بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبده ورسوله نبينا محمد و آله و صحبه أجمعين .
(المتن)
قال رحمه الله:
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين أما بعد:
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- ثم الإيمان بأن لرسول الله ﷺ حوضا ترده أمته كما صح عنه يعني يجب الإيمان بالحوض وهو في موقف القيامة، الحوض لنبينا ﷺ في موقف القيامة، حوض طويل، طُولُهُ مَسَافَةَ شَهَرٍ، وَعَرضُهُ مَسَافَةَ شَهَرٍ، كما جاء في الأحاديث أَوَانِيهِ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ، يَصُبُّ فِيهِ مِيزَابَانِ مِن نَهرِ الكَوثَرِ فِي الجّنَّةِ.
و حوض نبينا ﷺ في موقف القيامة جاء في الأحاديث متواترة الأحاديث المتواترة في إثبات الحوض، كما أن الأحاديث في إثبات الشفاعة متواترة و أنكرها الخوارج و المعتزلة مع أنها متواترة والأحاديث المتواترة في السنة قليل، الأحاديث المتواترة في السنة قليله تقارب أربعة عشر أو خمسة عشر حديثا، و إلا فالسنة كلها ثبتت في الآحاد وخبر الآحاد يشمل الغريب و العزيز و المشهور، ما رواه أقل من عدد التواتر فهو خبر آحاد، و خبر الآحاد إذا صح السند و عدلت الرواة و لم يكن فيه علة و لا شذوذ فإنه مقبول صحيح، صحيح يعمل به في العقائد وفي الأعمال و في الأخلاق و في كل شيء خلافا لأهل البدع الذين يطعنون في خبر الآحاد و و الحوض من الأحاديث المتواترة و الأحاديث المتواترة قليلة، - كما سبق منها أحاديث الحوض، و منها أحاديث الشفاعة، و منها أحاديث مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا، و منها أحاديث مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.
يقول المؤلف -رحمه الله- و أنه كَمَا بَيْنَ عَدَنَ إِلَى عَمَّانَ الْبَلْقَاءِ، و البلقاء بلدة في فلسطين تنسب إلى البلقاء لقربها منها وروي مِن مَكَةَ إِلَى بَيتِ المَقدِسِ ، -و بألفاظ أخر- يعني: حديث الحوض يأتي ألفاظ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَكوَابُهُ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ كل هذا جاء في الأحاديث ولهذا قال رواه عبد الله بن عمر رواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد أهل السنة و عبد الله بن عمر ورواه أحمد في الطبراني و أبي بن كعب أيضا عبد الله أحاديث عبد الله بن عمر متفق عليه البخاري و مسلم و أبي بن كعب، كذلك رواية عند أبي عاصم في السنة و أبو ذر أيضا روايته عند مسلم، و ثوبان مولى رسول الله ﷺ حديثه عند مسلم و أبو أمامة الباهلي أيضا حديثه عند أحمد في المسند و السنة لابن أبي عاصم و وهذا الأحاديث التي جاءت في تحديد الحوض بعضها كما سبق من عدن إلى عمان البلقاء و بعضها من مكة إلى بيت المقدس و بعضها إلى أذرح، بين جرباء و أذرح و هذا الاختلاف ليس فيها اعتراض هذا الاختلاف إنما لا يدل على التعارض و إنما هذا من اختلاف التقديم، لأنه هذا وقع في أحاديث متعددة و ليس في حديث واحد كما بين ذلك القاضي عياض و كذلك القرطبي يقول -رحمه الله- ظن بعض الناس أن هذه التحديدات في أحاديث الحوض اضطراب و اختلاف، و ليس كذلك و إنما تحدث النبي ﷺ بحديث الحوض مرات عديدة و ذكر فيها تلك الألفاظ المختلفة مخاطبا كل طائفة بما كانت تعرف من المسافات و مواضعها فيقول: مثلا لأهل الشام ما بين أذرح و جرباء و لأهل اليمن من صنعاء إلى عدن، و هكذا و تارة يقدر بالزمان، يقدره النبي ﷺ بالزمان فيقول مسيرة شهر، ذكر ابن أبو العزة الحنفي في حديث الطحاوية يقول: الذي يتلخص في حديث الواردة في صفة الحوض أنه حوض عظيم و مورد كريم يمد من شراب الجنة من نهر الكوثر الذي هو أشد بياضا من اللبن و أبرد من الثلج و أحلى من العسل و أطيب ريحا من المسك وهو في غاية الأتساع عرضه و طوله سواء كل زاوية من زواياه مسيرة شهر، و يقول ابن أبي العز أن الخوارج و المعتزلة أنكروا الحوض، يقول: فأخلق بهم أن يذادوا عن الحوض و يطردوا عنه، وجاء في بعض الأحاديث صحيح أن النبي ﷺ قال: أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ وقال لَيَرِدُ عَلَيَّ أَقْوَامٌ مِن أُمَّتِي أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي -و في لفظ- أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي؛ فَيُقَالُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُم لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي يعني بعدا بعدا فهذا يدل على أن الأعراب الذين ارتدوا بعض الأعراب و هذا بعض الأعراب الذين ارتدوا و لم يثبت الأيمان في قلوبهم و أما الصحابة رضوان الله عليهم ثبت الأيمان في قلوبهم فأن الله تعالى ثبتهم لكن بعض الأعراب الذين لم يثبت الأيمان في قلوبهم منهم المرتدون و المنافقون و الكفار كلهم هؤلاء لا يردون على الحوض يطردون و يبعدون نسأل الله السلامة و العافية .
(المتن)
(الشرح)
نعم الأيمان بعذاب القبر حق واجب كما قال المؤلف -رحمه الله- يجب الأيمان بعذاب القبر و نعيمه و اتساعه و تضييقه و سؤال منكر و نكير كله هذا ثبت في الأدلة في كتاب الله تعالى و سنة رسوله ﷺ من القرآن قول الله تعالى النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا، ثم قال: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ. فدل على أن العرض السابق هذا في البرزخ يعرضون عليها غدوا و عشيا، و قال : وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا ۙ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ هذا من دليل على عذاب القبر و من الأدلة على نعيمه قول الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ هذا نعيم هذا عند الموت لأن البرزخ يبدأ من حين الموت إلى قيام الساعة و كذلك أيضا من الأدلة قوله تعالى: وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ هذا دليل من عذاب القبر.
و من أدلة عذاب القبر حديث ابن عباس في الصحيحين إن النبي ﷺ مر بقبرين فقال إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَبرِئُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فقال لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا.
وكذلك أيضا حديث البراء بن عازب قصة قبض روح المؤمن و قبض روح الفاجر و أن المؤمن ينزل عليه ملائكة بيض الوجوه معهم حنط من الجنة و كفن من الجنة و الفاجر تأتيه ملائكة العذاب معهم المسوح في فيقبضون الأرواح ينتزعونها و المؤمن تخرج تسل كما تسل الشعرة من العجين، كل هذا ثبت في الأحاديث، و كذلك أيضا سؤال منكر و نكير يسألان الميت عن ربه و عن دينه و عن نبيه فيثبت الله الذين أمنوا بالقول الثابت و يضل الله الظالمين.
و لهذا ذكر العلماء عذاب القبر و نعيمه و أنه تواترت فيه الأخبار كما ذكره ابن أبي العز الحنفي رسالة الطحاوية يقول فعذاب القبر و نعيمه من الأمور الغيبية التي وردت بإثباتها النصوص الشرعية، فلا يسعنا إلا الإيمان بها و التسليم بمقتضاها، يقول ابن أبي العز و قد تواترت الأخبار عن رسول الله ﷺ في ثبوت عذاب القبر و نعيمه لمن كان لذلك أهل، و سؤال الملكين فيجب اعتقاد ثبوت ذلك و الإيمان به و لا يتكلم في كيفيته إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته لكونه لا عهد له في هذه الدار، و الشرع لا يأتي بما تحيله العقول و لكن قد يأتي بما تحار فيه العقول فإن عودة الروح للجسد ليس على وجه المعهود في الدنيا بل تعاد إليه الروح إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا، وجاء تسمية منكر ونكير جاء تسمية الملكين بمنكر و نكير، جاء بعض الأحاديث أنه إِذَا قُبِرَ المَيِّتُ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: الْمُنْكَرُ، وَلِلْآخَرِ: النَّكِيرُ.
و أثبت أهل السنة و الجماعة عذاب القبر و نعيمه و أنكر ذلك الجهمية، و الجهمية ملاحدة و لاسيما ولاتهم نسال الله السلامة فلا عبرة بخلافهم.
و لهذا يقول المؤلف: و الأيمان بعذاب القبر حق واجب و فرض لازم رواه عن النبي ﷺ علي بن أبي طالب و أبي أيوب وزيد بن ثابت و أنس بن مالك و أبو هريرة و أبو بكرة و أبو رافع و عثمان بن أبي العاص حديث علي بن أبي طالب رواه البخاري في صحيحه و مسلم في صحيحه ورواه الشيخان، و كذلك حديث أبي أيوب الأنصاري رواه البخاري في صحيحه، وكذلك زيد بن ثابت رواه مسلم في صحيحه، وكذلك حديث أنس بن مالك رواه البخاري في صحيحه، وأبو هريرة رواه البخاري في صحيحه كتاب الجنائز و أبو بكرة مطيع بن الحارث حديثه في مسند الإمام أحمد وفي مصنف بن أبي شيبة، و كذلك أبو رافع مولى رسول الله ﷺ حديث في الإمام مسلم و مسند ابن خزيمة و عثمان بن أبي العاص كذلك و عبد الله بن عباس حديثه في صحيح البخاري و مسلم في الصحيحين و كذلك جابر بن عبد الله في صحيح البخاري و صحيح مسلم أيضا وحديث عائشة عند البخاري أيضا و عند مسلم و كذلك حديث أسماء .
( المتن)
( الشرح)
والأيمان بأن الجنة و النار مخلوقتان لا تفنيان أبدا خلقتا للبقاء لا للفناء هذا هو معتقد أهل السنة و الجماعة.
أتفق أهل السنة و الجماعة على أن الجنة و النار مخلوقتان موجودتان الآن و أن خلقهما سبق خلق آدم عليه الصلاة و السلام.
و الأدلة على وجودهما الآن كثيرة من الكتاب و من السنة من الأدلة على وجود الجنة قول الله تعالى أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ من الدليل على وجود النار أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ، إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا.ومن الأدلة أوضح الأدلة على خلق الجنة قصة آدم و أن الله قال له وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ.
ومن السنة ما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ قال: إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ.
وكذلك أيضا من الأدلة على ثبوتهما ثبت في الأحاديث الصحيحة أن المؤمن يفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها و طيبها و الفاجر يفتح له باب إلى النار فيأتي له من حرها و من سمومها هي موجودة الآن، و فيها الولدان و فيها الحور.
و مما يدل على ذلك حديث الكسوف لما صلى النبي ﷺ في صلاة الكسوف تقدم و تقدمت الصفوف و صار كأنه يتناول شيئا ثم تأخر تكعكع و تكعكعت الصفوف فقالوا للنبي ﷺ: يا رسول الله بعد السلام رأيناك تقدمت و تأخرت! قال: إِنِّي رَأَيْتُ الجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ عُنْقُودًا، وَلَوْ أَصَبْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَأُرِيتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَاليَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ، و الحديث رواه البخاري في صحيحه في الكسوف.
و قالت المعتزلة و القدرية أن الجنة و النار الآن عدم ليست مخلوقتان الآن معدومتان و أنما تخلقان يوم القيامة، و قالوا: إن وجودهما الآن و لا جزاء عبث و العبث محال على الله، هكذا -و العياذ بالله -صار يحكمون عقولهم و يتبعون آراءهم و أهواءهم، يقولون: إن الجنة و النار كونها مخلوقتان الآن عبث وجودهما الآن و لا جزاء عبث، و العبث محال على الله و أنما تخلقان و تنشئان يوم القيامة و هذا باطل ،كما سيأتي من الأدلة التي دلت على أنها موجودة الأن، و من قال أنه أنهما لا فائدة منهما أرواح المؤمنين تنعم في الجنة و أرواح الكفار تنعم بالنار، فيفتح باب للميت إلى الجنة و يفتح باب إلى الفاجر إلى النار، ثم أيضا يعني كونها معده مهيأة غير كونه يقال أنها تخلق يوم القيامة، و لكن المعتزلة و القدرية يعملون بعقولهم يحكمون عقولهم و أراءهم الفاسدة.
وهما موجودتان باقيتان دائمتان لا تفنيان و ذهبت الجهمية إلى أنهما تفنيان يوم القيامة و هذا من أبطل الباطل، و نسب إلى بعض السلف أن الجنة باقية و لكن النار إذا مضى عليها مدة متطاولة تفنى و لكن هذا قول ضعيف مرجوح و الصواب أنهما دائمتان باقيتان دائمتان، و أما قول الجهمية أنهما تفنيان فهذا من أبطل الباطل هذا باطل صاح بهم أهل السنة و بدعوهم.
و قال أبو هذيل العلاف شيخ المعتزلة في القرن الثالث أنه تفنى حركات أهل الجنة تكون كالحجارة حركات تفنى حركات أهل الجنة و النار وتكون كالحجارة هذا من أبطل الباطل، هذه أقوال فاسدة.
و الصواب الذي عليه أهل الحق و الذي تدل عليه النصوص أن الجنة و النار دائمتان باقيتان لا تفنيان باقيتان بإبقاء الله لهما أبد الآباد .
(المتن)
(الشرح)
نعم يجب الأيمان بالميزان و أن و أنه ميزان حسي له كفتان عظيمتان، الكفة أعظم من أطباق السماوات و الأرض و له لسان.
و الأدلة على هذا كثيرة منها ما ذكره المؤلف الآية التي أستدل بها وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ، وقال سبحانه فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ وقال سبحانه فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ.
وفي الحديث الصحيح المتفق عليه حديث أبي هريرة أن النبي الله ﷺ قال إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَقَالَ: اقْرَءُوا: فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًا.
و ثبت في الصحيح أن ابن مسعود كان دقيق الساقين فكشفت الريح عن ساقيه فضحك الصحابة فقال النبي ﷺ: مِمَّ تَضحَكُونَ؟ قالوا: يا رسول الله من دقة ساقيه فقال النبي ﷺ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ.
وأهل السنة و الجماعة مجمعون على متفقون على إثبات الميزان و أنه ميزان حسي ومن الأدلة الحديث الصحيح و هو آخر حديث في صحيح البخاري كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فهو ميزان حسي له كفتان حسيتان توزن فيه أعمال العباد و توزن و يوزن فيه الأشخاص حسنها و سيئها.
و أنكرت المعتزلة الميزان أنكرت المعتزلة الميزان الحسي و قالوا: أنه ليس ميزانا حسيا، ليس هناك ميزان حسي و لكنه ميزان معنوي و المراد به العدل ما فيه ميزان و أنما المراد العدل و قالوا أنه ما يحتاج إلى الميزان إلا البقال و الفوال و أما الرب فلا يحتاج للميزان و تأولوا الميزان بأنه العدل المراد به العدل، و لهذا يقول الإمام أبو العز الحنفي فلا يلتفت إلى ملحد معاند يقول الأعمال أعراض لا تقبل الوزن و أنما يقوى الوزن الأجسام فإن الله يقلب الأعراض أجساما ويا خيبة من ينفي وضع الموازين القسط ليوم القيامة، كما أخبر الشارع لخفايا الحكمة عليه و يقدح فالنصوص بقوله لا يحتاج إلى الميزان إلا البقال و الفوال، و ما أحراه بأن يكون من الذين لا يقيم لهم الله يوم القيامة وزنا و لو لم يكن من الحكمة في وزن الأعمال إلا ظهور عدل الله إلا ظهور عدله سبحانه لجميع عباده، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ العُذْرُ مِنَ اللَّهِ؛ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَرْسَلَ الرُّسُلَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ. فكيف و وراء ذلك من الحكم ما لاطلاع لنا عليه.
اختلف العلماء هل هناك موازين متعددة أو أنه ميزان واحد هذا قولين من العلماء من قال أن هناك موازين لكل شخص ميزان و قيل أنه ميزان واحد ميزان عظيم كفتاه كأطباق السماوات و الأرض و أما قوله تعالى وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ فجمعت الموازين بالنسبة إلى الأعمال الموزونة كما أنه أختلف العلماء في حوض نبينا عليه الصلاة و السلام في موقف القيامة جاءت الأدلة بأن لكل نبي حوضا من الأنبياء ترد عليه أمته، و لكن حوض نبينا ﷺ أعظمها و و أعظمها و أكثرها واردا .
(المتن)
و الأيمان بأن الإيمان قول و عمل و نية يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية قال الله تعالى فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا و قال : لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ، وقال وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا.
وروى أبو هريرة عن النبي ﷺ قال: الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ و في رواية بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ و لمسلم و أبي داود فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأّذَى عَنِ الطَّرِيق.
(الشرح )
الأيمان الأيمان يسمى الأيمان عند أهل السنة والجماعة كما قال المؤلف قول و عمل و نية يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية هذا مسمى الإيمان، مسمى الإيمان عند أهل السنة و الجماعة: قول باللسان وتصديق بالقلب و عمل بالقلب و عمل بالجوارح أربعة أشياء قول القلب و هو تصديقه و أقراره و قول اللسان و هو نطقه و عمل القلب و هو النية و الإخلاص الصدق و المحبة و عمل الجوارح كالصلاة و الصيام و غيرها، هذا مسمى الإيمان قول القلب و قول اللسان و عمل القلب و عمل الجوارح ويزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية يزيد إذا أطاع الإنسان ربه زاد إيمانه و إذا عصى نقص إيمانه.
و للعلماء عبارات في هذا منها قول الأيمان قول باللسان و تصديق بالجنان و عمل بالأركان الأركان يعني الجوارح يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية، و منها قول أن الأيمان قول و عمل قول و عمل و نية قول يشمل قول القلب التصديق و الإقرار و قول اللسان و هو النطق و عمل يشمل عمل القلب وهو النية و الإخلاص و عمل الجوارح و النية يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية وهو يزيد و ينقص.
و استدل المؤلف على ذلك بقوله فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا إذاً الأيمان يزيد وقوله سبحانه لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ، وقال : وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا.
و وروى أبو هريرة عن النبي ﷺ أنه قال الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ و في رواية بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ ، هذا يدل على أن الأعمال كلها داخله في مسمى الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أو بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ ، الحياء عمل القلب، و لمسلم و أبو داود فَأَعلَاهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيق. أفضلها قول لا إله إلا الله إذا الأيمان بضع و ستون أو بضع و سبعون، و البضع من ثلاثة إلى تسعة كلها داخلة في مسمى الأيمان، أعلاها كلمة التوحيد لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق و بينهما بين الأدنى و الأعلى شعب متفاوتة منها ما يقرب من شعبة الشهادة كالصلاة و الزكاة و الصوم و الحج الصلاة شعبة و الصوم شعبة و الزكاة شعبة و الحج شعبة و الأمر بالمعروف شعبة و النهي عن المنكر شعبة و بر الوالدين شعبة و صلة الرحم شعبة و الإحسان إلى الجيران شعبة و هكذا شعب، أعلاها كلمة التوحيد وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيق، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ أي شعبة قلبية مثل للشعبة اللسانية و الشعبة القولية الشعبة القولية قول لا إله إلا الله و الشعبة العملية وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيق. و الشعبة القلبية وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ
و خالف بذلك المرجئة، و المرجئة أقسام فأقر به مرجئة الفقهاء و هو الإمام أبو حنيفة و أصحابه يرون أن الأيمان شيئان المشهور عن الإمام أبي حنيفة الإيمان شيئان تصديق القلب و الإقرار باللسان فقط و أما عمل القلب و عمل الجوارح فليس من الإيمان، لكنهم يوافقون جمهور أهل السنة في أن الطاعات مطلوبة الطاعات واجبه الواجبات واجبات و المحرمات محرمات و مرتكب الكبيرة يستحق العقوبة إلا أنهم لا يسمونها إيمانا، الأعمال لا يدخلونها في مسمى الأيمان و الروايات الثانية عن الإمام أبي حنيفة أن الأيمان هو تصديق القلب و أما الإقرار باللسان فهو ركن زائد و هذا مذهب الماترويدية.
وذهبت الكرامية إلى أن الأيمان هو النطق باللسان فقط، فمن نطق بالشهادتين فهو مؤمن و إذا كان مكذبا في الباطل يكون منافقا، فيكون مؤمنا كامل الإيمان إذا نطق باللسان و هو مخلد في النار، هذا تناقضهم يلزم على قولهم أن يكون المؤمن كامل الإيمان يخلد في النار إذا نطق باللسان يكون هذا مؤمن كامل الأيمان و إن كان مكذبا بقلبه يخلد في النار، فيجمع بين المتناقضين يقول المؤمن كامل الأيمان يخلد في النار.
و أفسد منه مذهب الجهمية الذين يقولون الإيمان هو معرفة الرب بالقلب معرفة الرب بالقلب و الجهل الكفر هو جهل الرب بالقلب فعلى مذهب الجهمية يكون إبليس مؤمنا لأنه يعرف ربه بقلبه و فرعون مؤمنا لأنه يعرف ربه بقلبه إبليس يقول قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي يعرف ربه بقلبه و فرعون قال موسى أخبر الله عن موسى أنه قال لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ و اليهود مؤمنون على مذهب الجهم الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ. و أبو طالب عم النبي ﷺ الذي مات على الشرك على مذهب الجهم مؤمن لأنه يقول:
وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ | مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ البَرِيَّةِ دِينَا |
فتكون المرجئة أربع طوائف:
أفسدها مذهب الجهم أن الأيمان معرفة الرب بالقلب و الكفر جهل الرب بالقلب هذا أفسد المذاهب ويجب على هذا المذهب أن يكون إبليس مؤمنا و فرعون مؤمنا و اليهود مؤمنين و أبو طالب مؤمنا.
المذهب الثاني مذهب الكرامية يليه في الفساد الإيمان النطق باللسان فقط و إذا كان مكذبا في القلب خلد في النار فإذا نطق بلسانه مؤمنا كامل الإيمان و هو مخلد في النار إذا كان مكذبا.
المذهب الثالث مذهب الماترودية و الأشاعرة أن الإيمان تصديق بالقلب فقط وهو رواية عن الإمام أبي حنيفة تصديق القلب فقط.
المذهب الرابع مذهب مرجئة الفقهاء أن الأيمان شيئان تصديق بالقلب و إقرار باللسان.
هذه أربعة مذاهب: مذهب الجهم و مذهب الكرامية و مذهب الماترودية و الأشاعرة و مذهب مرجئة الفقهاء، المرجئة أربعة مذاهب، و المذهب الخامس مذهب أهل السنة و الجماعة .
(المتن)
(الشرح)
نعم الاستثناء يقول المؤلف والاستثناء في الأيمان سنة ماضية فإذا سئل الرجل أمؤمن أنت قال إن شاء الله يعني أهل السنة و الجماعة يرون أنه لا بأس في الاستثناء في الإيمان و يكون الاستثناء راجع إلى العمل لا إلى تصديق القلب يقول المؤمن أن تقول إن شاء الله يعني بالنسبة للعمل لأن الأعمال و الواجبات متعددة فلا يجزم الأنسان بأنه أدى ما عليه بل يتهم نفسه و لا يزكي نفسه بأنه أدى ما عليه بل يقول المؤمن إن شاء الله أما بالنسبة للتصديق فهو مصدق الاستثناء لا يرجع إلى لتصديق و لهذا فإن أهل السنة و الجماعة يرون أنه يجوز الاستثناء بالنسبة للعمل لا بالنسبة لأصل الإيمان و التصديق. و لهذا بعض السلف إذا قال أمؤمن أنت؟ قال: آمنت بالله ورسله آمنت بالله و ملائكته وكتبه و رسله.
و أما المرجئة فلا يستثنون في الإيمان لأن الإيمان شيء واحد عندهم لا يزيد و لا ينقص الإيمان هو التصديق بالقلب لا يزيد و لا ينقص، فلا تقول إن شاء الله، يقول: أنت تشك في إيمانك يسمونه من يستثني إيمانه يسمون أهل السنة شكاكة و أنتم شكاكة في إيمانكم، أنت ما تعرف نفسك أنك مؤمن الأنسان يعرف نفسه أنه مؤمن كما يعرف أنه قرأ الفاتحة و كما أنه يعرف نفسه أنه قرأ الفاتحة و كما أنه يعرف نفسه أنه يحب الرسول ﷺ و يبغض اليهود ما يحتاج استثناء كيف تشك تقول أنا مؤمن أن شاء الله تشك بإيمانك يسمونه أهل السنة شكاكة.
و أما أهل السنة يقولون: لا فيه تفصيل إن كان الاستثناء راجع إلى أصل الأيمان هذا ممنوع إن كنت تريد ترجع إلى أصل الأيمان هذا ممنوع أما إذا أردت أن شعب الأيمان متعددة و الواجبات كثيرة و لا تزكي نفسك و لا تدري بأنك أديت ما عليك بل تتهم نفسك هذا لا بأس تقول أنا مؤمن إن شاء الله، و كذلك إذا أراد الأنسان التبرك بذكر اسم الله فيقول إن شاء الله و كذلك إذا أراد عدم العلم بالعاقبة و أن العاقبة لا يعلمها إلا الله جاز الاستثناء أما إذا أراد الشك في أصل الأيمان فهذا ممنوع.
و لهذا يقول المؤلف الاستثناء سنة ماضية فإذا سئل الرجل أمؤمن أنت قال إن شاء الله، روي هذا عن عبد بن مسعود و علقمة بن قيس و الأوس بن يزيد هؤلاء الأخيار كلهم يرون الاستثناء و أبي وائل شقيق ابن سلمة و مسروق بن الأجدع و منصور بن معتمر و إبراهيم النخعي هو عن هذا كله من التابعين عن عبد الله بن مسعود و مغيرة بن مقسم الضبي و فضيل بن عياض و غيرهم من السلف.
يقول المؤلف: و هذا استثناء على يقين يعني إن الانسان يعني أن الاستثناء في الإيمان لا يعني الشك في أصل الأيمان لأن المستثني إذا أراد الشك بأصل الأيمان هذا ممنوع، و إنما إذا أراد العمل فلا بأس، قال الله : لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. هذا استثناء فالله استثنى و هو لا يشك و لهذا قال الله تعالى لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
أبو بكر الأجري -رحمه الله- يقول أن أهل العلم يستثنون في الإيمان لا على جهة الشك -نعوذ بالله- من الشك في الأيمان و لكن خوف التزكية لأنفسهم من الاستكمال للإيمان لا يدري أهو ممن يستحق حقيقة الأيمان أم لا؟ و ذلك أن أهل العلم من أهل الحق إذا سئلوا أمؤمن أنت؟ قال: آمنت بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و الجنة و النار و أشبهها و الناطق بهذا و المصدق به بقلبه مؤمن، و أنما الاستثناء في الإيمان لأنه لا يدري أهو مما يستوجب ما نعت الله به المؤمنين من حقيقة الأيمان أم لا هذا طريق الصحابة و التابعين لهم بإحسان عندهم من الاستثناء في الأعمال لا يكون في القول و التصديق في القلب و إنما يكون الاستثناء في الأعمال الموجبة لحقيقة الأيمان .
(المتن)
والإيمان هو الإسلام وزيادة قال الله قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا.
وروى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ شَهرَ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البَيتِ، فهذه حقيقة الإسلام و الإيمان فحقيقته ما رواه أبو هريرة فيما قدمناه.
وروى سعد بن أبي وقاص قال: أعطى رسول الله ﷺ رهطا و أنا جالس و ترك رسول الله ﷺ منهم رجلا هو أعجبهم إلى فقمت قلت: مالك عن فلان؟ و الله أني لأراه مؤمنا، فقال رسول الله ﷺ: أَوْ مُسْلِمًا، ذكر ذلك سعد ثلاثا و أجابه بمثل ذلك، ثم قال: إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجهِهِ فِي النَّارِ.
قال: الزهري فنرى أن الإسلام الكلمة و الإيمان العمل الصالح، قلنا: فعلى هذا قد يخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام و لا يخرج من الإسلام إلا إلى الكفر بالله .
(الشرح)
هذا العلاقة بين الإيمان والإسلام المؤلف يقول: الإيمان هو الإسلام و زيادة يعني: أن الإيمان أكمل من الإسلام ، و لهذا فإن الإيمان يراد به أداء الواجبات و ترك المحرمات و الإيمان لا يطلق إلا على المطيع أما العاصي فإنه يطلق عليه اسم الإسلام و لا يطلق عليه اسم الإيمان فالإيمان أفضل أعلى من الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان الدين ثلاث مراتب الإسلام و الإيمان و الإحسان فالإحسان أعلى مرتبة ثم يليه الإيمان ثم الإسلام، فكل محسن مؤمن و ليس كل مؤمن محسنا و كل مؤمن مسلم و ليس كل مسلم مؤمنا، المؤمن هو الذي أدى الواجبات و ترك المحرمات، هذا يقال له مسلم و يقال له مؤمن، و أما المسلم فإن كان مطيعا سمي مؤمنا و إن كان عاصيا سمي مسلما، و لا يسمى مؤمنا في الإطلاق بل لا بد من القيد.
يقول المؤلف: فالإيمان هو الإسلام و زيادة قال الله قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا. وجه الدلالة أن الأعراب قالوا آمنا و هؤلاء ضعفاء الإيمان دخلوا في الإسلام حديثا فقالوا: آمنا فقال الله لهم قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا. ما وصلتم إلى درجة الإيمان لأنكم دخلتم في الإسلام من جديد ما تمكن الإيمان في قلوبكم قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا. فدل على أن الإسلام هو الإيمان و زيادة.
و مسمى الإسلام استدل له المؤلف -رحمه الله- بحديث عبد الله بن عمر في الصحيحين بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ شَهرَ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البَيتِ، فهذه حقيقة الإسلام، حقيقته يعني الأعمال الشهادتان، النطق بالشهادتين و الصلاة و الزكاة و الصوم.
و الإيمان حقيقته ما رواه أبو هريرة في ما قدمناه يعني الحديث -الذي سبق- حديث أبي هريرة الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أو: بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَعلّاهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ. هذا حقيقة الأيمان.
إذاً الإيمان شعب كثيرة بِضْعٌ وَسَبْعُونَ و البيهقي -رحمه الله- تتبع هذه الشعب و أوصلها إلى أعلى البضع تسع و سبعون و ألف كتاب سماه شعب الإيمان فإذاً الإيمان حقيقته بضع و سبعون شعبة، و الإسلام حقيقته الأعمال.
و استدل المؤلف -رحمه الله- على أن الإسلام غير الإيمان، و أن الإيمان أكمل وأن الإيمان الإسلام وزيادة، حديث سعد بن أبي وقاص قال: أعطى رسول الله ﷺ رهطا و أنا جالس و ترك رسول الله ﷺ رجلا هو أعجبهم ألي أعطاه يعني نفله من الغنيمة أو الأعطيات فقلت: مالك عن فلان يا رسول الله ما أعطيته و الله إني لأراه مؤمنا؟! فقال رسول الله ﷺ:أَوْ مُسْلِمًا، يعني ما وصل إلى درجة الإيمان أَوْ مُسْلِمًا، ذكر ذلك سعد ثلاث مرات، و أجابه مثل ذلك ثم قال: إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجهِهِ فِي النَّارِ. يعني النبي ﷺ يعطيه من الدنيا يتأفله حتى يتقوى إيمانه يعطي الرجل و غيره أحب إليه مخافة أن يرتد عن دينه فيكبه الله في النار فيعطيه النبي ﷺ من الدنيا حتى يتقوى إيمانه لأنه لو لم يعطيه يرتد فيكبه الله على وجهه في النار، فالنبي ﷺ أنما يعطي ليتعلق على الإسلام ما هو يعطيه هواء من باب الهوى و لا محاباة بل يعطي ليتألف على الإسلام فقوي الأيمان لا يعطيه و ضعيف الأيمان يعطيه حتى يتقوى إيمانه و الشاهد أن النبي ﷺ قال: أَوْ مُسْلِمًا، دل على أن الإسلام غير الإيمان.
قال: الزهري -رحمه الله- فنرى أن الإسلام الكلمة يعني النطق بالشهادتين كلمة التوحيد و الإيمان العمل الصالح يعني: يقول الزهري الإسلام هو الكلمة النطق بالشهادتين و الإيمان هو العمل ومقصود الزهري وهو إمام -رحمه الله- ليس مقصوده أن الأعمال ما تدخل في مسمى الإسلام بل مقصوده أن الكافر إذا نطق بالشهادتين الإسلام حكم بإسلامه، حكم بإسلامه و إلا فحديث ابن عمر دل على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان الشهادتان و الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج.
يقول المؤلف: قلنا: فعلى هذا يخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام يعني يخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام متى إذا عصى إذا عصى خرج من الإيمان فصار مسلما و لا يصل المؤمنين، إذا كان مطيعا يؤدي الواجبات و يترك المحرمات هذا مؤمن في الإطلاق، و إذا عصى خرج من الإيمان إلى الإسلام، قالوا: يسمى مسلما و لا يسمى مؤمنا، لكن يسمى مؤمنا بالقيد لكن ما يسمى بالإطلاق مؤمنا، ضعيف الإيمان مؤمن ناقص الإيمان مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، و إذا كان مطيعا يسمى مؤمنا بالإطلاق، و يسمى مسلما، فعلى هذا قد يخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، و لا يخرج من الإسلام إلا إلى الكفر بالله ، -نعوذ بالله- هذا قول الإمام الزهري يقول الإسلام هو الكلمة و الإيمان هو العمل.
و ذهب بعض العلماء إلى أن الإيمان و الإسلام مترادفان وهما اسمان لشيء واحد ذهب إلى هذا محمد بن مصر المروزي و ابن عبد البر و الإمام البخاري و القول الثاني التفريق بينهما وهو أن الإسلام هو العمل و الإيمان أعمال القلوب و الإسلام أعمال الجوارح و القول الثالث: أنه تختلف دلالتهما بالتجريد، و الاقتران فإذا افترقا الإسلام وحده، و الإيمان وحده يشمل الأعمال الظاهرة و الأعمال الباطنة و إذا اجتمعا فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة و الإيمان بالأعمال الباطنة، كما في حديث جبريل فإنه سأله عن الإسلام ففسره بالأعمال الظاهرة و سأل عن الإيمان ففسره بالأعمال الباطنة فإذا اجتمعا افترقا و إذا افترقا اجتمعا وهذا هو الصواب، أنه تختلف دلالتهما بالاجتماع و الافتراق إذا أطلق الإيمان وحده دخل فيه الإسلام و إذا أطلق الإسلام وحده دخل فيه الإيمان و إذا اجتمعا فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة و الإيمان بالأعمال الباطنة، فمثلا الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعبَةً يدخل فيه الإسلام إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ يدخل فيه الإيمان و هكذا فإذا ذكر الإسلام وحده دخل فيه الإيمان و إذا ذكر الأيمان وحده دخل فيه الإسلام و إذا اجتمعا فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة و الإيمان بالأعمال الباطنة كما في حديث جبريل هذا هو الصواب الذي تدل عليه النصوص و الذي عليه المحققون
(المتن)
(الشرح)
من عقيدة أهل السنة و الجماعة الإيمان بأن الدجال خارج في هذه الأمة لا محاله كما أخبر به النبي ﷺ و صح به الخبر.
و الدجال رجل من بني آدم يخرج في آخر الزمان يدعي الصلاح، أولا يدعي أنه رجل صالح ثم يدعي النبوة ثم يدعي الربوبية و يقول: للناس أنا الرب.
و سمي الدجال لكثرة دجله و كذبه صيغة مبالغة و هو الدجال الأكبر، و السحرة الآن الموجودين دجاجلة كلهم صغار لكن الدجال الأكبر هو الذي يخرج في آخر الزمان هذا آخرهم و أكبرهم.
وهو من أشراط الساعة الكبار التي تتبعها الساعة مباشرة و قبله المهدي، يخرج المهدي رجل من أهل بيت النبي ﷺ اسمه كاسم النبي ﷺ و كنيته كنية محمد بن عبد الله المهدي من سلالة فاطمة يبايع له في وقت ليس للناس إمام بين الركن و الباب الكعبة، في وقت ليس للناس فيه إمام، و الفتن كثيرة و الحروب كثيرة، و أهل السنة و الجماعة تحصرهم الفتن في ذلك الوقت في الشام، في زمن المهدي يخرج الدجال و تكون حروب طاحنه في أيام المهدي بين اليهود و بين المسلمين، و بين النصارى و المسلمين، و آخرها فتح القسطنطينية، تفتح القسطنطينية و يعلق الناس المؤمنون سيوفهم على شجرة الزيتون، فيصيح الشيطان أن الدجال قد خلفكم في أهليكم فيخرج الدجال.
وهو على هذا الصفة أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية مكتوب بين عينيه كافر يقرأها كل إنسان كل مؤمن معه صورة الجنة و النار ابتلاء وامتحان يجري الله على يديه خوارق، خوارق العادات خوارق العادات الكثيرة يجريها الله على يديه منها أنه يأمر السماء فتمطر و الأرض فتنبت و منها أنه يأتي إلى الخرب فتتبعها كنوزها كأعاسيب النحل و يأتي إلى رجل فيقطعه نصفين و يمشي بين قطعتين لأنه لا يؤمن به ثم يقول له: قم فيحييه الله فيستوي قائما فيقول: ما أما تؤمن بي فقال ما أزدت بك إلا بصيرة و أنت الدجال اللعين.
و يدخل كل بلد إلا مكة و المدينة فإن الملائكة تصف حولها تمنع الدجال من دخولها و يأتي إلى الصدفة في المدينة فينعق ثلاث نعقات فيخرج إليه كل كافر و كافره و كل منافق ومنافقه و كل خبيث و خبيثة عند ذلك تنفث المدينة خبثها في ذلك الوقت و لا يبقى فيها إلا المؤمنون فيتبعون الدجال -نسأل الله السلامة و العافية-.
و يمكث في الأرض أربعين يوما اليوم الأول طوله سنة تطلع الشمس ولا تغيب إلا بعد ثلاث مئة وخمسة و خمسين يوما و اليوم الثاني طوله شهر ثلاثين يوما تطلع الشمس و لا تغيب إلا بعد شهر و اليوم الثالث طوله جمعه أسبوع تطلع الشمس و لا تغيب إلا بعد أسبوع ثلاثة أيام و بقية الأيام كأيامنا سئل النبي ﷺ ماذا نعمل في الصلوات في الأيام الثلاثة قال اقدُرُوا لَهُ كل أربع و عشرين ساعة خمس صلوات و الشمس طالعة كل أربع و عشرين ساعة خمس صلوات قال اقدُرُوا لَهُ
و الأحاديث في هذا كثيرة منها حديث النواس بن سمعان و هو حديث طويل ذكر فيه النبي ﷺ قصة الدجال ومنها حديث عبد الله بن عمر أنه قام في الناس خطيبا عليه الصلاة و السلام و أثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، وَلَكِنْ سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أخذ العلماء من هذا من حديث الدجال إثبات العينين للرب وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، الدجال أعور عينه اليمنى و الله تعالى له عينان سليمتان . و الأحاديث في هذا كثيرة.
و مذهب أهل السنة و الجماعة و المحدثين و الفقهاء إثبات الدجال و أنكر الدجال الخوارج و الجهمية و المعتزلة والجبائي المعتزلي و موافقيه ، و قال بعضهم إن الدجال صحيح خروجه و لكن الذي يدعي ليس مخارق و خيالات لا حقائق لها، ذكر أنه رحمه لله نقل عن عياض على صحيح مسلم و قال إن هذا حديث الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده و أنه شخص بعينه أبتلى الله به عباده و أقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من إحياء الميت الذي يقتله و من ظهور زهرة الدنيا و الخسف معه وجنته و ناره معه صورة الجنة و النار فالذي يعصي يضعه في النار الذي يرى أنها صورة النار وهي الجنة و الذي يطيعه يضعه في الجنة التي يراها الناس الجنة وهي النار، معكوس -نسأل الله العافية- يقول من ظهور زهرة الدنيا والخسف معه جنته و ناره و نهرين و أتباع كنوز الأرض له و أمره السماء أن تمطر فتطمر و الأرض أن تنبت فتنبت فيقع ذلك بقدرة الله و مشيئته ثم يعجزه الله بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل و لا غيره، و يبطل أمره. و يقتله عيسى في النهاية يقتله عيسى بن مريم ، ينزل عيسى بن مريم من السماء فيقتل الدجال.
يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ، و لاشك أن فتنته فتنة عظيمة و جاء في صحيح مسلم مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ أَو أَعظَمُ مِنَ الدَّجَّالِ،
وهو فتنة عظيمة و يأتي إلى البادية إلى أهل البادية الذين يطيعونه من الابتلاء و الامتحان تكون أنعامهم تكون سمينة و تأتي ضروعها ممتلئة باللبن و الذي لا يطيعه يصبحون ممحلين و تموت أنعامهم هذا من الابتلاء و الامتحان -نسأل الله السلامة و العافية-.
و بعض الناس أنكر الدجال -و العياذ بالله- و أنكر عيسى نزول عيسى بن مريم هناك رجل يقال له محمد فهيم أبو عيبة يقول إن الدجال يمثل الباطل و نزول عيسى بن مريم يمثل صورة الحق، ولا ما فيه دجال ولا عيسى هذا نسأل الله السلامة و العافية هؤلاء الذين يعتمدون على عقولهم العقلاويون ينكرون الدجال وينكرون عيسى فيعملون بعقولهم و أهوائهم.
و قال المؤلف رحمه الله و أن عيسى بن مريم ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق، هذا نزول عيسى بن مريم ثابت في القرآن و في السنة قال الله تعالى: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا وثبت في الصحيح أن النبي ﷺ قال لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وفي لفظ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَنزِلَنَّ فِيكُم عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، وَإِمَامًا عَدْلًا، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ. ينزل حكما مقسطا يحكم بشريعة نبينا محمد ﷺ يكون فرد من أفراد الأمة المحمدية، حَكَمًا مُقْسِطًا يعني عادل وَإِمَامًا عَدْلًا، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ الصليب الذي يعبده النصارى يكسره عيسى مبالغة في إبطال ما هم عليه يكسر الصليب وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ الذي يأكله الخنزير الذي يأكلونه وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ ما يقبل الجزية ما يقبل إلا الإسلام والسيف يعني الجزية تقبل يعني يخير اليهود و النصارى بين الجزية و الإسلام أو القتال، وهذا مغيب بنزول عيسى فإذا نزل عيسى أنتهت راحت الجزية ما يبقى إلا أمرين إما الإسلام أو السيف.
وعيسى ينزل ويحكم بشريعة نبينا محمد ﷺ فيكون نبيا من هذه الأمة أفضل هذه الأمة بعد نبيها عيسى و هو نبي ثم يليه أبو بكر الصديق يعاير بها يقال رجل من هذه الأمة أفضل من أبي بكر من هو عيسى نبي عيسى نبي وهو من هذه الأمة يحكم كل نبي يأخذ الله عليه ميثاق لئن بعث محمد وأنت حي لتؤمنن به و لتتبعنه عيسى نزل بعد بعثة النبي ﷺ فكان فردا من أفراد الأمة المحمدية، لأن شريعة نبينا محمد ﷺ ناسخة لجميع الشرائع ولهذا يقولون إن عيسى ابن مريم ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق وقد حصر المسلمون على عقبة وفيق، وفيق هذه بلدة بين دمشق و طبرية و هي عقبة طويلة نحو ميلين كما ذكر في نادي العروس فيهرب منه يعني الدجال يهرب من عيسى فيقتله عند باب لد الشرقي ولد من أرض فلسطين جاء بالقرب من الرملة على نحو ميلين منها جاء في الحديث الآخر أن الدجال إذا رأى عيسى ذاب كما يذوب الملح في الماء لو تركه لمات لكنه يقتله عند باب لد
اللهم صل وسلم على نبينا محمد، اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ نعم كمل
(المتن)
ونؤمن بأن ملك الموت أرسل إلى موسى فصكه ففقأ عينه كما صح عن رسول الله ﷺ لا ينكره إلا ضال مبتدع راد على الله ورسوله ﷺ.
و نؤمن بأن الموت يؤتى به يوم القيامة فيذبح، كما روى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِي: يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: وهَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَد رَآهُ، فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍوَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ.
(الشرح)
نعم يقول المؤلف -رحمه الله- ونؤمن بأن ملك الموت أرسل إلى موسى عليه الصلاة و السلام فصكه ففقأ عينه كما صح عن رسول الله ﷺ هذا ثابت الحديث الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة قال أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، وهذا ثابت لأن أهل السنة و الجماعة يؤمنون بما ثبت في كتاب الله وبما صح عن رسول الله ﷺ، و لهذا قال المؤلف لا ينكره إلا ضال مبتدع راد على الله ورسوله ﷺ هؤلاء المبتدعة و الملاحدة لا يؤمنون إلا بما تهواه عقولهم تجدهم يطعنون في الأحاديث الصحيحة ويؤولونها بتأويلات باطلة.
و الواجب على المسلم التصديق بما أخبر به النبي ﷺ و صح عنه واعتقاده لأن ذلك من الأيمان بالغيب الذي أطلع الله عليه رسوله ﷺ ولهذا نقل النووي عن المازري أنه قال وقد أنكر بعض الملاحدة هذا الحديث، حديث أن ملك الموت أن موسى صكه فقأ عينه فقد أنكر بعض الملاحدة هذا الحديث و أنكر تصوره قالوا كيف يجوز على موسى فقأ عين ملك الموت كيف يفقأ عين ملك الموت؟
و أجاب بعض العلماء عن هذا بأجوبة أحدها لا يمتنع أن يكون موسى عليه الصلاة و السلام قال أذن الله له في هذه اللطمة و يكون هذا امتحانا للملطوم و الله سبحانه يفعل في خلقه ما شاء و يمتحن بما أراد أو أن موسى عليه الصلاة و السلام لم يعلم أنه ملك من عند الله و ظن أنه رجل قصده يريد نفسه فدافع عنها فأدت المدافع إلى فقأ عينه لا أنه قصد الفقأ وهذا جواب الإمام أبي بكر بن ابن خزيمة، وقال ابن قتيبة لما تمثل ملك الموت لموسى و هذا ملك الله و هذا نبي الله و جاذبه لطمه موسى لطمة أذهبت العين التي هي تخيل و تمثيل و ليست حقيقة و عاد ملك الموت إلى حقيقته خلقتة الروحانية كما كان لم ينتقص منه شيء، نحن نؤمن بأن موسى صك عينه و من المعلوم أن الملك أعطاه الله القدرة على التشكل و التصور جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ جبريل جاء إلى النبي ﷺ في صور متعددة في صورة كان يأتي النبي ﷺ في صورة دحية الكلبي و كان رجلا جميلا جاء في صورة رجل أعرابي يسأل عن الإسلام و الإيمان و الإحسان، و رآه على الصورة التي خلق عليها مرتين مرة في الأرض و مرة في السماء، الملك أعطاه الله القدرة على التشكل.
و الأقرب و الله أنه ما علم أنه ملك كما أن إبراهيم عليه الصلاة و السلام جاءته الملائكة في صورة أضياف ما علم أنهم ملائكة في صورة رجال، و جاء بهم إلى بيته يظن أنهم ضيوف و مال إلى أهله و جاء بعجل شوى لهم العجل و قدم إليهم لما قدمه ما مدوا أيديهم إليه خاف منهم ضيوف ما يأكلون إذا الضيف ما أكل يخشى أنه جاء بشر قالوا ملائكة نحن ملائكة لا نأكل و لا نشرب أخبروه هم جاءوا في صورة ما علم هم جاءوه ضيوفا أيضا ما علم أنهم ملائكة في صورة أضياف فلا يبعد أن يكون أتى إلى موسى و لم يعلم أنه ملك.
و يقول المؤلف : كما صح عن النبي ﷺ لا ينكره إلا ضال مبتدع راد عن الله و عن رسوله ﷺ.
وكذلك ونؤمن بأن الموت يأتى به يوم القيامة فيذبح كذلك أنكر ذلك بعض أهل البدع قال :كيف الموت يذبح الموت أمر معنوي يقول هؤلاء العقلانيون الذين لا يؤمنون إلا بما تهواه عقولهم ويؤولون النصوص هؤلاء نسأل الله السلامة و العافية هؤلاء يتبعون أهوائهم و الواجب على المسلم أن يؤمن بما ثبت في كتاب الله و بما صح عن رسول الله ﷺ و الله قادر على جعل الأعراض على جعل المعاني أجساما على قلب الأعراض أجساما الله على كل شيء قدير.
و لهذا ثبت في الحديث الذي رواه الشيخان الذي ذكره المؤلف رحمه الله في حديث أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ يشرئبون يعني يمدون أعناقهم و يرفعون رؤوسهم للنظر فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِي: يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: وهَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَد رَآهُ، فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، و هذا من بعد خروج العصاة من النار، وجاء -في اللفظ الآخر- فَيَزْدَادُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ نعوذ بالله ثم قرأ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ. و الحديث صحيح رواه الشيخان البخاري ومسلم رحمه الله و رواه غيرهم رواه الترمذي و أحمد في المسند و الآجري في الشريعة قال الترمذي و المذهب في هذا عند أهل العلم من أهل الأئمة من الأئمة مثل سفيان الثوري و مالك بن أنس وابن المبارك ابن عيينة و وكيع و غيرهم أنه روى هذه الأشياء ثم قالوا نروي هذه الأحاديث و نؤمن بها و لا يقال كيف، و هذا الذي أختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت و يؤمن يقبل بها و لا تفسر و لا تفسر و لا نتوهم أو ولا نفسر و لا نتوهم ولا يقال كيف يعني لا نفسر تفسيرا يخالف ظاهرها، و هذا أمر أهل العلم الذي اختاروه و ذهبوا إليه معنى قولهم لا يفسر أي لا ليس المعنى أنه ليس له معنى و بل يقصد بعدم تفسيرها بخلاف ظاهرها الذي تدل عليه.
نعم وفق الله الجميع لطاعته.