المقدمة
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني , أشهد أنه رسول الله وأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه من ربه اليقين, وهو خاتم النبيين لا نبي بعده، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين,وعلى آله وعلى أصحابه وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد : فإنمن المؤلفات المهمة في الاعتقاد : ((شرح السنة)) والتي هي من تأليف الإمام أبي محمد الحسن بن علي بن خلف البَرْبهاريّالحنبلي ، وقد سمي بالبَرْبهاريّ نسبة إلى الأدوية التي تجلب من الهند، وهو شيخ المذهب الحنبلي في العراق، وكان له أتباع وطلاب كثر، وكان – رحمه الله – شديداً على المبتدعة، فما زالوا يثقلون قلب السلطان عليه، إلى أن نودي في بغداد أن لا يجتمع من أصحاب البَرْبهاريّ نَفَسان. فاختفى البَرْبهاريّ إلى أن توفّي مستتراً في رجب سنة (329) هجرية، فهو من علماء القرن الثالث و الرابع الهجريين([1]).
وهذه الرسالة هي ((شرح السنة))([2])، والسنة هي ما جاء به الرسول ﷺمن الوحي عن الله ، وهي الوحي الثاني، وتشمل: مسائل الاعتقاد، ومسائل الفقه، قال ﷺفي الحديث الصحيح: أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ. ([3])، فالسنة وحي ثانٍ، وقال الله : وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4].
والسنة عند العلماء القدامى تشمل قول النبي ﷺ وفعله وتقريره، وتشمل الواجب والمستحب، واصطلح المتأخرون من الفقهاء والأصوليين على إطلاق السنة على المندوب والمستحب.([4])
ومراد المؤلف رحمه الله بقوله: شرح السنة، ما جاء به الرسول ﷺ من مسائل الاعتقاد والإيمان والجنة والنار، ومسائل الفقه أيضاً، ويشمل ما ثبت عن النبي ﷺ من قوله أو فعله أو تقريره، كما يبين المؤلف رحمه الله حيث يقول: السنة هي الإسلام والإسلام هو السنة، وقد قال الله تعالى في كتابه العظيم: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الحشر:7].
وقد ثبت في صحيح البخاري ومسلم([5])عن عبد الله بن مسعود أنه قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُوتَشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ وَالمُتَفَلِّجَاتِ، لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَالَ: وَمَا لِي أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ، قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا[الحشر:7].
وقال : وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا [النور:54]،ومن أنكر السنة وزعم أنه لا يعمل بها أو أنه لا حاجة إليها فهو كافر بإجماع المسلمين، وقد بين بعض السلف أن السنة هي التي توضح المشكل من القرآن وهي التي تقيد المطلق، وهي التي تخصص العام، ففي القرآن العظيم وجوب الصلاة، لكن ليس فيه بيان عدد الصلوات وأنها خمس صلوات في اليوم والليلة، وإن كان قد يؤخذ هذا من قوله تعالى إجمالاً: فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى [طه:130]، وليس في القرآن بيان عدد ركعات صلاة الظهر، ولا عدد ركعات صلاة العصر، ولا عدد ركعات صلاة المغرب، ولا عدد ركعات صلاة العشاء أو صلاة الفجر .
وقد أوجب الله في القرآن الزكاة، ولكن ليس في القرآن بيان اشتراط وجوب النصاب وبيان اشتراط الحول.
وفي القرآن بيان وجوب الحج، وليس فيه تفصيل المناسك، وأنه يجب على الإنسان أن يقف بعرفة في اليوم التاسع وأنه ركن الحج الأعظم، ويجب عليه أن يقف بمنى ومزدلفة وأن يرمي الجمار.
فمن يزعم أنه لا يحتاج إلى السنة فلا دين له، وكما سيأتي أن السنة تقضي على القرآن والقرآن لا يقضي على السنة، ولهذا ألف العلماء الكتب في العقائد وفي مسائل الإيمان ودخول الأعمال في مسمى الإيمان، وسموها كتب السنة؛ كما ألف الإمام أحمد رحمه الله كتاب السنة، والسنة لابنه عبد الله، والسنة لابن أبي عاصم، ومنها هذا الكتاب .
فالمقصود أن السنة اسم عام يشمل مسائل الإيمان والتوحيد ويشمل الفروع والأصول، ولهذا فإن المؤلف – رحمه الله – ذكر في هذا الكتاب جملاً كثيرة من مسائل التوحيد والإيمان، وجملاً كثيرة من مسائل الفقه، وهذه المسائل والموضوعات كثيرة جداً، ولو أردنا أن نتوقف طويلاً عند كل مسألة لما تجاوزنا الصفحة الأولى من الكتاب أو لما تجاوزنا مسألة أو مسألتين، ولكننا إن شاء الله نتكلم على كل مسألة بما يغلب على الظن أن فيه الفائدة.
وقد يسر الله أن أتيت على جميع المسائل - بحول الله وقوته -بيان وإيضاح المراد باختصار غير مخل،وتم العمل على مادة الشرح وإعداده ونشره لتعم الفائدة .
أسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يوفقنا الإخلاص في العمل والصدق في القول، وأعوذ بالله من فتنة القول كما أعوذ به من فتنة العمل، وأسأله أن يصلح القلوب والأعمال والنيات، وأسأله أن يتولانا برحمته، وأن يثبتنا على دينه القويم، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه
عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
المتن:
قال المؤلف رحمه الله:
الشرح
ابتدأ المؤلف هذه الرسالة بالحمد لله اقتداء بالكتاب العزيز، فالله تعالى افتتح كتابه بالحمد ، والحمد هو الثناء على المحمود بالصفات والنعم المتعدية مع حبه وإجلاله، بخلاف الثناء على المحمود بالصفات الثابتة الملازمة التي لا تتعدى فإنه يسمى مدحاً، ولا يسمى حمداً ، فالثناء على المحمود بالصفات الاختيارية التي يفعلها باختياره يسمى ثناء.
والحمد أكمل من المدح، فأنت تمدح الأسد بأنه قوي، ولا يسمى هذا حمداً؛ وتمدح الرجل بالكرم والشجاعة والإحسان فيكون هذا حمداً؛ لأن هذه الصفة وقعت منه باختياره ،والله تعالى له جميع المحامد، مُلكاً واستحقاقاً، فهو ذو العبودية والألوهية على خلقه أجمعين كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: «اللهُ ذُو الإلهيةِ والعُبودية عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ»([6]).
وما في العباد من نعمة فمن الله، قال تعالى: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ [النحل:53]، فالله تعالى هو المحمود؛ لما اتصف به من الصفات العظيمة وبما أنعم به على عباده ، فجميع أنواع المحامد لله مُلكاً واستحقاقاً، ولهذا استفتح الله تعالى كتابه العزيز بالحمد لله رب العالمين، ثم قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:3] أي:ثناء بعد ثناء.
قوله:(الحمدُ للهِ الذي هَدَانَا للإسلامِ، ومنَّ علينا بهِ) وهذه من النعم المتعدية، قال تعالى عن أهل الجنة: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف:43]، فهذه من النعم العظيمة التي لا يُحمد بها إلا الرب ، فلولا هداية الله لنا بالإسلام لما كنا مهتدين، لكنه هدانا ، فنحمده على نعمة الإسلام ونسأله أن يثبتنا عليها حتى الممات.
والإسلام من معانيه الاستسلام لله بالتوحيد والخضوع والذل، وأداء الأوامر واجتناب النواهي؛ وسُمي الإسلام إسلاماً لما فيه من الاستسلام والانقياد لأوامر الله والانتهاء عن نواهيه، فالمسلم منقاد مستسلم لأمر الله خاضع ذليل، فالإسلام هو الاستسلام لله تعالى بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص والبراءة من الشرك وأهله.
ولا شك أن الله تعالى هو الذي منَّ علينا، والعباد ليس لهم حق على الله، لكن الله هو الذي تفضل عليهم وأنعم عليهم، فالله تعالى له النعمة وله الفضل، فنحمده سبحانه أن هدانا للإسلام ومَنَّ علينا بالإيمان، كما قال الله في ضعفاء الإيمان في سورة الحجرات: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17].
قوله: (وأَخْرَجَنَا في خيرِ أُمَّةٍ) نحمد الله على أن هدانا للإسلام وأخرجنا في خير أمة وهي أمة محمد ﷺ، كما قال الله : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ [آل عمران:110]،وهذه الخيرية إنما حصلت للأمة بالإيمان بالله ورسوله وبالأمر بالمعروف وبالنهي عن المنكر، فمن حقق هذه الصفات حصلت له الخيرية، ومن ضيَّع هذه الصفات فاتته الخيرية.
والإيمان بالله هو أصل الدين وأساس الملة، ولكن قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الآية لأهميتهما وعظم شأنهما، ولأنهما قوام الدين، فالدين كله أمر ونهي، فأنت تأمر نفسك بالخير وتنهاها عن الشر، وتأمر غيرك بالخير وتنهاه عن الشر، فتأتمر بالأوامر، وتنهى نفسك عن النواهي، ولهذا قدم الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه الآية، وإن كان الإيمان بالله هو أصل الدين وأساس الملة.
قوله: (فنسْألُهُ التَّوفِيقَ لما يحبُ ويَرْضَى، والحِفظَ مما يَكْرَهُ ويَسْخَطُ) هذا دعاء من المؤلف رحمه الله لطالب العلم، فهو يعلمك وينصحك ويدعو لك، فقد سأل لنفسه ولإخوانه وللطلبة، أن يوفقنا لما يحب ويرضى، والذي يحبه الله ويرضاه هو ما شرعه في كتابه وعلى لسان رسولهﷺ، فالله يحب من عباده أن يعبدوه ويوحدوه ويخلصوا له العبادة ويمتثلوا الأوامر ويجتنبوا النواهي ، والتوفيق يعني الإعانة الإلهية، وهو إعانة يخص الله بها المؤمن، والتوفيق من الله والإعانة من الله، فالإعانة نعمة جليلة خص الله بها المؤمن دون غيره، وحبب إليه الإيمان وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، كما قال وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحجرات:7-8]، فالمؤمن أنعم الله عليه نعمة جلية وخصه بها دون الكافر، فلولا الإعانة من الله لما اهتدى المهتدون، ولهذا سأل المؤلف رحمه الله الإعانة والتوفيق من الله.
قوله: (فنسْألُهُ التَّوفِيقَ لما يحبُ ويَرْضَى) أي: من الأقوال والأعمال، فيفعل المسلم ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال ويترك ما يسخطه من الأقوال والأعمال.
قوله:(والحِفظَ مما يَكْرَهُ ويَسْخَطُ)أي : نسأل الله أن يحفظنا مما يكره ويسخط وهي النواهي، وأعظمها الشرك بالله ، ثم العدوان على الناس في الدماء والأعراض والأموال، فهذا دعاء عظيم جعله المؤلف رحمه الله في مقدمة هذه الرسالة بعد حمد الله والثناء عليه، ثم بعد ذلك شرع المؤلف رحمه الله في تفاصيل مسائل السنة.
المتن:
الشرح:
قوله:(اعْلَمُوا) يعني: أيها المخاطبون ومن يقرأ هذا الكتاب من طلبة العلم (أن الإسلام هو السنة، والسنة هو الإسلام)؛ لأن السنة هي التي جاء بها الرسول ﷺ، وهي وحي ثانٍ، كما قال الله تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4]. إذاً فالسنة هي الإسلام، والإسلام: هو الاستسلام لله تعالى والخضوع والذل والانقياد وفعل الأوامر والنواهي، والرسول ﷺ جاء بالقرآن وبالسنة، فالإسلام هو السنة؛ لأن السنة توضح القرآن وتفسره وتبين المشكل وتقيد المطلق وتخصص العام، فهي مرتبطة بالقرآن ولا يمكن فصلها عنه أبداً، فالإسلام هو السنة؛ لأن من ألغى السنة فقد ألغى الإسلام وبطل إسلامه، فمثلاً: لو أراد إنسان أن يفصل السنة عن الإسلام فكيف سيصلي؟ لا يستطيع أن يصلي، فهل في القرآن تحديد للأوقات؟ وذكر عدد الركعات؟ وكيف يزكي وكيف يصوم، وكيف يحج، وكيف يبيع ويشتري، وكيف يتعامل مع الناس..؟ فالقرآن مجمل، والسنة هي التي فصلت ووضحت وقيدت.
فالإسلام هو السنة يعني: مع القرآن؛ لأنها مرتبطة بالقرآن ولا يمكن فصلها عنه، والنبي ﷺجاء بالقرآن وجاء بالسنة، قال عليه الصلاة والسلام: أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ([7])، فالإسلام هو السنة والسنة هي الإسلام لا انفكاك لأحدهما عن الآخر.
والعلم هو أحد المدركات أربع، وهي : العلم, والظّن, والوهم، والشكُّ.
فالعلم : حكم الذهن الجازم بعد تصوره المطابق للواقع، ويُطلق على اليقين، والظن: هو الراجح من الأمرين المتردد بينهما، والوهم : المرجوح منهما, والشكُّ: هو الأمر المساوي([8]).
فالمؤلف رحمه الله يقول: اعلم،ولا تشك ولا تظن ولا تتوهم، بل تيقن أن السنة هي الإسلام، وأنه لا انفكاك لأحدهما عن الآخر، وأن من ألغى السنة فلا إسلام له، ومن ألغى الإسلام فلا سنة له، فالإسلام هو السنة والسنة هي الإسلام، فلا يقوم أحدهما إلا بالآخر، لا إسلام لمن ترك السنة ولا سنة لمن ترك الإسلام ، وبهذا يتبين أن من زعم أنه لا يحتاج إلى السنة فهو كافر، وهناك طائفة يسمون أنفسهم القرآنيين، ويزعمون أنهم يعملون بالقرآن ولا يعملون بالسنة، وهذا كفر وضلال، فقد جاء في الحديث أن النبي ﷺ قال: لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ لَا نَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ ([9])،وقال النبيﷺ يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، أَلَّا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ([10])، وبهذا يتبين ارتباط الإسلام بالسنة وارتباط القرآن بالسنة وأنه لا انفكاك لأحدهما عن الآخر، فمن زعم أنه يعمل بالقرآن ولا يحتاج إلى السنة فهو كافر.
المتن:
الشرح:
قوله: (فَمِن السُّنَّةِ لُزُومُ الجمَاعَةِ)، يعني: لزوم جماعة المسلمين، وجماعة المسلمين هم الصحابة والتابعون وتابعوهم والأئمة من بعدهم، فيجب على المسلم أن يلزم جماعة المسلمين ولا يشذ عنهم في الاعتقادات وفي الأعمال وفي الأقوال، قال الله : وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء:115]، فمن زعم أنه مخالف لجماعة المسلمين فهو متبع لغير سبيل المؤمنين وهو مُتوعد بأن يوليه الله ما تولى ويصليه جهنم.
فجماعة المسلمين- من الصحابة والتابعين والأئمة من بعدهم - هم الذين يعملون بكتاب الله وسنة رسولهﷺ ويمتثلون الأوامر ويجتنبون النواهي، ويحذرون من البدع في الأقوال والأعمال والاعتقادات والنيات، قال النبي ﷺ : افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةًكُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلَّا وَاحِدَةً، قِيلَ: مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي ([11])، وفي لفظ: وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ([12]). وروي هذا الحديث بألفاظ متعددة([13])، وفيه أنه يجب لزوم الجماعة، وهي الفرقة الناجية، وهم أهل السنة والجماعة وهم أهل الحق، قال النبي عليه الصلاة والسلام: لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ ([14]).
إذاً من السنة لزوم الجماعة ، ولزوم الجماعة هو العمل بالسنة، والعمل بما كان يعمل به جماعة المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وهم أهل الحق، ولزوم طريقتهم في الاعتقادات والأعمال والأقوال .
قوله:(فمن رغِبَ عَنْ الجمَاعَةِ وَفَارَقَهَا فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإسلامِ من عُنُقهِ، وكان ضالاً مضلاً) فمن رغب في غير جماعة المسلمين وفارقها فهو كافر؛ لأنه خرج عن الطريق المستقيم الذي كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة، فالصحابة والتابعون والأئمة يعتقدون بما جاء في الكتاب والسنة من توحيد الله والإخلاص في الدين له، والإيمان بأسمائه وصفاته وأفعاله، فيمتثلون الأوامر ويجتنبون النواهي، فمن رغب عن الجماعة وخالفهم في الاعتقاد والأعمال فقد خرج من الإسلام وكان ضالاً مضلاً.
المتن:
[3] والأساس الذي تبنى عليه الجماعة ، وهم أصحاب محمد ﷺ ورحمهم أجمعين ، وهم أهل السنة والجماعة، فمن لم يأخذ عنهم فقد ضل وابتدع، وكل بدعة ضلالة، والضلالةُ وأهلها في النار.
قال عمر بن الخطاب : ((لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي ضَلَالَةٍ رَكِبَهَا حَسِبَهَا هُدًى، وَلَا فِي هُدًى تَرَكَهُ حَسِبَهُ ضَلَالَةً، فَقَدْ بُيِّنَتِ الْأُمُورُ، وَثَبَتَتِ الْحُجَّةُ، وَانْقَطَعَ الْعُذْرُ)).
وذلك أن السنة والجماعة قد أحكما أمر الدين كله، وتبين للناس، فعلى الناس الاتباع .
الشرح:
قوله : (والأساس الذي تبنى عليه الجماعة ، وهم أصحاب محمد ﷺ ورحمهم أجمعين ، وهم أهل السنة والجماعة) أي: أن الجماعة هم المجتمعون على الحق، وأول المجتمعين على الحق في هذه الأمة الصحابة، فالمراد أن ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم من الاعتقادات والأعمال والأقوال هو الأساس الذي تبنى عليه الجماعة.
إذاً أهل السنة والجماعة هم الصحابة وهم الفرقة الناجية، ومن قال إن الفرقة الناجية طائفة وأهل السنة طائفة فقد أخطأ، وهم أهل الحق، فأهل السنة والجماعة هي الفرقة التي توصف بكل هذه الأوصاف؛ فتوصف بأنها الجماعة، وتوصف بأنها الفرقة الناجية، وتوصف بأنها أهل الحق، ويدخل فيهم دخولاً أولياً الصحابة والتابعون ومن بعدهم.
قوله: (فمن لم يأخذ عنهم فقد ضل وابتدع)، بل قد يقال إنه يكفر؛ لأن الذي نقل إلينا الشريعة هم الصحابة والتابعون، فقد نقلوا إلينا القرآن ونقلوا إلينا السنة، فمن زعم أنه لا يؤخذ عن الصحابة فقد كفر، فليس له طريق إلا طريق الصحابة؛ لأنهم نقلة الشريعة، ونقلة الدين، ولهذا فإن من طعن فيهم فقد طعن في الدين ،كبعض الفرق الضالة كالرافضة يطعنون في الصحابة ويكفرونهم ويفسقونهم، وهذا كفر وضلال؛ لأن الطعن في الصحابة طعن في الدين الذي حملوه، فالذي يقول إن الصحابة كفروا وارتدوا بعد وفاة النبي ﷺ فقد طعن في الدين الذي حملوه، ولهذا فإن من كفر الصحابة وفسقهم فهو كافر؛ لأنه مكذب لله، فقد زكاهم الله وعدلهم ووعدهم بالجنة، ومن كذب الله كفر، وكذلك إذا كانوا كفاراً فكيف يوثق في دين حمله كفار وفساق؟! فالطعن في الصحابة زندقة وكفر وضلال.
قوله: (قال عمر بن الخطاب : لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة، فقد بُينت الأمور وثبتت الحجة وانقطع العذر)([15])، هذا الأثر عن عمر إسناده منقطع ولكن معناه صحيح دلت عليه النصوص ، وله شواهد عن بعض السلف ، فعن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه قال: «لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ بَعْدَ السُّنَّةِ فِي ضَلَالَةٍ رَكِبَهَا يَحْسَبُ أَنَّهَا هُدًى»([16])، وأيضاً معناه صحيح،ومعناه أنه لا يُعذر الإنسان في الضلالة التي يرتكبها يظن أنها من الهدى، ولا في الهدى الذي يتركه يحسب أنه ضلالة؛ لأنه من الواجب على الإنسان أن يسأل عن دينه، وأن يسأل عما أشكل عليه ولاسيما بعد بعثة النبي ﷺ، وقد قال الله تعالى: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام:19]، فمن بلغه القرآن فقد قامت الحجة، وقال تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15] ، وقد بُعث الرسولﷺ ، وكما أن الإنسان يسأل عن دنياه إذا أراد أن يشتري سلعة فيسأل أهل الخبرة، فعليه أن يسأل عن دينه وعما أشكل عليه، فلا عذر له في العمل بما يخالف شرع الله وهو يستطيع أن يسأل أهل العلم، قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، ولهذا قال عمر : (فقد بُينت الأمور وثبتت الحجة وانقطع العذر) أي: ببعثة الرسولﷺ وبنزول القرآن، إنما يُعذر الذي لم يبلغه القرآن ومن كان قبل بعثة النبي ﷺ، فأهل الفترات هم الذين يُعذرون، ولهم أحكام خاصة جاءت بها النصوص، وهي أنهم يُمتحنون يوم القيامة([17])، وكذلك من لم يبلغه شيء من القرآن ، أما من يعيش بين المسلمين ويسمع القرآن وأحاديث الرسول ﷺ، فهنا قد بُينت الأمور وثبتت الحجة ، فالقرآن يتلى والسنة موجودة بين الناس، فلا عذر في هذه الحالة، قال النبي ﷺفي الحديث الصحيح: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ([18]).
قوله: (وذلك أن السنة والجماعة قد أحكما أمر الدين كله وتبين للناس فعلى الناس الاتباع)،فالسنة والجماعة قد أحكما أمر الدين كله ولم يبقى شيء إلا وقد بُين في الكتاب العزيز وفي السنة النبوية واجتمع المسلمون من الصحابة والتابعين على العمل بهذا الدين، فمن ترك السنة والجماعة بعد وضوح ذلك فقد خلع رِبقة الإسلام من عنقه.
المتن:
الشرح
قوله:(واعلم)هذا من باب التنبيه، يعني: اجزم وتيقن بهذا الأمر الذي سأبينه لك؛ لأن العلم هو حكم الذهن الجازم([19]).
قوله: (رحمك الله) هذا خبر بمعنى الدعاء، أي: أسأل الله أن يرحمك، وهذا من نصح المؤلف رحمه الله فهو يعلمك ويدعو لك.
قوله: (اعلم رحمك الله أن الدين، إنما جاء من قِبل الله تبارك وتعالى لم يوضع على عقول الرجال وآرائهم، وعلمه عند الله وعند رسوله ﷺ) يعني: تيقن واجزم أن الدين إنما جاء من الله؛ لأن الدين وحي الله إلى رسوله ﷺ، فقد أوحى إليه القرآن وأوحى إليه السنة، والدين هو ما جاء في القرآن والسنة، وهو من قبل الله لم يوضع على عقول الرجال وآرائهم، فعقول الرجال وآراؤهم لم يجعلها الله هي الميزان الذي يُرجع إليه، وإنما الميزان كتاب الله وسنة رسولهﷺ، فالدين إنما جاء من قِبل الله تعالى بالوحي المنزل على نبيِّهﷺ قرآناً وسنة وعلمه عند الله وعند رسوله ﷺ.
قوله: (فلا تتبع شيئاً بهواك فتمرق من الدين فتخرج من الإسلام، فإنه لا حجة لك)، أي: لا تتبع الهوى؛ لأن اتباع الهوى ضلال، ولهذا قال الله تعالى لنبيه داود: يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ [ص:26]، فمن اتبع شيئاً بهواه مرق من الدين ، ومن مرق من الدين خرج من الإسلام، ولا حُجة له في هذه الحالة، وقد بين المؤلف رحمه الله السبب بقوله: (فقد بين رسول الله ﷺ لأمته السنة وأوضحها لأصحابه وهم الجماعة) إذاً: ليس هناك حجة لمن خرج عن الدين؛ لأن الرسولﷺ بين لأمته السنة وأوضحها لأصحابه، والرسول ﷺ قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فقامت الحجة على الناس.
مسألة: ما هو ضابط الإطلاق الذي ذكره المصنف رحمه الله في قوله: (فلا تتبع شيئاً بهواك فتمرق من الدين فتخرج من الإسلام)؟
الجواب: ضابطه النصوص ، فما دلت عليه النصوص أنه مروق من الدين يكون مروقاً، وما لم تدل عليه النصوص أنه لا يكون مروقاً فلا يكون مروقاً.
قوله: (وهم السواد الأعظم، والسواد الأعظم: الحق وأهله)، أي: المراد بالسواد الأعظم الحق وأهله، فأهل الحق هم السواد الأعظم، ، كما جاء في بعض الأحاديث عَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ ([20]) ، وهو أمرٌ بلزوم السواد الأعظم، وهم من ثبت على الحق ولو كان واحداً، كما قال بعض السلف: « إِنَّ جُمْهُورَ الْجَمَاعَةِ هِيَ الَّتِي تُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ , إِنَّمَا الْجَمَاعَةُ مَا وَافَقَ طَاعَةَ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتَ وَحْدَكَ»([21])، وليس المراد أن الحق يعرف بكثرة الناس، بل إن الكثرة في الغالب تكون هالكة، قال تعالى: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116]، وقال سبحانه: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ [هود:17]، وقال: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ [البقرة:243]، وقال:وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13].
والسواد الأعظم يكثرون ويقلون، ففي عهد النبيﷺ كان الصحابة هم السواد الأعظم، وفي عهد التابعين كان التابعون هم السواد الأعظم، وفي عهد تابعيهم والأئمة وهكذا، وفي بعض الأزمنة يكون على الحق واحد أو اثنان أو ثلاثة أو أربعة، وقد يكون على الحق جماعة متفرقون قلة، فيكون في هذا البلد أفراد وفي هذا البلد أفراد ، فهم الحق وهم السواد الأعظم، وفي آخر الزمان وفي وقت الفتن وقبيل خروج الدجال يجتمعون في الشام.
وأهل السواد الأعظم هم الطائفة المنصورة، وهم أهل الحق وهم أهل السنة وهم الجماعة، وقد يكون الإنسان من أهل السنة والجماعة وهو مزارع أو تاجر أو جزار أو سباك وقد يكون محدثاً وفقيهاً، ومقدم أهل السنة والجماعة أهل الحديث وأهل العلم وأهل الفقه وأهل البصيرة ومن كان على طريقتهم، ولهذا قال الإمام أحمد: «إِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الْمَنْصُورَةُ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ»([22]) فيكون في مقدمتهم أهل الحديث وكل من تبعهم فهو منهم، ومقدمتهم الأولى الصحابة والتابعون ومن تبعهم من الأئمة.
قوله: (فمن خالف أصحاب رسول الله ﷺ في شيء منأمر الدين فقد كفر) وهذا كلام مجمل من المؤلف رحمه الله، أن من خالف رسول الله ﷺ في أمر من أمور الدين فقد كفر؛ لأنه إذا خالف في أمر من الأمور الاعتقادية بأن فعل ناقضاً من نواقض الإسلام، أو أشرك في العبادة، أو أنكر أمراً معلوماً من الدين بالضرورة فقد كفر، وقد يكون كفره كفراً أصغر، كما لو حلف بغير الله أو طعن في النسب أو ناح على الميت؛ كما قال النبيﷺ: اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ ([23])، وكذا من قال لأخيه: يا كافر، كما في الحديث: أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ ([24]) ، والقتال بين المسلمين،كما في الحديث: سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ([25]) ، فكل هذه أعمال كفرية، لكنها لا تُخرج من الملة، وقد يكون دون ذلك فيكون مخالفة، فكلام المؤلف مجمل ليس على إطلاقه وفيه تفصيل، فإن المخالفة قد تكون كفراً أكبر وقد تكون كفراً أصغر، وقد تكون بدعة، وقد تكون معصية.
فلا بد للمسلم أن يحفظ دينه من البدع والمحدثات صغيرها وكبيرها، فإنه لا يتم إسلام مسلم حتى يكون متبعاً مصدقاً مسلماً.
المتن:
الشرح:
قوله: (واعلم أن الناس لم يبتدعوا بدعة قط حتى تركوا من السنة مثلها) وهذا من باب التنبيه كي يجذب انتباه الذهن، ومعناه: اجزم وتيقن أن الناس لم يبتدعوا بدعة قط حتى تركوا من السنة مثلها، فكل بدعة تحدث يموت مثلها من السنة،كما جاء في الحديث عن النبيﷺ مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا رُفِعَ مِثْلُهَا مِنَ السُّنَّةِ ([26])، فالسنة تقابل البدعة والبدعة تقابل السنة، وإذا أحييت سنة ماتت البدعة المقابلة لها، وهذا شيء واضح لا شك فيه.
قوله: (فاحذر المحدثات من الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة والضلالة وأهلها في النار)، هذا مأخوذ من الأحاديث التي جاء فيها التحذير من البدع، قال عليه الصلاة والسلام: فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ([27])،وفي رواية النسائي : وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ([28]).
وثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبيﷺقال: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ ([29]) ، وفي لفظ لـمسلم : مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ([30]) ، فكل عمل وكل حدث في الدين يخالف أمر الله وأمر رسولهﷺ فهو بدعة.
المتن:
الشرح:
يقول المؤلف رحمه الله عليك أن تجتنب البدع حتى ولو كانت صغيرة، ولو كانت بدعة قولية، أي: ما يقوله بعض الناس، كأن ينطق بالنية حينما يصلي، فإذا صليت بجواره فإنه يقول: نويت أن أصلي فرض الظهر أربع ركعات خلف هذا الإمام، وإذا أراد أن يصوم، قال: نويت أن أصوم هذا اليوم من رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وإذا أراد أن يطوف بالبيت قال: نويت أن أطوف بالبيت سبعة أشواط طواف العمرة أو طواف الوداع، أو نويت أن أسعى بين الصفا والمروة مع الحج، وهذه بدعة ليس لهم عليها دليل، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله : "ولو مكث أحدهم عمر نوح يفتش: هل فعل رسول الله ﷺ أو أحد من أصحابه شيئا من ذلك، لما ظفر به، إلا أن يجاهر بالكذب البحت"([31])، فهذه بدعة صغيرة يتساهل بها بعض الناس، لكن قد تجره إلى البدع الكبار، وكذلك أيضاً بعض الناس إذا توضأ فإنه يأتي بأذكار لا أصل لها، فإذا غسل وجهه قال: اللهم بيض وجهي يوم تسود الوجوه، وإذا غسل يده اليمنى قال: اللهم أعطني كتابي بيميني وهذه بدعة لا أصل لها، فالصغير يجر إلى الكبير.
قوله :(وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيراً يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع الخروج منها فعظمت وصارت ديناً يدان به)، يعني كل بدعة حينما تحدث تكون صغيرة تشبه الحق من وجه فيغتر بها بعض الناس فيدخلون فيها فإذا دخلوا ما استطاعوا الخروج منها، وهكذا ينتقل من بدعة إلى بدعة حتى يصل إلى الكفر نعوذ بالله، فتعظم بسبب الإلف والاعتياد، فهو يبتدع أولاً بدعة صغيرة ويغتر بها، ثم لا يستطيع الخروج منها، ثم تعظم وتصير ديناً اعتاده الناس فخالف الصراط المستقيم وخرج بذلك من الإسلام ، فمثلاً بعض الناس في بعض المجتمعات اعتادوا أن المرأة لا تحتجب عن أقاربها من بني عمها وجيرانها، فالمرأة تسلم على ابن عمها وابن خالها وجارها وزوج أختها فتكشف لهم وجهها وتسافر معهم وقد تأكل معهم ، لكن إذا خرجت للشارع تتحجب، فبعض الناس إذا نهيته قلت: يا فلان! لا يجوز لك أن تترك امرأتك تسلم على جارك أو تسلم على أخيك وتكشف له وجهها، فيقول: لا نستطيع تركه؛ فقد نشأنا عليه، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (إن البدعة تعظم وتصير ديناً يدان بها) لا يستطيع الفكاك عنها، لكن لو جاهد نفسه وكان شجاعاً قوياً في الحق لنصح أهله وجاره وابنه وبني عمه وبني خاله ويقول: هذا محرم ولا يجوز للمرأة أن تكشف لهم وجهها، لكن هذا التساهل الذي نشأ عليه الصغير وهرم عليه الكبير جعل هذه البدعة أو هذه المعصية لا يستطيع الإنسان الفكاك عنها، وهذا هو معنى قول المؤلف رحمه الله: (وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيراً يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها ثم لم يستطع الخروج منها فعظمت وصارت ديناً يدان بها فخالف الصراط المستقيم فخرج من الإسلام)، أي: أن هذه البدعة وإن كانت صغيرة فقد خالف صاحبها بها الصراط المستقيم، والصراط المستقيم هو العمل بالسنة وترك البدعة. وقد تجر هذه البدعة الصغيرة إلى ما هو أكبر منها، وصدق الشاعر حين قال:
كُلُّ الحَوَادِثِ مَبْدَؤُهَا مِنَ النَّظَرِ | وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ |
فحينما يأتي الرجل الأجنبي إلى امرأة فيقول: السلام عليكم، تقول: عليك السلام، وما عندهم أحد، ثم يكلمها، فهذا كلام، ثم لقاء، حتى يصل إلى فعل الفاحشة حتى يصل إلى الزنا والعياذ بالله، وأول شيء كان كلاماً، فنظرة فسلام فكلام ثم لقاء، أولاً نظر إليها، ثم سلم عليها، ثم صار بينهما الكلام ثم لقاء، وهكذا يتدرج الإنسان من المعصية إلى المعصية، فكذلك البدعة ينتقل من بدعة إلى بدعة إلى بدعة حتى يصل إلى الكفر والعياذ بالله ، فيخرج بذلك من الإسلام كله، نسأل الله السلامة والعافية.
قوله: (فانْظُر رحمكَ الله! كُلَّ مَن سمِعتَ كلامه من أهلِ زمانك خاصَّة فلا تعجلنَّ ولا تدخلنَّ في شيء منه حتى تسأل وتنظر، هل تكلم به أصحاب رسول اللهﷺ أو أحد من العلماء فإن وجدت فيه أثراً عنهم فتمسك به)، قوله: (فانْظُر)بمعنى تأمل، وليس المراد النظر بالعينين، وإنما المراد النظر بالقلب، كقوله تعالى: فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الروم:50] ، وهذا من نصح المؤلف رحمه الله أن يسأل لك الرحمة، يعني اللهم ارحمه ، ومعنى كلامه إذا رأيت أهل زمانك يتكلمون في شيء أو يعملون شيئاً فتأمل ولا تستعجل ولا تدخل في شيء من هذه الأمور، ولا تتكلم في هذا الشيء الذي تكلموه ولا تعمل هذا العمل الذي عملوه إلا بعد أن تتأمل، وتسأل وتنظر، وإذا كنت طالب علم فابحث في كتب العلم ومع أهل العلم، فانظر هذا الأمر الذي يعمله الناس مثل رفع اليدين في الدعاء أو الزيارة والصلاة في المقبرة، فإذا رأيت بعض الناس يصلي عند المقبرة وأنت لا تدري ما الحكم، فانظر وتأمل ولا تستعجل فتصلي عند القبر تقليداً لمن يفعل ذلك، حتى تنظر وتتأمل هل تكلم فيه أصحاب رسول الله ﷺ أو أحد من العلماء، فإن وجدت فيه أثراً فتمسك به، وإن وجدت أن هذا العمل مشروع فاعمل به، وإذا وجدتهم ينهون عنه ويحذرون منه فاتركه.
قوله: (ولا تجاوزه لشيء ولا تختر عليه شيئاً فتسقط في النار) يعني: أن المعاصي توصل إلى النار، فعلى الإنسان ألا يعمل شيئاً ولا يقل شيئاً إلا بدليل من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ ، فقد نهى النبي ﷺ عن الصلاة إلى القبور بقوله: لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ، وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا ([32])، ونهى النبي ﷺ عن الصلاة في المقبرة والحمام فقال الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا المَقْبَرَةَ وَالحَمَّامَ ([33])، فالصلاة في المقبرة من وسائل الشرك وهذا حرام.
إذاً لا تفعل شيئاً تقليداً لمن فعله، فكل عمل لابد أن تنظر فيه وتتأمل وتعمل بالسنة ولا تجاوزه إلى غيرها فتسقط في النار، والمعنى: أن البدع والمعاصي توصل إلى النار وهي بريد الكفر.
المتن:
الشرح:
قوله:(اعلم أن الخروج من الطريق يكون على وجهين) يعني: تيقن أن الذي خرج عن الطريق المستقيم وخالف السنة له حالتان:-
الحالة الأولى: (رجل زل عن الطريق وهو لا يريد إلا الخير فلا يقتدى بزلته)، هذا النوع من الناس هو من لا يريد إلا الخير فلا يقتدى بزلته ، أي أنه لم يتعمد ترك الحق ولكنه خالف الحق، فهذا لا يقتدى به ولو كان من الصحابة أو التابعين.
قوله:(فإنَّه هالكٌ)هذا اللفظ فيه تفصيل:
إن كان عالماً مجتهداً ، وهذا هو الذي وصل إليه باجتهاده فهو مأجور على اجتهاده وخطؤه مغفور، ولكن لا نقتدي به وإنما نترحم عليه ما دام أننا عرفنا أنه مخالف للنص حتى ولو كان من الصحابة، ومثال ذلك: أن أصحاب النبي ﷺ في حجة الوداع منهم من أحرم بحج فقط ومنهم من أحرم بعمرة وحج، ومنهم من أحرم بالحج مفرداً، ومنهم أحرم متمتعاً بالعمرة إلى الحج، ومنهم من أحرم بالعمرة مفرداً، فلما قربوا من مكة أمر النبي ﷺ الذين لم يسوقوا الهدي أن يقلبوا إحرامهم إلى عمرة، ثم لما طافوا وسعوا عند المروة حتَّم عليهم وألزمهم أن يتحللوا فتحللوا كلهم إلا من ساق الهدي؛ وذلك لإزالة اعتقاد الجاهلية؛ فقد كان أهل الجاهلية يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فأراد النبي ﷺ أن يزيل اعتقاد أهل الجاهلية وأمرهم أن يجعلوها عمرة، حتى أن الصحابة رضوان الله عليهم قالوا: يا رسول الله! أيذهب أحدنا إلى منى وذكره يقطر منياً، فخطبهم، وقال: لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ ([34])، تطييباً لخواطرهم، لأنهم كانوا في الجاهلية لا يعتمرون في وقت الحج ، فأخذ العلماء من هذا مشروعية فسخ الحج إلى العمرة لمن لم يسق الهدي، وقالوا: إن هذا هو الأفضل، وقد أفتى بذلك علي بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري وابن عباس ثم اجتهد الخلفاء الثلاثة أبو بكر و عمر و عثمان رضوان الله عليهم وصاروا بعد وفاة النبي ﷺ يفتون الناس أن يحرموا بالحج مفردين، وقالوا إن العمرة يؤتى بها في وقت آخر حتى يستمر الإحرام ولا يزال هذا البيت يُحج ويُعتمر إليه ، وقالوا إن اعتقاد أهل الجاهلية قد زال، فكانوا يفتون الناس بالحج مفردين، وبقي ابن عباس و علي يفتيان بالتمتع.
ولما اختلف علي وعثمان رضي الله عنهما، قال علي لـعثمان : «مَا كُنْتُ لِأَدَعَ سُنَّةَ النَّبِيِّ ﷺ لِقَوْلِ أَحَدٍ»([35])، وكذلك أبو موسى الأشعري ، حتى إن جماعة ناظروا ابن عباس ، وقالوا له: كيف يا ابن عباس ! تأمر بالعمرة و أبو بكر و عمر يأمران بالحج؟ فاشتد ابن عباس رضي الله عنهما في الإنكار عليهم؛ لأنهم خالفوا السنة، فقال: "أُرَاهُمْ سَيَهْلِكُونَ أَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ، وَيَقُولُ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ".([36])
فهذا قول للخلفاء الثلاثة وقد اجتهدوا ، لكن الصواب مع ابن عباس، ومع علي، ومع أبي موسى الأشعري، فمن خالف السنة باجتهاد فهذا له أجر على اجتهاده كالصحابة ومن بعدهم من العلماء، وقال ﷺ : إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ ([37]).
إذا كان متعمداً تَرْك الحق فهذا هو الهالك، أما إذا كان عن اجتهاد فليس بهالك.
والحالة الثانية: (وآخر عاند الحق وخالف من كان قبله من المتقين فهو ضال مضل، شيطان مريد في هذه الأمة)، فإذا عاند وترك الحق عن هوى لا عن اجتهاد بل عن اتباع للهوى فهو ضال مضل، وهو شيطان مريد في هذه الأمة، هذا إذا كانت مخالفته كبيرة توصل إلى هذا الحد، أما إذا كانت مخالفة يسيرة فقد لا يكون بهذا الوصف، حيث إن هذا الوصف من قوة المؤلف رحمه الله، وشدته على أهل البدع، وقوة الدفاع عن الحق، ولشدة تحذيره من أهل البدع وإلا هذا فيه تفصيل أيضاً، فالذي خالف الحق في بعض المسائل الواردة في السنة مثل رفع اليدين في الصلاة، أو جلسة الاستراحة وغيرها من المسائل التي لا توصل إلى هذا الوصف فيكون قد خالف السنة ولا يكون بهذا الوصف، وإن كان قد خالف الحق في المسائل التي خلافها مؤثر حتى يكون فاعلها ضالاً مضلاً فهو بهذا الوصف.
قوله : (حقيقٌ على من يعرفه أن يُحذِّرَ النَّاس منه ، ويبين للناس قصته ، لئلا يقع أحدٌ في بدعتهِ فيهلك)فيجب على الإنسان أن يحذر من البدع ويحذر من أهل البدع وأهل الضلال حتى لا يقعوا في بدعته فيهلكون.
المتن:
الشرح:
قوله: (وَاعْلَم رَحِمَكَ اللهُ أَنَّهُ لَا يَتِمُ إِسْلَامَ عَبدٍ حتى يكون مُتَّبِعاً مُصَدِّقاً مُسَلِّماً) فلابد أن يكون مصدقاً أي: مقراً ومعترفاً بما جاء عن الله وجاء عن رسول الله ﷺ، فيكون لسان حاله ومقاله: آمنا بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنا برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله، وبذلك يتم إسلام العبد ويكون متبعاً للرسولﷺ مصدقاً مسلماً مسلِّماً، فمن لم يصدق بالباطن يكون منافقاً، قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ [البقرة:8] فهم يقولون: آمنا بألسنتهم وما هم بمؤمنين بقلوبهم، وقال سبحانه: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون:1]،فلا يتم إسلام العبد حتى يكون مسلِّماً لأمر الله وأمر رسوله ولا يكون معترضاً على أمر الله وأمر رسوله ﷺ، فمن اعترض على أمر الله وأمر رسولهﷺفهذا كفر وضلال، فإبليس قابل أمر الله بالاعتراض والرد وهو لم يكذب بل هو مصدق لكنه معترض على الله ورد أمر الله ، قال الله تعالى : وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة:34] ، فهذا اعتراض ورد لما أمره الله بالسجود لآدم ، هو لم ينكر أمر الله ، لكنه اعترض ورد أمر الله لأن آدم مخلوق من الطين وهو مخلوق من النار، والنار أحسن من الطين وأفضل بزعمه قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف:12]، فكفر وطُرد من رحمة الله بالرفض والرد والاعتراض على الله.
قوله:(فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ بَقِي شَيء مِنْ أَمرِ الإسلام لم يَكْفُوناهُ أصحابُ محمدٍﷺ فَقَدْ كَذَّبَهُمْ) أي: من زعم أن هناك شيئاً ما نقله الصحابة ولا وصل إلى أيدينا من الدين فقد كذب الصحابة.
قوله :( وَكَفَى بِهِ فُرقَةً وَطَعْناً عَلَيهِم وُهو مُبتَدِعٌ ضَالٌّ مُضِلٌ محدثٌ في الإسلامِ ما ليسَ فيهِ) من كذَّب الصحابة رضوان الله عليهم فقد أعظم الطعن عليهم، ومن كذَّب الصحابة رضوان الله عليهم فهو مبتدعٌ ضال مضل محدث في الإسلام ما ليس منه.
المتن:
الشرح:
قوله: (وَاعْلَم رَحِمَكَ اللهُ أنَّهٌ لَيْسَ في السُّنةِ قِياسٌ) يعني: المراد بالقياس هنا القياس الفاسد وهو الذي يُعارض به النصوص ، مثل قياس إبليس، فهو أول من قاس القياس الفاسد، قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف:12]، ولهذا قال محمد بن سيرين رحمه الله : «أَوَّلُ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ، وَمَا عُبِدَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ إِلَّا بِالْمَقَايِيسِ»([38]) ، والقياس الفاسد هو أن يُستعمل القياس مقابل النص، فإذا جاءك نص فلا تقس، ومثال ذلك: حرم الله تعالى الربا بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة:278]، فالمشركون قاسوا وقالوا: إن البيع مثل الربا، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، وهذا القياس فاسد مقابل النص، فالنص هو: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة:278]، فالقياس الفاسد هو الذي يكون في مقابلة النصوص، فإبليس كان عنده نص وهو: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة:34]، فقام بالقياس الفاسد وهو: قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف:12].
قوله: (وَلاَ يُضْرَبُ لَهاَ الأمثالُ)، يعني: لا يضرب لكلام الله وكلام رسولهﷺ الأشباه والنظائر، فيقول: إن هذا مثل كذا وهذا مثل كذا فيكون حكمه كذا، فأمرُ اللهِ وأمر رسوله يُتلقى بالتصديق والقبول والامتثال.
قوله : (ولا تُتَّبعُ فيها الأَهْواءُ، وهو التَّصْدِيقُ بآثارِ رسول اللهِﷺ بلا كيفٍ ولا شرحٍ لا يُقَالُ: لم وكيف؟) فالله تعالى حرم عليك الربا، لكن الإنسان يهوى أن يتعامل بالربا حتى يحصل له ربح، فهذه شهوة وهوى فاترك الهوى ، قال تعالى: يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ [ص:26]، وقدم أمر الله وأمر رسولهﷺ على الهوى ، فإذا جاءتك النصوص فلا تعترض، بأن تقول: (لم؟)، وهي في الأفعال، و(كيف؟)، وهي في الصفات، كأن تقول: لماذا أوجب الله علينا الصلوات الخمس، لماذا لم يجعلها ست صلوات؟! لماذا جعل الله هذا فقيراً وهذا غنياً، وهذا طويلاً وهذا قصيراً، وهذا ملكاً وهذا مملوكاً؟! والجواب: لأن الله حكيم لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23]؛ لكمال حكمته ولا تقل: كيف استوى الله على العرش ؟ كيف ينزل؟ كيف يتكلم؟ فهو ينزل بلا كيف، ويتكلم بلا كيف، كما قال الإمام مالك رحمه الله لما سئل عن الاستواء: «الاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، والكَيْفُ مَجْهُولٌ، والإيمانُ بِهِ وَاجِبٌ، والسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ»([39])،أي: معلوم في اللغة العربية ، فالواجب على المسلم التصديق بآثار الرسولﷺ بلا كيف ولا شرح يخالف النصوص، أو يكون فيه اعتراض على أمر الله وأمر رسولهﷺ.
المتن:
الشرح:
قوله :( والكَلَامُ والخُصُومةُ والجِدَالُ والِمرَاءُ مُحْدَثٌ يَقْدَحُ الشَّكَّ في القلبِ، وإنْ أَصَابَ صاحبُهُ الحقَّ والسُّنَّةَ) يعني: الخصام والنزاع والجدال في أمور الدين وفي مسائل الاعتقاد بدعة محدثة([40])، حتى ولو أصاب صاحبه الحق فلا ينبغي للإنسان أن يتكلم في الصفات وفي مسائل الدين بالشبهة التي توقع الشك، ولهذا كان السلف رحمهم الله يكرهون الكلام في الصفات وفي الأفعال، وكانوا لا يودون الكلام فيها، لكن لما تكلم أهل الباطل وأهل البدع بالباطل اضطر العلماء إلى الرد عليهم، وإلا فالأصل أنه لا يُتكلم فيها، فقد كان أحد الصحابة إذا وقع في نفسه الشك كتم، واستعظم الكلام فيه وحاربه، ولهذا لما جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ ([41])؛ فهو يود أن يسقط من السماء ولا يتكلم بالوساوس؛ لخبثها، وفي لفظ: "لَأَنْ أَكُونَ حُمَمًا"، يعني: فَحْمَةً،"أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ أَمْرَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ ([42])؛، والمعنى: كَتْم الوَسْوسة, ومحاربتها, ودفعها, واستعظام التكلُّم بها صريح الإيمان، لكن المتأخرين صاروا يتكلمون بالوساوس وكتبوها وألِفوها فحصلت الشكوك والبدع، فاضطر العلماء إلى الرد عليها.
الحواشي:
[1]- انظر: طبقات الحنابلة (2/18)، والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم (14/14)، وسير أعلام النبلاء (15/90)، والبداية والنهاية (15/137).
[2] - تم إثبات نص هذه الرسالة من الطبعة التي حققها الشيخ /عبد الرحمن بن أحمد الجميزي ، الطبعة الرابعة، 1434هـ، دار المنهاج – الرياض، والرسالة موجودة ضمن طبقات الحنابلة (2/18-43) .
[3] - أخرجه أبو داود، كتاب السُّنَّةِ ، باب فِي لُزُومِ السُّنَّةِ ، رقم (4604).
[4] - انظر : البحر المحيط في أصول الفقه (6/5) .
[5] - أخرجهالبخاري، كتاب التفسير، باب وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ [الحشر: 7] ، رقم (4886)، ومُسْلِم ، كِتَابُ اللباس والزينة ، رقم (2125).
[6]- أخرجه ابن جرير في تفسير البسملة، انظر: تفسير الطبري: (1/123) .
[7]- سبق تخريجه .
[8]- انظر :البحر المحيط في أصول الفقه (1/76) ، والتحبير شرح التحرير (1/228) .
[9]- أخرجه أبو داود، كتاب السُّنَّةِ ، باب فِي لُزُومِ السُّنَّةِ ، رقم (4605) ،والترمذي، كتاب العلم، بَابُ مَا نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ حَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ، رقم (2663)، و ابنُ ماجَهْ، المقدمة، رقم (13)، رقم (368)، وقال الحاكم في المستدرك (1/190/368) صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، ووافقه الذهبي.
[10]- أخرجه الترمذي، كتاب العلم، باب مَا نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ حَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ ، رقم (2664)، وابنُ ماجَهْ، المقدمة، رقم (12)، وقال الترمذي «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ»
[11]- أخرجه أبو داود، كتاب السُّنَّةِ ، باب شرح السنة ، رقم (4596)، والترمذي، كتاب الْأَيْمَانِ، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، رقم (2640)، وابنُ ماجَهْ ، كِتَابُ الفتن، باب افتراق الأمم، رقم (3993)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
[12]- أخرجه أبو داود ، كتاب السُّنَّةِ ، باب شرح السنة ، رقم (4597)، وابنُ ماجَهْ، كِتَابُ الفتن، باب افتراق الأمم ، رقم (3992)، وقال الحاكم في المستدرك (1/218/443) هذه أسانيد تقوم بها الحجة ، ووافقه الذهبي.
[13]- انظر: مسند أحمد ، رقم (12208)، ومسند البزار (4/37)، ومصنف ابن أبي شيبة (7/554)، والبدع لابن وضاح (250)، والسنن الكبرى للبيهقي (10/351)، وحلية الأولياء لأبي نعيم (9/238) .
[14] - أخرجهالبخاري، كتاب المَنَاقِبِ، رقم (3641)، و مُسْلِم ، كتاب الْإِمَارَةِ ، رقم (1920) .
[15]-أخرجه ابنُ بطة في الإبانة الكبرى (1/320/162)، وأبو نُعيم في الحلية (5/346)، وابن شبة في تاريخ المدينة (3/800).
[16]- أخرجه المروزي في السنة (1/31/95) .
[17]-أخرجه أحمد في المسند ، رقم (16301)، وابن حبان (7357)، والاعتقاد للبيهقي، باب القول في الأطفال أنهم يولدون على فطرة الإسلام (1/169) ، وقال البيهقي : هذا إسناد صحيح.
[18] - أخرجه مُسْلِم ، كتاب الْأَيْمَانِ ، رقم (153).
[19] - تقدم قريباً .
[20]- أخرجه ابنُ ماجَهْ، كتاب الفتن، باب السواد الأعظم ، رقم (3950)، وأحمد في المسند : رقم (18450)، ولفظه إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُ اخْتِلَافًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ.
[21]- أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/121/160)، من كلام عبد الله بن مسعود .
[22] -أخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث بسند صحيح (1/2) .
[23] -أخرجه مُسْلِم ، كتاب الْأَيْمَانِ، رقم (67).
[24]- أخرجهالبخاري، كتاب الأدب، باب مَنْ كَفَّرَ أَخَاهُ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ ، رقم (6104)، ومُسْلِم، كتاب الْأَيْمَانِ، رقم (60) .
[25]-أخرجهالبخاري، كتاب الْأَيْمَانِ ، باب خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ، رقم (48)، ومُسْلِم، كتاب الْأَيْمَانِ، رقم (64).
[26]- أخرجه أحمد في المسند :رقم (16970) ، وجود إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح(13/253).
[27] - أخرجه أبو داود ، كتاب السُّنَّةِ ، باب فِي لُزُومِ السُّنَّةِ ، رقم (4607)، والترمذي : أبواب العلم ،بَابُ مَا جَاءَ فِي الأَخْذِ بِالسُّنَّةِ وَاجْتِنَابِ البِدَعِ ، رقم (2676) , وابنُ ماجَهْ : المقدمة ، باب اتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، رقم(42) ، وقال الترمذي: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ».
[28] - أخرجهالنسائي، كتاب صلاة العيدين ، كَيْفَ الْخُطْبَةُ، رقم (1578).
[29] - أخرجه البخاري، كتاب الصلح ، باب إِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحِ جَوْرٍ فَالصُّلْحُ مَرْدُودٌ ، رقم (2697) , ومُسْلِم ، كتاب الأقضية ، رقم(1718) .
[30] - أخرجه مُسْلِم ، كتاب الأقضية ، رقم (1718) .
[31] - إغاثة اللهفان (1/138) .
[32]- أخرجه مُسْلِم ، كتاب الجنائز ، رقم (972).
[33]- أخرجه أبو داود ، كتاب الصَّلاَةِ : بَابُ في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة ، رقم (492)، والترمذي ، كتاب الصَّلاَةِ ، باب مَا جَاءَ أَنَّ الأَرْضَ كُلَّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا المَقْبَرَةَ وَالحَمَّامَ ، رقم (317)، وابنُ ماجَهْ ، كتاب المساجد والجماعات، باب المواضع التي تكره فيها الصلاة ، رقم (745).
[34]- أخرجه البخاري، كتاب الحَجِّ، باب التَّمَتُّعِ وَالإِقْرَانِ وَالإِفْرَادِ بِالحَجِّ، وَفَسْخِ الحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، رقم (1568)، ومُسْلِم، كتاب الحَجِّ، رقم (1216).
[35]- أخرجه البخاري، كتاب الحَجِّ، باب التَّمَتُّعِ وَالإِقْرَانِ وَالإِفْرَادِ بِالحَجِّ، وَفَسْخِ الحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، رقم (1563).
[36]- أخرجه أحمد في مسنده: رقم (3121)، وابن حزم في حجته، رقم (391) ، وأورده شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (20/215) بلفظ" يُوشِكُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنْ السَّمَاءِ أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَتَقُولُونَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟"
[37]-أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام بالكِتَابُ والسنة، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ ، رقم (7352)، ومُسْلِم ، كتاب الأقضية ، رقم (1716).
[38] - أخرجه الدارمي: بَابُ تَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَمَا يَحْدُثُ فِيهِ ، رقم (195)، وابن أبي شيبة في مصنفه (7/253/35806)، وذم الكلام وأهله (2/200/356).
[39]- أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ( 3/440/ 663)، وأبو نعيم في الحلية (6/326)،والبيهقي في الأسماء والصفات (2/305/867) ، والدارمي في الرد على الجهمية (1/66/104) ، وقد صححه الذهبي في العلو (ص 103)، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (13/406،407) : إسناده جيد .
[40]- قال العمراني في الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (1/129): "صرح العلماء من أهل الحديث والفقهاء المشهورون بتحريم الكلام، وقالوا: هو محدث وبدعة في الدين، وقالوا: لو كان طريقاً صحيحاً لمعرفة الله سبحانه لنبه الله سبحانه عليه في القرآن ولأمر النبي - ﷺ- به وتكلمت به الصحابة ، وقد علَّم النبي - ﷺ- أصحابه الاستنجاء ودلهم على جميع الأحكام فلو كان الكلام من مهمات الدين لنبه النبي - ﷺ- عليه" .
[41]- أخرجه مُسْلِم ، كتاب الْأَيْمَانِ ، رقم (132).
[42]-أخرجه ابن أبي عاصم في السنة(1/296/658) ، والطبراني في الكبير (10/38/10838) ، والنسائي في الكبرى (9/248/10434) .