(المتن)
بسم الله والحمد لله وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
قال الإمام عبد الغني المقدسي – رحمه الله تعالى- في كتاب العمدة:
بابُ الهَدْي
240 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: فَتَلْتُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ أَشْعَرْتُهَا وَقَلَّدَهَا - أَوْ قَلَّدْتُهَا - ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلاًّ.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أما بعد..
فهذا المؤلف عقده المؤلف -رحمه الله- لبيان حكم الهدي قال باب الهدي.
والهدي ما يهدى من بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم.. ما يهدى إلى البيت ليذبح لله في مكة، هذه سنة مستقلة.
يعني يسن للإنسان أن يهدي إلى البيت إبلاً أو بقراً أو غنماً لتذبح لله في مكة سواء كان حاجاً أو معتمراً أو غير حاجٍ أو معتمرٍ، يجوز للإنسان إذا حج أن يسوق معه إبل من بلده أو يشتريها من الطريق أو حتى قبيل وصوله مكة أو حتى يسوقها من عرفة من خارج الحرم، وكذلك إذا اعتمر يجوز له أن سوق معه إبل أو بقر أو غنم تذبح في مكة، واحدة أو اثنتين أو ثلاث أو عشر أو مائة، وكذلك يجوز للإنسان وهو في بلده أن يرسل هدي للحرم تذبح لله، يرسل مثلاً إبل أو بقر أو غنم مع واحد.. مع وكيل يسوقها حتى يوصلها إلى مكة ثم تذبح وتوزع على الفقراء.
والنبي ﷺ لما حج حجة الوداع ساق معه مائة بعير.. مائة من الإبل، ساق معه ثلاثة وستين من الإبل وجاء علي من اليمن بسبع وثلاثين فكملت مائة، وإذا ساق الحاج الهدي معه فإنه لا تحلل حتى يذبح هديه.
ولا يمكن أن يكون متمتعا بل يكون قارن.. يكون قارنا يدخل الحج على العمرة ويكون قارن ولا يتحلل حتى يذبح هديه يوم العيد، ولهذا فإن النبي ﷺ لما ساق الإبل معه أحرم بالحج والعمرة قارناً ثم طاف طواف القدوم وسعى سعي الحج و بقي على إحرامه لأنه قدم في اليوم الرابع من ذي الحجة، يوم الرابع من ذي الحجة قدم طاف للقدوم وسعى للحج وللعمرة أما طواف الإفاضة (3:12) وبقي على إحرامه. وكذلك فعل مثل فعله من ساق الهدي من الصحابة.
وأما الصحابة الذين لم يسوقوا الهدي فإنهم وإن أحرموا بالحج مفردين أو قارنين أمرهم النبي ﷺ أن يتحللوا بالعمرة، أمرهم أن يقلبوا إحرامهم ويغيروا النية من كان نوى الحج مفرداً أو نوى الحج قارناً أمرهم النبي ﷺ أن يغيروا النية ويفسخوا إحرامهم بالحج مفردأ أو قارناً ويجعله عمرة، فطافوا وسعوا ثم قصروا وتحللوا، حتى أن النبي ﷺ ألزمهم وحتم عليهم لم يبق أحد ممن لم يسوق الهدي إلا تحلل، فقالوا يا رسول الله أنت لم تتحلل، فقال إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلاَ أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ يسن لمن ساق الإبل يسن للإنسان أن يلبد رأسه، كان له شعر النبي عليه الصلاة والسلام ، ما كان يحلق شعر رأسه إلا في حج أو عمرة، فيلبد رأسه، يجعل على الشعر شيء حتى يتماسك الشعر من الصمغ أو من العسل حتى يتماسك الشعر ولا يتشعث، فالنبي ﷺ لبد رأسه، قال إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي
والهدي هذا الهدي الذي يهدى يسن فيه سنتان:
السنة الأولى: خاصة بالإبل وهو الإشعار ومعنى الإشعار شق صفحة سنام البعير تشقها بالسكين حتى يخرج الدم ثم تسلت الدم عن يمينه وعن شماله حتى تبقى علامة على أنه مهداة -لا يمسها أحد بسوء- لله، تذبح لله في مكة، وهذا إن كان فيه تعذيب للحيوان ولكن شيء يسير يعفى عنه لمصلحة أكبر، مثل ما يكون ختان الإنسان حين يختن الصغير هذا فيه إيذاء له، تعذيب له لكنها شيء يسير.. شيء يسير والمصلحة أعظم كونه الختان يختن الذكر و الأنثى تقطع الجلدة التي على الذكر والتي على فرج الأنثى، وكذلك أذن الصبايا البنات الصغار تخرق أذنها، تخرق أذنها فيه تعذيب لها قد تبكي يخرق أذنها ليجعل بها شيء من الذهب تتحلى به، لكن هذا شيء يسير يعفى عنه لأن المصلحة أكبر، وكذلك الهدي يشرع فيه الإشعار خاص بالإبل لأنها تتحمل أما البقر والغنم لا تُشعر، تُشعر يعني:. إشعار يعني: إعلام بأنها مهداة للبيت، مهداة لله لا يمسها أحد بسوء، ومن عطب منها ومرض أو لم يستطع يذبح في مكانه ولو في الطريق تذبح وتترك للفقراء يأكلونها، ولا يأكل منها من أهداها ولا من أحد من رفقته تترك للفقراء.
والسنة الثانية: التقليد، ومعنى التقليد جعل قلادة في رقبة البعير والإبل والبقر والنغم، وهذه القلادة قد تكون القلادة من صوف من عهن ، قلادة أو قد تكون من نعلين.. يربط نعلين ويجعلها قلادة لها. هذه سنتان.
ويشرع الهدي أيضاً لمن لم يحج ولم يعتمر، ثبت عن النبي ﷺ يبقى في المدينة ويرسل الهدي وهو باقٍ في المدينة لم يحج ولم يعتمر، وفي غير وقت الحج والعمرة في شعبان في شوال في رجب لك أن تهدي ترسل إبلا أو بقر أو غنما توكل واحد يسوقها ويذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء، وفيها العلامتان الإبل تشعر و تقلد.
والبقر والغنم لا تشعر لأنها لاتتحمل كونها شق سطح ظهرها لا تتحمل هذا، الغنم ضعيفة وكذلك البقر لكن الإبل تتحمل لكن يكتفى بالتقليد، التقليد عام يجعل قلادة في رقبة البعير والبقر قلادة من نعلين أو من الصوف والعهن.
وإذا أهدى الإنسان إلى البيت في غير وقت الحج والعمرة هل يحرم عليه ما يحرم على المحرم فيمتنع عن أخذ شعره وتقليم أظفاره؟ قال بعض العلماء: يحرم عليه.. يحرم عليه أن يأخذ من شعره وأظفاره حتى يذبح الهدي الذي أهداه.
والقول الثاني: أنه لا يحرم عليه وهذا هو الصواب.
والدليل هذا الحديث، قالت عائشة رضي الله عنها: أنا فتلت قلائد هدي النبي ﷺ بيدي فما حرم عليه شيء حرم على المحرم، ما حرم عليه شيء ما امتنع من أظفاره ولا من شعره ولا امتنع من النساء، بل القول أنه يمتنع هو قول ضعيف، قول أهل العلم قول مرجوح، والصواب أنه إذا أهدى للبيت الحرام أهدى إبل أو بقر أو غنم لا يمتنع مما يمتنع منه المحرم، ليس محرماً.. ، عائشة قالت أنا فتلت.. تفتلها.. فتلت قلائد هدي النبي ﷺ تفتلها بيدها، يعني تفتلها من الصوف، تفتل الصوف وتجعلها قلادة لها وقلدتها هي، قلدتها عائشة جعلت القلادة أو قلدها النبي ﷺ.
(أعد الحديث حتى يتضح للإخوان.. الحديث الذي قرأته).
عن عائشة رضي الله عنها قالت: فتلت قلائد هدي النبي ﷺ ثم أشعرها وقلدها..
نعم فتلتها بيدها ثم أشعرها يعني: شق صفحة السنام بالسكين حتى خرج الدم وسالت عنه حتى يكون علامة، أشعرها يعني: إشعار هو الإعلام ، إعلام بأنها مهداة للبيت فلا يمسها أحد بسوء وأنها للفقراء.. نعم..
ثم بعث بها إلى البيت..
يعني أرسلها إلى البيت إلى مكة وهو في المدينة عليه الصلاة والسلام..نعم..
وأقام بالمدينة فما حرم عليه شيء كان له حلاً..
هذا فيه الرد على من قال إنه يحرم عليه ما يحرم على المحرم، قالت عائشة: ما حرم عليه شيء كان له حلاً، ما امتنع من شيء، فالقول بأنه يحرم عليه ما يحرم على المحرم يمتنع من أظفاره يمتنع من أخذ الشعر ويمتنع من النساء، هذا قول ضعيف يرده هذا الحديث..نعم..
فيه من الفوائد مشروعية الهدي إلى البيت، وأنه يشرع للإنسان أن يهدي إبلاً أو بقراً أو غنماً سواءً كان في الحج أو في العمرة أو في غير حجٍ أو عمرة.
وفيه مشروعية الإشعار للإبل بشق سنامها، ومشروعية التقليد للإبل والبقر والغنم يعني جعل القلادة من نعلين أو من صوف أو عهن.
وفيه أن من بعث هديه وهو في بلده لا يحرم عليه ما يحرم على المحرم خلافاً لمن قال إنه يحرم عليه ويمتنع عن ما يمتنع منه المحرم..نعم..
(المتن)
(الشرح)
نعم وهذا الحديث فيه أن النبي ﷺ أهدى مرة غنما.. غنم فقط، أرسلها إلى مكة تذبح هناك، يعني مرة أهدى غنما ومرة أهدى إبل، فهي بهيمة تهدى، إبل.. بقر.. غنم.. ما تيسر.. سنة.. نعم..
(المتن)
وَفِي لَفْظٍ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ: ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ! أَوْ وَيْحَكَ!
(الشرح)
وَيْلَكَ! أَوْ وَيْحَكَ!
نعم وهذا فيه.. حديث أبي هريرة فيه أن النبي ﷺ رأى رجلاً يسوق بدنة يعني قد أهداها.. قد أهداها للبيت يسوقها ما ركبها كأنه متحرج كونه يركبها وهو أهداها للبيت، فقال له النبي ﷺ: ارْكَبْهَا. قال: يا رسول الله إنها بدنة مهداة إلى البيت عليها القلادة، فقال ارْكَبْهَا. كررها ثلاث، قال: اركبها، ثم قال في الثالثة: وَيْلَكَ! ارْكَبْهَا أو وَيْحَكَ! ارْكَبْهَا ويلك كلمة استغراب، ويحك كلمة استفهام وتعجب، وَيْلَكَ! ارْكَبْهَا ، فركبها امتثل أمر النبي ﷺ، فجعل يساير النبي ﷺ يعني يحاذيه.
هذا فيه دليل على أنه لا بأس بركوب البدنة البعير إذا أهداها للبيت ولو كانت مهداة إذا كان لا يضرها فلا بأس بركوبها، لا يكون الإنسان يركب ويتعب ويسوق الإبل لأنها مهداة، يسوقها ويمشي على قدميه..
قال له النبي ﷺ: ارْكَبْهَا. قال: إنها بدنة يا رسول الله بدنة مهداة إلى البيت، قال: ارْكَبْهَا. قال إنها بدنة، قال اركبها في الثالثة: وَيْلَكَ! أَوْ وَيْحَكَ! فركبها، قال الرواي: فرأيته يساير النبي ﷺ، هذا فيه دليل على جواز ركوب البدنة المهداة إذا كان لا يضرها، هذا لا يضرها.. البعيرلا يضرها الركوب.
وفيه دليل على التأكيد والتكرار لمن.. للإنسان حتى يفهم، التكرار ثلاثاً.
وفيه دليل على جواز مراجعة الإنسان للعالم والكبير حتى يتأكد، هذا الرجل ما ركب إلا في الثالثة يريد أن يتأكد، قال رسوالله ﷺ: ارْكَبْهَا. قال: يا رسول الله إنها بدنة، قال: ارْكَبْهَا. قال: يا رسول الله إنها بدنة قال: ارْكَبْهَا وَيْلَكَ! أَوْ وَيْحَكَ! فركبها في الثالثة، فلا بأس في مراجعة العالم والكبير أو المسؤول إذا لم يفهم الإنسان حتى يتأكد.
وفيه جواز مسايرة الكبار أنه لا بأس في كونه يركب بعيره ويساير النبي ﷺ يحاذيه إذا لم يكن هناك محذور..نعم..
وكلمة وَيْلَكَ! أَوْ وَيْحَكَ! يعني ليس المراد الدعاء عليه، الأصل شدة العذاب والهلاك لكن ليس المراد منه ذلك، المراد التعجب والاستغراب.. نعم..
(المتن)
وَقَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا.
(الشرح)
نعم هذا الحديث حديث على بن أبي طالب فيه دليل على جواز التوكيل في ذبح الهدي وما يهدى للبيت، وأنه لا بأس بالتوكيل، يوكل الإنسان غيره، فمن عليه هدي يوكل شخص يذبح عنه، كما يوكل بعض الناس بعض إخوانه وكل عنه البنك، يدفع عنه الهدي فلا بأس.. لا بأس بجواز التوكيل، وكذلك من ساق الهدي له أن يوكل من يذبح عنه، فالنبي ﷺ ساق من المدينة مع الإبل التي أتى بها علي مائة بعير، فذبحها بيده الشريفة.. ذبح بيده الشريفة ثلاثاً وستين والسنة في ذبح البعير كما سيأتي في الحديث الذي بعده أن يذبح الإبل البعير وهو واقف قائم معقولة يده اليسرى، قائم على ثلاث فيطعنه في الحربة التي .. في أصل العنق والصدر وهو قائم فإذا سقط أجهز عليه، هذا السنة.
وأما البقر والغنم فتذبح وهي مضطجعة على شقها الأيسر وإن ذبحها وهي باركة لا بأس، لكن هذا خلاف السنة ولا سيما الهدى والمهداة.
فالنبي عليه الصلاة والسلام شجاع من أقوى الناس ذبح ثلاثة وستين بيده الشريفة كل واحدة وهي قائمة يطعنها بالحربة في رقبتها حتى تسقط ثم يجهز عليها ثلاثة وستين على عدد سني عمره، عمره ثلاثة وستون وذبح ثلاثة وستين بقي من المائة سبعة وثلاثين أمر علياً فذبحها، ثم وكل علي بأن سلخها وقطعها وتصدق بلحومها وتصدق بجلالها.
الأجلة جمع جلة وهي ما يكون على ظهر البعير من الكساء.. كلها تصدق بها.. وجلودها.
وأمره ألا يعطي الجزار أجرته منها، الجزار الذي ساعده قال لا تعطيه أجرته منها، نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا. دل على أن الجزار لا يعطى قطعة لحم.. ويقال اذبحها ونعطيك قطعة لحم.. نعطيك يد أو رجل، لا بل يعطى أجرته خارج الذبيحة، يذبحها إذا ذبحها بعشرين ريال أو ثلاثين ريال أو خمسين ريال نعطيه خمسين ريال، فإذا قال الجزار أنا أذبح لك الهدي أو الأضحية ولكن لا أريد فلوس أريد تعطيني يد أو رجل، نقول لا لا يجوز هذا.. لا يعطى منها، هذا ولهذا قال النبي ﷺ أمره أن لا يعطي الجزار أجرته منها وقال نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا. من خارج الذبيحة، فالنبي ﷺ أمر علياً فتصدق.. لما سلخها وقطعها وتصدق بلحومها على الفقراء وتصدق بجلودها أيضاً، الجلود وجلالها الكساء الذي يكون عليها، ولم يبق منها شيء وأمر عليه الصلاة والسلام أن يؤخذ له من كل بعير قطعة.. طبعة، مائة قطعة من مائة بعير فطبخت في قدر فأكل شيئاً من لحمها وشرب من مرقها فكأنه أكل منها كلها عليه الصلاة والسلام، هذه السنة للمهدي يأكل من هديه.. السنة يأكل ويهدي ويتصدق.. نعم
(المتن)
(الشرح)
هذا الحديث حديث زياد بن جبير فيه أن ابن عمر الصحابي الجليل رأى رجلاً ساق بدنة من بلده فأضجعها ينحرها وهي على الأرض، مثل البقر والغنم فأنكر عليه (18:8) قال ابعثها قياماً مقيدة سنة أبا القاسم ﷺ، اذبحها وهي قائمة ، لا تذبحها وهي على الأرض هذا خلاف السنة، قال ابعثها قياماً مقيدة سنة محمد ﷺ وفي لفظ سنة أبا القاسم عليه الصلاة والسلام، أبو القاسم..................
ملاحظة : جزء من المادة الصوتية محذوف .
وفيه إنكار على من ترك السنة ولو كانت سنة وليست الواجب، يجوز للإنسان أن يذبح البعير وهي على جنبها الأيسر، ولكن هذا خلاف السنة ولا سيما المهداة ، السنة تذبح وهي قائمة واقفة على ثلاث قوائم، معقولة اليد اليسرى، كيف يذبحها؟ يطعنها بالسكين بالحربة التي بين أصل العنق والصدر حتى تسقط، فإذا سقطت أجهز عليها، كذا يطعنها وهي واقفة من رقبتها مع المذبح بالحربة التي بين أصل العنق وأصل الصدر يطعنها حتى تسقط ثم يجهز عليها.
وإن أضجعها وذبحها جاز لكن هذا خلاف السنة، ولهذا أنكر ابن عمر على هذا الرجل الذي رآه ينحرها على الأرض، قال: ابعثها، يعني قومها.. ابعثها قياماً قائمة مقيدة سنة أبي القاسم، مقيدة يعني معقولة اليد اليسرى، اليد اليسرى معقولة بالعقال وهو الرباط وهي قائمة على ثلاث.. على ثلاثة قوائم والرابعة معقولة، فتقف على ثلاث وواحدة معقولة فيطعنها فتسقط، نعم هذه السنة.
أما الغنم والبقر فلا تذبح وهي قائمة لأنها ضعيفة وإنما تذبح على جنبها الأيسر.. تضجع على جنبها الأيسر وتذبح على الأرض.. نعم..
(المتن)
بابُ الغُسْلِ للمُحْرِمِ
245 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لا يَغْسِلُ رَأْسَهُ. قَالَ: فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ، وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْت عَلَيْهِ. فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْت: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إلَيْكَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْأَلُكَ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ: اُصْبُبْ، فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ ﷺ يَغْتَسِلُ.
وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ الْمِسْوَرُ لابْنِ عَبَّاسٍ: لا أُمَارِيكَ أَبَداً.
(الشرح)
نعم وهذا الحديث فيه جواز غسل المحرم وأن المحرم لا بأس أن يغتسل لا حرج كونه يغتسل ويغير ثياب الإحرام وملابس الإحرام ويبدلها بغيرها أو يغسلها لا حرج، المحرم ليس ممنوعاً من الاغتسال ولكن ممنوع من إسقاط الشعر، لا بأس وهو يغسل رأسه المحرم ويحركه وإذا سقط شعر ميت، الشعر الميت لا يضره، الشعر الحي هو الذي لا يسقط.
وهذا الحديث فيه أن ابن عباس والمسور بن مخرمة صحابيان صغيران، عبد الله بن عباس صحابي صغير توفي النبي ﷺ وهو ابن عشرين تقريباً والمسور بن مخرمة كذلك صحابي صغير، ينقل عنهما عبد الله بن حنين اختلفا في مسألة.. مسألة علمية.. اختلفا في مسألة علمية، فقال عبد الله بن عباس: المحرم يغسل رأسه، وقال المسور بن مخرمة: لا يغسل رأسه، فرجعا إلى كبار الصحابة فأرسل عبد الله بن عباس عبد الله بن حنين إلى أبو أيوب الأنصاري وهو من الصحابة الكبار يسألونه عن السنة في هذا .. سنة الرسول عليه الصلاة والسلام لأن الصحابي الصغير يفوته شيء بخلاف الصحابي الكبير أدرك النبي ﷺ وحفظ شيئاً من السنة فاتت على الصحابي الصغير، ففاتت هذه السنة على الصحابي، قد تفوت بعض السنن على الصحابي الصغير، عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا في هذه المسالة العلمية، فرجعا إلى أهل العلم.
فيه من الفوائد أن الناس إذا اختلفوا في المسأئل العلمية يرجعون إلى أهل العلم.. يرجعون إلى أهل العلم ويسألونهم، فعبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة تماريا يعني اختلفا في هذه المسألة العلمية هل يغسل المحرم رأسه أو لا يغسل؟! قال ابن عباس: يغسل رأسه وقال المسور: لا يغسل رأسه فرجعا إلى أهل العلم، رجعا إلى أبي أيوب الأنصاري.
أرسل عبد الله بن حنين إلى أبي أيوب الأنصاري يسأله فجاء إليه ووجده يغتسل بين القرنين، القرنين يعني: عند البئر يعني: جانبي البئر الذي تجعل فيهما الخشبة وتجعل فيها البكرة التي تنزل على البئر، وجد عبد الله بن حنين أبي أيوب الأنصاري يغتسل بين قرنين وقد استتر، فجاء إليه عبد الله بن حنين قال له من أنت؟ ، سلم وهو يغتسل أبو أيوب الأنصاري فرد ، فقال: من أنت؟ قال: عبد الله بن حنين أرسلني ابن عباس إليك يسألك هل.. عن سنة الرسول ﷺ هل يغتسل المحرم؟ فقال: نعم، وقال لإنسان يصب عليه الماء اصبب قال طأطأ رأسه وهو كان مستتر يعني خفض رأسه حتى ظهر رأسه وهو يراه، رأى رأسه وقال لإنسان يصب عليه اصبب، فصب عليه، فجعل يحرك الماء على رأسه وأقبل بهما وأدبر.. هكذا..
ففيه من الفوائد الرجوع إلى أهل العلم عند الاختلاف.. الرجوع إلى أهل العلم عند الاختلاف.
وفيه أن الحجة في كلام الله وكلام رسوله، قال الله تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ، أبو أيوب ذكر سنة الرسول ﷺ، وفيه جواز السلام على المغتسل.. على من اغتسل هذا عبد الله سلم عليه وهو يغتسل أبو أيوب فرد .
وفيه جواز الإعانة في الغسل والوضوء، لا مانع أن يكون هناك واحد يصب عليك وأنت تغتسل لكن معروف أن يكون مستور العورة من السرة إلى الركبة أو كون مثلاً يصب عليك ويكون هناك ستار.
وكذلك الوضوء لا بأس أن يعينك إنسان بإبريق يصب عليك وأنت تتوضأ، وفيه جواز الإعانة في الطهارة وفيه أيضاً من الفوائد أن المحرم يغسل رأسه..
فرجع عبد الله بن حنين وأخبر عبد الله بن عباس، فقال المسور: لعبد الله بن عباس لا أماريك بعد اليوم أبداً.. لا أجادلك فأنت أعلم مني.. لا أخالفك غير هذه المرة.. لا أخالفك.. لا أماريك بعد اليوم يعني لا أجادلك بعد اليوم أبداً.
( أعد الحديث حتى نرى الفوائد.. وعن عبد الله بن حنين..)
عن عبد الله بن حنين أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء
اختلفا بمسألة علمية ، لم يختلفوا في أمور دنيوية، في مسألة علمية يريدون الحق.. نعم..
فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه قال فأرسلني ابن العباس إلى أبي أيوب الأنصاري .
هذا فيه الرجوع إلى أهل العلم، وأنه ينبغي للناس اذا اختلفوا أن يرجعوا إلى أهل العلم حتى يبينوا لهم ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.. نعم..
فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يستتر بثوب..
فيه مشروعية الاستتار للمغتسل، وأن المغتسل ينبغي أن يستتر عن الأنظار ولا ينبغي له أن يغتسل مكشوفاً.. يكشف جسمه أمام الناس؟! لا فالواجب الاستتار..نعم..
فسلمت عليه..
فيه جواز السلام على المغتسل، لا بأس بخلاف الذي يقضي حاجته الذي يبول ويتغوط لا يسلم عليه لكن الذي يتوضأ أو يغتسل لا بأس يسلم عليه ويرد السلام.. نعم..
فقال من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين..
لأنه يغتسل ومستتر لا يعرف من هذا الذي جاء يسلم، قال من أنت؟ من هذا؟ قال أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك عبد الله بن عباس بمسألة علمية.. نعم..
أرسلني إليك ابن العباس يسألك كيف كان رسول الله ﷺ يغسل رأسه وهو محرم..
انظر يسأله كيف كان رسول الله يغسل رأسه وهو محرم، إذا الحجة في كلام الله وكلام رسوله، يسأله عن السنة، وهذا فيه أنه يجب على الإنسان أن يرجع إلى الكتاب والسنة، قال الله تعالى : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا وقال : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ..نعم..
فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه..
يعني الثوب الذي يستتر به كان ساتراً للرأس لكن أبعد الستارة شيئاً حتى ظهر رأسه ورآه عبد الله بن حنين حتى يشاهد صب الماء عليه.. نعم..
ثم قال لإنسان يصب عليه الماء اصبب..
في هذا فيه جواز الاستعانة في الطهارة وأنه لا بأس للإنسان أن يستعين بشخص آخر يعينه في صب الماء عليه أو في الوضوء..نعم..
فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر..
هكذا أقبل بهما هكذا..وأدبر هكذا، أقبل أمام الرأس وأدبر هكذا.. حرك هكذا.. ولو سقط شعر ميت لا يضر.. نعم.. وعو محرم.. نعم..
ثم قال هكذا رأيته ﷺ يفعل..
وهذا فيه.. ودل على جواز الغسل للمحرم وأنه ليس بممنوع عن الغسل، نعم لكنه ممنوع من تعمد إسقاط الشعر.. نعم وقطع الشعر.. نعم..
وفي رواية: فقال المسور لابن عباس: لا أماريك بعدها أبداً..
يعني لا أجادلك.. لا أجادلك بعدها، ظهر فضل ابن عباس وعلمه، فابن عباس فاق المسور في العلم والفقه.. نعم..
انتهى.. وبالله التوفيق