بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبده و رسوله نبينا محمد و آله و صحبه أجمعين
قال رحمه الله:
فصل
ونعتقد أن محمدا المصطفى خير الخلائق وأفضلهم و أكرمهم على الله و أعلاهم درجة و أقربهم إلى الله وسيله بعثه الله رحمة للعالمين و خصه بالشفاعة في الخلق أجمعين .
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين أما بعد:
فهذا الفصل عقده المؤلف -رحمه الله- لبيان خصَّ فضل نبينا، فضائل نبينا محمد ﷺ و خصائصه التي اختصه الله بها و فضله و رفعه على العالمين.
يقول المؤلف ر-حمه الله-: ( فصل ونعتقد إن محمدا المصطفى خير الخلائق و أفضلهم و أكرمهم على الله و أعلاهم درجة و أقربهم إلى الله وسيلة بعثه الله رحمة للعالمين و خصه بالشفاعة لخلقه أجمعين) و نعتقد يعني: ونعتقد معشر المؤمنين و معشر المسلمين نعتقد أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني رسول الله و خاتم النبيين خير الخلق، نعتقد أنه عليه الصلاة و السلام نعتقد أنه خير الخلق فهو خير الخلق عليه الصلاة و السلام ،كما قال عليه الصلاة و السلام في الحديث الصحيح -كما سيأتي- أنه قال: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ فهو عليه الصلاة و السلام خير الناس خير الخلائق أجمعين يشمل هذا الملائكة و النبيين و غيرهم، فهو أفضل الخلق أجمعين عليه الصلاة و السلام فهو خير الخلق و أفضلهم و أكرمهم على الله
إذا فهذه من خصائص الخيرية و الأفضلية و الإكرام من الله ، فهو عليه الصلاة و السلام خير الخلق و أفضل الأنبياء و المرسلين الأنبياء أفضل الناس وأفضل و أفضلهم و أولو العزم أفضلهم و نبينا أفضل أولو العزم و أفضل الرسل و أفضل الخلق أجمعين، فهو خير الخلق و أفضلهم و أكرمهم على الله و أعلاهم درجة لأن درجته عليه الصلاة و السلام الوسيلة، و الوسيلة درجة في الجنة لا تنبغي أن تكون إلا لنبينا ﷺ ، و لهذا جاء في الحديث من سمع المؤذن من قال: مثل ما يقول المؤذن ثم صلى على النبي ﷺ ثم قال: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، الوسيلة هي منزلة نبينا عليه الصلاة والسلام هي درجة نبينا عليه الصلاة و السلام، بعض العامة يزد فيها اللهم آت محمد الوسيلة و الفضيلة و الدرجة الرفيعة (غلط) هذه الدرجة الرفيعة هي الوسيلة، هي الوسيلة لكن هذه من زيادة العوام ، زيادة العوام آت محمد الوسيلة و الفضيلة و الدرجة الرفيعة، الوسيلة هي الدرجة الرفيعة، كما بالمناسبة إن بعض العوام يزيد في الاستفتاح يقول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ و لا معبود سواك، ( فلا معبود سواك) هي معنى: وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ لا إله غيرك يعني: لا معبود بحق سواك، فالعامة يزيدون أشياء من عند أنفسهم.
فنبينا أعلى الناس درجة، منزلته هي الوسيلة و سقفه عرش الرحمن و أقربهم إلى الله وسيلة يعني وجاهة و مكانة عند الله أقرب الناس مكانة و وجاهة عند الله هو نبينا عليه الصلاة والسلام، و إذا كان موسى قال الله عنه وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا فمحمد ﷺ أعظم و جاهة.
بعثه الله رحمة للعالمين، العالمين تشمل الجن و الإنس و العرب و العجم فهو عليه الصلاة و السلام مبعوث إلى الناس كافة فهو رحمة للعالمين، أما المؤمنون فإن الله تعالى رحمهم ببعثته و أنقذهم به من النار و أما الكفار فإنه قامت عليهم الحجة ببعثته عليه الصلاة و السلام و أوجب الله الجهاد، جهادهم فإذا قتلوا كان هذا تخفيفا من عذابهم، لو أستمراو في حياتهم على الشرك فيكون هذا رحمة لهم لأنه لو أستمروا على الكفر لزاد عذابهم فإذا قتلوا في الجهاد في سبيل الله خف عذابهم، بعثه الله رحمة للعالمين، يشير إلى قوله تعالى وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ و خصه بالشفاعة في الخلق أجمعين، هذه من خصائصه الشفاعة و هي الشفاعة العظمى في أهل الموقف جميعا وهي للمؤمنين و الكفار عامة في أهل الموقف، المؤمنين و الكفار لأنها شفاعة في إراحة الناس من الموقف، يشفع لهم النبي ﷺ حتى يريحهم الله من هذا الموقف حتى يحاسبهم و هي المقام المحمود الذي يغبطه فيه الأولون و الآخرون عليه الصلاة و السلام .
(المتن)
(الشرح)
هذا الحديث رواه الشيخان البخاري و مسلم -رحمهما الله تعالى_ وهو من أصح الأحاديث يقول جابر يروي عن النبي ﷺ: إن نبي الله ﷺ قال: أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي
الأولى نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ يعني: إذا سمعه العدو من مسافة شهر خاف و رعب هذا يعني: هذا سلاح، سلاح أعطاه الله إياه و هو أن العدو إذا سمع به من مسافة شهر أصابه الرعب، و الرعب هذا سلاح، سلاح لك على عدوك و هي له و لأمته عليه الصلاة و السلام العاملين بشريعته فالله تعالى ينصرهم على أعدائهم و يكون لهم الرعب، ينصرهم الله بالرعب في أعدائهم مسيرة شهر، يعني: الخوف الرعب هو الخوف.
الثانية: وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ و هذه من خصائص نبينا ﷺ و هي لهذه الأمة جميعا، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، يصلي الإنسان في أي مكان في البر في البحر في الجو في أي مكان إذا أدركته الصلاة يصلي، بخلاف الأمم السابقة لا يصلون إلا في المعابد خاصة الخاصة، أما نحن الحمد لله نصلي في أي مكان سافر وتقف و تصلي في البلد تصلي في المسجد في البيت تصلي، (أما هم) أما من سبقنا فهم يصلون في معابدهم الخاصة و لهذا قال النبي ﷺ فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ.
الثالثة: وَأُحِلَّتْ لِي المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي الغنائم يعني: الأموال التي يأخذها المسلمون من العدو في الجهاد في سبيل الله إذا قاتل المؤمنون الكفار يغنمون أموالهم و مواشيهم و دوابهم و ذراريهم و نسائهم يكون الذراري عبيدا لهم و النساء كذلك جواري و الرجال كذلك يسترقونهم أو يقتلونهم و الأموال تكون لهم، و أما الأمم السابقة فإن الغنائم لا تحل لهم بل تجمع و تأتي نار من السماء تأكلها، هذه علامة القبول إذاً علامة القبول أن تأتي نار من السماء تأكل ما جمع، أما نحن فأحل الله لنا الغنائم.
الرابعة: يقول النبي ﷺ وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ و هي الشفاعة العظمى في أهل الموقف حتى يقضى بينهم، هذه خاصة به عليه الصلاة و السلام.
و الخامسة: وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً، هذه من خصائص النبي ﷺ هذه خاصة له كان كل نبي يبعث إلى قومه تجد نبيين في وقت واحد، مثلا لوط و إبراهيم في و قت واحد، كل واحد يرسل إلى قومه، أما نبينا عليه الصلاة و السلام، فإنه بعث إلى الناس عامة العرب و العجم و الجن و الإنس جميع الخلق، نسخت الشرائع بعد بعثته عليه الصلاة و السلام و ليس بعده نبي.
و هذا ليس حصراً لا يفيد الحصر أعطيت خمسة. جاء -في الحديث الآخر- وَأُعْطِيتُ سِتًا و ذكر السادسة: وَأُعْطِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ أُعْطِيتُ سِتًا في الحديث الآخر أُعْطِيتُ سِتًا ، هنا أُعْطِيتُ خَمْسًا، و فيه السادسة وَأُعْطِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ و في اللفظ الآخر يعني: اختصرت الحكمة اختصارا يعني: وَأُعْطِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ بأن يأتي بالكلام القليل الذي تحته معانٍ غزيرة .
(المتن)
(الشرح)
نعم حديث الشفاعة حديث صحيح رواه الشيخان و غيرهما قوله: نهش بالسين المهمله و روي نهش بالشين ، و النهس بالسين هو القطع بأطراف الأسنان و النهش بالشين بالأضراس.
النبي ﷺ كان في دعوى يعني دعي إلى وليمة فرفعت إليه الذراع اليد و كانت تعجبه كان يحب الذراع فنهس منها نهسة بطرف أسنانه، ثم قال أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ و في اللفظ الأخر أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ هذا من خصائصه أنه سيد الناس عليه الصلاة و السلام و سيد الناس هنا يوم القيامة تظهر سيادته يوم القيامة حينما يجمع الله الأولين و الآخرين عليه الصلاة و السلام .
(المتن)
(الشرح)
الحديث رواه الإمام مسلم كما قال المؤلف -رحمه الله- في كتاب الإيمان باب في قول النبي ﷺ أنا أول الناس للجنة، و رواه الإمام أحمد في مسنده، و في هذا الحديث أن النبي ﷺ هو الذي يستفتح باب الجنة هو الذي يستفتح باب الجنة عليه الصلاة و السلام، و هو أول من يدخل الجنة، و أول من يدخلها من الأمم أمته عليه الصلاة و السلام ، فهذه من خصائصه أنه يستفتح باب الجنة قال: آتي يوم القيامة باب الجنة فأستفتح فيقول خازنها: من أنت؟ فأقول: محمد فيقول بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك هذه من خصائصه و من فضائله عليه الصلاة و السلام .
(المتن)
(الشرح)
كما قال: المؤلف -رحمه الله- الحديث رواه مسلم في كتاب الفضائل ورواه أبو داود في كتاب السنة، ورواه الإمام أحمد في المسند، يقول النبي ﷺ أنا سيد ولد آدم يوم القيامة هذه من فضائله عليه الصلاة والسلام أنه سيد الناس و لا فخر، يعني: لا يقوله عن فخر لأنه بل يخبرنا عنه، يخبرنا عن ذلك لأنه لو لم يخبرنا لم نعلم فهو عليه الصلاة والسلام، هذا من التبليغ من الشريعة التي يبلغها يقول: أنا سيد و لد آدم يوم القيامة و لا فخر ، لا يقولها عن فخر و إنما عن تبليغ يبلغ الأمه و يخبرهم بفضله و أول من ينشق عنه القبر يعني في بعد يوم البعث يعني حين يبعث الله الناس من قبورهم و تعود الأرواح إلى أجسادها، تنشق القبور عنهم أول من ينشق عنه القبر نبينا ﷺ و أول شافع وأول مشفع، أول شافع لأنه يشفع الشفاعة العظمى يوم القيامه هو يشفعه الله هو أول شافع و أول مشفع، أول شافع من قبل نفسه و أول مشفع من قبل الرب .
(المتن)
(الشرح)
انتقل المؤلف -رحمه الله- من بيان فضائل النبي فضائل النبي ﷺ و خصائصه إلى فضائل الخلفاء الأرشده فضائل الصحابة و بدأ بالخلفاء الراشدين الأربعة، قال و نعتقد يعني معشر أهل السنة و الجماعة أن خير هذه الأمة و أفضلها بعد رسول الله ﷺ أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي هذه عقيدة أهل السنة و الجماعة يعتقدون أن خير الصحابة وأفضل الناس بعد الأنبياء أبو بكر ثم يليه في الفضيلة عمر ثم يليه عثمان ثم يليه علي، و ترتيبهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة.
و من أنكر فضلهم فهو من أهل الزيغ و الضلال أو تكلم فيهم أو تنقصهم أو سبهم فهو من أهل الزيغ و الانحراف و الضلال و وهذا مجمع عليه بين أهل العلم في ترتيب الخلفاء الخليفتين أبو بكر و عمر و عثمان فأبو بكر و عمر و أما عثمان و علي ففيهما خلاف في الفضل، أما الخلافة فقد أتفق العلماء أتفق أهل السنة و الجماعة على تقديم عثمان على علي في الخلافة و من قدم علي على عثمان في الخلافة فهو أضل من حمار أهله، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية وهو من أهل الزيغ أما من قدم علي على عثمان في الفضل في الفضيلة دون الخلافة فهذا قول في مذهب الإمام أبي حنيفة فالجمهور على تقديم عثمان أيضا على علي في الفضيلة كالخلافة، و روي عن ابن خليفة أنه رجع وأنه وافق الجمهور و على هذا يكون الإجماع في تقديم عثمان على علي تقديم عثمان على علي في الفضيلة هذا هو قول الجماهير و في رواية عن أبي حنيفة تقديم علي على عثمان في الفضيلة دون الخلافة و روي عنه أنه رجع أما الخلافة فهو إجماع، من قدم علي على عثمان في الخلافة فهو أضل من حمار أهله.
و لهذا قال المؤلف -رحمه الله- نعتقد إن خير هذه الأمة و أفضلها بعد رسول الله ﷺ صاحبه الأخص لأن له صحبة خاصة و أخوه في الإسلام و رفيقه في الهجرة و الغار له الخصوصية و له الصحبة الخاصة حيث إنه حيث أنه ملازم للنبي ﷺ حيث أنه أول من آمن به و حيث أنه أول من صدقه و كل أحد دعاه النبي ﷺ إلى الإسلام يكون عنده توقف إلا أبا بكر فأنه لم يتوقف آمن بالحال فهذه صفة خاصة و لهذا قال صاحبه الأخص و أخوه في الإسلام و رفيقه في الهجرة هو الذي رافقه في الهجرة من مكة إلى المدينة و الغار، فأنزل الله تعالى فيهما إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا صاحبه أبو بكر و لما خاف أبو بكر على النبي ﷺ و قال: إن كان المشركون يبحثون عنهم قال: لو أن أحدهم نظر إلى موضع قدميه لأبصرنا قال له النبي ﷺ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا.
و لهذا قال المؤلف: و رفيقه في الهجرة أبو بكر الصديق، أبو بكر هذه كنية و الصديق لقب، الصديق فعيل صيغة مبالغة من قوة تصديقه و هو الصديق الأكبر و وزيره في حياته ملازمته له و مشاورته له و خليفته بعد وفاته و هو عبد الله بن عثمان أسمه عبد الله بن عثمان عتيق ابن أبي قحافة.
ثم بعده في الفضيلة و الخلافة الفاروق أبو حفص عمر بن الخطاب الفاروق لقب له وأبو حفص كنيه و أسمه عمر بن الخطاب اسمه عمر و لقبه الفاروق و كنيته أبو حفص الذي أعز الله به الإسلام و أظهر الدين أعز الله به الإسلام لما أسلم قوي المسلمون تقووا، صار لهم قوه في إسلامهم أعز الله به الإسلام وأظهر به الدين و فتحت في أيامه فتوح و نصرت الأنصار.
ثم بعده الثالث ذي النورين أبو عبد الله عثمان بن عفان الذي جمع القرآن ذي النورين عثمان لأنه تزوج ابنتين من بنات النبي ﷺ تزوج واحدة ثم توفيت ثم تزوج الأخرى يقال له: ذي النورين تزوج أم كلثوم رقيه و أم كلثوم رضي الله عنهما عثمان بن عفان الذي جمع القرآن و أظهر العدل و الإحسان هذه من خصائصه من فضائله أنه جمع القرآن، كان الله أنزل القرآن على سبعة أحرف رحمة بالأمة و تسهيلا عليهم ثم بعد ذلك حصل اختلاف في بعض الغزوات، و كان حذيفة في غزوة غازي أرمينية و أذربيجان ورأى اختلاف الناس في القراءة و سمع بعضهم يقول قراءتي أحسن من قراءتك فجاء إلى عثمان ، و قال يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتابها اختلاف اليهود والنصارى فجمع الصحابة و شاورهم فأجمعوا على جمع الناس على حرف واحد و هو حرف قريش و الحرف هذا الحرف تدخل فيه القراءات السبع كلها بل العشر داخلة في حرف واحد و هو الحرف الذي درس فيه جبرائيل النبي ﷺ في السنة الأخيرة الذي توفي فيها، فهذا من من فضائله فجمع الناس على المصحف على هذا الحرف و كتب في ذلك سبعة مصاحف تسمى هذه المصاحف الأئمة أرسل إلى كل مصر مصحف أرسل إلى أهل مكة مصحف و إلى أهل الكوفة مصحف و إلى أهل الشام مصحف و إلى أهل مصر مصحف و أحرق بقية المصاحف، و ذكر الحافظ بن كثير هذا هذه الفضيلة في البداية و النهاية و قال إن من مناقبه الكبار وحسناته العظيمة أن جمع الناس على قرآءة واحدة و كتب المصحف على العرضة الأخيرة التي درسها جبريل على رسول الله ﷺ في آخر سنين حياته وذكر إن سبب ذلك ماوقع من خلاف بين القراء في بعض الغزوات و كان معهم حذيفة بن اليمان فركب إلى عثمان و أخبره بما كان و قال له أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتابها كاختلاف اليهود و النصارى في كتبهم عند ذلك جمع عثمان الصحابة و شاورهم في ذلك و رأى أن يكتب المصحف على حرف واحد و أن يجمع الناس في سائر الأقاليم على القراءة به دون سواه، فاستدعى بالصحف التي كانت الذي كان الصديق أمر زيد بن ثابت بجمعها و أمر زيد بن ثابت أن يكتب و أن يملي عليه سعيد ابن العاص الأموي بحضرة عبد الله بن الزبير و عبد الرحمن بن الحارث المخزومي و أمرهم إذا اختلفوا في شيء أن يكتبوه بلغة قريش، فكتب سبعة مصاحف بعث بها عثمان إلى الأنصار و يقال لهذه المصاحف الأئمة، ثم عمد إلى بقية المصاحف التي بأيدي الناس فحرقها لأ لا يقع بسببها الاختلاف.
ثم الخليفة الرابع ابن عم رسول الله ﷺ ختنه، ختنه يعني زوج ابنته زوج ابنته فاطمة ختنه علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم.
فهولاء الخلفاء الراشدون و الأئمة المهديون من عقيدة أهل السنة و الجماعة الإيمان بأن الخلافة بعد النبي ﷺ لأبي بكر ثم لعثمان ثم لعلي و أن الطعن في خلافة واحد من هؤلاء ضلال و زيغ من عقيدة أهل السنة و الجماعة إن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة.
و لم يزل أهل السنة و الجماعة يترضون على الصحابة و يوالونهم و ينزلونهم منازلهم التي يستحقونها بالعدل و الإنصاف لا بالهوى و التعصب، و الله تعالى أثني عليهم و عدلهم و زكاهم و وعدهم بالجنة، ولهذا قال وكل وعد الله الحسني قال: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ أثنى على المهاجرون و أثنى على الأنصار.
و أما من سبهم أو تنقصهم أو طعن فيهم فهذا لمرض في قلبه و نفاق، إنما يصدر من أهل النفاق و الزيغ و الانحراف كالرافضة و أشباههم و قد نزلوا إلى هوة سحيقة فزادوا بها على اليهود و النصارى الرافضة، فإن اليهود و النصارى قيل لليهود من خير من أهل ملتكم قال أصحاب موسى، و قيل للنصارى من خير أهل ملتكم قالوا: أصحاب عيسى و قيل للرافضة من شر أهل ملتكم قالوا: أصحاب محمد -نسأل الله السلامة و العافية- فزادوا في هذه الخصلة على اليهود و النصارى صاروا أسوأ حالا منهم نعوذ بالله .
(المتن)
(الشرح)
يقول المؤلف -رحمه الله- ثم الستة الباقون من العشرة يعني نشهد لهم بالجنة وهم طلحة بن عبيد الله طلحة بن عبيد الله وهو من قريب لعثمان ابن عمه و الزبير بن العوام و سعد بن أبي وقاص و سعيد بن زيد و سعيد بن زيد بن عبد بن نفيل و عبد الرحمن بن عوف و أبو عبيدة بن الجراح وهو أمين هذه الأمة فهؤلاء ستة مع الأربعة الخلفاء الراشدين هم العشرة المشهود لهم بالجنة.
و ورد ذكر هؤلاء العشرة المبشرين بالجنة في حديث سعيد بن زيد الذي رواه أبو دواد في سننه و الترمذي وكذلك رواه الإمام أحمد في مسنده و ورد فيه أحاديث فيها الشهادة لهؤلاء العشرة بالجنة، و لهذا قال فهولاء العشرة الكرام البررة الذين شهد لهم رسول الله ﷺ بالجنة فنشهد لهم بها كما شهد لهم بها إتباعا لقوله لقول النبي ﷺ و امتثالا لأمره، و قد شهد رسول الله ﷺ بالجنة لغير هؤلاء شهد النبي ﷺ بالجنة لغير هؤلاء هؤلاء العشرة مشهود لهم بالجنة وهناك غيرهم مشهود لهم بالجنة، وهي قاعدة عند أهل السنة و الجماعة أنه يشهد بالجنة لمن شهدت له النصوص و أما من لم يشهد له بالنصوص فلا.
وقال بعض العلماء في الشهادة بالجنة لهم ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه لا يشهد بالجنة إلا للأنبياء فقط.
القول الثاني: أنه يشهد بالجنة للأنبياء و لمن شهدت لهم النصوص هذا هو قول الجمهور.
القول الثالث: أنه يشهد لهؤلاء بالجنة و يشهد لمن شهد له اثنان عدلان بالجنة و ذلك لأن أبا ثور كان يشهد بالجنة للإمام أحمد بن حنبل، و يستدلون بحديث عن النبي ﷺ كان جالسا فمر بجنازة فأثنوا عليه خيرا، وقال: وَجَبَتْ ثم مر بجنازة أخرى فأثنوا عليه شرا فقال: وَجَبَتْ فسئل النبي ﷺ ما وجبت قال: هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ. و الحديث الآخر و الحديث صحيح : يُوشِكُ أَنْ تَعَلَمُوا أَهْلَ الْجَنَّةِِ مِنْ أَهْلْ النَّارِ قالوا: بما يا رسول الله قال: بِالثَّنَاءِ الْحَسَنِ، وَالثَّنَاءِ السَّيِّئِ، أخذ بعض العلماء من هذا أنه يشهد بالجنة لمن شهد له عدلان. و الصواب من هذه الأقوال: أنه يشهد بالجنة للأنبياء و لمن يشهد لهم بالنصوص خاصة، و أما هؤلاء الذين شهد لهم فهذا لها أدلتهم الخاصة يقتصر على ما جاء على ما ورد في النصوص، و لأنه لو فتح الباب لكان كل واحد قل أحدا إلا تجد له الثاني يشهد له بالجنة فصار يشهد لكل أحد، و الصواب أنه لا يشهد بالجنة إلا لمن شهدت لهم النصوص كالعشرة المبشرون بالجنة ومن ذلك ثابت بن قيس ثابت بن قيس بن شماس كان خطيب النبي ﷺ وذلك أنه كان يخطب بين يدي النبي ﷺ و كان يرفع صوته لأن الخطيب مضطر لأن يرفع صوته فلما نزل قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ تأخر و خاف جعل يبكي في بيته وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ خاف أن يكون حبط عمله لأنه يرفع صوته فوق صوت النبي ﷺ ففقده النبي ﷺ فأرسل إليه فقال أنه كان يرفع صوته عند النبي ﷺ فقال حبط عمله فهو من أهل النار، فأرسل إليه النبي ﷺ فقال إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنْ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فهذه شهادة النبي ﷺ.
و عبدالله بن سلام عبد الله بن سلام الإسرائيل أيضا هذا مشهود له بالجنة هذا جاء في البخاري أنه قال حدثني عبد الله بن محمد قال حدثنا أزهر بن السمان عن ابن عون عن محمد عن قيس عن عباد قال كنت جالسا في مسجد المدينة فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع فقالوا هذا رجل من أهل الجنة فصلى ركعتين تجوز فيهما ثم خرج وتبعته فقلت إنك حين دخلت المسجد قالوا: هذا رجل من أهل الجنة قال و الله لا ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم و سأحدثك لما ذلك رأيت رؤيا على عهد النبي ﷺ فقصصتها عليه و رأيت كأني في روضة ذكر من سعتها و خضرتها وسطها عمود من حديد أسفله في الأرض و أعلاه في السماء في أعلاه عروه فقيل لي أرقى قلت لا أستطيع فأتاني منصف فرفع ثيابي من خلفي فرقيت حتى كنت في أعلاها فأخذت بالعروة فقيل لي استمسك فاستيقظت و أنها لفي يدي فقصصت على النبي ﷺ قال لي تِلْكَ الرَّوْضَةُ الإِسْلاَمُ، وَذَلِكَ العَمُودُ عَمُودُ الإِسْلاَمِ، وَتِلْكَ العُرْوَةُ عُرْوَةُ الوُثْقَى، فَأَنْتَ عَلَى الإِسْلاَمِ حَتَّى تَمُوتَ، و ذلك الرجل عبد الله بن سلام، وقال لي حديث فحدثنا معاذ حدثنا بن عون عن محمد قال: حدثنا قيس بن عباد عن بن سلام قال و صيفا من كان قبل هذا رواه البخاري في الصحيح و أخرجه مسلم أيضا في الفضائل و فيه الشهادة لعبد الله بن سلام بالجنة و هو عبد الله بن سلام إسرائيلي من بني إسرائيل.
و كذلك لبلال بن رباح المؤذن أيضا شهد له النبي ﷺ بالجنة، و كذلك لجماعة من الرجال و والنساء شهد لهم النبي ﷺ، من ذلك خديجة زوج النبي ﷺ و أم المؤمنين بشرها النبي ﷺ خديجة بشرها، بَشِّر خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ، وَلاَ نَصَبَ لأن قصب تعني اللولؤ قصب الؤلوء مجوف و هذه منقبة لخديجة رضي الله عنها شهادة لها بالجنة.
وأخبر أنه رأى الرميصاء بنت ملحان في الجنة و الرميصاء جاء في حديث مسند الإمام أحمد قال حدثنا عثمان قال: أخبرنا حماد قال: أخبرنا ثابت عن أنس أن رسول الله ﷺ قال: دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَسَمِعْتُ خَشَفَةً، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الْخَشَفَةَ؟ فَقِيلَ: هَذِهِ الرُّمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ هذا شهادة لها بالجنة، والرميصاء قال بعضهم أنه يقال لها الغميصة وهي أم سليم بنت ملحان و قيل أنها أختها و هي أم حرم بنت ملحان شهد لها النبي ﷺ بالجنة، كما في صحيح البخاري قال: حدثنا عبد الله بن يوسف عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه سمعه يقول كان رسول الله ﷺ يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه و كانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله ﷺ فأطعمته و جعلت تفلي رأسه فنام رسول الله ﷺ ثم أستيقظ كانت بينه و بينها محرمية عليه الصلاة و السلام ثم استيقظ و هو يضحك قالت: قلت: و ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا البَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ، أَوْ: مِثْلَ المُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ -شك إسحاق- قالت: فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها رسول الله ﷺ ثم وضع رأسه ثم استيقظ و هو يضحك قلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كما قال في الأول، قالت :فقلت: يا رسول الله أدع الله أن يجعلني منهم، قال أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ فركبت البحر في زمن معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت.
و هذا دليل على أن من غزى في سبيل الله ثم مات في الطريق ذاهبا أو راجعا أن هذه شهادة هذه تعتبر شهادة النبي ﷺ شهد لها بالجنة فهولاء شهد لهم النبي ﷺ بالجنة.
و هناك غيرهم كعكاشة بن محصن ما ذكره المؤلف: شهد له النبي ﷺ و هو من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب و لا عذاب.
و كذلك ابن عمر مشهود له بالجنة في الرؤيا التي رآها و أنه رأى النار و أن لها قرنان و أنه جاء له ملك و قال لم تراع قال: أعوذ بالله من النار و غيرهم، هناك عدد شهد لهم النبي ﷺ بالجنة من الرجال و من النساء من شهدت له السنة نشهد له.
كذلك أهل بدر قال الله تعالى قال النبي ﷺ فيهم اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ و كذلك أهل بيعة الرضوان و كانوا ألفا و خمس مائة و ألفا و أربع مائة و كسر و قال لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن حفصة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال لَا يَلِجُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَة يعني لا يدخل النار الشهادة لأهل بيعة الرضوان و لأهل بدر فنشهد بالجنة لمن شهدت لهم النصوص.
و أما من لم تشهد لهم النصوص نتوقف و لا نشهد لأحد الداعين لاكن نشهد بالعموم كل مؤمن في الجنة و كل كافر في النار، لكن فلان بن فلان بعينه تشهد أنه في الجنة فنقول لا نشهد إلا لمن شهد له رسول الله ﷺ فلان بن فلان تشهد انه بالنار لا نشهد إلا من شهد له النصوص، مثل أبو لهب نشهد له بالنار أبو جهل نشهد له بالنار و كذلك من علمت خاتمتة مات على الكفر قامت عليه الحجة هذا كافر يكفر و يشهد عليه بالنار
(المتن)
(الشرح )
نعم كما قال المؤلف -رحمه الله- قال: كل من شهد له رسول الله ﷺ بالجنة شهدنا له و لا نشهد لأحد غيرهم، هذا أهل السنة و الجماعة فنرجوا للمحسن و نخاف على المسيء عقيدة أهل السنة و الجماعة يشهدون بالجنة لمن شهدت لهم النصوص و لا يشهد لهم غيرهم، لكن يرجون للمحسن و يخافون على المسيء، إذا رأينا أنسان محسنا مستقيما على طاعة الله نرجوا له الخير و نرجوا أن يدخله الله الجنة ولا نشهد له بعينه و إذا رأينا الإنسان المسرف يعمل المعاصي و الكبائر و لا يبالي نخاف عليه من النار و لا نشهد لا نشهد عليه بالنار، نخاف عليه من النار، و نرجوا للمحسن و نشهد بالعموم كل مؤمن في الجنة و كل كافر في النار، أما المعين بعينه ما نشهد بالجنة إلا إذا شهدت النصوص و لا نشهد بالنار إلا لمن شهدت له النصوص، إلا من عرفنا أنه مات على الكفر و قامت عليه الحجة فهذا كافر، و لهذا قال المؤمن بل نرجو للمحسن و نخاف على المسيء و نكل علم الخلق إلى خالقهم، نكل علم الخلق إلى الله لسنا مكلفين بأن نقول فلان كذا و فلان كذا.
ثم قال المؤلف: فالزم رحمك الله هذا من نصحه، قال رحمك الله يدعوا لك بالرحمة الزم رحمك الله ما ذكرت لك من كتاب ربك العزيز و كلام نبيك الكريم ألزم ألزم النصوص و ما دلت عليه نصوص الكتاب و نصوص السنة و لا تحد عنه يعني لا تمل عنه لا يمنة و لا يسرة و لا تبتغي الهدى في غيره لا تبتغى الهدى في غير النصوص، الهدى إنما هو في كتاب الله و سنة رسوله ﷺ قال الله تعالى في كتابه الكريم اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ و لو ذكر المؤلف هذه الآية كان حسن اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ
يقول المؤلف: هذه نصيحة و يقول ولا تغتر بزخارف المبطلين و أراء المتكلفين لا تغتر بهم بالكلام الذي يزخرفه أهل الباطل و ما يتكلم به أهل الباطل و أهل البدع ،كالخوارج الذين يكفرون أهل المعاصي يكفرون المسلمين بالمعاصي و المعتزلة الذين خرجوا من الدين و دخلوا في الكفر، و المرجئة الذين يقولون لا يضر مع الإيمان معصية كما لا يضر مع الكفر طاعة هذه كلها باطلة مذاهب باطلة، ألزم الكتاب و السنة و لا تحيد عنها يمينا و لا شمالا، ابتعد عن مذاهب الخوارج و المعتزلة و المرجئة و غيرهم من أهل الضلال و الجهمية و المعتزلة فأن الرشد و الهدى و الفوز و الرضى فيما جاء عن الله و رسوله ﷺ لا فيما أحدث المحدثون ابتعد عن الحدث و عن البدع في الدين و أتى به المتنطعون الرشد و الهدى و الفوز و الرضا في الكتاب و السنة، فيما جاء عن الله و فيما جاء عن رسول الله ﷺ لا فيما أحدثه المحدثون من البدع و لا فيما أتى به المتنطعون من التنطع المضمحلة و نتائج عقولهم الفاسدة من زبالة الأذهان و من حطة الأفكار ، و ارض بكتاب الله و سنة رسوله ﷺ، نعم الرضى، ارضى بالكتاب و السنة أكتف بهما من لا يكتفي بالكتاب و السنة لا كفاه الله، من لم يرضَ بالكتاب و السنة لا أرضاه الله، و أرض بكتاب الله و سنة رسوله ﷺ عوضا من قول من قول كل قائل و زخرف و زخرف و باطل، يعني يكفيك أرضى بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ و أترك أقوال القائلين و أترك زخارف المبطلين هذه نصيحة من المؤلف رحمه الله .
(المتن)
فصل في فضل الإتباع :
روى جابر بن عبد الله قال كان رسول الله ﷺ يقول في خطبته نَحْمَدُ اللَّهَ وَنُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثم يقول مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، ثم يقول: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ و كان إذا ذكر الساعة أحمرت و جنتاه و على صوته و أشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول صبحكم مساكم، ثم قال: مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ أَوْ عَلَيَّ، وَأَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ رواه مسلم و النسائي و لم يذكر مسلم وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ
(الشرح)
هذا الفصل عقده المؤلف -رحمه الله- لفضل الإتباع اتباع الكتاب و السنة فضل يعني: اتباع الكتاب و السنة و العمل بهما فهذا الفصل يسرد فيه المؤلف -رحمه الله- آثار و أخبار في فضل اتباع الكتاب و السنة و العمل بهما، و أنه يجب على الإنسان أن يعمل بالكتاب و السنة و أنه من اتبعهما فهو على الجادة المستقيمة، روى جابر بن عبد الله و قال: كان رسول الله ﷺ يقول: في خطبته نَحْمَدُ اللَّهَ وَنُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ هذه السنة أن يبدأ الخطيب بخطبته سواء يخطب بجمعه أو غيرها بحمد الله و الثناء عليه بما هو أهله، ثم يثني بالصلاة على نبيه ثم يقول النبي: مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ و هذا مأخوذ من الكتاب العزيز قال الله تعالى مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، من هداه الله و وفقه و قذف في قلبه الحق فقبل الحق و رضى به و أختاره فلا أحد يضله أبدا لو أجتمع كلهم على أن يضلوه ما استطاعوا، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، من يضلل الله و يخذله و يتخلى عنه من خذله الله و أضله فلا يستطيع أحد أن يهديه و لو اجتمع الخلق كلهم على أن يهدوه ما استطاعوا، قال الله تعالى لنبيه الكريم لما عجز عن هداية عمه أبو طالب و كان يحميه و يذود عنه أنزل الله: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ أصدق الحديث كتاب الله فهو كلام الله فهو أفضل الكلام وأصدق الكلام وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ ، لأنه يعني عليه الصلاة و السلام يهدي يعني يرشد و ينصح و يبين فهو على بينة من ربه وهو على نور من ربه فهديه أحسن الهدي عليه الصلاة و السلام و لهذا قال الله تعالى وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ يعني تدل و ترشد.
فالهدى نوعان: هداية دلالة و إرشاد، وهذه يملكها الرسول عليه الصلاة و السلام ، و هداية توفيق و تسديد هذه لا يملكها إلا الله.
فقوله في العبارة الأولى: وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ هذه هداية التوفيق و التسديد، و قوله هنا وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ هذه هداية الدلالة و الإرشاد الهداية هدايتان هداية توفيق و تسديد هذه لا يقدر عليها إلا الله خلق الهداية في القلوب وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ و هداية دلالة و إرشاد ونصح هذه من الرسول وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ يعني دلالته و إرشاده.
وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، شر الأمور المحدث في الدين و المحدث في الدين هو ما أحدث في دين الله مخالفا لشرع الله وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ كل محدثه في الدين بدعةوَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ،، هذه لم يذكرها مسلم كما ذكر المؤلف و إنما جاءت عند النسائي وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، هكذا كان النبي ﷺ يقول في خطبته يوم الجمعة: مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، ثم يقول: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ و كان إذا ذكر الساعة أحمرت و جنتاه و على صوته و أشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول صبحكم مساكم، هكذا ينبغي أن يكون الخطيب كان إذا خطب هكذا بعض الخطباء إذا خطب تجده متماوت خطبة ضعيفة خطبته تأتي بالنوم لأنه متماوت ميت الخطبة ينبغي أن تكون في الشجاعة حماسه قوه يهز المنبر يحمر وجهه و يعلا صوته حتى يؤثر في السامعين هكذا كان النبي ﷺ كان إذا خطب أحمرت وجنتاه و على صوته و اشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول صبحكم و مساكم هذا الخطيب الخطيب الذي يكون خاطبا عن الحماسة و القوة يعالج المشاكل التي وقع فيها الناس ما يكون خطيب متماوت ميت كأنه يقرأ قي كتاب، لا، الخطبة تحتاج إلى حماس و شجاعة.
ثم قال النبي ﷺ : مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ أَوْ عَلَيَّ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ ورثه يعني ورثه وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ أَوْ عَلَيَّ، يعني يقضيه و كان هذا في آخر الأمر ، أول الأمر كان لا يصلي على من عليه دين ثم لما وسع الله عليه صار يقضي الدين عليه الصلاة و السلام و يقول مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ للورثة و من ترك دينا فيقضيه عليه الصلاة و السلام أَوْ ضَيَاعًا يعني: صغار أطفال و عيال " ضياع" فيكن لهم من بيت المال و لهذا قال العلماء أنه إذا كان بيت المال فيه سعه فأنه ينبغي أن تقضى فيه ديون الأموات و تكفل فيه الأيتام اقتداء بالنبي ﷺ و لهذا قال عليه الصلاة والسلام مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ أَوْ عَلَيَّ، وَأَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ رواه مسلم .
(المتن)
وروى زيد بن أرقم قال: قام فينا رسول الله ﷺ خطيبا فحمد الله و أثني عليه ووعظ و ذكر ثم قال: أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَنِي رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَهُ، وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، مَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ وَأَخَذَ بِهِ كَانَ عَلَى الْهُدَى، وَمَنْ تَرَكَهُ وَأَخْطَأَهُ كَانَ عَلَى الضَّلَالَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرْكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ثلاث مرات رواه مسلم .
(الشرح)
نعم و هذا الحديث حديث زيد بن أرقم -رحمه الله- ، رواه الإمام مسلم في كتاب فضائل الصحابة، و الإمام أحمد في مسنده و الدارمي في سننه، و فيه أن النبي ﷺ خطب الناس قال: قام فينا رسول الله خطيبا فحمد الله و أثني عليه لأنه يستحب للخطيب أن يبدأ بحمد الله و الثناء عليه و و عظ و ذكر، ثم قال: أَمَّا بَعْدُ في السنة أيضا أن يقول (أما بعد) الأفضل هذا هو الأفضل أفضل من قول بعض الناس (و بعد) "أما بعد" أولى، أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، النبي بشر ليس ربا و لا إلها فيه الرد على من يعبد النبي ﷺ و يقول أنه إله، بعض الناس يقول: أنه نور و أنه جزء من الله -نعوذ بالله- هذا كفر و ضلال الرسول ﷺ بشر لحم و دم مخلوق من أم و أب من عبد الله بن عبد المطلب و أمنة بنت وهب، خلق منهما من مائهما كما يخلق سائر الناس و بشر ليس نور و ليس جزء من الله -و العياذ بالله- كما يقوله الملاحدة الغالون بل هو بشر عليه الصلاة و السلام، و لكنه أفضل الناس عليه الصلاة و السلام.
فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَنِي رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَهُ يعني: الموت يعني أجيبه أموت قال الله إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ مات عليه الصلاة و السلام.
وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ سماهما الثقلين لكبرهما و عظم شأنهما و في الثقل العمل بهما و هما الكتاب و السنة، أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، مَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ وَأَخَذَ بِهِ كَانَ عَلَى الْهُدَى لا شك أنه من استمسك بالقرآن وَمَنْ تَرَكَهُ وَأَخْطَأَهُ كَانَ عَلَى الضَّلَالَةِ، وَأَهْلُ بَيْتِي -و في لفظ- وَسُنَّتِي و أن أجعلها كأهل بيتي أُذَكِّرْكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ثلاث مرات، أهل بيته يعني: المؤمنون: زوجاته عليه الصلاة و السلام و عمه العباس و حمزة و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و زوجاته هؤلاء هم أهل بيته، فيجب على المؤمنين محبتهم و موالاتهم لله و لقربهم من النبي ﷺ فالنبي ﷺ أوصى بهم وصية خاصة أُذَكِّرْكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ثلاث مرات يعني بموالاتهم و محبتهم و إعطائهم حقوقهم و كف الأذى عنهم و إنزالهم منازلهم و الترضي عنهم.
(المتن)
(الشرح)
و هذا حديث العرباض بن سارية السلمي فيه أن النبي ﷺ أمر بالاتباع كل هذه النصوص ساقها المؤلف لأنه لبيان فضل الاتباع و أنه يجب على الإنسان أن يتبع الكتاب و السنة و أن يعمل بهما، و أن العاملين بالكتاب و السنة هم خير الناس و أفضل الناس.
يقول العرباض : وعظنا رسول الله ﷺ موعظة بليغة، يعني: مؤثرة ذرفت منها الأعين، -وفي لفظ- العيون و وجلت منها القلوب، يعني: لأنها حارة و لأنها خرجت من القلب مؤثرة خرجت من القلب فنفذت إلى القلوب هي موعظة بليغة مؤثرة ذرفت منها العيون من البكاء، و وجلت منها القلوب خافت منها القلوب من البكاء، فقال قائل: يا رسول الله كأنها موعظة مودع، كأنك ودعتنا يعني :كأنها أخر وصية أخر نصيحة لأنها حارة و مؤثرة فماذا تعهد ألينا؟ ماذا توصينا بأي شيء؟
قال: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ تقوى الله وصية الله الأولين و الآخرين و وصية نبيه قال الله تعالى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ هذه وصية الله للأولين و الآخرين، وهي وصية نبينا ﷺ قال أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يعني السمع و الطاعة لولاة الأمور لمن ولاهم الله أمركم أسمعوا لهم و أطيعوا لا تخرجوا عليه ولا تقاتلوهم يعني و لا تنفضوا يدا من طاعتهم وهذا مقيد بما إذا أمروا بطاعة الله ورسوله ﷺ، أما إذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون ولهذا جاء في الحديث الأخر قال النبي ﷺ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ و قال ﷺ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الخَالِقِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ فإذا أمر ولي الأمر بالمعصية لا يطاع، أو إذا أمر الأمير بالمعصية لا يطاع، أو الزوج إذا أمر زوجته بالمعصية لا يطاع، و الأب إذا أمر أبنه بالمعصية لا يطيعه لكن لا يتمرد عليه في غيرها بس لا يطيعه في معصية لكن ليس معنى ذلك أنه إذا أمر بمعصية الناس يتمردون ويخرجون على ولاة الأمور المعصية إذا قال اشرب الخمر لا تطيعه، إذا قال: اشرب الدخان لا تطيع إذا أمرك والدك تأتي له بالدخان لا ما تطيعه، و لكن لا تتمرد عليه تقول يا أبي ما يجوز و لا أستطيع أطيعك في المعصية و هكذا، إنما السمع و الطاعة في طاعة الله و الأمور المباحة و السمع و الطاعة هذه وصية النبي ﷺ بتقوى الله والسمع و الطاعة لولاة الأمور.
وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا لو كان الأمير عبدا حبشي -وفي اللفظ الآخر- وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعَ الأَطرَافِ -و في لفظ- كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ، لو مقطع الأنف و الإذن و صار أمير تولى على الناس يجب عليك أن تسمع له و تطيع.
وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا يحصل اختلاف و أمور تنكرونها لكن ألزموا كتاب الله و سنة رسوله ﷺ و أطيعوا ولاة الأمور في طاعة الله.
ثم قال فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي ألزموا سنتي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِن بَعدِي، فالواجب لزوم الكتاب و السنة و سنة الخلفاء الراشدين إذا لم يكن هناك سنة فيما لم يكن فيه سنة فإذا لم تتبين السنة يؤخذ بسنة الخلفاء الراشدين ، أما إذا ظهرت السنة فإنه يؤخذ بالسنة و قد يجتهد بعض الخلفاء الراشدين اجتهادا يخالف السنة فيؤخذ بالسنة، لكنا إذا لم يكن في المسألة سنة يؤخذ بسنة الخلفاء الراشدين.
ثم قال النبي ﷺ: عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ يعني: تمسكوا بها و النواجذ هي الأسنان التي تلي الأضراس، و هذه إنما أراد في ذلك ا الجد في لزوم السنة، فلأن الذي يمسك بالشيء بين أضراسه و يعض عليه يمتنع من أن ينتزعه أحد منه، و هذا أشد ما يكون في التمسك.
وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ يعني تحذير يعني احذروا من محدثات الأمور، محدثات الأمور البدع التي تخالف الكتاب و السنة ثم قال فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ و عند النسائي -كما سبق- وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، رواه أبو داود و الترمذي و قال حديث صحيح.
ورواه ابن ماجة و فيه قال قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ. هذه رواية بن ماجة وفي سنن أبو داود أيضا قال : تركتكم على البيضاء يعني الشريعة بيضاء لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا يعني واضحة وضوح ليس فيها نقص لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ.
(المتن)
(الشرح )
تعديل الشيخ لكلمة (وأيم) ، (وايم الله) بالهمز فأصبح (و ايم الله) بالهمز همزة وصل أحسن.
( المتن)
(الشرح)
سواء سواءا هذه عند الوقف سواءا .
( المتن)
(الشرح)
قول المؤلف -رحمه الله- و روى أبو الدرداء قال خرج علينا رسول الله ﷺ و نحن نذكر الفقر و نتخوفه فقال: آلْفَقْرَ تَخَافُونَ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُصَبَّنَّ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا صَبًّا حَتَّى لَا يُزِيغَ قَلْبَ أَحَدِكُمْ إِزَاغَةً إِلَّا هِيهْ، وَايْمُ اللَّهِ، لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ قال أبو الدرداء صدق رسول الله ﷺ تركنا على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء رواه ابن ماجة.
و هذا الحديث رواه إبن ماجة في سننه في المقدمة باب إتباع سنة رسول الله ﷺ و لا بأس بسنده فهو حسن، و فيه تحذير من فتنة الدنيا و أن الدنيا لها فتنة أنه يخشى على الإنسان من الدنيا أكثر مما يخشى عليه من الفقر، و هذا واقع فإن الفقر يتحمله بعض الناس و يصبرون لكن الدنيا إذا زاغت الدنيا كثير من الناس لا يصبر عليه، ولهذا قال بعض السلف: ابتلينا بالفقر فصبرنا وابتلينا بالدنيا فلم نصبر، جاء في الدنيا و الأموال و كذا تكون فتن في الشهوات و الشبهات.
يقول النبي ﷺ : آلْفَقْرَ تَخَافُونَ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، قسم حلف و هو الصادق و أن لم يقسم لكن للتأكيد لَتُصَبَّنَّ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا صَبًّا حَتَّى لَا يُزِيغَ قَلْبَ أَحَدِكُمْ إِزَاغَةً إِلَّا هِيهْ، وهذا هو الواقع كما هو الواقع الآن في عصرنا هذا صبت الدنيا علينا صبا -نسال الله أن يثبت قلوبنا على دينه وأن لا يزيغ قلوبنا، حَتَّى لَا يُزِيغَ قَلْبَ أَحَدِكُمْ إِزَاغَةً إِلَّا هِيهْ.
وَايْمُ اللَّهِ قسم أيضا مرة ثانية، أقسم مرتين و ايم الله وأيمن الله هي و تقديرو أيمن الله حذف النون و أيمن الله لَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ وهي الشريعة لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ يعني الشريعة واضحة الآن الحلال واضح و الحرام واضح الحلال بين والحرام بين قال أبو الدرداء: صدق رسول الله قد تركنا على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء و هذا فيه حث المؤلف على الإتباع .
(المتن)
(الشرح)
وهذا الحديث حديث أبي هريرة كما ذكر المؤلف، رواه أبو القاسم الطبري في السنن في شرح أصول اعتقاد أهل السنة، وفي مسند الإمام أحمد قال: حدثنا النمير قال: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ: كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، أَلَا إِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، هذا حديث ضعيف فيه عطية العوفي و هو ضعيف شيعي مدلس، و هنا قال : كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي، و في الحديث الآخر كتاب الله وَعِتْرَتِي.
وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- هذا الحديث في رده على الأحناف الذين يقولون: أن الزيادة على الكتاب نص نسخ مثل آية الوضوء ليس فيها النية، فالنية جاءت في السنة فهذا نسخ جاء الرد عليها ابن القيم -رحمه الله- وهو يقول: وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ وذكر أيضا ما قال صالح بن موسى عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن صانع الجولان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، يقول ابن القيم: فلا يجوز التفريق بين ما جمع الله بينهما و يرد على أحدهما بالآخر يعني: لا يجوز التفريق بين الكتاب و السنة بل يجب العمل بهما، بل سكوته عما نطق به و لا يمكن أحدا أن يطرد ذلك، يعني: مقصده أنه يجب على الإنسان أن يعمل بالكتاب و السنة و لا يفرق بينهما، و كذلك أيضا ذكر بعض الشَّرَّاح هذا الحديث وهو دليل على الاتباع و أنه ينبغي على الإنسان أن يتبع الكتاب و السنة، وأن لا يفرق بينهما، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، يعني: إلى يوم القيامة حتى يموت الإنسان يجب عليه أن يعمل بالكتاب و السنة و لا يفرق بينهما، يعني :يعمل بأحدهما دون الآخر كالذين يردون السنة أو الذين يقولون: نعمل بالقرآن ونعمل بالسنة أو يقولون أن السنة إذا جاءت بنص زائد عن القرآن هذا نسخ ثم يردونه فهذا الحديث فيه رد عليهم، و هو فيه الحث على الاتباع و المؤلف ساقه للحث من أجل الحث على إتباع الكتاب و السنة . نعم
(المتن)
(الشرح)
وهذا من خطبته بعد توليه الخلافة، رواه ابن سعد في الطبقات و الطبري في تاريخه و ابن كثير في البداية و النهاية يقول : إنما أنا متبع ولست بمبتدع يعني متبع لكتاب الله و سنة رسوله ﷺ ما آتي بالبدع المخالفة للدين، و هكذا ينبغي للمسلم .
(المتن)
(الشرح)
و هذا رواه مالك في الموطأ يقول عمر فرضت لكم الفرائض و سنت لكم السنن و تركتم على الواضحة، يعني: الشريعة الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا و شمالا يعني لا تميلوا يمينا و لا شمالا بل أعملوا بالكتاب و السنة .
(المتن)
(الشرح)
نعم وهذا رواه اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة عن عبد الله بن مسعود قال إنا نقتدي يعني نقتدي بالرسول و نعمل بكتاب الله و لا نبتدي من عند أنفسنا شيئا و نتبع الكتاب و السنة يعني و لا نبتدع و لا نبتدع ما نأتي ببدعة و لا نظل ما تمسكنا بالأثر لن يضل الإنسان إذا تمسك بالكتاب و السنة و الآثار الصحيحة .
(المتن)
(الشرح)
نعم هذا الأوزاعي عن الزهري التابعي المشهور الإمام المشهور ، أنه لما روى قال النبي ﷺ: لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، سأل الأوزاعي الزهري ما هذا (ما معناه) فقال الزهري من الله العلم و على الرسول البلاغ وعلينا التسليم، من الله العلم، العلم الذي أنزله في كتابه ، و الوحي الذي أنزله على رسوله ﷺ، و على الرسول البلاغ، و بلغنا هذا العلم من الله، و علينا نحن التسليم، من الله العلم ينزل علينا من الله، و الرسول ﷺ هو المبلغ يبلغنا هذا العلم، العلم الوحي في الكتاب و السنة يبلغه الرسول، و علينا التسليم نحن عبيد مأمورين ، أمروا أحاديث رسول الله كما جاءت يعني: لا تؤلوها ولا تخرجوها عن ظاهرها. و في رواية فإن أصحاب رسول الله أمروها.
و معنى هذه لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، الإيمان الواجب الكامل يعني: ضعيف الإيمان ولكن ليس بكافر الزاني ليس بكافر و لكنه ضعيف الإيمان لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن يعني الإيمان الكامل الذي تبرأ به ذمته و يستحق به دخول الجنة و النجاة من النار، بل إذا زنى و مات فهو على خطر من دخول النار إلا أن يتوب، وكذلك -في الحديث الآخر- لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ.
، و لهذا بين العلماء هذا كالنووي -رحمه الله- و قال : هذا الحديث اختلف العلماء في معناه فالقول الصحيح الذي قال المحققون أن معناه لا يقال هذه يفعل هذه المعاصي و هو كامل الإيمان و هذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء و يراد نفي كماله و مختاره، كما يقال لا علم إلا ما نفع و لا مال إلا الإبل و لا عيش إلا عيش الآخرة و أنما تاولناه على ما ذكرناه لحديث أبي ذر و غيره مَن قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الجَنَّةَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ، وحديث عبادة بن الصامت في الحديث المشهور أنهم بايعوه على أن لا يسرقوا و لا يزنوا و لا يعصوا ثم قال لهم فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، فهذان الحديثان على وظاهرهما في الصحيح مع قول الله : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ مع إجماع أهل الحق على أن الزاني و السارق و القاتل و غيرهم من أصحاب الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك بل هم مؤمنون ناقصوا الإيمان، أن تابوا صغرت عقوبتهم و أن ماتوا مصرين على الكبائر كانوا في المشيئة فأن شاء الله عفا عنهم و أدخلهم الجنة و أن شاء عذبهم ثم أدخلهم الجنة.
هذا هو الصواب اللذي عليه أهل السنة و الجماعة أن الزاني و السارق و شارب الخمر هؤلاء عصاة أن تابوا تاب الله عليهم و أن ما قبلت التوبة هم على خطر من دخول النار قال يعذبون وقد يُعفى عنهم، إذا عذبوا فلا يخلدون إلا إذا استحلوا، استحل الزنا و السرقة و استحل رأى أنه حلال هذا كفر و رده ، لكنا ذا فعل طاعة للشيطان و علم أنه عاص يعلم أن الزنا حرام يعلم أن الربا حرام يرابي غلبته شهوة المال يزني غلبته الشهوة للحرام يسرق غلبته الشهوة يعلم أن هذا حرام يعلم أنه عاصي هذا مؤمن ناقص إيمانه، أما إذا قال: لا، الزنا حلال أو السرقة حلال و الربا حلال هذا مرتد نعوذ بالله نسال الله السلامة والعافية و فق الله الجميع لطاعته و صلى الله وسلم نقف على قول ابن عمر.