المتن:
الشرح:
قوله: (واعلم أن [الشر والخير]بقضاء الله وقدره)، أي: تيقن أن كل شيء بقضاء الله وقدره، فالآجال والأعمار والذوات والأشخاص والصفات والحركة والسكون والأفعال وكل شيء قد قضاه الله وقدره وكتبه في اللوح المحفوظ، قال تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [الأنعام:59]. فلا بد للمسلم أن يؤمن بقضاء الله وقدره في كل شيء، وأن الله قد علم الأشياء قبل كونها، وكتبها في اللوح المحفوظ، وأراد كل شيء في هذا الوجود قضاءً وقدراً، وهو خالق كل شيء في هذا الوجود.
المتن:
الشرح:
قوله : (والإيمان بأن الله تبارك وتعالى هو الذي كلم موسى بن عمران يوم الطور) أي : يجب على المسلم أن يؤمن بأن الله تبارك وتعالى هو الذي كلم موسى بن عمران يوم الطور، قال سبحانه: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [الأعراف:143]، وقوله تعالى : وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء:164] ، قال العلماء: التأكيد بالمصدر يدل على أن المراد الحقيقة ويمنع المجاز الذي يزعمه بعض المبتدعة الذين أنكروا الكلام .
قوله :(وموسى يسمع من الله الكلام بصوتٍ وقع في مسامعه منه لا من غيره) ، وهذا خلاف المعتزلة القائلين بأن الله تعالى لم يكلم موسى، وقالوا: إن الله خلق الكلام في الشجرة فكلمت موسى، فالشجرة هي التي كلمت موسى ، والشجرة هي التي قالت: إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [القصص:30]، فهل يكون هذا؟!هذا كفر وضلال - نسأل الله السلامة والعافية-.
قوله: (فمن قال غير هذا فقد كفر) وقد احتال أهل البدع منالمعتزلة والجهمية في تحريف الآية، فقرأ بعضهم قوله تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء:164] بالنصب؛ حتى يكون المكلِّم هو موسى، والله هو المكلَّم؛ لأنه لا يتكلم، فموسى قادر على الكلام والرب غير قادر على الكلام نعوذ بالله، وهذه القراءة تحريف لفظي واضح .
وقد رد أهل السنة على هؤلاء المعتزلة فقالوا: هب يا جهمي! أنك استطعت أن تحرف هذه الآية، فكيف تقول في قوله تعالى: وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف:143]؟ فلم يستطع أن يحرفها لفظاً، فحرفها معنىً فقال: وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف:143] أي: جرحه بمخالب الحكمة، فهي مأخوذة من الكَلْم وهو الجرح، ومنه قولهم: فلان كَلْمه يدمى،كما في كتب اللغة ": الكَلْمُ: الجَرْحُ، وَتقول: كلَمْتُه وأَنا أَكْلِمُه كَلْماً وأَنا كالِمٌ، وَهُوَ مَكْلُومٌ"([1])، أي: جرحه، فمن أراد الله فتنته فلا حيلة فيه، فالجهمية لما لم يستطيعوا أن يحرفوا لفظ هذه الآية حرفوا معناها.([2])
المتن:
الشرح:
قوله: (العقل مولود أُعطي كل إنسان من العقل ما أراد الله)يعني: أن العقل غريزة، كما قاله الإمام أحمد والحارث المحاسبي وغيرهما([3])، قال القاضي أبو يعلى: ومعنى قوله: «غريزة» أنه خلقه الله ابتداء([4])، قال شيخ الإسلام: "من الناس من يقول: العقل هو علوم ضرورية ومنهم من يقول: العقل هو العمل بموجب تلك العلوم. والصحيح أن اسم العقل يتناول هذا وهذا وقد يراد بالعقل نفس الغريزة التي في الإنسان التي بها يعلم ويميز ويقصد المنافع دون المضار كما قال أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وغيرهما: أن العقل غريزة. وهذه الغريزة ثابتة عند جمهور العقلاء" ([5]).
قوله: (يتفاوتون في العقول مثل الذرة في السماوات لا شك أن الناس يتفاوتون في العقول على قدر ما أعطاهم الله وميزهم به، والله تعالى إنما يُكلف العبد إذا كان عاقلاً، وإذا ذهب العقل ذهب التكليف، فناقص العقل كالصبي لا يُكلف، والمجنون الذي ليس معه عقل لا يُكلف، والمخرف الذي كبر في سنه وخرف فصار لا عقل له لا يكلف ، فالتكليف مربوط بالعقل، والناس يتفاوتون في العقول([6]).
قوله: (ويطلب من كل إنسان من العلم على قدر ما أعطاه من العقل)أي: أن العمل تابع للعلم، والعمل مبني على العلم، ويكون على قدر ما أعطى الله الإنسان من العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "العقل شرط في معرفة العلوم وكمال الأعمال وصلاحها، وبه يكمل العلم والعمل، لكنه ليس مستقلا بذلك، لكنه غريزة في النفس وقوة فيها، بمنزلة قوة البصر التي في العين، فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس" وإذا انفرد بنفسه لم يبصر الأمور التي يعجز وحده عن دركها، وإن عزل بالكلية كانت الأقوال والأفعال مع عدمه أمورا حيوانية، قد يكون فيها محبة ووجد وذوق كما يحصل للبهيمة" ([7]).
قوله: (وليس العقل باكتساب وإنما فضل من الله تبارك وتعالى)، كما تقدم أن العقل غريزة وليس اكتسابا، فالعقل ينمو تدريجياً والله تعالى هو الذي أعطى الإنسان العقل، فهو فضل من الله تبارك وتعالى([8]).
المتن:
الشرح:
قوله: (واعلم أن الله تعالى فضل العباد بعضهم على بعض في الدين والدنيا) أي: تيقن أن الله فضل بعض العباد على بعض في الدنيا ،فقال تعالى: وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [النحل:71]، وقد فضل بعض الناس على بعض في الدين، فاختار تعالى للرسالة والنبوة الأنبياء، وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [القصص:68]، فهذا تفضيل في الدين.
فالرسل أفضل الناس، وأفضلهم أولو العزم الخمسة: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وأفضل أولو العزم الخليلان: إبراهيم ومحمد، وأفضل الخليلين نبينا محمد ﷺ، ثم يليه جده إبراهيم، ثم يليه موسى، ثم بقية أولي العزم، ثم بقية الرسل، ثم بقية الأنبياء.
ثم فضل الصديقين بعد الأنبياء، وفي مقدمتهم الصديق الأكبر، ثم فضل الشهداء، ثم فضل سائر الصالحين وهم المؤمنون، وهم طبقات، فأفضلهم السابقون الأولون، ثم أصحاب اليمين، ثم الظالمون لأنفسهم الذين يقصرون في بعض الواجبات أو يفعلون بعض المحرمات، فقد فضلهم الله على الكفار في الدين والدنيا، وكذلك فرّق بينهم فجعل هذا ملكاً وهذا مملوكاً، وهذا وزيراً، وهذا عالماً وهذا جاهلاً، وهذا غنياً وهذا فقيراً، وهذا حليماً وهذا غير حليم وهكذا ، كما أنه فرق بينهم في الأرزاق، وفرق بينهم في العقول، وفرق بينهم في الآجال، فهذا يموت في بطن أمه، وهذا يموت طفلاً، وهذا يموت صبياً، وهذا يموت شاباً، وهذا يموت شيخاً، وهذا يموت كهلاً، وهذا يموت هرماً، وله الحكمة البالغة عدلاً منه.
قوله: (لا يقال: جار ولا حابى) لأن الله تعالى حرّم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرماً ، كما في الحديث القدسي ، يقول الله تعالى: يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا ([9]).
قوله: (فمن قال: إن فضل الله على المؤمن والكافر سواء فهو صاحب بدعة ، بل فضّل الله المؤمنين على الكافرين . والطائع على العاصي، والمعصوم على المخذول عدل منه، هو فضله يعطيه من يشاء، ويمنع من يشاء) وهذا صحيح، لأنه لم يمنع المخذول شيئاً يملكه، قال : وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحجرات:7-8]، فلله تعالى على المؤمن نِعَم جليلة خصه بها دون الكافر، فهو يهدي من يشاء فضلاً منه وإحساناً، ويضل من يشاء عدلاً منه وحكمة، ولا يقال إذا فضل المؤمن على الكافر: إن الله هدى المؤمن ولم يهد الكافر فهذا جور، بل نقول: هو عدل، فلا يقال: إن هذا ظلم؛ لأن الظلم هو أن يمنع الإنسان من حقه، فإذا منعته من حقه، أو اعتديتَ على ملكه فتكون حينئذٍ ظالماً، والهداية ملك لله وليست ملكاً للعاصي، فإذا منعها العاصي فذلك لحكمة منه وعدل، وإذا هدى المؤمن تفضلاً منه فلا يقال: إن هذا ظلم؛ لأن الله تعالى لم يمنع العاصي شيئاً يملكه، فلو منعه شيئاً يملكه، أو حمّله وزر غيره، أو منعه من ثواب استحقه فإنه يكون حينئذٍ ظلماً، لكن إذا أعطى الهداية لهذا ومنعها من هذا فهذا عدله، فهو لم يمنعه شيئاً يملكه .
المتن:
الشرح:
قوله : (ولا يحل أن تكتم النصيحة للمسلمين، برهم وفاجرهم في أمر الدين) لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح من حديث تميم الداري : ﷺ الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ. ([10])، فالنصيحة واجبة، ومن كتم النصيحة عن المسلمين فقد غش المسلمين، ومن غش المسلمين فقد غش الدين، ومن غش الدين فقد خان الله ورسوله والمؤمنين، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [الأنفال:27-28]، فلا يحل لأحد أن يكتم النصيحة ، والنصيحة لله تكون بتوحيده وصرف الدين له ، وأداء حقه، وترك محارمه، والنصيحة لكتاب الله تكون بالإيمان به، وتدبره والعمل بمحكمه، والإيمان بمتشابهه، والوقوف عند حدوده ، وتكون النصيحة للرسول ﷺبالإيمان به، وتحكيم شرعه، وتصديق أخباره، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والتعبد لله بما شرعه ، وتكون النصيحة لأئمة المسلمين بمحبة الخير لهم، وعدم الخروج عليهم، ونصيحتهم ، وتكون النصيحة لعامة المسلمين بمحبة الخير لهم، ودفع الشر عنهم، وتحمل أثقالهم، ودفع المضار عنهم، وإطعام جائعهم، ونصح جاهلهم، وكف الأذى عنهم.
قوله : (فمن كتم فقد غش المسلمين، ومن غش المسلمين فقد غش الدين، ومن غش الدين فقد خان الله ورسوله والمؤمنين) بايع النبيُّﷺ جريرَ بن عبد الله البجَلي -وكان سيدًا مطاعًا في قومه- على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، و النصيحة لكل مسلم([11])،،وهذا ليس خاصًّا بجرير بل هو عام، فمن لم ينصح للمسلم نقص إيمانه؛ وفي معنى هذا الحديث ما في الصحيحين من حديث أنس أنه ﷺ قال:لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ([12])، وفي الحديث الآخر: ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلهِ، وَالنَّصِيحَةُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ دُعَاءَهُمْ مُحِيطٌ مِنْ وَرَائِهِمْ ([13])،أي: لايحمل الغل ولا يبقى فيه مع هذه الثلاثة فإنها تنفى الغل والغش وهو فساد القلب وسخايمه([14])، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا. ([15]) فالله سبحانه أوجب في المعاملات خاصة وفي الدين عامة النصيحة والبيان، والنصيحة لكل مسلم واجبة وغشه حرام([16]).
المتن:
الشرح:
قوله: (والله تبارك وتعالى سميع بصير ، سميع عليم) السميع من أسماء الله تعالى، والبصير من أسماء الله، قال : وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11]، وأسماء الله مشتقة مشتملة على المعاني والصفات، فالسميع مشتمل على صفة السمع، والبصير مشتمل على صفة البصر، والرحيم مشتمل على صفة الرحمة، والقدير مشتمل على صفة القدرة.
قوله: (يداه مبسوطتان) فيه إثبات اليدين لله ، قال الله تعالى: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64].
قوله: (قد علم الله أن الخلق يعصونه قبل أن يخلقهم ، علمه نافذ فيهم)، لابد من إثبات علم الله الأزلي، لا شك في هذا، ومن أنكر علم الله فقد نسب الجهل لله، وهذا كفر وضلال.
قوله:(فلم يمنعه علمه فيهم أن هداهم للإسلام)، أي: لم يمنعه علمه بهم أن هداهم للإسلام فضلاً منه وإحساناً، كما قال : يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17].
قوله :(ومنّ به عليهم كرماً وجوداً وتفضلاً فله الحمد)قال تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17].
المتن:
الشرح:
قوله : (واعلم أن البشارة عند الموت ثلاث بشارات ) يُبشر المؤمن عند موته بالمغفرة والرضوان، فقد جاء في حديث البراء وغيره: إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ، ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ. قَالَ: فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا، فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ.
والكافر يبشر أيضا ببشارة: وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَإِقْبَالٍ مِنَ الدُّنْيَا، نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ، مَعَهُمُ الْمُسُوحُ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ، حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَغَضَبٍ قَالَ: فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ، فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. ([18])، وقد بيّن الله تعالى في كتابه العزيز أن المؤمن يبشر فقال : يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:27-30] ،وقال : إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30].
فهذه ثلاث بشارات للذين قالوا: رَبُّنَا اللَّهُ أي: معبودنا وإلهنا حقاً هو الله، ثُمَّ اسْتَقَامُوا على ذلك بالعمل، فتتنزل عليهم الملائكة عند الموت بهذه البشارات:
البشارة الأولى: أَلَّا تَخَافُوا، أي: مما أمامكم من عذاب الله وسخطه والنار، فأمّنوهم من ذلك.
البشارة الثانية: وَلَا تَحْزَنُوا، أي: على ما خلفتم من الأموال والأولاد فنحن نخلفكم فيهم.
البشارة الثالثة: وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ، أي: عند الموت، ففي حال الشدة والوقت العصيب يبشرون هذه البشارات .
وأما الظالمون فيُبشّرون بالنار، قال تعالى: وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ [الأنعام:93]، فهذا في غمرات الموت، فيبشرونهم بالعذاب والعياذ بالله،وقال سبحانه: وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [الأنفال:50]، وهذا أيضاً عند الموت، فيضربون وجوههم وأدبارهم ويقولون لهم: ذوقوا عذاب الحريق.
قوله: (أبشر يا حبيب الله برضى الله)دليلها كما ذكرنا قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30]، ولكن هذا اللفظ يحتاج إلى دليل.
قوله : (ويقال: أبشر يا عدو الله بغضب الله والنار)هذا في حق الكافر؛ كما قال تعالى: وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [الأنفال:50].
قوله: (ويقال: أبشر يا عبد الله بالجنة بعد [الانتقام]) ، هذا في حق أصحاب الكبائر، وما جاء في هذه النسخةأقرب من جهة المعنى مما في بعض النسخ: (أبشر يا عبد الله بالجنة بعد الإسلام) .
المتن:
الشرح:
قوله: (واعلم أن أول من ينظر إلى الله تعالى في الجنة الأضراء) الأضراء جمع ضرير، وهو الأعمى الذي ذهب بصره، ولأنه كان غير مبصر في الدنيا فهو أول من ينظر إلى الله في الجنة، جاء هذا في أثر ضعيف عن الحسن البصري يقول «أَوَّلُ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْأَعْمَى»([19]). والصواب: أن الأضراء وغيرهم سواء، فالمؤمنون جميعاً ينظرون إلى الله.
قوله: (ثم الرجال ، ثم النساء، بأعين رءوسهم) فهذا الترتيب يحتاج إلى دليل، والله تعالى يقول: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23]، وقال النبيﷺ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ. ([20])، وهذا خطاب للرجال والنساء، فلا يقال: إن الأعمى ينظر أولاً ثم الرجال ثم النساء، وهم ينظرون إلى الله تعالى بأعين رءوسهم، والنصوص من القرآن الكريم صريحة في رؤية الله، قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23]، وقال: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين:15]، والأحاديث في رؤية الله تعالى بلغت حد التواتر–كما تقدم بيانه-، وكما قال العلامة ابن القيم رحمه الله في الكافية الشافية([21]):
وَيَرَوْنَهُ سُبْحَانَهُ مِنْ فَوقِهِم | نظَرَ العِيَانِ كَمَا يُرَى القَمَرَانِ |
هَذَا تَوَاتر عَنْ رَسُولِ اللهِ لَمْ | يُنْكِرْهُ إِلاَّ فَاسِدُ الإِيمَانِ |
وَأَتَى بِهِ القُرآنُ تَصرِيحاً وَتَعـ | ـرِيضاً هُمَا بِسِياقِهِ نَوعَانِ |
فذكر رحمه الله أن النصوص في هذا من القرآن جاءت بالتصريح والتعريض – كما تقدم بيانه-، والأحاديث متواترة، ثم قال رحمه الله([22]):
بَيْنَا هُمُ فِي عَيْشِهِمْ وَسُرُورِهِمْ | وَنَعِيمِهِمْ فِي لَذَّةٍ وَتَهَانِ |
وَإِذَا بِنُورٍ سَاطِعٍ قَدْ أَشْرَقَتْ | مِنْهُ الجِنَانُ قَصِيُّهَا وَالدَّانِ |
رَفَعُوا إِلَيْهِ رُؤوسَهُمْ فَرَأَوْهُ نُو | رَ الرَّبِّ لا يَخْفَى عَلَى إِنْسَانِ |
وَإِذَا بِرَبِّهِمُ تَعَالَى فَوْقَهُمْ | قَدْ جَاءَ لِلتَّسْلِيمِ بِالإِحْسَانِ |
قَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمُ فَيَرَوْنَهُ | جَهْرًا تَعَالَى الرَّبُّ ذُو السُّلطَانِ |
وقد جاء في الحديث أن يوم الجمعة هو يوم المزيد، كما في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : إِنَّ رَبَّكَمْ أعَدَّ فِي الْجَنَّةِ وَادِيًا أَفْيَحَ مِنْ مِسْكٍ أَبْيَضَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ نَزَلَ مِنْ عِلِّيِّينَ تَعَالَى عَلَى كُرْسِيِّهِ، ثُمَّ حَفَّ الْكُرْسِيَّ بِمَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّونَ حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَيْهَا، ثُمَّ حَفَّ الْمَنَابِرَ بِكَرَاسِيَّ الذَهَبِ، ثُمَّ جَاءَ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَيْهَا، ثُمَّ يَجِيءُ أَهْلُ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَى الْكَثِيبِ، ثُمَّ يَتَجَلَّى لَهُمْ رَبُّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَيَنْظُرُونَ إِلَى وَجْهِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ: «أَنَا الَّذِي صَدَقْتُكُمْ وَعَدِي، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَهَذَا مَحِلُّ كَرَامَتِي فَسَلُونِي»»، فَيَسْأَلُونَهُ الرِّضَا، فَيَقُولُ: «رِضَايَ عَنْكُمْ أُحِلُّكُمْ دَارِي، وَأَنَالُكُمْ كَرَامَتِي، فَسَلُونِي»، فَيَسْأَلُونَهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ رَغْبَتُهُمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ إِلَى مِقْدَارِ مُنْصَرَفِ النَّاسِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ يَصْعَدُ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَيَصْعَدُ مَعَهُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ، وَيَرْجِعُ أَهْلُ الْغُرَفِ إِلَى غُرَفِهِمْ دُرَّةً بَيْضَاءَ، لَا فَصْمَ فِيهَا وَلَا فَصْلَ، أَوْ يَاقُوتَةً حَمْرَاءَ، أَوْ زَبَرْجَدَةً خَضْرَاءَ، فِيهَا ثِمَارُهَا، وَفِيهَا أَزْوَاجُهَا وَخَدَمُهَا، فَلَيْسُوا إِلَى شَيْءٍ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ؛ لِيَزْدَادُوا مِنْهُ كَرَامَةً، وَلِيَزْدَادُوا نَظَرًا إِلَى وَجْهِهِ ، وَلِذَلِكَ يُسَمَّى يَوْمَ الْمَزِيدِ. ([23])،وقال ابن القيم : «هذا حديث كبير، عظيم الشأن، رواه أئمة السنة، وتلقوه بالقبول، وجَمَّلَ به الشافعي «مسنده»([24]).
قوله: (والإيمان بهذا واجب، وإنكاره كفر)فقد كفّر الأئمة من أنكر رؤية الله، فقال الإمام أحمد وجماعة: " مَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُرَى ، فَهُوَ كَافِرٌ "([25])، نسأل الله السلامة والعافية.
المتن:
الشرح:
الزندقة معناها: النفاق، والزنديق هو المنافق، وهي كلمة فارسية ثم عربت([26])، والزنديق هو من يظهر الإيمان ويبطن الكفر، وقد كان يقال له في زمن النبي ﷺ: منافق، كـعبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه ؛ فقد كانوا يظهرون الإيمان والإسلام، ويصلون مع النبي ﷺ، ويجاهدون معه وهم في الباطن مكذبون، فهم في الدرك الأسفل من النار، قال الله تعالى فيهم: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا [النساء:145] ،ويطلق الزنديق على المتحلل من الدين، وفي زمننا يسمى المنافق: علمانياً، فالعلماني هو المنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، فتجده يتستر باسم الإسلام وهو ينشر الإلحاد والزندقة، وينشر الفساد بين المسلمين.
قوله: (واعلم رحمك الله أنه ما كانت زندقةقط ولا كفر) يعني: نفاق أو كفر ، فالذي أعلن كفره يقال له: كافر، والذي أخفى كفره يسمى زنديقاً أو منافقاً، قال الإمام أحمد رحمه الله:"عُلَمَاء الْكَلَام زنادقة"([27])، (ولا شك) يعني: لا شك في الدينفي ما هو معلوم من الدين بالضرورة ( ولا بدعة ولا ضلالة ولا حيرة في الدين إلا من الكلام) أي: بسبب علم الكلام وأهله،كالجهمية والمعتزلة والأشاعرة، فقد تكلموا في الصفات وفي الأفعال بالباطل فنشأ من ذلك الكفر والزندقة والنفاق والشك والحيرة ، فينبغي للإنسان أن يحذر من الكلام(وأصحاب الكلام والجدال والمراء والخصومة) ، لأن أهل الكلام هم الذين تكلموا في الأسماء والصفات بغير بصيرة فنشأ من كلامهم الزندقة والكفر والشك والبدعة والضلال والحيرة في الدين ، وهم أصحاب الجدال والمراء والخصومة في الصفات، وفي القدر وفي مسمى الإيمان.
قال معاوية بن قرة رحمه الله: «الْخُصُومَةُ تُحْبِطُ الْأَعْمَالَ ، وَالْكَلَامُ الرَّدِيءُ لَا يَدْعُو إِلَى خَيْرٍ لَا يُفْلِحُ صَاحِبُ كَلَامٍ ، تَجَنَّبُوا أَصْحَابَ الْجِدَالِ وَالْكَلَامِ ، عَلَيْكُمْ بِالسُّنَنِ ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ قَبْلَكُمْ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْكَلَامَ ، وَالْخَوْضَ فِي أَهْلِ الْبِدَعِ ، وَالْجُلُوسَ مَعَهُمْ ، وَإِنَّمَا السَّلَامَةُ فِي تَرْكِ هَذَا ، لَمْ نُؤْمَرْ بِالْجِدَالِ ، وَالْخُصُومَاتِ مَعَ أَهْلِ الضَّلَالَةِ ، فَإِنَّهُ سَلَامَةٌ لَهُ مِنْهُ»»([28])، ومنهج أهل السنة بترك الجدال والمراء والخصومة " هُوَ الْحَقُّ ، وَإِنَّ هَذِهِ سَبِيلُ الْعُلَمَاءِ ، وَطَرِيقُ الصَّحَابَةِ وَالْعُقَلَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْعُلَمَاءِ الْمُسْتَبْصِرِينَ"([29])، جاء في السنة للخلال: "اعْلَمْ أَنَّ تَرْكَ الْخُصُومَةِ وَالْجِدَالِ هُوَ طَرِيقُ مَنْ مَضَى، وَلَمْ يَكُونُوا أَصْحَابَ خُصُومَةٍ وَلَا جِدَالٍ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ تَسْلِيمٍ وَعَمَلٍ"([30]).
قوله: (والعجب كيف يجترئ الرجل على المراء والخصومة والجدال والله تعالى يقول: مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا [غافر:4]، فعليك بالتسليم والرضا بالآثار وأهل الآثار والكف والسكوت)، أي: عليك أيها المسلم! التسليم لأمر الله وأمر رسوله ﷺ، فإذا جاءك حديث فقل: سلّمت ورضيت وقبلت، وكف واسكت عن الخوض والجدال في الدين بغير بصيرة، وعليك بالتسليم لأمر الله وأمر رسوله ﷺ والرضا بالآثار.
المتن:
الشرح:
قوله : (والإيمان بأن الله تبارك وتعالى يعذب الخلق في النار في الأغلال والأنكال والسلاسل، والنار في أجوافهم وفوقهم وتحتهم) يجب على المسلم أن يؤمن بأن الله يعذب الخلق في النار ، وقد أخبر الله تعالى أن النار تغمرهم، وأن النار في أجوافهم وفوقهم وتحتهم، قال الله تعالى: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ [الأعراف:41] أي: وطاء وغطاء، فهم يفترشون النار ويتخذونها غطاء، وقال سبحانه: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ [فاطر:36]، وقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا [النساء:56]، وقال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ [غافر:69-72]، نسأل الله السلامة والعافية.
قوله : (وذلك أن الجهمية -منهم هشام الفوطي - قال: إنما يعذب عند النار، ردٌّ على الله وعلى رسوله ﷺ) أراد المؤلف رحمه الله الرد على هشام ابن عمرو الفوطي ([31])في هذا القول الشنيع([32])، وهو من أصحاب أبي الهذيل العلاف شيخ المعتزلة في القرن الثالث الهجري، ومعنى كلام الفوطي أن الله يعذب عند النار لا بالنار، هذا يشبه مذهب الأشاعرة الذين ينكرون الأسباب، ويقولون: السكين لا تقطع وإنما أوجد الله القطع عند إجراء السكين لا بالسكين، وهذا نفي للأسباب، فالأشاعرة يقولون: ليس هناك أسباب ولا غرائز ولا طباع، فالله هو الذي يفعل، فالسكين مثلاً ليس لها تأثير عندهم، فإذا قيل لهم: إن السكين تقطع، قالوا: لا، السكين لا تقطع، وإنما يُوجد الله تعالى القطع عند إمرار السكين، فالقطع يحصل عند السكين لا بالسكين، وإذا قيل لهم: النار تحرق، قالوا: لا، النار لا تحرق، بل الله يوجد الإحراق عند النار لا بالنار، وإذا قيل لهم: الأكل يشبع، قالوا: لا، الأكل لا يشبع، ولكن الله يوجد الشبع عند الأكل لا بالأكل، وإذا قيل لهم: الماء يروي، قالوا: الماء لا يروي، لكن الله يوجد الري عند الشرب لا بالشرب، وقصدهم من هذا إنكار الأسباب والغرائز والطبائع؛ حتى لا يكون هناك مؤثر إلا الله، والقرآن والسنة مملوءان بذكر الأسباب والغرائز قال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأنعام:99] فهذا سبب، وقوله: وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا [الإسراء:59]،فهذه علة، وقوله: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ [المائدة:32]، وقوله: أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [النحل:79]،وقال سبحانه: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [الرعد:4]،وقال سبحانه: وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ [الأنعام:126] ،والنصوص من الكتاب والسنة كثيرة في بيان الأسباب والطبائع والغرائز، فـهشام الفوطي قوله هذا باطل، وقد بين المؤلف رحمه الله بطلان قوله.
المتن:
الشرح:
قوله: (واعلم أن الصلاة الفريضة خمسٌ، لا يُزاد فيهن ولا ينقص في مواقيتها)كما في الحديث: خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ. ([33])، وفي قصة الرجل الذي جاء وسأل النبي ﷺ عما أوجب الله عليه فقال له: خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ. ([34]).
قوله: (وفي السفر ركعتانإلا المغرب) يعني: أن الرباعية تقصر إلى ركعتين؛ لقول عائشة : «فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ حِينَ فَرَضَهَا، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلاَةِ الحَضَرِ»([35])، فالرباعية تقصر في السفر وهي: الظهر والعصر والعشاء، وأما المغرب والفجر فلا تقصران.
قوله: (فمن قال: أكثر من خمس فقد ابتدع ومن قال: أقل من خمس فقد ابتدع) أي: من قال: إن الله أوجب أكثر من خمس صلوات فقد ابتدع بدعة مكفرة؛ لأنه زاد في الدين، ومن قال: إن الله لم يفرض إلا أربع صلوات في اليوم والليلة فقد كفر أيضاً، فالبدعة قد تكون مكفرة وقد تكون غير مكفرة ، والمقصود بذلك الخمس الفرائض، ولا يُعترض على ذلك بأن الإمام أبا حنيفة يرى أن الوتر واجب ([36])؛ لأنه ليس من الصلوات الخمس.
قوله: (لا يقبل الله منها شيئاً إلا لوقتها) مثل الذي يجمع الظهر والعصر أو المغرب والعشاء من غير عذر فإنه يكون قد صلاها في غير وقت.
قوله : (إلا أن يكون نسيان فإنه معذور، يأتي بها إذا ذكرها) والدليل قول النبيﷺ: مَنْ نَسِيَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ. ([37]).
قوله : (أو يكون مسافراً فيجمع بين الصلاتين إن شاء) يجمع بين الصلاتين إن شاء، فقد أباح الله للمسافر وللمريض الجمع بين الصلاتين وهما الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء.
المتن:
الشرح:
قوله : (والزكاة من الذهب والفضة والثمر والحبوب والدواب، على ما قال رسول الله ﷺ) نصاب الذهب عشرون مثقالاً، ونصاب الفضة مائتا درهم، ونصاب الثمر والحبوب خمسة أوسق، ولا زكاة فيما دون ذلك، جاء في الحديث: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ. ([38])، والأنعام كذلك فيها زكاة، فالإبل إذا كانت سائمة ترعى وبلغت النصاب ففيها خمس من الإبل، والبقر نصابها ثلاثون، والغنم نصابها أربعون ، فالزكاة من هذه الأصناف.
قوله : (فإن قسمها فجائز وإن أعطاها الإمام فجائز) يعني : إن قسمها بنفسه فهو جائز، وإذا طلبها الإمام ودفعها إليه برئت ذمته.
المتن:
الشرح:
قوله : (واعلم أن أول الإسلام شهادةُ أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله) أي: تيقن أن أول الإسلام الشهادة لله تعالى بالوحدانية ولنبيهﷺ بالرسالة ، فهي أصل الدين وأساس الملة، فلا بد أن ينطق الشهادتين بلسانه، ويعتقد معناهما بقلبه، ويعمل بمقتضاهما بجوارحه، وهذا هو الإسلام.
فالإسلام أن تنطق الشهادتين بلسانك، وتصدق بمعناهما بقلبك، وتقر وتعترف وتعمل بمقتضاهما بجوارحك، فإذا نطقت بالشهادتين وأقررت وصدقت وعملت بمقتضاهما، فأديت الأوامر، وتركت النواهي، فهذا هوالإسلام.
المتن:
الشرح:
قوله : (وأن ما قال الله كما قال، ولا خُلفَ لما قالَ، وهو عندَ ما قال) يعني: يجب على المسلم أن يعلم أن ما قاله الله فهو كما قال، فلا يحرف كلام الله، ولا ينبغي لأحدٍ أن يخلف ما قال الله، ويحتمل أن المعنى: أن الله لا يُخلف وعده،قال تعالى: وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الروم:6]، ولكن الوعيد للعصاة فيه تفصيل: فقد ينفذه الله وقد لا ينفذه ؛ فيعفو عن العاصي ، والوعد للمؤمن لا بد أن يحصل .
المتن:
الشرح:
قوله : (والإيمان بالشرائع كلها) يجب على المسلم أن يؤمن بالشرائع كلها، سواء كانت مما أنزلها الله على نبيه ﷺ في الحدود والقصاص والمعاملات، أو الشرائع التي أنزلها على أنبيائه السابقين، وهذه نؤمن بها إجمالاً. فنؤمن بشريعة الله في الحدود والقصاص وفي المعاملات كالبيع والشراء والصلح والإجارة والمساقاة والمزارعة والنكاح والخلع والطلاق.
المتن:
الشرح:
قوله: (واعلم) أي: تيقن، فالعلم هو اليقين، وأن الأصل في البيع والشراء أنه حلال إلا إذا اختل شرط من شروط البيع كأن يجهل المبيع، أو يغش، أو يخفي عيب السلعة، أو يرابي.
قوله :(أن الشراء والبيعما بيع في أسواق المسلمين حلال) فالأصل فيما بيع في أسواق المسلمين أنه حلال، فلا تشك وتقول: أخشى أن يكون حراماً، وأخشى أن تكون هذه السلعة التي اشتريتها مسروقة، وأخشى أن فيها كذا، فالأصل الحل.
قوله : (ما بيع على حكم الكتاب والإسلام والسنة، من غير أن يدخله تغيير أو ظلم أو جور أو خلاف للقرآن )يعني : إذا لم يدخله تغيير ولا ظلم ولا جور ولا غدر، وكذلك بشرط ألا يخالف القرآن، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29]، ولا يكتم عيوب السلعة، فحرام عليه أن يخفي العيب، بل لا بد أن يخبره بالعيب الذي يعلمه.
قوله: (أو خلافٌ للعلم)، أي: ما تعلمه من العيب فلا تخفيه، فالسلعة التي فيها عيب وأنت تعلمه فلابد أن تبينه، قال عليه الصلاة والسلام: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا. ([39]).
المتن:
الشرح:
قوله:(واعلم)أي: تيقن .
قوله:(رحمك الله) سؤال الرحمة من الله تعالى للمتعلم.
قوله: (أنه ينبغي للعبد أن تصحبه الشفقة أبداً ما صحب الدنيا)أي: أن يصحبه الخوف من أن تحيط به ذنوبه، والخوف من سوء الخاتمة، فعلى الإنسان أن يرجو ما عند الله لكن عليه أن يغلب جانب الخوف؛ حتى يحمله على أداء الفرائض وترك المحارم ، فإذا كان الإنسان خائفاً فإن هذا الخوف يحدوه ويحثه على أداء الفرائض وترك المحارم، فعلى العبد دائماً أن يكون بين الرجاء والخوف، لكنه يغلب جانب الخوف في حال الصحة.
قال بعض العلماء: الخوف والرجاء للعبد كجناحي الطائر، فالطائر إذا استقام جناحاه استقام طيرانه، وإذا تلف الجناحان صار في عداد الموتى، فكذلك الإنسان يعبد الله بين الخوف والرجاء، فيخاف خوفاً لا يوصله إلى التشاؤم وسوء الظن بالله، ويرجو ما عند الله رجاءً لا يجعله يستغرق في المعاصي.
فالعبد تصحبه الشفقة والخوف أبداً ما صحب الدنيا؛ لأنه لا يدري علام يموت عليه، فيحمله خوفه على أداء الفرائض وترك المحارم، وإن عمل كل الخير فلابد له من الخوف والرجاء، قال تعالى عن المتقين: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:16] أي: يعبدون الله بالخوف والرجاء، وهذا حال المؤمن أنه يعبد الله بالحب والخوف والرجاء ، وهذه هي أركان العبادة: المحبة والخوف والرجاء، وهذه الأركان موجودة في سورة الفاتحة، فقوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] هذه المحبة، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3] هذا الرجاء، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] هذا الخوt.
قوله: (وينبغي للرجل المسرف على نفسه ألا يقطع رجاءه من الله تعالى عند الموت، ويحسن ظنه بالله تبارك وتعالى) فينبغي للرجل المسرف على نفسه ألا يقطع رجاءه من الله عند الموت، وليحسن ظنه بالله، وليخف من ذنوبه، قال النبي ﷺ في الحديث: لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ. ([40])، فهو يخاف ويرجو، فيخاف خوفاً لا يصل به إلى سوء الظن؛ لأنه يرجو، ويرجو رجاءً لا يجعله يتمادى في المعاصي؛ لأنه يخاف، فإن رحمه الله فبفضل، وإن عذبه فبذنب.
المتن:
الشرح:
قوله : (والإيمان بأن الله تبارك وتعالى أطلع نبيه ﷺ على ما يكون في أمته إلى يوم القيامة) أي: أن الله أخبر نبيه بما يكون في أمته في آخر الزمان، فأخبره بأشراط الساعة، وأخبره بانتشار الإسلام ؛ كما قال النبي ﷺ لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ. ([41])، وقال النبي ﷺ: وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ. ([42])، وقال ﷺ: إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا. ([43])، ولما وقت النبي ﷺالمواقيت في الحج قال: مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ الْجُحْفَةُ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ. ([44])، مع أن العراق في ذلك الوقت لم تفتح بعد، وهذا من علامات النبوة، ففيه دليل على أنهم سيسلمون ويحجون ويعتمرون من هذا الميقات، وهذا مما أطلع الله عليه نبيهﷺ مما سيكون في أمته إلى يوم القيامة.
وأما القول: بأن النبي ﷺ يعلم أعمال أمته، وأن أعمال أمته تعرض عليه، وأن النبي ﷺ يعلم ماذا عمل كل شخص؛ والحديث المروي في هذا: حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ تُحَدِّثُونَ وَنُحَدِّثُ لَكُمْ، وَوَفَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ ، فَمَا رَأَيْتُ مِنَ خَيْرٍ حَمِدْتُ اللَّهَ عَلَيْهِ، وَمَا رَأَيْتُ مِنَ شَرٍّ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ لَكُمْ. ([45])، حديث ضعيف لا يصح([46]).
المتن:
[90]واعلم أن رسول اللهﷺ قال: سَتَفتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةًكُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، قيل: يا رسول الله! من هم؟ قال: مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي.
وهكذا كان الدين إلى خلافة عمر ، وهكذا كان في زمن عثمان، فلما قُتل عثمان جاء الاختلاف والبدع، وصار الناس أحزاباً وصاروا فرقاً، فمن الناس من ثبت على الحق عند أول التغيير، وقال به ودعا الناس إليه، فكان الأمر مستقيماً حتى كانت الطبقة الرابعة في خلافة بني فلان انقلب الزمان وتغير الناس جداً، وفشت البدع، وكثرت الدعاة إلى غير سبيل الحق والجماعة، ووقعت المحن في شيء لم يتكلم به رسول اللهﷺ، ولا أصحابه، ودعوا إلى الفرقة [ونهى] رسول الله ﷺ عن الفرقة،وكفر بعضهم بعضاً، وكل [داعٍ] إلى رأيه، وإلى تكفير من خالفه، فضل [الجهال] والرعاع ومن لا علم له، وأطمعوا الناس في شيء من أمر الدنياوخوفوهم عقاب الدنيا، فاتبعهم الخلق على خوف [في] دنياهم ورغبة في دنياهم، فصارت السنة وأهلها مكتومين، وظهرت البدع وفشت، وكفروا من حيث لا يعلمون من وجوه شتى، ووضعوا القياس، وحملوا قدرة الرب في آياته وأحكامه وأمره ونهيه على عقولهم [وآرائهم]، فما وافق عقولهم قبلوه، وما لم يوافق عقولهم ردوه، فصار الإسلام غريباً، والسنة غريبة، وأهل السنة غرباء في [جوف ديارهم].
الشرح:
قوله : (واعلم أن رسول الله ﷺ قال: سَتَفتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةًكُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، قيل: يا رسول الله! من هم؟ قال: مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي.) هذا فيه بيان الاختلاف الذي حصل في الأمة، وهذا الحديث حديث حسن أخرجه الترمذي في الإيمان والآجري في الشريعة والحاكم وغيرهم ،يقول النبي ﷺ: افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلَّا وَاحِدَةً، قِيلَ: مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي [47])، وفي لفظ: وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ([48]) ، وروي هذا الحديث بألفاظ متعددة ([49])، فهذه الفرق كلها من الفرق المبتدعة متوعدة بالنار إلا واحدة وهي الجماعة، وهم أهل السنة والجماعة، وهم الفرقة الناجية، وهم أهل الحق، وقد أخرج العلماء الجهميةَ والقدريةَ الأولى والرافضة من الثنتين والسبعين فرقة؛ لكفرهم وضلالهم.
قوله: (وهكذا كان الدين إلى خلافة عمر) أي: كلهم كانوا على الحق مستقيمين.
قوله :(وهكذا كان في زمن عثمان ، فلما قتل عثمان جاء الاختلاف والبدع، وصار الناس أحزاباً وصاروا فرقاً) والذي أثارها هو عبد الله بن سبأ اليهودي الحميري، وأشاع أن أهل البيت مظلومين، وأن علياً أحق بالخلافة، وجعل يثير هذا في الشام وفي مصر وفي الكوفة، فتبعه السفهاء وصاروا ينشرون مساوئ عثمان بين الناس، وصاروا يقولون: عثمان فعل كذا وخفض صوته بالتكبير، و عثمان أتم الصلاة في السفر، و عثمان أخذ الزكاة على الخيل وخالف ما كان عليه الشيخان أبو بكر و عمر وهكذا، فتبعه كثير من الشباب السفهاء، فجاءوا وأحاطوا ببيته وقتلوه.
إذاً فنشرُ الناس مساوئ الحاكم وولي الأمر صار سبباً في الفُرقة، فصار الناس أحزاباً وفرقاً، فظهرت الخوارج والشيعة والقدرية .
قوله : (فمن الناس من ثبت على الحق عند أول التغيير، وقال به ودعا الناس إليه) وهم أهل السنة والجماعة، الصحابة ومن تبعهم.
قوله : (فكان الأمر مستقيماً حتى كانت الطبقة الرابعة) لم يذكر هذه الخلافة، فتحتمل أنها خلافة بني العباس أو بني أمية، فهناك اختلاف في بني أمية أيضاً، إن كان المراد بالطبقة الرابعة القرون المفضلة فقد قال النبي ﷺ: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ. ([50]).
قوله :(في خلافة بني فلان انقلب الزمان، وتغير الناس جداً، وفشت البدع، وكثر الدعاة إلى غير سبيل الحق والجماعة، ووقعت المحن في كل شيء لم يتكلم به رسول الله ﷺ ولا أصحابه، ودعوا إلى الفرقة ونهى رسولﷺ عن الفرقة)، وقد أمر الله تعالى بالاجتماع فقال: وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [آل عمران:105]، وقال: وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ [البينة:4] .
قوله:(وكفّر بعضهم بعضاً، وكل داع إلى رأيه وإلى تكفير من خالفه، فضل الجهال والرعاع ومن لا علم له، وأطمعوا الناس في شيء من أمر الدنيا وخوفوهم عقاب الدنيا، فاتبعهم الخلق على خوف في دنياهم ورغبة في دنياهم، فصارت السنة وأهلها مكتومين، وظهرت البدع وفشت، وكفروا من حيث لا يعلمون من وجوه شتى، ووضعوا القياس) يعني: الآراء في مقابلة النصوص.
قوله : (وحملوا قدرة الرب في آياته وأحكامه وأمره ونهيه على عقولهم وآرائهم فما وافق عقولهم قبلوه، وما لم يوافق عقولهم ردوه)يعني: فسروا النصوص بآرائهم، فما وافق عقولهم قبلوه وما لم يوافق عقولهم ردوه، وهذا لما انتشرت البدع والخوارج، وكان أصلها في أوائل المائة الثانية وقد ظهرت في أواخر عهد الصحابة، وكذلك ظهرت القدرية والشيعة، بل بعد قتل عثمان ظهرت الخوارج والشيعة، وفي أواخر عهد الصحابة ظهرت القدرية، ثم في أوائل المائة الثالثة ظهرت الجهمية والمعتزلة.
قوله :(فصار الإسلام غريباً والسنة غريبة وأهل السنة غرباء في جوف ديارهم) والمقصود من كلام المؤلف رحمه الله هذا التحذير من البدع والاختلاف في الدين، وأن على المسلم أن يحذر البدع، وأن يلزم السنة والجماعة، فالبدع بريد الكفر، فهي توصل إلى الكفر، والبدعة أحب إلى الشيطان من الكبيرة؛ فإن صاحب الكبيرة كالزاني والسارق وشارب الخمر والمرابي يعلم أنه عاصٍ على باطل لذلك فقد يفكر في التوبة، وأما المبتدع فيظن أنه على حق.
الحواشي:
[1] - انظر : تهذيب اللغة (10/147) ، ومختار الصحاح (1/272) .
[2] - انظر :منهاج السنة النبوية (5/424) ، شرح الأصفهانية (1/111) .
[3] - انظر : ماهية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه (ص204)، ولوامع الأنوار البهية (2/237)، .
[4] - المستدرك على مجموع فتاوى (2/291) .
[5] - انظر :مجموع الفتاوى (9/287)، وانظر: بغية المرتاد (ص251)، الصفدية (2/257) .
[6] - انظر :مجموع الفتاوى (20/172) ، وانظر: المستدر على مجموع الفتاوى (2/292) .
[7] - انظر :مجموع الفتاوى (3/ 338، 339) .
[8] - انظر: بغية المرتاد، لابن تيمية (251-261) .
[9] - سبق تخريجه .
[10]- أخرجه مُسْلِم ، كتاب الْأَيْمَانِ ، رقم (55) .
[11]- أخرجه البخاري،كتاب الإيمان ، باب قول النبي ﷺ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ: لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ رقم (55) .
([12])أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، رقم (13)، ومسلم، كتاب الإيمان (45).
([13]) أخرجه ابن ماجه، المقدمة، باب من بلغ علما، رقم (230).
([14]) مفتاح دار السعادة (1/72) .
([15])أخرجه مسلم ، كتاب الإيمان ، رقم: (101) .
([16]) الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام (6/150-151) .
[17] - انظر: التوهم في وصف أحوال الآخرة، للمحاسبي (ص6)، العاقبة في ذكر الموت، للإشبيلي (ص118،243) .
[18]- سبق تخريجه .
[19] - أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/578/924) ، والديلمي في فردوس الأخبار (1/25/34) ، وسنده فيه جهالة ولا يصح .
[20] -أخرجه البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، بَاب فَضْلُ صَلَاةِ الْعَصْر، رقم (554)، ومسلم : كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم (633).
[21]- الكافية الشافية (ص341) .
[22]-المرجع السابق (ص343) .
([23]) أخرجه ابن بطة في الإبانة (24)، والشافعي في مسنده(ص 70).
([24]) حادي الأرواح،(ص 219).
[25] - أخرجه أبو داود في مسائل الإمام أحمد ، رقم (1700) ، والآجري في الشريعة (2/986/580) .
[26] - انظر :جمهرة اللغة (3/1329) ، وتهذيب اللغة (9/298) .
[27] - قواعد العقائد (ص87)، وبنحوه في الحكم على أهل الكلام بالزندقة: عن أبي يوسف، الإبانة الكبرى (2/537/671)، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/166/305)، ونقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله من التوحيد(1/65)، وجامع بيان العلم وفضله (3/1033/1985)، وعن الإمام مالك، ذم الكلام وأهله (5/71)، وعن الشافعي أيضا نحوه، الإبانة الكبرى (2/535/665)، وعن أبي بكر الوراق، حلية الأولياء (10/236)، وشعب الإيمان (3/296/1693) .
[28] - أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (2/539/677) .
[29] - أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (2/540) .
[30] - أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (4/21) .
[31]- هو هشام بن عمرو الفوطي، المعتزلي، وانتسب إليه أقوام دعوا بالهشامية، وهو أول من قال أن الجنة والنار ليستا مخلوقتين الآن، قال الذهبي: صاحب ذكاء وجدال وبدعة ووبال، انظر: تاريخ الإسلام (16/441)، والوافي بالوفيات (27/211).
[32]- انظر: الفصل في الملل والنحل (3/32)، (3/79)، (4/149) ، السير (10/ 547)
[33] - أخرجه أبو داود ، كتاب الصَّلاَةِ ، باب من لم يوتر ، رقم (1420)، والنسائي، كتاب الصَّلاَةِ ، باب المحافظة على الصلوات الخمس ، رقم (461)، وابنُ ماجَهْ ، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب بَابُ ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها، رقم(1401)، وقال ابن الملقن في البدر المنير (5/389): هذا الحديث صحيح.
[34] - أخرجه البخاري، كتاب الْأَيْمَانِ ، باب الزكاة من الإسلام ، رقم (46)، ومُسْلِم ، كتاب الْأَيْمَانِ ، رقم (11).
[35] - أخرجه البخاري، كتاب الصَّلاَةِ ، باب: كيف فرضت الصلاة في الإسراء ، رقم (350)، ومُسْلِم ، كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، رقم (685).
[36] - انظر : كنز الدقائق (1/176).
[37] - أخرجه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر، ولا يعيد إلا تلك الصلاة ، رقم (597)، ومُسْلِم ، كِتَابُ المساجد ومواضع الصلاة ، رقم (684).
[38] - أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب زكاة الورق ، رقم (1447)، ومُسْلِم ، كِتَابُ الزَّكَاةِ ، رقم (979).
[39] - أخرجه البخاري، كتاب الْبُيُوعِ ، باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا ، رقم (2079)، ومُسْلِم ، كتاب الْبُيُوعِ ، رقم (1532).
[40] - أخرجه مُسْلِم ، كتاب صفة القيامة والجنة والنار ، رقم (2877).
[41] - أخرجه أحمد في المسند ، رقم (16957)، والحاكم في المستدرك ، رقم (8326)، والطبراني في المعجم الكبير (2/ 58)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/305)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ، وقال الهيثمي في المجمع (6/14): رجال أحمد رجال الصحيح.
[42]- أخرجه البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام ، رقم (3612).
[43] - أخرجه مُسْلِم ، كتاب الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ ، رقم (2889).
[44] - أخرجه مُسْلِم ، كتاب الحَجِّ ، رقم (1183).
[45] - أخرجه البزار في مسنده (5/308) ، والطبراني في الكبير (8886)، والحارث في مسنده (2/884/953) .
[46] - قال البوصيري في إتحاف المهرة (7/74) " هذا مرسل ضعيف؛ جسر بن فرقد القصاب أبو جعفر البصري مجمع على ضعفه ولم أر من وثقه."
[47]- سبق تخريجه .
[48]- سبق تخريجه
[49]- انظر: مسند أحمد ، رقم (12208)، ومسند البزار (4/37)، ومصنف ابن أبي شيبة (7/554)، والبدع لابن وضاح (250)، والسنن الكبرى للبيهقي (10/351)، وحلية الأولياء لأبي نعيم (9/238) .
[50] - أخرجه البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبي ﷺ ، رقم (3651)، ومُسْلِم ، كِتَابُ فضائل الصحابة ، رقم (2533).