شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من عمدة الأحكام_14 بابُ الاستسقاءِ وبابُ صلاةِ الخوفِ

00:00
00:00
تحميل
61

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد، أما بعد :

اللهم اغفر لنا و لشيخنا و للحاضرين أجمعين يا رب العالمين .

( متن )

بابُ الاستسقاءِ

157 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ يَسْتَسْقِي ، فَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ يَدْعُو ، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ . وَفِي لَفْظٍ «إلَى الْمُصَلَّى» .

( شرح )

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالين ، و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين، أما بعد :

قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب الاستسقاء " بعد أن ذكر المؤلف رحمه الله الطهارة و الصلاة ثم صلاة الجماعة و صلاة الجمعة ثم صلاة العيدين ثم صلاة الكسوف ذكر صلاة الاستسقاء قال " باب الاستسقاء ".

و الاستسقاء طلب السقيا الهمزة و السين و الهاء للطلب و الاستسقاء طلب السقيا يعني سؤال الله السقيا سؤال الله أن يسقي بالمطر الاستسقاء طلب السقيا.

و الاستسقاء مشروع إذا وجد سببه إذا اجدبت الأرض و تأخر نزول المطر شرعت صلاة الاستسقاء شرع الاستسقاء.

و الاستسقاء ثبت عن النبي ﷺ في أحوال ثلاثة:

الحالة الأولى أنه وعدهم يوما فخرج بهم إلى الصحراء فصلى ركعتين ثم صلى و خطب و استسقى و طلب الله المطر.

الحالة الثانية أنه استسقى في خطبة الجمعة يوم الجمعة في خطبة الجمعة استسقى و طلب السقيا سأل الله نزول المطر.

و الحالة الثالثة أنه دعا عند أحجار البيت بدون صلاة في يوم صلاة الجمعة دعا الله و سأل السقيا عند أحجار الزيت في مكان.

و في هذا الحديث حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني قال " خرج النبي ﷺ يستسقي " يعني يطلب السقيا " وتوجه إلى القبلة يدعو و حول رداءه ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة " و في لفظ " أتى المصلى " يستسقي يعني يطلب الله يدعو الله و يطلب السقيا منه.

و قوله " توجه إلى القبلة " يعني حال الدعاء حال خطبة الاستسقاء.

و قوله " حول رداءه " يعني قلب الرداء على الوجه الثاني تفاؤلا بتغير الحال.

وفي هذا الحديث فيه أن النبي ﷺ خطب و استسقى قبل الصلاة ثم صلى لأن ثم تفيد الترتيب و التراخي قال " خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ يَسْتَسْقِي، فَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ يَدْعُو، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ " وفي لفظٍ " أَتَى الْمُصَلَّى " ففي قوله " ثم صلى " دليل على أن الصلاة تأخرت عن الخطبة.

و جاء في أحاديث أخرى أن النبي ﷺ صلى قبل الخطبة فدل على جواز الأمرين يجوز أن تصلى صلاة الاستسقاء قبل الخطبة و يجوز أن تكون بعد الخطبة لكن العمل الآن على أن الخطبة بعد الصلاة قياس على صلاة العيدين و لكن هذا الحديث فيه دليل على أن النبي ﷺ خطب قبل الصلاة لقوله " ثم صلى " كلمة ثم تفيد الترتيب و التراخي بمهلة.

الحديث فيه من الفوائد مشروعية صلاة الاستسقاء عند حصول السبب، إذا أجدبت الأرض و تأخر نزول المطر يشرع في صلاة الاستسقاء يشرع لإمام المسلمين أن يعد الناس يوما يخرجون فيه إلى صحراء قريبة من البلد هذا هو السنة صلاة الاستسقاء و صلاة العيد تصلى في صحراء قريبة من البلد.

و فيه مشروعية صلاة الاستسقاء عند حصول السبب.

و فيه مشروعية الخطبة للاستسقاء و الدعاء.

و فيه مشروعية التوجه إلى القبلة حال الدعاء.
و فيه مشروعية الجهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء يجهر فيها بالقراءة.

و فيه أيضا مشروعية تحويل الرداء إذا كان عليه رداء أو مشلح يحوله يجعل ما على الكتف الأيمن على الأيسر و يجعل ما على الكتف الأيسر على الأيمن يقلبه، و الحكمة من ذلك التفاؤل بتغير الحال بأن يغير الله الحال من جدب إلى خصب و من قحط إلى خصب و من ضيق إلى سعة فهذه الحكمة من تغيير الرداء التفاؤل بتغيير الحائل تفاؤلا بأن يغير الله الحال حال الناس من جدب و قحط فقلب الرداء فيه تفاؤل بأن يحول الله ما في المؤمنين إلى ضده من الشدة إلى الرخاء و من الضيق إلى السعة و من الجدب إلى المطر.

و فيه أن صلاة الاستسقاء ليس فيها أذان و لا إقامة.

و فيه أنها خطبة واحدة ليست خطبتان و فيه أن فيها دعاء و استقبال القبلة و تحويل الرداء.

هذه أحكام من الحديث مشروعية صلاة الاستسقاء عند حدوث الجدب و مشروعية الخطبة و مشروعية التوجه إلى القبلة حال الدعاء مشروعية صلاة ركعتين و مشروعية الجهر في القراءة و مشروعية تحويل الرداء.

و فيه أن صلاة الاستسقاء ليس لها أذان و لا إقامة و لا نداء بخلاف صلاة الكسوف فإن لها نداء و ليس لها أذان و لا إقامة ينادى لها ( الصلاة جامعة ) و صلاة العيد ليس لها أذان و لا إقامة و لا نداء .

( متن )

158 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَائِمٌ يَخْطُبُ ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَائِمًا ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلَكَتْ الأَمْوَالُ ، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ تَعَالَى يُغِيثُنَا ، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا. قَالَ أَنَسٌ: فَلا وَاَللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلا قَزَعَةٍ ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلا دَارٍ قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ. فَلَمَّا تَوَسَّطَتْ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ ، قَالَ: فَلا وَاَللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتاً ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَائِمٌ يَخْطُبُ النَّاسَ ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِماً ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلَكَتْ الأَمْوَالُ ، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُمْسِكَهَا عَنَّا ، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا ، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ ، قَالَ: فَأَقْلَعَتْ ، وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ. قَالَ شَرِيكٌ: فَسَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ قَالَ: لا أَدْرِي .

( شرح )

هذا الحديث فيه أن النبي ﷺ استسقى في خطبة الجمعة و استصحى هذا الحديث يرويه أنس " أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاء " و هي دار عمر بن الخطاب سميت بذلك لأنها بيعت في قضاء دينه.

و قول الرجل " هلكت الأموال " يعني الماشية من الغنم هلكت لعدم وجود المرعى الذي ترعاه لقلة وجود المطر.

و قوله " انقطعت السبل " السبل أي الطرق و الأسفار التي تحملهم هي المواشي فإذا نفذ ما عند الناس من الطعام فلا يجدون ما يحملهم من الأسفار.

و قوله " ما نرى في السماء من سحاب و لا قزعة " القزعة السحاب المتفرق السحاب المتفرق يقال له القزع.

وقوله " و لا شيئا " يعني لا نرى شيئا من علامات المطر و " سلع " جبل في المدينة معروف.

و قوله " سحاب مثل الترس " يعني مستديرة.

و قوله " ما رأينا الشمس سبتا " يعني أسبوع السبت يطلق و يراد به الأسبوع يعني سبعة أيام هلكت الأموال.

في الجمعة الثانية جاء رجل و قال " هلكت الأموال " يعني بسبب كثرة الماء فانقطع المرعى و هلكت المواشي و انقطعت السبل من كثرة المطر فالنبي ﷺ دعا اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا يعني أنزل المطر حول منازلنا وَلا عَلَيْنَا و ليس على المنازل اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ الظراب و الآكام يعني المرتفعات وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ التي ينزل فيها الماء و الأماكن المنخفضة التي تمسك الماء وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ يعني أصولها و الآكام جمع أكم و هي الهضبة و الظراب الجبال الصغار و التلال.

و هذا الحديث فيه من الفوائد و الأحكام مشروعية صلاة الاستسقاء في خطبة الجمعة فإن النبي ﷺ استسقى في خطبة الجمعة لما جاء هذا الرجل و قال " هلكت الأموال فادع الله يغيثنا " فرفع رسول الله ﷺ يديه و قال اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا. ففيه مشروعية رفع اليدين عند الاستسقاء مشروعية رفع اليدين في دعاء الاستسقاء و لو في خطبة الجمعة يرفع الإمام يديه و يرفع المأمومون أيديهم و أما الدعاء في غير الاستسقاء فلا يرفع الإمام يديه و لا يرفع المأمومون أيديهم لأن هذا خاص بالاستسقاء إذا استسقى يوم الجمعة رفع الإمام يديه و رفع المأمومون أيديهم أما إذا دعا لغير الاستسقاء فلا يرفع يديه و لا يرفع المأمومون أيديهم.

و فيه أن الله أجاب دعاء نبيه في الحال و هذا من دلائل قدرة الله و وحدانيته إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. و هو من دلائل نبوة نبينا ﷺ و أنه رسول الله حقا و لهذا قال أنس لما استسقى النبي ﷺ " فلا و الله ما نرى في السماء من سحاب و لا قزعة " السماء صحو " و ما بيننا و بين السلع من بيت و لا دار " السلع جبل في المدينة يشاهدونه فطلعت من ورائه من وراء سلع سحابة مثل الترس ، الترس الذي يتقي فيه المحارب وقع الرمال يضعه أمامه فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال " فلا و الله ما رأينا الشمس سبتا " استمر المطر أسبوعا كاملا و لم ير الناس الشمس قوله " فلا و الله ما رأينا الشمس سبتا " يعني أسبوعا استمر المطر و السحاب أسبوع كامل ثم جاءت الجمعة الثانية فلما خطب النبي ﷺ و النبي يخطب دخل رجل من ذلك الباب ، من ذلك الباب الذي دخل معه الرجل الأول في الجمعة الماضية ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة و رسول الله ﷺ قائم يخطب بالناس و قال يا رسول الله هلكت الأموال هناك في الجمعة الأولى يقول هلكت الأموال بسبب القحط و الجدب و في هذه الجمعة هلكت الأموال بسبب كثرة الأمطار قال هلكت الأموال و انقطعت السبل أمطار و أودية لا يستطع الناس يمشون فادع الله يمسكها عنا الجمعة الأولى ادع الله يمطرنا و في هذه الجمعة ادع الله يمسكنا فرفع رسول الله يديه ثم قال اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا و هذا سؤال الاستصحاء الأول سؤال الله الاستسقاء و هذا سؤال الله الاستصحاء نسأل الله الصحو فقال  اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا يعني يسأل الله أن يكون المطر حول المدينة لا على المدينة اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ و هي الجبال الصغار وَالظِّرَابِ التلول وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ .

قال أنس فأقلعت و خرجنا نمشي في الشمس و في اللفظ الآخر و خرجنا نمشي في الشمس أقلعت في الحال و طلعت الشمس و خرج الناس يمشون في الشمس.

و هل هو هذا الرجل الرجل الأول أو غيره ؟ قال شَرِيكٌ " فسألت أنس بن مالك، أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ ؟ قَالَ: لا أَدْرِي " يعني يحتمل أنه الرجل الأول و يحتمل أنه ليس هو.

و هذا أيضا فيه من دلائل قدرة الله و وحدانيته و أنه على كل شيء قدير إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. و هو من دلائل نبوة النبي ﷺ حيث أجاب الله دعاءه في الحال في الجمعة الأولى أجاب الله دعاء نبيه فأمطرت في الحال و في الجمعة الثانية أجب الله دعاء نبيه فأمسكت عن المطر في الحال و في لفظ آخر أن السماء صارت لا تمطر على المدينة و صارت كالجوبة كالدائرة على المدينة ما يأتيها مطر و الجهة الأخرى كلها تمطر صارت كالجوبة دائرة كالدائرة على المدينة ما يأتيها مطر و الجهات الأخرى يأتيها مطر و هذا من دلائل قدرة الله و أنه على كل شيء قدير إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. و هو من دلائل نبوة نبينا ﷺ هذا علم من أعلام النبوة و هذا من دلائل نبوته العلماء ألفوا مؤلفات في دلائل النبوة كالبيهقي رحمه الله كتابه " دلائل النبوة " يذكر منها هذه الأدلة و القاضي عياظ و غيره من أهل العلم.

فهذا الحديث فيه من الفوائد مشروعية الاستسقاء و الاستصحاء في خطبة الجمعة و فيه إجابة الله دعاء رسوله في الحال و هو من دلائل نبوته عليه الصلاة و السلام.

و فيه جواز التكلم مع الإمام و هو يخطب الكلام مع الإمام لا بأس به يجوز أن تكلم الإمام و كذلك من كلمه الإمام يجوز له أن يتكلم أما ما عداه فلا يتكلم و الإمام يخطب يوم الجمعة في الحديث إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ، وَمَنْ لَغَا فَلا جُمُعَةَ لَهُ إلا من يكلم الإمام أو يكلمه الإمام و قد تكلم النبي ﷺ مع رجل لما جاء و جلس قال أصليت تحية المسجد قال لا قال قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّز فِيهِمَا فلا بأس بالكلام مع الإمام و الخطيب.

و جاء في اللفظ الآخر أن النبي ﷺ تبسم لما جاء الرجل يعني تبسم من حالة الإنسان و ضعفه في الجمعة الأولى يسألون الله الاستسقاء و في الجمعة الثانية يسألون الله الاستصحاء فيه جواز تبسم الخطيب تعجبا .

( متن )

بابُ صلاةِ الخوفِ

159 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلاةَ الْخَوْفِ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ، فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبُوا، وَجَاءَ الآخَرُونَ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، وَقَضَتِ الطَّائِفَتَانِ رَكْعَةً رَكْعَةً .

( شرح )

و هذا الباب باب صلاة الخوف و صلاة الخوف تفعل عند القتال قتال الأعداء إذا كان المسلمون في الجهاد في سبيل الله يجاهدون الأعداء و يقاتلونهم ثم حانت الصلاة و لا يتمكنون من أدائها كما يتمكن في حال الأمن فإنهم يصلون صلاة الخوف.

و صلاة الخوف جاءت عن النبي ﷺ بصفات متعددة قال الإمام أحمد رحمه الله " صحت صلاة الخوف عن النبي ﷺ من ستة أوجه أو سبعة أوجه كلها جائزة و أنا أختار الثالثة ذات الرقاع ".

و منها هذه الكيفية ، هذه الكيفية التي جاءت في الحديث فيها في حديث عبد الله بن عمر قال " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلاةَ الْخَوْفِ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ التي لَقيَ فِيهَا الْعَدُوَّ " في الجهاد يعني و ذلك أن العدو أمامهم صف و المسلمون صف فلما حانت الصلاة قسمهم النبي ﷺ قسمين قسم الجيش قسمين قسم صلى بهم و قسم يحرسون أمام العدو قسم يقف أمام العدو حتى لا يهجموا عليهم في وقت الصلاة طائفة كانت أمام العدو و طائفة يصلي بهم ركعة فلما صلى بالطائفة الأولى ركعة ذهبوا مكان أولئك الذي يحرسون و جاءت الطائفة الأولى و صفوا خلف النبي ﷺ فصلى بهم ركعة ثم قضت كل طائفة لنفسها ركعة ثم سلم هذه صفة من الصفات قسمهم طائفتين طائفة وقفت أمام العدو و طائفة صفت خلف النبي ﷺ فصلى بهم ركعة فلما قضوا الركعة ذهبوا إلى مكان الطائفة التي تحرس و جاءت الطائفة الثانية و صفت خلفها فصلى بالطائفة الثانية ركعة فصلى ركعتان عليه الصلاة و السلام ثم قضت كل طائفة لنفسها ركعة قضت الأولى لنفسها ركعة و قضت الطائفة الثانية لنفسها ركعة و سلم النبي ﷺ.

هذه كيفية و هناك كيفية أخرى.

و ظاهر هذا أن النبي ﷺ سلم لنفسه و كل طائفة سلمت لنفسها و يحتمل أن النبي ﷺ انتظر الطائفة الثانية حتى قضت الركعة ثم سلم بهم و الطائفة الأولى سلمت لنفسها و تأتي الآن الصفة الثانية.

و هذا يدل على عظم شأن الصلاة و عظم شأن الجماعة و أن الصلاة أمرها عظيم ما تسقط حتى في الخوف حتى من شدة الخوف لقتال الأعداء و كذلك الجماعة مهمة هذا يدل على عظم شأن الجماعة ، يصلي النبي ﷺ بالناس جماعة و هم يقاتلون العدو فكيف يليق بمسلم أن يصلي في بيته و هو صحيح آمن يتشبه بالنساء و بالمرضى و بالمنافقين لا يليق بالمسلم و هو صحيح معافى أن يصلي في بيته و يترك صلاة الجماعة و النبي ﷺ لم يرخص حتى في الحرب في القتال أن تترك الجماعة قال الله تعالى وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ  في الحرب يصلون و معهم سلاحهم و لا يتركون الجماعة فكيف يليق بمسلم أن يتهاون في صلاة الجماعة و هو صحيح آمن في بلده  .

( متن )

160 - عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ صَلاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ ، صَلاةَ الْخَوْفِ: أَنَّ طَائِفَةً صُفَّتْ مَعَهُ ، وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ ، فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً ، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِماً ، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ انْصَرَفُوا ، فَصُفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ ، وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى ، فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِساً ، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ .

الرَّجُلُ الذي صَلَّى مَعَ رسول اللَّه ﷺ هو سَهْل بن أبي حَثْمَة .

( شرح )

هذا الحديث فيه بيان صفة من صفات صلاة الخوف صفة ثانية و كيفية ثانية لأن غزوات النبي ﷺ متعددة و النبي ﷺ صلى صلاة الخوف في حالات و أماكن متعددة.

فجاءت صلاة الخوف على أنواع:

النوع الأول سبق و هذه الصفة الثانية من صلاة الخوف و هي كانت في غزوة ذات الرقاع سميت بذلك لأن الأرض التي نزلوا بها كانت ذات ألوان تشبه الرقاع و قيل لأن أقدامهم نقبت فلفوا على أرجلهم الخرق و قيل لأن الراية تقطعت فرقعوها لكن المشهور أن أرجلهم نقبت من الحجارة و ليس معهم حذاء فلفوا على أرجلهم الخرق فسميت غزوة ذات الرقاع و هذه الكيفية أن النبي ﷺ جعل الجيش طائفتين الطائفة الأولى صف بهم صفت مع النبي ﷺ و طائفة وقفت وجاه العدو طائفة وقفت وجاه العدو و طائفة صلى بهم النبي ﷺ صلى بهم ركعة ثم ثبت قائما فأتموا لأنفسهم ركعة و أتموا و انصرفوا ثم انصرفوا فصفوا وجاء العدو و جاءت طائفة الأخرى و صلى بهم الركعة التي بقيت له من صلاته ثم ثبت جالسا و أتموا لأنفسهم الركعة الثانية ثم سلم بهم.

هذه الكيفية الثانية تختلف عن الكيفية الأولى ، الكيفية الأولى قامت طائفة صلى بهم ركعة ثم ذهبوا ثم جاءت الأخرى صلى بهم ثم ذهبوا أما هذه الكيفية صلى بالطائفة الأولى ركعة ثم ثبت قائما فأتموا لأنفسهم و هم في مكانهم أتوا بالركعة ثم سلموا و انصرفوا ثم أتت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا فقاموا فأتموا لأنفسهم الركعة ثم سلم بهم.

و هذا يدل على عظم شأن الصلاة و أهميتها و أهمية صلاة الجماعة و أنها لا تسقط حتى في الخوف .

( متن )

161 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنهما قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ صَلاةَ الْخَوْفِ فَصَفَفْنَا صَفَّيْنِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالْعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ، وَكَبَّرَ النَّبِيُّ ﷺ وَكَبَّرْنَا جَمِيعاً ، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنَا جَمِيعاً ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعاً ، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ ، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ ﷺ السُّجُودَ ، وَقَامَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ: انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ ، وَقَامُوا ، ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ ، وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ ، ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ ﷺ وَرَكَعْنَا جَمِيعاً ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعاً ، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ ، وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ - الَّذِي كَانَ مُؤَخَّرًا فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى - فَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ ﷺ السُّجُودَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ: انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ ، فَسَجَدُوا ثُمَّ سَلَّمَ ﷺ وَسَلَّمْنَا جَمِيعاً ، قَالَ جَابِرٌ: كَمَا يَصْنَعُ حَرَسُكُمْ هَؤُلاءِ بِأُمَرَائِهِمْ .
وَذَكَرَهُ مُسْلِمٌ بِتَمَامِهِ. وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ طَرَفاً مِنْهُ: وَأَنَّهُ صَلَّى صَلاةَ الْخَوْفِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْغَزْوَةِ السَّابِعَةِ ، غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ .

( شرح )

و هذا الحديث حديث جابر فيه كيفية ثالثة في صلاة الخوف و صفة ثالثة قال جابر " شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّه ﷺ صَلاةَ الْخَوْفِ فَصَفَفْنَا صَفَّيْنِ، صَفٌّ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالْعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ " هذه الكيفية العدو جهة القبلة و هناك كيفية أخرى إذا كان العدو في غير جهة القبلة يصلون لغير جهة القبلة يصلون جهة العدو هنا العدو جهة القبلة صفهم النبي ﷺ صفين جعل الجيش صفين فكبر النبي ﷺ تكبيرة الإحرام و كبر و كبر معه الصف الأول و الصف الثاني كبر و كبروا معه ثم ركع و ركعنا جميعا ركع الصف الأول و الصف الثاني ثم رفع رأسه من الركوع و رفعنا جميعا الصف الأول و الثاني ثم انحدر بالسجود و الصف الذي يليه و بقي الصف المؤخر يحرس ثم انحدر للسجود و الصف الذي يليه و بقي الصف المؤخر يحرس لأنه لو انحدر لو سجدوا لهجم عليهم العدو ، العدو يتحين الفرصة فلما انحدر بالسجود و الصف الذي يليه و بقي الصف المؤخر في نحر العدو فلما قضى النبي ﷺ السجود السجدة الأولى و السجدة الثانية و قام الصف الأول الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود انحدروا لما قاموا و انتهت الركعة و قاموا انحدر الصف المؤخر بالسجود و قاموا ثم لما قاموا حصل تقدم و تأخر تقدم الصف الثاني و تأخر الصف الأول فصار الصف الثاني هو الصف الأول و الصف الأول هو الصف الثاني هذه الركعة الثانية ثم أقام بهم النبي ﷺ ركعة ثم ركع النبي ﷺ و ركعوا معه جميعا الصف الأول و الصف الثاني ثم رفع رأسه من الركوع و رفعوا جميعا الصف الأول و الصف الثاني ثم انحدر بالسجود و الصف الذي يليه كان مؤخرا في الركعة الأولى و قام الصف المؤخر يحرس في نحر العدو فلما قضى النبي ﷺ السجود و الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا ثم تشهدوا ثم سلم النبي ﷺ و سلمنا جميعا سلم بهم جميعا.

قال جابر " كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائكم " يعني في الركعة الأولى الصف الثاني هو الذي يحرس و في الركعة الثانية الصف الأول هو الذي يحرس جابر يقول " كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائكم " كما أن الحرس يحرسون الأمراء فكذلك في صلاة الخوف يحرس بعضنا بعضا مرة يحرس الصف الأول و مرة يحرس الصف الثاني.

و هذا كله يدل على عظم شأن الصلاة و أهمية صلاة الجماعة و أنها لا تسقط حتى مع الخوف.

هناك كيفيات أخرى لصلاة الخوف لم يذكرها المؤلف رحمه الله وردت في أحاديث أخرى و في بعضها أن النبي ﷺ يصلي جهة العدو و لو لم تكن جهة الأخرى و في بعض صلاة الخوف أنه قسمهم قسمين و صلى بكل طائفة ركعتين و سلم بهم ثم انصرفوا ثم جاءت الطائفة الأخرى و صلى بهم ركعتين ثم انصرفوا و الركعتين الأوليتين للنبي ﷺ فريضة و الثانية نافلة.

و فيه من الفوائد جواز صلاة المفترض خلف المتنفل لأن الطائفة الثانية يصلون فريضتهم و النبي ﷺ يصليها نافلة دل على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل، فصلاة الخوف أنواع متعددة كما قال الإمام أحمد " صحت صلاة الخوف عن النبي ﷺ في ستة أوجه أو سبعة أوجه كلها جائزة " يختار الإمام المناسب له و المناسب لحاله .

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد