شعار الموقع

شرح كتاب الصيام من عمدة الأحكام_2 باب الصوم في السفر وغيره

00:00
00:00
تحميل
135

 المتن :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين .

قال الحافظ أبو محمد عبد الغني المقدسي.
 

بابُ الصومِ في السَّفرِ وغيرهِ

191 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ - وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ - فَقَالَ: إنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ.

الشيخ :

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :

فهذا الباب في حكم الصيام في السفر ، ذكر المؤلف رحمه الله في حديث عائشة رضي الله عنها في شأن حمزة بن عمر الاسلمي أنه قال للنبي ﷺ أصوم في السفر ؟ وكان كثير الصيام قال النبي ﷺ : إنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ.

وهذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه وفيه أن النبي ﷺ خير حمزة بن عمر الاسلمي في بين الصيام وبين الفطر في السفر والله تعالى بين ذلك في كتابة العظيم قال شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.

فالمريض والمسافر لكل منهما الفطر ويقضيان بعد  الشفاء من المرض وبعد القدوم من السفر فالمسافر مخير بين الصيام وبين السفر وكان النبي ﷺ يصوم كثيرا في الأسفار كان الصحابة كما سيأتي في الحديث الذي بعده منهم الصائم ومنهم مفطر فلا يعيب  الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.

واختلف العلماء أيهما أفضل الفطر أو الصوم للمسافر ، هناك قول لطائفة قليلة أنه لا يجوز الفطر أنه لا يجوز الصوم في السفر لكنه قول مرجوح والمسألة فيها تفصيل وهذا التفصيل مأخوذ من الجمع بين الأحاديث فإن كان الصوم يشق على المسافر فإنه يكره في حقه الصوم ويتأكد في حقه الفطر لما ثبت في الحديث أن النبي ﷺ قد رأى رجلا قد ظلل عليه في السفر فقال : ما  هذا ؟ قال رجلٌ صائم فقال لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّيَامُ فِي السَّفَرِ. هذا إذا كان الصيام يشق عليه فإنه يتأكد في حقه الفطر ويكره في حقه الصيام ، أما إذا كان الصيام لا يشق عليه إذا كان الوقت بارد أو عنده مثلا وسائل كما هو موجود في العصر الحاضر وسائل السفر مريحة ولا يجد مشقة فهو مخير بين الصيام وبين الفطر.

واختلف العلماء أيهما أفضل فمن العلماء من قال إن الفطر أفضل من الصيام لأن فيه أخذا برخصة الله وقد قال عليه الصلاة والسلام : عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ فَاقْبَلُوهَا.

وذهب آخرون من أهل العلم إلى إن الصوم أفضل قالوا  لأنه فعل الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصوم في السفر ولأنه أسرع في براءة الذمة.

وقال طائفة ثالثة من أهل العلم الصيام والفطر على حد سواء لا يفضل أحدهما على الآخر وعلى كل حال هذا يرجع إلى يرجع إلى الشخص إلى الإنسان نفسه فإن كان الإنسان يرى  أن الصيام أولى به وأنه إذا ، وأرفق به وأنه إذا أخر يكون دينا عليه  ويشق عليه  فأولى أن يصوم وإن كان يجد راحة في الفطر و يرى أن الفطر أولى به ولا يشق عليه في المستقبل ولا يجد حرجا فالفطر أفضل.

المتن :

192 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  قَالَ: كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ.

الشيخ :

وهذا الحديث ، حديث أنس كالحديث السابق فيه جواز الفطر والصوم في السفر على حد سواء.

قال : كنا نسافر مع رسول الله ﷺ فلم يعب الصائم على المفطر ، ولا المفطر على الصائم وهذا محمول إذا كان لم يكن هناك مشقة أما إذا كان هناك مشقة في الصيام فالفطر أفضل والصيام مكروه في الحديث السابق لما جاء في حديث آخر : أن النبي ﷺ قال : لما رأى رجلا ظلل عليه قال : ما هذا ؟ قالوا : رجل صائم ، قال : لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّيَامُ فِي السَّفَرِ.

 المتن :

193 - عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فِي حَرٍّ شَدِيدٍ ، حَتَّى إنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ. وَمَا فِينَا صَائِمٌ إلاَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ .

الشيخ :

 وهذا الحديث صريح في جواز الصيام للمسافر وفي الرد على من أنكر الصيام للمسافر هناك طائفة قليلة من أهل العلم يرن أن المسافر ليس له أن يصوم قالوا لو صام لا يجزئه هذا قول مرجوح قول ضعيف ترده الأحاديث الصحيحة كهذا الحديث أن النبي ﷺ كان يصوم في اليوم الشديد الحر كان يصوم وعبد الله بن رواحه كان يصوم وبقية الصحابة مفطرون والنبي ﷺ يقرهم على ذلك فدل على التخيير أن المسلم مخير بين الصيام وبين الفطر إذا سافر في شهر رمضان وكذلك صيام النفل والتطوع إن أحب أن يصوم وإن أحب أن يفطر فالأمر في هذا واسع.

المتن :

194 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَاماً وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: صَائِمٌ. قَالَ: لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ.

 الشيخ :

 وهذا الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم رحمهما الله وأن النبي ﷺ كان في سفر زحاما ووجد رجلا قد ظلل عليه ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : صائم ، قال لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّيَامُ فِي السَّفَرِ.

وهذا واضح في أن في كراهة الصوم للمسافر إذا كان يشق عليه لأن هذا الرجل ظلل عليه ، سقط من شدة الشمس والحر فسأل ، ظلل عليه ما سبب ذلك فقالوا : إنه صائم  فقال : لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّيَامُ فِي السَّفَرِ. يعني إنه يصل به إلى هذه الحالة يعني يشق عليه.

وفي لفظ لمسلم عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ. قوله رأى زحاما ، يعني رأوهم  مزدحمين ومعنى ظلل عليه يعني  جعل عليه شيء يظله من الشمس ظله من الشمس  فيما حصل من شدة العطش وحرارة الصوم وليس من البر يعني ليس من الطاعة والعمل الصالح الصوم في السفر.

وفيه الإنكار على من ترك الأخذ بالرخصة إذا كان يشق عليه.

 المتن :

195 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي السَّفَرِ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فِي يَوْمٍ حَارٍّ، وَأَكْثَرُنَا ظِلاً صَاحِبُ الْكِسَاءِ، وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ، قَالَ: فَسَقَطَ الصُّوَّامُ ، وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ فَضَرَبُوا الأَبْنِيَةَ، وَسَقَوْا الرِّكَابَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ.

 الشيخ :

 وهذا الحديث فيه استحباب الفطر للصائم إذا كان يشق عليه ، ويمنعه من خدمة إخوانه والقيام بمساعدة إخوانه في السفر ، فإذا كان الصيام يمنع الإنسان من مساعدة إخوانه ويجعله كلا عليهم فإنه الفطر في هذه الحالة أفضل لأن المفطر يستطيع أن يخدم إخوانه ويقوم بأعمال لا يقوم بها الصائم وهذا نفع متعدي بخلاف الصائم فإن صومه نفع خاص به ، خاص به والقاعدة أن النفع المتعدي أفضل من النفع القاصر فالذي صام نفعه قاصرٌ على نفسه والمفطرون نفعوا إخوانهم كانوا في سفر كانوا مع النبي ﷺ في سفر فمنهم الصائم ومنهم المفطرون فالصوام جلسوا صوام جلسوا متعبين لا يستطيعون يعملون وذلك نزلوا منزلا في يوم حار قال : وأكثرنا ظلا صاحب الكساء ، فسقط الصوام ما استطاعوا يوم حار وشديد وهم صائمون وأما المفطرون فإنهم قاموا فضربوا الأبنية يعني الخيام وسقوا الركاب الأبل  ، فقال النبي ﷺ : ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ.

وهذا كالحديث السابق يدل على أن الصيام إذا كان يشق على الإنسان فإنه يكره في حقه الصيام وكذلك إذا كان يمنعه من القيام بالعمل المتعدي والنفع المتعدي وخدمة إخوانه فإن الفطر في حقه أفضل ، إذا كان الإنسان يعمل أعمال يقوم بمشاريع خيرية أو بأعمال أو بالدعوة إلى الله أو بالأمر بالمعروف أو بالنهي عن المنكر وإذا صام شق عليه فنقول الفطر في حقه أفضل ، يقوم بالدعوة إلى الله والتعليم ويقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو بالشفاعة والتوجيه ونفع الناس سواء كان في الحضر أو في السفر وكان الصيام يمنعه من الأعمال الخيرية فإن الفطر في حقه أفضل ، نقول أفطر وأنت على خير أفطر وأعمل هذه الأعمال  الخير أعمل أعمال خيرية قم بالدعوة إلى الله قم بالعمل بالمؤسسات الخيرية والمشاريع الخيرية والأعمال الصالحة التي نفعها متعد وهذا أفضل لك من أن تصوم وتترك هذه الأعمال ولهذا لما سقط الصوام وقام المفطرون وضربوا الخيام لإخوانهم وسقوا الإبل فقال النبي ﷺ ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ.

وهذا فيه تنبيه على عظم ثواب من أفطر في السفر ليقوم بخدمة أصحابه وغيرها من الأعمال التي نفعها متعد.

 المتن :

196 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إلاَّ فِي شَعْبَانَ .

الشيخ :

وهذا حديث عائشة في دليل على أن الإنسان إذا أفطر في رمضان لعذر كالسفر والمرض والمرأة تفطر بالحيض والنفاس فإنه يجوز له أن يؤخر القضاء إلى رمضان الثاني ، كل هذا وقت للقضاء وقت موسع فإذا بقي على رمضان الثاني بقدر الأيام التي عليه تضيق في حقه ووجب عليه أن يقضيها ولا يؤخرها إلى رمضان الثاني.

ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها ، قالت : كان يكون علي الصوم من رمضان فتؤخره إلى شعبان قالت فما أقضيه إلا في شعبان  لما كان الرسول ﷺ مني لقيامها بشؤون النبي ﷺ فدل على أنه يجوز للإنسان أن يؤخر القضاء إلى رمضان الثاني فإذا كان عليه خمسة أيام يجوز له أن يؤخر إلى خمس وعشرين من شعبان فإذا جاء خمس وعشرين من شعبان يجب عليه أن يصوم خمسة أيام وليس له أن يؤخرها إلى رمضان وهكذا ، يتضيق في حقه إذا كان عليه عشرة أيام من رمضان يجوز أن يؤخرها إلى عشرين من شعبان إذا بقي عشرة أيام يجب عليه أن يصوم.

وهكذا كذلك النفساء إذا كان عليها أربعين يوم يجوز أن تؤخر إلى عشرين من رجب أربعين يوم مثلا ، أو عليها شهر أو عشرين يوم أو عشرة أيام بقدر الأيام التي عليها لكن الأفضل ، لكن الأفضل المبادرة ، المبادرة  كون الإنسان يبادر ليقضيه في شوال أو في ذي القعدة أو في ذي الحجة يبادر بقضاء ما عليه من الأيام ، من أيام رمضان فإنها هذا هو الأولى لأن هذا أسرع في براءة الذمة لكنه يجوز له أن يؤخرها إلى  شعبان.

المتن :

197 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ «هَذَا فِي النَّذْرِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ» .

الشيخ :

لعلنا نقف على هذا إن شاء الله وفق الله الجميع لطاعته وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد