(متن)
قال أبو محمد عبد الله بن أبى زيد القيرواني وأرضاه :
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد ..
فهذه الرسالة تسمى بالرسالة القيروانية نسبة للمؤلف ؛ لأنه قيرواني -رحمة الله عليه- وهذه الرسالة على معتقد أهل السنة والجماعة وهم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.
وابتدأها ببسم الله الرحمن الرحيم وافتتحها بالحمد اقتداء بالكتاب العزيز فإن الله افتتح كتابه بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
والحمد هو الثناء على المحمود بصفاته الاختيارية مع حبه وإجلاله وتعظيمه وهو أبلغ من المدح ، فإن المدح ثناء على الممدوح بالصفات، ثناء عليه بصفاته من غير إرادة وحب، فإن كان مع الثناء حب وإرادة فهو حمد فالحمد أكمل، أكمل من المدح لأن المدح يكون بالإخبار بصفات الممدوح والثناء عليه و(قد) لا يكون معه إرادة ولا حب وإجلال ، فيثنى على الرجل الشجاع ولو لم يكن مؤمنا بشجاعته ويثنى على الأسد بقوته وإن كان الإنسان لا يحبه ولا يريده ، فإن كان مع الثناء إرادة وحب وإجلال فهو حمد ولهذا جاء الحمد في صفات الله في جناب الرب ، فقال سبحانه: الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ
ولهذا ابتدأ المؤلف رحمه الله هذه الرسالة بالبسملة بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ اقتداء بالكتاب العزيز، يعني: أستعين أبتدئ وأستعين بالله
والله هو ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين وهو أعرف المعارف لقد جاء: الله أعرف المعارف ولا يسمى به إلا الله وهو مشتمل على الألوهية وصف الألوهية.
وكل أسماء الله مشتقة ليست جامدة وهي مشتملة على المعاني والصفات الرحمن اسم واسم الله لا يسمى به إلا هو مشتمل على صفة الرحمة والرحيم اسم آخر لله لكنه من الأسماء المشتركة.
يعني أسماء الله نوعان :
النوع الأول: لا يسمى به إلا هو، مثل : الله لفظ الجلالة ، الرحمن ، مالك الملك ، خالق الخلق ، ملك الملوك ، رب العالمين ، ذو الجلال والإكرام ، النافع والضار ، المعطي المانع هذا لا يسمى به الا هو .
وهناك أسماء مشتركة تطلق على الله وعلى غيره والله تعالى له الكمال فإذا سمي بها الخالق فلله تعالى الكمال وإذا سمي بها المخلوق فله ما يليق به مثل : الرحيم يطلق على المخلوق وعلى الخالق ، السميع ، والبصير ، والعزيز، والحي ، هذه الأسماء يسمي بها الله ويسمي بها غيره ، يقول الله: يُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ، هَل أَتى عَلَى الإِنسانِ حينٌ مِنَ الدَّهرِ لَم يَكُن شَيئًا مَذكورًا إِنّا خَلَقنَا الإِنسانَ مِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ نَبتَليهِ فَجَعَلناهُ سَميعًا بَصيرًا سماه سميعا بصيرا ومن أسماء الله السميع البصير وهو السميع البصير ، الرحيم من الأسماء المشتركة .
(متن)
الشرح:
الحمد لله، حمِد الله على ماله من النعم والأفعال الاختيارية الحمد لله الذي ابتدأ الإنسان بنعمه والإنسان جنس. ابتدأ الإنسان بنعمه فأوجده من العدم وهذا عام لكل إنسان الله تعالى ابتداه بالنعم حيث أوجده من العدم خلقه وهذه نعمة عظيمة ثم امتن على المسلم بأن هداه للإسلام ووفقه للإيمان.
(متن)
الشرح:
صوره، صور الله الانسان في الأرحام كيف يشاء ، كما قال سبحانه: هُوَ الَّذي يُصَوِّرُكُم فِي الأَرحامِ كَيفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ.
و من أسماء الله المصور وهذا الاسم العظيم له أثر عظيم، أثر هذا الاسم العظيم في مخلوقات الله ، أثره يبهر العقول فهؤلاء الآدميون الناس من بني آدم من أول ما خلق الله آدم إلى أن تنتهي الدنيا كلهم طبعهم الله على صورة، صوّرهم كيف يشاء ومع ذلك لا تجد صورتين تشتبهين اشتباهاً لا يفرق بينهما طبع هذه الصور ، هو المصور سبحانه هُوَ اللَّهُ الخالِقُ البارِئُ المُصَوِّرُ، طبع هذه الصور وصورها في الأرحام كيف يشاء ولله الحكمة البالغة ، فلا تجد صورتين من بني آدم تشتبهان اشتباهاً عظيماً بحيث لا يمكن تمييز أحدهما عن الآخر بل لابد أن يكون هناك فرق.
وذكر العلاّمة ابن القيم رحمه الله شيئاً من الحكم في هذا، وقال إن الله تعالى له الحكمة البالغة في ذلك ولو كان الناس يشتبهون اشتباهاً لا يفرق بين أحدهما لحصل ضرر عظيم وحصل اشتباه في أمور عظيمة، حصل اشتباه بينهما ولو كان هناك تماثل من جميع الصفات، للنساء لما عرف الإنسان زوجته من أمه من أخته ولم يعرف ولده من أخيه وكيف يعرف توصل الأموال إلى أصحابها والحقوق إلى أصحابها لكن الله له الحكمة البالغة فهو طبع هذه الصور على كثرتها وجعل بينها فرقاً يميز بعضها من بعض وله الحكمة البالغة هو الله الخالق البارئ المصور.
وقال العلامة ابن القيم: إنك تجد السرب من القطا تجده متشابه لا تفرق بينها مشتبهه لا تستطيع أن تفرق بينها ولكن الله فرّق بين الناس من الآدميين وله الحكمة البالغة، والقطا والسرب القطا اذا تشابهت لا يحصل ضرر على الناس قد يملكها الإنسان، يصيدها ولا يحصل اشتباه ، لكن لو اشتبه البشر الادميون من ذكور وإناث في صورهم بحيث لا يمكن تميز بعضهم من بعض لحصل أضرار عظيمة كما سمعتم، فهو صور عباده على مقتضى حكمته وإرادته وعلمه هُوَ الَّذي يُصَوِّرُكُم فِي الأَرحامِ كَيفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ.
فمن أسمائه الخالق ، البارئ ، المصور، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر، كل هذه الأسماء وغيرها مما ورد في الكتاب والسنة يجب على المسلم ان يثبتها وأن يتخذ منها أسماء حسنى وان يعلم انها أسماء مشتقة مشتملة على المعاني ليست جامدة.
( متن)
(الشرح)
يعني ظاهر سياق العبارة : يعني أبرزه إلى هذا الوجود ، خلق الانسان ابتدأه بنعمه أوجده من العدم وصوره سبحانه كيف يشاء في الأرحام كيف يشاء وأوجده إلى الدنيا وأخرجه إلى هذه الأرض.
( متن)
(الشرح)
أبرزه إلى هذه الأرض ويسّر له الرزق ، والله تعالى تكفل برزق العباد قال سبحانه وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ إِلّا عَلَى اللَّهِ رِزقُها فالله تعالى يسّر الرزق ، فإذا كان الإنسان في بطن أمه فإن الله تعالى يسّر له الرزق من طريق واحد وهو أن غذائه يأتيه من طريق واحد وهو السُرة ، الدم الدم عن طريق السُرة هذا غذائه من طريق واحد ، فإذا وُلد وخرج إلى هذه الدنيا أتاه الرزق من طريقين من بابين وهما الثديان ثديا أمه فإذا رضع وفطم فطم عن الرضاع أتاه رزقه من أربعة طرق ، من الأطعمة والمذاقات واللحوم من الأطعمة من الحبوب واللحوم والمياه والفواكه يجمعها (.....) إلى أربعة أنواع فإذا مات وكان سعيداً أتاه رزقه من ثمانية طرق وهي أبواب الجنة الثمانية يدخلها من أيها شاء وهذا من تيسير الله تعالى الرزق لعبادة .
( متن)
(الشرح)
من عناية الله تعالى بهذا الإنسان أن الله علمه مالم يكن يعلم ومن ذلك أن الله لمّا خلق أبانا آدم عليه الصلاة والسلام علمه أسماء كل شيء ، خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته ، وعلمه أسماء كل شيء ، قال سبحانه: وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُم عَلَى المَلائِكَةِ فَقالَ أَنبِئوني بِأَسماءِ هؤُلاءِ إِن كُنتُم صادِقينَ.
قال العلماء علمه أسماء كل شيء ، المكبر والمصغر ، البيت والبُييت، قال كما قال بعض السلف : حتى الفسوة والفُسيَّة يعني المكبر والمصغر ، علمه أسماء كل شيء وبهذا ظهر فضله على الملائكة ، وقال للملائكة : أَنبِئوني بِأَسماءِ هؤُلاءِ فلم يعلموا ، فقال الله لآدم: أَنبِئهُم بِأَسمائِهِم فأنبأهم بأسمائهم، فلمّا أنبأهم بأسمائهم قال الله للملائكة :قالَ أَلَم أَقُل لَكُم إِنّي أَعلَمُ غَيبَ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَأَعلَمُ ما تُبدونَ وَما كُنتُم تَكتُمونَ.
(متن)
(الشرح)
لا شك أن فضل الله عظيم على هذا الإنسان حيث ميزه عن الحيوانات بالعقل وسخر له ما في السماوات وما في الأرض وما في البحر وما في الجو كل هذا مسخر لبني آدم وهيأ الملائكة يحفظونه ويكتبون أعماله كل هذا من العناية بهذا الإنسان وإذا منّ الله عليه بالإسلام فإنها تمت النعمة عليه على هذا الإنسان .
(متن)
الشرح:
نبهه يعني أوضح له وبين له آثار صنعته في السماوات وفي الأرض فإن الله تعالى هو خالق السماوات والأرض أعطى الإنسان عقل حتى يتنبه وينظر آثار صُنع الله ويستدل بها على قدرته ووحدانيته واستحقاقه العبادة
تَأمّل فِي رِيَاضِ الأَرضِ وَاِنظُر | إِلَى آثارِ مَا صَنَعَ المَلِيكُ |
عُيونٍ مِن لُجَينٍ شَاخِصَاتٌ | بِأَحدَاقٍ هِيَ الذَهب السَبيكُ |
فالله تعالى أعطى الإنسان العقل يفكر وينظر ويستدل بآثار صنعة الله على قدرته ووحدانيته واستحقاقه للعبادة ، ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
(متن)
(الشرح)
أعذر الله إليه بأن قطع معذرته وحجته ، فأرسل الرُسل وأنزل الكتب تبيّن للناس الأمر الذي خُلقوا له ، وأن الله خلقهم لعبادته وتوحيده وطاعته وأن الله ألزمهم بطاعة الرُسل وأوجب عليهم وألزمهم باتباع الأوامر ونهاهم وحذرهم من اتباع من سلوك حذرهم من اجتراح المحرمات فانقطعت بذلك معذرتهم ولم يبق لهم حجة ، أرسل الله الرُسل لقطع حجة الناس ومعذرتهم رُسُلًا مُبَشِّرينَ وَمُنذِرينَ لِئَلّا يَكونَ لِلنّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ فقامت عليهم بذلك الحجة وانقطعت بها المعذرة مَن عَمِلَ صالِحًا فَلِنَفسِهِ وَمَن أَساءَ فَعَلَيها وَما رَبُّكَ بِظَلّامٍ لِلعَبيدِ.
(متن)
(الشرح)
لمّا ارسل الله الرُسل وأنزل الكتب انقسم الناس إلى قسمين :
قسم هداهم الله فضلًا منه وإحساناً ومنّه وتوفيقاً، وقسم أضله الله وخذله عدلاً منه وحكمه وله الحكمة البالغة ، يهدي من يشاء ويضل من يشاء هو العليم بأحوال عباده وما يصلحهم وله الحكمة البالغة وهو عليم بمن يصلح لغرس الكرامة فيوفقه ويهديه وعليم بمن ليس أهلا لذلك فيخذله ويشقيه -و لا حول ولا قوة إلا بالله -
(متن)
(الشرح)
يسر المسلمين لليسرى وجنبهم العسرى يعني وسهل لهم طريق السعادة ومنّ عليهم بالهداية وقذف في قلوبهم محبة الخير وإرادة الخير وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان كما قال سبحانه : وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيكُمُ الإيمانَ وَزَيَّنَهُ في قُلوبِكُم وَكَرَّهَ إِلَيكُمُ الكُفرَ وَالفُسوقَ وَالعِصيانَ أُولئِكَ هُمُ الرّاشِدونَ فَضلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعمَةً.
(متن)
(الشرح)
شرح صدورهم وجعلهم يقبلون الحق وينتفعون بالمواعظ فَذَكِّر إِن نَفَعَتِ الذِّكرى، وَذَكِّر فَإِنَّ الذِّكرى تَنفَعُ المُؤمِنينَ فالله تعالى شرح صدور المؤمنين ونورها وقذف في قلوب فيها محبة الخير وخذل آخرين فلم تنشرح صدورهم للحق ولم يقبلوا الحق فخذلهم عدلاً منه وحكمة .
(متن)
(الشرح)
فآمنوا بالله بألسنتهم واعتقدوا وصدقوا بقلوبهم وعملوا بجوارحهم هذا هو الإيمان، الإيمان، إقرار باللسان ونطق باللسان ، وتصديق بالقلب ، وعمل بالقلب ، وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية هذا هو الإيمان عند أهل السنة والجماعة ، أن يُقر الإنسان بلسانه ينطق بلسانه يشهد أن لا إله إلا الله ، يشهد لله تعالى بالوحدانية ، ولنبيه محمد ﷺ بالرسالة ويقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله ، بلسانه ويصدق بقلبه يكون قلبه مصدق ومُقر ومعترف ويعمل بقلبه يكون عنده نيّة وإخلاص وصدق ومحبة ورغبة ورهبة وخوف ورجاء ويعمل بجوارحه ، يصلي ، يزكي ، ويصوم ، يحج ، ينتهي عمّا حرمه الله عليه ، هذا هو الإيمان قول باللسان ، تصديق بالقلب ، قول اللسان وقول القلب ، قول اللسان هو : النطق ، وقول القلب: التصديق والإقرار ، وعمل القلب وهو : النيّة والإخلاص وعمل الجوارح كالصلاة ، والصيام ، والزكاة ، والحج يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية إذا أطاع الإنسان ربه زاد إيمانه وقوي وإذا عصى ربه ضعف إيمانه وقلّ ونقص .
(متن)
(الشرح)
هذا هو الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح بما جاءته به الرُسل أداء للفرائض والواجبات وترك للمحرمات والمنهيات.
(متن)
(شرح )
تعلموا ما علمهم الله في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ تفقهوا في الدين الله وتبصروا ومن فقهه الله في الدين وبصره فقد أراد به خيرًا كما ثبت في الصحيحين من حديث معاوية بن أبي سفيان أن النبي ﷺ قال : مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ تعلموا ما علمهم الله .
(متن)
(الشرح)
وقفوا عند ما حدّ الله لهم وقفوا عند حدود الله عند المحارم لم يتجاوزوها ولم يستبيحوها والحدود تطلق على الواجبات وتطلق على المحرمات ، فالواجبات لابد من أدائها والمحرمات لابد من الوقوف عندها وعدم اجتراحها تِلكَ حُدودُ اللَّهِ فَلا تَعتَدُوهَا لا تتجاوزوها هذه حدود الواجبات ، والحدود المحرمات تِلكَ حُدودُ اللَّهِ فَلا تَقرَبوها فالمحرمات لا يقربها الإنسان الحدود تطلق على المحرمات تِلكَ حُدودُ اللَّهِ فَلا تَقرَبوها وهي المحرمات لا تقربوا حدود الله المحرمات تِلكَ حُدودُ اللَّهِ فَلا تَعتَدُوهَا وهي الواجبات فلا تتجاوزوها.
(متن)
(الشرح)
هؤلاء المؤمنون استغنوا بما أحل الله لهم عمّا حرم عليهم ، استغنوا بالحلال عن الحرام ، أحلّ الله للمسلم الأكل والشرب مما أباح الله فلم يتناول المحرمات ، لم يشرب مسكرًا استغناء بالحلال بما أحل الله من الأشربة الطيبة، من الماء ، والألبان وأنواع المشروبات وتركوا المحرمات استغنوا بما احل الله لهم من الأطعمة اللذيذة من الأطعمة التي أحلها الله من الألبان ، والمياه ، والنباتات ، واللحوم وتركوا ما حرم الله عليهم من الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير، استغنوا بالحلال بالنكاح عن الحرام عن الزنا والفواحش استغناء بما أحل الله ، احل الله الزواج ، استغنوا بالحلال بما احل الله لهم من زوجة ومُلك اليمين وتركوا الحرام وهو الزنا والسفاح سواء كان في علن أو في سر فالنكاح علانية يسمى سفاح والنكاح سرًا يُسمى اتخاذ الأخدان كما قال تعالى غَيرَ مُسافِحينَ وَلا مُتَّخِذي أَخدانٍ فالسفاح هو الزنا جهرًا واتخاذ الأخدان هو الزنا سرًا
(متن)
أَمَّا بَعْدُ:
أَعَانَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ عَلَى رِعَايَةِ وَدَائِعِهِ، وَحِفْظِ مَا أَوْدَعَنَا مِنْ شَرَائِعِهِ
(الشرح)
أمّا بعد هذا الكلمة يؤتى بها للانتقال من شيء إلى شيء ، فالمؤلف -رحمه الله- انتقل من خطبة الرسالة إلى الدخول في صُلب الموضوع ، وهذه الكلمة أمّا بعد كان النبي ﷺ يستخدمها في خطبه فثبت أن النبي ﷺ إذا خطب بالناس يوم الجمعة يقول أَمَّا بَعدُ: فإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ ، يُقال أن أول من قالها داود وأنه من فصل الخطاب الذي أوتيه قال تعالى : وَآتَيناهُ الحِكمَةَ وَفَصلَ الخِطابِ. و قيل أن أول من قالها قس بن ساعدة الإيادي.
فالمقصود أن كلمة أمّا بعد هذه كلمة استعمالها مشروع اقتداءً بالنبي ﷺ فإنه كان يقول في خطبه ورسائله أَمَّا بَعدُ عليه الصلاة والسلام انتقال من شيء الى شيء انتقل المؤلف من الخطبة الى الدخول في الموضوع .
(متن)
أَمَّا بَعْدُ:
أَعَانَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ عَلَى رِعَايَةِ وَدَائِعِهِ، وَحِفْظِ مَا أَوْدَعَنَا مِنْ شَرَائِعِهِ
(الشرح)
هذا دعاء من المؤلف -رحمه الله- لطالب العلم وهذا من نصحه -رحمه الله - أنه يعلمك ويدعو لك يجمع الأمرين فهو يعلمك ويرشدك ويدعو لك قال: أعاننا الله وإياك على رعاية ودائعه أعاننا الله على رعاية الوديعة ما استودعت من الأمانات ، الله تعالى أودعك أمانات واسترعاك عليها عطاك السمع والبصر والفؤاد والعقل هذه ودائع أمرك أن تستعملها في طاعة الله وتراعي هذه الودائع فلا تستعملها في معصية الله فاستعمل سمعك فاسمع ما شرع الله لك وما أباح لك وتحذر من سماع المحرم سماع الغيبة أو النميمة أو السباب أو الشتام كذلك بصرك وديعة عندك وامانة تستعمله في طاعة الله فلا تنظر به الى المحرمات وتنظر به الى ما شرع الله وما اباح الله لك ، وفؤادك ايضاً اعطاك الله الفؤاد والقلب جعلك عاقلًا تستعمل عقلك في طاعة الله وتحذر من استعمال هذه الوديعة في ما حرم الله فالمؤلف يسأل الله يدعو لك يدعوا لطالب العلم له ولنفسه ان يدعوا الله الإعانة على رعاية هذه الودائع والإسلام وديعة عندك لمّا منّ الله عليك بالإسلام فهو وديعة عليك أن تراعي هذه الوديعة وان تحافظ على هذه النعمة نعمة الإسلام فلا تعمل ما يخالف شرع الله ودينه فإن الإسلام هو الإستسلام لله تعالى بالتوحيد والإنقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك واهله فتستلسم لله بالتوحيد وتنقاد له بالطاعة وتحذر الشرك تتبرأ من الشرك واهله فهذا الاسلام وديعة لمّا منّ الله عليك بالإسلام فحافظ على هذه الوديعة من الإخلال بها حافظ على سمعك وبصرك وفؤادك وصحتك التي اودعك الله إياها واستعملها في طاعة الله .
(متن)
أَمَّا بَعْدُ:
أَعَانَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ عَلَى رِعَايَةِ وَدَائِعِهِ، وَحِفْظِ مَا أَوْدَعَنَا مِنْ شَرَائِعِهِ
(شرح )
وحفظ ما اودعنا من شرائعه اودعنا الله تعالى شرائعه شرع لنا في كتاب وعلى لسان رسوله ﷺ شرائعه ، شرع لنا ان نعبد الله مخلصين له الدين وان نحافظ على توحيدنا وإيماننا وإسلامنا من ما ينقض هذا الدين وهذا الإسلام أو يجرحه أو يضعفه من الشرك وذرائع الشرك والبدع ، شرع لنا الواجبات والفرائض نؤديها الصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج وبر الوالدين وصلة الارحام شرع لنا ان ننتهي عن المحرمات وان نقف عند حدود الله فلا نتجاوز ما حد الله لنا ولا نجترح المحرمات شرع لنا البُعد عن العدوان على الناس في الدماء والبُعد عن العدوان على الناس في الاموال والبُعد عن العدوان على الناس في الاعراض كل هذا من الشرائع التي شرعها لنا واودعها واودعنا إياها .
(متن)
أَمَّا بَعْدُ:
أَعَانَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ عَلَى رِعَايَةِ وَدَائِعِهِ، وَحِفْظِ مَا أَوْدَعَنَا مِنْ شَرَائِعِهِ
(الشرح)
الشرائع الامور التي شرعها من الصلاة والزكاة والصوم والحج وبر الوالدين وحسن المعاملة وصلة الارحام وحسن الجوار وإفشاء السلام ورد السلام وتشميت العاطس وزيارة المريض واتباع الجنائز و" ابرار" المقسم ونصرة المظلوم وشرع لنا البُعد عن المحرمات البُعد عن الزنا عن الربا عن (.....) الأموال (.....) البُعد عن الرشوة عن الغش عن الخداع عن الغيبة والنميمة والسخرية والاستهزاء واحتقار الناس كل هذه من الشرائع التي شرعها لنا اوامر ونواهي .
(متن)
(الشرح)
هذا بيان سبب تأليف هذه الرسالة يبين المؤلف رحمه الله أن هذه الرسالة جواب عن سؤال موجه إليه من بعض الناس ولم يُذكر من هو السائل هل هو من تلاميذه او من إخوانه وجيرانه ، سأله فكتب هذه الرسالة جوابًا عن السؤال .
(متن)
(الشرح)
سأله أن يكتب جملة مختصرة من واجب أمور الديانة يعني من ما اوجب الله من امور الدين السائل سأل المؤلف رحمه الله ان يكتب له جملة مختصرة من ما اوجب الله من امور الدين وامور الدين اصلها وأساسها توحيد الله وإخلاص الدين له والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورُسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره هذا اصل الدين واساس منه ثم بعد ذلك الواجبات التي اوجبها والمحرمات التي حرمها ويفعل الانسان الاوامر ويترك النواهي .
(متن)
(الشرح)
يعني السائل سأل المؤلف ان يكتب جملة مختصرة من امور الدين مما تنطق به الألسنة وتعتقده القلوب وتعمله الجوارح وهذا هو مسمى الدين مسمى الإيمان ، مسمى الإيمان إقرار باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح مما تنطق به الالسنة كنطق الشهادتين الشهادة لله بالوحدانية والشهادة لنبيه محمد ﷺ بالرسالة وكذلك ما تعتقده القلوب ، القلوب تعتقد وتصدق ان الله هو رب العالمين وهو مدبرهم وخالقهم والمتصرف فيهم ومالكهم وهو الذي له الاسماء الحسنى والصفات العُلا وهو المستحق للعبادة لا يستحقها غيره وما تعمله الجوارح من الانقياد بحقوق هذا التوحيد والإيمان مما شرعه الله في كتابه أو شرعه رسوله ﷺ في سنته من الواجبات التي هي اعظمها اركان الاسلام الخمسة الشهادتان والصلاة والزكاة والصوم والحج ثم بقية شرائع الإسلام من الاوامر والنواهي .
( متن)
(الشرح)
وما يتبع هذا من الواجبات من السنن كالسنن الرواتب التي تتبع الصلوات الخمس وهي اربع ركعات قبل الظهر "بسلامين" وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر هذه السنن الرواتب "جاء" في حديث ام حبيبه رضي الله عنها عن النبي ﷺ فيما معناه مَنْ صَلَّى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وفي حديث ابن عمر عشر ركعات ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها والاثبت اربع ركعات قبل الظهر "على العمل "بحديث ام حبيبه وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر.
وهناك ايضاً من النوافل غير السنن الرواتب كأن يأتي بأربع ركعات بعد الظهر ايضاً ركعتان بعد الظهر السنه الراتبة وركعتان زيادة عمل بقول النبي ﷺ : مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ
وكذلك من النوافل المطلقة اربع ركعات قبل العصر قال ﷺ "بسلامين" : رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا
ومنها كذلك سنة الوضوء وتحية المسجد وكذلك ايضًا صلاة الضحى من السنن الرغائب المرغب فيها واقلها ركعتان بعد ارتفاع الشمس قدر رمح ما يقارب بعد طلوع الشمس بربع ساعة او ثلث ساعة الى قُبيل الظهر حتى تقف الشمس قبل الزوال.
وصلاة الليل ايضًا وهي ما بعد صلاة العشاء الى طلوع الفجر واقل صلاة الليل ركعة واحده الوتر يقرأ فيه قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وادنى الكمال ثلاث ركعات بسلامين او سلام واحد يسردها سرداً ولو اوتر بخمس او بسبع او بتسع او بإحدى عشرة او ثلاثة عشر فهو افضل ، والأفضل ان يتم إحدى عشرة او ثلاثة عشرة عملاً بحديث ان النبي ﷺ كما في حديث عائشة قالت :( ما كان رسول الله ﷺ يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ) وثبت في حديث ابن عباس انه اوتر بثلاثة عشرة ركعة وثبت ايضاً في صحيح البخاري انه ربما اوتر بتسع او ربما اوتر بسبع هذه كلها من النوافل والسنن المرغب فيها.
وكذلك ايضاً النوافل نوافل الصدقة يؤدي الانسان زكاة ماله ثم يتصدق بما تيسر في وجوه الخير على الفقراء والمساكين والمحتاجين والقرابات والمشاريع الخيرية والمساجد والمجاهدين وفي المشاريع الخيرية المتنوعة.
وكذلك الصيام يصوم رمضان ثم يتنفل يصوم الاثنين والخميس على حسب التيسير وثلاثة ايام من كل شهر واليوم التاسع والعاشر من شهر محرم وست ايام من ذي الحجة تسع ذي الحجة ست ايام من شوال وغيرها على حسب التيسير وافضل الصيام ان يصوم يوماً ويفطر يوماً اذا تيسر له ولم يشغله عن اعماله فإن كان عنده عمال عنده أولاد يُخل بواجباته (.....) فلا يصوم يصوم حسب التيسير لا يصوم يوم ويفطر يوم ويضّيع الواجبات فإن النبي ﷺ امر عبدالله بن عمرو بن العاص ان يصوم ثلاثة ايام من كل شهر لكنه (....) قال : انه يطيق اكثر من ذلك حتى اوصله الى ان قال : صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ قال : اني اطيق اكثر من ذلك حتى قال له صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا قال: اني اطيق اكثر من ذلك قال : لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ صوم الدهر صوم داود افضل الصوم صوم داود يصوم يوماً ويفطر يومًا.
وهكذا النوافل الحج والعمرة ، العمرة واجبة في العمر مرة والحج في العمر مرة ويشرع للمسلم ان يتنفل ويزداد من الخير .
(متن)
(الشرح)
وشيء من الآداب ايضاً ، السائل امره ان يكتب له جملة من امور الدين الواجبة والمستحبات وشيء من الآداب الإسلامية والأخلاق ، التعامل مع الناس بحسن الخلق و(.....) الخير لهم وكف الشر عنهم وبسط الوجه وكف الأذى وبذل الندى وفعل المحامد وترك المذام (....) ذلك من الآداب رد السلام ، إبتداء السلام ، والسواك وغير ذلك من الآداب .
(متن)
(الشرح)
كذلك ايضًا طلب أن يبين شيئًا من جُمل من اصول الفقه وفنونه مما يتعلق بأصول الفقه والقواعد في اصول الفقه ، القواعد في الامر وفي النهي ، وفي العام وفي الخاص وفي الاجتهاد والتقليد والمطلق والمقيّد الى غير ذلك من الجمل المعروفة التي قعدها أهل الأصول ونوعوها .
(متن)
(الشرح)
واراد السائل ان يكون هذا على مذهب الإمام مالك بن انس امام دار الهجرة -رحمه الله- وطريقته .
(متن)
(الشرح)
يقول إذا اشكل شيء من هذه الأمور طلب منه ان يذكر تفسير الراسخين في العلم وهم العلماء الذين بلغوا (.....) من العلم ورسخ العلم في قلوبهم يبين له ما يشكل عليه من تفسير الراسخين وبيان المتفقهين يعني وما يبينه الفقهاء .
(متن)
(الشرح)
لعله لما رغبت او لما رغبت فيه من تعليم الولدان كما تعلمه سورة القرآن ، العبارة فيها ركاكة كأنه يقول يريد ان تكون هذا المطلب فيه تعليم للولدان يتعلمونه كما يتعلمون حروف القرآن ، ولو طلب السائل على سنة الرسول ﷺ لإن الامام مالك ليس معصوم كغيره قد يخطئ وقد يُصيب ولو قال على هدي النبي ﷺ او على مقتضى ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ لكان اولى .
(متن)
(الشرح)
هذا يدل على انه يريد ان تكون هذه العقيدة او هذه الجُملة التي يكتبها يتعلمها الصبيان والولدان حتى ترسخ في نفوسهم وتكون عقيدة لهم .
(متن)
(الشرح)
حتى يتعلمون منذ الصغر فترسخ في نفوسهم واذهانهم شريعة الله وما اوجبه الله فتكون عقيدة راسخة في قلوبهم ينشؤون عليها .
(متن)
(الشرح)
تكون العاقبة حميدة ، إذا تعلم الإنسان الصبي ورسخت العقيدة ، عقيدة اهل السنة والجماعة المأخوذة من كتاب الله وسنة نبيه ﷺ ورسخت في قلبه وثبتت في نفسه فإنه يكون عنده حصانة دينية ترد عنه الشُبه ، شبه أهل البدع والضلال وأهل الزيغ والإنحراف .
(متن)
(الشرح)
قال المؤلف فأجبتك إلى ذلك "فإن" المؤلف -رحمه الله- اجاب سؤال السائل وكتب له هذه الرسالة .
(متن)
(الشرح)
قال المؤلف إني اُجيبك لإني أرجو ثواب الله لمن علم دين الله أرجوا ثواب الله لي ولك فأنت تتعلم فلك ثواب المتعلمين وانا اعلم فلك ثواب المعلمين فأنا اُجيبك على سؤالك لما ارجوه من الثواب لي ولك .
(متن)
(الشرح)
هذه نصيحة له ، نصيحة للسائل وهي نصيحة لكل احد ، يقول إعلم أن خير القلوب اوعاها للخير ، خير القلوب التي تكون وعاء للخير وعاء يستقر فيها الخير ويثبت فيها الهدى هذا خير القلوب ، القلوب التي تكون وعاء للخير يستقر فيها ويثبت فيها ، وشر القلوب من لا يستقر فيها الخير يزِلُ عنها ويمرها مرورًا ثم يخرج عنها ولا يستقر فيها فخير القلوب ما كانت وعاء للخير يثبت فيها الخير ويستقر فيها ، وشر القلوب ما كانت وعاء للشر ولا تأثير للخير فيها بل يمر فيها الخير ويزِلُ عنها كما يزِلُ المطر إذا سقط على الحجر الاملس فلا حول ولا قوة إلا بالله .
( متن)
( شرح )
ارجى القلوب للخير الذي يرجى له ان يكون فيه خير ما سبق الى الخير .
(متن)
(الشرح)
ارجى القلوب للخير ما لم يسبق إليه الشر بل سبق إليه الخير واستقر فيه والشر لم يسبقه فإن سبقه الشر واستقر فيه صعُب إخراجه فأرجى القلوب للخير ما لم يسبق إليه الشر بل سبق إليه الخير وثبت فيه .
(متن)
(الشرح)
أولى ما عُنيَ به الناصحون ورغب فيه اهل الخير هو إيصال الخير الى أولاد المسلمين وتعليمهم امور الديانة وامور العقيدة منذ الصغر حتى ترسخ في اذهانهم وقلوبهم وتكون عقيدة راسخة في نفوسهم .
(متن)
(الشرح)
تنبيههم يعني توضيح ، التوضيح لهم معالم الدين واموره المهمة .
(متن)
(الشرح)
كذلك تعليم الحدود من الشريعة يشمل الواجبات والمحرمات ليرتاضوها وتروض نفوسهم على محبة الخير محبة الخير وكراهة الشر وفعل الاوامر وترك النواهي .
(متن)
(الشرح)
كذلك ايضًا ما وجب عليهم اعتقاده من الدين فإنه يستقر في نفوسهم .
( متن)
(الشرح)
هذا هو الواجب على الانسان ان يعتقد بقلبه ما اوجب الله ثم يعمل بجوارحه .
(متن)
(الشرح)
هذا المرويّ يحتاج إلى إثبات والمؤلف ساقه بصيغة التقرير وروي يحتاج الى ثبوت تعليم الصغار والاطفال يُطفئ غضب الرب هذا يحتاج الى ثبوت فإن ثبت "فعلى الرأس والعين" وإن لم يثبت فليس لنا ان نعتقد انه حديث ان تعليم الاطفال يطفئ غضب الرب فإنه روي (....) كأنه لم يثبت عنده .
(متن)
(الشرح)
تعليم الصغار لكتاب الله هذا مطلوب ومن "التعويد" على الخير وتعليمهم ما اوجب الله عليهم تدريسهم وتعليمهم لكتاب الله الذي هو افضل الكُتب واعظم الكُتب والذي فيه الخير والهدى والصلاح هذا لا شك انه امر مهم وامر عظيم امّا هذا الحديث انه يُطفئ غضب الرب فيحتاج الى ثبوت ، هذه الرواية تحتاج الى ثبوت .
(متن)
(الشرح)
هذا من الحكم ان التعليم في الصغر كالنقش في الحجر يعني انه يثبت ، الصغير إذا علمته ثبت تعليمه في نفسه بخلاف الكبير فإنه ينسى كثيرًا ولا يستقر التعليم وينشغل بأمور الحياة امّا الصغير ليس عنده انشغال وليس عنده تفكير بأمور الدنيا فالتعليم في قلبه يثبت كالنقش في الحجر بخلاف الكبير فإنه ينشغل بأمور الدنيا فلا يستقر في ذهنه فلذلك ينبغي العناية في تعليم الصغار حتى تثبت امور الديانة في نفوسهم .
(متن)
(الشرح)
يعني يقول المؤلف -رحمه الله - إنه ذكر امثله ينتفع الصغار بحفظها .
(متن)
(الشرح)
يشرفون بعلمه لكونه من أصول الدين ومن أمور الديانة العظيمة .
(متن)
(الشرح)
يسعدون باعتقاده إذا اعتقدوا ما اوجبه الله من امور الدين الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورُسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وعملوا بجوارحهم نطقوا بالشهادتين وأدوا الصلوات الخمس كما امر الله وادى ما اوجب الله من اركان الإسلام وشرائع الإسلام شرفوا بهذا الإعتقاد وبهذا العمل .
(متن)
(الشرح)
هذا ثابت في الحديث "روى النبي" ﷺ مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ.
(متن)
(الشرح)
إذا كان النبي ﷺ امر ان يؤمر الصغار للصلاة لسبع ويضربوا عليها إذا بلغوا عشراً ويُفرق بينهم في المضاجع فمن باب اولى ان يؤمروا بما اوجب الله عليهم ، يؤمروا بما اوجب الله عليهم وبما فرض عليهم فرض الله عليهم الإيمان بالله وبالملائكة والكُتب والرُسل واليوم الآخر يُعلموا هذا ويُعلموا ان الله جعل الإسلام اركان خمسة وهي الشهادتان والصلاة والزكاة والصوم والحج ويُعلموا بان برَ الوالدين واجب وصلة الارحام واجب ويبين لهم أن الله حرم عليهم الاعتداء على الناس (.....) الدماء والاموال والاعراض وحرم الكذب والغيبة والنميمة والعدوان على الناس هذه فرائض ، إذا كانوا يؤمرون بالصلاة لسبع ويضربون عليها لعشر ويفرق بينهم في المضاجع فكذلك يعلمون ما فرض الله عليهم وما اوجبه عليهم بما يعتقدونه بربهم ودينهم ونبيهم عليه الصلاة والسلام وبما اوجبه عليهم من الاعمال .
(متن)
(الشرح)
الاقوال والاعمال ، الأقوال نطق الشهادتين والصدق في الحديث والشهادة "و ينهوا" عمّا حرم الله عليهم من الكذب والغيبة والنميمة وشهادة الزور ، وكذلك الاعمال التي اوجبها الله يتعلمون انها واجبة والاعمال التي حرمها الله ينهون عنها ويُحذرون منها .
(متن)
(الشرح)
يعني إذا اتى عليهم البلوغ تمكن ذلك في قلوبهم ورسخت العقيدة في نفوسهم وعلموا ما اوجبه الله وما حرمه فيسهل عليهم فعل الاوامر واجتناب النواهي بعد البلوغ .
(متن)
(الشرح)
لانه سبق لهم بيان ذلك وتثبيت ذلك في نفوسهم قبل البلوغ فإذا بلغوا سكنت نفوسهم الى هذا الامر واطمأنت قلوبهم وسهلَ عليهم فعل الاوامر وترك النواهي لانهم نُشئوا عليها وربوا عليها منذ الصغر ولذلك امر النبي ﷺ الولي ان يأمر الصبي بالصلاة لسبع ومعلوم ان ابن سبع لا تجب عليه الصلاة وان يضرب عليها لعشر ضرب تأديب لا يجرح جسدًا ولا يكسر عظمًا بل ضرب تأديب لا ضرب (.....) قتل و(.....) عليه حتى يتمرنوا ويتدربوا عليها فإذا بلغوا سهلت عليهم سهلت على نفوسهم فامتثلوا امر واجتنبوا نهيه ، وقال بعض السلف :( كَانُوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار ) قال إبراهيم النخعي : كان اصحاب عبدالله بن مسعود وهم الصحابة يضربوننا التابعون على الشهادة والعهد ونحن صغار من "ذوي" التدريب والتعليم إذا شهد زور ضربوه ، حتى إذا كذب ضربوه حتى لا يتعود الكذب ، والعهد إذا حلف اكثر من الحلف او حلف كاذبًا ضربوه حتى يتمرن ويتدرب على فعل الخير فلا يكثر من الحلف ولا يحلف كاذبًا ، ولا يكذب في الحديث ولا يشهد زوراً يؤدب منذ الصغر حتى إذا كبر وبلغ تسهل عليه (.....) الواجبات وترك المحرمات لإن نفسه تروضت على هذا الامر وسكنت النفس إليها وسهل عليها بعد ذلك الامتثال .
(متن)
(الشرح)
فرض الله على القلب اعتقادات ان يُقر ويصدق بوجود الله والوهيته واسماءه وصفاته وانه المستحق للعبادة وكذلك اوجب الله على من الواجبات على القلب الإخلاص والصدق والمحبة والانقياد والرغبة والرهبة والتوكل والاعتماد على الله كل هذه واجبات قلبيه .
(متن)
(الشرح)
اوجب الله الاعمال الصلاة ، الزكاة ، الصوم ، الحج ، وبر الوالدين ، وصلة الرحم هذه اعمال تعملها الجوارح اداء الواجبات وترك المحرمات .
(متن)
( شرح)
يعد المؤلف -رحمه الله - بأنه سيفصل للسائل ما شرطه ان يذكر له جُمل من امور الدين ما يتعلق منها بالقلب وبالبدن وباللسان وسأُفصلُها لك وابينها بابًا بابًا " يعني تُصبح ابواب " باب مثلًا فيما يتعلق بالاعتقاد وباب فيما يتعلق بالعمل وباب فيما يتعلق باللسان .
(متن)
(الشرح)
ان يكون هذا الترتيب سببا في تقريبه من الذهن (....) هذه الأمور ويرتبها بابا بابا حتى تكون قريبة من الذهن فيفهمها ويعمل بها.
(متن)
(الشرح)
يعني الى الله نستخير ونستعين بالله ، المؤلف - رحمه الله- يستخير الله في هذا الامر ويستعين به عملًا بما جاء في الحديث في حديث الاستخارة وفيه اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ فالمؤلف يقول : إياه نستخير ، استخير الله ولا استخير غيره اياه هذا تقدير الظرف بصفة الحصر والاختصار كقوله تعالى :إِيّاكَ نَعبُدُ وَإِيّاكَ نَستَعينُ إياه نستخير ، نستخير الله وبه نستعين ، ونستعين بالله ولا نستعين بغيره كقوله :إِيّاكَ نَعبُدُ وَإِيّاكَ نَستَعينُ استعين بالله واطلب العون من الله في تفصيل هذا الامر الذي وعدت به وفي جواب هذا السؤال ويستخير الله في ذلك والخيرة (.....) ان التعليم " والتأليف" إذا كان الإنسان عنده قدره وعنده إستطاعة في تعليم الناس فالخيرة في هذا الامر في الاستجابة للتعليم .
(متن)
(الشرح)
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم هذه كنز من كنوز الجنة كما جاء في حديث ابي موسى انه اتى للنبي ﷺ وهو يقول في نفسه :( لا حول ولا قوة إلا بالله ) فقال النبي ﷺ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قل لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فإنها كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ وهذا "علم من أعلام النبوة" علم النبي ﷺ ما في نفسه يقول بينه وبين نفسه لا حول ولا قوة إلا بالله فجاءه النبي ﷺ فقال له : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قل لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فإنها كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ وما ذاك الا لان هذه الكلمة فيها البراءة من الحول والقوة إلا من الله.
ومعناها لا حول يعني لا تحول من حال الى حال ولا قوة على ذلك الا بالله لا يستطيع الانسان ان يتحول من المرض الى الصحة ومن البلية الى العافية ومن الضعف الى القوة ومن الضلال الى الهداية الا بمعونة الله وتوفيقه لولا معونة الله لما استطاع الانسان ولا يستطيع ان يتحول الانسان من حال الى حال الا بالله من الشدة الى الرخاء ، من الضعف الى القوة ، من المعصية الى الطاعة ، من الضلال الى الهداية ، من المرض الى الصحة ، من الفقر الى الغنى ، من الترك الى الفعل وهكذا لا يستطيع الانسان ان يفعل شيئًا ولا يتحول من حال الى حال ولا قوة له على ذلك الا بمعونة الله.
ولهذا شُرع في إجابة المؤذن إذا قال المؤذن حيَّ على الصلاة ، حيَّ على الفلاح شُرع لمن يُجيب المؤذن ان يقول لا حول ولا قوة إلا بالله يشرع للمسلم ان يجيب المؤذن إذا اذن المؤذن لان النبي ﷺ قال : من سمع النداء واجاب المؤذن ودعا بالدعاء المعروف كان له مثل اجره ، ومن ذلك انه يقول مثل ما يقول المؤذن إذا كبر المؤذن يكبر وفي الشهادتين يتشهد لكن في الحيعلتين حيَّ على الصلاة يقول لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، يعني يا الله لا استطيع ان اُجيب المؤذن وان اؤدي هذه الفريضة إلا بمعونتك وتوفيقك حيَّ على الفلاح كذلك الحي من سمع ، من سمع النداء ثم اجاب إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ.
(متن)
(الشرح)
وﷺ صلاة الله على عبده اصح ما قيل فيها ثناء اللَّه على عبده في الملأ الاعلى كما رواه البخاري (.....) انه قال : ( صلاة الله على عبده ثناءه عليه في الملأ الاعلى ) ﷺ دعاء وسؤال لله ان يثني على عبده في الملأ الاعلى وان يرحمه ويسلم عليه صلى وسلم يعني سؤال الله والدعاء له بالسلامة من النقائص والعيوب والآفات وهذا يدل انه ﷺ ليس اله وليس ربا بل هو نبي كريم يُطاع ويتبع ولا يُعبد فالعبادة حق الله ولهذا تسأل الله ان يثني عليه فتسأل الله ان يسلمه من الآفات فليس رباً ولا إله الرب والإله لا يسلبه شيء من الآفات وليس فوقه أحد (.....) عليه ولكن الرسول ﷺ مخلوق عبد الله رسوله اجتباه الله واصطفاه واختاره للرسالة ولكن ليس له من الامر شيء ولا يستحق العبادة فالعبادة حق الله فأنت تسأل الله ان يثني على نبيه (.....) وان يسلمه من النقائص والعيوب وهذا ختم به المؤلف بالصلاة على نبيه محمد ﷺ ختم به المقدمة .
(متن)
(الشرح)
صلى على نبيه وآله: آله هم اتباعه على دينه اصح ما قيل انهم اتباعه على دينه وصحبه جمع صحابي والصحابي اصح ما قيل فيه انه من لقي النبي ﷺ مؤمنًا ولو لحظة ومات على الإسلام ولو (....) على الاصح فمن لقي النبي ﷺ مؤمنًا ومات على الإسلام فهو صحابي (.....) الله أن يثني على نبيه وعلى آله اتباعه على دينه وعلى صحبه ويدخل في آله الصحابة وعطف الصحابة على الآل من عطف الخاص على العام فتكون سألت الله ان يثني على الصحابة مرتين ، مرة في دخولهم في آله ومرة بالخصوص مرة في العموم ومرة في الخصوص مرة في العموم لدخولهم في آله لأن آله هم اتباعه في دينه واولى الناس بذلك واصدق الناس الى اتباعه في دينه هم الصحابة رضوان الله عليهم ثم تسأل الله لهم مرة ثانية بخصوص صحبه وسلم تسليمًا كثيرًا .
( متن)
(الشرح)
هذا هو الباب الأول ، انتهت المقدمة الآن بدأ المؤلف -رحمه الله- يذكر شيء في امور الديانة التي وعد بها ووعد ان يفصلها بابًا بابًا مرتبًا حتى (.....) في النفوس .