شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من عمدة الأحكام_7 باب جامع وباب التشهد

00:00
00:00
تحميل
77

( شرح )

عام في جميع الأوقات خاص بتحية المسجد خاص بتحية المسجد.

فاختلف العلماء في الجمع بينهما إذا دخل المسجد بعد العصر أو دخل بعد الفجر هل يعمل بأحاديث النهي فلا يصلي أو يعمل بأحاديث أبي قتادة فيصلي تحية المسجد على قولين لأهل العلم:

ذهب جمهور العلماء إلى العمل بأحاديث النهي و قالوا إذا دخل المسجد في وقت النهي يجلس و لا يصلي إذا دخل المسجد بعد العصر يجلس و إذا دخل بعد الفجر يجلس قالوا لأن أحاديث النهي أصح و أكثر و هذا ذهب إليه جمهور العلماء.

و ذهب آخرين من أهل العلم من المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية و جماعة إلى أن أحاديث النهي يخصص عمومها بهذا الحديث ، هذا الحديث يخصص عمومها فتستثنى تحية المسجد لأنها سبب تستثنى ذوات الأسباب، فكأن النبي ﷺ قال (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا إذا دخل المسجد فيصلي ركعتين ) قالوا فيستثنى من أحاديث النهي ذوات الأسباب.

و قالوا يدل على ذلك أن أحاديث النهي خصصت بأشياء دخلها التخصيص كصلاة الكسوف فإذا كسفت الشمس بعد صلاة العصر فإن الناس يصلون لأنه لها سبب و كذلك خصص بإعادة الجماعة إذا صلى الإنسان بمسجد ثم أتى مسجدا آخر و هم يصلون بعد العصر إذا صلى في مسجده الفجر أو العصر ثم جاء إلى مسجد آخر و هم يصلون فإنه يصلي معهم و لو كان قد صلى فيكون هذا إعادة مستثناة و كذلك إذا وجد جنازة بعد صلاة العصر أو الفجر يصلى عليها.

و هذا هو الأرجح ، الأرجح أنه تفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي ما هي ذوات الأسباب ؟ هي إعادة الجماعة ، تحية المسجد ، سنة الوضوء ، صلاة الكسوف ، صلاة الجنازة ، سجدة التلاوة عند من يرى أنها صلاة الجمهور يرون أنها صلاة و آخرون من أهل العلم مثل ابن عمر البخاري و جماعة يرون أن سجدة التلاوة ليست صلاة و إنما خضوع لله و الجمهور على أنه صلاة و كذلك ركعتي الطواف إذا طاف بعد العصر أو بعد الفجر يصلي ركعتي الطواف لأنها من ذوات الأسباب و على هذا يكون العموم يخصص عمومها بأي شيء ؟ بركعتي الطواف و إعادة الجماعة و تحية المسجد و سنة الضوء و صلاة الكسوف و صلاة الجنازة و سجدة التلاوة هذه تفعل في أوقات النهي و ما عدا ذلك فإنه لا يجوز إذا كان الإنسان جالسا في المسجد ثم يريد أن يصلي ركعتين هنا حرام يحرم عليه لأن الرسول ﷺ نهى قال لا صَلاَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ إذا كان الإنسان جالسا في المسجد فليس له أن يصلي لكن إذا دخل المسجد و كان خارج المسجد له أن يصلي تحية المسجد هذا هو الأرجح من قولي العلماء .

( متن )

117 - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ ، وَهُوَ إلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلاةِ ، حَتَّى نَزَلَتْ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلامِ.

( شرح )

هذا حديث زيد ابن أرقم ، الحديث الأول حديث أبي قتادة فيه دخول المسجد لأن الباب باب الجامع فكل حديث له حكم و هذا في السكوت في الصلاة و القنوت قال " كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاةِ " يعني أول ما هاجر النبي ﷺ والمسلمون إلى المدينة كان الناس يتكلمون في الصلاة " يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ " إذا جاء متأخرا يقول كم فاتني من الصلاة ؟ فيقول له فاتتك ركعة أو ركعتين يكلمه ثم بعد ذلك نسخت.

و من ذلك معاوية بن حكم السلمي لما جاء و لم يعلم بالنسخ و صلى و سأل من بجواره و لم يجبه فجعل يسكته يضرب فخذه يسكته فقال له مالك ؟ فأخبره النبي ﷺ بعد ذلك أنه نهى عن الكلام.

يقول زيد بن أرقم " كنا نتكلم في الصلاة "يعني في أول الهجرة قبل النسخ " يكلم الرجل منا صاحبه وَهُوَ إلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلاةِ ، حَتَّى نَزَلَتْ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ. فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ ، وَنُهِينَا عَنْ الْكَلامِ " فيه أن الكلام لا يجوز للإنسان أن يتكلم عمداً إذا تكلم عمدا و لغير مصلحة الصلاة تكلم عمدا بطلت صلاته أو أكل أو شرب أو ضحك أو قهقه في الصلاة الضحك غير التبسم أما التبسم فلا يبطل لكن إذا ضحك و أخرج قهقهة فهذا يبطل الصلاة و عند الأحناف إذا قهقه بطلت صلاته و وضوؤه جعلوه حتى من مبطلات الوضوء و الصواب أن وضوءه لا يبطل و إنما تبطل الصلاة فهذه الآية وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فيها نهي عن الكلام و أمر بالسكوت و فيه دليل على النهي عن الكلام و أن الكلام في الصلاة عمدا يبطلها كالأكل و الشرب و القهقهة .

( متن )

118 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ

( شرح )

هذا الحديث رواه الجماعة إلا ابن ماجة، البخاري و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي و أحمد، يقول النبي ﷺ إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ في الحديث قوله فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاةِ أي أخروا الصلاة إلى أن يبرد الوقت إذا اشتد الحر فأخروا الصلاة إلا أن يبرد الوقت و المراد بالصلاة صلاة الظهر لأن الحر يشتد في أول وقتها غالباً.

و قوله: فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ تعليل لسبب التأخير و بيان الحكمة من التأخير و أن الحكمة دفع المشقة لكونها قد تسلبه الخشوع مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ يعني من سعة انتشارها و حرها.

و الحديث فيه استحباب تأخير صلاة الظهر في شدة الحر حتى يبرد الوقت، و هذا يؤخر الصلاة مثلا ساعة و نص ساعة حتى يبرد الوقت و إلا الحر لا يزال باقيا لكن إذا صار الظل نزل الظل و صار الحيطان لها ظل يعني يبرد بعض لشيء و تنكسر شدة الحر و لا الحر باقي حتى بعد العصر في حر لكن المراد الشدة قوية ففيه مشروعية الإبراد لكن الآن وجدت المكيفات الآن في المساجد و في كذلك أيضا السيارات و صار كثير من الناس مرتبطين بالأعمال فعلى هذا صار سكان المدن لا يبردون الآن و إنما يصلون الصلاة في وقتها لكونهم يراعون الأعمال و لكون الصلاة في المساجد فيها تكييف و كذلك السيارات فيها تكييف و لو لم يبق إلا من يمشي بقدميه للمسجد ثم يدخل المسجد فيجد البراد و لهذا لا يبردون لكن لو وجد في بعض القرى التي ليس فيها مكيفات و كذا و الهجر و ما أشبه ذلك فإنه يشرع الإبراد.

و الحديث فيه مشروعية الإبراد و استحباب تأخير الظهر لشدة الحر حتى يبرد الوقت.

و فيه بيان الحكمة من الإبراد و أنه دفع المشقة التي تسلب الخشوع في الصلاة.

و فيه إثبات جهنم و إثبات النار و أنها موجودة و الرد على من أنكر وجوبها من أنكر الجنة و النار كافر من أنكر البعث أو الجنة أو النار فهو كافر، لكن المعتزلة يقولون الجنة و النار ما تخلقان الآن تخلقان يوم القيامة لأن وجودهم الآن و لا جزاء عبث، و العبث محال على الله نقول من قال لكم الرسول ﷺ يقول من فيح جهنم موجودة جهنم الآن.

و في الحديث الآخر يقول النبي ﷺ أَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ، نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِير فعلى هذا جهنم نوعان حار و بارد ، حار زمهرير من شدة البرد زمهرير، و الثاني شديد الحر شدة الحر في الصيف و زمهرير من شدة البرد في الشتاء ففيه إثبات الجنة و النار.

و فيه رد على المعتزلة الذين يقولون إن الجنة و النار ما خلقتنا بل تخلقان يوم القيامة و هذا باطل فالله قال عن الجنة أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ و قال عن النار أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ من قال أنها معطلة النار ؟ النار ليس معطلة المؤمن إذا مات نقلت روحه للجنة تتنعم و لها صلة بالجسد و الكافر تذهب روحه للنار تعذب و لها صلة بالجسد و المؤمن إذا مات تفتح له أبواب الجنة فيأتيه من روحها و طيبها و الكافر يفتح له أبواب النار فيأتيه من حرها و سمومها نعوذ بالله ، من قال إن الجنة و النار معطلة ؟ فيها الولدان و فيها الحور هذا من جهل المعتزلة.

فيه إثبات جهنم و فيه الرد أن من أنكر النار فهو كافر من أنكر الجنة و النار فهو كافر و من أنكر البعث فهو كافر نسأل الله العافية .

المتن :

119 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرهَا، وَلا كَفَّارَةَ لَهَا إلاَّ ذَلِكَ و تلا قوله تعالى وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي.

وَلِمُسْلِمٍ مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا .

( شرح )

هذا الحديث أنس بن مالك رواه الشيخان يقول رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرهَا، وَلا كَفَّارَةَ لَهَا إلاَّ ذَلِكَ و تلا قوله تعالى وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي. وَلِمُسْلِمٍ مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا

هذا الحديث  فيه دليل على أنَّ الإنسان إذا نسي الصلاة أو نام عنها نوم يعذر فيه فإنه لا إثم عليه إذا أخر الصلاة و وقتها في حقه إلى حين يستيقظ من النوم و من حين يتذكر أما النسيان فلا حيلة فيه إذا نسي لا حيلة في النسيان هذا معذور عذر في الصلاة إذا نسي الصلاة و لم يتذكر إلا بعد يوم أو يومين أو ثلاثة أو عشرة أو مئة يوم يصليها متى تذكر و الحمد لله و لا إثم عليه لأن الإنسان لا حيلة فيه حتى في الصيام الناسي إذا أكل صومه صحيح قال عليه الصلاة و السلام مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ.

و أما النوم فهذا فيه تفصيل إن كان النوم يعذر فيه بأن جعل أسباب توقظه و كان عنده إحساس و شعور و لكن فاتته فوات الحرص دون اختياره فهذا معذور فهو معذور و وقت الصلاة في حقه من حين يستيقظ، و قد ثبت أن النبي ﷺ نام في بعض أسفاره و قال مَن يَكلَأُ لَنَا الصَّبحَ في مواضع نام الرسول ﷺ حتى جعل له أسباب من يلتزم فقال بلال " أنا يا رسول الله ألتزم " فماذا فعل بلال نصب ذراعه هكذا و جعل رأسه عليه حتى غلبته عيناه فلم يستيقظوا حتى ضربتهم الشمس فكان أول من استيقظ النبي ﷺ فقال: أَيْنَ مَا قُلْتَ يَا بِلاَلُ؟ قال يا رسول الله " أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك " فأمر النبي ﷺ فأذن في الضحى ثم صلى ركعتي الفجر ثم صلى، فالنوم الذي يعذر فيه هذا معذور لكن النوم الذي لا يعذر فيه شخص نام و هو لا يريد أن يصلي يركب الساعة على العمل الساعة التاسعة صباحا و لا يستيقظ إلا مرة واحدة لصلاته و طهوره و فطوره هذا معذور أم غير معذور ؟ هذا غير معذور هذا لم يجعل الأسباب بل لا يرد أن يستيقظ لو أيقظته عند الفجر ما يستيقظ و إنما يريد أن يستيقظ الساعة التاسعة صباحا هذا و العياذ بالله يعتبر مؤخرا للصلاة، إذا أصر على ما يفعله أفتى جمع من أهل العلم أنه يكفر لأنه متعمد تأخير الصلاة عن وقتها و لا تنفعه صلاته نعوذ بالله فإذا نام عن الصلاة نوم يعذر فيه جعل له ما يوقظه و فاتته مع الحرص فهذا معذور معذور و وقت الصلاة في حقه من حين يستيقظ كما أن الناسي وقت الصلاة في حقه من حين أن يتذكر و النبي ﷺ تلا قوله تعالى وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي. يعني أقم الصلاة متى تذكرت متى ذكرت متى ذكرك الله ذكرت أن عليك صلاة فإنك تصلي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي. أقم الصلاة عند تذكرك إياها هذا أحد التفاسير للآية وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي. أقم الصلاة عند تذكرك إياها لأن النبي ﷺ استدل بها على وجوب قضاء الصلاة على الناسي في قوله مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرهَا، وَلا كَفَّارَةَ لَهَا إلاَّ ذَلِكَ 

والحديث فيه من الفوائد أنه يجب قضاء الصلاة الفائتة بالنوم أو النسيان و أنه لا إثم على من حدث منه التأخير و أنه لا إثم عليه لأنه لم يتعمد .

( متن )

120 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ: كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عِشَاءَ الآخِرَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ ، فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلاةَ .

( شرح )

هذا الحديث رواه الشيخان البخاري و مسلم، حديث جابر أن مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ العِشَاءَ الآخِرَةِ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ ، فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصلاة يعني معاذ بن جبل كان يصلي مع الرسول ﷺ  في مسجده في المسجد النبوي صلاة العشاء ثم يذهب إلى قومه في طرف المدينة فيصلي بهم العشاء مرة ثانية فهي لهم فريضة.

هذا الحديث فيه دليل جواز اقتداء المفترض بالمتنفل جواز أن يكون الإمام يتنفل و المأموم يصلي الفريضة أن يكون الإمام يصلي نافلة و المأموم يصلي الفريضة جواز اقتداء و ائتمام المفترض بالمتنفل.

و فيه جواز أداء الفريضة في اليوم الواحد مرتين يعني إذا أراد أن يعيد الجماعة .

( متن )

121 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ .

( شرح )

هذا الحديث رواه الشيخان متفق عليه، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ.

هذا فيه جواز وضع الثوب للمصلى و السجود عليه لاتقاء الحر أو البرد أو الحصى إذا كانت الحصى تؤلم الجبهة فيه دليل على جواز وضع الثوب يبسط ثوبه أو سجادة أو فراشا يصلي عليه و يسجد عليه لاتقاء الحر أو اتقاء البرد إذا كان هناك برد أو اتقاء الحر.

و فيه جواز السجود على الثوب المتصل بالمصلي يعني تبسط غترتك الآن وتسجد عليها و لو كانت متصلة بك لا حرج إذا كان الإنسان ما عنده سجادة و صلى في أرض حارة أو باردة أو حصباء لا بأس أن تبسط شيء من ثوبك تبسط الغترة و تسجد عليها جواز السجود على الثوب المتصل بالمصلي.

و فيه دليل على أن العمل القليل في الصلاة لا يبطلها لأن هذا عمل قليل كون الإنسان إذا أراد أن يسجد فرش ثوبه أو بسطه هذا عمل لكنه عمل قليل.

و فيه جواز الصلاة في شدة الحر و إن كان الإبراد أفضل و هذا قد يكون حتى مع الإبراد إذا صلى في أرض حارة ليس هناك سقف لا بد أن تكون الأرض حارة .

( متن )

122 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ .

( شرح )

هذا حديث أبي هريرة و هو متفق عليه رواه الشيخان. يقول النبي ﷺ لا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ متفق عليه.

العاتق الكتف هذا عاتق و هذا عاتق الإنسان له عاتقان العاتق ما بين المنكبين إلى أصل العنق و المراد أنه لا يتزر في وسطه و يشد طرف الثوب على حقويه بل يتوشح بهما على عاتقيه فيحصل الستر من أعلى بدنه و إن كان ليس به عورة يعني إذا كان الإنسان يصلي بثوب واحد المراد قطعة قطعة من القماش ثوب كبير فإنه إذا كان الثوب كبيرا فإنه يتزر ببعضه و يجعل الباقي على كتفيه أما إذا كان لم يجد شيئا إلا ما يستر العورة فهذا معذور يصلي و ليس على عاتقه شيء لكن إذا كان الثوب واسعا المراد بالثوب القطعة إذا كانت القطعة طويلة قماش فوطة كبيرة يتزر بنصفها و النصف الآخر يجعله على كتفيه إذا كانت واسعة جدا لقول النبي ﷺ في حديث جابر إِنْ كَانَ الإِزَارُ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ إن كان الثوب ضيقا فاتزر به اجعله إزارا يشد به النصف الأسفل حتى تستر العورة و إن كان واسعا فالتحف به يعني شد به النصف الأسفل و التحف به و اجعل طرفه على عاتقيك فإذا كان الثوب واسعا فإنه يغطي كتفيه و يتزر ببعضه أما إّذا كان لم يجد شيئا و إنما وجد قطعة صغيرة فإنه يشد بها إزاره و يصلي.

و لو كان العاتقين مكشوفين و هذه مسألة في كشف الكتفين هل تصح الصلاة و كتفاه مكشوفتان أو لا يجوز ؟ من العلماء من قال أنه يجوز جمهور العلماء على أنه جائز من ذلك أن جابر اتزر بإزار و وضع الرداء على المشجب و صلى و هو مكشوف الكتفين فقال له قائل " أتصلي و رداؤك على المشجب " فقال " أردت أن يسألني أحمق مثلك يقول الرسول ﷺ أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ، يعني أكل يجد ثوبين، ليس كل واحد يجد ثوبين على عهد النبي ﷺ ثوبين المراد قطعتين قطعة تشد بها النصف الأسفل و قطعة يجعلها على كتفيه مثل المحرم بحج أو عمرة الناس ما كل أحد كان يجد ثوبين يجد قطعة واحدة يشد بها الإزار و يبقى مكشوف الكتفين و كان الصحابة أهل الصفة الفقراء سبعون يستعملون غرفة في المسجد و ليس عندهم شيء كل واحد منهم ما عنده إلا قطعة يشد بها نفسه فإذا سجد جمع ثوبه بيده كراهية أن ترى عورته و أرضاهم لكن إذا كان الإنسان الحمد لله مثل ما قال عمر " إذا وسع الله فأوسعوا " يصلي الرجل و عليه ثوب و إزار و رداء و قميص و قميص مثلا و سروال و هكذا " إذا وسع الله فأوسعوا "  إذا كان الإنسان عنده سعة فالحمد لله يلبس إزارا يلبس رداء يلبس قميصا يلبس فنيلة يلبس سروالا و الحمد لله لكن هذا إذا لم يستطع الإنسان و لم يجد شيئا فإنه يشد وسطه بالإزار و يكتفي و إن كانت القطعة واسعة توشح بها و جعل البقية على كتفيه و إن وجد قطعة أخرى جعلها على كتفيه و القطعة الأولى يشد بها إزاره.

فإذا كشف كتفيه و هو مستطيع فهل تصح الصلاة ؟ على الحديث يقول النبي ﷺ لا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ و حديث جابر أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ اختلف العلماء في الجمع بينهما فمن العلماء من قال إنها تصح الصلاة و لو كشف كتفيه و لو متعمدا و منهم من قال إنها لا تصح لهذا الحديث إذا كان يستطيع و عنده ما يستر به كتفه و صلى فلا تصح صلاته لهذا الحديث لا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌو قال بعضهم تصح مع الإثم إذا كشف كتفيه و عنده ما يسترهما صحت مع الإثم  و قيل تصح مطلقا و قيل لا تصح مطلقا ثلاثة أقوال لأهل العلم رواية عن الإمام أحمد.

و على هذا ينبغي للمسلم أن لا يكشف كتفيه و هو يصلي بل يغطيهما ما دام  يستطيع أن يسترهما.

( متن )

123 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَكَلَ ثُوماً أَوْ بَصَلاً. فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ. وَأُتِيَ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ. فَوَجَدَ لَهَا رِيحاً ، فَسَأَلَ؟ فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنْ الْبُقُولِ. فَقَالَ: قَرِّبُوهَا إلَى بَعْضِ أَصْحَابِي. فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا. قَالَ: كُلْ؛ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لا تُنَاجِي .

( شرح )

هذا حديث جابر و الحديث متفق عليه رواه الشيخان يقول النبي ﷺ مَنْ أَكَلَ ثُوماً أَوْ بَصَلاً. فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ.

 فيه دليل على أن من وجدت منه رائحة فإنه تسقط عنه صلاة الجماعة و يصلي في بيته من وجد منه رائحة تؤذي المصلين فإنه تسقط عنه صلاة الجماعة هذا عذر من أعذار ترك الجماعة مثال ذلك شخص أكل كراث فصار له رائحة لا يجوز له أن يصلي في المسجد بل يصلي في بيته لا يصلي جماعة لئلا يؤذي المسلمين و شخص آخر أكل بصلا ذلك يصلي في بيته و شخص آخر أكل أو ثوم فإنه يصلي في بيته و كذلك شخص يشرب الدخان و له رائحة كريهة كذلك لا يجوز أن يدخل المسجد إلا أن يعالج هذه الرائحة أما أن يدخل المسجد و له رائحة الدخان هذا لا شك ينفر الناس من المصلى تؤذي حرام عليه أن يؤذي المسلمين ليس له أن يدخل المسجد حتى يزيل و يعالج رائحة الكراث أو الثوم أو البصل أو الدخان أو الأسنان أو من فمه كل هؤلاء يجب عليه أن يعالج نفسه بالروائح الطيبة يزيلها بالاغتسال حتى تزول هذه الروائح لكي لا يؤذي المؤمنين و قال الله تعالى يقول وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا فإذا كانت به رائحة بصل يصلي في بيته و يكون معذورا لكن إذا كان أكل الكراث و الثوم و البصل من أجل أن يترك الجماعة أثم صار يأثم الشخص إذا أكل ثوما و بصلا حتى لا يصلي مع الجماعة يكون آثما لكن إذا كان محتاجا إليه أو أكله لعلاج مرة من المرات هذا له عذر يصلي في بيته إلا إذا استطاع أن يزيل الرائحة يعالجها يأكل أشياء تزيلها لا بأس و كذلك الدخان يعالجه قبل أن يدخل المسجد يزيله و يطيب نكهته و يزيله بشيء يزيل الرائحة و كذلك إذا كان له رائحة تنبعث من إبطيه أو من فمه فإن عليه أن يزيل الرائحة و ليس له أن يدخل المسجد و يؤذي المؤمنين و كذلك العامل الذي يشتغل و ثيابه كلها زيت له رائحة زيت لا يصلح هذا يغير ثياب العمل و يلبس ثيابا نظيفة الله تعالى يقول يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ يعني عند كل صلاة.

النبي ﷺ " أُتِيَ بِقِدْرٍ فِيهِ خضروَاتٌ مِنْ بُقُولٍ ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحاً ، فَسَأَلَ عنها فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنْ الْبُقُولِ " فلم يأكل منه النبي ﷺ ، أوتي بقدر له رائحة  فلم يأكل فقال قَرِّبُوهَا إلَى بَعْضِ أَصْحَابِي. فقال لهم كُلُوا فقالوا يا رسول الله أنت ما أكلت لما رأوه قال كُلْ؛ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لا تُنَاجِي الرسول ﷺ يناجي الملائكة يناجي جبريل لا يستطيع أن يأكل البقول في الخضروات امتنع النبي ﷺ أن يأكل من هذه الخضروات لأنه يناجي جبريل و يأتي جبريل و ينزل عليه بالوحي فقال لأحد أصحابه كُلْ؛ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لا تُنَاجِي أنا أناجي الملائكة و أنت لا تناجي أحد.

و قوله لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ. القعود في البيت أخف من الاعتزال لأنه أعم أن يكون في البيت أو غيره المعنى يعتزل المسجد سواء يقعد في بيته أو في غير بيته لكن كونه يقعد في بيته هذا قد يكون أسلم له من أن يؤذي الناس بالروائح.

و قوله " أتى بقدر " القدر ما يطبخ فيه و به ريحا يعني رائحة لم تزل في الطبخ فَإِنِّي أُنَاجِي يعني أناجي جبريل أساره و أكلمه أُنَاجِي مَنْ لا تُنَاجِي يعني تقع بينه و بين الملائكة مسارة من الوحي أو غيره.

الحديث فيه النهي عن أكل الخضروات التي لها رائحة كالثوم و البصل ثم دخول المسجد فيه أنه لا يجوز للإنسان أن يدخل المسجد إذا أكل ثوما أو كراثا أو بصلا أو ماله رائحة.

و فيه الحديث من الفوائد أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الآدميون و لهذا قال النبي ﷺ كُلْ؛ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لا تُنَاجِي . أناجي الملائكة و الملائكة تتأذى من الروائح الكريهة .

( متن )

124 - عَنْ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي اللهُ عنهما أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الإِنْسَانُ. وفي روايةٍ بنو آدمَ .

( شرح )

الحديث متفق عليه رواه الشيخان و هذا الحديث هذا كالحديث السابق مَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فيه دليل على أنه لا يجوز لمن أكل البصل و الكراث أو الثوم أن يذهب للمسجد بل يصلي في بيته، و فيه بيان العلة من النهي فقال فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بنو آدَمَ. مما يتأّذى منه بنو الإنسان فيه علة المنع علة المنع هي تأذي الملائكة و تأذي بني آدم الملائكة يؤذيها ما يؤذي بني آدم من الروائح الكريهة.

و الحديث فيه النهي لمن أكل البصل أو الثوم أو الكراث أن يصلي في المسجد.

و فيه أن العلة الأذى أذية بني آدم و أذية الملائكة و فيه أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم من الروائح الكريهة .

( متن )

بابُ التَّشهدِ

125 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ التَّشَهُّدَ - كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ - كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

126 - وَفِي لَفْظٍ: إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاةِ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ للهِ - وَذَكَرَهُ - وَفِيهِ: فَإِنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ - وَفِيهِ - فَلْيَتَخَيَّرْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ

( شرح )

هذا الباب عقده امؤلف رحمه الله للتشهد للصلاة و هو الذكر الذي يقال في الصلاة بعد الركعتين و في الجلوس في آخر الصلاة يقال له التشهد لاشتماله على الشهادتين الشهادة لله بالوحدانية و الشهادة للنبي ﷺ بالرسالة.

ذكر فيه حديث عبد الله بن مسعود قال " عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ التَّشَهُّدَ كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآن " ما هو التشهد ؟ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. هذا الحديث حديث التشهد رواه الشيخان البخاري و مسلم.

و هذا التشهد يسمى تشهد ابن مسعود و هو أصح الأحاديث في التشهد حديث ابن مسعود، التشهد جاء فيه أنواع في تشهد ابن عباس و تشهد عمر و تشهد ابن مسعود ، تشهد ابن مسعود الأصح في التشهدات لماذا ؟ لأن النبي ﷺ اعتنى به قال " عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ التَّشَهُّدَ كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآن " فيه عناية ابن مسعود اعتنى بضبط التشهد من النبي ﷺ علمه  كما يعلمه السورة من القرآن و كفه بين كفيه يمسك كفه في كفه لزيادة التعليم لهذا صار تشهد ابن مسعود أصح أنواع التشهد تشهد ابن مسعود لما فيه من مزيد العناية حيث أن النبي ﷺ وضع كفه بين كفيه و علمه إياه كما يعلمه السورة من القرآن حفظه إياه كما يحفظه السورة من القرآن ما هو هذا التشهد ؟ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فيه تشهد ثاني تشهد ابن عباس التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ هكذا و هناك تشهد آخر لكن تشهد ابن مسعود هذا أصحها لأن النبي ﷺ اعتنى به كفه بين كفيه و علمه كما يعلمه السورة من القرآن حفظه إياهز

  التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ التحيات معناها التعظيمات جميع التعظيمات لله و الملك والبقاء و العظمة جميع التعظيمات لله لله الملك و البقاء و التعظيمات و إنما قيل التحيات بالجمع لأن ملوك العرب كل واحد يحيي أصحابه بتحية مخصوصة فيقال جميع التحيات لله و المستحق لذلك في الحقيقة المستحق للتحيات الباقية الدائمة هو الله جميع أنواع التحيات ملك لله و استحقاق له مستحق لها و هي من الملك و البقاء و العظمة، التحيات لله يعني الملك لله.

وَالصَّلَوَاتُ و المراد بها الصلوات الخمس لله و قيل جميع الصلوات لا يجوز أن نقصد بها غير الله.

السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ هذا سلام على الرسول عليه الصلاة و السلام السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ  أيها استحضار في الذهن و ليس نداء و إنما هو استحضار.

السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ تسلم على نفسك و على كل عبد صالح تشمل كل عبد صالح في السماء و الأرض تشمل الملائكة و الصالحين من بني آدم و من الجن كلها داخلة عبد الله الصالح من الآدميين و عبد الله الصالح من الجن و عبد الله الصالح من الملائكة ، الملائكة كلهم صالحون ما فيهم أشقياء من الملائكة فالملائكة كلهم مسلمون لكن الأرض هي التي فيها مؤمنون و كفار من الجن و الإنس فيهم كفار أما السماء ما فيها إلا المؤمنون السماء كل من في السماء مؤمن الملائكة كلهم مؤمنون لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ، لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ فإذا قلت السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ شملت كل مؤمن في السماء و الأرض كل مؤمن تسلم عليه في السماء و هم الملائكة و في الأرض المؤمنون من بني آدم و المؤمنون من الجن، وأما الكفار يخرجون من السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ .

بعد ذلك يأتي الشهادة لله بالوحدانية أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ يعني أقر و أعترف بأنه لا معبود بحق إلا الله لا إله إلا الله هذه كلمة التوحيد و كلمة التقوى و التي تقي الشرك و هي  التي من أجلها خلقَ الله الجنة و النار و من أجها خلق الخلق و من أجلها أُرسِلَ الرُسُل و من أجلها شرع الجهاد و من أجلها حقت الحاقة و وقعت الواقعة و قامت القيامة و من أجلها انقسم الناس إلى شقي و سعيد و المراد المعنى و العمل لا إله إلا الله معناه الإله هو المعبود يعني لا معبود بحق إلا الله.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. أقر بأن محمدا بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي عبد الله و رسوله، عبد ليس إله يعبد بل هو عبد هو يعبد الله عبد لله و رسول أرسله الله أفضل مقام للعبودية  هو الرسالة و هذا فيه الرد على من عبد الرسول عليه الصلاة و السلام و رفعه إلى مقام العبودية أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. هذا هو التشهد الأول.

بعد ذلك في التشهد الأخير يزيد اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ و يستعيذ بالله من أربع اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ و يتخير من الدعاء ما أعجبه بعد ذلك فهذا التشهد الأول و هو أصح تشهد.

وَفِي لَفْظٍ: إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاةِ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ للهِ و ذكره إلى آخره فَإِنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ " إذا قلت السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ و فيه فَلْيَتَخَيَّرْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ يعني في التشهد الأخير بعد الصلاة على النبي ﷺ و الاستعاذة بالله من أربع اختر من المسألة ما شئت و اسأل الله سؤال الله تسأل ربك ما تشاء من خيري الدنيا و الآخرة حتى إن سألت الله أن يرزقك مالا حلالا رزقا حسنا و زوجة صالحة و بيتا واسعا كل هذا لا بأس به تسأل الله الجنة تستعيذ به من النار اسأل كل شيء ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم.

و هذا الحديث فيه دليل على أن الرسول ﷺ لا يستحق العبادة لأنه عبد سماه عبدا و العبد يعبد الله فلا يعبد فيه الرد على من عبد الرسول ﷺ و دعاه من دون الله و طلب منه الشفاعة فهو نبي كريم عليه الصلاة و السلام يطاع و يتبع و يحب و تصدق أخباره و نحبه محبة أعظم من أنفسنا و أمولنا و أهلينا و يتعبد لله بما شرعه و ننفذ أوامره لكن لا نعبده العبادة حق الله ، الله له حق و هو العبادة و الرسول له حق و هو الطاعة و الاتباع و المحبة و المؤمنون لهم حق و هو محبتهم و موالاتهم و مناصرتهم و الاقتداء بأفعالهم الطيبة كل له حق لا تخلط بين الحقوق.

و في هذا الحديث أنه ينبغي للمسلم أن يتقيد بالنص الواجب من ألفاظ التحيات لا يجوز أن يغير مثلا القرآن فلا يغير التشهد لا يجوز للإنسان أن يغير بل عليه أن يلتزم بالنص الوارد تشهد ابن مسعود أو تشهد ابن عباس أو تشهد ابن عمر تتقيد بالوارد لا تزيد و لا تنقص فلو قال شخص " أشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبد الله و رسوله " نقول هذا غلط فلو قال أليس الرسول سيدنا ؟ نقول نعم سيدنا لكن لا تزيد هذا نص وارد قل سيدنا و أشهد أن سيدنا محمدا عبد الله و رسوله في الخطبة و في الكتابة لكن في الصلاة لا تزيد عن الوارد هذا الوارد كما أنك لا نزيد في القرآن لا يزيد وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فإذا قال " أشهد أن محمدا سيدنا و نبينا عبد الله و رسوله " تمنعه ؟ نعم نقول لا تزيد تقيد بالنص الوارد لا تزيد ( اتبعوا و لا تبتدعوا فقد كفيتم ) الرسول هو الذي علمنا هذا عليه الصلاة و السلام فلا تزيد.

و في قوله فَلْيَتَخَيَّرْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ فيه أن المسلم في التشهد الأخير يختار من الدعاء ما يعجبه من خيري الدنيا و الآخرة ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم و لكن ينبغي أن يقدم أمور الآخرة و لكن يجوز له أن يسأل ما شاء من أمور الدنيا و الآخرة و إذا اقتصر على الوارد رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ،  اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ القَبْرِ هذا الاختصار يكون طيبا و التشهد الأول واجب من واجبات الصلاة إذا نسيه يسجد للسهو و التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا به  .

( متن )

127 - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً؟ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ عَلَيْنَا ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ عَلَّمَنَا اللَّهُ كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ: فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .

( شرح )

هذا الحديث فيه بين الصلاة على النبي عليه الصلاة و السلام بعد التشهد الأول وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. يصلي على النبي ﷺ و ما سمعتموه هذا أكمل ما ورد عن الصلاة عن النبي ﷺ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ الجمع بين محمد و آل محمد في الصلاة و إبراهيم و آل إبراهيم و الجمع بين آل محمد و محمد في التبريك و إبراهيم و آل إبراهيم هذا أصح ما ورد في أحاديث الأنبياء رواه البخاري في أحاديث الأنبياء هذا أصح ما ورد و جاءت أنواع من التشهد الذي عندي الآن غير الذي عندكم اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ هذا رواه مسلم و الأول رواه البخاري في كتاب الأنبياء أصح ما ورد في الصلاة على النبي ﷺ ما رواه البخاري في كتاب الأنبياء و هو الجمع بين محمد و آل محمد و إبراهيم و آل إبراهيم في الصلاة و التبريك.

لكن جاءت أنواع أخرى اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ و في لفظ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ و في رواية وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ و في رواية وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ  أنواع و فيه نوع اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ و هكذا و إذا أتى بنوع كذا.

و يؤخذ من هذا الحديث كيفية تعليم كيفية الصلاة على النبي ﷺ في التشهد ، الصحابة قالوا يا رسول الله علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك ؟ من أين علموا ؟ علموا في التشهد الأول (السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته ) قالوا علمنا في التشهد الأول كيف نصلي عليك نقول السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ  فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ فيه تعليم كيفية الصلاة على النبي ﷺ.

و فيه حب الصحابة للخير و حرصهم عليه و إنزالهم على النفوس كأعظم ما يهدى من الهدايا قال " ألا أهدي لكم هدية " سماها هدية فيه أن الصحابة يحرصون على الخير و يحرصون على الفائدة العلمية و أنها تنزل الفائدة العلمية من نفوسهم كمنزلة الهدية " الا أهدي لكم هدية "  أعطيكم هدية قالوا بلى قال " إنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ عَلَيْنَا ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ فَقَالَ  قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ هذه هي الهدية أعظم هدية و إّلا كانت هدية ثمنها عشرة ريال أو عشرين أو خمسين ريال فكل هذه تنتهي لكن هذه باقية ثوابها باقي هذه الهدية علمت هذا العلم تعمل به حتى تموت و ثوابه باقي في الجنة منزلة هذه الهدية في الدين أعظم من هدية الدنيا.

ثم إن التشهد الأول ترتيب من الذي رتبه ؟ بالوحي فأول شيء حق الله تعالى التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ هذا حق الله ثم يأتي حق النبي ﷺ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ بعد ذلك يأتي حقك أنت و حق المسلمين السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ بعد ذلك تأتي  الشهادة لله بالوحدانية و لرسوله بالرسالة أَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. بعد ذلك يأتي الصلاة على النبي ﷺ بعد ذلك يأتي الدعاء من الذي رتب هذا ؟ هذا وحي من الله ، ترتيب عظيم .

( متن )

128 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْعُو: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَعَذَابِ النَّارِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: إذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ثم ذَكّر نحوه .

( شرح )

هذا الحديث فيه مشروعية الاستعاذة بالله من أربعٍ في أي التشهدين ؟ في التشهد الأخير بعد الصلاة على النبي ﷺ أما التشهد الأول ما فيه دعاء في التشهد الأخير بعد الصلاة على النبي ﷺ أن النبي ﷺ كان يدعو في صلاته قال إذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ و مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَمن عَذَابِ النَّارِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ 

و هذا مستحب عند جمهور العلماء ينبغي للإنسان أن لا يتركه ، و بعض العلماء يرى أنه واجب و من ذلك التابعي الجليل طاووس ابن كيسان اليماني رأى أن الاستعاذة بالله من أربع واجب، ثبت أنه مرة قال لابنه لما صلى " يا بني هل استعذت بالله من أربع قال لا قال أعد صلاتك " أمره أن يعيد الصلاة لأنه لم يستعذ بالله من أربع قال هل استعذت بالله من أربع اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، ومِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَمن عَذَابِ النَّارِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ  قال لا قال أعد صلاتك فيرى أنه واجب لكن جمهور العلماء على أنه مستحب.

و الحديث فيه من الفوائد فيه إثبات عذاب القبر و فيه إثبات عذاب جهنم و فيه إثبات الفتن في الحياة و الممات لأن الدنيا فيها فتن الحياة فيها فتن و الممات فيها فتن كان النبي ﷺ يدعو في صلاته يعني في آخر صلاته بعد التشهد و قبل التسليم فتنة المحيا ما هي ؟ يعني فتنة تعرض للإنسان في حياته من فتن الدنيا الشهوات و فتة الشبهات فتنة الأموال و فتنة الحروب كل هذا من فتنة الدنيا الحروب لها فتن قد يدخل الإنسان الحروب يقاتل و يريق دماء فيقتل بغير حق يقاتل و لا يدري لم يقاتل هذا فتنة الحروب فتنة الأموال يدخل عليه مال بغير حق و فتنة الشبهات التي تظله عن دينه فتنة الشهوات التي توقعه في المعاصي هذه كلها فتن المحيا.

و فتنة الممات ما يقع عند الموت في أمر الخاتمة بأن يكون قد يختم له بخاتمة سوء يأتيه الشيطان يحرص الشيطان على الإنسان عند الموت و العياذ بالله حتى يختم له بخاتمة سيئة فيقال له قل لا إله إلا الله بعض الناس يقول لا ما أقولها و العياذ بالله هذه كمن الخاتمة السيئة نعوذ بالله يعني يفتن الإنسان عند الموت فتنة الموت تفتن عند الموت في أمر الخاتمة و كذلك حرص الشيطان عليه و كذلك في أمر السؤال في قبره يسأل عن ربه و عن دينه و عن نبيه.

 و فتنة الدجال من الدجل و هو الخلط و هذا الدجال رجل  يخرج في آخر الزمان يدعي الصلاح أولا ثم يدعي النبوة ثم يدعي الربوبية أعور عينه اليمنى كأن عينه عنبة طافية و يتبعه الناس و مكتوب على جبينه كافر يقرؤه كل شخص كل مؤمن يقرؤها حتى و لو كان ما يقرأ و مع ذلك فتنته عظيمة يتبعه الناس و هم يعلمون أنه كاذب لأن من الفتن أن من أطاعه صار في رغد من العيش و أقبلت عليه الدنيا و من عصاه افتقر و ابتلي بالفقر فلذلك له فتنة ، فتنة عظيمة و لذلك جاء في الحديث مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ نسأل الله السلامة و العافية و يمكث في الناس أربعين، يوم طوله كسنة و يوم طوله كشهر و يوم كجمعة و سائر أيامه كأيامكم ثم يخرج بعد ذلك ينزل عيسى بن مريم عليه الصلاة و السلام فيقتل الدجال مسيح الهدى يقتل مسيح الضلالة.

وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ، فيه إثبات عذاب القبر و فيه إثبات فتنة المسيح الدجال و فيه إثبات فتنة المحيا و فتنة الممات و فيه استحباب الدعاء بهذه الأربع و فيه استحباب الاستعاذة بالله من هذه الأربع .

( متن )

129 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي. قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيرَاً، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ. وَارْحَمْنِي، إنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .

( شرح )

هذا الحديث رواه الجماعة إلا أبو داود، رواه البخاري و مسلم و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و أحمد.

فيه مشروعية الدعاء بعد التشهد أيضا زيادة على الأربع تقول اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيرَاً و في لفظ ظُلْماً كَبِيراً وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي ، إنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ هذا الرسول ﷺ علمه الصديق الذي هو أفضل الأئمة بعد الأنبياء إذا كان الصديق علمه أن يقول اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيرَاً فكيف بغيره ؟ من باب أولى استحباب هذا الدعاء في التشهد الأخير و استحباب التعلم من العالم بالسؤال و طلب ذلك منه.

و قوله ظَلَمْتُ نَفْسِي يعني بالذنوب و المعاصي التي توجب العقوبة وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ هذا إقرار بالوحدانية لله تعالى.

و قوله فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ مغفرة عظيمة لا يملكها إلا الله من عندك يعني تتفضل بها علي ليست بعملي بل برحمتك يا الله .

( متن )

130 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إلاَّ يَقُولُ فِيهَا: سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي .
وَفِي لَفْظٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي .

( شرح )

هذا الحديث ، الحديث الأول عن عائشة كان يقول ما صلى رسول الله ﷺ صلاة بعد أن نزلت عليه إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ  إلا يقول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هذا رواه مسلم و الثاني متفق عليه قوله كان رسول الله ﷺ يكثر أن يقول في ركوعه و سجوده سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هذا الحديث فيه أن النبي ﷺ لما فتحت مكة صار يكثر من  هذا الدعاء في الركوع و السجود سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هذا يشرع في الركوع و في السجود بعد التسبيح تقول سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثم بعد ذلك تقول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي و في السجود سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثم تقول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي و هذا كان يقوله عليه الصلاة و السلام بعد أن نزلت هذه الآية إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ  فتح مكة لما فتحت و أصبحت بلد إسلام بعد أن كانت بلد شرك صارت بلد إسلام إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ  فتح مكة وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا دخل الناس كلهم لما فتحت مكة كان العرب و القبائل متوقفين عن الإسلام قالوا ننظر نترك الرجل بينه و بين أهله في مكة إن انتصر عليهم أسلمنا و إن غلبوه بقينا فلما فتحت مكة جاءت الوفود عام تسعة من الهجرة سمي عام الوفود كل القبائل جاءت أصبحوا وفودا أسلموا خلاص ما بعد مكة شيء فتحت مكة و قريش سادة العرب دخلوا في دين الله دخلت القبائل كلها إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ  فتح مكة وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا جماعات كثيرة ماذا تعمل ، المعنى انتهت مهمتك من الدنيا و استعد للقائنا و أكثر من التسبيح و التحميد فقد قرب أجلك إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ۝ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا

انتهت مهمتك المهمة تبليغ الرسالة بلغ الرسالة و أدى الأمانة و انتشر الإسلام و دخل الناس في دين الله انتهت مهمته، إذن ينتقل إلى الرفيق الأعلى فاستعد للقائنا إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ  فتح مكة وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ۝ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا

و لذلك كان ابن عباس لما سئل و لما اجتمع الصحابة جمعهم عمر قال ما ترون في هذه السورة ؟ لما كان ابن عباس صغيرا قالوا لسنا أولادا صغارا مثلهم لماذا يأتي مع الكبار فقال أريكم الآن فقال ما ترون في هذه السورة ؟ قالوا فيها أن الرسول ﷺ يكثر من التسبيح و التحمد فقال ما تقول يا ابن عباس ؟ قال ما أقول مثل ما يقولون قال ما تقول ؟ قال أجل رسول الله أعلمه الله إياه فقال عمر ما أعلم منها إلا كما علمت فعند ذلك علموا فضل ابن عباس فهذه السورة فيها إعلام بقرب وفاته إذا جاء نصر الله و فتح مكة و دخل الناس في دين الله أفواجا فاستعد للقائنا فقد قرب أجلك و انتهت مهمتك من الدنيا و استعد للقاء الرفيق الأعلى والفتح فتح مكة و سبحانك تنزيها لله  .

و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد