شعار الموقع

شرح كتاب مقدمة ابن الصلاح (4) من معرفة الحديث المنقطع إلى معرفة الحديث المعضل

00:00
00:00
تحميل
116

(المتن)

(مِثَالُ الْأَوَّلِ: مَا رَوَينَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنْ وَلَّيْتُمُوهَا أَبَا بَكْرٍ فَقَوِيٌّ أَمِينٌ... الْحَدِيثَ، فَهَذَا إِسْنَادٌ إِذَا تَأَمَّلَهُ الْحَدِيثِيُّ وَجَدَ صُورَتَهُ صُورَةَ الْمُتَّصِلِ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ فِي مَوْضِعَيْنِ، لِأَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ الثَّوْرِيِّ، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنَ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الْجَنَدِيِّ عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ الثَّوْرِيُّ أَيْضًا، مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ، إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ).

(الشرح)

هذا فيه انقطاع في موضعين، يسمى المنقطع، نعم، لكن لو كان الاثنان متواليان يسمى معضل كما سبق، نعم.

(المتن)

(وَمِثَالُ الثَّانِي: الْحَدِيثُ الَّذِي رَوِّينَاهُ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ رَجُلَيْنِ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ... الْحَدِيثَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).

(الشرح)

هذا (عن رجلين)، فيه إبهام يعني، أبهمه، نعم.

(المتن)

(وَمِنْهَا: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرْسَلَ مَخْصُوصٌ بِالتَّابِعِينَ، وَالْمُنْقَطِعَ شَامِلٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَهُوَ عِنْدَهُ كُلُّ مَا لَا يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ سَوَاءٌ كَانَ يُعْزَى إِلَى النَّبِيِّ ﷺ أَوْ إِلَى غَيْرِهِ).

(الشرح)

نعم، ابن عبد البر يرى أن المرسل هذا ما سقط منه الصحابي، وما سقط منه راوٍ، فإنه يسمى منقطع، أعد كلام ابن عبد البر، منها؟

(المتن)

(وَمِنْهَا: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرْسَلَ مَخْصُوصٌ بِالتَّابِعِينَ، وَالْمُنْقَطِعَ شَامِلٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَهُوَ عِنْدَهُ كُلُّ مَا لَا يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ سَوَاءٌ كَانَ يُعْزَى إِلَى النَّبِيِّ ﷺ أَوْ إِلَى غَيْرِهِ).

(الشرح)

نعم، ابن عبد البر يسمى ما سقط منه الصحابي مرسل، وما سقط منه غير الصحابي يسمى منقطع، ويسمى مرسل، نعم، يسمى منقطع يعني سواء سقط منه الصحابي أو سقط منه غيره يسمى منقطع، وما سقط منه الصحابي يسمى مرسل، ويسمى منقطع، وما سقط منه راوٍ في أثناء السند يسمى منقطع، ولا يسمى مرسل، نعم.

(المتن)

(وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُنْقَطِعَ مِثْلُ الْمُرْسَلِ، وَكَلَاهُمَا شَامِلَانِ لِكُلِّ مَا لَا يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَقْرَبُ).

(الشرح)

يعني يقول الاثنان مترادفان يعني، كل ما لا يتصل إسناده يسمى منقطع ويسمى مرسل، الصحابي وغير الصحابي، نعم.

(المتن)

(وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُنْقَطِعَ مِثْلُ الْمُرْسَلِ، وَكَلَاهُمَا شَامِلَانِ لِكُلِّ مَا لَا يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَقْرَبُ، صَارَ إِلَيْهِ طَوَائِفُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ فِي كِفَايَتِهِ، إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ مَا يُوصَفُ بِالْإِرْسَالِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِعْمَالُ مَا رَوَاهُ التَّابِعِيُّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَأَكْثَرُ مَا يُوصَفُ بِالِانْقِطَاعِ مَا رَوَاهُ مَنْ دُونَ التَّابِعِينَ عَنِ الصَّحَابَةِ مِثْلَ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).

(الشرح)

نعم، سقط نافع، نعم.

(المتن)

(وَمِنْهَا: مَا حَكَاهُ الْخَطِيبُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ "الْمُنْقَطِعَ مَا رُوِيَ عَنِ التَّابِعِيِّ أَوْ مَنْ دُونَهُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ"، وَهَذَا غَرِيبٌ بَعِيدٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).

(الشرح)

نعم، يعني ما رفعه إلى النبي ﷺ، كان التابعي أو غير التابعي فعل أو قول له، لم ينسبه إلى النبي ﷺ، سمي المنقطع على هذا، نعم.

(المتن)
 

(وَهَذَا غَرِيبٌ بَعِيدٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، قال المؤلف رحمه الله تعالى:

(المتن)

(النَّوْعُ الْحَادِيَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ الْمُعْضَلِ.

وَهُوَ لَقَبٌ لِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنَ الْمُنْقَطِعِ، فَكُلُّ مُعْضَلٍ مُنْقَطِعٌ، وَلَيْسَ كُلُّ مُنْقَطِعٍ مُعْضَلًا، وَقَوْمٌ يُسَمُّونَهُ مُرْسَلًا كَمَا سَبَقَ).

(الشرح)

نعم، والمعضل هو ما سقط منه اثنان من وسط الإسناد اثنان على التوالي، يقال له معضل، ويسمى منقطع أيضًا، والمعضل هو المنقطع، كل معضل منقطع، لكن ليس كل منقطع معضل، لأنه إذا كان الساقط واحد يسمى منقطع، ولا يسمى معضل، وإذا كان الساقط اثنان على التوالي يسمى معضل، ومنقطع، نعم.

(المتن)

(وَهُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا، وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَقُولُونَ: أَعْضَلَهُ فَهُوَ مُعْضَلٌ - بِفَتْحِ الضَّادِ - وَهُوَ اصْطِلَاحٌ مُشْكِلُ الْمَأْخَذِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ، وَبَحَثْتُ فَوَجَدْتُ لَهُ قَوْلَهُمْ: (أَمْرٌ عَضِيلٌ)، أَيْ مُسْتَغْلِقٌ شَدِيدٌ، وَلَا الْتِفَاتَ فِي ذَلِكَ إِلَى مُعْضِلٍ - بِكَسْرِ الضَّادِ - وَإِنْ كَانَ مِثْلَ عَضِيلٍ فِي الْمَعْنَى).

(الشرح)

نعم، هذه مسألة لغوية، نعم.

(المتن)

(وَمِثَالُهُ: مَا يَرْوِيهِ تَابِعِيُّ التَّابِعِيِّ قَائِلًا فِيهِ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ "، وَكَذَلِكَ مَا يَرْوِيهِ مَنْ دُونَ تَابِعِيِّ التَّابِعِيِّ " عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أَوْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضي الله عنهما - وَغَيْرِهِمَا").

(الشرح)

إذا قال تابعي التابعي: قال رسول الله، سقط اثنان، سقط التابعي والصحابي، فكان معضلًا، ويسمى مرسل أيضًا، ويسمى منقطع، هذا يسمى معضل سقط اثنان، ويسمى منقطع لوجود السقط، ويسمى مرسل لأنه سقط منه الصحابي، قالوا: لا، لا يسمى مرسل إلا إذا سقط منه الصحابي فقط، لكن سقط منه الصحابي ومن بعده، هذا لا يسمى مرسل، بل يأتي على الإرسال، نعم.

(المتن)

(غَيْرَ ذَاكِرٍ لِلْوَسَائِطِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَذَكَرَ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ الْحَافِظُ قَوْلَ الرَّاوِي: "بَلَغَنِي" نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ: "بَلَغَنِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكُسْوَتُهُ... الْحَدِيثَ).

(الشرح)

قال هذا معضل، لأن مالك بينه نافع وابن عمر، أسقط التابعي والصحابي، نعم.

(المتن)

(وَقَالَ: أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يُسَمُّونَهُ الْمُعْضَلَ، قُلْتُ: وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَذَا وَكَذَا" وَنَحْوُ ذَلِكَ، كُلُّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُعْضَلِ، لِمَا تَقَدَّمَ، وَسَمَّاهُ الْخَطِيبُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ مُرْسَلًا، وَذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُسَمِّي كُلَّ مَا لَا يَتَّصِلُ مُرْسَلًا كَمَا سَبَقَ).

(الشرح)

نعم، ويسمى أيضًا معلق، يسمى معلق إذا قال البخاري مثلًا قال: رسول الله، يسمى معلق أنه أسقط شيخه ومن بعده، ويسمى معضل لأنه سقط منه اثنان فأكثر، ويسمى منقطع لوجود السقط فيه، نعم، إيش قبل؟

(المتن)

(قُلْتُ: وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَذَا وَكَذَا" وَنَحْوُ ذَلِكَ، كُلُّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُعْضَلِ، لِمَا تَقَدَّمَ، وَسَمَّاهُ الْخَطِيبُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ مُرْسَلًا، وَذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُسَمِّي كُلَّ مَا لَا يَتَّصِلُ مُرْسَلًا كَمَا سَبَقَ، وَإِذَا رَوَى تَابِع التَّابِعِيِّ عن التَّابِعِيِّ حَدِيثًا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ مُسْنَدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَدْ جَعَلَهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ نَوْعًا مِنَ الْمُعْضَلِ، مِثَالُهُ: "مَا رَوَينَاهُ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: مَا عَمِلْتُهُ، فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ... الْحَدِيثَ، فَقَدْ أَعْضَلَهُ الْأَعْمَشُ، وَهُوَ عِنْدَ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا.

قُلْتُ: هَذَا جِيدٌ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الِانْقِطَاعَ بِوَاحِدٍ مَضْمُومًا إِلَى الْوَقْفِ يَشْتَمِلُ عَلَى الِانْقِطَاعِ بِاثْنَيْنِ: الصَّحَابِيِّ وَرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَذَلِكَ بِاسْتِحْقَاقِ اسْمِ الْإِعْضَالِ أَوْلَى).

(الشرح)

هذا فيه نظر، إذا قال التابعي يسمى، إذا كان من أقوال التابعي يسمى مقطوع عند أهل العلم، وإذا كان من كلام الصحابي، ولو يقل قال رسول الله، يسمى مرسل، نعم.

(المتن)

(تَفْرِيعَاتٌ:

أَحَدُهَا الْإِسْنَادُ الْمُعَنْعَنُ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ: "فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ" عَدَّهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ قَبِيلِ الْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ اتِّصَالُهُ بِغَيْرِهِ.

وَالصَّحِيحُ - وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ - أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَوْدَعَهُ الْمُشْتَرِطُونَ لِلصَّحِيحِ فِي تَصَانِيفِهِمْ فِيهِ وَقَبِلُوهُ، وَكَادَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْحَافِظُ يَدَّعِي إِجْمَاعَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ، وَادَّعَى أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ - الْمُقْرِئُ الْحَافِظُ - إِجْمَاعَ أَهْلِ النَّقْلِ عَلَى ذَلِكَ.

وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ أُضِيفَتِ الْعَنْعَنَةُ إِلَيْهِمْ قَدْ ثَبَتَتْ مُلَاقَاةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، مَعَ بَرَاءَتِهِمْ مِنْ وَصْمَةِ التَّدْلِيسِ، فَحِينَئِذٍ يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِ الِاتِّصَالِ، إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ فِيهِ خِلَافُ ذَلِكَ).

(الشرح)

نعم، هذا إذا ثبتت الملاقاة ما فيه إشكال، البخاري - رحمه الله - يشترط الملاقاة ولو مرة واحدة، أما مسلم - رحمه الله - فإنه يشترط المعاصرة، يحمل على السماع، ويكتفي بالمعاصرة، فإذا كانوا متعاصرين، وليسوا، إذا كان الراويين متعاصرين، وبرئوا من التدليس، فإنه عند مسلم يقبله، أما البخاري - رحمه الله - يشترط الملاقاة، مع المعاصرة الملاقاة ولو مرة واحدة، ولهذا كان شرط البخاري أقوى من شرط مسلم، مسلم - رحمه الله - في مقدمته أطال في هذا، شدد على من يقول أنه لا بد من الملاقاة، حتى قيل إنه عنى شيخه البخاري - رحمه الله - وبعض العلماء علماء الحديث يشترط طول الصحبة أيضًا، نعم.

(المتن)

(وَكَثُرَ فِي عَصْرِنَا وَمَا قَارَبَهُ بَيْنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْحَدِيثِ اسْتِعْمَالُ "عَنْ" فِي الْإِجَازَةِ، فَإِذَا قَالَ أَحَدُهُمْ: "قَرَأْتُ عَلَى فُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ"، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَظُنَّ بِهِ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ بِالْإِجَازَةِ، وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الِاتِّصَالِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).

(الشرح)

يعني إذا كان أجازه قال عن فلان إجازة، يعني ما سمعه منه، وإنما أجازه، قال روي عنه حديث كذا، أو أعطاه كتاب وقال اروه عني، نعم.

(المتن)

(الثَّانِي: اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ الرَّاوِي: "أَنَّ فُلَانًا قَالَ كَذَا وَكَذَا" هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ (عَنْ) فِي الْحَمْلِ عَلَى الِاتِّصَالِ، إِذَا ثَبَتَ التَّلَاقِي بَيْنَهُمَا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ فِيهِ الِانْقِطَاعُ، مِثَالُهُ: "مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَذَا"، فَروِينَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَرَى (عَنْ فُلَانٍ) وَ (أَنَّ فُلَانًا) سَوَاءً، وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : أَنَّهُمَا لَيْسَا سَوَاءً، وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ "عَنْ" وَ "أَنَّ" سَوَاءٌ، وَأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْحُرُوفِ وَالْأَلْفَاظِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِاللِّقَاءِ وَالْمُجَالَسَةِ، وَالسَّمَاعِ وَالْمُشَاهَدَةِ، يَعْنِي مَعَ السَّلَامَةِ مِنَ التَّدْلِيسِ، فَإِذَا كَانَ سَمَاعُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ صَحِيحًا كَانَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ بِأَيِّ لَفْظٍ وَرَدَ مَحْمُولًا عَلَى الِاتِّصَالِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ فِيهِ الِانْقِطَاعُ).

(الشرح)

نعم، فإذا ثبت الملاقاة ما فيه إشكال، ولم يكن موصومًا بالتدليس، نعم.

(المتن)

(وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَرْدِيجِيِّ أَنَّ حَرْفَ " أَنَّ " مَحْمُولٌ عَلَى الِانْقِطَاعِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ السَّمَاعُ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ بِعَيْنِهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَقَالَ: عِنْدِي لَا مَعْنَى لِهَذَا، لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَادَ الْمُتَّصِلَ بِالصَّحَابِيِّ سَوَاءٌ فِيهِ قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ"، أَوْ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ"، أَوْ "عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ"، أَوْ "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ"، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قُلْتُ: وَوَجَدْتُ مِثْلَ مَا حَكَاهُ عَنِ الْبَرْدِيجِيِّ أَبِي بَكْرٍ الْحَافِظِ لِلْحَافِظِ الْفَحْلِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ الْفَحْلِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَا رَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَمَّارٍ قَالَ: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ"، وَجَعَلَهُ مُسْنَدًا مَوْصُولًا، وَذَكَرَ رِوَايَةَ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ لِذَلِكَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ "أَنَّ عَمَّارًا مَرَّ بِالنَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي"، فَجَعَلَهُ مُرْسَلًا، مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قَالَ: "إِنَّ عَمَّارًا فَعَلَ" وَلَمْ يَقُلْ: "عَنْ عَمَّارٍ"، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ إِنَّ الْخَطِيبَ مَثَّلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِحَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ: "أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ: أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟" الْحَدِيثَ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ" الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ: " ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مُسْنَدِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَالثَّانِيَةُ ظَاهِرُهَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مُسْنَدِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ".

قُلْتُ: لَيْسَ هَذَا الْمِثَالُ مُمَاثِلًا لِمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِيهِ فِي الْحُكْمِ بِالِاتِّصَالِ عَلَى...).

الشيخ:

على إيش نوقف؟ هاه، بارك الله فيكم، نقف على (ثم إن الخطيب)، بركة، وفقك الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، قال المؤلف رحمه الله تعالى:

(المتن)

(ثُمَّ إِنَّ الْخَطِيبَ مَثَّلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِحَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ: "أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ: أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟" الْحَدِيثَ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ" الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ: " ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مُسْنَدِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَالثَّانِيَةُ ظَاهِرُهَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مُسْنَدِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ".

قُلْتُ: لَيْسَ هَذَا الْمِثَالُ مُمَاثِلًا لِمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِيهِ فِي الْحُكْمِ بِالِاتِّصَالِ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى اللِّقَاءِ وَالْإِدْرَاكِ).

(الشرح)

هذا مثال إيش؟ مثال المرسل المنقطع، نعم.

(المتن)

(وَذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُشْتَرَكٌ مُتَرَدِّدٌ، لِتَعَلُّقِهِ بِالنَّبِيِّ ﷺَ وَبِعُمَرَ ، وَبِصُحْبَةِ الرَّاوِي ابْنِ عُمَرَ لَهُمَا، فَاقْتَضَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ: كَوْنُهُ رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى: كَوْنُهُ رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّالِثُ: قَدْ ذَكَرْنَا مَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ تَعْمِيمِ الْحُكْمِ بِالِاتِّصَالِ فِيمَا يَذْكُرُهُ الرَّاوِي عَمَّنْ لَقِيَهُ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ، وَهَكَذَا أَطْلَقَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ الصَّيْرَفِيُّ ذَلِكَ فَقَالَ: " كُلُّ مَنْ عُلِمَ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ إِنْسَانٍ، فَحَدَّثَ عَنْهُ فَهُوَ عَلَى السَّمَاعِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ مَا حَكَاهُ).

(الشرح)

يعني حتى لو قال عن فلان، أو قال: قال فلان، أو أن فلانًا قال: محكوم بالاتصال، ما دام غير مدلس، وعرف أنه لقيه ، سمع منه، يحمل على الاتصال، نعم.

(المتن)

(وَكُلُّ مَنْ عُلِمَ لَهُ لِقَاءُ إِنْسَانٍ، فَحَدَّثَ عَنْهُ فَحُكْمُهُ هَذَا الْحُكْمُ، وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَظْهَرْ تَدْلِيسُهُ).

(الشرح)

نعم، وأما المدلس إذا قال عن، لا يحكم بالسماع، تراه منقطع حتى إذا صرح بالسماع في رواية أخرى، إذا قال عن فلان، وهو مدلس، أو قال أن فلان، أو قال فلان، لا يحكم له بالسماع، إلا إذا صرح وقال: سمعت فلان، أو قال: حدثني فلان، مهم.

(المتن)

(وَمِنَ الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ وَفِي سَائِرِ الْبَابِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ لَكَانَ بِإِطْلَاقِهِ الرِّوَايَةَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْوَاسِطَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وبَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُدَلِّسًا).

(الشرح)

نعم، وهذا هو الذي عليه الجماهير أنه محكوم له بالسماع، وهذا قرره الإمام مسلم في مقدمة الصحيح، واكتفى بها، اكتفى بالمعاصرة إذا لم يكن معروفًا بالتدليس، وزاد الإمام البخاري - رحمه الله - اشترط اللقاء، نعم.

(المتن)

(وَالظَّاهِرُ السَّلَامَةُ مِنْ وَصْمَةِ التَّدْلِيسِ، وَالْكَلَامُ فِيمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالتَّدْلِيسِ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: قَوْلُهُ: "قَالَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا" مِثْلَ أَنْ يَقُولَ نَافِعٌ: "قَالَ ابْنُ عُمَرَ").

(الشرح)

هو شرط البخاري أمتن، يشترط أنه سمع منه ولو مرة، ومسلم يكتفي باللقاء والمعاصرة، ما دام معاصر ولقيه يكفي هذا، نعم.

(المتن)

(وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: قَوْلُهُ: قَالَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا).

(الشرح)

يكتفي بالمعاصرة، يعني ما دام معاصر، وليس مدلس، ثم روى عنه، يحكم له بالسماع، نعم.

(المتن)

(وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: قَوْلُهُ: قَالَ فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ نَافِعٌ: "قَالَ ابْنُ عُمَرَ"، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ عَنْهُ: "ذَكَرَ، أَوْ فَعَلَ، أَوْ حَدَّثَ، أَوْ كَانَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا"، وَمَا جَانَسَ ذَلِكَ، فَكُلُّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ ظَاهِرًا عَلَى الِاتِّصَالِ).

(الشرح)

قول ابن عمر مر معنا نفس الشيء، حديث ابن عمر: ذكر رجل للنبي ﷺ أنه يخدع في البيوع، فقال: لَا خَلَابَةَ، هذا محكوم له بالسماع، وذكر، نعم.

(المتن)

(فَكُلُّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ ظَاهِرًا عَلَى الِاتِّصَالِ، وَأَنَّهُ تَلَقَّى ذَلِكَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ بَيْنَهُمَا، مَهْمَا ثَبَتَ لِقَاؤُهُ لَهُ عَلَى الْجُمْلَةِ.

ثُمَّ مِنْهُمْ مَنِ اقْتَصَرَ فِي هَذَا الشَّرْطِ الْمَشْرُوطِ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ عَلَى مُطْلَقِ اللِّقَاءِ، أَوِ السَّمَاعِ، كَمَا حَكَيْنَاهُ آنِفًا، وَقَالَ فِيهِ أَبُو عَمْرٍو الْمُقْرِئُ: "إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ"، وَقَالَ فِيهِ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ: "إِذَا أَدْرَكَ الْمَنْقُولَ عَنْهُ إِدْرَاكًا بَيِّنًا"، وَذَكَرَ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ فِي الْعَنْعَنَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ طُولُ الصُّحْبَةِ بَيْنَهُمْ.

وَأَنْكَرَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي خُطْبَةٍ صَحِيحِهٍ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ عَصْرِهِ، حَيْثُ اشْتَرَطَ فِي الْعَنْعَنَةِ ثُبُوتَ اللِّقَاءِ وَالِاجْتِمَاعِ، وَادَّعَى أَنَّهُ قَوْلٌ مُخْتَرَعٌ لَمْ يُسْبَقْ قَائِلُهُ إِلَيْهِ).

(الشرح)

نعم، حدد الإمام مسلم - رحمه الله - وقال: اشتراط اللقاء هذا غير معروف، وأنه قول مخترع، مبتدع، حتى قال بعضهم: إنه يصحح الشيخ البخاري، نعم.

(المتن)

وَأَنْكَرَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي خُطْبَةٍ صَحِيحِهٍ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ عَصْرِهِ، حَيْثُ اشْتَرَطَ فِي الْعَنْعَنَةِ ثُبُوتَ اللِّقَاءِ وَالِاجْتِمَاعِ، وَادَّعَى أَنَّهُ قَوْلٌ مُخْتَرَعٌ لَمْ يُسْبَقْ قَائِلُهُ إِلَيْهِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ الشَّائِعَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنَّهُ يَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَثْبُتَ كَوْنُهُمَا فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِي خَبَرٍ قَطُّ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا أَوْ تَشَافَهَا).

(الشرح)

أما البخاري فشدد عليه، اشترط اللقاء، ولهذا صار شرط البخاري أمتن وأقوى، اشترط اللقاء ولو مرة، وبعضهم اشترط طول الصحبة، فمسلم - رحمه الله - شدد في هذا، وقال إنه قول مخترع، ولا شك أنه يكفي الاستماع، لكن اشتراط اللقاء البخاري اشترط اللقاء في صحيحه، في الجامع الصحيح فقط، ولهذا قدم العلماء صحيح البخاري على صحيح مسلم، وزاد بعضهم اشترط طول الصحبة أيضًا، نعم.

(المتن)

(وَفِيمَا قَالَهُ مُسْلِمٌ نَظَرٌ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْقَوْلَ الَّذِي رَدَّهُ مُسْلِمٌ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ هَذَا الْعِلْمِ: عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَالْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، قُلْتُ: وَهَذَا الْحُكْمُ لَا أَرَاهُ يَسْتَمِرُّ بَعْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ، فِيمَا وُجِدَ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ فِي تَصَانِيفِهِمْ، مِمَّا ذَكَرُوهُ عَنْ مَشَايِخِهِمْ قَائِلِينَ فِيهِ: "ذكَرَ فُلَانٌ، قَالَ فُلَانٌ" وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَافْهَمْ كُلَّ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مُهِمٌّ عَزِيزٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، قال المؤلف رحمه الله تعالى:

(المتن)

(الرَّابِعُ: التَّعْلِيقُ الَّذِي يَذْكُرُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيُّ، صَاحِبُ (الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ) وَغَيْرُهُ مِنَ الْمَغَارِبَةِ، فِي أَحَادِيثَ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قُطِعَ إِسْنَادُهَا - وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ قَبْلُ -: صُورَتُهُ صُورَةُ الِانْقِطَاعِ، وَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَهُ، وَلَا خَارِجًا مَا وَجَدَ ذَلِكَ فِيهِ مِنْهُ مِنْ قَبِيلِ الصَّحِيحِ إِلَى قَبِيلِ الضَّعِيفِ).

(الشرح)

نعم، يعني ما يخرج، ما يخرج من الصحيح إلى الضعيف، ولا خارجًا من قبيل الصحيح، نعم.

الطالب:

هناك من الْمُحَدثين يقول: (وليس حكمه حكمه، ولا خارجًا ما وجد ذلك فيه منه) قال: الضمير في (فيه) يرجع إلى صحيح البخاري، وفي (منه) إلى الحديث المعلق؟

الشيخ:

يعني كان الحميدي أو الدارقطني يعلق أحاديث ثابتة في البخاري، قال: ما ليست حكمها حكم البخاري ما دام أنها مسندة في البخاري فلا يؤثر، ويأتي به معلق، نعم.

(المتن)

(وَذَلِكَ لِمَا عُرِفَ مِنْ شَرْطِهِ وَحُكْمِهِ، عَلَى مَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي الْفَائِدَةِ السَّادِسَةِ مِنَ النَّوْعِ الْأَوَّلِ، وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ الْحَافِظِ فِي رَدِّهِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ، أَوْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: لَيَكُونَنَّ من أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ... الْحَدِيثَ).

(الشرح)

الحرى، يستحلون الحرى والحرير، هذا الحرى يعني الزنى، هذه حرام الحرى والحرير، هذا ابن حزم قال أن الحديث هذا، طعن في الحديث هذا، ولذلك أباح الغناء، وقال أن هذا الحديث في البخاري هذا منقطع، لأن البخاري - رحمه الله - ما قال: حدثني، وبين العلماء - رحمه الله - أنه موصول، أنه موصول من طرق أخرى، وأن رد ابن حزم لا وجه له، وأن هذا من أغلاطه وأوهامه، ولهذا حل، أباح الغنى واللهو، وله كتاب طوق الحمامة، وصار يعني باب حر لبعض الناس احتج به، قال ابن حزم يبيح الغناء، ولهذا بين العلماء، وبين العراقي في الفيته قال: (لا تسمع لقول ابن حزم في هذا)، نعم.

(42:38) نعم، بلى لكن ما صرح بالسماع، يقول: لما لم يصرح بالسماع؟ لكن موصول، وصله غيره، قد يكون سمعه في المذاكرة، هذا وجه عن ابن حزم قال: ما صرح بسماعه منه، نعم.

(المتن)

(وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ الْحَافِظِ فِي رَدِّهِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ، أَوْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: لَيَكُونَنَّ في أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحرى الْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ... الْحَدِيثَ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَوْرَدَهُ قَائِلًا فِيهِ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَسَاقَهُ بِإِسْنَادِهِ).

(الشرح)

يعني ما قال حدثني عمار، لما لم يقل: (قال هشام بن عمار) قال: هذا منقطع، هذا الحديث دخل من قبل قال هشام، لما قال البخاري: حدثني هشام، فدل على أنه ما سمعه منه، يكون منقطع، نقول: لا، البخاري ما هو مدلس، وهشام بن عمار من شيوخه، ولعله استمعه في المذاكرة، وهو ثابت أيضًا ثابت سماعه، الحديث ثابت قد يقال في غير البخاري، أثبته أهل العلم بالسماع، أنه سمعه منه، نعم.

(44:04)

نعم، لأن البخاري ما هو مدلس، هذا المدلس، نعم، المدلس إذا قال قال، ما نقبل حتى يصرح بالسماع، والبخاري ما هو مدلس، إمام، إيش قال التعليق؟ نعود للتعليق.

(44:27)

لو قال: ويذكر عن هشام بن عمار هذا السند لا بأس، لكن هذه صارت في صورة الجزم، قال، نعم.

(المتن)

(فَزَعَمَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ فِيمَا بَيْنَ الْبُخَارِيِّ وَهِشَامٍ، وَجَعَلَهُ جَوَابًا عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَعَازِفِ، وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ مَعْرُوفُ الِاتِّصَالِ بِشَرْطِ الصَّحِيحِ.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد