شعار الموقع

شرح كتاب الصيام من عمدة الأحكام_5 بابُ ليلةِ القَدرِ

00:00
00:00
تحميل
129

المتن :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين على نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين .

قال الحافظ أبو محمد عبد الغني المقدسي –رحمنا الله وإياه-

بابُ ليلةِ القَدرِ

211 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ

الشيخ :

 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين

قال المؤلف رحمه الله تعالى : باب ليلة القدر ، يعني باب ما ورد في ليلة القدر من الآثار والأحاديث والفضل.

 وهذه الأحاديث التي يسوقها المؤلف رحمه الله كلها في الصحيحين  أو في أحدهما  لأن بعض الإخوان بعض السامعين قال إنه لا نتكلم عن الأحاديث ، هذه الأحاديث لم نتكلم عن الأحاديث هذه الأحاديث اتفق عليها الشيخان أغلبها اتفق عليها الشيخان وبعضها  انفرد به أحدهما والحديث إذا رواه البخاري ومسلم أو رواه  أحدهما فقد تجاوز القنطرة كما قال أهل العلم ، إنما الحديث الذي يبحث في سنده ما كان في السنن أو في المسانيد أو في الجوامع والأجزاء أما ما في الصحيحين أو في أحدهما فإنه تجاوز القنطرة لأن العلماء تلقوا أحاديثهما بالقبول فيه تفيد العلم عند جمع من أهل العلم تفيد العلم اليقيني .

هذا الحديث هو حديث عبد الله بن عمر يقول : أن رجالا من أصحاب النبي ﷺ أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر ،فقال رسول الله ﷺ : أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ

هذا الحديث فيه دليل على أن السبع الأواخر من رمضان أرجى لليلة القدر من غيرها ، وسيأتي حديث عائشة أن النبي ﷺ قال : تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ. وفي الحديث الأخر تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ.

 فهذه الأحاديث تدل على أن ليلة القدر مختصة بالعشر الأواخر ، حديث عائشة تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ. وفي الحديث الأخر تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ.

وهذا الحديث حديث ابن عمر أن النبي ﷺ قال : أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ.

وليلة القدر اختلف العلماء فيها هل هي باقية أو رفعت قال بعض العلماء إنها رفعت ولكن هذا قول ضعيف لا وجه له ، والصواب أنها باقية لم ترفع.

وقال آخرون من أهل أنه لا يدرى في أي ليلة في السنة هي في السنة لكن لا يدرى في أي ليلة وهذا قول أيضا ضعيف مرجوح.

والقول الثالث أنها باقية وأنها مختصة في شهر رمضان ولا يدرى في أي ليلة من شهر رمضان وأيضا هذا قول مرجوح.

والقول الرابع أنها مختصة في العشر الأواخر من رمضان وهذا هو الصواب أنها موجودة وأنها باقية وأنها في رمضان وأنها في العشر الأواخر من رمضان.

واختلف العلماء في أي ليلة تكون وليس هناك دليل واضح أو صريح يدل على تخصيصها في أي ليلة بل هي في العشر الأواخر مختصة بالعشر الأواخر ، أخفاها الله ولم يعينها حتى يجتهد العباد ، في طلبها وحتى يجتهدوا في العبادة  في الصلاة والقراءة والدعاء والذكر والصدقة والإحسان في هذه الليالي العشر حتى تكثر أعمالهم الصالحة ويكثر ثوابهم كما أنه أخفى ساعة الجمعة ساعة الجمعة فيها ساعة الاستجابة يوم الجمعة أخفاها الله حتى يجتهد العبد يوم الجمعة  في العبادة والدعاء كما أنه أخفى ساعة الاستجابة في الليل هناك ساعة استجابة في كل ليلة حتى يجتهد العباد ، فكذلك ليلة القدر أخفاها الله في العشر الأواخر حتى يجتهد العباد فهي في العشر الأواخر قد تكون في الأشفاع وقد تكون في الأوتار هذا هو الصواب.

 والصواب أنها متنقلة وليست ثابتة في ليلة معينة بل هي متنقلة قد تكون في بعض الليالي في بعض السنين في ليلة إحدى وعشرين وقد تكون في بعض السنين ليلة ثلاث وعشرين وقد تكون في بعض السنين ليلة خمس وعشرين وقد تكون في بعض السنين ليلة سبع وعشرين وقد تكون أيضا في بعض السنين ليلة تسع وعشرين وقد تكون في الأوتار وقد تكون في الأشفاع، ولكن  الوتر ليالي الوتر أرجى من غيرها ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وليلة خمس وعشرين وليلة سبع وعشرين وليلة تسع وعشرين أرجى من غيرها والسبع الأواخر أرجى من غيرها كما في هذا الحديث لقول النبي ﷺ : أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ. وأول السبع الأواخر ليلة ثلاث وعشرين أول السبع الأواخر ليلة أربع وعشرين لأن الأصل أن الشهر يتم  فتكون أول السبع الأواخر ليلة أربع وعشرين وإذا كان الشهر إذا لم يتم الشهر تكون أول السبع الأواخر ثلاث وعشرين لكن الأصل أن الشهر أن الشهر يكون ثلاثين هذا هو الأصل فلذلك تكون أول السبع الأواخر هو أربع وعشرين.

وسميت ليلة القدر سميت القدر لأنها ذات قدر وشرف عظيم عند الله وقيل لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ، من صحة ومرض وفقر وغناء وعز وذل وموت وحياة وسعادة وشقاوة وفقر وغناء فيقدر فيها في تلك السنة ، لأن ليلة القدر هي التقدير السنوي.

الله كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ في اللوح المحفوظ  هذا التقدير العام.

وهناك التقدير العمري على الشخص ، يقدر التقدير العمري إذا كان في بطن أمه ومضى عليه أربعة أشهر أرسل الله الملك فنفخ فيها الروح فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتبِ رِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَعَمَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ. هذا التقدير العمري.

 وهناك تقدير سنوي وهو تقدير في ليلة القدر.

 وهناك تقدير يومي كما في قوله سبحانه : كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ يخفض ويرفع ويعز ويذل ويحيي ويميت ويفقر ويغني

فهذا ليلة القدر سميت ليلة القدر لما فيها من تقدير من تقدير الأشياء ولأنها ليلة عظيمة القدر شريفة عند الله اختصها الله تعالى بإنزال القرآن الكريم فيها كما قال : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ نوّه الله تعالى في شأنها وعظمها وفخمها فقال : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ يعني القرآن فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ۝ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ يعني للتفخيم والتعظيم لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ خيرٌ من ألف شهر يعني العمل فيها  والعبادة والطاعة فيها خير تعدل عبادة ألف شهر وهي تعادل 83 سنة وأربعة أشهر وهذا فضلٌ عظيم لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ۝ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ۝ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ 

وقال :  بسم الله الرحمن الرحيم حم ۝ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ۝ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ وهي ليلة القدر يعني القرآن ، القرآن نزل في رمضان في ليلة القدر ابتداء نزوله في رمضان في ليلة القدر إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ ، حم ۝ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ۝ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ   وهي في الليلة المباركة وهي ليلة القدر فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ۝ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ۝ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

وثبت في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله إن علمت أي ليلة ،  ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي. فينبغي الإكثار من هذا الدعاء قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي.

 وقول النبي ﷺ : أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ يعني : توافقت ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا يعني : من كان طالبها وقاصدها فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ.

وفي هذا الحديث فضل ليلة القدر.

وفيه أن السبع الأواخر أرجى من غيرها لليلة القدر.

وفيه أن الرؤيا قد تكون سببا للتشريع كما في هذا الحديث وكما في حديث الطفيل أخي عائشة لأمها أنه رأى في المنام أنه مر على نفر من اليهود فقالوا له إنكم لأنتم القوم فقلت له إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون عزيرٌ ابن الله ، فقالوا له وأنتم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد قال ثم مر بنفر من النصارى فقال لهم إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله فقالوا له وأنتم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد فأخبر بها النبي ﷺ فقال النبي ﷺ : لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ، وَشَاءَ فُلَانٌ، وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَحدَهُ. كان هذه الرؤيا سببا للتشريع ، للتشريع وكذلك ، هذه الرؤيا قال النبي ﷺ : أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا يعني طالبها وملتمسها فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ.

 ففيه دليل على أن السبع الأواخر أرجى ليلة القدر من غيرها  لكن وليلة السبع وعشرين أرجى من غيرها أيضا فليلة القدر تكون في العشر مختصة في العشر الأواخر تكون في الأشفاع وتكون في الأوتار ولكن الأوتار أرجى من غيرها والسبع الأواخر أرجى من غيرها وليلة سبع وعشرين أرجى من غيرها ولكن لا يجزم فيها بليلة معينة.

 وسبق أن من علاماتها أنها تطلع الشمس صبيحتها لا شعاع لها مثل القمر ليس لها شعاع هذه العلامة الواضحة أما العلامات الأخرى التي ذكرت فهي علامات ضعيفة منها أنها ليلة القدر لا تنبح كلابها ولا تسري نجومها وأنها ليلة معتدلة ليست حارة ولا باردة هذه أقوال هذه علامات ضعيفة ليس عليها أدلة لكن العلامة الواضحة ما ثبت في صحيح مسلم أنها تطلع الشمس صبيحتها  ليس لها شعاع هذه العلامة الواضحة.

 المتن :

212 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ.

الشيخ :

 هذا  فيه دليل على أن الوتر من العشر الأواخر أرجى ليلة القدر من غيرها والوتر هي إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين فينبغي يعني أن يخصها  بمزيد من الاجتهاد لكن لا يجزم بليلة معينة  قد تكون في الأوتار وقد تكون في الأشفاع لكن الأوتار أرجى من الاشفاع.

المتن :

213 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ. فَاعْتَكَفَ عَاماً، حَتَّى إذَا كَانَتْ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ - وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنْ اعْتِكَافِهِ - قَالَ: مَنْ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ فَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا؛ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ، فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ، فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَعَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صُبْحِ إحْدَى وَعِشْرِينَ.

الشيخ :

 هذا الحديث  فيه دليل على أن ليلة القدر متنقلة وأنها في تلك السنة صارت في ليلة إحدى وعشرين في تلك السنة على عهد النبي ﷺ صارت ليلة إحدى وعشرين لأنه رأى أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين فوكف المسجد ليلة إحدى وعشرين  فانصرف النبي ﷺ من الصلاة وعلى جبهته أثر الماء والطين فدل على أن تلك السنة صارت ليلة القدر ليلة إحدى وعشرين دل على أنها متنقلة.

 وفيه هذا الحديث مشروعية الاعتكاف وأنه سنة مستحبة و مشروعية اعتكاف العشر الأواخر من رمضان وكان النبي ﷺ يخص العشر الأواخر من رمضان بمزيد من العبادة ما لا يفعله في العشرين الأول منها الاعتكاف، كان يخص العشر الأواخر بالاعتكاف وكان قد اعتكف في العشر الأوسط من رمضان طلبا لليلة القدر فاعتكف عاما يطلب ليلة القدر ثم أخبره الله أنها ليست في العشر الأول فاعتكف ليس في العشر الأوسط  فاعتكف عاما حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج  من صبيحتها من اعتكافه ، قال : مَنِ اعتَكَفَ مَعِي فَليَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرِ فالنبي ﷺ اعتكف في العشر الأوسط طلبا ليلة القدر ثم بين له أنها ليست في العشر الأوسط فاعتكف العشر الأواخر ولهذا قال النبي ﷺ للصحابة الذين اعتكفوا معه : مَنِ اعتَكَفَ مَعِي فَليَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرِ .

فَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا فيها دليل على أن النسيان جائز على الأنبياء النسيان جائز على الأنبياء لأنهم بشر الأنبياء بشر الرسل بشر أما الله فلا يجوز عليه النسيان لأنه إله لأنه الإله والإله لا يجوز عليه النسيان ولهذا قال الله تعالى أنه قال لموسى : لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى فالله لا ينسى لكن النبي ﷺ ينسى لأنه بشر وليس إله ، عليه الصلاة والسلام ولهذا قال : فَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا، فهذا فيه دليل على جواز السجود في الماء والطين والسجود على التراب.

 وفيه دليل على أن الإنسان إذا سجد على التراب لا ينبغي له أن يمسح جبهته إلا بعد السلام ولهذا النبي ﷺ سجد على الماء والطين وأقبل على الناس بوجهة وعلى جبهته أثر الماء والطين.

 وفيه أن الله تعالى أخفى ليلة القدر ولم يعينها بليلة معينة والحكمة حتى يجتهد العباد في العبادة يجتهدوا في العبادة طلبا لهذه الليلة في العشر الأواخر كلها حتى تكثر يكثر ثوابهم وأجرهم وعبادتهم .

وفي هذا الحديث مشروعية اعتكاف العشر الأواخر من رمضان ، والاعتكاف معناه في اللغة / لزوم الشيء . الاعتكاف في اللغة لزوم الشيء . وشرعا / هو لزوم المسجد لزوم المسجد بنية لطاعة الله .

واختلف العلماء في مدة الاعتكاف ما أقلها ، ذهب  جمهور العلماء إلى أن أقل الاعتكاف يوم ، يومٌ كامل ولا بد فيه من الصيام وعلى هذا فيكون أقل الاعتكاف يومٌ واحد يصوم فيه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس هذا أقل الاعتكاف  يوم ويجوز أن يعتكف يومين أو ثلاثة أو أربعة أو خمس أو عشر أو ما شاء الله ، لكن أقل الاعتكاف يومٌ وليلة يصوم فيه ، وقالوا أيضا لا بد أن يكون الاعتكاف في مسجد جامع يصلى فيه الجمعة حتى لا يحتاج الخروج إلى الجمعة.

والقول الثاني لأهل العلم أنه ليس هناك حدٌ محدد بل يجوز الاعتكاف ولو لم يشترط الصوم يجوز الاعتكاف ولو ساعة أو ساعتين فإذا دخل المسجد ونوى الاعتكاف ساعة أو ساعتين أو ثلاث أو أربع فلا بأس ذهب إلى هذا جمع من أهل العلم  قرره هذا النووي رحمه الله تعالى وجماعة.

واستدلوا بحديث عمر أنه قال للنبي ﷺ يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام فقال له النبي ﷺ : أَوفِ بِنَذرِكَ. فأوفى بنذره واعتكف ليلة والليل ما فيه صوم فدل على أنه لا يشترط الصوم وأنه وأن الاعتكاف يكون أقل من يوم والمعتكف يلزم طاعة الله ولا يخرج من المسجد إلا لحاجة الإنسان  إلا لما لا بد منه يخرج للبول والغائط و الوضوء والاغتسال يوم الجمعة وله الخروج للأكل والشرب إذا لم يكن هناك أحد ما يأتي له بأكله وشربه فإذا خرج لغير حاجة بطل الاعتكاف أو جامع في الاعتكاف جامع امرأته بطل الاعتكاف قال الله تعالى : وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ​​​​​​​ فالمعتكف يبطل اعتكافه بالجماع وكذلك إذا خرج من غير حاجة.

وهو سنة مستحب يجوز للإنسان أن يخرج أن يعتكف ثم يخرج إلا  إذا نذر إذا نذر وجب عليه الوفاء بنذره يكون واجب الاعتكاف بالنذر وأما بدون نذر فهو مستحب فإن أكمله فالحمد لله ، وإن قطعه فلا حرج.

 المتن :

بابُ الاعتكافِ

214 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ بَعْدَهُ.
وَفِي لَفْظٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ، فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ جَاءَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد