شعار الموقع

شرح كتاب الاقتصاد في الاعتقاد للمقدسي_6 القرآن كلام الله تعالى

00:00
00:00
تحميل
168

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله و سلم و بارك على عبده و رسوله محمدا و آله و صحبه أجمعين .

(المتن)

قال المؤلف -رحمنا الله- و إياه:

و القرآن كلام الله و وحيه و تنزيله و المسموع من القارئ كلام الله ، قال الله فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ و إنما سمعه من التالي. و قال الله : يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ و قال  إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ، وقال   وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ۝ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ وهو محفوظ في الصدور كما قال  بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.

(الشرح )

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله و أصحابه و من والاه أما بعد:

قال المؤلف رحمه الله تعالى: و القرآن كلام الله وحيه و وحيه وتنزيله، هذا هو معتقد أهل السنة و الجماعة وهو الذي دلت عليه النصوص  أن القرآن كلام الله ،كلام الله لفظه و معناه، القرآن كلام الله لفظه و معناه ليس كلام الله حروفه و معانيه، ألفاظه و معانيه ليس كلام الله الحروف دون المعاني و لا المعاني دون الحروف.

 خلافا لأهل البدع، فإن المعتزلة أنكروا يكون القرآن كلام الله، بل قالوا: إن القرآن مخلوق لفظه و معناه و هذا كفر وضلال -كما سيأتي- المعتزلة يقولون إن القرآن مخلوق لفظه و معناه.

الأشاعرة يقولون: الكلام هو المعنى فقط دون الحروف، الحروف ليست كلام الله قالوا: ليس في المصحف كلام الله المصحف ما فيه كلام الله، كلام الله معنى قائم بالنفس قائم بنفس الرب، و الرب سبحانه أضطر جبريل ففهم المعنى  القائم من نفسه بنفسه فعبر بهذا القرآن أو عبر به محمد ﷺ، على قولين لهم منهم من يقول: إن  القرآن عبارة عبر بها جبريل عما في نفس الله عن المعنى الذي في نفس الله ، و منهم من قال: إن الذي عبر به محمد ﷺ و منهم من قال طائفة ثالثة من الأشاعرة قالوا: إن جبريل أخذ القرآن من اللوح المحفوظ و الله تعالى لم يتكلم بالقرآن و لم يسمع منه القرآن ، و هذه أقوال باطلة.

و بهذا يتبين أن المعتزلة يقولون: القرآن مخلوق لفظه و معناه، و الأشاعرة يقولون: القرآن هو المعنى و اللفظ مخلوق، اللفظ كلام البشر فيكون مذهب الأشاعرة نصف مذهب المعتزلة،  المعتزلة يقولون القرآن اللفظ و المعنى مخلوق و الأشاعرة يقولون اللفظ و الحروف مخلوقة و المعنى هو ليس بمخلوق، و لهذا فإن بعض الأشاعرة -و العياذ ب الله- يغلون في هذا حتى يقول أحدهم: (القرآن ما فيه) المصحف ما فيه كلام الله، -و العياذ بالله- و حتى هؤلاء قد يغلوا بعضهم  فيقول يدوس المصحف بقدميه ويقول ليس فيه كلام الله، -نعوذ بالله-. وهذا كفر ناشئ عن المذهب الباطل، القول بأن القرآن هو المعنى القائم بنفس الرب  و أن الحروف و الألفاظ ليست كلام الله.

و لهذا يقول أهل السنة و الجماعة القرآن كلام الله حروفه و معانيه ليس كلام الله الحروف دون المعاني و لا المعاني دون الحروف، كما قال شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية مقالة عظيمة مختصره في معتقد أهل السنة و الجماعة أنصح كل طالب علم أن يحفظها أن يحفظها، القرآن كلام الله لفظه و معناه حروفه و معانيه كما قال المؤلف -رحمه الله- و القرآن كلام الله و وحيه، يعني أوحاه الله إلى جبريل فسمعه جبرائيل من الله فنزل به على قلب محمد ﷺ، كما قال : نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ۝ عَلَى قَلْبِكَ يعني يا محمد لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ۝ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ فالقرآن منزل غير مخلوق، و من قال أنه مخلوق كفر، منزل حروفه و معانيه لفظه ومعناه تكلم الله به و سمعه جبرائيل فنزل به على قلب محمد ﷺ.

و لهذا قال المؤلف -رحمه الله- و القرآن كلام الله  و وحيه و تنزيله، و المسموع من القارئ كلام الله ، المسموع من القارئ كلام الله إذا قرأ القارئ فأنت تسمع كلام الله، قلنا إن قول المؤلف -رحمه الله- القرآن كلام الله هذا هو معتقد أهل السنة و الجماعة أن القرآن كلام الله لفظه و معناه حروفه و ألفاظه و معانيه خلافا لأهل البدع كالمعتزلة القائلين: بأن القرآن مخلوق لفظه و معناه، و خلافا للأشاعرة القائلين: بأن القرآن هو المعنى النفسي القائم بنفس الرب و أما الحروف و الألفاظ فليست من كلام الله، و إنما هي عبارة عبر بها جبريل أو عبر بها محمد ﷺ عما في نفس الله، هذا باطل و الصواب أن القرآن كلام الله لفظه و معناه، كما قال المؤلف، و القرآن كلام الله و وحيه أوحاه الله إلى جبرائيل سمعه منه، سمع جبرائيل من الله القرآن فنزل به على قلب محمد ﷺ و وحيه و تنزيله كما قال سبحانه نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ حم ۝ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. و المسموع من القارئ كلام الله، يعني القارئ حينما يقرأ يسمع منه كلام الله، و أما الصوت هو صوت القارئ ، كما قال العلماء: الصوت صوت القارئ و الكلام كلام البارئ، العباد مخلوقون بأفعالهم و حركاتهم وسكناتهم و ألفاظهم و آدائهم  و القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، و المسموع من القارئ كلام الله، و لهذا في الحديث يقول النبي ﷺ: زَيِّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ أضافوا الأصوات إليه، الصوت ينسب إلى الإنسان، في الحديث حديث البراء قال: (صليت مع النبي ﷺ صلاة العشاء فقرأ بسورة و التين و الزيتون فما سمعت صوتا أحسن منه) أضاف الصوت إليه فالصوت صوت العبد منهم صوت حسن منهم صوت ثخين منهم صوت دقيق، و الكلام كلام الله. استدل المؤلف على أن المسموع من القارئ كلام الله بقول الله فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ فدل على أن المسموع كلام الله.

يقول المؤلف: و إنما سمعه من التالي الذي يتلو القرآن، و قال الله : يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ فأضاف الكلام إلى الله و قال إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ فالذكر هو القرآن الشاهد نزلنا فهو منزل على النبي ﷺ من عند الله، الله تعالى في العلو تكلم بهذا القرآن وسمعه جبرائيل و نزل به على قلب محمدا ﷺ، وقال وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ۝ عَلَى قَلْبِكَ الخطاب للنبي ﷺ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ وهو محفوظ في الصدور يعني كلام الله محفوظ في الصدور إذا حفظه الحافظ فالقرآن محفوظ في صدره ،كما قال  بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.

و كيفما تصرف فهو كلام الله، إن قرأه القارئ فالمقروء كلام الله، و إن سمعه السامع فالمسموع كلام الله، و إن حفظه الحافظ فالمحفوظ كلام الله و إن كتبه الكاتب فالمكتوب كلام الله، و هو في هذه المواضع كلها حقيقة ليس بمجاز فهو هو القرآن كلام الله مقروء بالألسن محفوظ في الصدور مسموع بالآذان مكتوب في المصاحف، و هو في هذه المواضع كلها حق ليس بمجاز لأنه لو كان مجازا لصح نفيه، و قيل ما قرأ القارئ كلام الله ما سمع السامع كلام الله ما حفظ الحافظ كلام الله، هذا باطل لا يتوجب أن نقول ذلك،  فدل على أنه حقيقة كلام الله مسموع حقيقة مقروء حقيقة محفوظ حقيقة مكتوب حقيقة، و أهل السنة لهم أدلة كثيرة سيذكر المؤلف -رحمه الله- شيئا منها، و أهل البدع لهم شبه،  شبه شرعية و شبه عقليه المعتزلة و الأشاعرة و غيرهم من أهل البدع، و أهل السنة يردون عليهم في الكتب المطولة نعم

(المتن)

وروى عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ، مِنَ النَّعَمِ مِنْ عُقُلِهِ.

و هو مكتوب في المصاحف .

(الشرح)

اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا يعني: خروجا أشد خروجا التقصي الخروج والتخلص، و الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه و البخاري أيضا و أحمد و الدارمي و غيرهم.

و الحديث فيه الحث على قراءة و استذكار القرآن اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ، قوله اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ، دل على أن القرآن محفوظ في الصدور يستذكره الإنسان،  فدل على أن الحافظ يحفظ كلام الله ولهذا يستذكره، يستذكره حتى لا ينساه فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ، مِنَ النَّعَمِ. يعني :الأبلمِنْ عُقُلِهِ. وفي اللفظ الآخر: مِنْ عُقُلِهَا يعني: الأبل إذا كانت معقلة، و معقلة يعني: مربوطة أيديها بالعقال، البعير إذا برك يؤتى بحبل و يربط فيه ركبة البعير ترد على فخذه و  تربط بالركبة الثانية حتى لا يتفلت، فالإبل إذا كانت معقلة في مكان و احد تتفلت يقوم واحد يحرك يده حتى ينفلت العقال ثم إذا رآه الثاني قام تفلت حتى ينفلت العقال ثم ينفلت برجل الأخرى ثم تنطلق، تتفلت ، فالنبي ﷺ شبه تفلت القرآن من الصدور مثل تفلت الإبل المعقلة تتفلت شيئا بعد شيء، لكن إذا كان عندها صاحبها تعاهدها إذا تفلت يربطه ثبتت بمكانها،  كذلك الإنسان إذا كان يستذكر القرآن بقي و إذا كان لا يستذكره نسي.

و الشاهد قال أن النبي ﷺ: اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ، دل على أن القرآن محفوظ في الصدور وهو مكتوب.

(المتن)

وهو مكتوب ف المصاحف منظور بالأعين قال الله وَالطُّورِ ۝ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ ۝ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ و قال إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ۝ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ۝ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ.

(الشرح)

و هو يعني: القرآن مكتوب في المصاحف، القرآن مكتوب في المصاحف منظور بالأعين ، كما أنه مقروء بالألسن و مسموع بالآذان، في المواضع في هذه المواضع كلها حقيقة مكتوب في المصاحف استدل عليه  بقول الله تعالى وَالطُّورِ ۝ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ ۝ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ،  وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ وهو القرآن في رَقٍّ يعني: جلد مَنْشُورٍ، يعني: مكتوب برق.

و قال عز وجل:  إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ۝ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ يعني: مكتوب في كتاب، فدل على أن القرآن مكتوب في المصاحف. إذاً المصاحف فيها كلام الله.

وفيه الرد على الأشاعرة الذين يقولون: إن المصاحف ما فيه كلام الله الأشاعرة يقولون: ما فيه كلام الله لكن المكتوب في المصاحف عبارة عن كلام الله عباره عبر بها عن كلام الله، أين كلام الله ؟كلام الله يكون في نفسه ما يسمع في نفسه، إذا كيف كتب في المصاحف؟ قالوا: هذا ليس كلام الله بل هو عبارة ودليل على كلام الله عبارة عبر بها جبريل أو عبر بها محمد ﷺ عما في نفس الله، و إلا فليست المصاحف كلام الله.

وهذا من أبطل الباطل، المصاحف فيها كلام الله، و لهذا قال الله تعالى: وَالطُّورِ ۝ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ ۝ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ۝ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ۝ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ. كما أن القرآن مسموع بالآذان مقروء بالألسن مكتوب محفوظ في الصدور ، كذلك مكتوب في المصاحف منظور بالأعين أيضا، الإنسان ينظر بعينه كلام الله إذا فتح المصحف و قرأ فهو ينظر كلام الله، و إذا قرأه فهو يقرأ كلام الله و إذا سمعه فهو يسمع كلام الله وإذا كتبه فهو يكتب كلام الله، و هو في هذه المواضع كلها حق، هذا هو الصواب، خلافا لأهل البدع، الذي عليه أهل السنة والجماعة كما دلت عليه النصوص

(المتن)

وروى عبد الله بن عمر أن النبي ﷺ نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو .

(المتن)

وهذا حديث عبد الله بن عمر، رواه الشيخان البخاري -رحمه الله- في صحيحه  في كتاب الجهاد، و مسلم في كتاب الإمارة، و أخرجه أيضا أبو داود و ابن ماجة و الإمام مالك و أحمد في المسند، و اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد أهل السنة وغيرهم.

و قوله: "مخافة أن يناله العدو" هذه العبارة من قول الإمام مالك كما ذكر ذلك أبو داود ليست من الحديث "نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو" -هذا الحديث- "مخافة أن يناله العدو"، -هذه زيادة من الإمام مالك مدرجة-.

و الشاهد من حديثه أن النبي ﷺ نهى أن يسافر بالقرآن يعني: بالمصحف فدل على أن المصحف فيه القرآن، أن القرآن في المصحف.

و فيه الرد على الأشاعرة الذين يقولون أن المصحف ليس فيه القرآن، و إنما هو عبارة عن القرآن و لذلك -و العياذ بالله- بعضهم بعض ولاتهم و فساقهم يهين المصحف و يدوسه بقدمه يقول ما فيه كلام الله -نعوذ بالله- نهى النبي ﷺ أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، أرض العدو يعني: بلاد الكفار نهى النبي ﷺ أن يسافر بالقرآن إلى بلاد الكفار لماذا؟ قال الإمام مالك: مخافة أن يناله العدو، خوفا  من أن يمتهنوه، نُهي أن يسافر بالمصحف إذا سافر إلى بلاد الكفار حتى لا تمسه أيديهم فلا يهينوه.

لكن الآن في العصر الحاضر نجد المصحف في بلاد الكفار، الآن المصاحف موجودة في بلاد الكفار الآن، و أيضا هم أيضا يقرؤون القرآن في إذاعاتهم بل يستفتحون في إذاعاتهم القرآن، اختلفت الحال الآن فصار الآن ما يخشى عليه، النبي ﷺ الحديث هذا مقيد يعني: عله نهى أن يسافر بالقرآن العلة لأن لا تناله أيديهم الآن صارت تناله أيديهم ليس باختيارنا الآن، ما هو باختيارنا الآن هم أخذوه منذ أزمنة طويلة، وهو عندهم الآن المصاحف موجودة عند الكفار و يقرؤونه في إذاعاتهم، و القرآن محفوظ ويغفر الله، و المهم أنه الآن لا يخشى عليه الآن، و لكن هذا ليس بأيدينا الآن أخذه من أيديهم ليس بأيدينا، الآن بين أيديهم المصاحف عندهم و الأشرطة عندهم وهو يقرأ في الإذاعات، لكن هذا وجه الحديث، وجه الحديث أن النبي ﷺ نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن تناله أيديهم، أن يناله  العدو فيمتهنوه.

و الشاهد قوله أن يسافر بالقرآن، فدل على أن المصحف فيه كلام الله فيه رد على الأشاعرة الذين يقولون ليس في المصحف كلام الله .

(المتن)

وقال عثمان بن عفان ما أحب أن يأتي علي يوم و ليلة حتى أنظر في كلام الله يعني القراءة في المصحف .

(الشرح)

و هذا الأثر أثر عثمان بن عفان الخليفة الراشد، وهو رواه البيهقي وفي لفظ: "لو أن قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربنا و أني لأكره أن يأتي علي يوم لا أنظر في المصحف"  هذا ذكره البيهقي في الأسماء و الصفات.

و الشاهد قوله "حتى أنظر في كلام ربي" فدل على أن كلام الله منظور في المصاحف، الإنسان إذا قرأ في المصحف ينظر إلى كلام الله كما أنه يقرأ كلام الله فهو ينظر كلام الله، فهذا أثر عثمان بن عفان  فيه دليل على أن المصحف فيه كلام الله ينظره القارئ، من فتح المصحف فهو ينظر كلام الله، كما أن من قرأ فهو يقرأ كلام الله، وكما أن من سمع من القارئ فهو يسمع كلام الله، وكما أن من كتب القرآن فهو يكتب كلام الله، وهو في المواضع هذه المواضع كلها حقيقة .

(المتن)

وقال عبد الله بن أبي مليكة كان عكرمة بن أبي جهل يأخذ المصحف فيضعه على وجهه فيقول: كتاب ربي و كلام ربي .

(الشرح)

وهذا عبدالله بن أبي مليكة، هذا من التابعين -رحمه الله- يقول: كان عكرمة بن أبي جهل وهو عمرو بن هشام بن المغيرة بن عمر المخزوم القرشي المخزومي، أسلم عام الفتح و أبلى في حروب الردة بلاء حسنا، قيل أنه كان فيه خلافة أبي بكر كان يأخذ المصحف فيضعه على وجهه فيقول: كتاب ربي ، وهذا اجتهاد منه جاء أظن في ترجمته يدل على أنه ربما قبل المصحف، و بعضهم يقبل المصحف و يقول: كلام ربي يقبله يقبل المصحف هنا بأنه وضعه على وجهه، و هذا اجتهاد منه .

و بعض العامة الآن تجده إذا أخذ المصحف قبله و وضعه على جبهته، هذا جاء من فعل عكرمة بن أبي جهل و لم يرد عن النبي ﷺ أنه فعل شيئا من ذلك و لا من كبار الصحابة أنهم فعلوا شيئا من ذلك، فالأولى ترك ذلك، وضعه على الجبة أو تقبيله الأولى تركه، المهم العمل به، المهم العمل به، لو قبله الإنسان و هو ما يعمل به  ما فاده التقبيل المهم العمل،  العمل بهذا القرآن تنفيذ أحكامه و تصديق أخباره، هذا هو الذي ينفع الإنسان أن يصدق أخباره و ينفذ أحكامه يمتثل الأوامر و يجتنب النواهي ويزدجر بزواجره و يتعض بمواعظه، و يقف عند حدوده و يعمل بمحكمه و متشابهه، هذه هي التلاوت الحقيق، التي تنفع الأنسان الله قال تعالى الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ.

التلاوة نوعان: تلاوة حكميه و تلاوة لفظيه. التلاوة اللفظية تقرأ القرآن هذه عبادة ، لكن التلاوة التي عليها مدار السعادة و الشقاوة التلاوة الحكمية وهي تنفيذ أحكامه و تصديق أخباره، هذه التي عليها مدار السعادة، أما كون الإنسان يقبله أو يضعه على جبهته و لا يعمل به هذا ما يفيد هذا اجتهاد من عكرمة .

(المتن)

و أجمع أئمة السلف و المقتدى بهم من الخلف على أنه غير مخلوق و من قال: مخلوق فهو كافر .

(الشرح)

يقول المؤلف رحمه الله: أجمع أئمة السلف و المقتدى بهم من الخلف على أنه غير مخلوق على أنه القرآن غير مخلوق و من قال مخلوق فهو كافر هذا قال به أئمة السلف قال به المقتدى بهم من الخلف، و لا عبرة بأهل البدع الذين قال فيهم من قال القرآن مخلوق فهو كافر كما أن من أنكر من أنكر رؤية الله فهو كافر.

وهذا -كما سبق- على العموم حكم على العموم يقال من قال القرآن مخلوق فهو كافر أما شخص معين فلا بد من قيام الحجة عليه ما يكفر حتى توجد الشروط و تنتفي الموانع، فإذا وجدت الشروط وانفت الموانع حكمه حكم المحدث  لأنه قد يكون الشخص المعين جاهل ما يدري، قد يكون تكلم بكلام ما يفهم معناه، قد يكون أسلم دخل في الإسلام من جديد ما يعلم الحكم، قد يكون شبه عليه و لبس عليه، فالشخص المعين ما يكفر إلا بعد قيام الحجة عليه، لكن هذا على العموم من قال القرآن مخلوق فهو كافر، هذا حكم على العموم، من أنكر رؤية الله فهو كافر .

(المتن)

وقال علي بن أبي طالب في القرآن: ليس بخالق ولا مخلوق و لكنه كلام الله منه بدأ و أليه يعود.

(الشرح)

هذا الأثر عن علي يقول: كلام الله في القرآن ليس بخالق و لا مخلوق، و لكنه كلام الله ، يعني: صفة من صفاته القرآن صفة الله ليس خالق و لا مخلوق الله تعالى هو الخالق بذاته و صفاته، أما الكلام فهو صفة الله ليس بخالق، و لكنه كلام الله منه بدأ و إليه يعود، يعني: منه بدأ -وفي لفظ سيأتي- منه بدأ ومنه خرج و إليه يعود، يعني: أن القرآن بدأ من الله يعني: الله تكلم به و إليه يعود، يعني: يرفع القرآن في آخر الزمان من الصدور و من السطور.

قال الإمام أحمد -رحمه الله-: كلام الله من الله ليس ببائن منه، قول الإمام أحمد كلام الله من الله ليس ببائن منه، شيخ الإسلام -رحمه الله- بين معنى كلام الإمام أحمد قال: هذا معنى قول الإمام أحمد: هو معنى قول السلف القرآن كلام الله منه بدأ ومنه خرج و إليه يعود، يقول: و ليس معنى قول السلف و الأئمة إنه  منه خرج ومنه بدأ أنه خرق ذاته و حل بغيره فإن كلام المخلوق إذا تكلم به لا يفارق ذاته و يحل بغيره، فكيف يكون كلام الله لكن مقصود السلف الرد على الجهمية الذين يزعمون أن القرآن خلقه الله في غيره فيكون قد ابتدأ و خرج من ذلك المحل الذي خلق فيه لا من الله كما يقولون كما تقول الجهمية كلام الله لموسى خرج من الشجرة فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى قالو إن  الكلام خرج من الشجرة و هو مخلوق فالشجرة و الشجرة هي التي قالت أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ هل يقول هذا عاقل مسلم؟" فبين السلف والأئمة  أن القرآن من الله بدأ و خرج، فقولهم: أنه بدأ أي أن الله تكلم به وليس مخلوقا في غيره خرج من غيره و إليه يعود يوم القيامة، قيل في آخر الزمان وهو من أشراط الساعة الكبار إذا ترك الناس العمل بهذا القرآن رفع في آخر الزمان وهو من أشراط الساعة، بعد خروج المهدي و الدجال، و يأجوج ومأجوج ونزول عيسى بن مريم، تتابع أشراط الساعة منها الدخان و منها طلوع الشمس من مغربها ومنها الدابة و منها نزع القرآن من المصاحف و من صدور الرجال إذا ترك الناس العمل به، -نعوذ بالله- ينزع من صدورهم و من مصاحفهم فيصبحون لا يجد أحد في صدره آية، و لا في المصاحف شيء، و لا في المصاحف -نعوذ بالله- في آخر الزمان هذا معنى منه بدأ و إليه يعود .

(المتن)

وقال عبد الله بن عباس و عبد الله بن مسعود: القرآن كلام الله منه بدأ و إليه يعود.

(الشرح)

و هذا أيضا أثر عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود، مثل أثر علي بن أبي طالب القرآن كلام الله منه بدأ و إليه يعود، و في هذا رد على الجهمية الذين يقولون أنه مخلوق و  المعتزلة أنه مخلوق في غيره .

( المتن)

و روي عن سفيان بن عيينة قال: سمعت عمر بن دينار يقول: أدركت مشايخنا و الناس منذ سبعين سنة يقولون: القرآن كلام الله منه بدأ و إليه يعود. رواه محمد بن جرير بن يزيد الفقيه و هبة الله بن الحسن بن منصور الحافظ الطبريان في كتاب السنة لهما و قد أدرك عمر بن دينار أبا هريرة و ابن عباس و ابن عمر.

(الشرح)

و هذا الأثر عن سفيان بن عيينة الإمام المعروف قال: سنة عمر بن دينار كالإمام الكبير المعروف فيقول: أدركت مشايخنا عمر بن دينار و الناس منذ سبعين سنة يقولون: القرآن كلام الله منه بدأ و إليه يعود، رواه محمد بن جرير هو الإمام المفسر المعروف شيخ المفسرين و هبة الله بن الحسن أيضا كذلك الطبري لهما كتابان في كل منهما له كتاب في العقيدة، و رويا هذا في كتابيهما كتاب السنة لهما أن القرآن كلام الله منه بدأ و إليه يعود.

يقول المؤلف: وقد أدرك عمر بن دينار يعني: بعض الصحابة و أدرك أبا هريرة و أدرك ابن عباس و أدرك ابن عمر وهو يقول: أدركت مشايخنا منذُ سبعين سنة، إذاً مشايخهم صحابة من الصحابة وكبار التابعين، مشايخ عمر بن دينار أدركهم يقولون: القرآن كلام الله منه بدأ و إليه يعود، و الصحابة أفضل الناس بعد الأنبياء، و كلامهم حجة إذا كلام الصحابي إذا لم يخالفه غيره فهو حجة .

(المتن)

واحتج أحمد على ذلك بأن الله كلم موسى فكان الكلام من الله والاستماع من موسى بقوله  وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي.

(الشرح)

احتج الإمام أحمد على ذلك يعني: على أن القرآن كلام الله و أن الكلام بدأ من الله احتج على ذلك بأن الله كلم موسى فكان الكلام من الله و الاستماع من موسى، احتج بقوله تعالى وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا وبقوله وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي. قوله وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي. إذاً الكلام من الله وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي. وبقوله  أيضا تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هذا حجة بأن القرآن بدأ من الله، احتج الإمام على ذلك بأن الله كلم موسى وكان الكلام من الله و الاستماع من موسى بقوله وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي. و أيضا الأدلة في هذا كثيرة، تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ أدلة كثيرة المؤلف ذكر ببعضها .

( المتن)

وروى الترمذي من رواية خباب بن الأرت أن النبي ﷺ قال: إِنَّكُمْ لَنْ تَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ بِأَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ يعني: القرآن.

(الشرح)

هذا الحديث ذكره المؤلف عن الترمذي عن خباب أن النبي ﷺ قال: إِنَّكُمْ لَنْ تَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ بِأَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ ، يعني: القرآن، الشاهد قول مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ دل على أن القرآن بدأ من الله لا من الشجرة،  كما تقول الجهمية أن الشجرة هي التي بدأ منها الكلام قوله تعالى: فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ۝ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الجهمية و الأشاعرة و المعتزلة يقولون: الكلام بدأ من الشجرة فالشجرة هي التي قالت: أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ -نسأل الله العافية- الشجرة تقول إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ هم يقولون: بدأ من الشجرة، العلماء أهل السنة يردون عليهم يقولون: أن القرآن بدأ من الله لَنْ تَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ بِأَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ ، المحقق يقول: لم أجد هذا الحديث في سنن الترمذي و لكن وجد فيه رواية مقاربة رواية عن أبي أمامة بلفظ: مَا تَقَرَّبَ العِبَادُ إِلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَا خَرَجَ مِنْهُ و الروايات الأخرى عن جبير بن نفيل: إِنَّكُمْ لَنْ تَرْجِعُوا إِلَى اللَّهِ بِأَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ يعني: القرآن و يقول: إن هذا الحديث حديث جبير عزاه شيخ الإسلام بن تيمية إلى الإمام أحمد .

(المتن)

ونعتقد أن الحروف المكتوبة و الأصوات المسموعة عين كلام الله لا حكاية و لا عبارة، قال الله : الم ۝ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ وقال: المص ۝ ​​​​​​​كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ وقال: الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِوقال المر وقال كهيعص،  حم ۝ عسق فمن لم يقل عن هذه الأحرف عين كلام الله ​​​​​​​ فقد مرق من الدين و خرج عن جملة المسلمين و من أنكر أن يكون حروفا فقد كابر العيان و أتى بالبهتان.

(الشرح)

يقول المؤلف -رحمه الله- و نعتقد يعني: معشر أهل السنة و الجماعة و نعتقد يعني: نحن أهل السنة و الجماعة أن الحروف المكتوبة و الأصوات المسموعة عين كلام الله لا حكاية و لا عبارة،  هذا عقيدة أهل السنة و الجماعة نعتقد أن الحروف المكتوبة هي كلام الله، الحروف المكتوبة في المصاحف هي كلام الله و الأصوات المسموعة هي كلام الله، الصوت صوت القارئ و المسموع كلام الله، "الصوت صوت القارئ و الكلام كلام  الباري" فنعتقد أن الحروف المكتوبة هي كلام الله، قال الذي ينظر في المصحف ينظر في كلام الله و الأصوات المسموعة كلام الله و الذي يسمعه السامع كلام الله، و إن كان الصوت صوت القارئ، عين كلام الله لا حكاية و لا عبارة، قصد المؤلف هنا: الرد على أهل البدع الذين يقولون  أن الحروف و الأصوات حكاية عن كلام الله و هذا يقوله الكلابية أتباع عبد الله بن سعيد كلاب يقولون: الحروف و الأصوات ليست كلام الله و إنما هي حكاية عن كلام الله و قالت الأشاعرة: الحروف و الأصوات عبارة عن كلام الله و كل من القولين باطل، و الحكاية و العبارة متقاربان،  و مذهبهم أن الحروف و الألفاظ ليست كلام الله سواء سميت حكاية و سميت عبارة،  فيقول: فإذاً ماذا  يكون كلام الله عندهم المعنى أما الحروف و الأصوات و الألفاظ ليست كلام الله، و المصاحف ليس فيها كلام الله أين كلام الله؟ يقولون: كلام الله معنى نفسي قائم في نفس الرب لا يسمع، كما أن العلم قائم بنفسه فالكلام قائم بنفسه يعني مثل العلم وهذا باطل، المؤلف رده قال: نعتقد معشر السنة و الجماعة أن الحروف المكتوبة و الأصوات المسموعة  عين كلام الله  لا حكاية و لا عبارة، لا حكاية كما يقولون الكلابية يقولون: الحروف و الأصوات حكاية و الألفاظ، و لا عبارة كما يقولون الأشاعرة.

ثم استدل المؤلف -رحمه الله- بالآيات للرد عليهم، قال الله الم ۝ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ  وجه الدلالة قال: ذلك الكتاب و الكتاب الآن حروف،  حروف مكتوبة أمامنا، قال: ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ  و الكلام لله و قال المص ۝ ​​​​​​​كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ  إذا الكتاب الذي أنزل إلى النبي ﷺ هو كلام الله و الكتاب الذي أنزل فيه حروف و ألفاظ و قال المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ و الكتاب فيه حروف و قال: المر وقال: كهيعص، وقال: حم ۝ عسق  وهذا كلام الله و هو حروف.

يقول المؤلف: فمن لم يقل أن هذه الأحرف عين كلام الله فقد مرق من الدين مرق من الدين و خرج عن جملة المسلمين، يعني: يقول من أنكر أن يكون الحروف فيه كلام الله فقد مرق من الدين يعني: خرج من الدين و خرج عن جملة المسلمين يعني خالف المسلمين، مرق من الدين يعني: معناها أنها مخلوقة ومن قال: القرآن مخلوق فهو كافر كما قال العلماء: لكن الأشاعرة يقولون: نصف القرآن مخلوق نصفه مخلوق و نصفه غير مخلوق نصفه مخلوق و هو الحروف و الألفاظ و نصفه غير مخلوق و هو المعنى، أما المعتزلة يقولون: مخلوق حروفه و معانيه ألفاظه و معانيه مخلوقة و الأشاعرة يقولون: لا الحروف مخلوقة و المعاني كلام الله ليس بمخلوقة.

ومن قال و من أنكر أن يكون حروفا فقد كابر العيان و أتى ببهتان، يقول: من أنكر أن يكون حروفه من أنكر أن يكون القرآن  حروف فقد كابر العيان يعني معاين، الآن إذا فتحت المصحف تعاين ماذا تعاين الحروف، فالذي يقول ليس كلام الله كابر العيان كابر  الحس و أتى بالبهتان ، و يقصد من هذا المؤلف -رحمه الله- الرد على الأشاعرة الذين و كذلك الكلابية الذين يقولون: القرآن عبارة عن كلام الله أو حكاية عن كلام الله، و كلام الله إنما هو معنى نفسي يقوم بنفس الرب وهذا من أبطل الباطل .

( المتن)

وروى الترمذي من طريق عبد الله بن مسعود عن رسول الله ﷺ أنه قال: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ  فَلَهُ عَشرُ حَسَنَاتٍ قال الترمذي: هذا حديث صحيح، ورواه غيره من الأئمة، و فيه أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ الم​​​​​​​ حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ.

(الشرح)

و هذا الحديث رواه الترمذي في كتاب فضائل القرآن،  وفيه أنه قال: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ  فَلَهُ عَشرُ حَسَنَاتٍ  فيه إثبات بأن القرآن حروف، فيه الرد على الأشاعرة و الكلابية الذين يقولون: الحروف ليست كلام الله، يقول: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ  -وفي رواية غيره- أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ الم​​​​​​​ حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ. فإذا قرأ المسلم الم​​​​​​​ هذه ثلاث حروف  بثلاثين حسنة كل حرف بعشر حسنات الم​​​​​​​ ثلاثين حسنة إذا تقبل الله .

( المتن)

 وروى يعلى بن مالك عن أم سلمة أنها نعتت قراءة رسول الله ﷺ فإذا هي تنعت قراءة مفسرة، حرفا حرفا، رواه أبو داود و أبو عبد الرحمن النسائي و أبو عيسى الترمذي و قال حديث حسن صحيح غريب.

(الشرح)

وهذا  الحديث كما ذكر المؤلف رواه أبو  داود و النسائي و الإمام أحمد في مسنده و البخاري في خلق أفعال  العباد و النسائي في فضائل القرآن، و فيه أن أم سلمة نعتت يعني: وصفت النعت الوصف وصفت قراءة رسول الله ﷺ، فإذاً هي تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا يعني النبي ﷺ ما يسرع و إنما يقف على رؤوس الآية  الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۝ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ تنعتها حرفا حرفا مفسرة، وهذا فيه الرد على من أنكر أن يكون القرآن حروفا من الأشاعرة و الجهمية والكلابية و غيرهم .

(المتن)

وروى سهل بن سعد الساعدي قال: بينما نحن نقتري إذ خرج علينا رسول الله ﷺ فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ كِتَابُ اللهِ وَاحِدٌ، فِيكُمُ الْأَحْمَرُ وَالْأَسْوَدُ، اقْرَأُوا الْقُرْآنَ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ أَقْوَامٌ يَقْرَأُونَهُ، يُقِيمُونَ حُرُوفَهُ، كَمَا يُقَامُ السَّهْمُ، لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَتَعَجَّلُونَ أَجْرَهُ، وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ رواه أبو بكر الآجري و أئمة غيره .

(الشرح)

هذا الحديث رواه أبو بكر الآجري في أخلاق حملة القرآن، رواه أبو داود في السنن بإسناد جيد، وفيه قول أن النبي ﷺ قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ كِتَابُ اللهِ وَاحِدٌ، فِيكُمُ الْأَحْمَرُ وَالْأَسْوَدُ، اقْرَأُوا الْقُرْآنَ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ أَقْوَامٌ يَقْرَأُونَهُ، يُقِيمُونَ حُرُوفَهُ، كَمَا يُقَامُ السَّهْمُ، لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَتَعَجَّلُونَ أَجْرَهُ، وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ​​​​​​​ يعني أنه لا يقبل منهم  يقيمون حروفه إقامة السهم يعني: يقرؤونه قراءة مجودة لكن لا يقبل منهم لا يجاوز تراقيهم الترقوة العظم الذي الفوق الكتف ما يجاوز الترقية التراق غير مقبول منهم -نسأل الله العافية- لعدم إخلاصهم و لهذا قال يَتَعَجَّلُونَ أَجْرَهُ، وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ​​​​​​​، يأخذون أجرهم مقدما في الدنيا مثل المال قال يأخذون المال مقابل القراءة هذا أجرهم ولا يتأجلونه ما يطلبون الأجل المؤجل وهو الثواب عند الله و إنما يتعجلونه يأخذون أجره مقدما، وهم يجودونه ويقرؤونه قراءة مجودة، يقيمونه إقامة كإقامة السهم لكنه لا يجاوز تراقيهم، لعدم إخلاصهم لأنهم قصدوا بذلك الدنيا، وهم يتعجلون أجره و لا يتأجلونه.

وفيه تحذير من القراءة من أجل الدنيا تحذير من أن يريد الإنسان بعمل الآخرة، الدنيا.

و الشاهد من الحديث قوله: يُقِيمُونَ حُرُوفَهُ فأثبت أن القرآن حروف أثبت أن القرآن حروف و أثبت أن القرآن يقرأ و أن ما يقرأه القارئ كلام الله و أن ما يسمعه السامع كلام الله و أن كلام الله حروف فيه الرد على من أنكر أن كلام الله حروف من الأشاعرة و الكلابية .

(المتن)

وروي عن أبي بكر و عمر رضي الله عنهما أنهما قالا: إعراب القرآن أحب ألينا من حفظ بعض حروفه .

(الشرح)

وهذا الحديث أورده قدامة رحمه الله في المناظرة التي جرت بينه و بين بعض أهل البدع، وفيه قال: وهذا الأثر عن أبي بكر و عمر أنهما قالا: إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه يعني كون الإنسان يجود القراءة ويقرأ قراءة مجودة أو مرتله أحب إليه من كونه يحفظ بعض الحروف وهو  لا يقرأ قراءة مجودة ولا يتأمل معانيها وعلم القرآن و يتفهم معانيه و يحفظ بعض الآيات أولى من كونه يحفظ آيات كثيرة وهو لا يعربها ، كونه يعربها و يتأملها و يجودها و يتفهم معانيها أولى من كونه يحفظ آيات كثيرة لا يعربها.

وهذا مثل ما قال عبد الرحمن السلمي التابعي الجليل: تركنا مشايخنا الذين يقرؤون القرآن عثمان بن عفان و عبد الله بن مسعود، قالوا : كنا لا نتجاوز عشر آيات حتى نتعلم معانيها و العمل بها قالوا: فحفظنا العلم و العمل جميعا أو فتعلمنا العلم و العمل جميعا، يعني :كون الإنسان يتفهم الآيات التي يقرآها و يتفهم معانيها و يتدبرها و يجودها أحسن من كونه يحفظ آيات كثيرة من غير إعراب و من غير تفهم.

و الشاهد قوله من حفظ بعض حروفه فأثبت أن القرآن حروف فيه الرد على من أنكر أن يكون القرآن حروف من الأشاعرة و الكلابية .

(المتن)

وروى أبو عبيد في فضائل القرآن بإسناده قال: سئل علي ​​​​​​​ عن الجنب يقرأ القرآن فقال: لا و لا حرفا.

(الشرح)

و هذا أخرجه بن أبو شيبة في مصنفه، و ابن قدامة في كتاب القرآن، قال: سئل علي عن الجنب يقرأ القرآن فقال لا و لا حرفا، يعني: القرآن الجنب لا يقرأ القرآن، و لكن غير الجنب يقرأ القرآن عن ظهر قلب ولو كان محدثا، أما الجنب فلا و لا و في اللفظ المعروف في الأثر عن الجنب أنه قال أما الجنب فلا ولا آية، و هنا قال: فلا ولا حرفا، قال هذه الرواية.

و الشاهد إثبات الحرف و أن القرآن حروف وهذه المسألة مختلف فيها بين أهل العلم قراءة القرآن للجنب مشهور عند جمهور العلماء أن الجنب لا يقرأ القرآن حتى يغتسل، أما إذا لم يكن عليه جنابة كان مثل  الحدث الأصغر فله أن يقرأ القرآن بدون مس المصحف  أما المصحف فلا يمسه حتى يتوضأ، لكن عن ظهر قلب فلا بأس.

و أما الحائض و النفساء ففيهما خلاف فالجمهور أيضا قاسوا الحائض و النفساء على الجنب فقالوا: الحائض و النفساء لا تقرأان القرآن و استدلوا و قاسوها على الجنب و استدلوا بحديث ضعيف، و الصواب: القول الثاني و هو أن الجنب و الحائض تقرآن القرآن عن ظهر قلب ولا يقاس ولا  يقاسان على الجنب لأن الجنب مدته قليله و الجنب يستطيع أن يغتسل و يقرأ القرآن، لكن الحائض و النفساء لا تستطيعا و مدتهما تطول، قد تكون مدة النفاس أربعين يوما قد تكون حافظة لقرآن تنسى القرآن، قد تكون مدرسه تدرس أو طالبة فهي تحتاج فالصواب أنها لها أن تقرأ عن ظهر قلب، و لكن الصحيح أن تلبس قفازين فتقرأ، لأن الحديث ضعيف و قياسها على الجنب لا يقاس على الحائض، أما الجنب فالصواب أنه لا يقرأ القرآن حتى يغتسل، و قال بعض العلماء: له أن يقرأ القرآن.

 لعل نقف على هذا ما ذكر المدة عشر دقائق طيب نقف على هذا..... الأسئلة.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد