شعار الموقع

شرح كتاب مقدمة ابن الصلاح (23) من مَعْرِفَةُ مَنْ خَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ مِنَ الثِّقَاتِ إلى آخر الكتاب

00:00
00:00
تحميل
98

المتن:

النَّوْعُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: مَعْرِفَةُ مَنْ خَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ مِنَ الثِّقَاتِ
هَذَا فَنٌّ عَزِيزٌ مُهِمٌّ، لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ وَاعْتَنَى بِهِ، مَعَ كَوْنِهِ حَقِيقًا بِذَلِكَ جِدًّا.
وَهُمْ مُنْقَسِمُونَ: فَمِنْهُمْ مَنْ خَلَطَ لِاخْتِلَاطِهِ وَخَرَفِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَلَطَ لِذَهَابِ بَصَرِهِ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ.

وَالْحُكْمُ فِيهِمْ أَنَّهُ يُقْبَلُ حَدِيثُ مَنْ أُخِذَ عَنْهُمْ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ، وَلَا يُقْبَلُ حَدِيثُ مَنْ أُخِذَ عَنْهُ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ، أَوْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ فَلَمْ يُدْرَ هَلْ أُخِذَ عَنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ أَوْ بَعْدَهُ.
فَمِنْهُمْ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ: اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، فَاحْتَجَّ أَهْلُ الْعِلْمِ بِرِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنْهُ، مِثْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ، لِأَنَّ سَمَاعَهُمْ مِنْهُ كَانَ فِي الصِّحَّةِ، وَتَرَكُوا الِاحْتِجَاجَ بِرِوَايَةِ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ آخِرًا.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ فِي شُعْبَةَ: " إِلَّا حَدِيثَيْنِ كَانَ شُعْبَةُ يَقُولُ: سَمِعْتُهُمَا بِأَخَرَةٍ عَنْ زَادَانَ ".
أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: اخْتَلَطَ أَيْضًا، وَيُقَالُ إِنَّ سَمَاعَ ‏‏سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ مِنْهُ بَعْدَمَا اخْتَلَطَ، ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ.
سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيُّ: اخْتَلَطَ وَتَغَيَّرَ حِفْظُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ.
قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ الْمَالِكِيُّ: قَالَ النَّسَائِيُّ: " أُنْكِرَ أَيَّامَ الطَّاعُونِ، وَهُوَ أَثْبَتُ عِنْدَنَا مِنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ مَا سُمِعَ مِنْهُ قَبْلَ أَيَّامِ الطَّاعُونِ ".
سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: خَلَطَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ بَعْدَ هَزِيمَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ - يَعْنِي وَمِائَةٍ -، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ صَحِيحٌ السَّمَاعُ مِنْهُ، سُمِعَ مِنْهُ بِوَاسِطٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْكُوفَةَ، وَأَثْبَتُ النَّاسِ سَمَاعًا مِنْهُ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ عُرِفَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ وَكِيعٌ، وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيُّ، بَلَغَنَا عَنِ ابْنِ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيِّ أَحَدِ الْحُفَّاظِ أَنَّهُ قَالَ: " لَيْسَتْ رِوَايَتُهُمَا عَنْهُ بِشَيْءٍ، إِنَّمَا سَمَاعُهُمَا بَعْدَمَا اخْتَلَطَ ".
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ لِوَكِيعٍ: " تُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَإِنَّمَا سَمِعْتَ مِنْهُ فِي الِاخْتِلَاطِ؟ " فَقَالَ: " رَأَيْتَنِي حَدَّثْتُ عَنْهُ إِلَّا بِحَدِيثٍ مُسْتَوٍ؟

الْمَسْعُودِيُّ: مِمَّنِ اخْتَلَطَ، وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ، وَهُوَ أَخُو أَبِي الْعُمَيْسِ عُتْبَةَ الْمَسْعُودِيِّ، ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي " كِتَابِ الْمُزَكِّينَ لِلرُّوَاةِ " عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ سَمِعَ مِنَ الْمَسْعُودِيِّ فِي زَمَانِ أَبِي جَعْفَرٍ فَهُوَ صَحِيحُ السَّمَاعِ، وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي أَيَّامِ الْمَهْدِيِّ فَلَيْسَ سَمَاعُهُ بِشَيْءٍ ".
وَذَكَرَ حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: " سَمَاعُ عَاصِمٍ - هُوَ ابْنُ عَلِيٍّ - وَأَبِي النَّضْرِ وَهَؤُلَاءِ مِنَ الْمَسْعُودِيِّ بَعْدَمَا اخْتَلَطَ ".
رَبِيعَةُ الرَّأْيِ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أُسْتَاذُ مَالِكٍ: قِيلَ: إِنَّهُ تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَتُرِكَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ.

طالب: علق أحسن الله عليك، قال: وفي رمي ربيعة الرأي بالاختلاط نظر، فإن أحد لم يذكر ذلك سوى المصنف، كما يظهر من مراجعة مصادر الرجال، وقد صرح الحافظ العراقي بذلك أيضًا في شرحه للألفية.

المتن:

صَالِحُ بْنُ نَبْهَانَ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ بِنْتِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ: رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَالنَّاسُ، قَالَ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ: " تَغَيَّرَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَاخْتَلَطَ حَدِيثُهُ الْأَخِيرُ بِحَدِيثِهِ الْقَدِيمِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ، فَاسْتَحَقَّ التَّرْكَ ".

حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ: مِمَّنِ اخْتَلَطَ وَتَغَيَّرَ، ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ: ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: " اخْتَلَطَ بِأَخَرَةٍ ".
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: وَجَدْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ يَقُولُ: " أَشْهَدُ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ اخْتَلَطَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ، فَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَبَعْدَ هَذَا فَسَمَاعُهُ لَا شَيْءَ "، قُلْتُ: تُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ سَنَتَيْنِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ.

عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ: ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ عَمِيَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، فَكَانَ يُلَقَّنُ فَيَتَلَقَّنُ، فَسَمَاعُ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَمَا عَمِيَ لَا شَيْءَ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: " فِيهِ نَظَرٌ لِمَنْ كَتَبَ عَنْهُ بِأَخَرَةٍ ".
قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا نَحْمِلُ قَوْلَ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْعَظِيمِ لَمَّا رَجَعَ مِنْ صَنْعَاءَ: " وَاللَّهِ لَقَدْ تَجَشَّمْتُ إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَإِنَّهُ لَكَذَّابٌ، وَالْوَاقِدِيُّ أَصْدَقُ مِنْهُ ".

(الشرح):

 يحصل عليه بعض (.....) هذا قدم عليه.

(المتن):

قُلْتُ: قَدْ وَجَدْتُ فِيمَا رُوِيَ عَنِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَحَادِيثَ اسْتَنْكَرْتُهَا جِدًّا، فَأَحَلْتُ أَمْرَهَا عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ سَمَاعَ الدَّبَرِيِّ مِنْهُ مُتَأَخِّرٌ جِدًّا "، قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: مَاتَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَلِلدَّبَرِيِّ سِتُّ سِنِينَ أَوْ سَبْعُ سِنِينَ.
وَنَحْصُلُ أَيْضًا فِي نَظَرٍ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْعَوَالِي الْوَاقِعَةِ عَمَّنْ تَأَخَّرَ سَمَاعُهُ مِنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَأَشْبَاهِهِ.
عَارِمٌ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَبُو النُّعْمَانِ: اخْتَلَطَ بِأَخَرَةٍ، فَمَا رَوَاهُ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْحُفَّاظِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا عَنْهُ قَبْلَ اخْتَلَاطِهِ.
أَبُو قِلَابَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ: رُوِّينَا عَنِ الْإِمَامِ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ بِالْبَصْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ وَيَخْرُجَ إِلَى بَغْدَاذَ.
وَمِمَّنْ بَلَغَنَا عَنْهُ ذَلِكَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَبُو أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ الْجُرْجَانِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ حَفِيدُ الْإِمَامِ ابْنِ خُزَيْمَةَ: ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الْبَرْذَعِيُّ ثُمَّ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي مُعْجَمِهِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُمَا اخْتَلَطَا فِي آخِرِ عُمْرِهِمَا.
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ الْقَطِيعِيُّ: رَاوِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ اخْتَلَّ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَخَرِفَ حَتَّى كَانَ لَا يَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا يُقْرَأُ عَلَيْهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مُحْتَجًّا بِرِوَايَتِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَإِنَّا نَعْرِفُ عَلَى الْجُمْلَةِ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا تَمَيَّزَ، وَكَانَ مَأْخُوذًا عَنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الطالب: (.....)

الشيخ: يعني شئ خفيف يعني يرد يوصف به كثير من العلماء (.....) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام أبي عمرو ابن الصلاح، رحمنا الله وإياه:

المتن:

النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ: مَعْرِفَةُ طَبَقَاتِ الرُّوَاةِ وَالْعُلَمَاءِ
وَذَلِكَ مِنَ الْمُهِمَّاتِ الَّتِي افْتَضَحَ بِسَبَبِ الْجَهْلِ بِهَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ وَغَيْرِهِمْ.
وَكِتَابُ الطَّبَقَاتِ الْكَبِيرُ لِمُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ كَاتِبِ الْوَاقِدِيِّ كِتَابٌ حَفِيلٌ كَثِيرُ الْفَوَائِدِ، وَهُوَ ثِقَةٌ، غَيْرَ أَنَّهُ كَثِيرُ الرِّوَايَةِ فِيهِ عَنِ الضُّعَفَاءِ، وَمِنْهُمُ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الَّذِي لَا يَنْسُبُهُ.

وَالطَّبَقَةُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنِ الْقَوْمِ الْمُتَشَابِهِينَ، وَعِنْدَ هَذَا فَرُبَّ شَخْصَيْنِ يَكُونَانِ مِنْ طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ لِتَشَابُهِهِمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى جِهَةٍ، وَمِنْ طَبَقَتَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى لَا يَتَشَابَهَانِ فِيهَا، فَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ مَعَ الْعَشَرَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ إِذَا نَظَرْنَا إِلَى تَشَابُهِهِمْ فِي أَصْلِ صِفَةِ الصُّحْبَةِ.
وَعَلَى هَذَا فَالصَّحَابَةُ بِأَسْرِهِمْ طَبَقَةٌ أُولَى، وَالتَّابِعُونَ طَبَقَةٌ ثَانِيَةٌ، وَأَتْبَاعُ التَّابِعِينَ ثَالِثَةٌ، وَهَلُمَّ جَرًّا.
وَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى تَفَاوُتِ الصَّحَابَةِ فِي سَوَابِقِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ كَانُوا - عَلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ -

(الشرح)

" من الطبقات، مراتب".

المتن:

بِضْعَ عَشْرَةَ طَبَقَةً، وَلَا يَكُونُ عِنْدَ هَذَا أَنَسٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَبَقَةِ الْعَشَرَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ، بَلْ دُونَهُمْ بِطَبَقَاتٍ.
وَالْبَاحِثُ النَّاظِرُ فِي هَذَا الْفَنِّ يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْمَوَالِيدِ وَالْوَفَيَاتِ، وَمَنْ أَخَذُوا عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ عَنْهُمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ: مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي مِنَ الرُّوَاةِ وَالْعُلَمَاءِ

 وَأَهَمُّ ذَلِكَ مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي الْمَنْسُوبِينَ إِلَى الْقَبَائِلِ بِوَصْفِ الْإِطْلَاقِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ فِي الْمَنْسُوبِ إِلَى قَبِيلَةٍ - كَمَا إِذَا قِيلَ: " فُلَانٌ الْقُرَشِيُّ " أَنَّهُ مِنْهُمْ صَلِيبَةً

(الشرح)

صليبة يعني من أصله، إذا قال قرشي، أو تميمي، أو مزني فهم منه صليبة، يعني من صلبهم، وأحيانًا يقال:قرشي لأنه من مواليهم، منسوب إليهم، هذا ما يكون منهم صليبة، وإنما بالولاء، نسب إليهم بالولاء، يقال: (.....) يعني بالولاء، على حسب الاصطلاح في شرح الحافظ رحمه الله، وذكر مع التابعين.

طالب: ذكر في الحاشية، قال: عربي صليبة، أي خالص النسب والله أعلم.

(المتن)

فَإِذًا بَيَانُ مَنْ قِيلَ فِيهِ " قُرَشِيٌّ " مِنْ أَجْلِ كَوْنِهِ مَوْلًى لَهُمْ مُهِمٌّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يُقَالُ فِيهِ: " مَوْلَى فُلَانٍ " أَوْ " لِبَنِي فُلَانٍ " وَالْمُرَادُ بِهِ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَغْلَبُ فِي ذَلِكَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ لَفْظُ " الْمَوْلَى " وَالْمُرَادُ بِهَا وَلَاءُ الْإِسْلَامِ، وَمِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ: فَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيُّ مَوْلَاهُمْ، نُسِبَ إِلَى وَلَاءِ الْجُعْفِيِّينَ لِأَنَّ جَدَّهُ - وَأَظُنُّهُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْأَحْنَفُ - أَسْلَمَ - وَكَانَ مَجُوسِيًّا - عَلَى يَدِ الْيَمَانِ بْنِ أَخْنَسَ الْجُعْفِيِّ جَدِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيِّ الْجُعْفِيِّ أَحَدِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ.
وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى الْمَاسَرْجِسِيُّ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ: إِنَّمَا وَلَاؤُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَسْلَمَ - وَكَانَ نَصْرَانِيًّا - عَلَى يَدَيْهِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ مَوْلًى بِوَلَاءِ الْحِلْفِ وَالْمُوَالَاةِ: كَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الْإِمَامِ وَنَفَرُهُ: هُمْ أَصْبَحِيُّونَ حِمْيَرِيُّونَ صَلِيبَةً، وَهُمْ مَوَالٍ لِتَيْمِ قُرَيْشٍ بِالْحِلْفِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ جَدَّهُ مَالِكَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ كَانَ عَسِيفًا عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ أَيْ أَجِيرًا، وَطَلْحَةُ يَخْتَلِفُ بِالتِّجَارَةِ فَقِيلَ: " مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ " لِكَوْنِهِ مَعَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ.
وَهَذَا قِسْمٌ رَابِعٌ فِي ذَلِكَ: وَهُوَ نَحْوُ مَا أَسْلَفْنَاهُ فِي مِقْسَمٍ أَنَّهُ قِيلَ فِيهِ: " مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ " لِلُزُومِهِ إِيَّاهُ.
وَهَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِلْمَنْسُوبِينَ إِلَى الْقَبَائِلِ مِنْ مَوَالِيهِمْ:
أَبُو الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيُّ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ التَّابِعِيُّ، هُوَ مَوْلَى طَيِّئَ.
أَبُو الْعَالِيَةِ رُفَيْعٌ الرِّيَاحَيُّ التَّمِيمِيُّ التَّابِعِيُّ: كَانَ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي رِيَاحٍ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ الْهَاشِمِيُّ أَبُو دَاوُدَ الرَّاوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ بُحَيْنَةَ وَغَيْرِهِمَا: هُوَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ.
اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ الْمِصْرِيُّ الْفَهْمِيُّ مَوْلَاهُمْ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْمَرْوَزِيُّ الْحَنْظَلِيُّ مَوْلَاهُمْ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الْمِصْرِيُّ الْقُرَشِيُّ مَوْلَاهُمْ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ كَاتِبُ اللَّيْثِ الْجُهَنِيُّ مَوْلَاهُمْ.

وَرُبَّمَا نُسِبَ إِلَى الْقَبِيلَةِ مَوْلَى مَوْلَاهَا كَأَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ الْهَاشِمِيِّ الرَّاوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ، كَانَ مَوْلًى لِمَوْلَى هَاشِمٍ، لِأَنَّهُ مَوْلَى شُقْرَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. (وَاللَّهُ أَعْلَمُ).
رُوِّينَا ... عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: " قَدِمْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ يَا زُهْرِيُّ؟ قُلْتُ: مِنْ مَكَّةَ. قَالَ: فَمَنْ خَلَّفْتَ بِهَا يَسُودُ أَهْلَهَا؟ قُلْتُ: عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ. قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟ قَالَ: قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي. قَالَ: وَبِمَ سَادَهُمْ؟ قُلْتُ: بِالدِّيَانَةِ وَالرِّوَايَةِ. قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الدِّيَانَةِ وَالرِّوَايَةِ لَيَنْبَغِي أَنْ يَسُودُوا.
قَالَ: فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْيَمَنِ؟ قَالَ: قُلْتُ: طَاوُسُ بْنُ كَيْسَانَ. قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟ قَالَ: قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي. قَالَ: وَبِمَ سَادَهُمْ؟ قُلْتُ: بِمَا سَادَهُمْ بِهِ عَطَاءٌ. قَالَ: إِنَّهُ لَيَنْبَغِي.
قَالَ: فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ مِصْرَ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ. قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟ قَالَ: قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي.
قَالَ: فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الشَّامِ؟ قَالَ: قُلْتُ: مَكْحُولٌ. قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟ قَالَ: قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي، عَبْدٌ نَوْبِيٌّ أَعْتَقَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ هُذَيْلٍ.
قَالَ: فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْجَزِيرَةِ؟ قُلْتُ: مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ. قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟ قَالَ: قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي.
قَالَ: فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ خُرَاسَانَ؟ قَالَ: قُلْتُ: الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ. قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟ قَالَ: قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي.
قَالَ: فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ. قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟ قَالَ: قُلْتُ: مِنَ الْمَوَالِي.
قَالَ: وَيْلَكَ! فَمَنْ يَسُودُ أَهْلَ الْكُوفَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ. قَالَ: فَمِنَ الْعَرَبِ أَمْ مِنَ الْمَوَالِي؟ قَالَ: قُلْتُ: مِنَ الْعَرَبِ.
قَالَ: وَيْلَكَ يَا زُهْرِيُّ! فَرَّجْتَ عَنِّي، وَاللَّهِ لَتَسُودَنَّ الْمُوَالِي عَلَى الْعَرَبِ، حَتَّى يُخْطَبَ لَهَا عَلَى الْمَنَابِرِ وَالْعَرَبُ تَحْتَهَا. قَالَ: قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ إِنَّمَا هُوَ أَمْرُ اللَّهِ وَدِينُهُ، مَنْ حَفِظَهُ سَادَ، وَمَنْ ضَيَّعَهُ سَقَطَ ... ".
وَفِيمَا نَرْوِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: " لَمَّا مَاتَ الْعَبَادِلَةُ صَارَ الْفِقْهُ فِي جَمِيعِ الْبُلْدَانِ إِلَى الْمَوَالِي إِلَّا الْمَدِينَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ خَصَّهَا بِقُرَشِيٍّ، فَكَانَ فَقِيهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ غَيْرَ مُدَافَعٍ ".
قُلْتُ: وَفِي هَذَا بَعْضُ الْمَيْلِ، فَقَدْ كَانَ حِينَئِذٍ مِنَ الْعَرَبِ غَيْرَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ فُقَهَاءُ أَئِمَّةٌ مَشَاهِيرُ، مِنْهُمْ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ، وَجَمِيعُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ مِنْهُمُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَرَبٌ إِلَّا سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ: مَعْرِفَةُ أَوْطَانِ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانِهِمْ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المصنف رحمنا الله وإياه:

النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ: مَعْرِفَةُ أَوْطَانِ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانِهِمْ
وَذَلِكَ مِمَّا يَفْتَقِرُ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِمْ، وَمِنْ مَظَانِّ ذِكْرِهِ " الطَّبَقَاتُ " لِابْنِ سَعْدٍ.
وَقَدْ كَانَتِ الْعَرَبُ إِنَّمَا تَنْتَسِبُ إِلَى قَبَائِلِهَا فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ، وَغَلَبَ عَلَيْهِمْ سُكْنَى الْقُرَى وَالْمَدَائِنِ، حَدَثَ فِيمَا بَيْنَهُمْ الِانْتِسَابُ إِلَى الْأَوْطَانِ كَمَا كَانَتِ الْعَجَمُ تَنْتَسِبُ، وَأَضَاعَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنْسَابَهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ غَيْرُ الِانْتِسَابِ إِلَى أَوْطَانِهِمْ.

وَمَنْ كَانَ مِنَ النَّاقِلَةِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَأَرَادَ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي الِانْتِسَابِ، فَلْيَبْدَأْ بِالْأَوَّلِ، ثُمَّ بِالثَّانِي الْمُنْتَقِلِ إِلَيْهِ، وَحَسَنٌ أَنْ يُدْخِلَ عَلَى الثَّانِي كَلِمَةَ " ثُمَّ "، فَيُقَالُ فِي النَّاقِلَةِ مِنْ مِصْرَ إِلَى دِمَشْقَ مَثَلًا: " فُلَانٌ الْمِصْرِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ ".
وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى بَلْدَةٍ فَجَائِزٌ أَنْ يَنْتَسِبَ إِلَى الْقَرْيَةِ، وَإِلَى الْبَلْدَةِ أَيْضًا، وَإِلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي مِنْهَا تِلْكَ الْبَلْدَةُ أَيْضًا.
وَلْنَقْتَدِ بِالْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ، فَنَرْوِي أَحَادِيثَ بِأَسَانِيدِهَا، مُنَبِّهِينَ عَلَى بِلَادِ رُوَاتِهَا، وَمُسْتَحْسَنٌ مِنَ الْحَافِظِ أَنْ يُورِدَ الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ، ثُمَّ يَذْكُرَ أَوْطَانَ رِجَالِهِ وَاحِدًا فَوَاحِدًا، وَهَكَذَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ.
أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ الْمُسْنِدُ الْمُعَمَّرُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرْمَكِيُّ، قَالَ: أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ مَاسِي، قَالَ: ثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَجِّيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا هِجْرَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ قَالَ: ثَلَاثِ لَيَالٍ.

‏‏ (الشرح)

 سند طويل " الهجرة" يعني هاجر لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث أيام، الهجر هو التخاصم، هذا من أجل الدنيا، يجوز يوم يومين، إلى ثلاث.

أما الهجرة من أجل الدين، فيهجر حتى يتوب، والنبي ﷺ هجر كعب بن مالك وصاحباه هلال بن أمية ومرارة بن الربيع والمسلون خمسون ليلة هجروهم حتى تاب الله عليهم.

سؤال: من أجل الدين لا ينفع؟

الجواب: من أجل الدين، يهجر، الصواب أنه كما حكا شيخ الإسلام وغيره، إذا ما نفع، إذا كان الهجر لا ينفع لا يحسب، مثل في النصيحة ، الهجر كالدواء، بعض الناس يريد من الهجر سوءا إذا كان مفيد يهجر لأن النبي  ﷺهجر الثلاثة ولم يهجر المنافقين

سؤال: حتى لو كان من أجل الدين؟

الجواب: نعم حتى لو كان من أجل الدين، شيخ الإسلام ابن تيميه ومعه الحق يقول: أن الهجر كالدواء، إذا كان مفيد أستعمله، لأن النبي هجر الثلاثة، ولم يهجر المنافقين فدل على أنه كالدواء، إذا كان يفيد يحسن، وإذا كان ما يفيد، يستمر بالنصيحة ولا يحسن.

المتن:

أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ الْمُسْنِدُ أَبُو الْحَسَنِ الْمُؤَيَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِنَيْسَابُورَ عَوْدًا عَلَى بَدْءٍ، مِنْ ذَلِكَ مَرَّةً عَلَى رَأْسِ قَبْرِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: أَنَا فَقِيهُ الْحَرَمِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْفَرَاوِيُّ عِنْدَ قَبْرِ مُسْلِمٍ أَيْضًا (ح) وَأَخْبَرَتْنِي أُمُّ الْمُؤَيَّدِ زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّعْرِيِّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهَا بِنَيْسَابُورَ مَرَّةً، وَبِقِرَاءَةِ غَيْرِي مَرَّةً أُخْرَى - رَحِمَهَا اللَّهُ - قُلْتُ: أَخْبَرَكِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْقَارِئُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَا: أَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ، قَالَ: أَنَا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ، قَالَ: أَنَا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَجِّيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قُلْتُ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ " قَالَ: تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ، فَذَلِكَ نَصْرُكَ إِيَّاهُ.

الْحَدِيثَانِ عَالِيَانِ فِي السَّمَاعِ مَعَ نَظَافَةِ السَّنَدِ وَصِحَّةِ الْمَتْنِ، وَأَنَسٌ فِي الْأَوَّلِ، فَمَنْ دُونَهُ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ بَصْرِيُّونَ، وَمَنْ بَعْدَ أَبِي مُسْلِمٍ إِلَى شَيْخِنَا فِيهِ بَغْدَاذِيُّونَ، وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي أَنَسٌ فَمَنْ دُونَهُ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ بَصْرِيُّونَ، وَمَنْ بَعْدَهُ مِنِ ابْنِ نُجَيْدٍ إِلَى شَيْخِنَا نَيْسَابُورِيُّونَ.
أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ الزَّكِيُّ أَبُو الْفَتْحِ مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ أَبِي الْبَرَكَاتِ ابْنِ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْفَرَاوِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِنَيْسَابُورَ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: أَنَا جَدِّي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَحِيرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدُونٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ مَكِّيُّ بْنُ عَبْدَانَ، قَالَ: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّ وَرَّادًا مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، كَتَبَ ذَلِكَ الْكِتَابَ لَهُ وَرَّادٌ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ حِينَ يُسَلِّمُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجِدِّ مِنْكَ الْجَدُّ.

الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَوَرَّادٌ، وَعَبْدَةُ كُوفِيُّونَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ مَكِّيٌّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ صَنْعَانِيٌّ يَمَانٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ فَشَيْخُنَا وَمَنْ بَيْنَهُمَا أَجْمَعُونَ نَيْسَابُورِيُّونَ.

هذا نسبة إلى الأوطان والبلدان.

وَلِلَّهِ سُبْحَانَهُ الْحَمْدُ الْأَتَمُّ عَلَى مَا أَسْبَغَ مِنْ إِفْضَالِهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْأَفْضَلَانِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَعَلَى سَائِرِ النَّبِيِّينَ وَآلِ كُلٍّ، نِهَايَةَ مَا يَسْأَلُ السَّائِلُونَ، وَغَايَةَ مَا يَأْمُلُ الْآمِلُونَ.
آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ.
logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد