شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من عمدة الأحكام_2 بابُ فضلِ صلاة الجماعةِ ووجوبِها وبابُ الأَذانِ والإِقامةِ

00:00
00:00
تحميل
96

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، اللهم علّمنا ما ينفعنا ، و انفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين ، أما بعد :

يقول أبو محمد المقدسي رحمنا الله و إياه:
 

بابُ فضلِ صلاة الجماعةِ ووجوبِها

62 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: صَلاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً.

الشرح :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله و نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، أما بعد :

هذا الباب الثاني من أبواب الصلاة ، سبق الباب الأول في الليلة الماضية و هو باب المواقيت و هذا الباب الثاني ، الذي عقده المؤلف رحمه الله لبيان وجوب صلاة الجماعة و فضلها ، الجماعة : أداء الصلاة مع جماعة من الناس .

صلاة الجماعة واجبة على الرجال القادرين ، أمَّا النساء فليس عليهن جماعة ؛ و إذا صلين َّجماعة فلا حرج صحة الصلاة ، لكن تكون إمامة النساء وسطهن لا تتقدم عليهن ،لأنَّ النبي  ﷺ أذن لامرأة أن تصلي بأهل دارها ، أمَّا الرجل عليه فإنه يصلي بالجماعة إلا من عذر.

و جاءت الأدلة ببيان الأعذار التي تسقط بها الجماعة ( المريض الذي لا يستطيع ،ومنها الخائف على نفسه أو ماله أو أهله ،ومنها مدافعة الأخبثين ، حضور طعام يشتهيه ، ومنها من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً فإنه لا يجوز له أن يصلي مع الناس جماعة حتى لا يؤذيهم برائحته إلا أن يعالج هذه الرائحة ) .

والأدلة على وجوبها كثيرة منها قوله تعالى وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وهذا في صلاة الخوف

فإذا كان المقاتل المحارب المجاهد في سبيل الله وجب عليه أن يصلي جماعة فكيف حال المقيم الصحيح الذي لا عذر له .وفي بعض الأوجه أن النبي ﷺ كان يستقبل العدو ولو كان في غير جهة القبلة

ومن الأدلة أن النبي ﷺ لم يرخص لعيد الله بن مكتوم و كان رجل أعمى ضرير البصر شاسع الدار ليس له قائد يلازمه ، فلما كان يسمع النداء ( حي على الفلاح حي على الصلاة ) قال له النبي ﷺ أَجِب؛ فَإِنِّي لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً.

ومنها قول النبي ﷺ  : مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ.

ومنها أن النبي ﷺ :همَّ على قوم أن يحرق بيوتهم بالنار و قال : لَولَا مَا فِي البُيُوتِ مِن نِّسَاءٍ وَذُريَّةٍ لَحَرَّقتُهَا عَلَيهِم.

فصلاة الجماعة واجبة في أصح أقوال أهل العلم.

و منهم من قال إنها مستحبة ، و منهم من قال إنها سُنَّة ملوم تاركها.

 و شيخ الإسلام ابن تيمية قال إنها شرط و هذا أقوى ما قيل ( أي معنى أنه لو صلى وحده من غير عذر لم تصح صلاته ) .

من الأدلة على فضلها حديث عبد الله بن عمر :

الفذ: المنفرد ، الدرجة : مقدار من الأجر لا يعلمه إلا الله .

وهذا الحديث فيه أفضلية صلاة الجماعة على صلاة الفرد .

فلو اشترى شخصان سلعة واحدة ثم باع أحدهما السلعة بألف ، ثم باعها الآخر بسبع و عشرين ألفاً ، ألا يكون الأول مغبونا ! و هذا كله في تجارة الدنيا فكيف في تجارة الآخرة ؟ الذي يتأخر عن صلاة الجماعة مغبون غبناً عظيماً مع كونه متعرضاً لسخط الله وعقوبته لأنه ترك واجباً من الواجبات ، و الذي يترك واجباً يأثم .

و جاء في حديث آخر أنَّ صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ: إِذَا تَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ، لاَ يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلاَةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ.

المتن :

63 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: صَلاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْساً وَعِشْرِينَ ضِعْفاً ، وَذَلِكَ: أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ. ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ لا يُخْرِجُهُ إلا الصَّلاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ ، وَحُطَّ عَنْهُ خَطِيئَةٌ. فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ ، مَا دَامَ فِي مُصَلاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ، وَلا يَزَالُ فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ.

الشرح :

هذا الحديث فيه فضل صلاة الجماعة و فيه أن صلاة الجماعة تضعف على صلاته في بيته أو سوقه خمساً و عشرين ضعفاً ، و الحديث الأول سبعٌ و عشرين ، و الزيادة لا تنافي .فهي زيادة الخير

ومن فضلها أن الخطوات إلى صلاة الجماعة تكتب ، خطوة يرفع بها درجة و خطوة يحط بها عنه خطيئة ومنها أنه إذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه تقول : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، هذا فضل عظيم الملائكة كرام كاتبون ، رسل الله الكرام ، لهم منزلة كبيرة .قال تعالى في وصفهم الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ۝ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ۝ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ هذا في دعاء الملائكة للمؤمنين

وصلاة الله على عبده : أصح ما قيل هو ثناؤه عليه في الملأ الأعلى ، و قيل الصلاة هي الثناء و الرحمة .

وفيه فائدة أنه ما دام في مصلاه ينتظر الصلاة ، فهو في صلاة ( أي في حكم المصلي ، فإنه ممنوع مما يمنع منه المصلي كالتشبيك بين الأصابع ) .فإذا ذهب الإنسان إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه أمَّا التشبيك بين الأصابع بعد الصلاة فلا حرج فيه .

واستدل بعض العلماء من هذا الحديث على صحة صلاة المنفرد ، فإنه سمى الصلاة في البيت و السوق صلاة ؛ هذا دليل على صحتها . 

المتن :

64 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَثْقَلُ الصَّلاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ: صَلاةُ الْعِشَاءِ ، وَصَلاةُ الْفَجْرِ. وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا. وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ.

الشرح :

هذا الحديث فيه بيان فضل صلاة الجماعة و وجوبها ، وفيه فضل صلاة العشاء و الفجر .

والمنافق : الذي يظهر الإسلام و يبطن الكفر و هم كفار حتى لو أظهروا الإسلام ، و هم أشد كفراً من اليهود و النصارى ، و يعملون هذا حتى تسلم دماءهم و أموالهم من الحدود ،فلو أعلنوا الكفر قتلوا و في البلد الذي تقام فيه الحدود لا يظهرون ، أمَّا البلد التي لا تقام فيه الحدود فهم يظهرون كفرهم.

هؤلاء و العياذ بالله كفار في الدرك الأسفل من النار لكن في أحكام الدنيا يعاملون معاملة المسلمين في كل شيء ؛ إلا من أظهر كفره و ثبت ذلك عند الحاكم الشرعي فإنه يُقتَل .

و كان في زمن النبي ﷺ منافقون و النفاق نجم بعد غزوة بدر ، لمَّا نصر الله نبيه و خذل أعداءه ، قوي المسلمون عند ذلك قال عبد الله بن أُبي ( وهو رئيس المنافقين ) : هذا أمرٌ قد توجه فأظهر الإسلام و أبطن الكفر ، و كان النبي يعامله معاملة المسلمين.

و المنافقون يصلون رياءً لا يصلون لله ، فكانوا يصلون الظهر و العصر و المغرب لأن الناس يرونهم أمَّا الفجر و العشاء كانوا يتخلفون لأنه ظلمة فقيل عليهم لأنه ليس عندهم إيمان بالله و رسوله يدفعهم على الصلاة ، و على زمانهم لم يكن مصابيح ليرى من كان يتخلف .

لأتوا : أي شهدوا العشاء و الفجر لأتوا لو حبواً على الركب .

 في هذا الحديث دليل على وجوب صلاة الجماعة ؛ و لولا أنَّ  صلاة الجماعة واجبة لما همَّ النبي ﷺ ليحرق بيوت المتخلفين بالنار ، و هي فرض عين على كل مسلم .

وفيه دليل على أن الإمام يجوز له أن يستخلف من يصلي بالناس إذا عرض له عارض

وفيه دليل على جواز ترك صلاة الجماعة و مباغتة العصاة حتى يؤخذوا على غرة . لأنه لو جاءهم قبل أن تقام أو بعد الصلاة لادعوا أنهم صلوا فهو ﷺ يريد أن يباغتهم في الوقت الذي تقام فيه الصلاة والرسول ﷺ تخلف عن الجماعة للمصلحة العامة

وفيه جواز الانصراف بعد إقامة الصلاة لعذر

وبعد الأذان لا يجوز للإنسان أن يخرج من المسجد إلا أن يكون له عذر ، فمن خرج فقد عصا النبي ﷺ .فخروجه بعد الإقامة لا يجوز من باب أولى

المتن :

65 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبيِّ ﷺ قَالَ: إذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إلَى الْمَسْجِدِ فَلا يَمْنَعُهَا. قَالَ: فَقَالَ بِلالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَاَللَّهُ لَنَمْنَعَهُنَّ. قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ ، فَسَبَّهُ سَبّاً سَيِّئاً ، مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ ، وَقَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَتَقُولُ: وَاَللَّهُ لَنَمْنَعَهُنَّ؟ وَفِي لَفْظٍ لا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ.

الشرح :

هذا الحديث فيه دليل على فضل صلاة الجماعة ، و أنه يجوز للمرأة أن تذهب للمسجد إذا أمنت الفتنة ، لا بأس لها أن تصلي جماعة ، لأنَّ النساء كان يصلينَّ مع النبي ﷺ جميع الصلوات .

فإذا خرجت المرأة غير متزينة و لا متبرجة ولا متطيبة فإنها لا تمنع ، أمَّا إذا خرجت متعطرة و متزينة فإنها تمنع لأنها تثير شهوة الرجال ، و النهي هنا للتحريم .فإذا أخلت بالآداب فإنها تمنع

وفي الحديث دليل على أن من يعارض سنة الرسول ﷺ يهجر و يؤدب ، لأن الواجب على المسلم تعظيم السُنَّة .ومن عارض السنة فإنه يؤدب

وفيه من الفوائد أنَّ الأب يؤدب ابنه أو ابنته حتى لو كان كبير ،أو المعلم يؤدب تلاميذه .

أبو بكر جاء إلى ابنته عائشة زوجة النبي ﷺ في إحدى الغزوات والنبي ﷺ تأخر بالجيش من أجل أن عقدها سقط وأرسل أناس يبحثون عنه فجاء والدها أبو بكر الصديق فجعل يوبخها ويلهزها في خاصرتها وتقول أوجعني ومنعني أن أتحرك إلا مكان رسول الله لأن الرسول ﷺ نام على فخذها فلا تستطيع أن تتحرك وهو يلكزها ويقول حبست رسول الله والناس ثم بعد ذلك أنزل الله آية التيمم فقال له زيد بن حضير جزال الله خيرا ما نزل بك أمرا تكرهينه إلا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين منه فائدة أو كما قال

وفيه أن العالم يؤدب المتعلم إذا أخل بالآداب.

المتن :

63 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ.
وَفِي لَفْظِ: فَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَالْجُمُعَةُ: فَفِي بَيْتِهِ. 
وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: كَانَ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَمَا يَطْلُعُ الْفَجْرُ. وَكَانَتْ سَاعَةً لا أَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِيهَا.

الشرح :

الحديث فيه بيان السنن الرواتب التي يجب على المسلم أن يحافظ عليها في اليوم و الليلة .

ذكر عشر ركعات : ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها هذه أربع وركعتين بعد المغرب هذه ست وركعتين بعد العشاء وفي الآخر قال كان يصلي سجتين خفيفتين قبل الفجر  سجدتين : ركعتين من الصلاة ،هذه عشر  سميت الركعة سجدة ؛ لأنّ السجدة أهم أركانها.

وجاء في حديث أم حبيبة أن السنن الرواتب اثنتي عشر ركعة وهذا أولى

أم حبيبة تقول سمعت رسول الله ﷺ يقول: مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ.

وجاء أيضا الحث بصلاة أربع ركعات بعد الظهر ففي الحديث مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ.

وجاء الحث على صلاة أربع ركعات قبل العصر و ليست من رواتب لحديث النبي ﷺ : رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا.

كذلك بعد كل آذان أن يصلي ركعتين لمن شاء .

الآذان : إعلام بدخول الصلاة ، الإقامة : إعلام بإقامة الصلاة .

و بين الآذان و الإقامة يُسَّن أن يصلي المسلم ركعتين ليست من السنن الرواتب .

وأفضل السنن الرواتب ركعتان قبل الفجر قال ﷺ : رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، و في أحاديث أخرى أنَّ النبي ﷺ كان يتعاهد ركعتا الفجر أكثر من غيرها ( أي يحافظ عليها ) .

فإذا فاتت هذه السنن يصح للمسلم أن يقضيها .

فوائد السنن الرواتب :

منها أنها تكمل الصلوات و ترقع الخلل الذي يكون في الفرائض .الإنسان إذا كان له نوافل فتكمل الفرائض

جاء في الحديث : إِنَّ مِنْ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ، قَالَ: يَقُولُ رَبُّنَا لِمَلَائِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ: انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا؟ فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ، قَالَ: أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُ.

والسنن النوافل الأفضل أن تكون كلها في البيت ، فالنبي ﷺ كان يصلي النافلة في بيته .

قال رسول الله ﷺ : أَفْضَلَ صَلاَةِ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلاَةَ المَكْتُوبَةَ .حتى لو كان في المسجد الحرام

كَانَ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَمَا يَطْلُعُ الْفَجْرُ

سجدتين  َﺧِﻔﯿَﻔَﺘْﯿِﻦ ".أي ركعتين

المتن :

67 - عنْ عائِشَةَ رضِيَ اللهُ عنْها قالَتْ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ ﷺ على شيءٍ منَ النَّوافِلِ تَعاهُدَاً منْهُ على ركْعَتَي الفَجْرِ.
وفي لفْظٍ لِمُسْلِمٍ: رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
.

الشرح :

هذا الحديث فيه أهمية ركعتي الفجر ، و هما الركعتان قبل صلاة الفجر ، و كان النبي ﷺ أشد محافظة عليهما . الدنيا لا تساوي شيء و هي فانية أمَّا ثواب الركعتين فهو باقي ، بل إن ذرة من ذرات الآخرة و الجنة تعدل الدنيا و ما فيها .

قال ﷺ لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ الدنيا كلها لا تساوي عند الله جناح بعوضة ، و لو كانت تساوي عنده جناح بعوضة ما سقى منها كافر ماء ، الكفار الآن أعطاهم الله صحة في الأبدان  و عافية و أموال و أولاد و ذهب و فضة وصناعات ؛ لأن الدنيا لا تساوي عند الله شيء ، و الله يعطي الدنيا من يحب و من لا يحب ، أمَّا الدين فلا يعطيه إلا من يحب .فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه

وركعتا الفجر كان النبي لا يتركها حضراً و لا سفراً ، وكذلك وصلاة الوتر أيضاً .وأما السنن الرواتب يتركها إذا سافر، فالذي يسقط في السفر : راتبة الظهر القبلية و البعدية ، وراتبة المغرب ،و راتبة العشاء  أمَّا راتبة الفجر تصلى في كل مكان لأهميتها .

وكان النبي ﷺ يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى الفاتحة وفي الثانية يقرأ: قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ وفي الركعة الثانية يقرأ الفاتحة وبعدها يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وأحيانا يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة الآية التي في البقرة قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ويقرأ في الكعة الثانية بعد الفاتحة الآية التي في آل عمران قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ والحكمة في قراءة هاتين السورتين قال العلماء سورة الكافرون براءة من المشركين وتوحيد وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ صفة الرب شُرع للمسلم أن يقرأ في صلاة الفجر سورة الكافرون و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حتى يفتتح نهاره و يومه بالتوحيد .

كما يشرع للمسلم أن يختم صلاة الليل بالوتر ويوتر بثلاث ركعات أفضل يقرأ بالركعة الأولى الفاتحة وسبح باسم ربك الأعلى والثانية الفاتحة وقُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ والثالثة الفاتحة وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وذلك حتى يختم حياته اليومية بالتوحيد

ويشرع للمسلم أيقرأ ذلك في ركعتي الطواف خلف المقام أو في أي مكان و يصلي ركعتين والحكمة فهو يشعر نفسه و يشعر غيره بأنه يطوف بالبيت لعبادة الله و ليس لعبادة البيت ؛ فالبيت بناية أحجار مبنية ، و هي بيت الله ، بيت مشرف أُضيف إلى الله ، و أنه يطوف بالبيت امتثالاً لأمر الله .

المتن :

بابُ الأَذانِ والإِقامةِ

68 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أُمِرَ بِلالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ ، وَيُوتِرَ الإِقَامَةَ.

الشرح :

الآذان شُرع في المدينة بعدما هاجر النبي ﷺ ، تشاور النبي ﷺ و أصحابه ماذا يعملون للإعلام بدخول وقت الصلاة فقال قائل : نجعل بوقا مثل بوق النصارى نصوت فيه أو نشعل نارا أو ناقوسا و انصرفوا و لم يتفقوا على شيء ، فلما جاء الليل أتى آتٍ عبد الله بن زيد و معه ناقوس في النوم فقال ماذا تفعل ؟ قال : هذا ناقوس أريد أن أبلغهم بوقت الصلاة قال : هل لي أن أخبرك بما هو خير من ذلك ؟ قال ماذا تعمل ؟ فعلمه الآذان ، ثم تأخر و جاء إليه قال : ثم تُقام الصلاة  .فقال النبي ﷺ إِنَّهَا رُؤيَا حَقٍّ.

فالأذان شفع والإقامة وتر

آذان بلال خمسة عشر جملة في المدينة ، آذان أبي محذورة تسعة عشر جملة في مكة ويسمى الترجيع فيكبر أربع مرات منها سرا ومنها جهرا، الاثنان جائزان ، و لكن أذان بلال أفضل .

والإقامة إحدى عشرة جملة لبلال ، أمَّا إقامة أبي محذورة خمسة عشر جملة .

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد