شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من عمدة الأحكام_11 باب الجمعة

00:00
00:00
تحميل
71

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسولنا نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين، أما بعد :

فإننا نحمد الله أن أعادنا إلى مجالس العلم و نسأله أن يرزقنا جميعاً العلم الصالح و النافع.

 أيها الأخوان إنَّ طلب العلم و تعلم العلم و تعليمه من أفضل القربات ومن أجل الطاعات وذلك أن الله خلقنا لعبادته و توحيده و طاعته ، و العبادة التي شرعها الله تعالى في كتابه و على لسان رسوله ﷺ لا بد من معرفتها و لا بد من العلم بها و طريق العلم بها هو التعلم هو أن يتعلم الإنسان و يتفقه و يتبصر في شريعة الله حتى يعلم ما أوجب الله عليه و حتى يعلم ما حرم الله عليه فيؤدي الواجبات و ينتهي عن المحرمات فيكون عبدا لله بهذا عبد الله هو الذي يعبده يعبد الله بما شرعه في كتابه و على لسان رسوله.

و هذه العبادة التي يحبها الله و يرضاها لا بد من العلم بها و العلم هو أن تتعلم و أن تتفقه و أن تتبصر في شريعة الله و تعلم أن هذه عبادة شرعها الله في كتابه أو شرعها رسوله ﷺ في سنته تعلم أن هذا واجب في كتابه أو أوجبه رسوله ﷺ تعلم أن هذا محرم حرمه الله في كتابه أو حرمه رسوله ﷺ تعلم أن هذا سنة تعلم أن هذا مباح تعلم أن هذا مكروه لا بد من التعلم و التفقه و التبصر في شريعة الله.

  لهذا فإن تعلم العلم و تعليمه من أفضل القربات و أجل الطاعات من أفضل ما يتقرب به الإنسان إلى ربه أن يتعلم و يعلم و ذلك لأن الله تعالى خلق الجن و الإنس خلق الثقلين لعبادته و توحيده و طاعته قال الله تعالى وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ و بذلك أرسل الله الرسل و أنزل الكتب كما قال تعالى وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ و لا طريق لمعرفة ما شرعه الله لا طريق للإنسان إلا أن يتعلم ليس للإنسان سبيل يعرف به ما أوجب الله أو أوجبه رسوله ﷺ أو حرمه الله أو حرمه رسوله ﷺ أو أباحه الله أو أباحه رسوله ﷺ أو كرهه الله أو كرهه رسوله ﷺ أو جاءت النصوص باستحبابه إلا عن طريق التعلم.

و لهذا صار التعلم و التعليم من أفضل القربات و أجلب الطاعات حتى قال العلماء إن تعلم العلم و تعليمه أفضل من نوافل العبادة أفضل من النوافل ، نوافل العبادة يعني نوافل الصلاة نوافل الصيام نوافل الصدقة نوافل الحج يعني إذا تعارض صلاة الليل أو صلاة الضحى مع تعلم العلم فتعلم العلم مقدم إذا تعارض صيام التطوع صيام الإثنين أو الخميس أو صيام الأيام البيض مع تعلم العلم و تعليمه فإنه يقدم تعلم العلم و تعليمه.

لذا ينبغي للإنسان أن يحرص على أن يتعلم و يتفقه و يتبصر في شريعة الله حتى يعبد ربه على بصيرة .

و نحن إن شاء الله في هذه الأيام نقرأ في كتابين الكتاب الأول عمدة الأحكام لعبد الغني المقدسي رحمه الله تعالى و كنا قرءنا في دروس ماضية و وقفنا عند باب الجمعة ثم نقرأ رسالة من رسائل التوحيد إن شاء الله و نبدأ الآن في العمدة لعبد الغني المقدسي رحمه الله باب الجمعة .

( متن )

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عبد الغني المقدسي رحمه الله تبارك و تعالى :
 

بابُ الجُمُعةِ

140 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ

( شرح )

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين، أما بعد :

هذا باب الجمعة ، الجمعة سميت جمعة من الاجتماع.

و الجمعة فريضة الله على عباده في كل أسبوع أوجب الله تعالى الجمعة أوجب الله تعالى على المسلمين الصلوات الخمس في كل يوم و ليلة و أوجب الجمعة في الأسبوع.

و سميت جمعة لاجتماع الناس و الجمعة تقام في كل بلد و لا يقام في بلد أكثر من جمعة إلا إذا دعت الحاجة إذا دعت الحاجة إلى ذلك إذا كثر الناس أو حصل بعد تباعد بين الأحياء و القرى فإنها تتعدد الجمعة و إلا فالأصل أنه لا يكون في بلد إلا جمعة واحدة تقام الجمعة في بلد واحد يجتمع الناس.

و هذه الجمعة لها شروط و لها أركان من شروط الجمعة أن يتقدمها خطبتان يجلس الإمام بينهما و لا بد أن يكون في كل خطبة حمد الله و الثناء عليه و الصلاة على النبي ﷺ و الوصية بتقوى الله و قال بعض العلماء و قراءة آية.

و السنة للإمام أن يخطب بالناس و هو واقف أو يتوكأ على عصا.

و الخطبة هي موعظة الأسبوع و من وجبت عليه الجمعة فيجب عليه أن يتوجه يجب عليه أن يتوجه إلى الجمعة إذا سمع النداء و الجمعة واجبة على الرجال المقيمين في بلد المستوطنين من شرطها شرط الجمعة أن تقام في بلد يكون أهلها مستوطنون ساكنون ليسوا في خيام كأهل البادية الذين يرتحلون و يضعنون و إنما يقيمون فتكون بيوتهم من الحجر أو من الطين و البدر أو من الخيام إذا كان مستوطنين و لا ينوون الارتحال.

و اختلف العلماء في العدد في الجمعة ذهب بعض العلماء إلا أنه لا تقام الجمعة إلا بأربعين لا بد أن يكون العدد أربعين و استدلوا بحديث مَضَت السُّنّةُ أَنَّ في كلِّ أَرْبَعين فَصَاعداً جُمُعة. لكن الحديث ضعيف عند أهل العلم.

و قال بعض العلماء أقل عدد تقام به الجمعة اثنا عشر لأن النبي ﷺ لأن النبي ﷺ خطب الناس و بقي معه اثنا عشر لما جاءت العير و في قوله تعالى يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ۝ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۝ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا بقي مع النبي ﷺ اثنا عشر.

و الصواب أنها تقام الجمعة بأقل من ذلك و أنه إذا وُجد في بلد ثلاثة مستوطنون فإنها تُقام الجمعة ثلاثة المؤذن و الإمام و مأموم هذا هو الصواب.

و في هذا الحديث حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ رواه البخاري هذا الحديث فيه الأمر بالاغتسال لمن جاء إلى الجمعة عليه أن يغتسل و الأمر في هذا الحديث اختلف فيه فذهب بعض العلماء إلى أنه  واجب و أنه يجب لكل من أراد الجمعة أن يغتسل و قالوا الأمر للوجوب و إذا لم يغتسل فإنه يأثم ، لأنه خالف الأمر فيكون آثما و ذلك أن الجمعة تجمع الجمع الكثير من الناس فلا بد من التنظف.

و ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ الأمر للاستحباب و ليس للوجوب و قالوا أن هذا الأمر صرفه الحديث الآخر مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ إلا أن هذا الحديث في صحته نظر لأنه من رواية الحسن عن سمر و في سماعه منه خلاف.

و ذهب آخرون من أهل العلم إلى أن الاغتسال واجب على أهل المهن و الحرف الذي تنبعث منهم الريح كالعمال و غيرهم و استدلوا بما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت كان الناس عمال و ربما خرجت منهم الريح أي الرائحة فقال النبي ﷺ فأمرهم النبي ﷺ بالاغتسال فقالوا أن الاغتسال واجب على أهل المهن و الحرف و العمال و أما ما عداهم فهو مستحب.

و في كل حال ينبغي للمسلم أن يغتسل إذا جاء يوم الجمعة و لا يخل بالاغتسال فهو إما واجب و إما سنة مؤكدة بعض العلماء يرى أنه واجب و على هذا يأثم إذا لم يغتسل و الجمهور على أنه مستحب متأكد لقول النبي ﷺ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ فينبغي للمسلم أن لا يخل بالاغتسال و أن يحرص على الاغتسال .

( متن )

141 - عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَهُوَ قَائِمٌ ، يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجُلُوسٍ .

( شرح )

هذا الحديث حديث عبد الله بن عمر قال " كان رسول الله ﷺ يخطب خطبتين و هو قائم يفصل بينهما بجلوس " الحديث فيه دليل أنه يشترط للجمعة أن يتقدمها خطبتان و لا تصح الجمعة إلا بأن يتقدمها خطبتين لأن النبي ﷺ كان يخطب خطبتين و يفصل بينهما بجلوس لا بد من الفصل بينهما و لا تكون الخطبتان متصلتان بل يخطب خطبة ثم ينهيها ثم يجلس ثم يخطب خطبة ثم ينهيها.

و في الحديث مشروعية القيام للخطبة و أنه يشرع للإمام أن يخطب و هو قائم و لا يخطب و هو جالس و كذلك يشرع الجلوس بين الخطبتين.

 كما أنه ينبغي أيضا للإمام أن تشتمل كل من الخطبتين على حمد الله و الثناء عليه و الصلاة على النبي ﷺ و الوصية بتقوى الله  وقال بعض العلماء و قراءة آية من كتاب الله فلو لم يتقدمها خطبتان فإنه لا تصلى جمعة إذا لم يوجد من يخطب خطبتين فإنها تصلى ظهرا يصليها ظهرا أربع ركعات.

فلا بد في الجمعة من تقدم خطبتين  و تكون كل خطبة مستقلة منفصلة يفصل بينهما بجلوس فإن لم يتقدم خطبتان صليت ظهرا  إذا لم يوجد من يخطب بالناس.

و الخطبة يعني لا يشترط أن تكون طويلة فقد كانت خطب الرسول ﷺ قصيرة و كانت كلمات معدودة و جاء في حديث النبي ﷺ أنه ربما خطب بسورة ق قالت بعض الصحابيات ما كانت (.......) إلا على لسان رسول الله ﷺ يقرؤها كل جمعة على المنبر يقرأ الآيات و يوعظ الناس و يتكلم عليها و يقرأ آيات و يتكلم كلمات معدودة كفى يبدأ بالحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و يقرأ بعض الآيات و يتكلم عليها و يعظ الناس كفى هذا و له دقائق معدودة فقد كانت خطب النبي ﷺ ليست طويلة و قد كانت خطب الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله مطبوعة و موجودة قصيرة و قد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِه يعني دليل على فقهه الدليل على فقهه أن تكون الخطبة قصيرة و ذلك أن الخطيب الفصيح البليغ يجمع المعاني الكثيرة في كلمات معدودة الخطيب الفصيح البليغ يجمع المعاني الكثيرة في كلمات معدودة بخلاف الثرثار الذي يثرثر يأتي بكلام طويل و يكرر و يعيد فكلامه كثير و المعاني محدودة فالبليغ هو الذي يجمع المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة كما كان النبي ﷺ أوتي جوامع الكلم فقال أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَاختُصِرَت لِي الحِكمَةُ اختِصَاراً. لذلك الاختصار مع المعاني الغزيرة و الكلام المختصر مشتمل على المعاني الكثيرة هذا وارد في أحاديث النبي ﷺ مثل قوله عليه الصلاة و السلام اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ هذا الحديث اشتمل على ثلاثة  جمل و في كل جملة مشتملة على معاني غزيرة اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ هذه تشمل الدين كله لو جلست معكم أشرح اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ إلى مطلع الفجر ما أوفيت هذه الجملة حقها فالخطيب البليغ هو الذي يجمع المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة و لهذا قال النبي ﷺ أنه قال إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ يعني علامة مِنْ فِقْهِه الصلاة يكون فيها طمأنينة و فيها طول و فيها طمأنينة في الركوع و في السجود و في الرفع و في الخفض هذا الذي ينبغي ، سنة الرسول عليه الصلاة و السلام فيها طول و تأني كما وصف الصحابة أن صلاة النبي ﷺ أنه كان يحسب له في تسبيحة الركوع عشر تسبيحات مع التدبر و عشر تسبيحات في السجود مع التدبر و كان إذا رفع رأسه من الركوع وقف حتى يقول القائل قد نسي و إذا رفع رأسه من السجدة الأولى جلس حتى يقول القائل قد نسي يطيل عليه الصلاة و السلام يطيل في الركوع و السجود و الخفض و الرفع على خلاف ما يفعله كثير من الناس و كثير من الأئمة و كثير من الذين يصلون في الأسفار و ينقرها نقر الغراب و لا يمكن من خلفه من تسبيحات الركوع و تسبيحات السجود بل تجده ينقرها نقر الغراب و ربما فقدت الطمأنينة عند بعضهم ينبغي الطمأنينة و ينبغي العناية و ينبغي التمهل و عدم العجلة والإمام إذا أحسن فعليه أجره و أجر من خلفه و إذا أساء فعليه وزره و وزر من خلفه.

فالمقصود من هذا أن الخطبة لا يشترط أن يخطب الإنسان نصف ساعة أو ساعة إلا ربع أو ساعة لا و لو عشر دقائق و لو خمس دقائق كلمات معدودة يقرأ بعض الآيات يبدأها بالحمد لله و الثناء عليه و الصلاة على نبيه و الوصية بتقوى الله و يقرأ آيات يتكلم عليها و ينهي الخطبة و الخطبة الثانية كذلك فلا بد من تقدم خطبتين فإذا لم يتقدم خطبتان لا تصح الجمعة و تصلى ظهرا  .

( متن )

142 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. فَقَالَ: صَلَّيْتَ يَا فُلانُ؟ قَالَ: لا. قَالَ: قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ. وَفِي رِوَايَةٍ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ .

( شرح )

هذا الحديث فيه أن النبي ﷺ كان يخطب يوم الجمعة فدخل رجل و جلس فقال صَلَّيْتَ يَا فُلانُ؟ قَالَ: لا. قَالَ: قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ. وَفِي رِوَايَةٍ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ رواه الجماعة كلهم و في رواية قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّز فَيهِمَا يعني اختصرهما.

فهذا الحديث فيه من الفوائد أن الإمام يخطب الناس يوم الجمعة و أنه لا بد للجمعة من خطبة.

و فيه من الفوائد أن الإمام له أن يكلم من شاء من المأمومين ، و المأموم يكلم الإمام و ما عدا ذلك فلا يكلم المأموم أحدا لما جاء في الحديث الآخر مَنْ تَكَلَّمَ يَومَ الجُمُعَةَ وَالِإمَامُ يَخطُبُ فَلا جُمُعَةَ لَهُ و في اللفظ الآخر إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ فلا يجوز للإنسان أن يتكلم أثناء خطبة الجمعة إلا الإمام يكلم الإمام أو يكلمه الإمام فالنبي ﷺ تكلم مع هذا الرجل و هو يخطب الجمعة كلم هذا الرجل الذي جلس فقال صَلَّيْتَ يَا فُلانُ؟ قَالَ: لا. قَالَ: قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ. وَفِي رِوَايَةٍ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ و في لفظ وَتَجَوَّز فَيهِمَا .

فدل على عدة فوائد:

منها أن الجمعة لا بد لها من خطبتين.

و ثانيا أن الإمام له أن يتكلم مع من شاء من المأمومين و لو قطع الخطبة.

و ثالثا أن المأموم له أن يكلم الإمام و لا يؤثر هذا.

و رابعا فيه مشروعية بل تأكد تحية المسجد و فيه دليل لمن قال بوجوبها تحية المسجد فإن بعض العلماء الظاهرية أوجبوا تحية المسجد و جمهور العلماء على أنها مستحبة جمهور العلماء على أن تحية المسجد مستحبة و استدلوا بحديث عن النبي ﷺ لما سأله الرجل ماذا أوجب الله علينا فقال خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ  قالوا ليس هناك واجب إلا الصلوات الخمس و الباقي تطوع.

و ذهب الظاهرية إلا أن تحية المسجد واجبة و قالوا أن لها سبب و أن الصلوات الخمس واجبة على كل أحد في اليوم و الليلة أما تحية المسجد فهي واجبة بسبب و هو دخول المسجد و النبي ﷺ لما قال له الرجل هل علي غيرها ؟ قال لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ أراد الواجب على كل أحد على جميع المسلمين أما الواجب بأسباب فهذا له أسباب تحية المسجد واجبة بأسباب بسبب الدخول و الكسوف عند بعض العلماء واجبة يقولون بسبب الكسوف و هكذا فهذا الحديث فيه دليل للظاهرية الذين يقولون بوجوب تحية المسجد قالوا لو لم تكن واجبة  لما أمر النبي ﷺ هذا الرجل و هو يخطب الجمعة أن يقوم و يصلي فدل على وجوبها.

و الجمهور قالوا دل على أنها متأكدة و أنه ينبغي للإنسان أن يصلي تحية المسجد حتى لو كان الإمام يخطب.

و فيه من الفوائد أن الإنسان إذا دخل و الإمام يخطب يصلي تحية المسجد و لكن يخففهما حتى يتمكن من سماع الخطبة لقول النبي ﷺ لهذا الرجل و هو سليك الغطفاني لما قال له صَلَّيْتَ يَا فُلانُ قال : لا قال قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّز فَيهِمَا  يعني خففهما فدل على أن الإنسان إذا دخل و الإمام يخطب فإنه يصلي تحية المسجد و يخففهما و لكن ينبغي للإنسان أن يتقدم للجمعة و لا يتأخر إلى حين الخطبة لكن لو قدر أنه حصل له بعض الأسباب التي دعته للتأخر و دخل و الإمام يخطب فإنه لا بد أن يصلي تحية المسجد يصلي و يخففهما و لكن بكل حال ينبغي للمسلم أن يتقدم حتى يحوز الثواب و الأجر المرتب على التقدم لما جاء في الأحاديث أن النبي ﷺ قال مَن رَاحَ إِلَى الجُمُعَةِ فِي السَّاعَةِ الأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً يعني بعير وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا و في لفظ: كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ فالذي يأتي متأخرا تفوته هذه الفضائل فالذي يتقرب ببدنه و ببقرة و بكبش و بالدجاجة و بالبيضة ما بقي شيء فينبغي للمسلم أن يتقدم فيحوز الثواب المرتب على التقدم للجمعة .

( متن )

143 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ .

( شرح )

هذا الحديث حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ لغوت يعني أخطأت و تكلمت بكلام لا يحسن منك اللغو هو الكلام الذي لا يحسن ، لا يحسن للإنسان أن يتكلم.

هذا الحديث فيه دليل على تحريم الكلام و الإمام يخطب تحريم الكلام حال الخطبة للمأموم و يستثنى من هذا من يكلم الإمام أو يكلمه الإمام كما سبق في الحديث السابق يستثنى من هذا من يكلم الإمام أو يكلمه الإمام فأنت لك أن تكلم الإمام و إذا كلمك الإمام فإنك تجيبه هذا مستثنى لكن الممنوع أن تكلم أحد غير الإمام فإن النبي ﷺ تكلم مع سليك الغطفاني و سليك الغطفاني تكلم معه و كذلك الرجل الذي جاء الأعرابي الذي دخل و النبي يخطب و قال يا رسول الله هلكت الأموال و هلكت الأنعام فادعوا الله أن يسقينا فهذا أيضا كلم النبي ﷺ فلا بأس أن يكلم الإنسان الإمام و لا بأس لمن كلمه الإمام أن يكلمه أما ما عدا الإمام فإنه لا يجوز لقول النبي ﷺ في هذا الحديث إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ و في اللفظ الآخر وَمَن لَغَا فَلا جُمُعَةَ لَهُ يعني لا ثواب له و إن كانت جمعته صحيحة الجمعة صحيحة لا يعيدها لكن لا ثواب له.

و هذا وعيد شديد و حرمان عظيم كون الإنسان يتكلم فلا يتكلم و الإمام يخطب و إذا عطس من بجواره و حمد الله فلا يشمته مثل الصلاة و لا يتسوك أيضا في أثناء الخطبة مثل الصلاة لكن لو ذكرت الله بينك و بن نفسك أو مثلا أمنت على دعاء الإمام لا بأس بينك و بين نفسك لأن هذا ليس من كلام الناس كونك مثلا إذا صلى الإمام على النبي ﷺ تصلي عليه بصوت منخفض بينك و بين نفسك كونك تحمد الله إذا عطست بين و بين نفسك بصوت منخفض لا بأس لأن هذا ليس من كلام الناس الممنوع أن تكلم أحد حتى لو تشميت تقول يرحمك الله أو تقول لمن يتكلم اسكت لا تتكلم مع أحد و لكن الإشارة لا تضر لو أشرت كما أنك في رد السلام رد السلام بالإشارة لا بأس كما أن المصلي يرد السلام بالإشارة فكذلك من يستمع للخطبة يرد السلام بالإشارة و كما أن المصلي لا يتسوك فمن يستمع للخطبة لا يتسوك كما أن الذي يصلي لا يتكلم فالذي يستمع لخطبة الجمعة لا يتكلم.

و هذا الحديث فيه دليل على أن من تكلم و الإمام يخطب فقد لغا من تكلم في كلام لا يحسن و في الحديث الآخر وَمَن لَغَا فَلا جُمُعَةَ لَهُ يعني لا ثواب له و ن كانت تجزئ.

و الحديث دل على وجوب الإنصات للخطبة فيجب على المأموم أن ينصت للخطبة حال الخطبة و فيه دليل على تحريم الكلام و الإمام يخطب.

و فيه دليل على أن الإشارة لا بأس بها لأن الإشارة ليست بكلام.

و فيه دليل على أن من تكلم و الإمام يخطب فقد لغا و تكلم بما لا يحسن و في اللفظ الآخر وَمَن لَغَا فَلا جُمُعَةَ لَهُ فيه دليل على أن من تكلم فلا جمعة له و لا حول و لا قوة إلا بالله .

( متن )

144 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ قَامَ ﷺ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَاءَهُ ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ. ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى ، حَتَّى سَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ ، ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ صَلاتِهِ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ ، إنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي ، وَلِتَعْلَمُوا صَلاتِي - وَفِي لَفْظٍ - صَلَّى عَلَيْهَا. ثُمَّ كَبَّرَ عَلَيْهَا. ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا ، فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى .​​​​​​​

( شرح )

هذا الحديث هو حديث سهل بن سعد الساعدي فيه من الفوائد مشروعية خطبة الإمام على مكان مرتفع.

و فيه دليل على خطبة الجمعة و أن الجمعة لا بد لها من خطبة.

و فيه مشروعية خطبة الإمام على مكان مرتفع ينبغي للإمام أن يخطب على مكان مرتفع فكان النبي ﷺ أولا يخطب على جذع نخلة ثم جاءت امرأة عندها غلام نجار فقالت يا رسول الله ألا أصنع لك منبراً تقف عليه إذا كلمت الناس قال : نعم ، فأمرت غلامها فصنع المنبر فلما صنعت المنبر و صعد عليه النبي ﷺ و ترك جذع النخلة صاح الجذع و بكى حتى كاد أن ينشق بكاء الصبي فنزل النبي ﷺ و جعل يهدئه كما يهدئ الصبي حتى سكت فهذا من آيات الله و من دلائل نبوته عليه الصلاة و السلام هذا من دلائل قدرة الله و أن الله على كل شيء قدير إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ جذع نخلة يبكي كما يبكي الصبي قيل بكى على ما يسمع من الذكر لأنه فقد الذكر الذي كان يخطبه النبي ﷺ فبكى و الله تعالى جعل فيه الإحساس ، الله على كل شيء قدير جعل في هذا الجذع إحساس كما أنه جعل في الحجارة إحساس وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد