شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من عمدة الأحكام_12 باب العيدين

00:00
00:00
تحميل
70

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الإمام الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله تعالى في كتابه العمدة :

( متن )

بابُ صلاةِ العيدينِ

148 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ .

( شرح )

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم وبارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله  صحبه أجمعين، أما بعد :

قال المؤلف باب صلاة العيدين و العيدين تثنية عيد و العيد اسم لما يعود و يتكرر إما بالسنة أو في الشهر أو في الأسبوع و كان أهل الجاهلية عندهم أعياد كثيرة فأبدل الله أهل الإسلام بعيدين هما عيد الفطر و عيد الأضحى ليس للمسلمين في السنة إلا عيدين عيد الفطر و عيد الأضحى و عيد أسبوعي و هو يوم الجمعة.

و هذا الباب يقول المؤلف رحمه الله باب صلاة العيدين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا كان صحابي و أبوه صحابي يقال رضي الله عنهما  إذا كان صحابي و ليس أبوه صحابي يقال و عبد الله صحابي وأبوه صحابي فعبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :كان النبي ﷺ وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة.

 هذا الحديث فيه دليل على أن صلاة العيد تكون قبل الخطبة.

وقوله كان النبي ﷺ و أبو بكر و عمر لبيان أنه لم ينسخ و أنه استمر و أنه ليس منسوخا بل استمر عليه النبي ﷺ قبل وفاته و فعله أبو بكر و فعله عمر فدل على أن صلاة العيد مقدمة على الخطبة بخلاف الجمعة فهما خطبتان تتقدمان الصلاة فالجمعة لها خطبتان تتقدمان الصلاة و العيدان لهما خطبتان.

و جاء في بعض الأحاديث خطبة و العلماء قاسوا صلاة العيد على صلاة الجمعة فلها خطبتان و لكن هناك فرق بين صلاة العيد و بين صلاة الجمعة ؟ فإن صلاة الجمعة فرض على الرجال المقيمين القادرين بخلاف صلاة العيد فجمهور العلماء على أنها سنة و ذهب جمع من أهل العلم إلى أنها فرض كفاية و قيل أنها فرض عين.

فصلاة العيدين فيها ثلاثة أقوال لأهل العلم:

 القول الأول أن صلاة العيدين سنة مؤكدة و هذا مذهب جمهور العلماء.

و المذهب الثاني أن صلاة العيدين فرض كفاية إذا صلاها بعض الناس سقط عن الباقيين.

و المذهب الثالث أنها فرض عين على كل أحد اختار هذا جمع من المحققين كشيخ السلام ابن تيمية رحمه الله و قال أن صلاة العيد فرض السنة كما أن الله تعالى أوجب خمس صلوات في اليوم و الليلة كذلك أوجب صلاة في السنة و هي صلاة العيدين.

قال و يدل على وجوبها أن النبي ﷺ أمر بإخراج العواتق و الحيض و ذوات الخدور يشهدن العيدين و لما قالت له امرأة يا رسول الله المرأة ليس لها جلباب قال لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا وَلتَسمَعَ الخُطبَةَ، وَلتَشهَدَ الخَيرَ وَتُؤَمِّنَ عَلَى الدَّعَاءِ فدل هذا على وجوب صلاة العيد و أنها فرض.

و جمهور العلماء على أنها سنة مؤكدة و سمت صلاة العيد مشتقة من العودة و التكرر تتكرر كل عام .

( متن )

149 - عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ الأَضْحَى بَعْدَ الصَّلاةِ ، فَقَالَ: مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَلا نُسُكَ لَهُ. فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ - خَالُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنِّي نَسَكْتُ شَاتِي قَبْلَ الصَّلاةِ. وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ. وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِي أَوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَيْتِي. فَذَبَحْتُ شَاتِي ، وَتَغَذَّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الصَّلاةَ. فَقَالَ: شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَإِنَّ عِنْدَنَا عِنَاقاً هِيَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ شَاتَيْنِ أَفَتُجْزِي عَنِّي؟ قَالَ: نَعَمْ ، وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ .

( شرح )

هذا الحديث حديث البراء بن عازب فيه مشروعية الأضحية و أنها تكون بعد صلاة العيد.

و قوله مَنْ نَسَكَ نُسُكَنَا  يعني ضحّى مثل أضحيتنا و النسك يقال لكل طاعة و يقال لمتعبدة الحج و مناسك الحج فَلا نُسُكَ لَهُ. يعني فلا أضحية له يعني أضحيته غير معتد بها.

و قوله شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ. يعني ليس لك ثواب الأضحية بل هي ذبيحة عادية ليس قربة.

و العناق هي الأنثى من المعز هي التي لم يتم لها حول التي لها ستة أشهر ثمانية أشهر يقال لها العناق و العتود اسم الذكر من المعز العتود الذي له ستة أشهر يقال له عتود و الأنثى يقال له عناق العناق الأنثى من ولد المعز و العتود الذكر من ولد المعز و يجمع على أعنق و عنوق العناق.

هذا الحديث حديث البراء بن عازب فيه من الأحكام مشروعية صلاة العيدين و أنه يشرع لعيد الفطر صلاة و للأضحى صلاة عيد الفطر له صلاة و عيد الأضحى له صلاة و صلاة العيد ركعتان و بعدها خطبتان فدل هذا الحديث على مشروعية صلاة العيد.

و الخلاف كما سبق قيل أنها صلاة العيد مستحبة و قيل أنها فرض عين و قيل أنها فرض كفاية.

و قوله " خطب النبي ﷺ يوم الأضحى بعد الصلاة " فيه دليل على أن الخطبة خطبة العيد تكون بعد الصلاة و أن صلاة العيد تكون أولا بخلاف الجمعة فإن الخطبتان تتقدمان الصلاة و أما العيدين فإن الصلاة تتقدم الخطبتين و لهذا قال " خطب النبي ﷺ يوم الأضحى بعد الصلاة " فدل على أن الخطبة تكون بعد صلاة العيد.

فقال مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا المراد صلاة العيد وَنَسَكَ نُسُكَنَا يعني ذبح الأضحية ذبح ذبيحته و أضحيته فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ يعني أصاب العبادة و وافق الشرع و صلى الصلاة ثم ذبح الأضحية فقد وافق الشرع و أضحيته صحيحة موافقة للشرع و قد أصاب النسك يعني أصاب العبادة صارت عبادته موافقة للشرع فدل على أن الصلاة تكون أولا ثم الأضحية بعد صلاة العيد و لهذا قال النبي ﷺ مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ

فيه دليل على أن وقت الأضحية يكون بعد صلاة العيد لا قبلها لقول النبي ﷺ مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا يعني ذبح ذبيحتنا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَلا نُسُكَ لَهُ. فيه دليل على أن من ذبح الأضحية قبل صلاة العيد فلا أضحية له و إنما تكون شاته شاة لحم و عليه أن يعيدها مرة أخرى يذبح بعد صلاة العيد و هذا مأخوذ من هذا الحديث قوله مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَلا نُسُكَ لَهُ.

فقال أبو بردة بن نيار خال البراء بن عازب يا رسول الله ، إني نسكت شاتي قبل الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب وأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي فذبحت شاتي و تغذيت قبل أن آتي الصلاة و في اللفظ الآخر أن أبا بردة قال يا رسول الله إن لي جيران و أحببت أن أطعم جيراني قبل أن أصلي فبادرت و ذبحت قبل الصلاة فقال له النبي ﷺ شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ. ليست أضحية شاتك شاة لحم يعني لحم عادي و الأضحية باقية في ذمتك شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ. قال : يا رسول الله ، فإن عندنا عناقا و هي أحب إلينا من شاتين أفتجزي عني ؟ العناق الأنثى من ولد المعز ما تمت سنة و لكنها شبابها طيب فيها لحم كثير أحب إلي من شاتين العناق أحسن من اثنتين فقال لنبي ﷺ نَعَمْ ، وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ. هذا فيه دليل على أن هذا خاص بأبي بردة.

و فيه دليل على أن الشريعة عامة إلا ما دلَّ الدليل على تخصيصه و هذا التخصيص خصصه فقال النبي ﷺ نَعَمْ ، وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ. و في لفظ آخر تُجزِيكَ، وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ فدل على أن الأضحية لا بد أن يكون لها سنة من الماعز أو ستة أشهر من الضأن و أما أبو بردة فهذه خصوصية له تجزيه عناق لم تتم لها سنة من ولد المعز الأنثى من المعز خاصة بأبي بردة و لهذا قال نَعَمْ ، وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ. لأن المعز لا بد أن يتم له سنة.

و في الحديث فيه من الفوائد كما سبق مشروعية صلاة العيد قبل الصلاة و مشروعية الأضحية و أنها تكون بعد الصلاة.

و فيه مشروعية أكل المضحي من أضحيته و فيه أن الأضحية لا تجزي إلا من الضأن إلا ما تم له ستة أشهر و من المعز ما تم له سنة و فيه أن أبا بردة له خصوصية في هذا و أنه ذبح أنثى من المعز لم يتم لها سنة.

و فيه مشروعية تعليم الإمام الناس الأحكام و هو يخطب الناس و هذا أبو بردة جاهل و لكن لم يعذره النبي ﷺ ففيه دليل على أنه ليس كل جاهل معذور بل قد يعذر الجاهل و قد لا يعذر الجاهل الذي يعذر إذا لم يجد أحد يسأله أو لم يجد من يسأله و كان له عناية فإنه قد يعذر أما إذا كان يجد من يسأله و لكنه تساهل فلا يعذر فليس كل جاهل يعذر قد يعذر الجاهل و قد لا يعذر أحيانا إذا كان الجاهل مفرط أو كان ليس عنده بعض الجهال و بعض الناس ما عنده اهتمام و لا يحب أن يسأل حتى بعض الجهال يقول أخشى أن أسأل ثم يلزمونني بشيء لا أريد أن التزم به فهذا غير معذور و الله تعالى يقول فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ فليس كل جاهل يعذر فقد يعذر الجاهل و قد لا يعذر و هذا أبو بردة تعجل و ذبح و كان الأولى أن يسأل النبي ﷺ النبي قريب منه و لكنه قد تعجل و قال أردت أن أطعم جيراني و عرفت أن اليوم يوم أكل فلم يعذره النبي ﷺ فأمره أن يبدلها بغيرها إلا أنه لما قال عندي هذه العناق خير من شاتين قال نَعَمْ ، وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ.

و فيه دليل على أن الشريعة عامة إلا ما دل الدليل على التخصيص و النبي ﷺ داخل في الأحكام إلا ما دل الدليل على تخصيصه كقوله تعالى وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ هذه خصوصية للرسول ﷺ خالصة يعني خاصة خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ المرأة تهب نفسها للنبي ﷺ هذا خاص بالنبي أما غير النبي ﷺ فلا المرأة لا تهب المرأة نفسها لأحد بل لا بد أن يخطبها من وليها و لا بد من ولي و عقد و شاهدين و لا بد أيضا من رضى الزوجة أما النبي ﷺ له خصوصية و أن المرأة تهب نفسها له وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ فالشريعة عامة تشمل النبي ﷺ و غيره إلا دل الشرع على تخصيصه و من ذلك تخصيص النبي ﷺ بالزواج بأكثر من أربع نسوة هذا من خصائصه عليه الصلاة و السلام .

( متن )

150 - عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ النَّحْرِ. ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ ذَبَحَ وَقَالَ: مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا ، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ .

( شرح )

هذا الحديث عن جندب بن عبد الله فيه من الأحكام مشروعية صلاة العيد و فيه مشروعية صلاة عيد الفطر و الأضحى و فيه أن صلاة العيد قبل الخطبة لقوله " صلى ثم خطب ".

و فيه دليل على أن الذبح ذبح الأضحية يكون بعد الصلاة فتكون بالترتيب أولا الصلاة ثم الخطبة ثم الذبح.

و قال عليه الصلاة و السلام مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا ، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ هذا فيه دليل على أن من ذبح أضحيته قبل صلاة العيد فإن عليه أن يبدلها بغيرها و لا تجزيه و من ذبح بعد الصلاة فإنها أضحية مقبولة فدل هذا على أنه لا تجزي الأضحية قبل الصلاة و فيه بيان وقت الأضحية و أنه يكون بعد الصلاة و بيان وقت الخطبة و أنه يكون بعد الصلاة و فيه دليل على أن من ذبح قبل الصلاة فإنه يبدلها بغيرها .

( متن )

151 - عَنْ جَابِرٍ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ الْعِيدِ. فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، بِلا أَذَانٍ وَلا إقَامَةٍ. ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلالٍ ، فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ ، وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ ، وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ ، تَصَدَّقْنَ. فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ حَطَبِ جَهَنَّمَ ، فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ ، سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ فَقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ. قَالَ: فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلالٍ مِنْ أَقْرَاطِهِنَّ وَخَوَاتِيمِهِنَّ .رواه مسلم .

( شرح )

هذا الحديث حديث جابر قال شهدت مع النبي ﷺ يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة دليل فالحديث فيه مشروعية صلاة العيد.

و فيه أن صلاة العيد تكون قبل الخطبة ثم تكون الخطبة بعدها.

و فيه من الأحكام الحكم الثالث أن صلاة العيد ليس لها أذان و لا إقامة و لا نداء ليس لها أذان و لا إقامة و لا نداء يأتي الإمام ثم يتقدم و يصلي بخلاف الصلوات الخمس فإن لها أذان و إقامة الصلوات الخمس الفجر و الظهر و العصر و المغرب و العشاء لكل صلاة أذان و إقامة و صلاة الكسوف لها نداء بلا إقامة ينادى لها " الصلاة جامعة الصلاة جامعة الصلاة جامعة " و صلاة العيد ليس لها نداء و لا أذان و لا إقامة و لا يحتاج يقول " صلاة العيد أثابكم الله " و لا شيء لا حاجة إلى هذا بل يأتي و يتقدم و يصلي بالناس هذا هو السنة.

و قوله " ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله تعالى ، وحث على الطاعة ، ووعظ الناس وذكرهم " فيه دليل على مشروعية الخطبة في صلاة العيد و أن الإمام يذكر الناس و يعظهم و يأمرهم بتقوى الله و يحثهم على طاعته هكذا يكون الخطبة في الجمعة و خطبة العيد و غيرها من الخطب و فيه الأمر بتقوى الله و حث الناس على طاعة الله و وعظ الناس و تذكيرهم و تحذيرهم من المعاصي.

و قوله " ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن  " فيه دليل على أنه يشرع للإمام إذا خطب الناس و خطب الرجال أن يأتي للنساء و يخصهن بموعظة خاصة كما فعل النبي ﷺ فإن النبي ﷺ وعظ الرجال ثم ذهب و معه بلال و وعظ النساء موعظة خاصة و هذا قبل أن توجد مكبرات الصوت لأنهن لا يسمعن أما لما وجدت مكبرات الصوت فالخطيب يوجه النداء للنساء و هو في مكانه يوجه النداء للرجال و يأمرهم بتقوى الله ثم يوجد الخطاب للنساء يقول عليكن بتقوى الله و عليكن بلزوم الحجاب و الحشمة و البعد عن الاختلاط و هكذا.

قال جابر ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن ، وقال يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ ، تَصَدَّقْنَ. فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ حَطَبِ جَهَنَّمَ فقالت امرأة من سطة النساء يعني من أوسط النساء في المجلس سفعاء الخدين فقالت : لم يا رسول الله ؟ فقال لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ. فيه دليل على أن أكثر أهل النار النساء لقوله فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ حَطَبِ جَهَنَّمَ يعني أكثر أهل النار هن النساء و السبب بينه النبي ﷺ قال لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ. و العشير الزوج تكثرن الشكاية أي تتشكى دائما و تكفر العشير يعني تجحد حقه و نعمته جاء في تفسير ذلك في الحديث الآخر لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ هذا كفر العشير تحسن إليها طول الدهر فإذا رأت مرة واحدة حصل تقصير قالت أنت ما تفعل شيء و أنت دائما مقصر و دائما لا تأتي بما يطلب منك و هكذا هذا كفران يعني جحود العشير جحود النعمة و العشير هو الزوج و تكثرن الشكاية و في اللفظ الآخر تُكثِرْنَ الشَّكَاةَ ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ. ففيه دليل على أن أكثر أهل النار النساء و السبب لذلك أنهن يتعرضن و يفعلن الأسباب التي تكون سببا في دخول جهنم من كفران النعمة و كثرة الشكاية و غير ذلك و كذلك أكثر أهل الجنة النساء ، أكثر أهل الجنة النساء و أكثر أهل النار النساء كيف ذلك ؟ أكثر أهل النار النساء لأنهن يفعلن الأسباب التي يدخلن بها النار من كفران العشير و كثرة الشكاية و أكثر أهل الجن النساء لأن لكل مؤمن في الجنة زوجتان غير زوجاته من النساء و ليس في الجنة أعزب كل واحد من أهل الجنة ليس في الجنة أعزب لا ذكر و لا أنثى كلهم مزوجون و لكل واحد زوجتان هذا عام وبعضهم له زوجات كثيرة غير الزوجات من النساء الحور العين غير الزوجات الأخرى بعضهم له مئات الزوجات فعلى هذا يكون النساء أكثر في الجنة إذا كان كل واحد له زوجتان مع النساء الأخرى و مع الحور العين فيكون أكثر أهل الجنة النساء و أكثر أهل النار النساء.

فقامت امرأة من النساء سفعاء الخدين يعني في وجهها سفع و السفع تغير الخد في اللون إما سواد و إما خضرة.

و استدل بعضهم بهذا على جواز كشف المرأة لوجهها و أن النساء كاشفات و هذا ليس بدليل يجاب عن هذا أولا يحتمل أن هذه المرأة عجوز كبيرة في السن من القواعد و الثاني أن هذا كان أولا قبل نزول آية الحجاب نزول الحجاب كان متأخر حينما هاجر النبي ﷺ من المدينة يعني ما فرض الله الحجاب إلا متأخرا.

فهذا يجاب عنه بجوابين إما أن هذا كان أولا أو أن هذه المرأة من القواعد من العجائز التي لا تشتهى و الله تعالى يقول وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ لكن الصواب أن هذا كان أولا قبل فرض الحجاب و سمي الزوج عشير من المعاشرة و المخالطة.

فقال فجعلن يتصدقن من حليهن الحلي ما تتحلى به المرآة من الذهب  و ما تضعه عليها من الأساور أو في أصابعها من الخواتم أو في أذنها من الأقراط أو في أنفها كالزمام أو في رجلها من الخلاخل أو في صدرها كل هذا من الحلي قال فجعلن يتصدقن بحليهن  يلقين في ثوب بلال من أقراطهن كل واحدة تلقي و تتصدق لما حثهن على الصدقة هذه تلقي خاتم و هذه تلقي قرض و هذه تلقي فجعلن يتصدقن من أقراطهن وخواتيمهن واحدة تأخذ الخاتم و تلقيه في ثوب بلال و أخرى تأخذ القرط و تلقيه في ثوب بلال و هذه تأخذ سوار و تلقيه في ثوب بلال و هذا فيه دليل على جواز تصرف المرأة بمالها دون إذن زوجها و أن المرأة إذا كانت رشيدة لها أن تتصرف و لها أن تتصدق و لو لم تشاور زوجها لأن هذه النساء ما شاورن أزواجهن كل واحدة تتصدق بدون إذن الزوج فلا يشترط إذن الزوج في تصرف المرأة في مالها لأن إذا كانت المرأة رشيدة حرة لها أن تتصرف لكن الأولى أن تشاوره من باب حسن العشرة و من باب تطييب الخاطر وإلا فلا يجب و مما يدل على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم أن ميمونة زوج النبي ﷺ لما دار إليها و جاء يومها و كان لها عبدة أو وليدة فقالت يا رسول الله أشعرت أني اعتقت وليدتي ؟ يعني وليدة عبدة خادمة رقيقة و بالنسبة للخادمات الآن عبيد أو لا ؟ الخادمات في زمنهم يتناسلن من الرق إذا وجد الجهاد في سبيل الله و قوي المسلمون و انتصروا على الأعداء و غنموا ( 27:15 ) و النساء صاروا أرقاء و صاروا يتناسلون لكن الخادمات الموجودات الآن ليسوا أرقاء بل أحرار يحتجن إلى المال و جئن يخدمن و يرجعن إلى بلادهن فبعض الناس و العياذ بالله يظن بأن هؤلاء الخادمات أنهن عبيد حتى وجد بعض الناس يسأل و العياذ بالله يسأل أن يفعل الفاحشة بها و يظن أنها عبد له نسأل الله العافية ،الخادمة حرة ليست رقيقة بخلاف الأئمة التي يشتريها الإنسان و تتوالد من الرق هذه إذا اشتراها الإنسان صارت أمة له أما هذه الخادمة من الأحرار حرام عليك أن تتكشف أمامك و لا أمام أولادك هذه خادمة حرة تخدم و تذهب إلى أهلها ففيه دليل على أن المرأة لها أن تتصرف بمالها بغير إذن زوجها فميمونة زوج النبي ﷺ لما دار إليها قالت يا رسول الله أشعرت أني أعتقت وليدتي فقال النبي ﷺ أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ و لم يقل لها ما أعلمتيني ما أخبرتيني أعتقتها و لم يعلم النبي قال لو أعطيتي أخوالك كان أفضل دل على أن صلة الأرحام أفضل من العتق قال أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ أعتقت عبدة حرا لله فأخبرت النبي ﷺ فقال أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ دل على جواز المرأة أن تتصرف في مالها.

و أما حديث لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ، إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا فهذا حديث ضعيف حديث شاذ مخالف للحديث الصحيح و إن صح فهو محمول على عطية المرأة من مال زوجها لا من مالها هي لو صح فإنه محمول على عطية المرأة من مال زوجها لا من مال نفسها  .

( متن )

152 - عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - نُسَيْبَةَ الأَنْصَارِيَّةِ - قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ، وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ .
وَفِي لَفْظٍ: كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ ، حَتَّى نُخْرِجَ الْبِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا ، حَتَّى تَخْرُجَ الْحُيَّضُ ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ ، يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ .

( شرح )

هذا الحديث حديث أم عطية نسيبة الأنصارية فيه دليل على تأكد صلاة العيدين.

و فيه دليل لمن قال أن صلاة العيد فرض لأنها إذا كان النبي يأمر أن تخرج العواتق و الحيض و ذوات الخدور دل على وجوبها فكان النبي ﷺ يأمر في العيدين أن تخرج العواتق و العواتق جمع العاتقة و هي من بلغت الحلم أو قاربت و استحقت الزواج و ذوات الخدور صواحبة الخدور و الحجر في ناحية البيت كانت الجارية في الأول تجعل في خدر مستورة حتى تتزوج ليس مثل الآن تخرج البكر تستر تكون مستورة لها خدر خاص حتى تتزوج لا تخرج منه الآن صارت لا تبالي تخرج في الشوارع و لا تتحجب و الانفتاح على العالم الخارجي و الشرور التي فتحت على المسلمين لكن في الأول كان فيه حياء كانت المرأة البكر يجعل لها ستار و حجر خاص لا تخرج منه حتى تتزوج و يقال لها مرأة مخدرة مستورة مثل الجوهرة المصونة لا يراها أحد. و الحُيَّض جمع حائض.

فتقول أم عطية كنا نؤمر و الآمر هو الرسول عليه الصلاة و السلام والآمر إذا قال الصحابي أو الصحابية أمرنا فهذا له حكم الرفع يعني الآمر هو الرسول عليه الصلاة و السلام قالت أمرنا و في لفظ آخر " أمرنا رسول الله ﷺ أن نخرج في العيدين العواتق " يعني الشابات " و ذوات الخدور " المخدرات " و أمر الحيض أن يعتزلن مصلى الناس " و في لفظ " كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد ، حتى تخرج البكر من خدرها " المخدرة لا تخرج إلا للعيد هذا يدل على أهمية صلاة العيد ، البكر المخدرة لا تخرج إلا لصلاة العيد فدلَّ على أنها مهمة و على أن حضورها متأكد.

و لهذا استدل بعض العلماء بهذا على أن صلاة العيد فرض قالوا ما دام العواتق و الحيض و ذوات الخدور كلها تؤمر بالخروج دل على أنها فرض فتخرج البكر من خدرها و حتى تخرج الحيض و لكنهن يعتزلن الناس يكونون خلف النساء فيكبرن بتكبيرهن و يدعون بدعائهن يرجون بركة ذلك اليوم و طهرته الحائض تجلس خلف النساء فتكبر و تؤمن على الدعاء و ترجوا بركة هذا اليوم و أن يعمها الخير و تعمها البركة و تعمها بركة الدعاء و أما ما عدا الحيض فإنها تكون مع النساء.

و فيه دليل على مشروعية صلاة العيدين للرجال و النساء.

و فيه دليل على أن صلاة العيد تصلى في صحراء قريبة من البلد لا تصلى في الجوامع و إنما تصلى في صحراء قريبة من البلد كان النبي ﷺ يصلي وهو في المدينة في مسجد الرسول ﷺ ما يصلي في مسجده و إنما يخرج خارج البلد و يصلي العيدين لكن لما اتسعت المدن و صارت المدن واسعة شق على الناس فصارت هناك مصليات متعددة و في الجوامع و لكن إذا لم يشق ذلك و كانت البلد ليست واسعة فيصلون في مكان واحد و يكون خارج البلد في صحراء قريبة من البلد كما كان النبي ﷺ يفعل و لهذا قالت نخرج إلى مصلى العيد تخرج العواتق و الحيض و ذوات الخدور و هذا من باب الاستحباب عند الجمهور يستحب خروج العواتق و ذوات الخدور لصلاة العيد و يستحب أيضا خروج  الحائض و تكون خلف النساء تؤمن و تدعو و ترجو بركة ذلك اليوم.

و فيه أن الحائض تذكر الله في جميع أحيانها تذكر و تدعو و حتى تقرأ القرآن على الصحيح لقول العلماء عن ظهر قلب بدون مس المصحف الحديث الذي فيه المنع هو حديث ضعيف فلها أن تقرأ عن ظهر قلب لكن لا تمس المصحف إلا من وراء حائل إلا بقفازين هذا هو الصواب.

و فيه مشروعية التكبير في العيد لكل أحد مشروعية التكبير في يوم العيد و ليلة العيد و في الطريق .

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد