شعار الموقع

شرح كتاب الحج من عمدة الأحكام_4 بابُ التَّمتُّعِ

00:00
00:00
تحميل
112

(المتن)

بسم الله والحمد لله وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

قال الإمام عبد الغني المقدسي في كتابه العمدة:
 

بابُ التَّمتُّعِ

236 - عَنْ أَبِي جَمْرَةَ نَصْرِ بْنِ عِمْرَانَ الضُّبَعِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ الْمُتْعَةِ؟ فَأَمَرَنِي بِهَا، وَسَأَلَتْهُ عَنْ الْهَدْيِ؟ فَقَالَ: فِيهِ جَزُورٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ قَالَ: وَكَانَ نَاسٌ كَرِهُوهَا، فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ: كَأَنَّ إنْسَاناً يُنَادِي: حَجٌّ مَبْرُورٌ، وَمُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ، فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَحَدَّثَتْهُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ ﷺ .

(الشرح)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

 أما بعد..

فهذا الباب عقده المؤلف -رحمه الله- لبيان حكم التمتع، والتمتع هو أن يحرم للعمرة في أشهر الحج وهي شوال وذي القعدة وذي الحجة، عشر ذي الحجة ثم يفرغ منها بأن يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل ثم يحرم بالحج من عامه هذا هو التمتع.

وسمي متمتع لأن الذي أحرم بالعمرة وفرغ منها يترفه ويتمتع بما أحل الله له يجوز له أن يتطيب وأن يقص أظافره وأن يلبس المخيط وأن يقص شاربه إلا إذا أراد أن يضحي، ويجوز أيضاً.. وتحل له زوجته لو كانت معه.

فهذا الراوي أبو نصر سأل ابن عباس الصحابي الجليل عن المتعة فأمره بها فقال له: إنها سنة وكأن أناساً كرهوها، كرهوا المتعة للتمتع فقالوا يكره للإنسان أن يتمتع فنام، فنام أبو نصر فرأى في المنام كأن إنساناً قال له: حج مبرور ومتعة متقبلة فجاء فأخبر ابن عباس فسر بذلك وقال: الله أكبر سنة أبي القاسم ﷺ، أبو القاسم هو الرسول عليه الصلاة والسلام كنيته أبو القاسم.

وسأله عن الهدي ماهو؟ فقال الجزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم، شرك يعني يشترك سبعة في بدنة أو يشترك سبعة في بقرة.

وهذا الحديث فيه من الفوائد مشروعية المتعة بل واستحبابها بل أنها مستحبة، لأن النبي ﷺ أمر أصحابه الذين أحرموا بالحج مفردين أو قارنين أن يجعلوها عمرة دل على انها هي الأفضل.

وفيه أيضاً سرور العالم بما يوافق السنة حيث سرّ به والتكبير عند رؤية ما يسر، لأن ابن عباس كبر وقال الله أكبر.

وفيه أيضاً الاستئناس بالرؤيا من الفوائد، وعرض الرؤيا على العالم.

وفيه أن الهدي الذي يلزم المتمتع إما جزور يعني: بعير أو بقرة أو شاة أو شرك في دم، يعني: يشترك سبعة في بقرة.. يشترك سبعة في بدنة وسبعة في بقرة، وسيأتي أنه لا بد له من شروط، لابد أن يكون في الوقت المحدد وهو يوم العيد الهدي للتمتع والقران، وكذلك أيضاً لا بد أن يبلغ السن المعتبر من الإبل ما لها خمس سنين ومن البقر ما له سنتان ومن الضان ما له ستة أشهر ومن المعز ما له سنة ويكون سليم من العيوب والأمراض ألا تكون عوراء ولا عمياء ولا عجفاء ولا هزيلة لا مخ فيها ولا مقطوعة الأذن إلى غير ذلك.. ولا مريضة ولا عرجاء إلى غير ذلك من العيوب.. نعم..

(المتن)

237 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ. وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ ، فَكَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى؛ فَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ الْحُلَيْفَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِلنَّاسِ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَلْيُهْدِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْياً فَلْيَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ مِنْ السَّبْعِ وَمَشَى أَرْبَعَةً، وَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا وَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ النَّاسِ .

(الشرح)

وهذا الحديث حديث ابن عمر فيه بيان كيفية الحج للمحلين ولمن ساق الهدي.

وفيه أن النبي ﷺ ساق الهدي معه من المدينة ساق معه ثلاثة وستين من الإبل، وجاء علي من اليمن بسبعٍ وثلاثين وضمها إليها فصارت مائة بعير، وبعض الصحابة ساقوا الهدي.

ففيه مشروعة سوق الهدي وأنه يشرع للإنسان أن يسوق الهدي إلى مكة يهديها للحرم..لله، فتذبح لله إبل أو بقر أو غنم في الحج أو في العمرة أو بغير الحج و العمرة في أي وقت يرسلها وهو في بلده، هذا مشروع.. سنة، ولكن إذا ساق الهدي وكان حاجاً فإنه لا يتحلل من العمرة بل لا بد أن يكون قارناً يدخل الحج على العمرة ولا يتحلل حتى يذبح هديه ثم ويحلق رأسه يوم العيد.

وفي هذا الحديث بيان أن النبي ﷺ أهدى وساق معه من ذو الحليفة الهدي وكذلك بعض الصحابة، وبعض الصحابة لم يسوقوا الهدي، فلما وصلوا إلى مكة أمر النبي ﷺ.. وطاف.. أول شيء بدأ فيه أنه بدأ بالركن.

وفيه دليل على أن أول ما يبدأ الطائف بالركن الأسود يستلمه، والاستلام هو معناه مسحه.. أن يمسحه باليد اليمنى ويقبله بشفتيه إن أمكن، فإن لم يمكن مسحه بيده اليمنى وقبلها، فإن لم يمكن أشار إليه بعصا، استلمه بعصا كما كان النبي ﷺ يستلمه لما كان راكباً على البعير يستلمه بمحجن وهي عصا منحنية الرأس، فإن لم يكن أشار إليه بيده وكبر، فأول شيء.. وهذا كله سنة ليس بواجب لو ترك الاستلام وترك التقبيل وترك الإشارة وترك التكبير لا حرج هذه سنة، الطواف صحيح، المهم يطوف بالبيت سبعة أشواط.

فالنبي ﷺ أول شيء بدأ به استلم الركن الأسود، ثم خبّ ثلاثة أشواط، خب يعني أسرع، الخبب يعني الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى ويسمى الرمل، هذه سنة خاصة بأول طواف يقدم به مكة، سواء كان حج أو عمرة يخب ثلاثة أشواط يعني يسرع فيها ويمشي أربعاً.

وهناك سنة أخرى في هذا الطواف وهي الاضطباع، والاضطباع معناه كشف الكتف الأيمن، يكشف الكتف الأيمن يعني يجعل وسط الرداء تحت عاتقه الأيمن وطرفه على عاتقه الأيسر ويبقى مكشوف الكتف حتى ينهي الأشواط السبعة، فإذا أنهى الأشواط السبعة سوى الرداء على كتفيه قبل أن يصلي ركعتين خلف المقام.

وما يفعله بعض الحجاج من كونهم.. من كونه يكشف كتفه اليمنى في الطواف وفي السعي وفي منى وفي عرفة وفي مزدلفة هذا إضاعة للسنة.. تضييع للسنة، السنة في الطواف الأول فقط.

فالنبي ﷺ أول شيء بدأ به استلم الركن ثم خبّ ثلاثة أشواط ثم لما انتهى صلى ركعتين خلف المقام.

وفيه مشروعية صلاة ركعتين خلف المقام تقرأ فيهما في الأولى بعد الفاتحة قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ وفي الثانية بعد الفاتحة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إن تيسر، وإن لم يتيسر صلاها في أي مكان.. في أي مكان من الحرم.

ثم بعد ذلك سعى عليه الصلاة والسلام بين الصفا والمروة سبعة أشواط وسعى معه الصحابة.

والصحابة قسمان: قسم ساق الهدي، وقسم لم يسق الهدي، من لم يسق الهدي.. ليس معهم هدي أمرهم النبي ﷺ أن يحولوا إحرامهم عمرة.. يجعلوها عمرة فينوون الطواف الذي طافوه والسعي الذي سعوه للعمرة ويتحللون يقصرون ويتحللون، ثم يحرمون بالحج في اليوم الثامن.. ثم أحرموا بالحج في اليوم الثامن ولو كانوا نووه طواف القدوم لهم أن يغيروا النية ويجعلوها الطواف للعمرة والسعي للعمرة، وأما النبي ﷺ ومن لم يسق الهدي من الصحابة فإنهم طافوا طواف القدوم وسعوا سعي الحج وبقوا على إحرامهم إلى يوم العيد، بقوا على إحرامهم حتى جاء اليوم الثامن ذهبوا إلى منى ثم لما كان في يوم العيد رموا جمرة العقبة مع النبي ﷺ ثم ذبح هديه.. يعني نحر هديه ثم حلق رأسه ثم تحلل عليه الصلاة والسلام.

هذا كيفية الحج للمتمتعين وللقارنين، أما من لم يسق الهدي الأفضل في حقه أن يجعلها عمرة ومن ساق الهدي يبقى على إحرامه إلى يوم العيد..نعم..

(المتن)

238 - عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا مِنْ الْعُمْرَةِ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ فَقَالَ: إنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ.

(الشرح)

نعم هذا الحديث حديث حفصة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ أنها سألت النبي ﷺ قالت يارسول الله ما شأن الناس حلوا ولم تحلل أنت، يعني الناس حلوا بأمره ﷺ طافوا وسعوا وقصروا وتحللوا والرسول عليه الصلاة والسلام بقي على إحرامه، أشكل هذا على حفصة فسألت قالت يا رسول الله لماذا الناس حلوا وأنت لم تحلل، فقال الذين حلوا ما معهم هدي وأنا معي هدي لا أستطيع أن أحل مربوط الحل بالهدي لا بد من ذبح الهدي والهدي لا يذبح إلا يوم العيد.

فقال: لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي يعني معي هدي، تلبيد الرأس يعني أن يجعل فيه شيء في شعره.. يجعل في الرأس شيء من الصمغ يجمع الشعر حتى لا يتشعث.. حتى يدخل بعضه البعض حتى لا يتشعث والنبي ﷺ جعل في رأسه شيء من العسل حتى يمسك الشعر.

وَقَلَّدْتُ هَدْيِي الهدي الإبل التي ساقها من المدينة قلدها يعني جعل لها قلادة.. قلادة حتى تُعرف أنها مهداة إلى البيت.. قلادة من العهن من الصوف أو غيرها، فالرسول ﷺ قال: إنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ. حتى أنحر الهدي يوم العيد، فبين لها النبي ﷺ الفرق بين المحلين وبين الباقين على الإحرام، أن المحلين ما ساقوا الهدي استطاعوا أن يتحللوا طافوا وسعوا وقصروا، وأما الذين ساقوا الهدي لايستطيعون أن يتحللوا.. لا .. لا بد.. إحلالهم مرتبط بذبح الهدي، وذبح الهدي لا يكون إلا يوم العيد. والهدي الذي يهدى.. الذي يهديه الإنسان من بلده.. يسوقه من بلده إلى مكة هذا سنة مستحبة في الحج، في العمرة وهو سنة مستقلة إذ كان النبي ﷺ يبعث الهدي وهو في المدينة.. يبعث الهدي إلى المدينة يذبح بمكة ويبقى في المدينة ولكنه لا يكون محرماً في المدينة فهذا سنة، و إذا ساق الهدي ففيه سنة ثانية، الهدي فيه سنتان، الإبل فيه سنتان والبقر والغنم فيه سنة واحدة، البقر والغنم سنة واحدة أن تقلد تجعل فيها قلادة.. قلادة من العهن من الصوف حتى يُعرف بأنها مهداة إلى البيت من عرفها عرفها لا يتعرض لها والسنة الثانية الإشعار وهو خاص بالإبل، ومعنى الإشعار هو أن تأتي بالسكين وتشق سنام البعير حتى يخرج الدم ثم تسبته عن يمينه وعن شماله، وهذا وإن كان فيه نوع من تعذيب الحيوان لكنه شيء يسير مستثنى حتى يعلم الناس.. حتى يعلم من رأها أنها مهداة إلى البيت.. مهداة لله فلا يتعرض لها وإن عطب منها شيء وخشي أن يموت يذبحه في مكانه ويتركه للفقراء.. نعم..

(المتن)

239 - عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَمْ يَنْزِلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهَا، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ، قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ قَالَ الْبُخَارِيُّ " يُقَالُ: «إنَّهُ عُمَرُ» .
وَلِمُسْلِمٍ نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ - يَعْنِي مُتْعَةَ الْحَجِّ - وَأَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعَةِ الْحَجِّ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى مَاتَ. وَلَهُمَا بِمَعْنَاهُ.

