شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من عمدة الأحكام_4 باب الإمام وباب صفة صلاة النبي ﷺ

00:00
00:00
تحميل
113

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم اغفر لنا و لشيخنا و للحاضرين أجمعين ، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا ، و زدنا علماً يا أرحم الراحمين .

( متن )

قال المؤلف رحمنا الله و إياه:
 

بابُ الإِمامةِ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَال أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ ، أَوْ يَجْعَلَ الله صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ.

 

( شرح )

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين، أما بعد :

 فهذا الباب عقده المؤلف رحمه الله في أحكام الإمامة يعني إمامة المصلين الإمامة و الائتمام و ما يتعلق بذلك من الأحكام التي تتعلق بالإمامة و المأمومين.

ذكر الحديث  الأول حديث أبي هريرة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَال أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ ، أَوْ يَجْعَلَ الله صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ و في لفظ أَوْ يَجْعَلَ الله صُورَتَهُ صُورَةَ كَلبٍ 

هذا الحديث فيه دليل على وجوب الائتمام بالإمام و أنه يجب على المأموم أن يتابع إمامه. الحديث فيه دليل على وجوب متابعة المأموم للإمام و أنه يجب على المأموم أن يأتم بإمامه.

و فيه الوعيد الشديد على من لم يأتم بالإمام و خالفه فهذا فيه الوعيد الشديد في مسابقة الإمام و أن الذي يسابق الإمام يُخشى عليه من هذا الوعيد و هو أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار و في رواية أَوْ يَجْعَلَ الله صُورَتَهُ صُورَةَ كَلبٍ  و هذا فيه وعيد شديد يدل على وجوب متابعة المأموم للإمام.

و المأموم مع الإمام له أحوال:

الحالة الأولى أن يتابع إمامه بأن يأتي بأفعاله بعد أفعال الإمام و هذا هو السنة بمعنى أنه لا يرفع و لا يخفض و لا يكبر حتى يكبر الإمام ، المأموم ينتظر و يتمهل حتى يكبر الإمام و ينقطع صوته و يركع ثم يركع ، حتى ينقطع الإمام يسجد الإمام و ينقطع صوته ثم يسجد حتى يقف الإمام يستوي الإمام قائما و ينقطع صوته ثم يتبعه.

و هكذا و لذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم يتابعون النبي ﷺ و يمتثلون قوله عليه الصلاة و السلام إِنِّي إِمَامُكُمْ، فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ، وَلَا بِالْقِيَامِ وَلَا بِالِانْصِرَافِ و قال عليه الصلاة و السلام إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ هذه الأحاديث مع حديث الباب أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ تدل على تحريم مسابقة المأموم للإمام ووجوب متابعته له و المأموم له مع الإمام أحوال.

الحالة الأولى أن يتابعه و هذه هي السنة و معنى المتابعة أن يأتي بأفعاله بعد أفعال الإمام فلا يكبر حتى يكبر الإمام و ينقطع صوته و لا يركع حتى يركع الإمام و ينقطع صوته و لا يسجد حتى يسجد الإمام و ينقطع صوته و لا يقوم من السجود حتى يستوي الإمام قائما و ينقطع صوته يأتي بأفعاله بعد أفعال الإمام هذه هي المتابعة ، المتابعة أن تأتي بأفعالك أيها المأموم بعد أفعال الإمام من غير تراخٍ.

الحالة الثانية المسابقة  أن يسابق المأموم الإمام و ذلك بأن يأتي بالفعل قبل إمامه كأن يركع قبل أن يركع الإمام يرفع رأسه من الركوع قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع يسجد قبل أن يسجد الإمام و قد يسبقه بركنين فيركع و يرفع قبل الإمام و في هذه الحالة إن كان متعمدا فإن صلاته باطلة و عليه هذا الوعيد الشديد و إن كان متعمدا فصلاته باطلة و قد رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلا يسابق الإمام فقال له لم تصل وحدك و لم تصل مع الإمام لا وحدك صليت و لا بإمامك اقتديت، و الذي لا يصلي لم يصل وحده و لم يقتد بالإمام لا صلاة له و لهذا ثم ضربه و أمره بأن يعيد الصلاة.

أما إذا سبق الإمام ناسيا أو ناعسا مثله سبق الإمام لأنه بعيد فظن أنه كبر سمع تكبير فظن أنه كبر فكبر قبل الإمام و ركع أو كان ناعسا ففي هذه الحالة متى ما تذكر فإنه يرجع إلى حالته السابقة و يتابع الإمام إذا كان ركع قبل الإمام ثم علم أن الإمام ما ركع يعود إلى قيامه ثم يأتي بأفعاله بعد أفعال الإمام و لا شيء عليه لأنه معذور في هذه الحالة، فإذا سبق الإمام ركع قبل الإمام ناسيا أو ناعسا ثم تذكر أو زال النعاس عنه فإنه في هذه الحالة يأتي بأفعاله بعد أفعال الإمام و صلاته صحيحة أما إذا كان متعمدا فإن صلاته تبطل لأنه سبق الإمام بركن أو بركنين.

الحالة الأولى المتابعة و الحالة الثانية المسابقة.

الحالة الثالثة الموافقة و ذلك بأن يركع مع الإمام و يرفع مع الإمام و يسجد مع الإمام يوافقه يوافق الإمام في الركوع و السجود و الخفض و الرفع ففي هذه الحالة مكروهة كونه يوافق الإمام في الركوع و السجود و الخفض و الرفع.

الحالة الرابعة التأخر كثيراً و ذلك بأن يتأخر عن الإمام كما يفعل بعض الناس، تجد بعض الناس إذا سجد الإمام سجد ثم يقوم الإمام و لا يقوم المأموم و يجلس يدعو دقيقتين أو ثلاث دقائق و الإمام رفع رأسه أو الإمام قائم فتجد الإمام يقرأ الفاتحة و هو جالس يسجد انتهى من قراءة الفاتحة و هو جالس يدعو ساجدا يدعو، أو كما يفعل بعض الناس إذا قام الإمام للركعة الثانية بعد الفجر جلس حتى يقضي الإمام من الركوع ثم يقوم و هو ليس به علة ليس مريضا و لا كبيرا في السن ففي هذه الحالة أيضا تبطل صلاته لأنه ما تابع الإمام و لأنه ما أتى بالقيام في هذه الحالة هو جالس و الإمام يقرأ من دون عذر أما إن كان مريضا فلا بأس المريض يجلس و لو كان الإمام قائما أو كان كبيرا في السن يشق عليه القيام لقول النبي ﷺ لعمران بن حصين صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ و زاد مسلم فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فمُسْتَلْقِيًا.

و بهذا تكون حالات المأموم مع الإمام كم حالة ؟ أربع حالات:

المتابعة و هذه هي السنة، و هذا هو الذي ينبغي و ذلك بأن يأتي بأفعاله بعد أفعال الإمام مباشرة لقول النبي ﷺ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا و الفاء للتعقيب عند أهل العربية الفاء للتعقيب فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا يعني تأتي بالتكبير عقب تكبير الإمام تأتي بالركوع عقب ركوع الإمام تأتي بالسجود عقب سجود الإمام هذه الفاء للتعقيب هذه لحالة الأولى.

الحالة الثانية المسابقة و هو أن يسبق الإمام بركن أو بركنين متعمدا فتبطل الصلاة و ابن عمر لما رأى رجلا يسبق الإمام أمره أن يعيد الصلاة فدل على أن ابن عمر يرى بأن صلاته باطلة.

الحالة الثالثة المسابقة و قلنا يستثنى من ذلك الناعس أو الناسي و هو الإنسان الذي يظن أن الإمام قد كبر و هو لا يعلم هذا يرجع إلى حالته السابقة و ليس عليه شيء و يأتي بأفعاله بعد فعال الإمام، الحالة الثالثة الموافقة يوافق الإمام في الركوع و السجود و الخفض و الرفع هذه مكروهة.

الحالة الرابعة التأخر عن الإمام التأخر كثيرا هذا إذا كان متعمدا تبطل الصلاة إذا تأخر كثيرا مثل ما يفعل بعض الناس يجلس  أو ساجد و الإمام قائم قرأ ركعة كاملة و هو ساجد يدعو هذا مخل بالمتابعة الإمام قائم و أنت تدعو يقرأ الفاتحة كاملة و أنت ساجد أو يقوم الإمام و هو يجلس قصده ليستريح حتى يقضي الإمام من الركوع ثم يقوم كذلك لأن هذا ترك القيام و القيام ركن من أركان الصلاة.

و هذا الحديث فيه الوعيد الشديد على من سابق الإمام و أنه يخشى عليه من هذا الوعيد.

و الحديث فيه دليل على وجوب صلاة الجماعة و أن الشارع له عناية بالجماعة و متابعة المأموم للإمام.

و فيه أيضا شفقة النبي ﷺ بأمته و بيان الأحكام لهم و ما يترتب عليها من الثواب و العقاب .

( متن )

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، فَقُولُوا اللهم رَبَّنَا وَ لَكَ الْحَمْدُ ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا ، وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ

( شرح )

الحديث رواه الإمام مسلم حديث أبي هريرة و الحديث فيه دليل على وجوب متابعة المأموم للإمام لقول النبي ﷺ إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فإذا تقدم على الإمام أو تأخر عنه كثيرا فقد اختلف عليه فهذا دليل على وجوب المتابعة و أنه لا يجوز التقدم حتى يسابق الإمام و لا يجوز التأخر كثيراً لأن هذا من الاختلاف عليه إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ يعني يقتدى به فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ  فتسبقوه أو تتأخروا عنه و إنما يجب عليكم المتابعة بدليل قوله فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا الفاء للتعقيب بدون تأخير بدون تأخر بخلاف ثم فإن ثم تكون للترتيب و التراخي فإن قال فإذا كبر ثم كبروا لو قال ثم صار معناه التأخر لكن فما ليست للتأخير تفيد التعقيب و الترتيب مباشرة و المعنى فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا مباشرة وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا الفاء للتعقيب مباشرة وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَ لَكَ الْحَمْدُ و هنا يقول اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ في النسخة الثانية، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ .

هذه جاء فيها أربع سنن: السنة الأولى رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ بدون اللهم أو الواو السنة الثانية رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ السنة الثالثة اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ و السنة الرابعة اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ بالواو رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ​​​​​​​ بدون واو اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ​​​​​​​ بالواو اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ​​​​​​​ بدون واو هذه أربع سنن، كلها ثابتة عن النبي ﷺ إذا أتى بواحدة منها فقد أتى بالسنة.

و الحديث فيه دليل على وجوب متابعة المأموم لإمامه و لو كان الإمام عاجزاً فيه دليل على أن الإمام إذا كان عاجزا و كان مريضا فصلى بالناس جالسا فإن الناس يصلون خلفه جلوسا متابعة للإمام و هذا إنما في الإمام الراتب أما إذا كان الذي يريد أن يصلي بالناس غير الإمام الراتب و هو عاجز ما يستطيع أن يقوم ما يصلي بالناس لا يتقدم يصلي غيره إذا كان الإمام ما يستطيع أن يقوم ما يستطيع القيام لا يصلي بالناس إلا الإمام الراتب الإمام الراتب له خصوصية الإمام الراتب إذا أحب أن يصلي ، يصلي و يصلي الناس خلفه جلوسا و ثبت أن النبي ﷺ سقط عن فرس له فجحش يقول أي منعني جرح فمرض عليه الصلاة و السلام فصلى بالناس فلما صلى بالناس جالسا فلما جلس لما قام رأى بعض المؤمنين قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا فلما سلم قال كِدتُم أَن تَفْعَلُوا كَمَا تَفْعَلُ الْأَعَاجِمُ يَقِفُونَ عَلَى رُؤُوسِ مُلُوكِهِم وَهُم قُعُودٌ، إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ. فثبت أنه عليه الصلاة و السلام في آخر حياته ثبت أنه عليه الصلاة و السلام في آخر حياته لما مرض و جاء و أبو بكر يصلي بالناس فأحس بنفسه خفة فجاء فجلس عن يسار أبي بكر و صلى و صار هو الإمام فصار أبو بكر يقتدي بالنبي ﷺ و الناس يقتدون بأبي بكر النبي ﷺ جالس و أبو بكر قائم يقتدي أبو بكر بالنبي ﷺ و الناس يقتدون بأبي بكر.

فاختلف العلماء في هذا في الجمع بين الحديثين الحديث هذا أنه صلى بهم جالسا في مرضه الأول و الناس جلوس و في المرض الثاني و الناس قيام فمن العلماء من قال المأمومون مخيرون بين أن إذا صلى الإمام جالساً بين أن يصلوا جلوساً و بين أن يصلوا قياماً و إن صلوا جلوساً فهو أفضل لقوله وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ. و إن صلوا قياما فلا بأس لقصة أبي بكر حينما صلى بالناس قائما.

و من العلماء من فصل فقال إذا ابتدأ الإمام الناس بالصلاة قائما ثم اعتل و أصابه مرض و لم يستطع أن يقوم في بقية الصلاة فإن الناس يتمون صلاتهم قياما أما إذا ابتدأ الصلاة و هو جالس فإن المأمومين يجلسون فيه جمع بين لحديثين لأن في مرضه الأول ابتدأ الصلاة جالسا فصلوا جلوسا و في مرضه الثاني ابتدأ أبو بكر بالناس قياما ثم جاء فجلس عن يساره فأقرهم على القيام.

و من العلماء من قال إن الأمر بالصلاة جالساً منسوخ لأنه في آخر حياته أقر الناس على القيام و إنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعل النبي ﷺ ذهب إلى هذا البخاري في صحيحه أن ما يؤخذ بالآخر فالآخر.

فيه ثلاثة أقوال لأهل العلم إما القول بأنه يجب الجلوس قعودا و القول الثاني أنه منسوخ و إنما يصلون الناس قياما و القول الأول أنهم مخيرين أن المأمومين لهم الخيار بين أن يصلوا جلوسا أو قياما لكن الجلوس أفضل عملا بالأمر الثاني أن الأمر بالجلوس منسوخ لفعله في آخر حياته الأمر الثالث أنه إذا ابتدأ الصلاة قائما فاعتل أكملوا قياما أكلموا الصلاة قياما و إذا ابتدأ بهم الصلاة جالسا صلوا جلوسا.

و فيه أن المأموم يقول إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده ربنا و لك الحمد و هذا واجب من واجبات الصلاة مثل التسبيح في الركوع و التسبيح في السجود سبحان ربي العظيم في السجود سبحان ربي الأعلى في السجود و بين السجدتين ربنا و لك الحمد سمع الله لمن حمده، هذه كلها واجبات عند جمع من أهل العلم و الجمهور يرى بأنها مستحبة .

 ( متن )

عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ ، صَلَّى جَالِساً ، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَاماً ، فَأَشَارَ إلَيْهِمْ: أَنْ اجْلِسُوا لَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ ، وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ​​​​​​​

( شرح )

رواه الإمام مسلم و فيه زيادة  إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ يراجع مسلم.

و هذا الحديث فيه أن النبي ﷺ صلى بالناس و هو مريض جالس.

و فيه دليل على أن الإمام الراتب له أن يصلي بالناس و لو كان مريضا لا يستطيع القيام يصلي بهم جالسا أما غير الإمام الراتب إذا كان مريضا و يريد أن يؤم الناس و هو مريض فلا يتقدم إذا كان لا يستطيع القيام فلا يقدم ، يقدم الناس رجلا صحيحا و لا يقدمون إماما مريضا لكن الإمام الراتب له خصوصية له أن يصلي بالناس و لو كان جالسا و يصلون خالفه جلوسا و له أن ينيب من يصلي عنه و يصلي هو خلف نائبه جالسا.

في حديث عائشة قالت ﷺ في بيته و هو شاك يعني مريض شاك من الشكاية لسقوطه من الفرس سقط من الفرس و جُحش شقه الأيمن جرح فمرض فصلى جالسا و صلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم من الخلف من خلفه أشار إليهم أن يجلسوا هكذا أشار إليهم أن يجلسوا فلما انصرف أي انتهى من الصلاة قال إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ فيه دليل على أن المأموم يتابع إمامه و لا يختلف عليه و لا يخالفه فإذا صلى قائما يصلي قائما و قوله فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا الفاء للتعقيب يعني فأتوا بالركوع بعد الإمام مباشرة وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا يعني إذا رفع رأسه من الركوع فارفعوا و الفاء للتعقيب وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ ، وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ​​​​​​​ و هذا فيه دليل على وجوب متابعة الإمام كما سبق و فيه دليل على أن العمل اليسير لا يؤثر في الصلاة لما أشار إليهم الإشارة باليد أو الرأس في الصلاة لا تؤثر .

( متن )

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ الأَنْصَارِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَاجِدًا  ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ .

( شرح )

الحديث رواه الإمام مسلم هذا حديث عبد الله بن زيد الأنصاري قال حدثني البراء بن عازب و هو غير كذوب قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَاجِدًا  ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ فيه دليل على وجوب متابعة المأموم للإمام.

 و فيه دليل على أن المأموم يبقى قائما منتصبا حينما يقول سمع الله لمن حمده حتى يقع الإمام ساجداً على الأرض و ينقطع صوته ثم يتبعه المأموم هذه السنة و عند القيام لا يقوم المأموم حتى يستوي الإمام قائما و ينقطع صوته و عند الركوع و السجود لا يركع الإمام و لا يسجد المأموم حتى يركع الإمام أو يسجد الإمام و ينقطع صوته هذه هي السنة، هذا في دليل على وجوب متابعة الإمام.

و قوله ( لم يحن أحد منا ظهره ) يعني لم يهوِ أحد منا للركوع .

( متن )

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ إذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.

( شرح )

هذا حديث أبي هريرة يقول النبي ﷺ إذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ​​​​​​​. هذا حديث متفق عليه رواه الشيخان البخاري و مسلم.

و الحديث فيه دليل على مشروعية التأمين بعد قراءة الفاتحة للإمام و المأموم و المنفرد كل أحد إذا قرأ الفاتحة يقول في آخرها ( آمين ) التأمين هو (آمين)  لأنَّ في آخرها دعاء اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ  هذا دعاء يعني ثبتنا و أرشدنا إلى الصراط المستقيم يا الله  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ و الذين أنعم الله عليهم هم أهل العلم و العمل من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ و هم الذين معهم علم و لم يعملوا به كاليهود و أشباههم وَلَا الضَّالِّينَ يعني غير طريق الضالين و هم النصارى الذين يعملون على جهل و ضلال و أشباههم ثم تقول (آمين) معناها اللهم استجب يا الله استجب هذا الدعاء اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۝ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ و ( آمين ) يقولها الإمام و المأموم و المنفرد.

و النبي ﷺ في هذا الحديث يأمر المأموم أن يؤمن يقول إذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ​​​​​​​. فيه دليل على أن التأمين من أسباب المغفرة فيه دليل على أن التأمين بعد قراءة الفاتحة من أسباب المغفرة إذا وافق تأمين الملائكة.

و فيه دليل على أن الملائكة يؤمنون فهم الكرام الكاتبون يؤمنون عليهم الصلاة و السلام و يدعون لبني آدم يدعون للمؤمنين رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ۝ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ۝ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ هذا دعاء الملائكة و كذلك إذا أمن الإمام تؤمن الملائكة بعد الإمام و إذا وافق تأمين المأموم تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.

و قوله إذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا ظاهره أن المأموم لا يؤمن حتى يؤمن الإمام يعني يقول إذا أمن فأمنوا الفاء للتعقيب لكن هذا غير مراد لورود أحاديث أخرى تدل على أن المأموم يؤمن بعد قراءة الفاتحة سواء سبق الإمام بتأمين أو لم يسبقه المأموم ليس مرتبطا بالإمام في التأمين و لا في القراءة الصلاة السرية تقرأ الفاتحة قبل الإمام تنتهي لست مرتبطا بالإمام و لست مرتبطا بالإمام في التأمين و لكنك مرتبط به في الركوع و السجود و الخفض و الرفع أما التأمين فلا ، دلت نصوص أخرى على أن المأموم يؤمن إذا انتهى الإمام من الفاتحة أمن المأموم سواء أمن الإمام أو لم يؤمن و ظاهر هذا الحديث غير مراد.

و معنى آمين اللهم استجب.

و قوله غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ​​​​​​​. المراد بالذنوب هنا الذنوب الصغائر أمَّا الكبائر فلا بد لها من توبة و المظالم التي بين العباد لا بد من ردها إلى أهلها إذا كان ظالم اعتدى على أحد في ماله أو عرضه أو بدنه لا بد أن يرد حقوق الناس ما يكفيه أن يؤمن فيغفر له و كذلك الكبائر التي توعد عليها بالنار أو اللعن أو الغضب أو نفي الإيمان أو وجب فيه حد في الدنيا كالزنا و السرقة و شرب الخمر و عقوق الوالدين و قطيعة الرحم و الرشوة هذه لابد لها من توبة كقول الله تعالى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ يعني الصغائر وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا و لما ثبت في صحيح سلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ الكبائر لا بد من اجتنابها و قوله غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ  المراد الصغائر أما الكبائر لابد لها من توبة.

و فيه مشروعية التأمين بعد قراءة الفاتحة للإمام و المأموم و المنفرد في الصلاة الجهرية .

( متن )

عن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ.

( شرح )

هذا الحديث حديث أبي هريرة فيه إرشاد للأئمة بالتخفيف يقول عليه الصلاة و السلام إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ​​​​​​​. الضعيف يعني ضعيف الخلقة أو من به ضعف نتيجة لمرض و السقيم المريض و ذا الحاجة صاحب الحاجة المشتغل به كأم الصبي تشتغل بصبيها و الحامل و المرضع و الجائع و الضمآن و غيرهم ممن يتضرر بالتطويل.

فالحديث فيه دليل على أنه ينبغي على الإمام أن يراعي حال المأمومين و أن لا يطيل عليهم و أن لا يشق عليهم و أما إذا صلى لنفسه و لم يصل معه أحد فليطول ما شاء يصلي ما شاء لو يجلس ساعة و هو قائم ليس عليه حرج إذا كان يصلي وحده ليس معه أحد لكن إذا كان إماما للناس فإن عليه أن يراعي للمأمومين و لا يطول عليهم بل عليه أن يخفف إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ لكن مالمراد بالتخفيف هنا هل التخفيف هذا يرجع إلى رغبة الإمام أو إلى رغبة المأمومين ما هو التخفيف هذا ؟ المراد بالتخفيف هو التخفيف الذي ورد بالشرع تخفيف فعل النبي ﷺ تخفيف لأن الرسول عليه الصلاة و السلام فعله و قوله لا يتناقض فالذي قال للناس إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ هو الذي صلى هذه الصلاة فصلاة النبي ﷺ تخفيف و من زاد عنها تطويل.

ما هي صلاة النبي ﷺ ؟ جاء وصف لصلاة النبي ﷺ في الأحاديث وصف الصحابة صلاة النبي ﷺ أنه كان إذا ركع يحسب له عشر تسبيحات مع التدبر سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ عشر مرات مع التدبر حسب الصحابة تسبيحاته عشر تسبيحات و إذا قال  سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه  أطال حتى يقال قد نسي قد أوهم يطيل رَبَّنَا ولَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءُ الْأَرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ ثم يسجد  و إذا رفع رأسه من السجدة الأولى جلس و أطال حتى يقال قد نسي لعله نسي رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَارْفَعْنِي، وَارْزُقْنِي، وَاهْدِنِي

إذا التخفيف ما هو ؟ التخفيف فعل النبي ﷺ ، الرسول ﷺ هل يتناقض ما يتناقض فالذي قال للناس إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ هو الذي يسبح عشر تسبيحات في الركوع و يسبح عشر تسبيحات في السجود و عشر تسبيحات في السجود و عشر تسبيحات في الركوع تخفيف أم تطويل ؟ تخفيف لأن هذا فعل الرسول عليه الصلاة و السلام التطويل ما هو ؟ إذا سبح عشرين تسبيحة نقول طولت سبح عشرين تسبيحة في الركوع و عشرين تسبيحة في السجود زاد عن فعل الرسول ﷺ هذا تطويل خمسين تسبيحة هنا نقول تطويل و مثل ما عمل معاذ في التطويل معاذ ماذا عمل ؟ معاذ صلى بالناس صلاة العشاء و افتتح سورة البقرة و جعل يقرأ البقرة كلها فجاء رجل من الأنصار مع ناضحين يعمل طول النهار في مزرعته متعب و معه ناضح فلما كبر و بدأ معاذ في البقرة استمر معاذ و استمر ما استطاع نوى الانفراد انفرد و صلى ثم ذهب فشكا هذا الرجل معاذ إلى النبي ﷺ و في رواية أنه لما علم معاذ تكلم عنه و قيل أنه منافق فجاء الرجل فشكى له و قال يا رسول الله إني أعمل في مزرعتي طول النهار و معاذ أطال بنا و قرأ سورة البقرة فالنبي ﷺ دعا معاذ و قال له أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ، إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ فقال اقرأ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَ حدد له سورا.

إذن ما هو التخفيف ؟ فعل النبي ﷺ التخفيف لا يرجع إلى رغبة الناس بعض الناس لو ينظر إلى الرغبة بعض الناس يريد أن تنقضي الصلاة كنقر الغراب ما يرضيه إلا هذا ما يريد إلا أن ينقرها نقر الغراب فإن سبح عشر تسبيحات قال عنها طولت علينا. و إذا قرأت الرسول ﷺ يقرأ في الفجر بالستين و المائة و إذا قرأت عشر آيات عشرين آية قال طولت علينا نقول هذا كسلان ما علينا منه فلا يرجع إلى رغبات بعض الناس يريدك أن تنقرها نقر الغراب يريد أن تخل بالصلاة هذا لا ينظر إليه و إنما ينظر إلى الشرع التخفيف و التطويل ينظر فيهما إلى فعل الشارع و الرسول عليه الصلاة و السلام هذا فعله و هذا قوله و لا يتناقض فما زاد عن فعل النبي ﷺ فهو تطويل و ما كان على فعل النبي ﷺ فهو تخفيف.

و هذا الحديث فيه دليل على استحباب التخفيف للإمام و مراعاته حال المأمومين و التخفيف هو كفعل النبي ﷺ فلا يزيد على فعل النبي ﷺ .

( متن )

عن أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ البدري قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ إنِّي لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ فُلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فيها قَالَ : فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ غَضِبَ فِي مَوْعِظَةٍ قَطُّ أَشَدَّ مِمَّا غَضِبَ يَوْمَئِذٍ ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ ، فَأَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُوجِزْ ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ​​​​​​​.

( شرح )

وهذا الحديث متفق عليه مع اختلاف في ألفاظه هذا الحديث حديث أبي مسعود الأنصاري  قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ إنِّي لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ فُلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا يعني ما أحضرها مع الجماعة لا أصلي مع الجماعة من أجل الإمام يطول قال فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ غَضِبَ فِي مَوْعِظَةٍ قَطُّ أَشَدَّ مِمَّا غَضِبَ يَوْمَئِذٍ غضب على هذا الإمام الذي يطيل فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ ما تنفروا الناس فَأَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُوجِزْ يعني فاليخفف فإن من ورائه الصغير الذي لا يتحمل التطويل فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ الْكَبِيرَ كبير السن الذي لا يستطيع و في الحديث السابق وَالمَرِيضَ وَذَا الْحَاجَةِ فهم يحتاجون إلى مراعاة و الصغير الذي لا يتحمل يحتاج إلى مراعاة و كبير السن يحتاج إلى مراعاة و المريض يحتاج إلى مراعاة و صاحب الحاجة يحتاج إلى مراعاة.

لكن كما سبق المراد بالتخفيف فعل النبي ﷺ و ليس أن ينقرها نقر الغراب المراد فعل النبي ﷺ كما قال أنس : ما رأيت صلاة أخف من صلاة رسول الله ﷺ لكن فيه إتمام، فصلاة النبي ﷺ خفيفة مع إتمام.

و في الحديث من الفوائد الغضب في التعليم و الموعظة إذا استوجب الأمر ذلك زجراً للسامعين.

و فيه دليل أنه لا بأس بالغضب مع الموعظة حتى يتأثر هذا الذي أخل بالآداب.

و فيه دليل على استحباب تخفيف الصلاة لكن مع إكمال تخفيف مع إكمال و مع  إتمام كما فعل النبي ﷺ.

( متن )

باب صفة صلاة النبي ﷺ .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلاةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ ، مَا تَقُولُ ؟ قَالَ أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ.

( شرح )

هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله في بيان صفة صلاة النبي ﷺ فذكر حديث أبي هريرة في مشروعية الاستفتاح هذا الحديث فيه مشروعية الاستفتاح.

و الاستفتاح هو الذكر الذي يكون بعد تكبيرة الإحرام و قبل قراءة الفاتحة هذا الاستفتاح و الاستفتاح ذكر يكون متى ؟ بعد تكبيرة الإحرام و قبل قراءة الفاتحة، فأبو هريرة يقول كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلاةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً الهنيهة يعني شيئا يسيرا فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يعني أفديك بأبي و أمي أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ ، مَا تَقُولُ ؟ قَالَ أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ. هذا يسمى الاستفتاح و هو سنة مستحب و ليس واجبا و مكانه بعد تكبيرة الإحرام و قبل قراءة الفاتحة.

وهذا الاستفتاح الذي ورد في هذا الحديث أصح الاستفتاحات لأنه رواه الشيخان البخاري و مسلم أصح ما ورد في الاستفتاح هو هذا أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ. هذا أصح الاستفتاحات لأنه رواه الشيخان البخاري و مسلم.

و هناك استفتاحات أخرى وردت ، وردت عدة استفتاحات كثيرة فأي استفتاح يستفتح به المصلي حصل على السنة ثم يعلم أن الاستفتاح ليس بواجب و إنما هو مستحب و من الاستفتاحات الواردة سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ هذا أقصر الاستفتاحات  استفتاح مختصر كل يحفظه و هو أقصر الاستفتاحات من جهة ذاته فإنه ذكر و ثناء على الله و لهذا اختاره الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في رسالته اختار هذا الاستفتاح في آداب المشي إلى الصلاة قال استفتح بهذا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ هذا يحفظه العامة و الخاصة سهل و يحفظه الصغار و الكبار و هو أفضل الاستفتاحات من جهة ذاته لأنه ذكر و ثناء على الله سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ يعني أنزهك يا الله عما يليق بجلالك و عظمتك مع حمدك وَتَبَارَكَ اسْمُكَ يعني البركة تنال بذكر اسمك وَتَعَالَى جَدُّكَ يعني ارتفعت عظمتك الجد له معاني فيطلق على العظمة كما في هذا و كما في قوله تعالى وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا يعني عظمة ربنا و يطلق الجد على أب الأب يقال له الجد و يطلق الجد على الحظ و منه ما ورد في الذكر بعد الصلاة وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ يعني لا ينفع صاحب الحظ منك حظه صاحب الحظ من المال و الرئاسة و الجاه و الملك و السلطان ما ينفع الإنسان عند الله إلا إذا استعمله في طاعة الله الجد الحظ ما ينفع كل إنسان له حظ في الدنيا بكونه عنده مال أو جاه أو سلطان أو منصب هذا لا ينفعه عند الله و لا يقربه إلا إذا استعمله في طاعة الله إذا كان خادما للدين و نافعا له نفع و إن كان تعصب و استعملها فيما يغضب الله صار وبالا عليه و لا حول و لا قوة إلا بالله وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ  يعني لا إله غيرك لا معبود غيرك بعض العامة يزيد ( ولا معبود سواك ) هذه الزيادة لا وجه لها بعض الناس يقول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ ولا معبود سواك يزيدون ( و لا معبود سواك ) هذه ليس لها أصل لأن لا إله غيرك هي معنى لا معبود سواك معنى لا إله غيرك لا معبود سواك.

و هناك أيضا استفتاح كان النبي ﷺ يستفتح به في صلاة الليل كما في حديث عائشة اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ أَنْتَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

و هناك استفتاح طويل عن ابن عباس اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ ﷺ حَقٌّ... إلى آخر الاستفتاح استفتاح طويل في صلاة الليل.

و هناك استفتاحات طويلة فإذا استفتح بواحد منها كفى لكن أصحها ما جاء في هذا الحديث و أفضلها في ذاتها سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ .

و هذا الحديث فيه مشروعية الاستفتاح بين التكبير و القراءة و هذا الاستفتاح و إن كان دعاء إلا أنه دليل على أنه لا بأس بالدعاء في الصلاة مع التقيد بالوارد.

و فيه دليل على أن الصحابة يحافظون على تتبع أحوال النبي ﷺ في حركاته و سكناته و إسراره و إعلانه.

قوله كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ واللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي المراد امح عني السيئات اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ يعني اغفرها لي و امحها عني و اعصمني منها و سلمني من شرها فالذنوب لها شر و لها وبال العقوبات و المصائب و النكبات كلها من آثار الذنوب و عذاب النار و عذاب القبر كلها من آثار الذنوب فاسأل ربك أن يسلمك من شر الذنوب في الدنيا و الآخرة اللهم اغفر ذنبي اللهم استر ذنبي يعني تجاوز و اغفر ذنبي حتى أسلم من شر الذنوب في الدنيا و الآخرة و هنا اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كل هذا فيه سؤال الرب مغفرة الذنوب كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ  يعني الوسخ و المراد به هنا الذنوب شبهها بالوسخ و خص الثوب الأبيض لأن الدنس يتأثر فيه كثيرا .

( متن )

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَسْتَفْتِحُ الصَّلاةَ بِالتَّكْبِيرِ ، وَالْقِرَاءَةَ بـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَكَانَ إذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ ، وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِماً ، وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِداً ، وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ ، وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ ، وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ ، وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلاةَ بِالتَّسْلِيمِ .

( شرح )

هذا الحديث في بيان صفة الصلاة صفة صلاة النبي ﷺ و هو حديث عائشة رضي الله عنها بينت صفة صلاة النبي ﷺ.

قالت كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَسْتَفْتِحُ الصَّلاةَ بِالتَّكْبِيرِ فيه دليل على أن الصلاة تستفتح بالتكبير و تكون قبل الفاتحة و لا يدخل المسلم في الصلاة حتى يكبر تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ فيدخل إلى الصلاة بالتكبير و يخرج من الصلاة بالتسليم و لا يجزئ غير التكبير فلا يقال الله الأعظم أو الله الأجل لا يصح لا بد أن يكبر ( الله أكبر ) و خلافا لبعض الأقوال الشاذة في هذا فإن الأحناف و غيرهم يجيزون أن يقول الله الأجل و الله الأعظم.

ثم يستفتح الصلاة بالتكبير و يستفتح القراءة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  يعني الصلاة الجهرية و لكنه يبسمل و يتعوذ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم سرا ثم يجهر الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .

وَكَانَ إذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ يعني يجعل رأسه محاذيا لظهره لم يشخص ظهره يعني لم يرفعه و لا يصوبه السُّنَّة أن تجعل الرأس محاذيا لظهرك لا يرفع الرأس و لا يخفض هذه السنة و كان النبي ﷺ يمد ظهره و يمد صلبه بحيث أنه لو وضع قدح على ظهره و هو ممتلئ ماء لم يتحرك.

إذن السنة في الركوع أن يكون الرأس محاذيا للجسم لا يرفع و لا يخفض لم يشخص رأسه و لم يرفع و لم يصوبه يعني لم يخفضه وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ.

وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِماً يعني إذا رفع رأسه من الركوع استوى قائما و في الحديث السابق أنه يقف حتى يقول القائل قد أوهم من الطول خلاف للأحناف مجرد ما يرفع رأسه من الركوع يسجد كما ترون بعض الأخوان الباكستانيين مجرد ما يرفع رأسه من الركوع يسجد لأن هذا مذهب أبي حنيفة و هذا خلاف الصواب السنة أنه يرفع رأسه من الركوع و يقف و يستوي قائما و يطيله و كذلك إذا رفع رأسه السجدة يقف يقعد و يستوي قاعدا حتى يقول أنه نسي خلاف البعض الأخوان الله أكبر الله أكبر مجرد ما يرفع رأسه من لركوع يسجد هذا فيه مخالفة للسنة كان النبي ﷺ إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما و كان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي قاعدا.

وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ كل ركعتين يقرأ التحية التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ إذا كانت الصلاة رباعية يقرأ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلى وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثم يقوم و إذا كانت الصلاة ثنائية كمل صلى على النبي ﷺ و استعاذ بالله من أربع ثم سلم.

وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى كان يفرش رجله اليسرى و ينصب اليمنى هذا بين السجدتين، و كذلك في التشهد الأول أما في التشهد الأخير فإنه يتورك و سيأتي التورك و هو أنه ينصب رجله اليمنى و يخرج رجله اليسرى من تحته و يجلس على إليتيه هذا في التشهد الأخير في الصلاة التي فيها تشهدان في الظهر و العصر و المغرب أما الصلاة التي ما فيها إلا تشهد واحد كالفجر و الجمعة و النافلة فهذه ليس فيها تورك في أصح أقوال أهل العلم و إلا بعض العلماء يرى أن الصلاة كلها فيها تورك و بعض العلماء لا تورك في التشهد الأول و لا التشهد الثاني و الصواب أن التورك في التشهد الثاني و ليس في التشهد الأول.

وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ عقبة الشيطان هي أن يفترش قدميه و يجلس على إليتيه و هذا يسمى الإقعاد و هو غير الإقعاد الصحيح الذي ورد في صحيح مسلم أن النبي ﷺ كان يجلس مقعيا و هو أن يجلس على ركبتيه و يجلس على عقبيه هذا فعله النبي بين السجدتين و في الغالب أنه يفترش لكن عقبة الشيطان يفترش القدمين و يجلس على إليتيه يفترش قدميه و يجلس على إليتيه.

وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ يعني يضع ذراعيه في الأرض و السنة أن يرفع هكذا يجافي يديه عن عضديه و عضديه عن جنبيه و بطنه عن فخذيه و فخذيه عن ساقيه المجافاة و لا يفرش ذراعيه تشبه بالسبع الذي يفرش ذراعيه افتراش السبع، تجد السباع إذا جلس فرش ذراعيه على الأرض السنة يرفع ذراعيه عن الأرض فيجعلها تكون ملاصقة للأرض هكذا لكن إذا كان مأموما يجافي مجافاة لا يؤذي من حوله و يأخذ عن الأرض كفين فقط الأرض تكون على كفين و الذراعين مرفوعتين هذه كلها هذا الحديث فيه بيان صفة النبي ﷺ.
و فيه من الفوائد و الأحكام كما دل عليه الحديث افتتاح الصلاة بالتكبير و افتتاح الصلاة بالقراءة.

و فيه من الأحكام أنه عند الركوع يجعل رأسه محاذيا لجسده لا يرفعه و لا يخفضه.

و من الأحكام أنه إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما و إذا رفع رأسه من السجود لم يسجد حتى يستوي قائما.

و من الأحكام أنه يقرأ في كل ركعتين التحية.

و من الأحكام أن يفرش رجله اليسرى و ينصب رجله اليمنى.

و من الأحكام النهي عن عقبة الشيطان و هي أن يفترش قدميه و يجلس على إليتيه.

و من الأحكام النهي عن افتراش السبع.

و فيه أن الصلاة تستفتح بتكبيرة الإحرام و هي ركن و قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة.

 و فيه أن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة لأنه إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما و إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي قاعدا إذا وجوب الطمأنينة.

و فيه النهي عن الإقعاء.

و فيه النهي عن افتراش الذراعين افتراش السبع و فيه أن الصلاة تختتم بالتسليم بالتسليمتان السلام عليكم و رحمة الله السلام عليكم و رحمة الله و هي ركن و فيه مشروعية قراءة التشهد في كل ركعتين .

وفق الله الجميع لطاعته و ثبت الله الجميع على هداه و صلى الله على نبينا محمد .

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد