيء وجه رب العالمين , الحديث ضعيف كما سمعتم و يغني عنه الأحاديث الصحيحة و الآيات القرآنية الكريمة , و الوجه ثابت لله عز و جل و إنكار الجهمية و المعتزلة و الأشاعرة للوجه باطل بل الوجه ثابت لله عز و جل و هذه عقيدة أهل السنة و الجماعة كما دل على ذلك النصوص من كتاب الله و سنة رسوله .( متن )
بَابُ إِثْبَاتِ الصُّورَةِ لَهُ
قال أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَارُودِيُّ قال أخبرنا الطَّبَرَانِيُّ قال حدثَنَا الدَّبَرِيُّ حقال و أخبرنا يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَنَاحٍ قال حدثَنَا إسحاق بن إِبْرَاهِيمَ قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ح قال و أخبرنا أَبُو يَعْقُوبَ قال حدثَنَا جدي قال حدثَنَا حَاتِم وَابْن مَحْبُوبٍ قال حدثَنَا سَلَمَةُ قَالُوا حدثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال أخبرنا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا )
( الشيخ )
هذا الباب الثامن عشر من أبواب الرسالة عقده المؤلف لإثبات الصورة لله عز و جل قال باب إثبات الصورة لله عز و جل ذكر حديث أبي هريرة و الإسناد فيه تحويل قال , قال صلى الله عليه و سلم ( خلق الله آدم عليه السلام على صورته طوله ستون ذراعا ) و في لفظ ( طوله في السماء ستون ذراعا ) و الحديث رواه البخاري و مسلم فهو من أصح الأحاديث ( خلق الله آدم عليه السلام على صورته ) ثم قال ( طوله ) يعني طول آدم ( طوله في السماء ستون ذراعا ) أول ما خلق طوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن حتى وصل إلى ما وصل إليه و المؤمنون يدخلون الجنة على طول أبيهم آدم ستون ذراعا طولهم أهل الجنة يدخلون الجنة على طول آدم ستون ذراعا و أما العرض فجاء في حديث رواه الترمذي عن العرض سبعة أذرع لكنه ضعيف فيه بعض الضعف و الحديث فيه إثبات الصورة لله عز و جل ( خلق الله آدم عليه السلام على صورته ) فيه إثبات الصورة و الصورة صفة من صفات الله كسائر الصفات كما نثبت له السمع و البصر و العلم و القدرة ( و هو السميع البصير ) فيه إثبات السمع و إثبات البصر ( و هو العليم الحكيم ) إثبات العلم ( خلق الله آدم عليه السلام على صورته ) فيه إثبات الصورة فيه إثبات الصورة لله عز و جل على وجه لا يماثله أحدا من خلقه و كل موجود له صورة كل موجود له صورة قائم عليها و الله تعالى هو أكمل الموجودات فكل موجود له صورة هو قائم عليها فإذا قلت أنه موجود لا صورة له نفيته , نفي , ما في موجود إلا له صورة و الله له صورة ( خلق الله آدم عليه السلام على صورته ) و بهذا يتبين أن هذه الترجمة صحيحة إثبات الصورة لله ع و جل و أن الحديث صحيح من أصح الأحاديث في الصحيحين , من أصح الأحاديث فيه إثبات الصورة لله عز و جل على ما يليق بجلالته و عظمته لكن أشكل قوله في الحديث ( خلق الله آدم عليه على صورته ) أين مرجع الضمير ( خلق الله آدم على صورته ) مرجع الضمير فيه ثلاثة أقوال ذكرها الرازي في كتابه تأسيس التقديس , القول الأول أن مرجع الضمير إلى المضروب و يكون هذا من باب القلب تشبيه المقلوب لأن هذا الحديث له سبب و هو ( أن النبي رأى رجلان يقتتلان فقال لا تضرب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته ) على صورة المضروب فهذا من باب التشبيه (تضرب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته ) على صورة هذا المضروب فيكون من باب التشبيه المقلوب الأصل أن يشبه المضروب بآدم و الآن شبه آدم بالمضروب فتشبيهه تشبيه مقلوب هذا قول وهذا قول باطل , القول الثاني أن الضمير يعود إلا آدم خلق الله آدم على صورة آدم و هذا أيضا باطل و هو قول الجهمية سئل أبن الإمام أحمد رحمه الله قال قالت يا أبي خلق الله آدم على صورته صورة آدم , فقال هذا قول الجهمية أي صورة لآدم قبل أن يخلقه الله , خلق الله آدم على صورته على صورته كيف قبل أن يخلق الله له صورة قال هذا قول الجهمية أي صورة لآدم قبل أن يخلقه الله يقول الإمام , و القول الثالث أنه يعود إلا الله و هذا هو الصواب ( خلق الله آدم عليه السلام على صورته ) و يدل عليه الرواية الصحيحة التي هي ( خلق الله آدم على صورة الرحمن ) و المعنى معنى الحديث إثبات الصورة لله عز و جل و هذا يقتضي نوعا من المشابهة و هو المشابهة في مطلق الصورة يقتضي نوعا من المشابهة و هي المشابهة في مطلق الصورة لا في الجنس و لا في المقدار , لا في الجنس و لا في المقدار من رأى القمر في الماء يقول هذه صورة القمر هذه صورة القمر هل الصورة التي للقمر نفس الصورة التي في السماء نعم الصورة هي لكن تختلف فالصور التي في السماء , القمر الذي في السماء مقداره عظيم و ذاته مختلفة أما الصورة التي في الماء فشكل فقط و أشكل هذا على بعض العلماء حتى على بعض أئمة السنة , الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام من الأئمة غلط في هذا و قال في كتابه الصحيح في كتابه التوحيد لا تغلطوا و لا تغالطوا يعني ظن أن فيه إثبات التشبيه قال نفى الصورة و هذا معدود من غلطاته غلط رحمه الله و رد عليه شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله و إثبات الصورة لله عز و جل جاء فيها أحاديث و شيخ الإسلام رحمه الله له كتاب عظيم سماه بيان تلبيس الجهمية في بدعهم الكلامية و تكلم على حديث الصورة و أطال في هذا و الكتاب من عيون كتب شيخ الإسلام بن تيمية و فيه بحوث لا توجد في غيره و حقق الكتاب في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية و وزع الكتاب بين ثمانية من الطلاب في الدراسات العليا و حقق في ثمان رسائل دكتوراه و طبع الآن طبعه مجمع الملك فهد في المدينة و طبع الآن و وزع الآن و سوف يطبع أيضا و يباع و هو كتاب عظيم و كنت المشرف على الرسائل الثمان و بحث الصورة جاء رسالة كاملة رسالة دكتوراه بحث الصورة و فيه هذا التحقيق شيخ الإسلام و أن إثبات الصورة لله عز و جل و أن إنكار من أنكر الصورة و هذا قول الجهمية و أن الإمام محمد من إسحاق بن خزيمة ظن أن في إثبات الصورة تشبيها و لهذا غلط و هو إمام وهو معدود من غلطاته و كل يؤخذ من قوله و يرد إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم و لكل جواد كبوة و الصواب إثبات الصورة لله عز و جل و كما سمعتم فيه ثلاثة أقول لأن شيخ الإسلام يرد على في أبيات للجهمية يرد على الرازي و الرازي معروف أنه من متأخري المعتزلة و أنه انتقل إلى مذهب الجهمية و لكنه تاب في آخر حياته و ترحم عليه شيخ الإسلام رحمه الله و سمى كتابه الرازي أساس التقديس فنقده شيخ الإسلام في هذا الكتاب و سماه نقد التأسيس بعضهم يسميه نقد التأسيس و الصواب اسمه بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية بحث مذهب الصورة بحث مطول و الخلاصة أن الرازي ذكر هذه الأقوال الثلاثة , الضمير يعود إلى المضروب أو يعود إلى آدم و هما قولان باطلان أو يدل على الله و يدل عليه هذه الرواية الصحيحة ( خلق الله آدم على صورة الرحمن ) و ذكر الحافظ بن حجر أن هذه الرواية صحيحة في الجزء الحادي عشر من فتح الباري ( خلق الله آدم على صورة الرحمن ) فالحديث فيه إثبات الصورة لله عز و جل كما يليق بجلاله و عظمته و الصورة كسائر الصفات كالسمع و البصر و العلم و القدرة و الصورة كلها ثابتة لله .( متن )
بَابُ إِثْبَاتِ الْعَيْنَيْنِ لَهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ
قال حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ الْإِمَامُ إِمْلَاءً قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْمَاطِيُّ قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ شُعْبَةَ ح قال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ قال أخبرنا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْأَشَجُّ قال حدثَنَا دَاووُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قال حدثَنَا شُعْبَةُ ح قال و أخبرنا عَبْدُ الْجَبَّارِ قال حدثَنَا ابْنُ مَحْبُوبٍ قال حدثَنَا أَبُو عِيسَى قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قال حدثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ أنه قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ حَذَّرَ أُمَّتَهُ الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ أَلَا إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِأَعْوَرَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر لَفْظُ غُنْدَرٍ)( الشيخ )
هذا الباب التاسع عشر من أبواب الرسالة قال المؤلف باب إثبات العينين له تعالى و تقدس لله تعالى فيه إثبات العينين لله عز و جل ذكر في حديث أنس بن مالك ( ما من نبي إلا حذر أمته الأعور الكذاب إلا أنه أعور و إن ربكم ليس بأعور ) و الحديث من أصح الأحاديث رواه الشيخان البخاري و مسلم ذكر المؤلف بالسند تحويل الإسناد و الحديث فيه إثبات العينين لله عز و جل و وجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( ما من نبي إلا حذر أمته الأعور الكذاب ) و هو الدجال , الدجال أعور قال (ألا أنه أعور ) و الأعور هو الذي ليس له إلا عين واحدة (و إن ربكم ليس بأعور ) له عينان سليمتان فالدجال أعور ليس له إلا عين و الله ليس بأعور له عينان سليمتان فدل على ثبوت العينين لله عز و جل و لا أعلم دليلا يدل على إثبات العينين لله غير هذا الحديث هذا لحديث هو الذي فيه إثبات العينين لله و أما قوله ( تجري بأعيننا ) فهذا فيه إثبات الرؤيا لله عز و جل و لا يثبت لله عدد من العيون لأن المراد التعظيم هنا جمع العيون و جمع الضمير ( تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر ) يعني بمرأى منا و قوله ( لتصنع على عيني ) المراد جنس العين لكن هذا الحديث هو الوحيد فيه إثبات العينين لله عز و جل و هو من أصح الأحاديث رواه الشيخان البخاري و مسلم و وجه الدلالة أن الله سبحانه و تعالى أخبر بأن الدجال أعور و الله ليس بأعور و الأعور هو الذي ليس له عين إلا عين واحدة و الله ليس بأعور له عينان سليمتان فثبت في الحديث دل الحديث على إثبات العينين لله عز و جل و هذا واضح و لا إشكال فيه عند أهل السنة و الجماعة .( متن )
بَابُ إِثْبَاتِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ لِلَّهِ
قال أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عمار الإمام قال أخبرنا ابن جناح قال حدثَنَا إِسْحَاقُ ح قال و أخبرنا ابْنُ الْفَضْلِ الزَّاهِدُ قال أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ قال أخبرنا جَدِّي قَالَا حدثَنَا أبي المقبري قال حدثَنَا أَبِي قال حدثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو يُونُسَ سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) إِلَى قَوْلِهِ (إِنَّ الله كَانَ سميعا بَصيرًا) وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنَيْهِ و قَالَ هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقْرؤهَا وَيَضَع إصبعين عَلَيْهِمَا لَفْظُ ابْنِ خُزَيْمَةَ .(الشيخ )
هذا الباب العشرون من أبواب الرسالة قال المؤلف باب إثبات السمع و البصر لله عز و جل و ذكر في هذا الحديث بالسند الطويل و هو حديث يونس بن جبير قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقرأ هذه الآية ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ) و وضع إبهامه على أذنه و التي تليها على عينه , كذا , وضع الإبهام على الأذن و السبابة على العين النبي صلى الله عليه و سلم لما قرأ هذه الآية (إن الله كان سميعا بصيرا ) وضع الإبهام على الأذن و السبابة على العين وضع إبهامه على أذنه و التي تليها على عينيه و قال هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأها و يضع إصبعين عليهما لفظ ابن خزيمة و هذا الحديث إسناده صحيح أخرجه أبو داوود و أخرجه ابن خزيمة في كتاب التوحيد و ابن حبان و الحاكم و اللكائي كما ذكر المحقق و هو حديث صحيح و هذا الحديث و الآية الكريمة فيه إثبات السمع والبصر لله ( إن الله كان سميعا بصيرا ) الدليل يؤخذ من الآية (إن الله كان سميعا بصيرا ) فيه إثبات اسم السميع و أن الله من أسمائه السميع فيعبد و يقال عبد السميع و فيه إثبات اسم البصير فيعبد و يقال عبد البصير و فيه إثبات صفة السمع و صفة البصر الآية فيها إثبات اسمان و صفتان اسم السميع و اسم البصير و صفة السمع و صفة البصر لأن كل اسم مشتمل على صفة أسماء الله مشتقة ليست جامدة و أبو هريرة لما قرأ هذه الآية و ضع إبهامه لما قال (إن الله كان سميعا بصيرا ) وضع إبهامه على أذنه و السبابة على عينه و قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم و يضع إصبعين عليهما قال العلماء الفائدة أو المقصود من وضع إبهامه على أذنه و السبابة على عينه تحقيق الصفة المراد تحقيق الصفة و ليس المراد التشبيه المراد تحقيق الصفة و أن الصفة حقيقية و أما من أشار و أراد التشبيه فهذا باطل , من أراد لو أراد شخص , و كذلك مثل ما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بأصبعه و هو على المنبر , فإذا أشار و أراد التشبيه فهذا باطل فالله تعالى لا يشبه أحدا من خلقه لا في سمعه ولا في بصره و لا في غيره لكن المراد من الإشارة تحقيق الصفة و أنها صفة حقيقية و ليس المراد المشابهة فالله تعالى لا يشابه أحدا من خلقه فهذه الآية الكريمة وهذا الحديث فيه إثبات السمع و البصر و أنها صفة حقيقية ليس مجازا فالإشارة لتحقيق الصفة و فيه الرد على من أنكر صفة السمع و البصر و اسم السميع و البصير من المعتزلة و الجهمية و أما الأشاعرة فيثبونها من الصفات السبع الأشاعرة يثبتون سبع صفات و منها السمع والبصر الحياة و الكلام و البصر و السمع و العلم و القدرة والإرادة هذه يثبتها أهل البدع فيثبتها الأشاعرة و أما بقية الصفات يأولونها و أما بقية الصفات يتأولونها و أما المعتزلة فلا يثبتون شيئا من الصفات و إنما يثبتون الأسماء بزعمهم , المعتزلة يثبتون الأسماء فقط أسماء بدون معاني يقولون سميع بلا سمع و بصير بلا بصر هذا باطل ألفاظ بلا معاني , والجهمية ينكرون الأسماء و الصفات فالحديث و الآية فيه الرد على المعتزلة و الجهمية .( متن )
بَابُ إِثْبَاتِ الْيَدَيْنِ لِلَّهِ
قال أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ السَّمْعَانِيُّ قال أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ قال حدثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّارمِي قال حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قال حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ( إِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُسَبِّحُ بِتَسْبِيحِ الْمَلَائِكَةِ وَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِمْ حِينَ هَبَطَ إِلَى الْأَرْضِ لِطُولِهِ وَقُرْبِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَوَضَعَ اللَّهُ يَده عَلَيْهِ فطأطأه إِلَى الْأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا )( الشيخ )
هذا الباب الحادي و العشرون من أبواب الرسالة باب إثبات اليدين لله عز و جل و اليدان ثابتتان لله عز و جل في القرآن العظيم و في الأحاديث الصحيحة فمن الأدلة في القرآن العظيم قول الله تعالى ( بل يداه مبسوطتان ) فيه إثبات اليدين لله و أن لله يدين اثنتين و قال الله عز و جل في خطابه لإبليس ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) فيه إثبات اليدين لله عز و جل و فيه الرد على من تأول اليد و أنكرها من الجهمية و المعتزلة و الأشاعرة , الأشاعرة يفسرون اليد بالنعمة ( تبارك الذي بيده الملك ) قالوا المراد باليد النعمة طيب كيف تفسرون ( بل يداه مبسوطتان ) بل نعمتاه مبسوطتان ما معنى ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) بنعمتي ؟ نعم الله كثيرة ليست إثنتين فلا يمكن ذلك يفسد المعنى تفسر اليد بالنعمة هذا باطل ما منعك أن تسجد لما خلقت بنعمتي ؟ بل يداه مبسوطتان نعمتاه ؟ هذا من أبطل الباطل فيه إثبات اليدين لله عز و جل و أن لله يدان اثنتان كريمتان و من الأدلة الصحيحة الحديث الذي سبق قال ( إن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن و كلتا يديه يمين ) (عن يمين الرحمن و كلتا يديه يمين ) فيه إثبات اليدين لله عز و جل فإذا اليد ثابتة في القران العظيم ( بل يداه مبسوطتان ) ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) و في الحديث الصحيح ( إن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن و كلتا يديه يمين ) أما هذا الحديث الذي ذكره المؤلف فهو ضعيف و من العجب أن المؤلف يأتي بالأحاديث الضعيفة و يترك الآيات و الأحاديث الصحيحة , لكن اليدين ثابتة لله , هذا الحديث يقول إن آدم عليه السلام كان يسبح بتسبيح الملائكة يعني قبل أن يهبط من الجنة لما كان في الجنة كان يسبح بتسبيح الملائكة و يصلي بصلاتهم حين هبط على الأرض بعد طوله لأنه طويل لما أهبطه الله على الأرض كان يسبح بتسبيح الملائكة و يصلي بصلاتهم حين أهبط إلى الأرض لطوله لأنه طويل بقرب السماء (فوضع الله يده عليه فطأطأه إلى الأرض سبعين ذراعا ) هذا ضعيف و في متنه نكارة كيف يكون آدم أهبط إلى الأرض و يصل إلى السماء طوله ستون ذراعا كيف يصل إلى السماء لقربه من الأرض يسمع الملائكة تسبيحهم فهذا فيه نكارة و في سنده ضعف كما ذكر المحقق الحديث رواه ابن سعد في الطبقات من طريق عفان بن مسلم و في سنده علي بن زيد بن عبد الله بن زهير ضعيف فالمقصود أن الحديث ضعيف هذا الحديث ضعيف و لكن لا حاجة إليه لا حاجة إليه و الشاهد قول ( كان يسبح تسبيح الملائكة و يصلي بصلاتهم حين هبط إلى الأرض لطوله و قربه من السماء فوضع الله يده ) ( وضع الله يده ) ما فيه إلا إثبات اليد ما فيه إثبات اليدين حتى الحديث الضعيف فيه إثبات اليد واحدة ( فوضع الله يده عليه ) و الترجمة فيه إثبات اليدين و الحديث ما فيه إلا إثبات اليد و هو ضعيف فنحن لسنا بحاجة إلا هذا الحديث الضعيف يكفينا الآيات الكريمة و الأحاديث الصحيحة كما سبق ( بل يداه مبسوطتان ) ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) إن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن و كلتا يديه يمين ) و في الحديث الآخر أن الله تعالى يخفض القسط و أنه يقبض السماوات بيده و بيده الأخرى القبض أو الفيض , يدين , أحاديث صحيحة في مسلم و البخاري فكيف إذا تترك الأحاديث الصحيحة و الآيات القرآنية و نأتي بهذا الحديث على كل حال الحديث سنده ضعف و متنه منكر أيضا , يقول إن الله يهبطه إلى الأرض و أنه يسمع تسبيح الملائكة لطوله و الله و ضع الله يده فطأطأه إلى الأرض سبعين ذراعا الحديث ضعيف السند و منكر المتن و لا حاجة إليه لكن الترجمة صحيحة إثبات اليدين لله عز و جل .( متن )
بَابُ إِثْبَاتِ خَلْقِ آدَمَ بِيَديهِ
قال أخبرنَا مُحَمَّد بن عَليّ البتبي قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قال حدثَنَا محمد قال حدثنا عُثْمَان بن سعيد الدِّارمِي قال حدثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قال حدثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بريده عَن يحيى بن معمر وَحميد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال و أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشٍ قال حدثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ قال أخبرنا الْقَعْنَبِيُّ فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال وأخبرنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ قال أخبرنا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى قال أخبرنا الْحسن بن سعيد قال حدثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قال حدثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي هَارُون هذا اسْمُهُ عُمَارَةُ بْنُ جُوَيْنٍ الْعَبْدِيُّ بَصْرِيٌّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنه قَالَ ( احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَقَالَ لَهُ مُوسَى أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ ) لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ .( الشيخ)
هذا الباب الثاني و العشرون قال باب إثبات خلق آدم عليه السلام بيديه خلق الله لآدم بيديه ثابت في القرآن العظيم و في السنة الصحيحة في القرآن العظيم قال الله تعالى خطابا لإبليس ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) فالآية صريحة في أن الله خلق آدم بيده و هذا فيه تشريف لآدم فيه تشريف لآدم و تفضيله على سائر المخلوقات , المخلوقات خلقها الله بكلمة ( كن ) و آدم خلقه الله بيده هذا تشريف له و كذلك في الحديث الصحيح ثبت ( أن موسى عليه السلام لقي آدم فقال له : أنت آدم أنت أبونا آدم الذي خلقك الله بيده و أسجد لك ملائكته و علمك أسماء كل شيء فقال : نعم , قال : لماذا أخرجتنا و نفسك من الجنة فقال : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته و كلمك , أولم تجد أن الله كتب علي ذلك قبل أن يخلقني بأربعين عاما , قال : نعم , فقال النبي صلى الله عليه و سلم : فحاج آدم موسى فحاج آدم موسى فحاج آدم موسى ) أي غلبه في الحجة موسى عليه السلام لام آدم على أي شيء لامه على المصيبة التي لحقته بخروجه من الجنة و ذريته و آدم احتج على المصيبة بالقدر و الاحتجاج على القدر بالمصائب جائز لكن الممنوع أن تحتج على المعصية بالقدر لا يجوز أن تحتج على المعصية بالقدر , القدر ليس حجة على المعصية و لكن موسى لامه على المصيبة و المصيبة مقدرة احتج آدم بالقدر فلذلك غلب آدم موسى بالحجة قال النبي صلى الله عليه و سلم ( فحج آدم موسى فحج آدم موسى ) و الشاهد قوله ( وخلقك الله بيده ) و في القرآن الكريم خلق الله آدم بيده فخلق الله آدم بيده ثابت و كذلك في الحديث الصحيح في قصة أن الملائكة قالوا ( يا ربنا جعلت لبني آدم الدنيا يلهون فجعل لنا الآخرة فقال الله عز و جل : لا أجعل صالح من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان ) و هذا من أدلة تفضيل الأنبياء و الصالحين و البشر على الملائكة و هذه المسألة خلافية بين أهل العلم فإذا خلق الله آدم بيده ثابت في القرآن العظيم و ثابت في الحديث الصحيح أما هذا الحديث الذي ذكره المؤلف فهو أيضا فيه ضعف ( فحاج آدم موسى فقال له موسى أنت الذي خلقك الله بيده و أسكنك جنته ) لكن الحديث الصحيح ( أنت آدم الذي خلقك الله بيده و علمك أسماء كل شيء ) ( أنت آدم الذي خلقك الله بيده و نفخ فيك من روحه و علمك أسماء كل شيء ) (خلقك الله بيده و نفخ فيك من روحه و علمك أسماء كل شيء )أما هذا الحديث الذي ذكره المؤلف فإسناده ضعيف أنه من طريق أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري و فيه أيضا عمارة بن جوين و أبي هارون العبدي البصري , فهو ضعيف هذا الحديث لكنه يغني عنه الحديث الصحيح الذي ذكرته و الآيات الكريمة فخلق الله آدم بيده هذا ثابت في القرآن العظيم و في السنة المطهرة .