(الشرح)

نعم يعني البخاري ومسلم، فهذا الحديث حديث عمران بن حصين فيه بيان مشروعية المتعة وأنها لم تنسخ وأنها باقية وأنها مستحبة.. باقية في حق الصحابة وفي حق غيرهم وليست خاصة بالصحابة والمراد بالمتعة متعة الحج وهي أن يحرم بالعمرة من أشهر الحج ثم يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل، ثم يحرم للحج في اليوم الثامن، هذه المتعة قد نزلت آية المتعة يشير إلى قوله تعالى فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ نزلت آية المتعة ولم ينزل قرآن يحرمها.

وفي الحديث الآخر- لم ينه رسول الله ﷺ عنها حتى مات.

وفي لفظ مسلم أنها نزلت آية المتعة وفعلناها مع النبي ﷺ ولم ينزل قرآناً يحرمها حتى مات النبي ﷺ.

ولهما يعني البخاري ومسلم بمعناه.

وفي رواية أخرى قال: قال رجل برأيه ما شاء المراد بهذا الرجل هو عمر بن الخطاب .

وذلك أن عمر كان ينهى الناس عن المتعة ويأمرهم بالإفراد اجتهاداً منه، بل حتى الصديق قبله.. أبو بكر الصديق وعمر وعثمان.. الخلفاء الثلاثة كانوا يأمرون الناس بالإفراد.. بإفراد الحج وينهونهم عن المتعة حتى يأتوا بالعمرة في وقت آخر اجتهاداً منهم فلا يزال هذا البيت يحج ويعتمر، فعمر اجتهد وأبو بكر اجتهد وعمر وعثمان جميعا، وقالوا للناس لا تتمتعوا لأنكم إذا تمتعتم حج وعمرة جئتم مرة واحدة، لا اجعلوا الحج في سفرة والعمرة في سفرة حتى لا يزال هذا البيت يحج ويعتمر، اجتهاد من الخلفاء الثلاثة، ولا يحرمون المتعة لكنهم اجتهدوا.

والنبي ﷺ أمر الناس بالمتعة وحتم على الناس وألزمهم وأمرهم بالتحلل إلا من ساق الهدي، والسبب في ذلك ليزيل النبي ﷺ اعتقاد أهل الجاهلية، ما هو اعتقاد أهل الجاهلية؟ كان أهل الجاهلية يعتقدون أن العمرة في أشهر الحج حرام بل من أفجر الفجور العمرة في أشهر الحج ويقولون إن أشهر الحج خاصة بالحج لا في عمرة.... أشهر الحج ما هي؟ شوال وذو القعدة وذو الحجة ومحرم وهذه الأشهر لا يوجد فيها عمرة، العمرة تأتي من صفر، هكذا أهل الجاهلية يقولون أشهر الحج خاصة بالحج والعمرة لا تصح فيها بل إنها من أفجر الفجور يعتبرونها.. يعتبر أهل الجاهلية أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور ويقولون: إذا عفا الأثر وبرأ الدبر وانسلخ شهر صفر حلت العمرة لمن اعتمر.. إذا عفا الأثر يعني البعير الإبل تمشي كان الناس يحجون على الأبل شهر ذهاب وشهر إياب في شهر شوال يمشون من شهر شوال وبعضهم من أول ذو القعدة ويرجعون لا يرجعون إلا في محرم في نهاية محرم، فإذا جاء شهر صفر عفا الأثر زال أثر البعير وبرأ الدبر، الدبر الجروح التي في ظهر البعير، لما تأتي مسافات طويلة يصير فيها جروح صاحبها يداويها فإذا برأت من الجروح وسلمت وانتهى شهر صفر حلت العمرة لمن اعتمر.

فالنبي ﷺ خالفهم وأمر الصحابة أن يتمتعوا، الصحابة لما أحرموا من ذو الحليفة بماذا أحرموا؟ أحرموا بالحج بعضهم بالحج مفردين وسموا الحج فقال: لهم النبي ﷺ اجْعَلُوهَا عُمْرَةً، قالوا يارسول الله سمينا الحج، قال اجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فلما طافوا وسعوا قال تحللوا قالوا: يا رسول الله كيف نتحلل؟ أي حلٍ هذا لأنه كان مستقر أنهم في الجاهلية كيف نتحلل يا رسول الله متى نحرم بالحج؟ قال: تَحَلَّلُوا وَتَحَرَّمُوا بِالحَجِّ، قالوا: يا رسول الله كيف نحرم بالحج ونتحلل ويحل لنا كل شيء ونجامع النساء ويذهب أحدنا ثم نحرم بالحج، يذهب أحدنا إلى منى و ذكره يقطر منياً يعني قريب العهد بالنساء، فقال لهم رسول الله افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ، فَلَوْلاَ أَنِّي سُقْتُ الهَدْيَ لَأَحلَلتُ مَعَكُم، وحتّم عليهم وألزمهم بأن يتحللوا إلا من ساق الهدي حتى يزيل اعتقاد الجاهلية.. اعتقاد الجاهلية أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فالنبي ﷺ أمرهم بذلك.

وابن عباس.. الذي سأل ابن عباس عن المتعة وقال أمره بها فلما رأى بالنوم قال متعة متقبلة قال الله أكبر سنة أبا القاسم ﷺ.

فلما بعد ذلك استقر في السنة.. عُرفت السنة بعد ذلك اجتهد الخلفاء الثلاثة.. الصديق وعمر وعثمان اجتهدوا فقالوا للناس أحرموا بالحج في أشهر الحج والعمر في وقت آخر، وأما اعتقاد الجاهلية زال الآن الحمد لله عرف الناس السنة وزال اعتقاد الجاهلية، فاجتهد الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان ..أبو بكر في زمانه وعمر في زمانه وعثمان في زمانه.. كلهم يأمر الناس بأي شيء؟ بالإفراد اجتهاداً منهم، وبقي بعض الصحابة يأمر الناس بالمتعة منهم عمران بن حصين.. عمران بن حصين قال: المتعة فعلناها مع رسول الله ﷺ ونزل فيها القرآن ولم يحرمها النبي ﷺ قال رجل برأيه ما شاء يعني عمر.. قال رجل برأيه ما شاء يعني أنه اجتهد يعني باجتهاده.

وكذلك علي وعثمان حصل بينهما مناظرة.. مناظرة.. قال عثمان لعلي الإفراد فقال علي ما تريد بشيء أمر به رسول الله ﷺ إلا أن تنهى عنه فلما رأى علي إلا أن يوافقه لبى بهما يعني لبى بالعمرة والحج، كان عمران بن حصين وكذلك أيضاً علي بن أبي طالب وابن عباس وأبو موسى الأشعري وجماعة يأمرون الناس بالمتعة، ولما كان أبو موسى يأمر الناس بالمتعة قيل له يا أبا موسى اتئد هذا الخليفة عمر بن الخطاب يأمر الناس بالإفراد، فقال يا أيها الناس اتئدوا فإن عمروا بن الخطاب  قادم إليكم فاقتدوا به  كلهم محافظة على الإئتلاف.

وابن عباس كان يسدد، ابن عباس رضي الله عنهما كان يأمر الناس بالمتعة ويقول: كل من طاف بالبيت وسعى تحلل شاء أم أبى، ابن عباس يوجب المتعة، يرى أن المتعة واجبة حتى إنه ناظر بعض الناس، وناظر بعض الناس ابن عباس، فقيل لابن عباس أتجبر الناس على المتعة وأبو بكر وعمر يأمرون الناس بالإفراد، قال سبحان الله أنا آمركم أخبركم بسنة الرسول ﷺ وتخبروني بأبو بكر وعمر يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر.

 فإذا كان الذي يعدل عن السنة إلى قوله يوشك أن تنزل عليه حجارة من السماء فكيف بالذي يأخذ برأي غير رأي الخليفتين، وكذلك عمران بن حصين وغيره.

فالصواب.. الصواب مع من؟ الصواب مع المتعة وأما الخلفاء الثلاثة فهم اجتهدوا ولهم اجتهادهم ولهم أجرهم ولكن الصواب بأن المتعة أفضل وهي التي أمر بها النبي ﷺ، والصواب مع ابن عباس وعمران بن حصين.

وكان أيضاً. المتعة هل هي واجبة أم مستحبة؟ فيه خلاف.. بعض العلماء يرى أنها واجبة، وهو روي عن الإمام أحمد وقول ابن عباس واختاره ابن القيم في زاد المعاد، وكان شيخ الإسلام يرى.. الشيخ ابن تيمية يرى أنها واجبة على الصحابة وأما غيرهم فهي مستحبة في حقهم.

وجمهور العلماء يرون أنها ليست واجبة أنها مستحبة وأنها باقية.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد