المتن:
الشرح:
قوله : (ولا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ويشهد أن محمداً رسول الله عبده ورسوله إلا بإحدى ثلاث) يشير المؤلف إلى حديث ابن مسعود في الصحيحين: لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ ([1])، فنفس المسلم معصومة إلا إذا ارتكب واحدة من هذه الثلاث.
قوله : (زانٍ بعد إحصان)والإحصان هو الزواج، فالمحصن هو الذي تزوج في عمره ولو مرة واحدة زواجاوطئ فيه([2])، فإذا زنى ولو لم يكن معه زوجة فيسمى محصناً، فإذا زنى فإنه يُرجم بالحجارة حتى يموت، أما إذا زنى وهو بكر ولم يتزوج أو تزوج ولم يطأ فإنه يجلد مائة جلدة ويغرب عاماً عن البلد.
قوله : (أو مرتدٍ بعد إيمان): وهو التارك لدينه المفارق للجماعة، فإذا ارتد المسلم فإنه يقتل لقول النبيﷺ: مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ([3]).
قوله : (إذا قتل نفساً مؤمنة بغير حق فيقتل به)، فهذه الثلاث إذا ارتكب المسلم واحدة منها أحل دمه، وما عدا ذلك فهو معصوم الدم والمال؛ كما قال المؤلف: (وما سوى ذلك فدم المسلم على المسلم حرام أبداً، حتى تقوم الساعة).
المتن:
الشرح:
قوله: (وكل شيء مما أوجب الله عليه الفناء يفنى)، لقول الله : كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:26-27]؛ ولقوله سبحانه: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص:88]؛ ولقوله سبحانه: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ [الأنبياء:34]، وقوله سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]؛ ولقوله سبحانه: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [الزمر:30-31].
قوله : (إلا الجنة والنار، والعرش والكرسي واللوح والقلم والصور، ليس يفنى شيء من هذا أبداً) فكل شيء يفنى ممن أوجب الله علية الفناء إلا الأشياء التي كتب الله لها البقاء، وهي ثمانية أشياء، ذكر المؤلف منها سبعة وهي: الجنة والنار، فهما دائمتان مخلوقتان لا تفنيان، والعرش والكرسي، واللوح والقلم والصور، والمقصود بالصور الأرواح إذا خرجت، وذلك أنها إذا خرجت روح الميت نقلت إلى الجنة ولها صلة بالجسد، وروح الكافر تنقل إلى النار ولها صلة بالجسد، والبدن يفنى ويدخل التراب ثم يعيده الله خلقاً جديداً ثم يأمر الله إسرافيل فينفخ في الصور فتعود الأرواح إلى أجسادها مرة أخرى، فالأرواح باقية إما في نعيم أو في عذاب، والشيء الثامن الذي لا يفنى هو عجب الذنب وهو آخر فقرة في العمود الفقري، فقد جاء في الحديث: كُلُّ اْبنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ. ([4])، ولهذا يقول العلماء :
ثَمَــانِـيَـةٌ حُـكْمُ الْبقَـاءِ يَـعُـمُّـهَـا | مِنَ الْخَـلْقِ وَالْـبَاقُـونَ فِـي حَـيِّزِ الْعَدَمْ |
هِيَ الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ نَـارٌ وَجنَّةٌ | وَعَجْـبٌ وَأَرْوَاحٌ كَذَا اللَّوْحُ وَالْقَلَم ([5]) |
وهذه الأشياء باقية بإبقاء الله لها، والجهم بن صفوان يرى أن الجنة والنار تفنيان، وقد أنكر عليه أهل السنة وبدّعوه وضللوه وكفروه.
قوله :(ثم يبعث الله الخلق على ما ماتوا عليه يوم القيامة)، جاء في الحديث : يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ. ([6])، فمن مات على الخير يُبعث على الخير، ومن مات على الكفر يُبعث على الكفر، وجاء في الأثر: "أن الله يحاسب الخلائق في وقت واحد"([7])، لا يلهيه شأن عن شأن فيحاسبهم في وقتهم كما أنه يخلقهم ويرزقهم ويعافيهم ويجيب سؤالهم في وقت واحد ، لكن المخلوق ضعيف، فلو كلمك اثنان أو ثلاثة أو كلمتهم لما استطعت، ولكن الله يفرغ من حسابهم بقدر منتصف النهار، ثم ينتقل أهل الجنة إلى الجنة في وقت القيلولة ويقيلون فيها، قال الله : أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا [الفرقان:24].
قوله:(فيحاسبهم بما شاء، فريق في الجنة، وفريق في السعير، ويقول لسائر الخلق ممن لم يخلق للبقاء: كونوا تراباً) جاء في الحديث: لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ. ([8])، أي: إذا كانت الشاة التي لها قرون نطحت أختها التي ليس لها قرون، فتأخذ حقها منها، كما في الحديث يُحْشَرُ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْبَهَائِمُ، وَالدَّوَابُّ، وَالطَّيْرُ، وَكُلُّ شَيْءٍ فَيَبْلُغُ مِنْ عَدْلِ اللَّهِ أَنْ يَأْخُذَ لِلْجَمَّاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ: كُونِي تُرَابًا فَذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا[النبأ:40].([9]).
المتن:
الشرح:
قوله : (والإيمان بالقصاص يوم القيامة بين الخلق كلهم، بني آدم والسباع والهوام، حتى للذرة من الذرة) وهذا مما يجب الإيمان به، وأن الله تعالى يقتص للخلائق بعضهم من بعض، سواء من بني آدم ومن غير بني آدم ومن السباع والهوام، وحتى للذرة من الذرة إذا اعتدت عليها فيأخذ الله لبعضهم من بعض، وفي الحديث: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ مِنْ جَرَّاءِ هِرَّةٍ لَهَا، أَوْ هِرٍّ، رَبَطَتْهَا فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تُرَمْرِمُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا. ([10])، فالعدوان على الحيوانات فيه إثم، والمرأة دخلت النار بسبب هرة اعتدت عليها وربطتها حتى ماتت جوعاً.
فيجب على المسلم أن يؤمن بالقصاص يوم القيامة، وأن الله تعالى يقتص للمظلوم من الظالم سواء كان من بني آدم أو من السباع والهوام وحتى للذرة من الذرة، وحتى يأخذ الله لبعضهم من بعض فيأخذ لأهل الجنة من أهل النار. فإذا كان هناك حق لواحد من أهل النار على واحد من أهل الجنة فإنه سيأخذ حقه منه، وإذا كان هناك حق لواحد من أهل النار على واحد من أهل الجنة فسيأخذه منه.
فاليهودي والنصراني غير الحربي مثلاً لا يجوز قتله ولا أخذ ماله بغير حق؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ. ([11])فدمه معصوم، وإذا اعتدى مسلم عليه وقتله أو أخذ ماله أو سرق منه، أو اقترض منه قرضاً ولم يعطه حقه فإن المعاهد يقتص من المسلم يوم القيامة، فدم الكافر حلال وماله حلال إذا كان محارباً وبيننا وبينه حرب وقتال، أما إذا كان ذمياً وليس بيننا وبينه حرب فهو معصوم الدم والمال لا يجوز قتله ولا يجوز أخذ ماله.
قوله:(حتى يأخذ الله لبعضهم من بعض ؛ لأهل الجنة من أهل النار، وأهل النار من أهل الجنة، وأهل الجنة بعضهم من بعض، وأهل النار بعضهم من بعض)، كل يأخذ حقه ممن اعتدى عليه سواءمن أهل النار أو من أهل الجنة، ولهذا إذا تجاوز المؤمنون الصراط أوقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، كما في الحديث إِذَا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا، أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الجَنَّةِ. ([12]) ، وقد قيل إنها طرف الصراط ([13])، فيقتص لأهل الجنة بعضهم من بعض، وكل واحد يأخذ حقه قبل أن يدخل الجنة، فإذا اقتص بعضهم من بعض نزع الله الغل من صدورهم، ودخلوا الجنة في غاية من الصفاء وغاية من سلامة الصدور، قال تعالى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ [الحجر:47].
المتن:
الشرح:
قوله : (وإخلاصُ العملِ لله)يجب إخلاص العمل لله، وهذا شرط في صحة العمل، فلا يصح أي عمل إلا بالإخلاص، فإذا لم يخلص الإنسان عمله لله صار مشركاً، وفي الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه يقول الله تعالى: أَنَا أَغْنَىَ الشّرَكَاءِ عَنِ الشّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ. ([14]) ، وقال : فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110].
فالعمل لا يصح إلا بشرطين:
الشرط الأول: أن يكون خالصاً لله فإن لم يكن خالصاً صار شركاً.
الشرط الثاني: أن يكون صواباً على هدي وسنة رسول الله، فإن لم يكن صواباً صار بدعة.
وقد جمع الله بين هذين الشرطين في قوله: فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا [الكهف:110] وهذا شرط الصواب، وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110] وهذا الإخلاص.
وقال سبحانه: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [لقمان:22] وإسلام الوجه هو إخلاص العمل لله وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [النساء:125] وهو أن يكون العمل صواباً موافقاً للشرع.
ودل على الإخلاص أيضاً قوله عليه الصلاة والسلام: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى. ([15])، ودل على صواب العمل قوله عليه الصلاة والسلام: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ.([16])، وفي لفظ لمسلم: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا؛ فَهُوَ رَدٌّ. ([17])
المتن:
[53]والرضى بقضاء الله.
[54] والصبر على حكم الله.
[55] والإيمان بما قال الله .
[56] والإيمان بأقدار الله كلها، خيرها وشرها، وحلوها ومرها، قد علم الله ما العباد عاملون، وإلى ما هم صائرون، لا يخرجون من علم الله، ولا يكون في الأرضين ولا في السماوات إلا ما علم الله .
الشرح:
قوله : (والرضى بقضاء الله) يستحب للإنسان أن يرضى بقضاء الله، ويجب أن يصبر على حكم الله، والصبر عند المصيبة معناه: حبس النفس عن الجزع، وحبس اللسان عن التشكي، وحبس الجوارح عما يغضب الله، وهذا هو الواجب، فلا يلطم الإنسان خداً ولا يشق ثوباً ولا ينتف شعراً، وهذا من النياحة، فالصبر على أقدار الله واجب، أما الرضا فهو مستحب.
ويجب الأخذ بما أمر الله تعالى به، والإيمان بشرع الله ودينه، والإيمان بالأوامر والنواهي، ويرون أيضا الإيمان بأقدار الله كلها، خيرها وشرها ، وحلوها ومرها.
والإيمان بالقدر له أربعة مراتب لا بد منها:
المرتبة الأولى: العلم ،نؤمن بأن الله علم كل شيء، فعلم الأشياء قبل كونها في الأزل، وعلم ما يكون منها في المستقبل والحاضر، وعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون.
المرتبة الثانية: الإيمان بأن الله كتب كل شيء في اللوح المحفوظ، قال تعالى: وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ [يس:12] وهو اللوح المحفوظ، وقال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد:22]، وفي الحديث: كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ. ([18]).
المرتبة الثالثة: الإيمان بإرادة الله الشاملة لكل شيء، فكل شيء في هذا الوجود شاء الله وجوده.
المرتبة الرابعة: الخلق والإيجاد ، نؤمن بأن الله خلق كل شيء، قال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [الفرقان:2] .
قوله : (قد علم الله ما العباد عاملون) وهذه هي المرتبة الأولى مرتبة العلم.
قوله :(وإلى ما هم صائرون لا يخرجون من علم الله) فقد علم الله ما العباد عاملون في المستقبل، وإلى ما هم صائرون في الآخرة إما إلى جنة أو إلى النار.
قوله: (ولا يكون في الأرضين ولا في السموات إلا ما علم الله ) قال الله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [الأنعام:59]، وهو اللوح المحفوظ، وقال تعالى: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ [الرعد:8].
المتن:
الشرح:
قوله : (وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك )وهذا من الإيمان بالقدر، ولا يجد الإنسان طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الشيء الذي أصابك لا يمكن أن يخطئك وأن تسلم منه ما دام مكتوباً عليك، والشيء الذي يخطئك وتسلم منه لا يمكن أن يصيبك؛ لأن الله قدر ذلك، كما في الأثر " مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ"( ([19].
المتن:
الشرح:
قوله : (ولا خالق مع الله) ؛ لقول الله تعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الزمر:62]، فمن قال إن هناك خالقاً مع الله فهو مشرك، وقد أشرك في ربوبية الله.
المتن:
الشرح:
قوله : (والتكبير على الجنائز أربع، وهو قول: مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والحسن بن صالح ، وأحمد بن حنبل ، والفقهاء، وهكذا قال رسول الله ﷺ) ثبت في الصحيحين: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى المُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ»([20])، وهذا هو قول جمهور العلماء ، فهم يرون أن التكبير على الجنائز أربع تكبيرات، ومن العلماء من أجاز خمس تكبيرات أو ستاً أو سبعاً، وقد ثبت أن النبي ﷺ كبر على بعض الجنائز خمس تكبيرات، كما جاء في الحديث أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، كَانَ يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعًا، وَأَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْسًا، فَسَأَلُوهُ؟ فَقَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺيُكَبِّرُهَا، أَوْ كَبَّرَهَا النَّبِيُّ ﷺ"([21])
قال النووي رحمه الله: "وقد كان لبعض الصحابة وغيرهم خلاف في أن التكبير المشروع خمس أم أربع أم غير ذلك ثم انقرض ذلك الخلاف وأجمعت الأمة الآن على أنه أربع تكبيرات بلا زيادة ولا نقص".([22]) والصواب هو الاقتصار على أربع تكبيرات.
