شعار الموقع

شرح كتاب مقدمة ابن الصلاح (17) مَعْرِفَةُ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ ومَعْرِفَةُ الْمَرسلِ الْخَفِيِّ ومَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ

00:00
00:00
تحميل
77

واحد يخالف الآخر، فما الجمع بينهما، العلماء لهم مسالك، المسلك الأول الجمع بين الحديثين، وهو حمل كل حديث على معنى، فإذا أمكن فلا يعدل عنه، مثل له حديث لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ، وحديث فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ، وحديث لا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ وحديث وَإذَا وقَعَ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ فِيهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا 

فالجمع بينهما كما ذكر المؤلف رحمه الله أن قوله لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ، على الوجه الذي يعتقده أهل الجاهلية، وهو أن المرض هذه الأمراض تعدي بطبعها وذاتها، وحديث لا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ وفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ، وَإذَا وقَعَ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ فِيهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا، محمول على إذَا سمِعْتُمْ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإذَا وقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ فِيهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا محمول على الأسباب، التي جعلها الله أسبابًا للهلاك، وجعل ملامسة هذه الأسباب سببًا مؤثرا بإرادته ، هذا إذا أمكن الجمع لا يعدل عنه، وإذا لم يمكن الجمع وعرف التاريخ، فإن المتأخر ينسخ المتقدم، وإذا لم يعرف التاريخ فإنه يسلك مسلك ترجيح، ينظر من هو الأرجح، من كان أصح إسنادًا يقدم، كان في الصحيحين يقدم، وإذا لم يمكن توقف المحدث، لأنه ممكن تكون مختلف الحديث، جاء له أربعة مسالك، المسلك الأول الجمع بين الحديثين، المسلك الثاني النسخ إذا أمكن، المسلك الثالث الترجيح، المسلك الرابع التوقف، نعم.

طالب: ما العلامة التي يعرف بها الناسخ من المنسوخ؟

الشيخ: التاريخ، يعرف بالتاريخ، يعرف المتأخر ينسخ المتقدم، نعم.

(المتن)

وَ (كِتَابُ مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ) لِابْنِ قُتَيْبَةَ فِي هَذَا الْمَعْنَى إِنْ يَكُنْ قَدْ أَحْسَنَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ فَقَدْ أَسَاءَ فِي أَشْيَاءَ مِنْهُ قَصُرَ بَاعُهُ فِيهَا، وَأَتَى بِمَا غَيْرُهُ أَوْلَى وَأَقْوَى.

وَقَدْ رَوَينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ الْإِمَامِ أَنَّهُ قَالَ: "لَا أَعْرِفُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ حَدِيثَانِ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَلْيَأْتِي بِهِ لِأُؤَلِّفَ بَيْنَهُمَا".

الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَتَضَادَّا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَظْهَرَ كَوْنُ أَحَدِهِمَا نَاسِخًا وَالْآخَرِ مَنْسُوخًا، فَيُعْمَلُ بِالنَّاسِخِ وَيُتْرَكُ الْمَنْسُوخُ.

وَالثَّانِي: أَنْ لَا تَقُومَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النَّاسِخَ أَيُّهُمَا وَالْمَنْسُوخَ أَيُّهُمَا، فَيُفْزَعُ حِينَئِذٍ إِلَى التَّرْجِيحِ، وَيُعْمَلُ بِالْأَرْجَحِ مِنْهُمَا وَالْأَثْبَتِ، كَالتَّرْجِيحِ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ، أَو بِصِفَاتِهِمْ فِي خَمْسِينَ وَجْهًا مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحَاتِ وَأَكْثَرَ، وَلِتَفْصِيلِهَا مَوْضِعٌ غَيْرُ ذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشيخ:

أول ما قرأت في التصحيف الإسناد، إيش المثال؟ تصحيف الإسناد مثل خالد الثاني يقول إيش؟

(.....)

ذكر مثالا في تصحيف الإسناد، لا اللي قبلها، والا خالد عندك؟ خالد بن علقمة، وإنما الصح هو إيش؟

طالب: (.....)

 الشيخ:

هو قال عرفطة، علقمة صحفها إلى عرفطة، يعني هذا عرفطة صحفها إلى علقمة؟

صحف مالك بن علقمة إلى مالك بن عرفطة، نعم.

كمل: يقول تشقيق الشعر يعني كان يقطعها تقطيع، نعم.

(.....)

لا فيه تصحيف الآن في تصحيف الحروف، وفيه تصحيف الشكل، تصحيف الشكل يسمى تصحيف عند بعضهم، وفي الحروف يسمى تحريف، ثم في تصحيف المعنى وتصحيف اللفظ، نعم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المصنف رحمه الله تعالى، وغفر له ولشيخنا وللسامعين:

(المتن)

النَّوْعُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ

(الشرح)

المزيد في المتصل الأسانيد هو نوع من أنواع علوم الحديث إذا اتصل بالإسناد، هو أن يكون هناك سند مثلًا رواته خمسة، فيأتي آخر بسند رواته ستة، يزيد واحد، وكلهم ثقات، هذا يقال له المزيد في متصل الأسانيد، إذا كان الحديث متصلا، نعم، يكون مثلا شخص سمع الحديث عن شيخه وعن شيخ شيخه، فأحيانًا يحدث عن شيخه، وأحيانًا يرويه عن شيخ شيخه، فإذا رواه عن شيخه مباشرة زاد راوي، وإذا رواه عن شيخ شيخه نقص راوي، فهذا يقال له: المزيد في متصل الأسانيد، نعم.

(المتن)

النَّوْعُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ

مِثَالُهُ: مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ يَقُولُ: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا، فَذِكْرُ سُفْيَانَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ زِيَادَةٌ وَوَهْمٌ، وَهَكَذَا ذِكْرُ أَبِي إِدْرِيسَ.

أَمَّا الْوَهْمُ فِي ذِكْرِ سُفْيَانَ فَمِمَّنْ دُونَ ابْنِ الْمُبَارَكِ، لا من ابن المبارك لِأَنَّ جَمَاعَةً ثِقَاتٍ رَوَوْهُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ نَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَرَّحَ فِيهِ بِلَفْظِ الْإِخْبَارِ بَيْنَهُمَا.

وَأَمَّا ذِكْرُ أَبِي إِدْرِيسَ فِيهِ: فَابْنُ الْمُبَارَكِ مَنْسُوبٌ فِيهِ إِلَى الْوَهْمِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الثِّقَاتِ رَوَوْهُ عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، فَلَمْ يَذْكُرُوا أَبَا إِدْرِيسَ بَيْنَ بُسْرٍ وَوَاثِلَةَ، وَفِيهِمْ مَنْ صَرَّحَ فِيهِ بِسَمَاعِ بُسْرٍ مِنْ وَاثِلَةَ.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: "يَرَوْنَ أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ وَهِمَ فِي هَذَا، قَالَ: وَكَثِيرًا مَا يُحَدِّثُ بُسْرٌ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، فَغَلِطَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَظَنَّ أَنَّ هَذَا مِمَّا رَوَى عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ وَاثِلَةَ، وَقَدْ سَمِعَ هَذَا بُسْرٌ مِنْ وَاثِلَةَ نَفْسِهِ.

قُلْتُ: قَدْ أَلَّفَ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ فِي هَذَا النَّوْعِ كِتَابًا سَمَّاهُ "كِتَابُ تَمْيِيزِ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ"، وَفِي كَثِيرٍ مِمَّا ذَكَرَهُ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْإِسْنَادَ الْخَالِيَ عَنِ الرَّاوِي الزَّائِدِ إِنْ كَانَ بِلَفْظِ "عَنْ" فِي ذَلِكَ

فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِإِرْسَالِهِ، وَيُجْعَلَ مُعَلَّلًا بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ الزَّائِدُ، لِمَا عُرِفَ من نَوْعِ الْمُعَلَّلِ، وَكَمَا يَأْتِي ذِكْرُهُ إِنْ - شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوْعِ الَّذِي يَلِيهِ.

وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالسَّمَاعِ أَوْ بِالْإِخْبَارِ، كَمَا فِي الْمِثَالِ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ، فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ عَنْهُ، ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْهُ نَفْسُهُ، فَيَكُونُ بُسْرٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ وَاثِلَةَ، ثُمَّ لَقِيَ وَاثِلَةَ فَسَمِعَهُ مِنْهُ.

(الشرح)

نعم، فأحيانًا يحدث عن واثلة، وأحيانًا يحدث عن هذا الرجل الذي سمعه منه، الواسطة، نعم.

(المتن)

كَمَا جَاءَ مِثْلُهُ مُصَرَّحًا بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا.

اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ وَهْمًا، كَنَحْوِ مَا ذَكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ.

وَأَيْضًا فَالظَّاهِرُ مِمَّنْ وَقَعَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يَذْكُرَ السَّمَاعَيْنِ، فَإِذَا لَمْ يَجِئْ عَنْهُ ذِكْرُ ذَلِكَ حَمَلْنَاهُ عَلَى الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(الشرح)

وعلى هذا فالمزيد في متصل الأسانيد قد يكون صحيح وقد يكون غير صحيح، إذا صرح بالسماع ممن سمعه منه، من رجل عنه، وصرح بأن ما رواه أنه سمعه منه مباشرة يحمل على أنه من المزيد في متصل الأسانيد وأنه ثابت، أما إذا عنعن، هذا وهو مدلس، يكون ضعيفا.

أما الحديث الذي ذكره حديث أبي مرثد الغنوي، لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا، فهذا رواه الإمام مسلم في صحيحه، نعم، وفيه دليل على أنه لا يجوز الجلوس على  القبر ولا تجوز الصلاة إلى القبور، لا بد تكون بينه وبينه حائل، ولا يجوز الصلاة في المقبرة، ولا الجلوس على القبر، نعم.

الطالب:  (......)

الشيخ: نعم، معروف علو الإسناد إذا حذفت المزيد صار هذا علو، إذا كان رواه عن رجل، ثم رواه عنه مباشرة، هذا صار علو، بدل ما يحدث عن رجل عنه، لقيه هو مباشرة سمع منه، نعم.

(المتن)

النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الْمَرَاسِيلِ الْخَفِيِّ إِرْسَالُهَا، هَذَا نَوْعٌ مُهِمٌّ عَظِيمُ الْفَائِدَةِ.

(الشرح)

هذا المرسل الخفي قد يكون معاصر لم يلقه، ولم يسمع منه، وهو في الظاهر متصل، لأنه معاصر له، ولأنه سمع منه، ولكن بعد جمع الطرق تبين أنه وإن كان معاصرًا إلا أنه لم يسمع منه هذا الحديث، سمع منه غيره، فهذا يتبين بجمع الطرق، وهذا لا يعرفه إلا النقاد، من الأئمة والمحدثون، لأنهم كالصيارفة الذين يميزون الدراهم المغشوشة من الجيدة، نعم، النوع إيش؟ معرفة المراسيل الخفية، نعم.

(المتن)

هَذَا نَوْعٌ مُهِمٌّ عَظِيمُ الْفَائِدَةِ، يُدْرَكُ بِالِاتِّسَاعِ فِي الرِّوَايَةِ وَالْجَمْعِ لِطُرُقِ الْأَحَادِيثِ مَعَ الْمَعْرِفَةِ التَّامَّةِ، وَلِلْخَطِيبِ الْحَافِظِ فِيهِ كِتَابُ "التَّفْصِيلِ لِمُبْهَمِ الْمَرَاسِيلِ"، وَالْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْهُ مَا عُرِفَ فِيهِ الْإِرْسَالُ بِمَعْرِفَةِ عَدَمِ السَّمَاعِ مِنَ الرَّاوِي فِيهِ أَوْ عَدَمِ اللِّقَاءِ.

كَمَا جاء فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا قَالَ بِلَالٌ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ نَهَضَ وَكَبَّرَ"، رُوِيَ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: "الْعَوَّامُ لَمْ يَلْقَ ابْنَ أَبِي أَوْفَى"، وَمِنْهُ مَا كَانَ الْحُكْمُ بِإِرْسَالِهِ مُحَالًا عَلَى مَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.

(الشرح)

هذا ويجعل يعني المحدث إذا تأمل في هذا، أن هذا مخالف، للأحاديث الأخرى التي فيها النبي ﷺ كان يسوي بين الصفوف، وهذا فيه حديث العوام أنه كان إذا قال بلال: قد قامت الصلاة يكبر، الأحاديث الأخرى دلت على أنه يتأخر، في الإقامة، ويسوي الصفوف، ويقول: يَا عِبَادَ اللَّهِ، سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، هذا يخالف في اللفظ، هذا يعني فيه شذوذ أيضًا، المتن شاذ، هذا يجعل المحدث يتأمل وينظر، ولهذا قال الإمام أحمد أنه ما سمع من عبد الله بن أبي أوفى، يكون منقطع، العوام لم يسمع منه، نعم، يكون هذا إرسال، نعم.

(المتن)

وَمِنْهُ مَا كَانَ الْحُكْمُ بِإِرْسَالِهِ مُحَالًا عَلَى مَجِيئِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِزِيَادَةِ شَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي الْمَوْضِعِ الْمُدَّعَى فِيهِ الْإِرْسَالُ.

كَالْحَدِيثِ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي النَّوْعِ الْعَاشِرِ: عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، فَإِنَّهُ حُكِمَ فِيهِ بِالِانْقِطَاعِ وَالْإِرْسَالِ بَيْنَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَالثَّوْرِيِّ، لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْجَنَدِيُّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَحُكِمَ أَيْضًا فِيهِ بِالْإِرْسَالِ بَيْنَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ، لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.

وَهَذَا ومَا سَبَقَ فِي النَّوْعِ الَّذِي قَبْلَهُ يَتَعَرَّضَانِ، لِأَنْ يُعْتَرَضَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ

هَذَا عِلْمٌ كَبِيرٌ قَدْ أَلَّفَ النَّاسُ فِيهِ كُتُبًا كَثِيرَةً، وَمِنْ أَجَلِّهَا وَأَكْثَرِهَا فَوَائِدَ كِتَابُ "الِاسْتِيعَابِ" لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، لَوْلَا مَا شَانَهُ بِهِ مِنْ إِيرَادِهِ كَثِيرًا مِمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَحِكَايَاتِهِ عَنِ الإخْبَارِيِّينَ لَا الْمُحَدِّثِينَ.

(الشرح)

الإخباريين، الإخباري من ينقل الأخبار، يقال: إخباري، أما الأخبار هذا وصف، خبر جمعه أخبار، والإخباري الشخص المخبر، يعني يقول: أنه شان كتابه ابن عبد البر محدث، أنه ينقل حكايات عن الصحابة ينقلها عن المؤرخين، والمؤرخين ما يحققون، ما نقله بالسند عن المحدثين، والكتاب عظيم، كتابه عن الصحابة، إلا أنه شانه يعني يؤثر فيه هذا أن كونه ينقل عن الإخباريين ما هب ودب، ينقل عما يتعلق بالصحابة، فيما شجر بينهم، يقول إيش؟ ومن أنفعها كتاب الاستيعاب.

المحدثون يضبطون، لأنهم بالسند، ما يقبلون إلا بالسند، والإسناد متصل، أما الإخباريين والمؤرخين ما يوثق بأخبارهم، الإخباري والمؤرخ ولهذا قالوا المؤرخ والإخباري يتساهلون، ينقلون الأخبار سواء ثبتت ولا ما ثبتت، ولا يتأملوا في الإسانيد بخلاف المحدثين، المحدثون يدرسون الإسناد وينقدونه، إذا ثبت الإسناد أثبتوه، وإلا ردوه، أما الإخباريون وهم المؤرخون يتساهلون، ولذلك كتب السير الآن ما يعتمد على الآثار التي تنقل فيها، نعم.

(المتن)

وَغَالِبٌ عَلَى الْأَخْبَارِيِّينَ الْإِكْثَارُ وَالتَّخْلِيطُ فِيمَا يَرْوُونَهُ.

(الشرح)

التخليط نعم، هذا من المؤرخين، التخليط وعدم الضبط، نعم، ينقلون ما هب ودب، خبر، نعم.

(المتن)

وَأَنَا أُورِدُ نُكَتًا نَافِعَةً - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - قَدْ كَانَ يَنْبَغِي لِمُصَنِّفِي كُتُبِ الصَّحَابَةِ أَنْ يُتَوِّجُوهَا بِهَا، مُقَدِّمِينَ لَهَا فِي فَوَاتِحِهَا:

إِحْدَاهَا: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَنَّ الصَّحَابِيَّ مَنْ؟ فَالْمَعْرُوفُ مِنْ طَرِيقَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَهُوَ مِنَ الصَّحَابَةِ.

الطالب: (.....)

الشيخ: لا، كتاب عظيم، لا تعتذر عن الأخطاء، استأذن ولا تعتذر عن الأخطاء، فيه الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، وفيه غيره، كتب كثيرة، نعم.

الطالب: (.....)

الشيخ: إيراد القصص عن الصحابة بدون سند، يعني سند المؤرخين، الأسانيد لهم ضبط كهذه ثابتة، ولا ما ثبتت، نعم.

الطالب: (.....)

الشيخ: بالإسناد نعم، إذا كان بسند صحيح متصل على طريقة المحدثين، عدول فهذا صحيح، مثل ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في بعض الروايات يقول ما نقل عن الصحابة أكثره باطل لا أساس له من الصحة، وبعضه له أصل، لكن فيه تغيير، ونقص، وغير عن وجهه، وبعضه صحيح، والصحيح هم فيه ما بين مجتهد له أجران، وبين مجتهد مخطئ له أجر واحد، ثم أيضًا الأشياء المحققة، والأخطاء المحققة عنهم، يعني هم الآن يعني التي وقعت منهم، منهم قد يكون تاب، فتاب الله عليه، وقد يكون يغفر له بشفاعة النبي ﷺ، وهم أحق الناس بأوليته، وقد يغفر له بالحسنات الماحية أو بالمصائب حسب ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، ولهذا ما ينبغي للإنسان أن يتكلم في الصحابة من أجل هذه الأخبار التي رويت والتي تنقل عنهم، فعلى هذا كما قال شيخ الإسلام - رحمه الله - منها ما هو كذب، ومنها ما زيد فيه، ومنها ما هو صحيح، لكنه مجتهد، والذنوب المحققة تغفر إما بالتوبة أو بالحسنات، هذا في غيرهم، فما بالك بالصحابة، نعم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، قال المصنف رحمه الله تعالى، في النوع التاسع والثلاثين، معرفة الصحاب، أو معرفة الصحابة - أجمعين – اما بعد قال:

(المتن)

النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ.

قال: وَقَدْ رَوَينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَعُدُّ الصَّحَابِيَّ إِلَّا مَنْ أَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، وَغَزَا مَعَهُ غَزْوَةً أَوْ غَزْوَتَيْنِ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا - إِنْ صَحَّ عَنْهُ - رَاجِعٌ إِلَى الْمَحْكِيِّ عَنِ الْأُصُولِيِّينَ، وَلَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ ضِيقٌ يُوجِبُ أَلَّا يُعَدَّ مِنَ الصَّحَابَةِ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمَنْ شَارَكَهُ فِي فَقْدِ ظَاهِرِ مَا اشْتَرَطَهُ فِيهِمْ، مِمَّنْ لَا نَعْرِفُ خِلَافًا فِي عَدلهِ مِنَ الصَّحَابَةِ.

وَرَوَينَا عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُوسَى السَّبَلَانِيِّ - وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا - قَالَ: أَتَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَقُلْتُ: هَلْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَحَدٌ غَيْرَكَ؟ قَالَ: "بَقِيَ نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ قَدْ رَأَوْهُ، َأَمَّا مَنْ صَحِبَهُ فَلَا"، إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، حَدَّثَ بِهِ مُسْلِمٌ بِحَضْرَةِ أَبِي زُرْعَةَ.

(الشرح)

والصواب هو أن الصحابي - كما قال الحافظ ابن حجر - هو من رأى النبي ﷺ مؤمنًا، ومات على الإسلام، ولو لحظة، هو من لقي النبي ﷺ حتى يشمل العميان، يشمل عبد الله بن مكتوم، ما رأى النبي ﷺ لأنه أعمى، لكن لقيه، هو من لقي النبي ﷺ مؤمنًا، ومات على الإسلام، هذا هو الصواب، ولو لحظة، الأعراب الذين لقوا النبي ﷺ ورأوه يعتبرون صحابة إذا مات على الإسلام، وكذلك صغار الصحابة الذين حنكهم يعتبرون صحابة، هذا هو الصواب، من لقي النبي مؤمنًا، ومات على الإسلام، التقى به، يعني قابله ولو كان أعمى، أو رآه إذا كان يبصر، ثم مات على الإسلام، أما إذا مات على غير الإسلام فلا يكون صحابي، هذا هو الصواب.

ولكن الصحابة يتفاضلون، من طول الصحبة، أما اشتراط أن يمضوا معه سنتين هذا لا وجه له، لا بد أن يكون يغزو معه غزوتين ولا بد أن يصحبه سنتين لا وجه له، نعم.

طالب: والعمر؟

الشيخ: لا يشترط، ولو كان طفل، الأطفال الذين حنكهم النبي ﷺ يكونون صحابة، من صغار الصحابة، لكن أحاديثهم تكون مرسلة إذا لم يسمعوا النبي ﷺ، نعم.

(المتن)

ثُمَّ إِنَّ كَوْنَ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ صَحَابِيًّا تَارَةً يُعْرَفُ بِالتَّوَاتُرِ، وَتَارَةً بِالِاسْتِفَاضَةِ الْقَاصِرَةِ عَنِ التَّوَاتُرِ، وَتَارَةً بِأَنْ يُرْوَى عَنْ آحَادِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ.

(الشرح)

يعني كيف يعرف أنه صحابي، بالتواتر، بأنه من الصحابة، أو الاستفاضة يشتهر، أو ينقل بسند صحيح أنه رأى النبي ﷺ، أو لقي النبي ﷺ، نعم.

(المتن)

وَتَارَةً بِقَوْلِهِ وَإِخْبَارِهِ عَنْ نَفْسِهِ.

(الشرح)

هناك مخضرمون، مخضرمون وهم من رأوا النبي ﷺ، ولم يسلموا إلا بعد وفاته، هؤلاء لا يسموا صحابة، يسمون مخضرمون، وإن كان رأى النبي ﷺ، رأى النبي وشاهده ولقيه ولكن قبل أن يسلم، ثم أسلم بعد وفاة النبي ﷺ، هذا يسمى مخضرم عند أهل الحديث، المخضرم هو من لقي النبي ﷺ في الجاهلية أو في الإسلام، ولكنه لم يسلم إلا بعد وفاة النبي ﷺ، فليس له حكم الصحابة، لا يسمى صحاب، نعم.

(المتن)

وَتَارَةً بِقَوْلِهِ وَإِخْبَارِهِ عَنْ نَفْسِهِ، بَعْدَ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ بِأَنَّهُ صَحَابِيٌّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(الشرح)

نعم، أيضًا يعرف إذا كان عدل، وأخبر عن نفسه أنه لقي النبي ﷺ وهو عدل يكون، هذا يعرف بأنه صحابي، نعم.

(المتن)

المسألة الثَّانِيَةُ: لِلصَّحَابَةِ بِأَسْرِهِمْ خَصِيصَةٌ، وَهِيَ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ، بَلْ ذَلِكَ أَمْرٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ، لِكَوْنِهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ مُعَدَّلِينَ بِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ مِنَ الْأُمَّةِ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110]، الْآيَةَ، قِيلَ: اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّهُ وَارِدٌ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ [البقرة: 143]، وَهَذَا خِطَابٌ مَعَ الْمَوْجُودِينَ حِينَئِذٍ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ [الفتح: 29]، الْآيَةَ.

وَفِي نُصُوصِ السُّنَّةِ الشَّاهِدَةِ بِذَلِكَ كَثْرَةٌ.

(الشرح)

نعم، وهذا هو الصواب أن الصحابة كلهم عدول، لا يسأل عن عدالتهم، لأن نصوص الكتاب والسنة والإجماع على أنهم عدول، ما يسأل، إنما يسأل عمن بعدهم، إذا كان صحابي قد عدله الله وزكاه، والنصوص في هذا كثيرة.

أما استدلال المؤلف بقوله: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ [البقرة: 143]، كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110]، ليس ظاهرًا في الصحابة، لكن فيه أدلة كثيرة، مثل: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا [الفتح: 29]، وفي آخر الآية وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا، وفي قوله تعالى: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ [الحشر:8]، ثم قال: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ [الحشر:9]، وحكم لهم بالفلاح في قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة: 100]، مثل قوله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [الحديد: 10]، الجنة، كلهم وعدهم الله الجنة، هذه كلها تدل على عدالة الصحابة، فلا يسأل عن عدالتهم، هذه منقبة خاصة بالصحابة، ولهذا المحدثون إذا وصلوا للصحابي قالوا: صحابي، وسكت، الصحابي لا يسأل عن عدالته، لكن يسأل عن التابعي، وتابع التابعي، ومن بعدهم، نعم.

(المتن)

وَفِي نُصُوصِ السُّنَّةِ الشَّاهِدَةِ بِذَلِكَ كَثْرَةٌ، مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ.

ثُمَّ إِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى تَعْدِيلِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ لَابَسَ الْفِتَنَ مِنْهُمُ فَكَذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْإِجْمَاعِ.

(الشرح)

نعم، هذا هو الصواب، أن الصحابة كلهم عدول، والأحاديث في هذا كثيرة، ومن ذلك قوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح: 18]، هذا في أهل بيعة الرضوان، نعم، ومن ذلك حديث: لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، ومن ذلك حديث اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، والأحاديث في هذا كثيرة، نعم.

(المتن)

ثُمَّ إِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى تَعْدِيلِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ لَابَسَ الْفِتَنَ مِنْهُمُ فَكَذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْإِجْمَاعِ، إِحْسَانًا لِلظَّنِّ بِهِمْ، وَنَظَرًا إِلَى مَا تَمَهَّدَ لَهُمْ مِنَ الْمَآثِرِ، وَكَأَنَّ اللَّهَ أَتَاحَ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ نَقَلَةَ الشَّرِيعَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(الشرح)

نعم، هم الذين نقلوا الشريعة، وحملوها إلينا، من الذين بلغنا الكتاب والسنة؟ الصحابة، إذا دخلهم الشك، معناها صار ما يوثق في الدين الذي حملوه، هم اللي حملوا الشريعة، وحملوا الدين، نقلوا الكتاب والسنة، وبلغوا دين الله، ونشروه في مشارق الأرض ومغاربها، فتحوا الفتوح، ومصروا الأمصار، وأرضاهم، لا كان ولا يكون مثلهم، قوم اختارهم الله لصحبة نببيه، لا كان ولا يكون مثلهم، نعم.

(المتن)

الثَّالِثَةُ: أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَبُو هُرَيْرَةَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَذَلِكَ مِنَ الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى حَدِيثِيٍّ، وَهُوَ أَوَّلُ صَاحِبِ حَدِيثٍ.

بَلَغَنَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ قَالَ: "رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي النَّوْمِ، وَأَنَا بِسِجِسْتَانَ أُصَنِّفُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ: إِنِّي لَأُحِبُّكَ، فَقَالَ: "أَنَا أَوَّلُ صَاحِبِ حَدِيثٍ كَانَ فِي الدُّنْيَا".

(الشرح)

نعم، روى ما يزيد عن سبعة آلاف حديث، وهو راوية الإسلام، وأرضاه، مع أنه أسلم متأخر، أسلم سنة سبعة من الهجرة، جاء والنبي ﷺ يقسم غنائم خيبر، ومع ذلك حفظ هذا الشيء، والسبب في ذلك أنه لزم النبي ﷺ، ملازم، ولم يشتغل بالدنيا، ورضي بأنه إذا ما حصل غداء أو عشاء لا يبالي، ولما قيل له، قال بعض الناس: إن أبا هريرة يكثر من الحديث، كيف يروي هذه الأحاديث كثيرة، الصحابة ما يروون، قال الله الموعد، بعض الناس يقول: يكثر أبو هريرة وكان من المتأخرين، بعض الناس يقول أكثر أبو هريرة، قال: الله الموعد، يعني الموعد بيننا وبينه، قال: كان إخواني من المهاجرين يشغلهم الصف في الأسواق يعني التجارة، وكان إخواني من الأنصار يعملون في حروثهم ومزارعهم، وكنت امرأً مرفقًا (.....)، أحضر حيث يغيبون، أحضر حيث لا يحضرون، وأحضر حيث يغيبون، فأسمع ما لا يسمعون، يقول أن المهاجرين عندهم أولاد وبيوت مشتغلين بالتجارة، يغيبون عن مجالس النبي ﷺ، والأنصار يشتغلون في حروثهم ومزارعهم، لكسب إيرادهم، أنا ما عندي شيء، أنا ملازم للنبي ﷺ ما أتعداه، فأسمع الأحاديث التي تفوتهم، ومن ذلك أن النبي ﷺ قال مرة: من يسمع حديثي من يبسط شيئًا ثم يضمه فلا ينساه، فبسطت نمرة، فلما قال النبي ﷺ حديثه ضممتها، فلم أنسَ شيئًا، فهذا هو السبب بين السبب في كثرة، أنه كان ملازم في الليل والنهار، ولا يبالي، كان فقيرًا، وحصلت له قصة أنه مرة جاع جوعًا شديدًا، فكان يأتي الرجل يسأله عن الحديث وهو أعلم به، لعله يدعوه إلى بيته، لعله يحضر شيئًا من الأكل من شدة الجوع الذي أصابه، وأرضاه، نعم.

(المتن)

وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَيْضًا قَالَ: "سِتَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أَكْثَرُوا الرِّوَايَةَ عَنْهُ وَعُمِّرُوا: أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ أَكْثَرُهُمْ حَدِيثًا، وَحَمَلَ عَنْهُ الثِّقَاتُ".

ثُمَّ إِنَّ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ فُتْيَا تُرْوَى ابْنُ عَبَّاسٍ.

(الشرح)

فتيا تروى، يعني تروى عن ابن عباس، يعني أبو هريرة أكثر الناس حديث، وابن عباس أكثر الناس فتيا، الفتاوي، يفتي، لأن النبي دعا له: اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ نعم، فيفتي، يعني أصابه الله فهم في الأحكام الشرعية فيفتي الناس في القضايا وفي المسائل، نعم.

(المتن)

ثُمَّ إِنَّ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ فُتْيَا تُرْوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، بَلَغَنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: "لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ يُرْوَى عَنْهُ فِي الْفَتْوَى أَكْثَرَ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ"، وَرَوَينَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَيْضًا أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: "مَنِ الْعَبَادِلَةُ؟" فَقَالَ: "عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو"، قِيلَ لَهُ: "فَابْنُ مَسْعُودٍ؟" قَالَ: "لَا، لَيْسَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ مِنَ الْعَبَادِلَةِ".

قَالَ الْحَافِظُ أَحْمَدُ الْبَيْهَقِيُّ فِيمَا رَوَينَاهُ عَنْهُ وَقَرَأْتُهُ بِخَطِّهِ: "وَهَذَا لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ، وَهَؤُلَاءِ عَاشُوا حَتَّى احْتِيجَ إِلَى عِلْمِهِمْ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى شَيْءٍ قِيلَ: هَذَا قَوْلُ الْعَبَادِلَةِ، أَوْ هَذَا فِعْلُهُمْ".

قُلْتُ: وَيَلْتَحِقُ بِابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ سَائِرُ الْعَبَادِلَةِ الْمُسَمِّينَ بِعَبْدِ اللَّهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَهُمْ نَحْوُ مِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ نَفْسًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(الشرح)

الأول عبد الله بن عباس، عبد الله بن عمر، عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، نعم، بعدهم يرد عبد الله بن مسعود لهلاكه، تقدم موته، نعم.

(المتن)

وَرَوَينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: "لَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أَحَدٌ لَهُ أَصْحَابٌ يَقُومُونَ بِقَوْلِهِ فِي الْفِقْهِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ ، كَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَصْحَابٌ يَقُومُونَ بِقَوْلِهِ وَيُفْتُونَ النَّاسَ".

وَرَوَينَا عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: "وَجَدْتُ عِلْمَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ انْتَهَى إِلَى سِتَّةٍ: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَأُبَيٌّ، وَزَيْدٌ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، ثُمَّ انْتَهَى عِلْمُ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ إِلَى اثْنَيْنِ: عَلِيٌّ، وَعَبْدُ اللَّهِ".

(الشرح)

علي يعني وعبد الله بن عباس، نعم.

(المتن)

وَرَوَينَا نَحْوَهُ عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، لَكِنْه ذَكَرَ أَبَا مُوسَى بَدَلَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَرَوَينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: "كَانَ الْعِلْمُ يُؤْخَذُ عَنْ سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ عُمَرُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَزَيْدٌ، يُشْبِهُ عِلْمُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَكَانَ يَقْتَبِسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَكَانَ عَلِيٌّ، وَالْأَشْعَرِيُّ، وَأُبَيٌّ، يُشْبِهُ عِلْمُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَكَانَ يَقْتَبِسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ".

وَرَوَينَا عَنِ الْحَافِظِ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ ذَكَرَ الصَّحَابَةَ فِي رِسَالَتِهِ الْقَدِيمَةِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِمَا هُمْ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "وَهُمْ فَوْقَنَا فِي كُلِّ عِلْمٍ، وَاجْتِهَادٍ، وَوَرَعٍ، وَعَقْلٍ، وَأَمْرٍ اسْتُدْرِكَ بِهِ عِلْمٌ وَاسْتُنْبِطَ بِهِ، وَآرَاؤُهُمْ لَنَا أَحْمَدُ وَأَوْلَى بِنَا مِنْ آرَائِنَا عِنْدَنَا لِأَنْفُسِنَا"، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الرَّابِعَةُ: رَوَينَا عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ عِدَّةِ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: وَمَنْ يَضْبِطُ هَذَا؟ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ حِجَّةَ الْوَدَاعِ أَرْبَعُونَ أَلْفًا، وَشَهِدَ مَعَهُ تَبُوكَ سَبْعُونَ أَلْفًا.

وَرَوَينَا عَنْ أَبِي زُرْعَةَ - أَيْضًا - أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: "أَلَيْسَ يُقَالُ: حَدِيثُ النَّبِيِّ ﷺ أَرْبَعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ؟" قَالَ: "وَمَنْ قَالَ ذَا؟ قَلْقَلَ اللَّهُ أَنْيَابَهُ! هَذَا قَوْلُ الزَّنَادِقَةِ، وَمَنْ يُحْصِي حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الصَّحَابَةِ، مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: مِمَّنْ رَآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ"، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا زُرْعَةَ، هَؤُلَاءِ أَيْنَ كَانُوا وَأَيْنَ سَمِعُوا مِنْهُ؟ قَالَ: "أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلُ مَكَّةَ، وَمَنْ بَيْنَهُمَا، وَالْأَعْرَابُ، وَمَنْ شَهِدَ مَعَهُ حِجَّةَ الْوَدَاعِ، كُلٌّ رَآهُ وَسَمِعَ مِنْهُ بِعَرَفَةَ".

قَالَ المؤلف: ثُمَّ إِنَّهُ اخْتُلِفَ فِي عَدَدِ طَبَقَاتِهِمْ وَأَصْنَافِهِمْ، وَالنَّظَرِ فِي ذَلِكَ إِلَى السَّبْقِ بِالْإِسْلَامِ، وَالْهِجْرَةِ، وَشُهُودِ الْمَشَاهِدِ الْفَاضِلَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَأَنْفُسِنَا هُوَ ﷺ.

(الشرح)

يعني نفديه ﷺ بآبائنا وأمهاتنا، وشهود المواقف الفاضلة، يعني الغزوات، نعم.

(المتن)

وَجَعَلَهُمْ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: اثْنَتَيْ عَشْرَةَ طَبَقَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَسْنَا نُطَوِّلُ بِتَفْصِيلِ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المصنف رحمه الله تعالى:

(المتن)

النكتة الْخَامِسَةُ: أَفْضَلُهُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ.

(الشرح)

الصحابة يعني أفضلهم أبو بكر ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ترتيبهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة، هذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة، نعم.

(المتن)

ثُمَّ إِنَّ جُمْهُورَ السَّلَفِ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ، وَقَدَّمَ أَهْلُ الْكُوفَةِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ، وَبِهِ قَالَ مِنْهُمْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَوَّلًا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ.

(الشرح)

هذه رواية عن الامام أبي حنيفة بعض أهل الكوفة تقديم علي على عثمان في الفضيلة دون الخلافة، ثم انقرض هذا الخلاف، وأجمع العلماء على تقديم عثمان على علي، أما تقديم علي على عثمان في الخلافة هذه ما قال بها أحد، ولهذا قال شيخ الإسلام - رحمه الله - في الواسطية: من قدم عثمان على علي في الخلافة فهو أضل من حمار أهله، ومن قدم عثمان عليه في الخلافة فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار، احتقر رأيهم، لأنهم أجمعوا على مبايعة عثمان بالخلافة وتقديمه على علي، لكن الخلاف إنما هو في الفضيلة فقط دون الخلافة، بعض أهل الكوفة وفي رواية عن الإمام أبي حنيفة قدموا علي على عثمان في الفضيلة دون الخلافة، ثم رجع عن هذا الخلاف ووافقوا الجمهور، على تقديم عثمان على علي أيضًا حتى في الفضيلة، نعم.

(المتن)

رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ وَعَنْهُمُ الْخَطَّابِيُّ، وَمِمَّنْ نُقِلَ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ تَقْدِيمُ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَتَقْدِيمُ عُثْمَانَ هُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ مَذَاهِبُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ.

(الشرح)

هذه محمد بن إسحاق بن خزيمة هو ممن يقدم علي على عثمان في الفضيلة، نعم، والذي إيش؟

(المتن)

وَتَقْدِيمُ عُثْمَانَ هُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ مَذَاهِبُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَمَّا أَفْضَلُ أَصْنَافِهِمْ صِنْفًا: فَقَدْ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ التَّمِيمِيُّ: أَصْحَابُنَا مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَهُمُ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ، ثُمَّ السِّتَّةُ الْبَاقُونَ إِلَى تَمَامِ الْعَشَرَةِ، ثُمَّ الْبَدْرِيُّونَ، ثُمَّ أَصْحَابُ أُحُدٍ، ثُمَّ أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ بِالْحُدَيْبِيَةِ.

قُلْتُ: وَفِي نَصِّ الْقُرْآنِ تَفْضِيلُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَهُمُ الَّذِينَ صَلَّوْا إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ فِي قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَطَائِفَةٍ، وَفِي قَوْلِ الشَّعْبِيِّ: هُمُ الَّذِينَ شَهِدُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ.

(الشرح)

الصواب أنهم الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، الذين أسلموا قبل الحديبية، هم السابقون الأولون، أما القول بأنه من صلى إلى القبلتين فهذا قول ضعيف مرجوح، أولًا لأن اصحاب القبلتين لم ينزل فيهم نص خاص .

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد