(المتن)
رَوَينَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ لِغَيْرِ اللَّهِ مُكِرَ بِهِ".
وَرَوَينَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ: "مَا أَعْلَمُ عَمَلًا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ الْحَدِيثِ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهَ بِهِ".
(الشرح)
يعني من قصد وجه الله، لمن أراد الله يعني قصد وجه الله، نعم
(المتن)
ورَوَينَا نَحْوَهُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، وَمِنْ أَقْرَبِ الْوُجُوهِ فِي إِصْلَاحِ النِّيَّةِ فِيهِ مَا رَوَينَا عَنْ أَبِي عَمْرٍو إِسْمَاعِيلَ بْنِ نُجَيْدٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنَ حَمْدَانَ، وَكَانَا عَبْدَيْنِ صَالِحَيْنِ، فَقَالَ لَهُ: "بِأَيِّ نِيَّةٍ أَكْتُبُ الْحَدِيثَ؟" فَقَالَ: "أَلَسْتُمْ تَرْوُونَ أَنَّ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّالِحِينَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ؟" قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: "فَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَأْسُ الصَّالِحِينَ".
وَلْيَسْأَلِ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى التَّيْسِيرَ، وَالتَّأْيِيدَ، وَالتَّوْفِيقَ، وَالتَّسْدِيدَ، وَلْيَأْخُذْ نَفْسَهُ بِالْأَخْلَاقِ الزَّكِيَّةِ، وَالْآدَابِ الْمَرْضِيَّةِ.
(الشرح)
الآداب المرضية، والآداب المرضية يعني أن يتخلق الإنسان بالأخلاق، أول شيء يدعو الله، ويلهج ويتضرع إليه أن يوفقه ويسدده، ثانيًا يأخذ بالآداب المرضية والأخلاق الحسنة، يتخلق بأخلاق طالب العلم، أولًا تصحيح النية، والإخلاص لله، ثانيًا: دعاء الله والتضرع إليه بالتوفق والتسديد، ثالثًا: التخلق بالأخلاق الفاضلة، والآداب المرضية، بأخلاق طالب العلم، نعم.
(المتن)
وَلْيَأْخُذْ نَفْسَهُ بِالْأَخْلَاقِ الزَّكِيَّةِ، وَالْآدَابِ الْمَرْضِيَّةِ، فَقَدْ رَوَينَا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ، قَالَ: "مَنْ طَلَبَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَدْ طَلَبَ أَعْلَى أُمُورِ الدِّينِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ النَّاسِ".
وَفِي السِّنِّ الَّذِي يُسْتَحَبُّ فِيهِ الِابْتِدَاءُ بِسَمَاعِ الْحَدِيثِ، وَبِكِتْبَتِهِ اخْتِلَافٌ، سَبَقَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ النَّوْعِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ.
وَإِذَا أَخَذَ فِيهِ فَلْيُشَمِّرْ عَنْ سَاقِ جُهْدِهِ، وَاجْتِهَادِهِ، وَيَبْدَأْ بِالسَّمَاعِ مِنْ أَسْنَدِ شُيُوخِ مِصْرِهِ، وَمِنَ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى مِنْ حَيْثُ الْعِلْمُ، أَوِ الشُّهْرَةُ، أَوِ الشَّرَفُ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ.
(الشرح)
يعني يبدأ بعلماء أهل بلده، يأخذ منهم الحديث، هذا في الأول قبل أن تدون، الآن دونت الأحاديث، وإنما تقرأ من باب بقاء الأسانيد، وإلا دونت الأحاديث الآن، من أراد طلب الأحاديث يجدها مدونة، نعم.
(المتن)
(الشرح)
هذا الشاهد، يكتب في بلده، ولا يرحل لطلب الحديث، أي أنه ينبغي على الإنسان أن يرحل في طلب الحديث، هؤلاء لا يؤنس منهم رشد، حارس الدرب، وابن المحدث، وهذا الثالث الذي يكتب في بلده ولا يرحل، وهذا الرابع منادي القاضي، كأنه مبلغ عنه، نعم.
(المتن)
(الشرح)
وهذا رحلة في طلب الحديث، طلب العلو، الإسناد نعم.
(المتن)
وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَدْفَعُ الْبَلَاءَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِرِحْلَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ".
وَلَا يَحْمِلَنَّهُ الْحِرْصُ، وَالشَّرَهُ عَلَى التَّسَاهُلِ فِي السَّمَاعِ، وَالتَّحَمُّلِ، وَالْإِخْلَالِ بِمَا يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ.
وَلْيَسْتَعْمِلْ مَا يَسْمَعُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَذَلِكَ زَكَاةُ الْحَدِيثِ، عَلَى مَا رَوَينَا عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ الْحَافِي ، وَرَوَينَا عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: "يَا أَصْحَابَ الْحَدِيثِ، أَدُّوا زَكَاةَ هَذَا الْحَدِيثِ، اعْمَلُوا مِنْ كُلِّ مِائَتَيْ حَدِيثٍ بِخَمْسَةِ أَحَادِيثَ".
(الشرح)
نعم، يعني استعين بالتسبيح والصلاة، يعمل، يعني يعمل بالحديث، قال: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45]، يعني كلها يصلي كل صلاة في الليل وفي الضحى، وكذلك التسبيح والتهليل، كل هذا يعني يعمل بالأحاديث، نعم.
(المتن)
وَرَوَينَا عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِي ِّ ، قَالَ: "إِذَا بَلَغَكَ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ فَاعْمَلْ بِهِ وَلَوْ مَرَّةً تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ".
ورَوَينَا عَنْ وَكِيعٍ، قَالَ: "إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَحْفَظَ الْحَدِيثَ فَاعْمَلْ بِهِ".
وَلْيُعَظِّمْ شَيْخَهُ، وَمَنْ يَسْمَعُ مِنْهُ، فَذَلِكَ مِنْ إِجْلَالِ الْحَدِيثِ، وَالْعِلْمِ، وَلَا يُثْقِلْ عَلَيْهِ، وَلَا يُطَوِّلْ بِحَيْثُ يُضْجِرُهُ، فَإِنَّهُ يُخْشَى عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ أَنْ يُحْرَمَ الِانْتِفَاعَ.
(الشرح)
يعني لا يكون ثقيل، يتعب مثلًا الشيخ يضجره بكثرة الأسئلة، أو كثرة البقاء عنده، أو طلب كثرة الإملاء يمليه وقت طويل، نعم.
(المتن)
(الشرح)
لأنه يصير فيه ملل وسآمة نعم، كانت مجالسهم طويلة جدًّا، لساعات طويلة، نعم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المصنف رحمه الله تعالى وغفر له ولشيخنا وللسامعين:
(المتن)
وَمَنْ ظَفِرَ مِنَ الطَّلَبَةِ بِسَمَاعِ شَيْخٍ فَكَتَمَهُ عن غَيْرِهُ، لِيَنْفَرِدَ بِهِ عَنْهُمْ، كَانَ جَدِيرًا بِأَنْ لَا يَنْتَفِعَ بِهِ، وَذَلِكَ مِنَ اللُّؤْمِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ جَهَلَةُ الطَّلَبَةِ والْوُضَعَاءُ، وَمِنْ أَوَّلِ فَائِدَةِ طَلَبِ الْحَدِيثِ الْإِفَادَةُ، رَوَينَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: "مِنْ بَرَكَةِ الْحَدِيثِ إِفَادَةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا".
وَرَوَينَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بن رَاهْوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي جَمَاعَةٍ: "انْسَخْ مِنْ كِتَابِهِمْ مَا قَدْ قَرَأْتُ، فَقَالُ: إِنَّهُمْ لَا يُمَكِّنُونَنِي، قَالَ: إِذًا وَاللَّهِ لَا يُفْلِحُونَ، قَدْ رَأَيْنَا أَقْوَامًا مَنَعُوا هَذَا السَّمَاعَ، فَوَاللَّهِ مَا أَفْلَحُوا، وَلَا أَنْجَحُوا".
قُلْتُ: وَقَدْ رَأَيْنَا نَحْنُ أَقْوَامًا مَنَعُوا السَّمَاعَ فَمَا أَفْلَحُوا، وَلَا أَنْجَحُوا، وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا يَكُنْ مِمَّنْ يَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ، أَوِ الْكِبْرُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الطَّلَبِ، وَقَدْ رَوَينَا عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: "لَا يَتَعَلَّمُ مُسْتَحٍ وَلَا مُسْتَكْبِرٌ".
(الشرح)
نعم، هذا رواه البخاري، لا ينال العلم مستح ولا مستكبر، لا ينبغي للإنسان أن يستحي، ولا يستكبر أن يجلس مع الطلبة، ولو كان كبيرًا، ولو كان له وظيفة كبيرة، من لم يصبر على ذل التعلم وهو في الطلب، أصبح (.....) جهله طول حياته، وفيه أنه ينبغي للإنسان ألا يحتكر العلم، إذا طلب منه أخوه فائدة، أو تعليق، كلمة، يعطيه إياها، ولا يحسد، لا يكون عنده حسد، هذا كان عند الأولين، كانوا يمنعون السماع، يستمعون للشيح الحديث منعه بعض جهلة الطلبة، ولا يعطيه لغيره، وهذا ينبغي أن يبذل العلم يشاع، إذا طلب أخوك زميلك الفائدة التي كتبتها او التي سمعتها تعطيه إياها ولا تحتكر، نعم.
(المتن)
(الشرح)
نعم، لا ينبل أي لا يكون الرجل نبيلًا حتى يكتب الحديث عمن فوقه في العلم، وعمن هو مماثل له زميله، وهو نده، وعمن هو أقل منه، يكتب، كل ما سمعه فائدة، ولو حتى ولو من طلابه، إذا جاءت الفائدة، العلم مشاع، يأخذ، يأخذ الفائدة، يأخذ الحديث عمن هو دونه، وعمن هو مثله، وعمن هو فوقه، نعم.
(المتن)
(الشرح)
وهذا جاء عند الأقدمين، يستكثر من الشيوخ حتى يقال سمع على مائة شيخ، مائتي شيخ، ثلاثمائة شيخ، كل شيخ يسمع منه حديث حتى يكثر الشيوخ، ما ينبغي الإنسان يكون همه هكذا، همه الفائدة والحديث والسماع، تكثير الشيوخ هذا لا ينبغي الإنسان أن يكون همه النظر في التكثير، نعم.
(المتن)
وَلَيْسَ بِمُوَفَّقٍ مَنْ ضَيَّعَ شَيْئًا مِنْ وَقْتِهِ فِي الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الشُّيُوخِ، لِمُجَرَّدِ اسْمِ الْكَثْرَةِ وَصِيتِهَا.
وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ: "إِذَا كَتَبْتَ فَقَمِّشْ، وَإِذَا حَدَّثْتَ فَفَتِّشْ".
وَلْيَكْتُبْ، وَلْيَسْمَعْ مَا يَقَعُ إِلَيْهِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ جُزْءٍ عَلَى التَّمَامِ، وَلَا يَنْتَخِبُ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : "مَا انْتَخَبْتُ عَلَى عَالَمٍ قَطُّ إِلَّا نَدِمْتُ"، وَرَوَينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "لَا يُنْتَخَبُ عَلَى عَالَمٍ إِلَّا بِذَنْبٍ"، وَرَوَينَا - أَوْ بَلَغَنَا - عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: "سَيَنْدَمُ الْمُنْتَخِبُ فِي الْحَدِيثِ حِينَ لَا تَنْفَعُهُ النَّدَامَةُ".
فَإِنْ ضَاقَتْ بِهِ الْحَالُ عَنِ الِاسْتِيعَابِ، وَأُحْوِجَ إِلَى الِانْتِقَاءِ، وَالِانْتِخَابِ، تَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ إِنْ كَانَ أَهْلًا مُمَيِّزًا، عَارِفًا بِمَا يَصْلُحُ لِلِانْتِقَاءِ، وَالِاخْتِيَارِ، وَإِنْ كَانَ قَاصِرًا عَنْ ذَلِكَ اسْتَعَانَ بِبَعْضِ الْحُفَّاظِ لِيَنْتَخِبَ لَهُ، وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ مُتَصَدِّينَ لِلِانْتِقَاءِ عَلَى الشُّيُوخِ، وَالطَّلَبَةُ.
(الشرح)
يعني ينتقي يعني يختار، يختار بعض الشيوخ، ويختار بعض الأحاديث، يعني ما ينبغي الإنسان يختار، ينبغي يأخذ، يأخذ الجميع، ما ينتخب، فإن احتاج إلى الانتخاب إن كان أهلًا لذلك فلا بأس، وإلا يستعين بمن هو أعلم منه، نعم.
(المتن)
وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ مُتَصَدِّينَ لِلِانْتِقَاءِ عَلَى الشُّيُوخِ، وَالطَّلَبَةُ تَسْمَعُ وَتَكْتُبُ بِانْتِخَابِهِمْ، مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أُرْمَةَ الْأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفُ بِعُبَيْدٍ الْعِجْلِ، وَأَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْجِعَانيُّ، فِي آخَرِينَ.
وَكَانَتِ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِرَسْمِ الْحَافِظِ عَلَامَةً فِي أَصْلِ الشَّيْخِ عَلَى مَا يَنْتَخِبُهُ، فَكَانَ النُّعَيْمِيُّ أَبُو الْحَسَنِ يُعَلِّمُ بِصَادٍ مَمْدُودَةٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ بِطَاءٍ مَمْدُودَةٍ، وَأَبُو الْفَضْلِ الْفَلَكِيُّ بِصُورَةِ هَمْزَتَيْنِ.
(الشرح)
يعني علامة، علامة على متن الشيخ، نعم.
(المتن)
(الشرح)
يعني يجعل علامة، نعم.
(المتن)
(الشرح)
لا حجر، لا بأس، لا مشاحة في ذلك، نعم.
(المتن)
(الشرح)
يعني بعض الكتاب يكتب الحديث، وهو ما يعرف معناه، يجمع ويكتب، عنده كراسات، لكن لو سألته عن معنى الحديث ما فهم معناه، بل حتى ما يحفظه، هذا ما يفيده هذه وسيلة، الكتابة وسيلة إلى الفهم، نعم.
طالب: (15:54)
الشيخ:
نعم، هذا وهذا، يعني ينبغي الإنسان ما ينتخب، يسمع من جميع المشايخ، ويسمع الأحاديث، إلا عند الضرورة، نعم.
(المتن)
قُلْتُ: أَنْشَدَنِي أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ الْحَافِظِ أَبِي سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ - لَفْظًا - بِمَدِينَةِ مَرْوَ، قَالَ: أَنْشَدَنَا وَالِدِي - لَفْظًا، أَوْ قِرَاءَةً عَلَيْهِ - قَالَ: أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ السَّلَامِيُّ مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ: أَنْشَدَنَا الْأَدِيبُ الْفَاضِلُ فَارِسُ بْنُ الْحُسَيْنِ لِنَفْسِهِ:
يَا طَالِبَ الْعِلْمِ الَّذِي | ذَهَبَتْ بِمُدَّتِهِ الرِّوَايَهْ |
كُنْ فِي الرِّوَايَةِ ذَا الْعِنَا | يَةِ بِالرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَهْ |
وَارْوِ الْقَلِيلَ وَرَاعِهِ | فَالْعِلْمُ لَيْسَ لَهُ نِهَايَهْ |
وَلْتُقَدَّمِ الْعِنَايَةَ بِالصَّحِيحَيْنِ، ثُمَّ بِسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَسُنَنِ النَّسَائِيِّ، وَكِتَابِ التِّرْمِذِيِّ، ضَبْطًا لِمُشْكِلِهَا، وَفَهْمًا لِخَفِيِّ مَعَانِيهَا.
(الشرح)
وهذا قبل أن تدون، والآن دونت والحمد لله وضبطت، انتهى هذا الأمر، هذا قبل أن تدون، كانوا يكتبون ويملون، نعم.
(المتن)
وَلَا يُخْدَعَنَّ عَنْ كِتَابِ السُّنَنِ الْكَبِيرِ لِلْبَيْهَقِيِّ، فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ مِثْلَهُ فِي بَابِهِ.
ثُمَّ بِسَائِرِ مَا تَمَسُّ حَاجَةُ صَاحِبِ الْحَدِيثِ إِلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْمَسَانِدِ كَمُسْنَدِ أَحْمَدَ.
وَمِنْ كُتُبِ الْجَوَامِعَ الْمُصَنَّفَةِ فِي الْأَحْكَامِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْمَسَانِيدِ وَغَيْرِهَا، وَمُوَطَّأُ مَالِكٍ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْهَا.
وَمِنْ كُتُبِ عِلَلِ الْحَدِيثِ، وَمِنْ أَجْوَدِهَا كِتَابُ الْعِلَلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَكِتَابُ الْعِلَلِ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ.
وَمِنْ كُتُبِ مَعْرِفَةِ الرِّجَالِ وَتَوَارِيخِ الْمُحَدِّثِينَ، وَمِنْ أَفْضَلِهَا (تَارِيخُ الْبُخَارِيِّ الْكَبِيرُ) وَ (كِتَابُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ) لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ.
وَمِنْ كُتُبِ الضَّبْطِ لِمُشِكِلِ الْأَسْمَاءِ، وَمِنْ أَكْمَلِهَا "كِتَابُ الْإِكَمالِ" لِأَبِي نصِرِ بْنِ مَاكُولَا.
وَلْيَكُنْ كُلَّمَا مَرَّ بِهِ اسْمٌ مُشْكِلٌ، أَوْ كَلِمَةٌ مِنْ حَدِيثٍ مُشْكِلَةٌ، بَحَثَ عَنْهَا، وَأَوْدَعَهَا قَلْبَهُ، فَإِنَّهُ يَجْتَمِعُ لَهُ بِذَلِكَ عِلْمٌ كَثِيرٌ فِي يُسْرٍ.
وَلْيَكُنْ تَحَفُّظُهُ لِلْحَدِيثِ عَلَى التَّدْرِيجِ قَلِيلًا قَلِيلًا مَعَ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي، فَذَلِكَ أَحْرَى بِأَنْ يُمَتَّعَ بِمَحْفُوظِهِ.
وَمِمَّنْ وَرَدَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِينَ: شُعْبَةُ، وَابْنُ عُلَيَّةَ، وَمَعْمَرٌ.
وَرَوِّينَا عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: ... سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: " مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ جُمْلَةً فَاتَهُ جُمْلَةً، وَإِنَّمَا يُدْرَكُ الْعِلْمُ حَدِيثًا، وَحَدِيثَيْنِ".
وَلْيَكُنِ الْإِتْقَانُ مِنْ شَأْنِهِ، فَقَدَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: "الْحِفْظُ الْإِتْقَانُ".
ثُمَّ إِنَّ الْمُذَاكَرَةَ بِمَا يَتَحَفَّظُهُ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ الْإِمْتَاعِ بِهِ، رَوَينَا عَنْ عَلْقَمَةَ النَّخَعِيِّ قَالَ: "تَذَاكَرُوا الْحَدِيثَ، فَإِنَّ حَيَاتَهُ ذِكْرُهُ"، وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَحْفَظَ الْحَدِيثَ، فَلْيُحَدِّثْ بِهِ، وَلَوْ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ مَنْ لَا يَشْتَهِيهِ".
وَلْيَشْتَغِلْ بِالتَّخْرِيجِ، وَالتَّأْلِيفِ، وَالتَّصْنِيفِ إِذَا اسْتَعَدَّ لِذَلِكَ، وَتَأَهَّلَ لَهُ، فَإِنَّهُ - كَمَا قَالَ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ - يُثَبِّتُ الْحِفْظَ، وَيُذْكِي الْقَلْبَ، وَيَشْحَذُ الطَّبْعَ، وَيُجِيدُ الْبَيَانَ، وَيَكْشِفُ الْمُلْتَبِسَ، وَيُكْسِبُ جَمِيلَ الذِّكْرِ، وَيُخَلِّدُهُ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ، وَقَلَّ مَا يَظْهَرُ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، وَيَقِفُ عَلَى غَوَامِضهِ، وَيَسْتَبِينُ الْخَفِيَّ مِنْ فَوَائِدِهِ إِلَّا مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ.
وَحَدَّثَ الصُّورِيُّ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: "رَأَيْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الْغَنِيِّ بْنَ سَعِيدٍ الْحَافِظَ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، خَرِّجْ، وَصَنِّفْ قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، هَذَا أَنَا تَرَانِي قَدْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَ ذَلِكَ".
(الشرح)
بالموت يعني، نعم.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(المتن)
وَلِلْعُلَمَاءِ بِالْحَدِيثِ فِي تَصْنِيفِهِ طَرِيقَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: التَّصْنِيفُ عَلَى الْأَبْوَابِ، وَهُوَ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَحْكَامِ الْفِقْهِ، وَغَيْرِهَا، وَتَنْوِيعُهُ أَنْوَاعًا وَجَمْعُ مَا وَرَدَ فِي كُلِّ حُكْمٍ، وَكُلِّ نَوْعٍ فِي بَابٍ فَبَابٍ.
(الشرح)
كما فعل البخاري - رحمه الله - وكذلك مسلم وإن كان لم يذكر الابواب، وكذلك السنن الأربع كلها على الأبواب، يذكر باب، ثم يذكر ما تحته من الأحاديث التي تناسب الباب، نعم، هذه طريقة في التأليف.
وفيه طريقة ثانية، طريقة المسانيد، صحابي، يذكر الصحابي كما فعل الإمام أحمد في المسند، مسانيد الصحابة مثلًا، بدأ بالعشرة المبشرين بالجنة، بدا بأبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، يذكر أحاديث الصحابي على حدة، يجمعه، أحاديث أبي بكر، ثم حديث عمر، ثم حديث عثمان، نعم.
(المتن)
(الشرح)
كما فعل الإمام مسلم في صحيح مسلم، نعم.
(المتن)
(الشرح)
نعم، ولكل وجهة، نعم، يصح الترتيب على الأبواب، ويصح على (23:37)، وأفيد، نعم.
(المتن)
ثُمَّ إِنَّ مِنْ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ فِي تَصْنِيفِهِ تَصْنِيفَهُ مُعَلَّلًا، بِأَنْ يَجْمَعَ فِي كُلِّ حَدِيثٍ طَرَفَهُ، وَاخْتِلَافَ الرُّوَاةِ فِيهِ، كَمَا فَعَلَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ.
وَمِمَّا يَعْتَنُونَ بِهِ فِي التَّأْلِيفِ جَمْعُ الشُّيُوخِ، أَيْ: جَمْعُ حَدِيثِ شُيُوخٍ مَخْصُوصِينَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى انْفِرَادِهِ، قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعدٍ الدَّارِمِيُّ: "يُقَالُ: مَنْ لَمْ يَجْمَعْ حَدِيثَ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ فَهُوَ مُفْلِسٌ فِي الْحَدِيثِ: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَمَالِكٌ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَهُمْ أُصُولُ الدِّينِ".
وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَجْمَعُونَ حَدِيثَ خَلْقٍ كَثِيرٍ غَيْرِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ الدَّارِمِيُّ، مِنْهُمْ: أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ.
وَيَجْمَعُونَ أَيْضًا التَّرَاجِمَ، وَهِيَ أَسَانِيدُ يَخُصُّونَ مَا جَاءَ بِهَا بِالْجَمْعِ، وَالتَّأْلِيفِ، ثم تَرْجَمَةِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَتَرْجَمَةِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَتَرْجَمَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فِي أَشْبَاهٍ لِذَلِكَ كَثِيرَةٍ.
وَيَجْمَعُونَ أَيْضًا أَبْوَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ الْجَامِعَةِ لِلْأَحْكَامِ، فَيُفْرِدُونَهَا بِالتَّأْلِيفِ، فَتَصِيرُ كُتُبًا مُفْرَدَةً نَحْوَ بَابِ رُؤْيَةِ اللَّهِ ، وَبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ، وَبَابِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَيُفْرِدُونَ أَحَادِيثَ، فَيَجْمَعُونَ طُرُقَهَا فِي كُتُبٍ مُفْرَدَةٍ نَحْوَ طُرُقِ حَدِيثِ قَبْضِ الْعِلْمِ، وَحَدِيثِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَكَثِيرٌ مِنْ أَنْوَاعِ كِتَابِنَا هَذَا قَدْ أَفْرَدُوا أَحَادِيثَهُ بِالْجَمْعِ وَالتَّصْنِيفِ.
وَعَلَيْهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ تَصْحِيحُ الْقَصْدِ، وَالْحَذَرُ مِنْ قَصْدِ الْمُكَاثَرَةِ وَنَحْوِهِ.
(الشرح)
نعم، تصحيح القصد يعني صافي النية لله ، ما يكون قصده الكثرة والمكاثرة والمباهاة بكثرة الشيوخ أو غيرها، بل تصحيح القصد يعني يخلص نيته لله، نعم.
(المتن)
(الشرح)
يعني هذا تكاثر في الأسانيد، الخبر الواحد، نعم.
(المتن)
ثُمَّ لِيَحْذَرْ أَنْ يُخْرِجَ إِلَى النَّاسِ مَا يُصَنِّفُهُ إِلَّا بَعْدَ تَهْذِيبِهِ، وَتَحْرِيرِهِ، وَإِعَادَةِ النَّظَرِ فِيهِ، وَتَكْرِيرِهِ.
وَلْيَتَّقِ أَنْ يَجْمَعَ مَا لَمْ يَتَأَهَّلْ بَعْدُ لِاجْتِنَاءِ ثَمَرَتِهِ، وَاقْتِنَاصِ فَائِدَةِ جَمْعِهِ، كَيْ لَا يَكُونَ حُكْمُهُ مَا رَوَينَاهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ الْحَدَثَ أَوَّلَ مَا يَكْتُبُ الْحَدِيثَ، يَجْمَعُ حَدِيثَ الْغُسْلِ، وَحَدِيثَ: مَنْ كَذَبَ فَاكْتُبْ عَلَى قَفَاهُ "لَا يُفْلِحُ".
ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْكِتَابَ مَدْخَلٌ إِلَى هَذَا الشَّأْنِ، مُفْصِحٌ عَنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، شَارِحٌ لِمُصْطَلَحَاتِ أَهْلِهِ وَمَقَاصِدِهِمْ وَمُهِمَّاتِهِمُ الَّتِي يَنْقُصُ الْمُحَدِّثُ بِالْجَهْلِ بِهَا نَقْصًا فَاحِشًا، فَهُوَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ جَدِيرٌ بِأَنْ تُقَدَّمَ الْعِنَايَةُ بِهِ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَضْلَهُ الْعَظِيمَ، وَهُوَ أَعْلَمُ.
(الشرح)
يعني مقصده مقدمة ابن الصلاح، في العناية بأنواع علوم الحديث، نعم.
(28:46)
الشيخ:
مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، وحديث الغسل يعني غسل الجمعة كان، نعم.
(28:56)
يعني يظن يجمع هذا ويجمع هذا، يعني يجمع بينهما، وهو ما تأهل يعني، نعم.
(29:10)
يعني كأنه يجمع بين هذا وهذا، وهو ليس عنده يعني أهلية لذلك، وهو حدث صغير ما تأهل يعني، مثلًا كأنه يجمع بين هذا وهذا، حديث يتعلق بـ مَنْ كَذَبَ، وهذا يتعلق بالفقه، نعم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المصنف رحمه الله تعالى وغفر له ولشيخنا وللسامعين:
(المتن)
النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ الْإِسْنَادِ الْعَالِي وَالنَّازِلِ، قال رحمه الله:
أَصْلُ الْإِسْنَادِ أَوَّلًا: خَصِيصَةٌ فَاضِلَةٌ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَسُنَّةٌ بَالِغَةٌ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ.
رَوَينَا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ: "الْإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، لَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ".
(الشرح)
نعم، الإسناد من الدين، بغير الإسناد لقال من شاء ما شاء، لكنهم، لكن الإسناد يصحح، لا بد من اتصال السند وعدالة الرواة، ولهذا قال بعض السلف: بيننا وبينهم القوائم، يعني الكذابين، بيننا وبينهم القوائم، وهي الأسانيد، أعد.
(المتن)
(الشرح)
طلب العلو يعني تقليل الوسائط، إذا كان بينك وبين الرسول ﷺ عشرة، ثم وجدت تطلب إسناد يكون بينك وبين النبي ﷺ ثمانية، هذا العلو في الإسناد، قلة الوسائط، تقليل عدد الرواة، الذي بينك وبين الرسول ﷺ عشرة، وسند آخر بينه وبين النبي ﷺ ثمانية، الذي بينه وبين النبي ﷺ ثمانية هو السند العالي، والذي بينه وبين النبي ﷺ عشرة هو السند النازل، طلب العلو سنة، يعني تطلب العلو، تطلب السند العالي الذي تقل فيه الوسائط، لأنه إذا قلت الوسائط يعني قل البحث عن أحوالهم، وكان أقرب إلى الصواب، نعم، إذا كثر الرواة كثرت الوسائط، ولا بد من معرفة أحوالهم، كل واحد يطلع على حاله، ولا بد من اتصال السند، وإذا قلت الوسائط كان أقرب إلى ثبوت الحديث، نعم.
(32:02)
الشيخ:
لا، الإسناد الآن خلاص انتهت الرسائل، لما دونت الآن دونت الأحاديث انتهت الآن.
(32:10)
الشيخ:
نعم، هي موجودة ومدونة وما يطلب هذا، كلها، انتهى هذا الآن، ولا يوجد شيء جديد، مدونة في كتبها، على كل حال، طيب.
(32:32)
الشيخ:
نعم، طيب إذا كان يستفيد منها فلا بأس، نعم.
(المتن)
(الشرح)
الله أكبر، لأنه رحمه الله اشتغل هذا طول حياته، وألفه، واستحلاه، فقال: سند عال، قيل إيش؟
(المتن)
وَقَدْ رَوَينَا: أَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ قِيلَ لَهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: "مَا تَشْتَهِي؟ قَالَ: "بَيْتٌ خَالِي، وَإِسْنَادٌ عَالِي".
قُلْتُ: الْعُلُوُّ يُبْعِدُ الْإِسْنَادَ مِنَ الْخَلَلِ، لِأَنَّ كُلَّ رَجُلٍ مِنْ رِجَالِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَ الْخَلَلُ مِنْ جِهَتِهِ سَهْوًا، أَوْ عَمْدًا.
(الشرح)
نعم، العلو يبعد الخلل، يقل العدد، بدل ما تبحث عن عشرة تبحث عن ثمانية، نعم.
(المتن)
فَفِي قِلَّتِهِمْ قِلَّةُ جِهَاتِ الْخَلَلِ، وَفِي كَثْرَتِهِمْ كَثْرَةُ جِهَاتِ الْخَلَلِ، وَهَذَا جَلِيٌّ وَاضِحٌ، ثُمَّ إِنَّ الْعُلُوَّ الْمَطْلُوبَ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَلَى أَقْسَامٍ خَمْسَةٍ:
أَوَّلُهَا: الْقُرْبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِإِسْنَادٍ نَظِيفٍ غَيْرِ ضَعِيفٍ، وَذَلِكَ مِنْ أَجَلِّ أَنْوَاعِ الْعُلُو.
(الشرح)
وذلك من أجل أنواع العلو، أجل أنواع العلو العلو إلى رسول الله ﷺ، ثم يأتي بعد ذلك العلو إلى الشيخ، العلو إلى البخاري، العلو إلى الإمام أحمد، العلو إلى الشافعي، نعم.
(المتن)
وَذَلِكَ مِنْ أَجَلِّ أَنْوَاعِ الْعُلُو، وَقَدْ رَوَينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الطُّوسِيِّ الزَّاهِدِ الْعَالِمِ أَنَّهُ قَالَ: "قُرْبُ الْإِسْنَادِ قُرْبٌ أَوْ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ "، قال: وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ قُرْبَ الْإِسْنَادِ قُرْبٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَالْقُرْبُ إِلَيْهِ قُرْبٌ إِلَى اللَّهِ .
الثَّانِي: وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، الْقُرْبُ مِنْ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَثُرَ الْعَدَدُ مِنْ ذَلِكَ الْإِمَامِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَإِذَا وُجِدَ ذَلِكَ فِي إِسْنَادٍ وُصِفَ بِالْعُلُوِّ، نَظَرًا إِلَى قُرْبِهِ مِنْ ذَلِكَ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِيًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
(الشرح)
يعني علو نسبي، العلو المطلق العلو إلى الرسول ﷺ، والعلو النسبي إلى إمام، أو إلى محدث، أو إلى شيخ، نعم.
(المتن)
وَكَلَامُ الْحَاكِمِ يُوهِمُ أَنَّ الْقُرْبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَا يُعَدُّ مِنَ الْعُلُوِّ الْمَطْلُوبِ أَصْلًا.
وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ قَائِلِهِ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ مِنْهُ ﷺ بِإِسْنَادٍ نَظِيفٍ غَيْرِ ضَعِيفٍ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَلَا يُنَازِعُ فِي هَذَا مَنْ لَهُ مُسْكَةٌ مِنْ مَعْرِفَةٍ، وَكَأَنَّ الْحَاكِمَ أَرَادَ بِكَلَامِهِ ذَلِكَ إِثْبَاتَ الْعُلُوِّ لِلْإِسْنَادِ بِقُرْبِهِ مِنْ إِمَامٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَالْإِنْكَارَ عَلَى مَنْ يُرَاعِي فِي ذَلِكَ مُجَرَّدَ قُرْبِ الْإِسْنَادِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَإِنْ كَانَ إِسْنَادًا ضَعِيفًا، وَلِهَذَا مَثَّلَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي هُدْبَةَ، وَدِينَارٍ، وَالْأَشَجِّ، وَأَشْبَاهِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّالِثُ: الْعُلُوُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا، أَوْ غَيْرِهِمَا مِنَ الْكُتُبِ الْمَعْرُوفَةِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَذَلِكَ مَا اشْتُهِرَ آخِرًا مِنَ الْمُوَافَقَاتِ، وَالْأَبْدَالِ، وَالْمُسَاوَاةِ، وَالْمُصَافَحَةِ، وَقَدْ كَثُرَ اعْتِنَاءُ الْمُحَدِّثِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ بِهَذَا النَّوْعِ، وَمِمَّنْ وَجَدْتُ هَذَا النَّوْعَ فِي كَلَامِهِ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ وَبَعْضُ شُيُوخِهِ، وَأَبُو نَصْرِ محمد بْنُ مَاكُولَا، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيُّ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَبَقَتِهِمْ، وَمِمَّنْ جَاءَ بَعْدَهُم.
أَمَّا الْمُوَافَقَةُ: فَهِيَ أَنْ يَقَعَ لَكَ الْحَدِيثُ عَنْ شَيْخِ مُسْلِمٍ فِيهِ - مَثَلًا - عَالِيًا، بِعَدَدٍ أَقَلَّ مِنَ الْعَدَدِ الَّذِي يَقَعُ لَكَ بِهِ ذَلِكَ الْحَدِيثُ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ إِذَا رَوَيْتَهُ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْهُ، وَأَمَّا الْبَدَلُ: فَمِثْلُ أَنْ يَقَعَ لَكَ هَذَا الْعُلُوُّ عَنْ شَيْخٍ غَيْرِ شَيْخِ مُسْلِمٍ، هُوَ مِثْلُ شَيْخِ مُسْلِمٍ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ.
وَقَدْ يُرَدُّ الْبَدَلُ إِلَى الْمُوَافَقَةِ، فَيُقَالُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ إِنَّهُ مُوَافَقَةٌ عَالِيَةٌ فِي شَيْخِ شَيْخِ مُسْلِمٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَالِيًا فَهُوَ أَيْضًا مُوَافَقَةٌ، وَبَدَلٌ، لَكِنْ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُوَافَقَةِ، وَالْبَدَلِ لِعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهِ.
وَأَمَّا الْمُسَاوَاةُ: فَهِيَ - فِي أَعْصَارِنَا - أَنْ يَقِلَّ الْعَدَدُ فِي إِسْنَادِكَ لَا إِلَى شَيْخِ مُسْلِمٍ، وَأَمْثَالِهِ، وَلَا إِلَى شَيْخِ شَيْخِهِ، بَلْ إِلَى مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ كَالصَّحَابِيِّ، أَوْ مَنْ قَارَبَهُ، وَرُبَّمَا كَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِحَيْثُ يَقَعُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الصَّحَابِيِّ - مَثَلًا - مِنَ الْعَدَدِ مِثْلُ مَا وَقَعَ مِنَ الْعَدَدِ بَيْنَ مُسْلِمٍ، وَبَيْنَ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ، فَتَكُونُ بِذَلِكَ مُسَاوِيًا لِمُسْلِمٍ مَثَلًا فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ وَعَدَدِ رِجَالِهِ.
وَأَمَّا الْمُصَافَحَةُ: فَهِيَ أَنْ تَقَعَ هَذِهِ الْمُسَاوَاةُ الَّتِي وَصَفْنَاهَا لِشَيْخِكَ لَا لَكَ، فَيَقَعُ ذَلِكَ لَكَ بمُصَافَحَةٍ، إِذْ تَكُونُ كَأَنَّكَ لَقِيتَ مُسْلِمًا فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَصَافَحْتَهُ بِهِ لِكَوْنِكَ قَدْ لَقِيتَ شَيْخَكَ الْمُسَاوِيَ لِمُسْلِمٍ، فَإِذَا كَانَتِ الْمُسَاوَاةُ لِشَيْخِ شَيْخِكَ كَانْتِ الْمُصَافَحَةُ لِشَيْخِكَ، فَتَقُولُ: كَأَنَّ شَيْخِي سَمِعَ مُسْلِمًا وَصَافَحَهُ، وَإِنْ كَانَتِ الْمُسَاوَاةُ لِشَيْخِ شَيْخِ شَيْخِكَ، فَالْمُصَافَحَةُ لِشَيْخِ شَيْخِكَ، فَتَقُولُ فِيهَا: كَأَنَّ شَيْخَ شَيْخِي سَمِعَ مُسْلِمًا، وَصَافَحَهُ، وَلَكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ لَكَ فِي ذَلِكَ نِسْبَةً، بَلْ تَقُولُ: كَأَنَّ فُلَانًا سَمِعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ تَقُولَ فِيهِ (شَيْخِي)، أَوْ (شَيْخَ شَيْخِي).
ثُمَّ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ: أَنَّ فِي الْمُسَاوَاةِ، وَالْمُصَافَحَةِ الْوَاقِعَتَيْنِ لَكَ لَا يَلْتَقِي إِسْنَادُكَ، وَإِسْنَادُ مُسْلِمٍ - أَوْ نَحْوُهُ - إِلَّا بَعِيدًا عَنْ شَيْخِ مُسْلِمٍ، فَيَلْتَقِيَانِ فِي الصَّحَابِيِّ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتِ الْمُصَافَحَةُ الَّتِي تَذْكُرُهَا لَيْسَتْ لَكَ، بَلْ لِمَنْ فَوْقَكَ مِنْ رِجَالِ إِسْنَادِكَ، أَمْكَنَ الْتِقَاءُ الْإِسْنَادَيْنِ فِيهَا فِي شَيْخِ مُسْلِمٍ، أَوْ أَشْبَاهِهِ، وَدَاخَلَتِ الْمُصَافَحَةُ حِينَئِذٍ الْمُوَافَقَةَ، فَإِنَّ كان مَعْنَى الْمُوَافَقَةِ رَاجِعٌ إِلَى مُسَاوَاةٍ وَمُصَافَحَةٍ مَخْصُوصَةٍ، إِذْ حَاصِلُهَا: أَنَّ بَعْضَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رُوَاةِ إِسْنَادِكَ الْعَالِي سَاوَى أَوْ صَافَحَ مُسْلِمًا، أَوِ الْبُخَارِيَّ، لِكَوْنِهِ سَمِعَ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْ شَيْخِهِمَا، مَعَ تَأَخُّرِ طَبَقَتِهِ عَنْ طَبَقَتِهِمَا.
وَيُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْعَوَالِي الْمُخَرَّجَةِ لِمَنْ تَكَلَّمَ أَوَّلًا فِي هَذَا النَّوْعِ، وَطَبَقَتُهُمُ الْمُصَافَحَاتُ مَعَ الْمُوَافَقَاتِ، وَالْأَبْدَالِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْعُلُوِّ عُلُوٌّ تَابِعٌ لِنُزُولٍ، إِذْ لَوْلَا نُزُولُ ذَلِكَ الْإِمَامِ فِي إِسْنَادِهِ لَمْ تَعْلُ أَنْتَ فِي إِسْنَادِكَ.
وَكُنْتُ قَدْ قَرَأْتُ بِمَرْوِيٍّ عَلَى شَيْخِنَا الْمُكْثِرِ أَبِي الْمُظَفَّرِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ الْحَافِظ ِ الْمُصَنِّفِ أَبِي سَعْدٍ السَّمْعَانِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تعالى، فِي أَرْبَعِي أَبِي الْبَرَكَاتِ الْفُرَاوِيِّ حَدِيثًا ادَّعَى فِيهِ أَنَّهُ كَأَنَّهُ سَمِعَهُ هُوَ أَوْ شَيْخُهُ مِنَ الْبُخَارِيِّ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْمُظَفَّرِ: "لَيْسَ لَكَ بِعَالٍ، وَلَكِنَّهُ لِلْبُخَارِيِّ نَازِلٌ"، وَهَذَا حَسَنٌ لَطِيفٌ، يَخْدِشُ وَجْهَ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْعُلُوِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المصنف رحمه الله تعالى وغفر له ولشيخنا وللسامعين:
(المتن)
(الشرح)
سبق أن العلو معناه هو قصر الإسناد، والنزول طول الإسناد، فإذا كانت الواسطات قليلة، عدد رجال الإسناد أقل هذا يسمى السند العالي، وإذا كان عدد الرجال في الإسناد أكثر يسمى السند النازل، طلب العلو سنة، يعني كلما قلت الوسائط هذا كان أقرب إلى صحة الحديث، نعم.
(المتن)
مِثَالُهُ ما أَرْوِيهِ عَنْ شَيْخٍ، أَخْبَرَنِي بِهِ عَنْ وَاحِدٍ، عَنِ الْبَيْهَقِيِّ الْحَافِظِ، عَنِ الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ أَعْلَى مِنْ رِوَايَتِي لِذَلِكَ عَنْ شَيْخٍ، أَخْبَرَنِي بِهِ عَنْ وَاحِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ عبد الله بْنِ خَلَفٍ، عَنِ الْحَاكِمِ، وَإِنْ تَسَاوَى الْإِسْنَادَانِ فِي الْعَدَدِ، لِتَقَدُّمِ وَفَاةِ الْبَيْهَقِيِّ عَلَى وَفَاةِ ابْنِ خَلَفٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَمَاتَ ابْنُ خَلَفٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
وَرَوَينَا عَنْ أَبِي يَعْلَى الْخَلِيلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلِيلِيِّ الْحَافِظِ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى، قَالَ: "قَدْ يَكُونُ الْإِسْنَادُ يَعْلُو عَلَى غَيْرِهِ بِتَقَدُّمِ مَوْتِ رَاوِيهِ، وَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْعَدَدِ"، وَمَثَّلَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ نَفْسِهِ بِمِثْلِ مَا ذَكَرْنَاهُ.
ثُمَّ إِنَّ هَذَا كَلَامٌ فِي الْعُلُوِّ الْمُنْبَنِي عَلَى تَقَدُّمِ الْوَفَاةِ، الْمُسْتَفَادِ مِنْ نِسْبَةِ شَيْخٍ إِلَى شَيْخٍ، وَقِيَاسِ رَاوٍ بِرَاوٍ، وأَمَّا الْعُلُوُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْ مُجَرَّدِ تَقَدُّمِ وَفَاةِ شَيْخِكَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى قِيَاسِهِ بِرَاوٍ آخَرَ، فَقَدْ حَدَّهُ بَعْضُ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ بِخَمْسِينَ سَنَةً.
وَذَلِكَ مَا رَوَينَاهُ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَافِظِ النَّيْسَابُورِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عُمَيْرٍ الدِّمَشْقِيَّ - وَكَانَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَدِيثِ - يَقُولُ: إِسْنَادُ خَمْسِينَ سَنَةً مِنْ مَوْتِ الشَّيْخِ إِسْنَادُ عُلُوٍّ.
(الشرح)
هذا علو نسبي، نعم، أما العلو المطلق هو الإسناد المتصل بالنبي ﷺ، نعم.
(المتن)
وَفِيمَا نَرْوِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ الْحَافِظِ، قَالَ: "إِذَامَرَّ عَلَى الْإِسْنَادِ ثَلَاثُونَ سَنَةً فَهُوَ عَالٍ"، وَهَذَا أَوْسَعُ مِنَ الْأَوَّلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْخَامِسُ: الْعُلُوُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْ تَقَدُّمِ السَّمَاعِ.
أَنْبَأُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِرٍ الْحَافِظِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ الْحَافِظِ، قَالَ: "مِنَ الْعُلُوِّ تَقَدُّمُ السَّمَاعِ".
قُلْتُ: وَكَثِيرٌ مِنْ هَذَا يَدْخُلُ فِي النَّوْعِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ، وَفِيهِ مَا لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ، بَلْ يَمْتَازُ عَنْهُ، مِثْلُ أَنْ يَسْمَعَ شَخْصَانِ مِنْ شَيْخٍ وَاحِدٍ، وَسَمَاعُ أَحَدِهِمَا مِنْ سِتِّينَ سَنَةً مَثَلًا، وَسَمَاعُ الْآخَرِ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَإِذَا تَسَاوَى السَّنَدُ إِلَيْهِمَا فِي الْعَدَدِ، فَالْإِسْنَادُ إِلَى الْأَوَّلِ الَّذِي تَقَدَّمَ سَمَاعُهُ أَعْلَى.
فَهَذِهِ أَنْوَاعُ الْعُلُوِّ عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ وَالْإِيضَاحِ الشَّافِي، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ كُلُّهُ.