المتن:
الشرح:
قوله : (والإيمان بأن مع كل قطرة ملكاً ينزل من السماء، حتى يضعها حيث أمره الله )جاء هذا في بعض الآثار([23])، وذلك أن الله تعالى وكل بالقطر ملكاً وهو ميكائيل، وجبريل موكل بالوحي، وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور، فهؤلاء الأملاك الثلاثة هم رؤساء الملائكة وهم مقدمون عليهم؛ ولهذا توسل النبي ﷺ بربوبية الله لهؤلاء الأملاك الثلاثة في حديث عائشة أن النبي ﷺ كان إذا قام من الليل استفتح بهذا الاستفتاح: اللهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. ([24]).
قال العلماء: توسل النبي ﷺ بربوبية الله لهؤلاء الأملاك الثلاثة؛ لأن كل ملك موكل بما فيه الحياة:
الأول :جبريل، موكل بالوحي الذي فيه حياة القلوب والأرواح.
الثاني :ميكائيل، موكل بالقطر والمطر الذي فيه حياة الأبدان والنبات والحيوان.
الثالث :إسرافيل، موكل بالنفخ في الصور الذي فيه إعادة الأرواح إلى أجسادها، فتعود الحياة إلى الأجسام.
المتن:
الشرح:
قوله : (والإيمان بأن النبي ﷺ حين كلم أهل القليب يوم بدر ، أن المشركين كانوا يسمعون كلامه) وهذا ثابت في الصحيحين ،وأهلَ القليب هم الكفرة الذين قُتلوا يوم بدر وسُحبوا بعد موتهم، وأُلقوا في بئر بعد أن ظهر نتنهم، فجاءهم النبي ﷺ وناداهم بأسمائهم فقال: يَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، يَا أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، يَا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، يَا شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، أَلَيْسَ قَدْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ يَسْمَعُوا وَأَنَّى يُجِيبُوا وَقَدْ جَيَّفُوا؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يُجِيبُوا، ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَسُحِبُوا، فَأُلْقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ» ([25])أي: في بئر هناك.
فلا بد أن يؤمن الإنسان بأن النبيﷺ حين كلَّم أهلَ القليب يوم بدر-أي المشركين- أنهم كانوا يسمعون كلامه، وهذا مستثنى من كون الميت لا يسمع، فالأصل أن الميت لا يسمع، قال الله تعالى: إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ [النمل:80]، وقال: وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ [فاطر:22] فالميت لا يسمع إلا ما دل الدليل على أنه يسمع، وكذلك ما ورد أن الميت إذا دفنه المشيعون له وتولوا عنه فإنه يسمع قرع نعالهم إذا تولوا،كما في الحديث: العَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ... الحديث"([26]) فهذا سماع خاص، وكذلك ثبت أنه يشرع أن يُسلم على الميت، كما ثبت أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَتَى الْمَقْبُرَةَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ. ([27]) ،وثبت أن النبي ﷺ قال: مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ. ([28])، وما عدا ذلك فالأصل أن الميت لا يسمع كلام الناس ولا يدري عن أعمال الناس ولا عن أحوالهم.
مسألة: في كلام المصنف: (والإيمان بأن النبي ﷺ حين كلم أهل القليب يوم بدر ، أن المشركين كانوا يسمعون كلامه)، فما الجواب عن تأويل عائشة رضي الله عنها حين أولت السماع بالعلم؟
الجواب: عائشة رضي الله عنها أنكرت هذا ووهَّمت بعض الصحابة، وهي التي غلطت ووهمت رضي الله عنها، والأحاديث ثابتة في هذا، كما أنها أنكرت أيضاً أن يعذب الميت ببكاء أهله عليه،ووهَّمت عمر في رواية الحديث، فَقَالَتْ: رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ المُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ: حَسْبُكُمُ القُرْآنُ: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164]([29])، وهذا من اجتهادها رضي الله عنها وأوهامها.
المتن:
الشرح:
قوله:(والإيمان بأن الرجل إذا مرض يأجره الله على مرضه) لا بد من الإيمان بأن الإنسان إذا مرض فإن الله يأجره على مرضه؛ لقول النبي ﷺ: مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ المُسْلِمَ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا. ([30])، فالمرض كفارة للذنوب، والأمراض تحط الخطايا عن المسلم كما تحط الشجرة ورقها، وثبت أن النبي ﷺ لما مرض في حياته أصابه وعك شديد من حمى فجاءه بعض الصحابة فقال "إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا؟ قَالَ: أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ قُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَالَ: أَجَلْ، ذَلِكَ كَذَلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا. ([31]).
فالمرض والمصائب والهموم والكفارات والأسقام والمصائب كلها كفارات، ولما نزل قوله تعالى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [النساء:123] قال أبو بكر : يا رسول الله! هذه الآية يقول الله: كل شيء نعمله نجزى به؟ إذاً هلكنا، فقال النبي ﷺ: غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تَنْصَبُ؟ أَلَسْتَ تَحْزَنُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَهُوَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ ([32])، وهذه من الآيات التي فسرها النبي ﷺ.
ومن الآيات التي فسرها النبيﷺ قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82] ،فجاء الصحابة وجثوا على ركبهم وقالوا: يا رسول الله! أينا لم يلبس إيمانه بظلم-ظنوا أن الظلم هو المعاصي- فقال النبيﷺ: لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ، أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]. ([33])فالمراد بالظلم الشرك.
وتفسير الآية: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا: لم يخلطوا، إِيمَانَهُمْ: توحيدهم، بِظُلْمٍ أي: بشرك، أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82] .
المتن:
الشرح:
قوله : (والشهيد يأجره على القتل)لا شك أن الشهيد يأجره الله على القتل، وأجره عظيم، فقد جاء في الحديث أن الشهيد يكفر الله خطاياه إلا الدين، كما في الحديث: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ، إِلَّا الدَّيْنَ. ([34]) ، وإن قتل في سبيل الله لم يصب من شدة وألم الموت إلا كما تصيب الإنسان حر القرصة ، كما في الحديث مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ القَتْلِ إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ القَرْصَةِ. ([35])، والشهيد يأمن من الفتن في قبره، قيل لرسول الله ﷺ: مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا الشَّهِيدَ؟ قَالَ: كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً. ([36])،والشهيد يجرى عليه رزقه إلى يوم القيامة ، كما في الحديث كُلُّ عَمَلٍ مُنْقَطِعٌ عَنْ صَاحِبِهِ إِذَا مَاتَ، إِلَّا الْمُرَابِطُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ، وَيُجْرَى عَلَيْهِ رِزْقُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. ([37])
المسلم لا بد أن يعتقد أن الشهيد يؤجر، قال الله : وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:169-171] . وقال سبحانه: لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:95-96] فللمجاهدين والشهداء فضل عظيم.
المتن:
الشرح:
قوله : (والإيمان بأن الأطفال إذا أصابهم شيء في دار الدنيا يألمون) لا شك أن الأطفال يتألمون ، والله تعالى له الحكمة البالغة في كون الأطفال يتألمون، وكذلك الحيوانات تألم، وهي غير مكلفة، فلله الحكمة في ذلك ، ومن الحكم أن والد الطفل يُبتلى بطفله الذي يمرض أو الذي يموت، فهل يصبر أو يتسخط، كما في الحديث يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ، إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ، إِلَّا الجَنَّةُ. ([38])
قوله: (وذلك أن بكر بن أخت عبد الواحد قال: لا يألمون، وكذب)،وتنسب إليه فرقة البكرية([39])، وهو من رؤوس المبتدعة، ونسبه ابن حزم رحمه الله إلى الخوارج، وقال: "ومن حماقاتهم قول عبد الله بن عيسى تلميذ بكر بن أخت عبد الواحد بن زيد المذكور فإنه كان يقول إن المجانين والبهايم والأطفال ما لم يبلغوا الحلم فإنهم لا يألمون البتة لشيء مما ينزل بهم من العلل وحجته في ذلك أن الله تعالى لا يظلم أحدا"، وقال: "لعمري لقد طرد أصل المعتزلة، وأن من خالفه في هذا لمتلوث في الحماقة متسكع في التناقض"([40]).
والمقصود أن قول بكر بن أخت عبد الواحد لا أصل له؛ وهو كاذب في قوله إنهم لا يألمون، فكما أن الكبير يألم فالصغير كذلك يألم.
المتن:
الشرح:
قوله: (واعلم أنه لا يدخل الجنة أحدٌ إلا برحمة الله)، كما في «الصحيحين» عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ : سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا؛ فَإِنَّهُ لَا يُدْخِلُ أَحَدًا الْجَنَّةَ عَمَلُهُ، قَالُوا : «وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟»، قَالَ : وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ. ([41])، فدخول الجنة لا يكون إلا برحمة الله والأعمال سبب، كما قال الله تعالى: وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي : بسبب عملكم، فمن أتى بالسبب نالته الرحمة، ومن لم يأت بالسبب لم تنله رحمة الله ولم يدخل الجنة ، وسبب الرحمة: التوحيد والإيمان، فتكون الآية أثبتت السبب، والحديث نفى دخول الجنة بالعمل بل برحمة الله، والآية أثبتت سبب الرحمة وهو العمل، فدخول الجنة بالسبب،وعلى هذا ليس بينهما تناقض([42])؛وليس كما تقول المعتزلة: إن المؤمن يستحق الثواب على الله كما يستحق الأجير أجرته، وهذا قول باطل، فدخول الجنة برحمة الله، والسبب هي الأعمال الصالحة والتوحيد.
فالحديث فيه: ردٌّعلى المعتزلة العبد يخلق فعل نفسه ، والآية فيها:ردٌّ على الجبريةالذين يقولون: لا ارتباط بين الأعمال وجزائها.
قوله : (ولا يعذب الله أحداً إلا بذنوبه ، بقدر ذنوبه) ؛ لأن الله تعالى أخبر بذلك، فلا يظلم الله أحداً؛ ولهذا قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40].
قوله: (ولو عذب الله أهل السماوات وأهل الأرضين برهم و فاجرهم عذبهم غير ظالم لهم) هذا مأخوذ من حديث النبي ﷺ: لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ. ([43])، والمعنى أن الله لو وضع عدله في أهل سماواته، وأهل أرضه، وحاسبهم على أعمالهم وعلى نعمه عليهم لصاروا مدينين له، وحينئذ لو عذبهم لعذبهم وهو غير ظالم لهم، فلو يُحاسب الإنسان بنعم الله عليه وعمله فإنه يكون مديناً وحينئذ يُعذب؛ لأن نعمة البصر قد تعدل عمل الإنسان كله فينتهي العمل فيعذب، لكنه سبحانه يحاسبهم بأعمالهم.
قوله : (لا يجوز أن يقال عن الله تبارك وتعالى إنه يظلم)، فالظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وهذا هو التعريف الصحيح لا كما عرفه الجبرية، والله تعالى حرم الظلم على نفسه، ولم يحرمه عليه أحد؛ لأنه ليس فوقه أحد، كما أنه كتب على نفسه الرحمة، ولم يكتبها عليه أحد، وقد جاء في حديث أبي ذر القدسي يقول الله تعالى: يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا. ([44]).
والظلم يَقدر عليه الله، لكنه تنزه عنه، فلا يقال: إنه لا يقدر عليه؛ ولهذا قال الله : الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [غافر:17]، وقال سبحانه : وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا [طه:112] ، ولو كان الظلم غير مقدور له لما أمّن الإنسان من خوف الظلم.
وقالت الجبرية من الأشاعرة والجهمية: إن الظلم هو الممتنع المستحيل الذي لا يدخل تحت قدرة الله كالجمع بين النقيضين، فالظلم لا يقدر عليه الله؛ لأنه ممتنع عندهم، وقالوا: الظلم هو تصرف المالك في غير ملكه أو مخالفة الآمر للمأمور ، وهل هناك شيء يخرج عن ملك الله؟ فلو فعل أي شيء لا يكون ظلماً.
وقالت الجبرية: يجوز لله أن يقلب التشريعات والجزاءات، فيجعل العفة محرمة والزنا واجباً والعياذ بالله، ويجوز على الله أن يُحمّل الأبرار والأنبياء أوزار الفجار والكفار ويعذبهم ولا يكون ظالماً لهم؛ لأنه تصرف في ملكه، وهذا من أبطل الباطل، فالله تعالى حرَّم الظلم على نفسه وهو قادر على الظلم، ولو كان غير قادر على الظلم فما الفائدة من التحريم؟
قوله: (وإنما يظلم من يأخذ ما ليس له) هذا الكلام يتماشى مع مذهب الجبرية القائلين بأن الظلم تصرف المالك في غير ملكه .
والصواب الذي عليه أهل السنة أن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وأن الله تعالى لا يظلم لكمال عدله لا لعجزه ،وقد حرمه على نفسه.
وكان ينبغي على المؤلف رحمه الله أن يقرر مذهب أهل السنة والجماعة ويقول: وإنما يظلم من يضع الشيء في غير موضعه؛ كأن يحمل أحداً وزر غيره أو يمنعه من حقه.
فلا بد لطالب العلم أن يفرق بين مذهب أهل السنة في الظلم وبين مذهب الجبرية.
قوله :(والله جل ثناؤه له الخلق والأمر، الخلق خلقه، والدار داره) فإذا تصرف فيهن بما يشاء فلا يكون ظلماً.
قوله: (لايُسأل عما يفعل بخلقه) لكمال عدله ولكونه حكيماً عادلاً، والجبرية يقولون: لا يسأل عما يفعل لكونه يتصرف في القدرة والمشيئة وينكرون الحكمة .
قوله: (ولا يقال: لم؟ وكيف؟) لا يقال لم في أفعال الله، ولا يعترض أحد على الله، فلا يقال: لم فعل كذا، ولا يقال: كيف في الصفات.
قوله :( لا يدخل أحد بين الله وبين خلقه) مثل ما تقدم من أنه (ولا يقال: لم في الأفعال، ولا كيف في الصفات، وأن الله لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.
المتن:
الشرح:
قوله: (إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار ولا يقبلها، أو ينكر شيئاً من أخبار رسول الله ﷺ فاتهمه على الإسلام) وهي: الأحاديث والآثار عن الصحابة وعن التابعين ومن بعدهم، فإذا سمعت رجلاً يطعن في الأحاديث وفي أخبار الصحابة والتابعين ولا يقبلها، أو ينكر شيئاً من أخبار رسول اللهﷺ فاتهمه على الإسلام، فإنه مشكوك في إسلامه؛ لأن هذا دليل على ضعف إسلامه؛ (فإنه رجل رديء القول والمذهب) أي: مذهبه ضعيف.
قوله :(وإنما طعن على رسول اللهﷺ وأصحابه؛ لأنه إنما عرفنا الله، وعرفنا رسول الله ﷺ ، وعرفنا القرآن، وعرفنا الخير والشر، والدنيا والآخرة بالآثار)، بين المؤلف ما هو السبب في ذلك فقال: لأننا عرفنا كل هذا بالآيات القرآنية والأحاديث والآثار، وعرفنا الخير -وهو التوحيد وسائر الطاعات- من القرآن ومن السنة ومن الآثار، وعرفنا الشر -وهو الشرك والمعاصي- من القرآن ومن السنة، وعرفنا الآخرة بالقرآن وبالسنة، فالذي يطعن في الآثار -وهي النصوص من كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ والصحابة- فهو رجل رديء القول والمذهب ضعيف الإيمان؛ لأنه حينما يطعن في الآثار إنما طعن في الرب، وطعن في الرسول ﷺ، وطعن في القرآن؛ لأن النصوص إنما هي من كلام الله وكلام رسوله، وهذه علامة على الشخص المتهم في دينه، وهي الطعن في النصوص وردها وعدم قبولها.
قوله :(فإن القرآن إلى السنة أحوج من السنة إلى القرآن) أي : أن القرآن يحتاج إلى إيضاح، والذي يوضح معاني القرآن هي السنة، فتخصص عموم القرآن وتقيد مطلقه، وهذا القول مأثور عن مكحول الشامي رحمه الله تعالى قَالَ: «الْقُرْآنُ أَحْوَجُ إِلَى السُّنَّةِ مِنَ السُّنَّةِ إِلَى الْقُرْآنِ»([45])، ومشهور عن الأئمة، فقد قَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَسُئِلَ عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَى أَنَّ السُّنَّةَ قَاضِيَةٌ عَلَى الْكِتَابِ، فَقَالَ: «مَا أَجْسُرُ عَلَى هَذَا أَنْ أَقُولَهُ، وَلَكِنِّي أَقُولُ: إِنَّ السُّنَّةَ تُفَسِّرُ الْكِتَابَ وَتُبَيِّنُهُ»([46])،أي: لا ينبغي أن يقال إن السنة قاضية على الكتاب فهذه كلمة صعبة، لكن نقول: السنة مفسرة وموضحة ومبينة للقرآن، ولمعانيه، ومخصصة لعمومه، ومقيدة لمطلقه ، وهذا هو الصواب ، لموافقته قوله تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:44] ، وأما قَولَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: «السُّنَّةُ قَاضِيَةٌ عَلَى الْكِتَابِ، وَلَيْسَ الْكِتَابُ قَاضِيًا عَلَى السُّنَّةِ»([47])، أي: تبين وتوضح وتفسر معناه، وتقيد مطلقه، وتخصص عمومه، والسنة وحي ثان، فمن قال: إنه لا حاجة إلى السنة وأنكرها فقد كفر؛ قال الله تعالى عن نبيه الكريم: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4].
المتن:
الشرح:
قوله: (الكلام والجدال والخصومة في القدر خاصة منهي عنه عند جميع الفرق) أي أن على الإنسان أن يسلم لقضاء الله وقدره وليس له أن يخوض ويجادل ويخاصم في القدر؛ فإن الخصومة في القدر تؤدي إلى التشكيك والاعتراض على قضاء الله وقدره، وهذا يؤدي إلى إنكار القضاء والقدر ، والشك في قضاء الله وقدره، وإنكاره كفر.
قوله: (لأن القدر سر الله)؛ قال يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ الرَّازِيَّ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَفْرَحَ بِاللَّهِ وَيَتَمَتَّعَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ فَلَا يَسْأَلَنَّ عَنْ سِرِّ اللَّهِ يَعْنِي الْقَدَرَ" ([48])، ولهذا قال الطحاوي في عقيدته الطحاوية: "وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه ونهاهم عن مرامه".
إلى أن قال: "فمن سأل لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين"([49])، وهذا منهي عنه عند جميع الفرق إلا القدرية فهم يتكلمون فيه.
والمقصود التنبيه على أن العقول تعجز عن إدراك كنه الغاية المقصودة بالأفعال([50]) .
قوله: (ونهى الرب تبارك وتعالى الأنبياء عن الكلام في القدر)، فقد نهى الله نبيه نوحاً عن ذلك فقال: قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ [هود:46] وهذا الأمر يشمل القدر وغيره ، وقد يدخل ذلك في عموم قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ [المائدة:101].
قوله: (ونهى رسول الله ﷺ عن الخصومة في القدر)جاء النهي عن الجدال والخصومة عموما، قال الله تعالى وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ
وفي الصحيحين من حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ : إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ ([51])، وفيهما من حديث جندبأن النبي ﷺقال : اقْرَءُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ. ([52])، وجاء في السنن أن النبي ﷺ نهى عن الخصومة في القدر، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ نَتَنَازَعُ فِي القَدَرِ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْنَتَيْهِ الرُّمَّانُ، فَقَالَ: أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ أَمْ بِهَذَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ؟ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حِينَ تَنَازَعُوا فِي هَذَا الأَمْرِ، عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ أَلَّا تَتَنَازَعُوا فِيهِ. ([53])، وكذلك كرهه أصحاب رسول اللهﷺ، وقال ابن بطة العكبري رحمه الله في القدر: "حَرَامٌ عَلَيْنَا التَّفَكُّرُ فِيهِ وَالْمَسْأَلَةُ عَنْهُ ، وَالْمُنَاظَرَةُ عَلَيْهِ ، وَالْكَلَامُ لِأَهْلِهِ ، وَالْخُصُومَةُ بِهِ" ([54]) .
قوله : (وكرهه العلماء وأهل الورع ونهوا عن الجدال في القدر ) ، وهذا ثابت عن العلماء على مر الأزمان .
قوله : (فعليك بالتسليم والإقرار والإيمان ، واعتقاد ما قال رسول الله ﷺ في جملة الأشياء، وتسكت عما سوى ذلك) أي :عليك -أيها المسلم- بالتسليم بالقدر والإقرار والإيمان بقضاء الله وقدره فلا تعترض، والإقرار معناه أن تقر بأن الله قدّر كل شيء وقضاه، وتؤمن بذلك.
المتن:
الشرح:
قوله: (والإيمان بأن رسول الله ﷺ أسري به إلى السماء) فالإيمان بالإسراء واجب ، ومن لم يؤمن بالإسراء فهو كافر؛ لأنه مكذب بالله، قال الله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الإسراء:1].
والإسراء في اللغة هو السفر ليلاً ،والمراد به شرعاً: السفر برسول الله ﷺ ليلاً، بصحبة جبرائيل على البراق، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
والبراق: دابة فوق الحمار ودون البغل، خطوته مد البصر، فتكون سرعته مثل سرعة الطائرة تقريباً ، ومعنى خطوته مد البصر أي: إذا رفع حافره فخطوته تكون مد البصر؛ ولهذا قطع هذه المسافة في مدة وجيزة، وسمي بالبراق من البريق واللمعان.
ثم صلىﷺ بالأنبياء إماماً بعد أن جُمعوا له، ثم عُرج به عليه الصلاة والسلام إلى السماء بشيء كهيئة السلم، فصعد فيه النبي ﷺ مع جبرائيل، فاستفتح جبريل باب السماء ففتح له، وقيل له: من مَعَكَ؟ قال: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَد بُعِثَ إِلَيهِ؟ قَالَ: نَعَم فرأى فيها آدم أبا البشر، فسلم عليه النبي ﷺ، ورحب به وأقر بنبوته وقال: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ. ثم صعد إلى السماء الثانية في وقت وجيز وبسرعة، والله على كل شيء قدير، ووجد فيها ابني الخالة عيسى ويحيى، فسلم عليهما فرحبا به وأقرا بنبوته، وقالا: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ، ثم عرج إلى السماء الثالثة فوجد فيها إدريس فرحب به وأقر بنبوته، ثم صعد إلى السماء الرابعة فوجد فيها يوسف فرحب به وأقر بنبوته ، ثم صعد إلى السماء الخامسة فوجد فيها هارون فرحب به وأقر بنبوته، ثم صعد إلى السماء السادسة فوجد فيها موسى فرحب به وأقر بنبوته، ثم صعد إلى السماء السابعة فوجد فيها إبراهيم، فرحب به وأقر بنبوته، وكلهم قالوا: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ، إلا إبراهيم وآدم فإنه من سلالتهما فقال: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ.، ووجد النبي ﷺ إبراهيم مسنداً ظهره إلى البيت المعمور، والبيت المعمور كعبة سماوية تحاذي الكعبة الأرضية، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك للطواف والصلاة، ثم لا يعودون إليه ، ثم صعد نبينا عليه الصلاة والسلام وتجاوز السبع الطباق حتى وصل إلى مكان يسمع فيه صريف الأقلام، فكلمه الله من دون واسطة، لكن من وراء حجاب، فهو عليه الصلاة والسلام لم ير ربه ولا يستطيع أحد أن يرى الله في الدنيا، وقد سئل النبي ﷺ : هل رأيت ربك؟ قال: نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ ([55])، يعني حجابه النور منعني من رؤيته، وفي اللفظ الآخر حِجَابُهُ النُّورُ وَفِي رِوَايَةِ : النَّارُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ.([56]) ، وقد سبق أن موسى لما سأل الله رؤيته قال له الله: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [الأعراف:143]، وقال تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى:51] فكان الكلام بدون واسطة، لكنه ما استطاع أن يرى ربه، فهو محجوب عنها – أي: بالرؤية في الدنيا - ولا يستطيع أحد أن يرى الله، فقد احتجب الله عن الخلق، ولا يستطيع أن يرى الله في الدنيا أحد من خلقه حتى جبريل، وإنما الرؤية خاصة بأهل الجنة في الآخرة.
فالرسول ﷺ عُرج به ورأى الجنة والنار، فقد اطلع على الجنة ورأى فيها أقواماً، واطلع على النار ورأى فيها المعذبين من الزناة وهم في تنور ضيق، ورأى الذين يغتابون الناس يهشمون وجوههم وصدورهم، ورأى آكل الربا يسبح في نهر الدم ويلقم حجرًا وكل هذا ثابت([57])، والمعراج ثابت بالسنة([58])، والإسراء ثابت في القرآن فلا بد من الإيمان بهما.
قوله: (وصار إلى العرش)، هذا يحتاج إلى دليل، ومعنى ذلك أنه مس العرش، أو جلس على العرش والله أعلم أي ذلك أصح، فالرسول ﷺ عُرج به حتى جاوز السبع الطباق ووصل إلى مكان يسمع فيه صريف الأقلام ، ثم كلمه ربه سبحانه بدون واسطة ، وفُرض عليه وعلى أمته خمسين صلاة، ثم هبط حتى وصل إلى موسى في السماء السادسة فسأله، قال: ماذا فرض عليك ربك؟ قال: خمسين صلاة، قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك ضعيفة لا تطيق خمسين صلاة في اليوم والليلة ، والله تعالى هو الذي حرك قلب موسى، وهو الذي حرك قلب محمد فقبل قول موسى فاستشار جبريل فأشار عليه جبريل أن نعم، فعاد به إلى الجبار فسأل ربه التخفيف فوضع عنه عشرًا ، وفي رواية: فَمَا زِلْتُ أَخْتَلِفُ بَيْنَ رَبِّي وَبَيْنَ مُوسَى. ([59])، فكلما جاء إلى موسى قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، حتى صارت خمس صلوات، فقال موسى عليه الصلاة والسلام: ماذا أمرك ربك؟ قال خمس صلوات في اليوم والليلة، قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك ضعيفة لا تطيق خمس صلوات في اليوم والليلة، وإني عالجت بني إسرائيل أكثر من ذلك، فقال النبيﷺ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ، قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي. ([60]) ، فهي خمس في العدد، وخمسون في الميزان والأجر .
قوله: (ونُشرت له الأنبياء) أي: رآهم كلهم بأرواحهم، فقد أخذت أرواحهم شكل الأجساد، إلا عيسى فقد رفعه الله إلى السماء بجسده وروحه.
قوله: (ورأى سرادقات العرش والكرسي) وهذا يحتاج إلى دليل.
قوله: (وجميع ما في السموات وما في الأرضين في اليقظة) وهذا أيضاً يحتاج إلى دليل ، فهل طاف في الأرض كلها من أولها إلى آخرها ورأى ما فيها وما في لجج البحار؟ الله أعلم .
المتن:
الشرح:
هذا جاء في الحديث: أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ. ([61])،وذلك أن الشهيد لما بذل جسده لله حتى قتل الجسد ومُزق وتلف عوض الله الروح جسداً آخر تتنعم بواسطته في حواصل طير خضر، وأما المؤمنون غير الشهداء فإن أرواحهم تتنعم وحدها بدون جسم، وفي الحديث: إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يُبْعَثُ. ([62]) ، يعني: أنه يأكل حتى يرجعه الله إلى جسمه يوم يبعثه، فتنعم أرواح الشهداء أكبر من تنعم أرواح سائر المؤمنين؛ لأن الشهيد بذل جسده لله فعوضه الله جسداً آخر تتنعم الروح بواسطته ، ومعلوم أن الجنة تحت العرش.
قوله :(وأرواح الكفار والفجار في برهوت ، وهي في سجين)، قيل: إنها بئر في حضرموت، كما في الحديث أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ تُجْمَعُ بِبُرْهُوتَ: سَبِخَةٌ بِحَضْرَمَوْتَ. ([63])، ولكن الحديث ضعيف، وسجين في الأرض السابعة، وهذا قول لبعضهم، وهناك أقوال كثيرة، فبعضهم يقول: أرواحهم عن يسار آدم.
والصواب: أن أرواح المؤمنين في الجنة، وأرواح الكفار في النار([64])، فالمؤمن إذا مات نُقلت روحه إلى الجنة، ولها صلة بالجسد، فتتنعم مفردة وتتنعم بواسطة الجسد، وأرواح الكفار تنقل إلى النار ولها صلة بالجسد.
المتن:
الشرح:
قوله : (والإيمان بأن الميت يقعد في قبره، ويرسل الله فيه الروح حتى يسأله منكر ونكير عن الإيمان وشرائعه) أي : يجب على المؤمن أن يؤمن بأن الميت يقعد في قبره إذا مات، فيرسل الله فيه الروح حتى يسأله منكر ونكير -وهما ملكان- عن الإيمان وشرائعه، فالمؤمن يثبته الله فيقول: رَبِّيَ اللَّهُ، دِينِيَ الْإِسْلَامُ، الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. ([65])، وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوْ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ : «لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ»، فَيُقَالُ : «لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ»، "ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ. ([66]).
قوله : (ثم يسل روحه بلا ألم) هذا حال روح المؤمن تَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ، وأما الكافر فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ. ([67]).
المتن:
الشرح:
قوله: (ويعرف الميت الزائر إذا أتاه) هذا ليس على الإطلاق ، فلا نثبت إلا ما دل عليه الدليل ، مثل جاء بأن النبي ﷺ إذا سلم عليه مؤمن فإنه يرد عليه السلام مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ. ([68])، وسماع الميت لقرع النعال كما في الحديث العَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ... الحديث"([69]) ، وأما أن الميتيعرف الزائر فهذا يحتاج إلى دليل، وقال بعضهم: وردت عدة أحاديث بأن الميت يعرف الزائر إذا زاره ويستأنس به، لكن لا تصح، والأصل أن الميت قدانقطع عمله([70]).
قوله: (وينعم في القبر المؤمن، ويعذب الفاجر كيف شاء الله) هذا أمر معروف، فالمؤمن يفتح له باب إلى الجنة، والكافر يفتح له باب إلى النار، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، وأما المؤمن فيفسح له في قبره مد البصر.([71])
الحواشي:
[1] - انظر: المطلع (ص453)، والمصباح المنير (1/139) .
[2] - أخرجه البخاري، كتاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، باب لا يعذب بعذاب الله ، رقم (3017).
[3] - أخرجه البخاري، كتاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، باب لا يعذب بعذاب الله ، رقم (3017).
[4] - أخرجه مُسْلِم ، كتاب الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ ، رقم (2955) .
[5] - توضيح المقاصد شرح الكافية الشافية (ص96) .
[6] - أخرجه مُسْلِم ، كتاب صفة القيامة والجنة والنار ، رقم (2878).
[7] - ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وعزاه لابن عباس رضي الله عنهما كما في درء تعارض العقل والنقل (4/130)، وقال السجزي في رسالته ،(1/257):(وقد اتفقت العلماء على أن الله سبحانه يتولى الحساب بين خلقه يوم القيامة في حالة واحدة).
[8] - أخرجه مُسْلِم ، كتاب البر والصلة والآداب ، رقم (2582).
[9] - أخرجه الحاكم في المستدرك ، كتاب التَّفْسِيرِ، تَفْسِيرُ سُورَةِ الْأَنْعَامِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، رقم (3231) ، وقال « وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ» .
[10] - أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار ، رقم (3482)، ومُسْلِم واللفظ له، كتاب البر والصلة والآداب ، رقم (2619) .
[11] - أخرجه البخاري، كتاب الجِزْيَةِ ، باب إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا بِغَيْرِ جُرْمٍ ، رقم (3166).
[12] - أخرجه البخاري، كتاب المَظَالِمِ وَالغَصْبِ، باب قصاص المظالم، رقم (2440) .
[13] - أشار إلى هذا الحافظ ابن حجر في الفتح في شرحه للحديث (5/96) .
[14]- أخرجه مُسْلِم ، كتاب الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ، رقم (2985) .
[15]- أخرجه البخاري: كتاب بدء الوحي، كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ؟ رقم (1)، ومسلم: كتاب الإمارة، رقم (1907).
[16]- أخرجه البخاري: كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، رقم (2697)، ومسلم: كتاب الأقضية، رقم (1718).
[17]- أخرجه مُسْلِم : كتاب الأقضية، ، رقم (1718).
[18] - أخرجه مُسْلِم، كتاب الْقَدَرِ ، رقم (2653) .
[19]-أخرجه أبو داود : كتاب السنة ، باب في القدر ،رقم (4700) .
[20] - أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، بَابُ التكبير على الجنازة أربعا ، رقم (1333)، ومُسْلِم ، كتاب الجنائز ، رقم (951).
[21]- أخرجه أحمد في المسند ، رقم (19272)، والطبراني في الكبير (5/174) ، وضعف إسناده ابن عبد البر في التمهيد (6/336) .
[22] - المجموع للنووي (5/230).
[23] - انظر : تفسير الطبري (23/572) ، وتفسير البغوي (4/375) ، وابن كثير (8/9) .
[24] - أخرجه مُسْلِم، كتاب صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا ، رقم (770) .
[25] - أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب قتل أبي جهل ، رقم (3976)، ومُسْلِم واللفظ له ، كتاب صفة القيامة والنار ، رقم (2874).
[26]- أخرجه البخاري، كِتَابُ الجنائز، باب الميت يسمع حفق النعال ، رقم (1338)، ومُسْلِم ، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، رقم (2870).
[27]- أخرجه مُسْلِم ، كتاب الطَّهَارَةِ ، رقم (249).
[28] - أخرجه أبو داود، كِتَابُ المناسك، باب زيارة القبور (2041)، وجوَّد العراقي سنده في تخريج الإحياء (2/764)، وقال ابن حجر في الفتح (6/488): رواته ثقات .
[29]- أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب بَابُ قول النبي ﷺ : يُعَذَّب المَيِّتُ بِبَعضِ بُكَاءِ أَهلِهِ عَلَيهِ إذا كان النوح من سنته ، رقم (1288)، ومُسْلِم ، كتاب الجنائز ، رقم (929).
[30] - أخرجه البخاري، كتاب المرضى، باب: ما جاء في كفارة المرض ، رقم (5640)، ومُسْلِم، كتاب البر والصلة والآداب ، رقم (2572).
[31] - أخرجه البخاري، كتاب المرضى، باب: أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل ، رقم (5648)، ومُسْلِم ، كتاب البر والصلة والآداب ، رقم (2571).
[32] - أخرجه أحمد في المسند ، رقم (68)، وابن حبان ، رقم (2910)، والحاكم في المستدرك ، رقم (4450)، وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبي.
[33] - أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا [النساء: 125] ، رقم (3360)، ومُسْلِم ، كتاب الْأَيْمَانِ ، رقم (124).
[34] - أخرجه مُسْلِم ، كتاب الْإِمَارَةِ، رقم (1886).
[35] - أخرجه الترمذي : فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل المرابط ، رقم (1668)، والنسائي، كتاب الجهاد، ما يجد الشهيد من الألم ، رقم (3161)، وابنُ ماجَهْ، كتاب الجهاد، باب فضل الشهادة في سبيل الله ، رقم (2802)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
[36]- أخرجه النسائي ، كتاب الجنائز، باب الشهيد ، رقم (2053) ، وقال في كنز العمال (4/596) "سنده صحيح"
[37]- أخرجه الطبراني في الكبير (18/256) ، وأبو نعيم في الحلية (5/156) .
[38] - أخرجه البخاري، كتاب الرِّقَاقِ، باب العَمَلِ الَّذِي يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، رقم (6424).
[39]- انظر : الفرق بين الفرق (1/16)، والتبصير في الدين (1/109) ، ولسان الميزان (2/60)، والفصل في الملل والنحل لابن حزم (4/146) .
[40]- الفصل في الملل والنحل لابن حزم (4/146).
([41]) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب «القصد والمداومة على العمل»، رقم (6467)، ومسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، رقم (2818).
([42]) انظر : «مجموع الفتاوى»(1/217)، و(8/70).
[43]- أخرجه أبو داود ، كتاب السُّنَّةِ ، باب في القدر ، رقم (4699)، وابنُ ماجَهْ : المقدمة ، رقم (77) .
[44] - أخرجه مُسْلِم ، كتاب البر والصلة والآداب ، رقم (2577).
[45]-أخرجه المروزي في السنة (1/33/104)، وابن بطة في الإبانة الكبرى (88)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/1194) .
[46]-أخرجهابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/1194)، والخطيب البغدادي في الكفاية في علم الرواية (1/14).
[47]-أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (1/253)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/1194)، والخطيب البغدادي في الكفاية في علم الرواية (1/14).
[48] - أخرجهابن بطة في الإبانة الكبرى (3/243/1282) .
[49]- شرح الطحاوية (1/225) .
[50]- بيان تلبيس الجهمية (2/8) .
[51]- أخرجه البخاري : كتاب المظالم - باب قول الله تعالى وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، رقم (2457)، ومُسْلِم ، كتاب العلم ، رقم (2668)، قال القرطبي في المفهم (6/ 690): "وهذا الخصم المبغوض عند الله هو الذي يقصد بمخاصمته: مدافعة الحقّ، وردّه بالأوجه الفاسدة، والشّبه الموهمة، وأشدّ ذلك الخصومة في أصول الدّين، كخصومة أكثر المتكلّمين المعرضين عن الطرّق التي أرشد إليها كتاب الله، وسنة نبيّه، وسلف أمّته، إلى طرق مبتدعة..." .
[52]- أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم ، رقم (5060)، ومُسْلِم ، كتاب العلم ، رقم (2667).
[53] - أخرجه الترمذي ، كتاب القدر، باب ما جاء في التشديد في الخوض في القدر ، رقم (2133)، وابنُ ماجَهْ : المقدمة ، رقم (85) .
[54] - أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (3/243) .
[55] - سبق تخريجه.
-[56] سبق تخريجه.
[57]- انظر صحيح البخاري ، كِتَابُ التعبير، باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح ، رقم (7047).
[58]- انظر صحيح البخاري ، كِتَابُ بدء الخلق، باب ذكر الملائكة ، رقم (3207)، ومُسْلِم ، كتاب الإيمان ، رقم (162).
[59] - أخرجه البيهقي في الكبرى ، كتابالصلاة، باب فَرَائِضِ الْخَمْسِ، رقم (1689) .
[60] - أخرجه البخاري، كتاب مَنَاقِبِ الأَنْصَارِ ، باب المِعْرَاجِ، رقم (3887) .
[61] - أخرجه مُسْلِم ، كتاب الْإِمَارَةِ ، رقم (1887) .
[62]- أخرجه النسائي : كتاب الجنائز ، أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ ، رقم (2073) ، وابن ماجه : كتاب الزهد ، باب ذِكْرِ الْقَبْرِ وَالْبِلَى ، رقم (4271) ، وصححه ابن حبان ، وقال الهيثمي في المجمع (2/329): رجاله رجال الصحيح.
[63] - أخرجه ابن حبان (7/283/3013) ، وانظر: العلل الواردة في الأحاديث النبوية: (11 / 223) إلا أن له شواهد من حديث ابن عباس أخرجه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (137) والطبراني في "الكبير" (11167) والطبراني في "الأوسط" (3912) ، (8129)، ومن حديث علي ، أخرجه عبدالرزاق (9118)،ومن حديث ابن جريج، أخرجه عبد الرزاق (9119).
[64] - انظر مذاهب العلماء في مستقر الأرواح ما بين الموت إلى يوم القيامة، كتاب الروح لابن القيم (1/91 وما بعدها) ، وأهوال القبور لابن رجب (1/120) .
[65] -أخرجه أبو داود : كتاب السنة، بَاب فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، رقم (4753)، وأحمد في «المسند» رقم (18557).
[66] - سبق تخريجه .
[67] -أخرجه أحمد في «المسند» رقم (18534) ، وابن أبي شيبة في مصنفه (3/54/12059) ، وقال ابن حجر في المطالب العالية (18/548) "هذا الإِسناد صحيح، رواته ثقات" .
[68]- أخرجه أبو داود ، كتاب المناسك، باب زيارة القبور ، رقم (2041)، وصحح إسناده النووي في رياض الصالحين(1/388/1402)، وقال ابن حجر في الفتح (6/488): رواته ثقات.
[69]- سبق تخريجه .
[70] - انظر: الحجة في بيان المحجة (2/467)، والعاقبة في ذكر الموت، للإشبيلي (ص211-220)، ومجموع الفتاوى (24/304)، (24/ 331– 332)،(24/ 362 – 365)، والروح (ص5-12)، والإمتاع بالأربعين، لابن حجر (ص78)، وبشرى الكئيب (ص55)، والإنصاف للأمير الصنعاني (ص79) .
[71] - سبق ذكره في الأحاديث الماضية.