بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصل اللهم و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .. أما بعد :
في إننا في مساء هذه الدورة المباركة إن شاء الله سوف نتكلم على ما يفتح الله به في توضيح هذه الرسالة المسماة ( الأربعون في دلائل التوحيد ) لأبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري الهروي و أبو إسماعيل هو عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن احمد بن علي بن جعفر المنصور الأنصاري الهروي كان مولده في سنة ست و تسعين و ثلاثمائة و وفاته في سنة إحدى و ثمانين و أربع مئة و عمره أربع و ثمانون سنة و ستة أشهر , هذا العالم من علماء الحنابلة من علماء القرن الرابع و الخامس الهجري و هو من علماء الحنابلة , حنبلي و له مؤلفات و له شيوخ كثيرون متعددون ذكرهم المترجمون لهذا العالم و له تلاميذ كثيرون و يلقب بشيخ الإسلام , يلقب بشيخ الإسلام الأنصاري و كان أثريا يعني له عناية بالحديث و لهذا تجدون هذه الرسالة كلها رواها بالأسانيد , فهو أثري و ذكر الذهبي رحمه الله أن الأحاديث الذي ذكرها بالأسانيد كلها صحاح و حسان ما عدا بعض الأحاديث التي ذكرها في كتابه ( الفاروق ) له من المؤلفات الأربعين في السنة و له كتاب الفاروق في الصفات و له الأربعون في التوحيد و هو هذا الكتاب الذي بين أيدينا و له مؤلفات أخرى و أبو إسماعيل الأنصاري الهروي و يلقب بشيخ الإسلام كان قويا في الحق آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر و كان شديد الإثبات للأسماء و الصفات و شديدا على من عارض ذلك فهو يثبت الأسماء و الصفات لله عز و جل و يستدل بالأحاديث و الآيات القرآنية و يشتد على من نفى الأسماء و الصفات لله عز و جل حتى إن أعدائه من المبتدعة المعطلة الذين عطلوا الأسماء و الصفات تألبوا عليه و حاولوا قتله مرات و سعوا إلى السلطان فلم يفلحوا و لا يبالي و كان يطلب منه أن يسكت عن الرد على المخالفين و لكنه يأبى هذا موقفه من الأسماء و الصفات و له كتاب ( الفاروق ) و كتاب ( ذم الكلام ) و كتاب ( الأربعين في الصفات ) فهو من أهل السنة و الجماعة في هذا الباب في باب الأسماء و الصفات , كان قويا في الحق ثابتا عنده رباطة جأش و لا يبالي بالأعداء حتى لو أدى هذا إلى قتله فهو صامد و لكنه ألف كتاب في باب السلوك سماه ( منازل السائرين بين إياك نعبد و إياك نستعين ) و المراد بالسائرين يعني السائرون إلى الله الذين يسيرون إلى الله في العبادة ( منازل السائرين بين إياك نعبد و إياك نستعين ) , إياك نعبد : يعني نخصك يا الله بالعبادة , و إياك نستعين : نستعين بك , عبادة و توكل فهذا الكتاب سماه منازل السائرين إلى الله بين العبادة و بين السعادة بين إياك نعبد و إياك نستعين لكنه غلب عليه التصوف في هذا الباب في باب العبادة , غلب عليه التصوف و صار يتكلم بكلمات الصوفية و اصطلاحاتهم و إشاراتهم و يتكلم عن المحو و الفناء و الغيبة و الشهود , و الغيبة و الفناء درجة متوسطة عند الصوفية , الصوفية لهم كلام في السلوك و يقسمون الناس إلى ثلاثة أصناف , عامة و خاصة و خاصة خاصة فالعامة عندهم عند الصوفية هم المسلمون و منهم الأنبياء و الرسل يسمونهم عامة و عليهم التكاليف و يسمون أهل الشريعة يسمونهم أهل الشريعة لهم تكاليف و أوامر و نواهي و يتعبدون لله خوف و رجاء و توكل و الطبقة الثانية الخاصة الذين تجاوزا المرتبة العامة يسمونهم أهل الحقيقة أولئك أهل الشريعة و هؤلاء أهل الحقيقة و الذين ينظرون بزعمهم إلى الله و يشهدون الله عز و جل و يتناسون ما سواه من المخلوقات و هذه يسمونها الغيبة , من شدة تعلقهم بالله بزعمهم أنهم يشهدون ربهم عز و جل و لا يشهدون ما سواه من المخلوقات يتناسونها , يقول واحد منهم : أنا لا أستطيع أن أنظر إلى السماوات و الأرضيين و آدميين هذا يشوش علي أنا أركز شهودي إلى الله عز و جل ما أنظر إلا إلى الله أترك السماوات و الأرضيين و الآدميين ما كأنها موجودين أغيب عنها ما كأنها موجودة لأنها تشوش علي عبادتي , هذه الطريقة المتوسطة للصوفية يسمونها طريقة الغيبة , طريقة الغيبة يغيب , يقول أحدهم : يغيب بمشهوده عن شهوده و بمعبوده عن عبادته و بمذكوره عن ذكره و بموجوده عن وجوده , يغيب عنده غيبة و حتى تقوى هذه الشدة شدة الغيبة عند بعضهم , تقوى شدة الغيبة عند بعضهم حتى يظن أنه هو معبوده و محبوبه و يكون متعلقا به أشد التعلق حتى ينسى نفسه و يظن أنه هو حتى إن أحدهم لما غاب بمعبوده بمحبوبه غاب به عنه من شدة تعلقه به و غيبته عما سواه صار مرتبطا به كأنه مغناطيس فلما سقط محبوبه في الماء سقط خلفه في الماء , فقال كيف أنا سقطت ما الذي أسقطك , قال : غبت بك عني فظننت أنك أني , غبت بك عني فظننت أنك أني , هذه الدرجة يسمونها درجة الغيبة و هذه هي التي غلبت على ابن محمد حتى إنهم بسبب هذه الغيبة عطلوا العبادة , عطلوا عبادة الله و صار الواحد منهم همه الغيبة بمعبوده حتى أنه ينسى العبادة , هذه تسمى الغيبة و هي الطريقة المتوسطة , هذا الكتاب و هو منازل السائرين بين إياك نعبد و إياك نستعين شرحه الإمام بن القيم رحمه الله في كتابه المشهور المسمى ( مدارج السالكين ) شرح منازل السائرين بين إياك نعبد و إياك نستعين و يتعقب أبي إسماعيل الهروي في تصوفه و يحمل كلامه على أحسن المحامل و أحيانا يفلح و أحيانا لا يفلح و أحيانا يرد عليه و يقول : شيخ الإسلام حبيب إلينا و لكن الحق أحب إلينا منه و لماذا يعتذر عنه الإمام القيم لموقفه في الصفات و الأسماء و وقوفه أمام أهل البدع لكنه مع الأسف لما جاء في باب السلوك وافق أهل البدع في التعطيل , تعطيلا آخر غير تعطيل أهل البدع , أهل البدع عطلوا الله من أسمائه و صفاته و الصوفية عطلوا عبادته , عطلوا الله من عبادته فلما جاء في باب السلوك وقع في تعطيل يوازن تعطيل أهل البدع في الأسماء و الصفات , الطائفة الثالثة من الصوفية هؤلاء تصل بهم الحال الخاصة إلى أن الواحد منهم إذا الغى صفاته و جعلها صفات لله و علم أن ما قدر له سيكون يقول سقط عنه التكليف و هذا أمر خطير لأن من قال أن احد يسقط منه التكليف و عقله ثابت معه يستتاب فإن يتب و إلا قتل كافرا , الطائفة الثالثة طائفة خاصة في خاصة و هم الذين يقولون بالمحو , محو ما سوى الله أولئك يقولون بالغيبة و هؤلاء يقولون بالمحو ينكرون ما سوى الله كل ما تراه هو الله , كما يقول ابن عربي رئيس وحدة الوجود و غيره الذي يقول العبد رب و الرب عبد يا ليت شعري من المكلف إن قلت عبد فذاك ميت أو قلت رب فلا يكلف فيلتبس عليه الأمر فما يدري , ما يدري هذا العبد و لا الرب فإن قلت عبد فهذا يموت و إن قلت رب فكيف يكلف و يقول عبد هالك و رب مالك و أنتم بذلك و العبد (12:00) فهؤلاء وصلوا إلى القول بوحدة الوجود و هذا اظلم الكفر و أعظم الكفر لأنه يعتقد بأن العبد هو الرب و الرب هو العبد فهذه خاصة الخاصة يسمون أنفسهم أهل التحقيق فيقولون الناس ثلاث طبقات , أهل الشريعة و أهل الحقيقة و أهل التحقيق , فأهل الشريعة منهم الأنبياء و الرسل و هم العامة يسمونهم العامة و عليهم التكاليف , أهل التحقيق تسقط عنهم التكاليف إذا وصلوا إلى , إذا ألغى الواحد منهم صفاته و جعلها صفات لله سقطت التكاليف و أهل وحدة الوجود ما عندهم , أهل الشريعة عندهم طاعات و معاصي و أهل التحقيق عندهم طاعات و ليس عندهم معاصي حتى لو فعل الزنا ما يكون عنده معصية خلاص المعاصي عند أهل الشريعة و أهل التحقيق ليس عندهم لا معاصي و لا طاعات , أبو إسماعيل الهروي سلك المسلك الوسط , مسلك الصوفية و قال أبيات خطيرة جره إليها أهل الوحدة و قال الأبيات المعروفة :
ما وحد الواحد من واحد إذ كل من وحده جاحد
توحيد من ننطق عن نعته عارية أبطلها الواحد
توحيده إياه توحيده و نعته من ينعته ناحد
هذه الأبيات الثلاثة أهل الإتحاد جروه إليهم و قالوا إنه إتحادي حلولي يقول ما وحد الواحد من واحد , ما وحد الواحد ما وحد الله إلا الله لأن ليس موجود إلا الله و الشيخ بن القيم يعتذر عنه و يقول أن مقصوده غلب عليه الشذوذ و ليس مقصوده القول بوحدة الوجود , توحيد من ينطق عن نعته عارية أبطلها الواحد , كل من يتكلم عن الله و ينعته يقول هذه عارية أبطلها الله , وحدة الله أبطلت هذه , متى يكون التوحيد !
توحيده إياه توحيده توحيده الحقيقي هو توحيد نفسه بنفسه لأن لا يوجد غيره عند الاتحادية , ونعت من ينعته ناحد , كل من يتكلم عنه و ينعته فهو ملحد لأن الاتحادية عندهم من يقول أن هناك رب و عبد هذا ملحد و الموحد من يقول الوجود واحد , هذه الأبيات الثلاثة جره إليها الاتحادية جروه و قال ابن القيم : أقسم بالله جهد أيمانهم إنه منهم و يقول و والله إنه ليس منهم يعتذر عنه .
المقصود من هذا أن تأخذوا نبذه عن هذا الرجل و العالم و لكن له مواقف مشكورة مع البدع في باب الأسماء و الصفات و لكنه لما جاء في باب السلوك وقع في التعطيل , تعطيلا غير التعطيل يوازي ذاك التعطيل , فنحن الآن الرسالة التي بين أيدينا في باب الأسماء و الصفات ليس بباب السلوك و يسمى شيخ الإسلام و هو حنبلي صوفي و له أيضا عناية بالحديث و الأثر و له عناية بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و لهذا قال ابن القيم عن شيخ الإسلام : عمله خير من علمه أو أكثر من علمه أو كما قال رحمه الله , هذه الرسالة تتعلق بباب الأسماء و الصفات لكن نحن الآن ذكرنا ماله و ما عليه و الله يعفو عنا و عنه و قد يكون هذا غلبة السلوك و التأثير عليه أثر عليه الفناء و الشهود عندهم و المحو و الكلام و اصطلاحات الصوفية و إشاراتها فغلبت عليه و إن كان قصده حسنا فنسأل الله أن يعفو عنا و عنه , نبدأ الآن بالرسالة سماها الأربعون في دلائل النبوة و رتبها على أبواب ذكر اثنين و أربعين بابا و كل باب معنون ثم يروي بالسند , يروي بالسند حديث و الحديث من رواية كما ذكر المحقق أبو مالك جهاد بن السيد المرشدي قال أن هذه الرسالة من رواية أبي نصر أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن إسحاق و قد ذكر بعض أهل العلم أن أبا إسماعيل الهروي له كتاب الأربعون في التوحيد ذكر منهم الذهبي و حاج بن خليفة و صاحب هدية العارفين و تلاميذه الآن يروون عنه هذه الرسالة بالسند , نبدأ بالباب الأول .
......................................................................
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا .. أما بعد :
اللهم اغفر لشيخنا و للحاضرين و لمن يسمع .
( متن )
قال الإمام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري الهروي رحمه الله تعالى :بسم الله الرحمن الرحيم و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم :
قال حَدثنَا الشَّيْخ الإِمَام شيخ الْإِسْلَام سراج السّنة أَبُو نصر أَحْمد بْن عمر بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْحَاق فِيمَا قَرَأت عَلَيْهِ قال حَدثنَا الشَّيْخ الإِمَام نَاصِر السّنة إِمَام الْأَئِمَّة أَبُو إِسْمَاعِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّد بن عَليّ الْأنْصَارِيّ رَحمَه الله أنه قَالَ
( الشيخ )
هذا السند الآن و كأن الآن يسبق المؤلف اثنان من التلاميذ , الأول شيخ الإسلام سراج السنة أبو نصر أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن إسحاق تلميذه يقول فيما قرأته عليه أنه قال حدثنا الشيخ الإمام ناصر السنة إمام الأئمة أبو إسماعيل الهروي , المؤلف رحمه الله قال :
( متن )
قال بَابُ الإِيجَابِ النِّيَّةِ الصَّادِقَةِ فِي كُلِّ عَمَلٍ قال حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّرَّازِيُّ بِنَيْسَابُورَ قال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسْنَوَيْهِ الْمقري قال حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْعَسْقَلَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ سَلَّامٍ بِدِمَشْقَ قال حدثنا مَرْوَان اْن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ قال حدثنا يحي بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ انه قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ أنه قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لكل امرئ مَا نَوَى(الشيخ )
هذا الباب الأول سماه باب إيجاب النية الصادقة ( ال ) لعلها زائدة كما قال ذكر الوحشي لعلها باب إيجاب النية الصادقة في كل عمل إذا هذا الباب معقود لبيان وجوب النية و قال النية الصادقة لأن النية الكاذبة لا تنفع , النية الصادقة يكون الإنسان صادق مع الله , النية الصادقة في كل عمل واجبة على الإنسان تصدق مع الله في عقيدتك في إيمانك بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر خيره و شره تكون صادق ما يكون كاذب , المنافق كاذب , كاذب في نيته , المنافقون يخادعون الله و هو خادعهم فهم كاذبون ( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) كاذبون في أي شيء ؟ في اعتقادهم وفي إقرارهم يقرون كذبا بألسنتهم وقلوبهم واعتقادهم ونياتهم تخالف ما نطقت به ألسنتهم فهم كاذبون فهو يشهد يشهدون أن محمدا رسول الله نطقا أمامه وفي اعتقادهم ونياتهم كاذبون ينكرون فهؤلاء لم يأتوا بالنية الصادقة وهم المنافقون فيكونوا كفارا ومتى يكون الإنسان مسلما ؟ إذا أتى بالنية الصادقة فكان اعتقاده يوافق عمله الباطن يوافق الظاهر يتوافق الباطن مع الظاهر فإذا اختلف الظاهر مع الباطن فصار الظاهر ظاهر الإنسان وعمله إظهار الحق وباطنه خلاف ذلك هذا هو فعل المنافقون إذا كان هذا في الاعتقاد يكون هذا في الدرك الأسفل من النار ولهذا لما جاء جبرائيل للنبي ﷺ في صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يعرفه أحد فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسبب هذا أن النبي قال سلوني سلوني . فلم يسألوه فأرسل الله جبرائيل ليسأل السائل وهو يريد أن يعلم ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم جاء جبريل يعلمكم دينكم أو أمر دينكم قال يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت قال (صدقت ) قال أخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره فالإسلام فسره النبي ﷺ بأي شيء بالأعمال الظاهرة الشهادتان (النطق بالشهادتين ) والصلاة والزكاة والصوم والحج والإيمان فسره بماذا ؟ بالأمور الباطنة اعتقاد الإيمان بالله باطنة والإيمان بالملائكة وبالكتب والإيمان بالرسل والإيمان باليوم الآخر فمن أتى بأركان الإيمان الباطنة وأركان السلام الظاهرة هذا هو المسلم ظاهرا وباطنا ومن أتى بأركان الإسلام الظاهرة ولم يأت بأركان الإيمان الباطنة هذا منافق فيكون في الدرك الأسفل من النار ومن أتى بأركان الإيمان الباطنة ولم يأت بأركان الإسلام الظاهرة فهذا إذا امتنع عن الشهادتين قتل . ولو كان مؤمنا بالباطن فأمره إلى الله لا بد من التوافق في الباطن والظاهر فإذا النية الصادقة لا بد منها في صحة إسلام وإيمان العبد , ولهذا بوب المؤلف هذا الباب قال باب إيجاب النية الصادقة في كل عمل كل عمل .عقيدة صلاة صيام زكاة حج بر للوالدين صلة الأرحام أي عمل الإحسان للناس في كفك نفسك عن الأذى لا بد من الإتيان بالنية الصادقة .الصادقة تقابلها النية الكاذبة نية المنافق كاذبة و نية المسلم صادقة ولهذا قال باب إيجاب النية الصادقة في كل عمل و كل صيغة عموم وليس في الاشيء , في الصيام حديث حفصة (من لم يبت الصيام من الليل فلا صيام له ) ثم روى المؤلف بسنده هذا الحديث و هذا يدل على أنه أثري له عناية بالحديث , قال حدثنا علي بن محمد بن حسنويه المقري قال حدثنا أبو جعفر أحمد بن الفضل العسقلاني وَ محمد بن هشام بن سلام بدمشق قال حدثنا مروان بن معاوية الفزاري قال حدثنا يحيى بن سعيد , هذا يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر , هذا الحديث قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى ) الحديث رواه الشيخان البخاري و مسلم من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة عن عمر , و هذا الحديث من أصح الأحاديث و هو فرد غريب , غريب في أوله لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمر و لم يروه عن عمر إلا علقمة بن و قاص الليثي و لم يروه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي و لم يروه عن محمد بن إبراهيم إلا يحيى بن سعيد الأنصاري ثم انتشر الحديث و رواه المئات فهذا يسمى غريب يسمى غريب لماذا غريب الغريب لأنه ما رواه فرد أو فرد عن فرد و هل الغريب ضعيف ! لا ما يلزم أن يكون ضعيف و هذا غريب و هو من أصح الأحاديث و الغرابة تختلف إذا كانت الغرابة في أول السند فلا تضر في الطبقات الأولى أما إذا كانت الغرابة في الطبقات المتأخرة فهي تضر و لهذا يتوقف العلماء في الغرائب و الفرائد و المحدثون , حديث فرد من الفرائد تفرد به فلان إذا تفرد به عن أحد التلاميذ عن شيخ هذا يعتبر قدح لماذا أين زملائه أين التلاميذ عن هذا الحديث لماذا لا يرويه إلا واحد إذا كان الشيخ له عشرة ثم رواه واحد و التسعة ما رووه هذا قدح لماذا أين التلاميذ لماذا انفرد به هذا الواحد من التلاميذ عن الشيخ هذا في الطبقات المتأخرة , المقصود إن هذا الحديث و إن كان غريب فهو من أصح الأحاديث و هذا الحديث حديث عظيم يدخل في كل عمل كما قال المؤلف في كل عمل حتى قال بعض أهل العلم أنه نصف الدين و قال بعضهم أنه ربع الدين , قالوا إن الدين يدور على أحاديث أربع أو ثلاثة هذا الحديث (إنما الأعمال بالنيات) و حديث ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) و حديث ( الحلال بين و الحرام بين ) و بعضهم زاد بعض الأحاديث و هذا الحديث قد يقال أنه نصف الدين لأنه يتعلق بالأعمال الباطنة و حديث ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) هذا النصف الآخر فيما يتعلق بالأعمال الظاهرة (إنما الأعمال بالنيات) هذا في كل عمل باطن و حديث ،حديث ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) في الأعمال الظاهرة و هذا الحديث (إنما الأعمال بالنيات) فيه دليل على الإخلاص و أن العمل لا يصح إلا إذا كان خالصا لله مرادا به وجه الله و الدار الآخرة و هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله , مقتضى شهادة لا إله إلا الله أن لا يعبد إلا الله كما أن حديث عائشة ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله و هو يقتضي المتابعة للنبي صلى الله عليه و سلم و إذا تخلفت المتابعة حل محلها البدع كما أنه إذا تخلف الإخلاص حل محله الشرك (إنما الأعمال بالنيات) الأعمال بالنيات , العمل بالنية إذن الحديث حديث عظيم نصف الدين و قد يقال نصف الدين لأن الدين أعمال باطنه و أعمال ظاهرة و كل الأعمال الباطنه داخلة في هذا الحديث و كل الأعمال الظاهرة داخلة في حديث ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) الأعمال بالنيات العمل بالنية لا يصح العمل إلا بالنية , إنما : أداة حصر , إنما الأعمال : إنما تكون الأعمال صحيحة بالنيات , إنما تكون الأعمال صحيحة و مقبولة عند الله بالنيات مع الأصل الثاني وهو أن تكون هذه الأعمال و هذه العبادات موافقة لشريعة الله (إنما الأعمال بالنيات) المؤلف رحمه الله سمى هذا الكتاب الأربعون في دلائل التوحيد ما مناسبة هذا الحديث لدلائل التوحيد , الأعمال بالنيات هذا الحديث افتتح به البخاري رحمه الله كتابه الصحيح , كتابه الصحيح الذي هو أصح الكتب بعد كتاب الله صحيح البخاري , افتتح كتابه بهذا لماذا !
قال العلماء ليبين أنه لابد لطالب العلم أن يخلص نيته و يبين أنه إنما ألف هذا المؤلف العظيم ابتغاء وجه الله و لنفع عباد الله و لينبه طالب العلم على أنه لابد من إصلاح النية (إنما الأعمال بالنيات) النووي رحمه الله افتتح الأربعين النووية بهذا الحديث (إنما الأعمال بالنيات) و كذلك افتتح كتابه رياض الصالحين بـ (إنما الأعمال بالنيات) و العلماء كثير ما يفتتحون كتبهم بهذا الحديث بالتنبيه تنبيه المسلم و تنبيه طالب العلم على إصلاح النية و إحسان النية و إتقانها , النية إصلاحها من أصعب الأمور يقول العلماء أنه من أصعب الأمور , يقول بعض السلف : إني أجاهد نفسي على الإخلاص فإذا دفعت الوساوس و الخواطر يأتي من طريق آخر تنبت في طريق آخر و لا يدافع و لكن المسلم مأمور بالجهاد و المجاهد موعود بالهداية ( و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) ( ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ) فعليكم و علينا جميعا نحن المنتسبون إلى العلم أن نجاهد أنفسنا في إصلاح النية و أن يكون طلبنا للعلم سواء في الجامعات أو في المعاهد العلمية الشرعية أو في الدروس العلمية و الدورات العلمية في المساجد أن يكون القصد من ذلك وجه الله و الدار الآخرة أن يكون القصد بذلك التقرب إلى الله و التعبد له فإن طلب العلم من أفضل القربات و أجل الطاعات , أصلح النية لتكن نيتك صادقة حتى يوفقك الله و العلم فضله عظيم و ( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ) كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح و العلماء ورثة الأنبياء و العلم قربة و طاعة و القربة و الطاعة لابد فيها من النية الصادقة لابد فيها من الإخلاص حتى تصح هذه القربة و تكون مقبولة عند الله و هذا هو السر في افتتاح المؤلف و غيره كتبهم بهذا الحديث ينبه انتبه يا طالب العلم عليك أن تجاهد نفسك في أن تكون نيتك صادقة (إنما الأعمال بالنيات) الكتاب في الصفات في إثبات الأسماء و الصفات و مع ذلك افتتح المؤلف رحمه الله كتابه بهذا الحديث (إنما الأعمال بالنيات) أنت تطلب العلم أصلح نيتك حتى يوفقك الله و حتى يرزقك الله العلم فالعلم رزق يرزقه الله من يشاء من عباده العلم رزق و لهذا لما حصلت فتنة في صفوف المحدثين و امتحن الإمام البخاري رحمه الله لما نشر الله له من الصيت و هجره بعض الناس و رموه بأنه مجسم حتى هجره بعض أهل الحديث و قالوا إن من حضر مجلس البخاري فهو مثله فاتركوه أو كذا هذه الفتنة حدثت في صفوف المحدثين لما نشر الله له من الصيت و الرفعة في الدنيا و لتعلقهم بشبهة بكلام مجمل قاله الإمام أحمد رحمه الله قال : من قال لفظي للقران مخلوق فهو جهمي و من قال لفظي بالقران غير مخلوق فهو مبتدع و الإمام أحمد أراد سد الباب و الإمام البخاري رحمه الله فصل و ميز و قال إن كلام الله منزل و غير مخلوق أما أفعال العباد و حركاتهم و أدائهم و تلفظهم كل ذلك مخلوق فحصلت فتنة في صفوف المحدثين و ظنوا أن الإمام البخاري يخالف الإمام أحمد و حاشا لله فالإمامان متفقان و كل منهما إمام من أئمة أهل السنة و الجماعة لكن البخاري ميز و فصل بينما يقوم بالعبد و ما يقوم بالرب و الإمام أحمد رحمه الله أتى بكلام مجمل لشد الذريعة فتعلق بعض الناس حصلت لهم شبهة نشأت من القول المجمل مع الحسد الذي حصل له الإمام البخاري حتى هجر الإمام البخاري و بدع و لما قيل له إن فلانا يقول لا تحضروا أمام مجلس البخاري فإن من حضر مجلسه فهم على مذهبه فقال الإمام البخاري كم يعتلي فلان الحسد و العلم رزق يرزقه الله من يشاء من عباده وهذا الشاهد , العلم رزق فابتغوا عند الله الرزق و اعبدوه و اشكروا له , العلم رزق يرزقه الله من يشاء من عباده , انظروا إلى العلماء الآن تجدون العلماء أو التلاميذ يجلسون في حلقة واحدة و يدرسون على شيخ واحد أو على عدد من المشايخ ثم بعد سنين يبرز بعض التلاميذ و يكون إماما و عالما و فاضلا و زملاؤه ما حصلوا شيء من العلم بعض زملائه ما حصلوا شيء من العلم فيبرز هذا الإمام فيرزقه الله العلم و يكون مرجعا للناس فيما يحتاجون إليه و يسألونه عن كل شيء و بعض زملائه من التلاميذ لم يحصلوا على شيء من العلم حتى إنهم يرجعون إليه و هذا مشاهد في عصرنا هذا و في غيره إذن العلم رزق يرزقه الله لعباده ما كل من جلس و طلب العلم يحصل من العلم و الناس يتفاوتون فتجدهم يجلسون أمام بعض أهل العلم و منهم من يرزقه الله كذا من العلم يحصلون على بعض الفوائد و منهم ومنهم من يحصل على , في المجلس الواحد منهم من يحصل على فائدة واحدة ما يعلق في ذهنه إلا فائدة و منهم من يعلق في ذهنه عشرة فوائد و منهم من يعلق في ذهنه عشرين فائدة و منهم من يعلق في ذهنه أربعين فائدة و منهم من يقيده و يستفيد و يبقى معه و منهم من يهمله و منهم من يصاب بشرود الذهن و العلم رزق يرزقه الله فعليك بالأسباب و التضرع إلى الله عز و جل و النية الصادقة كما قال المؤلف باب إيجاب النية الصادقة في كل عمل ( إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى ) و جزا الله المؤلف خيرا على افتتاحه هذه الرسالة بهذا الحديث العظيم الذي يذكرنا نحن المنتسبون إلى العلم بوجوب النية الصادقة في طلبنا للعلم و في تعلمنا و في تعليمنا و في كل أعمالنا و في كل ما نأتي و نذر فرحم الله أهل العلم و رحم الله علماءنا ووفقنا لمتابعتهم في الخير ووفقنا للنية الصادقة و العمل الصالح و جعلنا من أهل العلم و البصيرة إنه على كل شيء قدير .
( متن )
قال بَابُ إِيجَابِ النَّصِيحَةِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ
قال أخبرنَا مُحَمَّد بن عَليّ قال حدثنا يحيى الباشاني قال أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَاسِينَ قال حدثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارمِيّ ومعاذ بْنِ مُعَاذ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ قَالُوا حدثنا مُسَدّد قال حدثنا يحيى بْنُ سَعِيدٍ ثقال حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبي خَالِد ح قال و أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ الصَّيْرَفِيُّ قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ قال حدثنا الرَّبِيعُ قال حدثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قال حدثنا يَزِيدُ بْنُ عَطاء عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَن جرير بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ( بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ سلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ )
( الشيخ)
هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله للإيجاب النصيحة لكل مسلم و الباب الأول وجوب النية الصادقة في كل عمل تعمله سواء كان هذا العمل من حقوق الله أو من حقوق الآدميين لابد من النية الصادقة و الباب الثاني في إيجاب النصيحة لكل مسلم هذا في العمل الذي يتعلق بالناس و حقوقهم باب إيجاب النصيحة لكل مسلم ذكر بالسند أن المؤلف أثري ثم قوله ( ح ) هذا تحول في الإسناد من إسناد إلى إسناد , حدثنا محمد بن موسى الصيرفي و هذا الحديث يرويه جرير بن عبد الله كما أن الحديث الأول يرويه عمر بن الخطاب رضي الله عنه و هذا يرويه جرير بن عبد الله البجلي قال ( بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و النصح لكل مسلم ) و هذا الحديث رواه الشيخان البخاري و مسلم و هو من أصح الأحاديث و هذه بيعة خاصة , بيعة خاصة لأن البيعة تكون عامة لعموم المسلمين و تكون خاصة فالنبي صلى الله عليه وسلم له عدة بيعات قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أشياء على إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و النصح لكل مسلم إقام الصلاة ما قال بايعت رسول الله فعل الصلاة أو إتيان الصلاة قال على إقام الصلاة و إقام الصلاة غير فعل الصلاة ,إقام الصلاة غير فعل الصلاة فالمقيم للصلاة هو مؤديها الذي يؤديها بحقوقها بأركانها و شروطها و خشوعها و وضوئها و نيتها و وقتها بخلاف المصلي فإن المصلي كثير و المقيم للصلاة قليل ما كل مصلي مقيم للصلاة فالمصلي كثير و المقيم للصلاة قليل كما أن الركب إلى بيت الله في وقت الحج كثير و الحج قليل , الركب كثير , كم الذين يركبون الحجاج عددهم كثير و الحاج قليل و كذلك المقيم للصلاة فالمصلي كثير و المقيم للصلاة قليل , المصلي هو الذي يأتي بالصلاة الصورية ركوع و سجود و يأتي بالأركان الظاهرة هذا مصلي لكن من هو مقيم الصلاة من هو الذي عنده النية الخالصة من هو الذي يؤدي الأركان من هو الذي يؤدي الواجبات من هو الذي يحضر قلبه من هو الذي يتابع الإمام من هو الذي يؤديها في الوقت كل هذا داخل في الإقامة , هذا الحديث حديث جرير بن عبد الله البجلي الذي رواه الشيخان البخاري و مسلم رحمهم الله يقول فيه جرير بن عبد الله البجلي ( بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و النصح لكل مسلم ) بايعه على هذه الأمور الثلاثة ولهذا كان رضي الله عنه ناصحا لكل مسلم و يتذكر هذه البيعة دائما فإذا قيل له في شيء ما قال بايعت رسول الله على النصح لكل مسلم , على إقام الصلاة إقام الصلاة أن يؤدي الصلاة معطيا حقوقها من الواجبات و الأركان و الشروط و النية الصادقة و حضور القلب و المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم و المتابعة للإمام هذا هو إقام الصلاة و لهذا جاءت النصوص الكثيرة في الثناء و المدح للذين يقومون الصلاة ( الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة ) ( و أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) بخلاف فعل الصلاة فإن الإنسان يفعل الصلاة الصورية و لكن قد لا يقيمها و قد يصلي الإنسان و لكنه لا يقيم الصلاة و لهذا جاء الوعيد الشديد على من صلى و سها عن صلاته قال ( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) و لهذا البيعة ليست على فعل الصلاة بل على إقام الصلاة , و الأمر الثاني إيتاء الزكاة الإيتاء هو العطاء يعني إعطاء الزكاة لمستحقيها عن طيب نفس و طواعية و اختيار , إيتاء الزكاة , الزكاة جزء من المال يؤخذ يدفعه المسلم و هو حق مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص من شخص مخصوص فيؤدي الزكاة المسلم يؤتي الزكاة عن طواعية و اختيار و إيمان صادق و عن رغبة و رهبة و يحاسب نفسه محاسبة الشريك الشحيح حتى يخرج هذه الزكاة عن طواعية و اختيار و يعتقد و يعلم أنه هو الرابح و أن الزكاة غنيمة و ليست غرامة فأنت تغنم و تربح عن ربك أعظم الربح لا يؤديها وهو متبرم ولا متكره و لا مستثقل و لا معتقدا أنها غرامة بل هي غنيمة إيتاء الزكاة لمستحقيها عن طيب نفس و النصح لكل مسلم هذا الأمر الثالث بيعة , بيعة على النصح لكل مسلم تنصح لكل مسلم , تنصح لكل مسلم تحب له ما تحب لنفسك و في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) أن تحب له الخير و تكره له الشر و من ذلك أنك تنصح له في تعلم العلم و تعليمه و هذا هو مناسبة هذا الحديث لدلائل التوحيد النصح للمسلم في تعلم العلم و تعليمه و العلم قال الله و قال رسوله و قال الصحابة العلم كما سبق ثلاثة أنواع علم بالله و أسمائه و صفاته و أفعاله و علم بالأمر و النهي الذي هو دينه و علم بالجزاء و هذه الرسالة علم بالله و أسمائه و صفاته فمن النصح للمتعلم أن ترشده إلى العلم و تحظه عليه و ترشده إلى الوسائل و الطرق المؤدية إلى العلم و ترشده إلى العلماء أهل البصيرة و أهل العلم الذين يستفيدون منهم و كذلك النصيحة من المتعلم لمعلمه بالأخذ عنه و التأدب بالآداب الشرعية و محبته و الدعاء له و سؤاله عما أشكل عليك و تقييد العلم الذي تستفيده و تنشره و تدعوا لمن استفدت منه كل هذا من النصح , النصح لكل مسلم و هذا هو الشاهد لدلائل التوحيد المؤلف رحمه الله أتى بهذا الحديث لأن التعلم و التعليم داخل في النصح من النصح للمسلم النصح له بالتعلم و التعليم و إثبات الأسماء و الصفات لله علم , علم بالله و أسمائه و صفاته و من أجل العلوم و أفضلها , أفضل العلوم العلم بالله و أسمائه و صفاته و أفعاله فمن النصح للمسلم أن تعلمه و أن تفقه في أسماء الله و صفاته و من النصح من المتعلم للمعلم محبة العالم و الأخذ عنه و نشر علمه و الاستفادة منه و السؤال عما أشكل عليك و اختيار المعلم الذي تستفيد منه و بهذا يتبين مناسبة هذا الحديث لدلائل التوحيد .
(متن )
بَابُ تَعْظِيمِ الْإِثْمِ عَلَى كَاتِمِ الْعِلْمِ
-
قال حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الْأَدِيبُ بِنَيْسَابُورَ لَفْظًا قال حدثنا الْأَصَمُّ قال حدثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الْبَصْرِيّ قال حدثَنَا إدريس بن يحيى بْنِ عَبَّاسٍ ح وَ قال أخبرنا مَنْصُورُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُفَسِّرُ بِنَيْسَابُورَ قال حدثَنَا الْأَصَمُّ قال أخبرنا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قال حدثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( مَنْ كَتَمَ عِلْمًا أَلْجَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ )
( الشيخ )
هذا الباب الثالث من أبواب هذه الرسالة في دلائل التوحيد عنون له المؤلف بباب تعظيم الإثم على كاتم العلم أن من كتم العلم فإنه يأثم و أن إثمه عظيم فالإثم يعظم الإثم هو يحصل للإنسان إذا فعل معصية إن ارتكب محرم أو ترك واجب إذا ترك واجبا أثم و إذا فعل محرم أثم و في بعض الواجبات أو بعض المحرمات يعظم الإثم عليه يكون عظيما لشدة تأثيره إذا كان أثر هذا الإثم بالغا أو سيئا فإن الإثم يعظم و المؤلف رحمه الله يقول إن كاتم العلم إثمه عظيم إثمه عظيم لأنه يمنع فضل الله الذي آتاه عن عباد الله والله سبحانه و تعالى أرسل رسله و أنزل كتبه و بين للناس الطريق الموصل إليه و بين لهم طريق الحق و نهاهم عن طرق الغواية والضلالة ( و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيلي ) و هذا الكاتم يكتم العلم الذي يوصل لله عز وجل و يكون سببا في وصولهم إلى الله عز و جل و في نجاتهم و سعادتهم فهو يمنع فضل الله و يمنع فضلا أنزله الله على عباده يمنع أمرا يحجب أمرا أنزله الله في كتابه و بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم فلذلك صار إثمه عظيم و ذكر المؤلف بالسند هذا الحديث و فيه تحويل الإسناد و هذا الحديث برواية عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما و هو أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( مَنْ كَتَمَ عِلْمًا أَلْجَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ ) و هذا الحديث ضعيف , الحديث فيه ضعف رواه الحاكم وابن حبان و الخطيب البغدادي في تاريخه كما ذكر المحقق و الحاكم قال هذا إسناد صحيح من حديث المصريين على شرط الشيخين و ذكر المحقق أن في سنده عبد الله بن عياش و أن ابن أبي حاتم ذكره في الجرح و التعديل و قال سألت أبي عنه و أبوه إمام في الجرح و التعديل عبد الرحمن ابن أبي حاتم عن أبيه أنه سأله عنه فقال ليس بالمتين صدوق يكتب حديثه و هو قريب من الهيئة و كل الأهياء ضعيف تتوقف كتبه , و الحديث و إن كان ضعيف لكن معناه صحيح تشهد له النصوص تشهد له الآيات القرآنية و من ذلك قول الله تعالى ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون ) هذا جزاء الكاتمين و هذه عقوبة الكاتمين ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون . إلا الذين تابوا و أصلحوا و بينوا ) بينوا ما كتموا ( فأولئك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم ) و قال تعالى ( إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب و يشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار و لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) و قال سبحانه ( و إذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) ميثاق أخذ , ميثاق أخذ على أهل الكتاب أن يبينوا ولا يكتموا ( و إذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) ماذا فعلوا ( فنبذوه وراء ظهورهم و اشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ) فالله تعالى ذمهم , أخذ الميثاق عليهم أن يبنوا للناس ولا يكتمونه فنبذوه فذمهم الله فهذه النصوص تشهد لهذا الحديث هذا الحديث ( مَنْ كَتَمَ عِلْمًا أَلْجَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ ) يعني يوم القيامة و الآيات فيها الإثم فيها اللعن لعن الكاتب و فيه الوعيد على الكاتم بأنه لا يكلمه الله و لا يزكيه و له عذاب أليم و ذمهم الله في قوله ( فبئس ما يشترون ) هذه النصوص و هذه الآيات القرآنية مع هذا الحديث تدل على أن إثم الكاتم عظيم كما ترجمه المؤلف و المراد بالعلم الذي يكتمه لعم الشريعة , العلم بالله و أسمائه و صفاته و العلم بدينه و أمره و نهيه و العلم بالجزاء من كتم هذا العلم فهو آثم و الرسالة علم في بيان العلم بأسماء الله و صفاته و أفعاله فمن كتم هذا العلم عليه هذا الإثم و متى يكون كاتما للعلم يكون كاتما للعلم إذا سئل عن علم يعلمه ثم لم يجب فهو كاتم للعلم خصوصا إذا كان السائل في حاجة إليه ولا يجد من يسأله غيره أما إذا كان الإنسان يكاد يجد غيره أو أرشده إلى غيره أو كان المسؤول ليس متمكنا من هذه المسألة أو عنده إشكال فلا يلزمه في هذا الأمر و لا يكون كاتما للعلم يرشده إلى غيره إلى من هو أفضل منه و كذلك إذا كان للناس حاجة إلى هذا العلم ثم كتمه و سكت ولم يبين للناس و هم محتاجون إلى هذا و لا يجدون غيره في هذا المكان يكون كاتما للعلم و إلا فالعلماء عندهم علوم لهم علم كثير ولا يعلمون الناس فلا يلزم بهذا أن يكونوا كاتمين للعلم لكن يكونون كاتمين للعلم إذا سئل و لم يجب و لم يرشد إلى غيره و هو متمكن من هذا العلم و السائل محتاج و قد لا يستطيع الوصول إلى حكم هذه المسألة إذا لم يبين له , كون السائل من الناس أو في مجتمع بحاجة إلى هذا العلم ثم يكتمه ولا يبين فإذا هذا الباب , ذكر المؤلف في هذا الباب هذا الحديث و إن كان ضعيف إلا أن النصوص من كتاب الله تشهد له و تدل على تعظيم الإثم على كاتم العلم بالله و أسمائه و صفاته و أفعاله أو دينه سبحانه و تعالى و أمره و نهيه .
( متن )
بابُ إِيجَابِ قَبُولِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ كَافَّةِ الْخَلْق
قال أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ قَالَا حدثَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قال حدثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ قال حدثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عبيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ جَاءَ رجل مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ (اللَّهَ) تَعَالَى يضع السَّمَاوَات عَلَى إِصْبَعٍ والأرضيين عَلَى إِصْبَعٍ وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ قَالَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَرَأَ {وَمَا قَدَرُوا الله حق قدره} زَاد فُضَيْل وسُفْيَان فَضَحِكَ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ .
( الشيخ )
هذا الباب الرابع عنون له المؤلف بقول باب إيجاب قبول صفات الله من كافة الخلق يعني هذا الباب يعني سأذكر فيه نصوصا تدل على وجوب قبول صفات الله من جميع الخلق و أن جميع الخلق عليهم أن يقبلوا صفات الله و يقبلوا صفات الله بمعنى أنهم يقبلونها أن يثبتوها لله كما أثبتها لنفسه و كما أثبتها له رسله عليهم الصلاة و السلام كافة الخلق من الأوليين و الأخريين يجب عليهم أن يقبلوا صفات الله و يثبتوها لله يثبتوها له كما ثبتت و كما أثبتها الله لنفسه في الكتاب و في كتبه المنزلة و كما أثبته له رسله الكرام ذكر حديث عبد الله بن مسعود عبد الله هو عبد الله بن مسعود , ( قال جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال يا محمد إن الله يضع السماوات على إصبع ) , كلمة إصبع هذه فيها عشرة لغات , إصبع فيها عشرة لغات الهمزة مثلثة و الباء مثلثة اضرب ثلاثة في ثلاثة تسعة و العاشرة أصبوع إذا كسرت الهمزة فتقول إصبَع أصبُع إصبِع نفتح الهمزة أصبَع أصبُع أصبِع نضم الهمزة أُصبُع أُصبَع أُصبِع و العاشرة أصبوع ما تغلط فيها ( و قال يا محمد إن الله يضع السماوات على إصبع و الأرضيين على إصبع و الجبال على إصبع و الثرى على إصبع ) , ذكر كم أصبع أربعة أصابع ( يضع السماوات على إصبع و الأرضيين على إصبع و الجبال على إصبع و الثرى على إصبع ) و في رواية ( و سائر الخلق على إصبع ) خمسة أصابع و هذا الحديث رواه الشيخان البخاري و مسلم هذا الحديث فيه إثبات أربعة أصابع لله عز و جل فيه إثبات الأصابع لله عز و جل كما يليق بجلاله و عظمته و هذا الحديث من أحاديث الصفات و فيه دليل على أن اليهود قد يثبتون الصفات , يثبتون الصفات لله عز و جل بعضهم يثبتون الصفات و إن كان اليهود لم يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه و سلم قد يكون ظاهر هذا الحديث أن اليهود لم يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه و سلم و لكنه عنده علم من التوراة فجاء هذا اليهودي و قال للنبي صلى الله عليه و سلم يا محمد إن الله , و فيه رواية ( إنا نجد في كتابنا أن الله يضع السماوات يوم القيامة على إصبع و الأرضيين على إصبع و الماء و الثرى على إصبع و الجبال على إصبع و سائر الخلق على إصبع ثم يهزهن بيده و يقول أنا الملك فضحك النبي صلى الله عليه و سلم حتى بدت نواجذه ) , النواجذ هي الأسنان التي تلي الأضراس و في رواية ( فضحك النبي صلى الله عليه و سلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ) في حديث آخر أنه جاء حبر من أحبار اليهود يقال حِبر و حَبر و الحِبر هو العالم , العالم , جاء حِبر أو حَبر بفتح الحاء أو كسرها , (جاء حبر من أحبار اليهود ) في الحديث الآخر يعني عالم من علمائهم (فقال يا محمد إنا نجد ) يعني في كتابهم (أن الله يضع السماوات يوم القيامة على إصبع و الأرضيين على إصبع و الماء و الثرى على إصبع و الجبال على إصبع و سائر الخلق على إصبع ثم يهزهن بيده و يقول أنال الملك فضحك النبي صلى الله عليه و سلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ) فهذا الحديث فيه إثبات الأصابع لله عز و جل هنا ذكر أربعة أصابع و في المرة الأخرى ذكر أن لله خمسة أصابع تليق بجلال الله و عظمته ليست مماثلة لصفات المخلوقين و الحديث فيه دليل على عظمة الله عز و جل السماوات كلها على إصبع السماوات يضعها على إصبع و الأرضيين كلها على إصبع و الماء و الثرى على إصبع و سائر الخلق على إصبع و في حديث آخر ( ما السماوات السبع و الأرضيين السبع في كف الرحمن إلا كخردله في يد أحدكم ) خردلة الحبة الصغيرة و معلوم أن الواحد إذا كان في يده خردلة حبة صغيره مستول عليها إن شاء قبضها و إن شاء وضعها فكذلك هذه المخلوقات العظيمة لا تساوي شيء بالنسبة لعظمة الله عز و جل فيجب على جميع الخلق أن يثبتوا صفات الله التي أثبتها لنفسه أو أثبتها له رسول الله صلى الله عليه و سلم و في هذا الحديث من الصفات إثبات الأصابع لله عز وجل و فيه رد على من أنكر الأصابع لله عز و جل من الأشاعرة و المعتزلة و الجهمية هؤلاء ينكرون الأصابع لله عز و جل , الجهمية ينكرون الأسماء و الصفات و المعتزلة ينكرون الصفات و الأشاعرة يثبتون سبع صفات و ليست منها الأصابع الحياة و الكلام و البصر و السمع و العلم و القدرة و الإرادة هذه سبع صفات يثبتونها و ماعدا ذلك يتأولونها و ليست الأصابع منها ففيه الرد عليهم , و عقيدة أهل السنة و الجماعة إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه و سلم من غير تكييف و لا تمثيل و لا تحريف و لا تعطيل و من ذلك إثبات صفة الأصابع و أن لله عز و جل خمسة أصابع تليق بجلاله و عظمته فيجب على الخلق أن يقبلوا صفات الله و أن يثبتوها له عز و جل كما يليق بجلاله و عظمته كما أثبتها لنفسه أو أثبتها له رسوله صلى الله عليه و سلم و هذه من الصفات التي ثبتت في السنة المطهرة و السنة وحي ثان قال الله تعالى ( و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) فيجب قبول ما ثبت في السنة كما يجب قبول ما ثبت في القران الكريم .
( متن )
بَابُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ رَأَى كِتْمَانَ أَحَادِيثِ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
قال أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّد السراجي قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْبُوبٍ قال حدثَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ قال حدثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْبَغْدَادِيُّ الْوَرَّاقُ قال حدثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجل (فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكا) أَشَارَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِطَرَفِ أُصْبُعِهِ عَلَى أَوَّلِ بَنَانٍ من الْخِنْصر وَكَذَلِكَ أشار ثَابت الْبنانِيّ فَقالَ لَهُ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ مَا تُريِدُ بِهَذَا يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَرَفَعَ ثَابِتٌ يَدَهُ فَضَرَبَ صَدْرَهُ ضَرْبَةً شَدِيدَةً وَقَالَ مَنْ أَنْتَ يَا حُمَيْدُ وَمَا أَنْتَ يَا حُمَيْدُ حدثني أنس بْن مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَيقول أَنْت مَا تُرِيدُ بِهَذَا .
( الشيخ )
هذا الباب الخامس من أبواب الرسالة عقده المؤلف رحمه الله للرد على من رأى معتقد كتمان أحاديث صفات الله و قال أن الأحاديث التي فيها صفات الله تكتم ذكر فيه هذا الحديث حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم في تفسير قول الله عز وجل في قصة موسى عليه الصلاة و السلام حينما تجلى الله عز وجل لما سمع كلام الله طمع عليه الصلاة و السلام أن يرى الله فقال ربي أرني أنظر إليك , موسى عليه السلام كليم الله من أولي العزم الخمسة سمع كلام الله كلمه الله بدون واسطة فقال ربي كلامك أسمع أم كلام رسولك فقال كلامي فسمع كلام الله فطمع في رؤية الله فقال ربي أرني أنظر إليك , قال الله ( لن تراني ) يعني في الدنيا لا تستطيع في بشريتك الضعيفة ما تستطيع أن تتحمل و ما تستطيع أن تثبت لرؤية الله لأن الله احتجب عن خلقه لو كشف الحجاب لاحترق الخلق كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( إن الله لا ينام و لا ينبغي له أن ينام يخفض القسط و يرفعه حجابه النور ( و في لفظ النار ) لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) رواه مسلم في صحيحه لو كشف الحجاب لاحترق الخلق ما يثبت يحترق الخلق احترقوا من نوره , و قوله من خلقه عام يشمل الأنبياء و غيره فلا يستطيع أحد أن يثبت لرؤية الله في الدنيا و لكن في يوم القيامة الله تعالى ينشئ المؤمنين تنشأة قوية يثبتون فيها لرؤية الله فيرون , فالمؤمنون يرون ربهم يوم القيامة كما قال الله تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) و أعظم نعيم يعطى إلى أهل الجنة نسأل الله الكريم من فضله هو رؤية الله حتى إنهم إذا كشف الله الحجاب و نظروا إليه سبحانه و تعالى نسوا ما هم فيه من النعيم أعظم نعيم يراه يحصل للمؤمنين هو رؤية الله عز و جل في الدار الآخرة هذا أعظم نعيم نسأل الله الكريم من فضله لكن في الدنيا ما يستطيع أحد أن يرى الله و لا يستطيع أن يثبت لرؤية الله لأن الله تعالى نشأ الخلق و جعلهم بشر ضعفاء لا يستطيعون و لكن الكلام نعم سمع موسى كلام الله بدون واسطة و كذلك نبينا محمد صلى الله عليه و سلم سمع كلام الله من دون واسطة ليلة المعراج كما روى عليه الصلاة و السلام , موسى كليم الله ( و كلم الله موسى تكليما ) كلمه من وراء حجاب يعني احتجب عنه فلا يراه لكن سمع كلام الله و كلامه من دون واسطة ملك و الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه و سلم بواسطة الملك و هو جبريل و أحيانا يسمع الرسول كلام الله بدون واسطة كما قال تعالى ( و ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليم حكيم ) موسى كلمه الله من دون واسطة فلما سمع كلام الله طمع في رؤيته ( قال ربي أرني أنظر إليك ) كما قال الله تعلى في سورة الأعراف قال الله ( لن تراني و لكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ) أعطاه الله علامة فلما تجلى ربه للجبل كشف الحجاب و تجلى للجبل ماذا حصل للجبل فلما تجلى إلى الجبل جعله دكا إنساخ الجبل إنساخ و ذاب الجبل الصلب الحجر العظيم لما تجلى الله له ماذا حصل له تدكدك و ذاب ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا) و موسى ماذا حصل له ( و خر موسى صعقا ) موسى صعق و الجبل تدكدك فلما أفاق لما أفاق موسى من غشيته ( قال سبحانك تبت إليك و أنا أول المؤمنين ) أنه لا يراك أحد في الدنيا إلا مات و لا جبل إلا تدهده و لهذا ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ( إن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جزي بصعقة يوم الطور ) هذه الصعقة التي حدثت له في الدنيا هذه منقبة لموسى في يوم القيامة النبي صلى الله عليه و سلم أول من يفيق فيجد موسى مستيقظ آخذ بقائمة من قوائم العرش يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فلا أدري أصعق فأفاق قبلي أم أنه لم يصعق مجازاة له فيد الدنيا يوم الطور هذه كلها منقبة لموسى فأنس رضي الله عنه يروي عن النبي صلى الله عليه و سلم في تفسير هذه الآية قال إن الله تجلى للجبل , كيف تجلى للجبل قال كشف الحجاب عن الجبل بقدر الخنصر قليل بقدر الخنصر و أشار أنس بطرف إصبعه على أول بنان من الخنصر بطرف الخنصر التجلي كشف الله الحجاب عن الجبل بقدر طرف الأصبع أول بنان من الخنصر هذا أنس و ثابت البناني تابعي أشار كما أشار أنس فقال له حميد الطويل ما تريد بهذا يا أبا محمد , حميد الطويل ينكر على ثابت التابعي كيف تشير بأصبعك تقول كذا لأنك كذا تتأول كأنه يريد أن يقول يعني أكتم هذا الأمر لا تقول إن الله كشف بقدر هذا ماذا قال حميد ماذا حصل لثابت لما قال له رفع ثابت يده فضرب صدره ضربه شديدة ثابت ضرب صدر حميد قال و ما أنت يا حميد تريد أكتم شيئا حدثني به أنس حدث به عن النبي صلى الله عليه و سلم من أنت يا حميد و ما أنت يا حميد حدثني أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم و تقول أنت ما تريد بهذا هذا فيه الرد على من رأى كتم أحاديث الصفات إلا أن الحديث ضعيف الحديث فيه ضعف رواه أحمد و الترمذي و ابن خزيمة و الحاكم قال الترمذي هذا حديث غريب حسن صحيح و رواه الترمذي أيضا بطريق أخرى و قال حديث حسن فهذا الحديث و إن كان فيه ضعف و قد يحسنه بعض أهل العلم استدل به المؤلف رحمه الله على الرد على من رأى كتمان أحاديث الصفات و أن أحاديث الصفات لا تكتم لأنه علم هذا علم , العلم بأسماء الله و صفاته لا يكتم ما دام أنه ورد في الكتاب و ورد في السنة لا يكتم لكن يبين للناس و يوضح و يفسر و إن كان قد لا يحدث بعض الناس إلا بما يعرفون كما قال علي رضي الله عنه نهى عن تحديث الناس بغير ما عرفوا بغير ما يعرفون قال حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله و رسوله هذا قد يحدث أناس بشيء و لا يحدث به آخرون إذا كانوا طلبة علم مثلا يحدثون و إذا كانوا عامة قد لا يحدثون ينظر المعلم في أحوال الناس يقول ما يناسبهم لكن الصفات لا تكتم علم , علم لابد من نشره و لا يجوز كتمانه ما دام أنه ورد في الكتاب و السنة و لكن قد يكتمه عن بعض العامة لأن لا يكون لهم فتنة و يظهره للعلماء و المتخصصين و قد لا يحدث به في وقت و في وقت آخر يكون مناسبا أما الكتمان فلا يجوز و لهذا رأى المؤلف , بوب المؤلف الباب للرد على من رأى كتمان أحاديث الصفات لأن هذا فيه كتمان للعلم و سبق النصوص في من كتم العلم في الباب الذي قبل هذا الذي قبله الباب الثالث تعظيم الإثم على كاتم العلم فلا يكتم العلم و لكن المعلم ينظر في أحوال الناس فإذا كان لبعضهم فتنة فلا يحدثهم يحدثه لآخرين أو يحدثهم بوقت دون وقت .
( متن )
بَاب إِيضَاحِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ حَيٌّ
قال أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّد بن يحيى بنيسابور قال حدثَنَا إسماعيل بن نجيد ح قال و أخبرنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قال حدثَنَا أَبُو بَكْرٍ الإسماعيلي ح قال و أخبرنا علي بن أبي طالب الشاركي ح قال وأخبرنا أَحْمد بن سعدويه النَّسْرِيُّ الْحَاكِمُ قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ ح قال و أخبرنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ قال أخبرنا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى قَالُوا حدثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ح قال و أخبرنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُوَارِزْمِيُّ قال حدثَنَا الرفاء قال حدثَنَا أَحْمد بن دَاوُود قَالَ قال حدثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ قال حدثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قال حدثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِاَةً إِلَّا وَاحِدًا وانه وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ مَنْ أَحْصَاهَا دخل الْجنَّة) وهذه الْأَسْمَاء فيهَا الْحَيّ القيوم .
( الشيخ )
هذا الباب السادس من أبواب الرسالة عنون له المؤلف رحمه الله قال باب إيضاح البيان أن الله حي يعني إثبات اسم الحي لله و إثبات صفة الحياة و هذا مجمع عليه بين المسلمين و أن الله تعالى حي موصوف بالحياة بل إن اسم الحي و القيوم قال بعض العلماء إنه الاسم الأعظم اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى و إذا دعي به أجاب و الله تعالى جمع بين الحي و القيوم الاسمين في ثلاث آيات من كتابه الآية الأولى آية الكرسي التي في البقرة ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ) و الآية الثانية في آل عمران ( الم . الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) الآية الثالثة في طه ( وعنت الوجوه للحي القيوم و قد خاب من حمل ظلما ) و لهذا قال بعض العلماء إنه اسم الله الأعظم لأن جميع الأسماء و الصفات ترجع إليها ترجع إلى صفة الحياة أو إلى صفة القيومية جميع الأسماء أو جميع الصفات ترجع إليها الحي من صفاته الحي يلزم من الحياة العلم و القدرة والسمع و البصر و الكلام و يلزم من القيوم و القيوم هو القائم بنفسه المقيم لغيره يلزم بذلك أنه قائم بنفسه و متصف بصفات و مقيم لغيره و يمسك السماوات و الأرض أن تزولا و هو قائم بنفسه مقيم لغيره ( و من آياته أن تقوم السماوات و الأرض بأمره ) فلذلك اسم الحي و صفة الحياة مجمع عليها من المسلمين من أنكر اسم الله الحي و صفة الحياة فهو كافر لأنه أنكر وجود الله عز وجل ذكر المؤلف رحمه الله على هذا الباب الحديث , حديث أبي هريرة ( إن لله تسعة و تسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ) و الحديث رواه الشيخان البخاري و مسلم و أما قوله هذه الأسماء فيها الحي و القيوم فهذه ليست عند البخاري و مسلم و ذكر المؤلف هذا الحديث بالسند و السند فيه تحويل ح و أنبأنا الحسين ثم تحويل ح و أنبأنا أحمد بن سعدويه ثم التوحيل الثالث ح و أنبأنا علي بن محمد ثم التحويل الرابع ح و أنبأنا علي بن محمد الخوارزمي أربع تحويلات قال ( إن لله تسعة و تسعين اسما مئة إلا واحدة ) و هذا الحديث لا يفيد الحصر لا يفيد الحصر فالله تعالى له أسماء غير محصورة بمائة ( إن لله تسعة وتسعين اسما ) و الدليل على هذا أن أسماء الله كثيرة الحديث ( من أصابه هم أو غم فيقول اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضائك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) يعني أسماء الله كثيرة في أسماء سمى بها نفسه و في أسماء أنزلها في كتابه و في أسماء علمها بعض خلقه وفي أسماء استأثر بها في علم الغيب عنده إذن أسماء الله ليست منحصرة بمئة كثيرة حتى قيل إن لله ألف اسم لكن ما معنى الحديث ( إن لله تسعة وتسعين اسما ) هل المعنى أن لله تسعة و تسعين اسما موصوفة بأن من أحصاها دخل الجنة و له أسماء أخرى ليست موصوفة بهذا الوصف يعني هذا الحاصل إنما هو لأجل الوصف إن لله تسعة و تسعين اسما موصوفة بأن من أحصاها دخل الجنة و له أسماء أخرى ليست موصوفة بهذا الوصف كما تقول عندي مئة من الإبل حمر ما ينفي أن يكون عندك غيرها من الإبل ورق أن تقول عندي مئة من الإبل حمر و لي مئة أخرى ورق مثلا فكذلك إن لله تسعة و تسعين اسما موصوفة بأن من أحصاها دخل الجنة و له أسماء أخرى كثيرة ليست موصوفة بهذا الوصف و هذا فيه فضل عظيم لهذه التسعة و التسعين اسما من أحصاها دخل الجنة و ما هي هذه الأسماء هل هي معروفة الصواب أنها غير معروفة أخفاها الله حتى يجتهد العباد في تعرفها و طلبها و البحث عنها و التنقيب عنها في النصوص و استخراجها و أما ما ورد في بعض الأحاديث عد هذه الأسماء و سردها فالصواب أنه مردود من بعض الرواة ولهذا الحافظ بن حجر في بلوغ المرام لما ذكر الحديث و سرد الحديث قال و الصحيح أن سردها مدرج من بعض الرواة ليست من كلام النبي صلى الله عليه و سلم بعض الرواة اجتهد و جمع تسعة و تسعين اسما و سردها في الحديث فإذا ليست معروفة أخفاها الله حتى يجتهد العباد في تعرفها و طلبها و النبي صلى الله عليه و سلم اشترط قال من أحصاها , إحصاؤها يلزم منه البحث عنها و معرفتها و حفظها و تعلم معانيها و العمل بما يمكن العمل بها مثل اسم الله الكريم تتصف بالكرم اسم الله الحليم تتصف بالحلم فإحصاؤها يشمل حفظها و عدها و العمل بما يمكن العمل بها و غير ذلك من أنواع الإحصاء كل ذلك داخل في الإحصاء من طلبها و عرفها و استخرجها و حفظها و تفقه في معانيها و عمل بمقتضاها دخل الجنة ( إنه وتر يحب الوتر ) فيه أن الله و تر الظاهر الوتر أن هذا من أسماء الله و أن من أسماء الله الوتر لأن النبي صلى الله عليه و سلم أطلقه فقال إنه و تر ( إنه وتر يحب الوتر ) و فيه إثبات المحبة لله عز و جل صفة المحبة يقول يحب و الشاهد في الترجمة قالوا هذه الأسماء فيها الحي القيوم و هذه الزيادة في الحديث ليست من البخاري و مسلم عند غيرهما وعي الشاهد من الترجمة للباب باب إيضاح البيان أن الله حي فيجب على المسلم أن يثبت اسم الحي لله و صفة الحياة لله و القيوم و صفة القيومية و هي من دلائل توحيد الله عز و جل أن الله حي و أنه سبحانه و تعالى له الحياة الكاملة فلا يلحق حياته سبحانه و تعالى ضعف و لا نقص و لا موت و لا فساد بخلاف المخلوق فإن حياته ضعيفة يعتريها النوم و النعاس و يعتريها الموت و الفساد أما الله فحياته كاملة و حياة المخلوق ناقصة و الله تعالى هو الحي القيوم و هو الأول الذي لا بداية لأوليته و هو الآخر الذي لا بداية لآخريته لأنه لو كان له بداية لكان مسبوق بالعدم و الله تعالى هو الأول الذي لا بداية لأوليته هو الأول بذاته و أسمائه و صفاته كما أنه الآخر كما قال سبحانه ( هو الأول و الآخر و الظاهر و الباطن و هو بكل شيء عليم ) هذه أسماء أربعة لله الأول و الآخر و الظاهر و الباطن اسمان متقابلان لأوليته و أبديته و اسمان متقابلان لفوقيته و بيان بطونه و عدم حجبه شيء من مخلوقات الله فتوصل النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الأسماء الأربة في الحديث الصحيح حديث الاستفتاح في قوله ( اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء و أنت الآخر فليس بعدك شيء و أنت الظاهر فليس فوقك شيء و أنت الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين وأغنيني من الفقر) ففسر الأول بأن ليس قبله شيء و فسر الآخر بأن ليس بعده شيء و فسر الظاهر بأن ليس فوقه شيء و فسر الباطن بأن ليس دونه شيء لا يحجبه شيء من خلقه سبحانه و تعالى .
( متن )
بَاب فِي بَيَان الدَّلِيلِ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ
قال أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ الشاركي وَأحمد بن سُلَيْمَان النسري قَالَا حدثَنَا الرفاء قال حدثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ قال حدثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَسْعُودِيُّ ح قال وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ قال أَخْبَرَنَا الإدريسي قال حدثَنَا أَبُو سعيد الزَّاهِد قال حدثنَا بن كرابية قال حدثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ ح قال و أخبرنا عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ ( قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بِخمس كلمات فقال إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَار قبل اللَّيْل حجابه النَّور لَوْ كَشَفَهَ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ) .
( الشيخ )
هذا الباب السابع في بيان الدليل عن أن الله تعالى لا ينام لأن النوم ضعف و نقص و الله تعلى كامل فالنوم صفة تلحق المخلوق لضعفه يحتاج إلى النوم حتى يرتاح من التعب أما الله فلا يلحقه تعب سبحانه و تعالى لا يلحقه تعب و لا نقص فلا ينام النوم نقص في حق الخالق و إن كان كمال في حق المخلوق فالمخلوق كمال في حقه و لكنه نقص في حق الله فالمؤلف ذكر الدليل على أن الله عز و جل لا ينام عقد هذا الباب لهذا ذكر في حديث ابن موسى و هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال ( قام فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم بخمس كلمات ) و ذكر هذا الكلمات قال ( إن الله تعالى لا ينام ) و هذا هو الشاهد في الترجمة ( لا ينام و لا ينبغي له أن ينام) لا ينبغي له أن ينام لأن صفة النوم نقص في حقه و لأن الله تعالى يمسك السماوات و الأرض أن تزولا و كيف ينام و هو سبحانه و تعالى قائم على كل نفس بما كسبت هل يمكن لا يمكن النوم مستحيل في حق الخالق لا يمكن كيف ينام و هو يمسك السماوات و الأرض أن تزولا كيف ينام و هو قائم على كل نفس بما كسبت كيف ينام و هو حامل العرش و حملة العرش بقوته و قدرته لا يمكن مستحيل هذا لو كان للسماوات و الأرض إله غير الله لفسدتا ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) المخلوق إذا نام لو نام المخلوق ماذا يكون ماذا تكون الأعمال التي يقوم بها لو كان بيد الإنسان زجاجة ثم نام زجاجة فيها ماء ماذا يحصل و تحته حجر تسقط الزجاجة و ينسكب الماء و تنكسر في الحجر , فهل يليق بالله أن ينام لا يليق مستحيل النوم في حق الله و لأن النوم نقص و الله تعالى له الكمال منزه عن النقص و لهذا روى أبو موسى الأشعري هذا الحديث فقال ( إن الله لا ينام و لا ينبغي له أن ينام ) لا يليق بالله أن ينام مستحيل النوم في حقه (يخفض القسط و يرفعه ) القسط هو العدل , العدل يخفض (يخفض القسط و يرفعه ) و هل يليق بمن يخفض القسط و يرفعه أن ينام لا يليق ( يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار و عمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور ) في لفظ آخر حجابه النور أو النار احتجب عن خلقه بالنور أو بالنار حجاب بينه و بين خلقه لو كشفه لو كشف الحجاب ( لأحرقت سبحات و جهه كل شيء أدركه ) و في لفظ آخر ( لأحرقت سبحات و جهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) و هذا الحديث من الأدلة على أنه لم ير أحد الله في الدنيا لا الملائكة ولا غيرهم حتى نبينا عليه الصلاة و السلام و هذا إجماع من العلماء على أن أحد لم ير الله إلا نبينا صلى الله عليه وسلم اختلفوا في رؤيته لربه في ليلة المعراج أجمعوا على أن الله ما يراه أحد إلا في الدنيا ما عدا نبينا صلى الله عليه و سلم و أجمعوا على أنه لم يراه في الأرض و أنهم اختلفوا في رؤيته ليلة المعراج و المؤلف فقال بعض العلماء إن النبي صلى الله عليه و سلم رأى ربه بعين بصره ليلة المعراج و منهم المؤلف كما سيأتي في آخر الرسالة و منهم النووي و منهم القرطبي و جماعة و القول الثاني يقول جماهير العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه ليلة المعراج بعين رأسه و إنما رآه بعين خلقه و من الأدلة هذا الحديث لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه من خلقه و محمد صلى الله عليه وسلم من خلقه و هذا هو الصواب كما سيأتي إن شاء الله تقريره في آخر الرسالة و الشاهد من الحديث أن الحديث دليل على أن الله عز وجل لا ينام و أن النوم مستحيل في حق الله عز و جل لأنه نقص و الله تعالى له الكمال .
( متن )
بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَتَقَدَّسَ شَيْءٌ
قال حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي إِمْلَاءً قال حدثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد النسري الرَّازِيُّ بِالْكُوفَةِ قال حدثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى التَّمِيمِيُّ قال حدثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَن شَيبَان عَن يحيى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ ( مَا شَيْءٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) .
( الشيخ )
هذا الباب الثامن عقده المؤلف قال باب بيان أن الله تبارك و تعالى و تقدس شيء المعنى أنه يخبر عنه بأنه شيء و ليس المراد أن شيء من أسماء الله المعنى أنه يخبر عن الله بأنه شيء كما يخبر عن الله بأنه شخص كما سيأتي في الباب الذي بعد هذا و القاعدة عند أهل العلم أن باب الإخبار أوسع من باب الصفات فلا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه له رسوله لكن باب الخبر أوسع تخبر عن الله بأنه شيء لكن ما تقول من أسماء الله شيء إنه شيء من أسماء الله تخبر عن الله بأنه موجود و لا تقول أن موجود من أسماء الله تخبر عن الله بأن لله ذات و ليس أنه من أسماء الله و كما ذكر العلماء و لا نقول هذا من أسماء الله فإذن القاعدة أن باب الخبر أوسع من باب الصفات فيخبر عن الله بأنه شيء و لا يقال أن هذا من أسماء الله و صفاته لكن الأسماء و الصفات لا يسمى الله إلا بما سمى به نفسه و أطلقه على نفسه , مثل قوله إن الله وتر و إن الله طيب و إن الله هو الحكيم العليم و إن الله هو السميع البصير هذا أطلقه على نفسه هذه من أسمائه أما شيء فليس من أسماء الله و لكن أخبر الله عن نفسه بأنه شيء ذكر في حديث أسماء بنت أبي بكر أن ها سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول ( ما شيء أغير عن الله عز وجل ) فأخبر عن الله بأنه شيء و كذلك أيضا في القران أبلغ من هذا الآية الكريمة ( قل أي شيء أكبر شهادة قل الله ) أخبر عن ربه أنه شيء ( قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني و بينكم ) فأخبر عن الله بأنه شيء هذا من باب الخبر و ليس من باب الصفات ( قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني و بينكم ) و هذا الحديث أيضا فيه إثبات صفة الغيرة لله عز و جل , أغير , شيء أغير من الله إذن هذا الحديث فيه الخبر عن الله بأنه شيء و فيه إثبات صفة الغير لله كما يليق بجلال الله و عظمته و يدل أيضا على ذلك الحديث الآخر حديث سعد بن معاذ أنه قال ( بين النبي صلى الله عليه و سلم أنه لا يقام الحد على الزاني حتى يشهد عليه الشهود فقال يا رسول الله أنتظر , أنتظر حتى يأتي الشهود يشهدون و الله لو رأيته ( يعني الزاني ) لضربته بالسيف غير مصفح ) بحده يعني فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( أتعجبون من غيرة سعد فأنا أغير منه و الله أغير مني ) و الشاهد و صف الله بالغيرة ( أتعجبون من غيرة سعد) سعد به غيرة يقول أنتظر حتى يأتي الشهود أنتظر حتى يأتي أربعة شهود و الله لأضربنه بالسيف يعني بحد السيف فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( أتعجبون من غيرة سعد فأنا أغير منه و الله أغير مني ) فوصف الله بالغيرة فيه إثبات صفة الله بالغيرة و لكنه ليس كصفات المخلوق كما يليق بجلال الله و عظمته لا يماثل أحدا من خلقه كما قال سبحانه ( ليس كمثله شيء و هو السميع البصير ) و قال سبحانه ( و لم يكن له كفوا أحد ) و قال سبحانه ( فلا تجعلوا لله أندادا و أنتم تعلمون ) و قال سبحانه ( فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم و أنتم لا تعلمون ) الله لا يماثل أحدا من خلقه فهذا الباب عقده المؤلف رحمه الله ببيان أنه يخبر عن الله أنه شيء و فيه أيضا في الحديث الذي ذكره إثبات صفة الغيرة لله عز وجل .
( متن )
بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَخْصٌ
قال أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّائِيُّ قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ حَمْدَوَيْهِ الصَّابُونِيُّ قال حدثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بن بشير قال حدثَنَا كَامِل والمقرئ قَالَا حدثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عبد الْملك بْن عُمَيْر عَن وَراد كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْمُغِيرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَةً مِنِّي فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ غيرَة سعد فو الله لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَتِهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
(الشيخ )
هذا الحديث الذي ذكرته لكم سابقا سعد بن عبادة ليس سعد بن معاذ سعد بن عبادة سيد الخزرج و سعد بن معاذ سيد الأوس هذا سعد بن عبادة لا سعد بن معاذ لهذا عقده المؤلف رحمه الله لبيان أن الله عز و جل يخبر عنه بأنه شخص و لا يقال من أسماء الله أنه شخص هذا من باب الخبر , من باب الخبر يخبر عن الله بأنه شخص و يقول عنه بأنه شيء ذكر المؤلف حديث سعد بن عبادة و هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه , كما ذكره المؤلف و نعلم أنه من طريق وراد كاتب المغيرة و ذكر المحقق أن الحافظ بن رجب في صحيح البخاري قال قد خرج عبد الله بن محمد في جهة المسند لحديث أبي رزين العقيري قال ( يا رسول الله أكلنا يرى ربه يوم القيامة و ما آية خلقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس كلكم ينظر إلى القمر مخليا به قال بلى قال فالله أعظم ) و الحديث طويل و فيه قال و شخص واحد ينظر إلينا و ننظر إليه قال أنبئك بمثل ذلك فالقمر آية منه صغيرة ترونها و يرانا و يرانكم سعفا واحدا لا تضرونه (1:46:28) ترونهما و يريانكم ساعة واحدة لا تضرون في رؤيتهما ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم وترونه (1:46:43) .
هذا الحديث كما سبق الحديث رواه البخاري رحمه الله و فيه إثبات أن الله شخص ذكر في مواضع في قوله ( و لا شخص أغير من الله ) أخبر عن الله بأنه شخص ( ولا شخص أحب إلى العذر من الله ) ( ولا شخص أحب إلى المدحة من الله ) و في الحديث الذي ذكره بعض التراجم ( وهو شخص واحد ينظر إلينا و ننظر إليه ) في يوم القيامة قالوا كيف , كيف شخص واحد يرى جميع الخلق قال أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله الشمس والقمر ترونه من فوقكم و هو شخص واحد و كذلك الشمس فالحديث رواه البخاري في صحيحه و فيه إثبات أن الله شخص يخبر عنه النبي أنه شخص و لا يقال من أسمائه الشخص و فيه أيضا إثبات الغيرة لله عز و جل و أنها من صفاته لقوله ( أتعجبون من غيرة سعد فو الله أنا أغير منه و الله أغير مني ) فيثبت لله صفة الغيرة و من آثار الغيرة من آثرها , من أجل غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن هذه أثر من آثار الغيرة , الغيرة صفة تكون في الله من آثارها أنه حرم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن ( ولا شخص أغير من الله ) يخبر عن الله بأنه شخص ( و لا شخص أحب إلى العذر من الله من أجل ذلك بعث الرسل مبشرين و منذرين و لا شخص أحب إلى المدحة من الله ) و في حديث آخر في لفظ آخر ( من أجل ذلك مدح نفسه ) يقول لا شخص في مواضع (لا شخص أغير من الله ) ( و لا شخص أحب إلى العذر من الله ) (و لا شخص أحب إلى المدحة من الله ) و في الحديث ( و هو شخص واحد ينظر إلينا و ننظر إليه ) فيخبر عن الله أنه شخص و لهذا قال المؤلف في الترجمة باب بيان أن الله عز و جل شخص فيخبر عن الله بأنه شخص و لكن لا يقال من أسماء الله الشخص أما الغيرة فهي من صفات الله و قوله ( من أجل غيرته حرم الفواحش ) تحريم الفواحش ليس هو الغيرة لكنه أثر من آثار الغيرة , أثر من آثار الغيرة و كذلك فيه إثبات صفة المحبة لله ( و لا شخص أحب إلى العذر من الله ) من آثار محبة الله العذر من آثاره أنه بعث الرسل مبشرين و منذرين (و لا شخص أحب إلى المدحة من الله ) في إثبات المحبة لله من آثارها أن الله مدح نفسه سبحانه و تعالى .
( متن )
بَابُ بَيَانِ إِثْبَاتِ النَّفْسِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
قال أخبرنَا أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن عمار بن يحيى الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ قال حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قال حدثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قال حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ قال حدثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ مَوْلَى أَبِي طَلْحَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ ورضا نَفْسِهِ سُبْحَانَهُ عَزَّ وَجَلَّ ) .
( الشيخ )
و هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه و هذا الباب هو الباب العاشر قال المؤلف باب بيان إثبات النفس لله عز و جل و ذكر فيه حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ ورضا نَفْسِهِ سُبْحَانَهُ وتعالى ) و الشاهد قوله ( و رضا نفسه ) فأثبت لله نفسا ففيه إثبات النفس لله عز و جل و إثبات النفس لله عز و جل ثابت في القران الكريم المؤلف لو أتى بالآيات القرآنية لكان أولى قال الله تعالى ( تعلم ما في نفسي و لا أعلم ما في نفسك ) عن عيسى , قال ( و يحذركم الله نفسه ) أثبت لله نفسا ( و يحذركم الله نفسه ) ( تعلم ما في نفسي و لا أعلم ما في نفسك ) و هنا في الحديث قال ( سبحان الله ) يعني تنزيها الله عما يليق بعظمته ( سبحان الله و بحمده ) يعني أجمعوا بين التسبيح و التحميد , تسبيح تنزيه الله عما يليق بجلاله و عظمته ( و بحمده ) يعني أجمعوا التسبيح مع الحمد ( عدد خلقه و مداد كلماته ) المداد ما يكتب به ( و رضا نفسه ) يعني ما يرضيه سبحانه و في هذا الحديث و في الآيات القرآنية التي سمعتم فيها إثبات النفس لله عز و جل و هل النفس صفة من صفات الله أو النفس ذات الله قال بعض العلماء أن النفس صفة , صفة لله و ظاهر كلام الأئمة و شيخ الإسلام بن تيمية أن النفس هو الله النفس هو الذات ذات الله النفس هي الذات هي الموصوفة بالصفات و بعض العلماء قال أن الصفة هي النفس .
وفق الله الجميع إلى ما يرضاه و صلى الله و سلم على نبينا محمد .