وصل الله وسلم على محمد وعلى آله و صحبه أجمعين وغفر الله لنا ولشيخنا والسامعين
المتن :
يقول الإمام رحمه الله :
كتابُ الحُدودِ
353 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمَ نَاسٌ مِنْ عُكْلٍ - أَوْ عُرَيْنَةَ - فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ بِلِقَاحٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ ﷺ وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَجَاءَ الْخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ: فَقُطِّعَتْ أَيْدِيهمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ، وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ، وَتُرِكُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلا يُسْقَوْنَ. قَالَ أَبُو قِلابَةَ: فَهَؤُلاءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﷺ. أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ.
الشرح :
قال المؤلف رحمه الله كتاب الحدود.
الحدود جمع حد وفي اللغة المنع. و في اصطلاح العلماء عقوبة عقوبة مقدَّرة شرعاً في معصية عقوبة عقوبة مقدَّرة شرعاً في معصية كالزنا له عقوبة مقدَّرة شرعاًالجلد إن كان بكراً أو الرجم إن كان ثيباً والخمر عقوبته الجلد والسرقة عقوبتها قطع اليد والقذف عقوبته الجلد فهذا هو الحد ،الحد عقوبة مقدَّرة شرعاً.
و التعزير عقوبة غير مقدَّرة يجتهد فيها الحاكم الشرعي ومن يفعل معصية ليس فيها حد.
وقوله اجتووا المدينة يعني استضخموها فلم يوافقهم هواؤها من شق أصابهم فهؤلاء ناس من عُكِل أو عُرينة قيل إنهم ثمانية أشخاص جاؤوا إلى المدينة و أظهروا الإسلام ولما جاؤوا إلى المدينة مرضوا واستضخموا المدينة ولم يناسبهم هواها لأنهم من البادية والبادية هواؤها نقي فاستضخموا المدينة ومرضوا وسقموا فقال لهم النبي ﷺ اذهَبُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ، واشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا، وَأَبْوَالِهَا الإبل إبل للنبي ﷺ قريبة من البلد أمر لهم النبي ﷺ بلقاح واللقاح النوق ذات اللبن قال اذهبوا إلى النوق ذات اللبن إبل الصدقة عندنا اذهبوا فيها رعاة فاشربوا من أبوالها وألبانها فذهبوا خرجوا من المدينة وذهبوا إلى الإبل إبل النبي ﷺ فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا وذهب ما فيهم من السّقم و المرض فلما صحوا سرقوا الإبل وقتلوا الرعاة وسّمروا أعينهم وسمروا أعين الرعاة وقتلوهم وسرقوا الإبل وهربوا فجاء الخبر إلى النبي ﷺ وأخبر بحالهم فأرسل في آثارهم من يطلبهم فجيء بهم حين ارتفع النهار فجيء بهم فعاقبهم النبي ﷺ فأمر بأن تؤتى بمسامير وتُحمَّى وتُكحل بها أعينهم كما فعلوا بالرعاة قصاص وأمر بكل واحد فقطعت يده اليمنى و رجله اليسرى ولم يحسمها وتركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون والدم يجري حتى ماتوا.
لأن السرقة كانوا إذا السارق إذا قُطِعت يده يُحسَم معنى يحسم أي يؤتى بزيت مغلي وتوضع يده حتى ينقطع الدم حتى لا يموت لأن ليس عندهم مستشفيات مثلنا للتعقيم هؤلاء التعقيم عندهم يؤتى بزيت مغلي وتوضع فيه هؤلاء ما حسمهم النبي ﷺ أراد أن يموتوا لأنهم كفروا فقطع من كل واحد منهم يده اليمنى ورجله اليسرى وصار الدم يجري وهم يستسقون في الحر حتى ماتوا.
قال أبو قلابة وتركوا في الحرة يستسقون فلا يسقوا فقال أبو قلابة فهؤلاء سرقوا سرقوا الإبل وقتلوا قتلوا الرعاة وحاربوا الله ورسوله ﷺ وكفروا بعد إيمانهم أسأل الله السلامة والعافية.
وفيه هذا الحديث فيه من الفوائد أنَّ أبوال الإبل طاهرة؛ لأنَّ النبي ﷺ أمرهم بأن يشربوا من أبوالها وألبانها وكل ما يؤكل لحمه فبوله طاهر الإبل والبقر والغنم بخلاف ما لا يؤكل لحمه مثل الحمير والكلاب مثل الآدمي فضلاته نجسه الإبل البول والغائط أما ما يؤكل لحمه فبوله طاهر وهذا هو الصواب.
وذهب بعض العلماء كالشافعية إلى أن البول نجس حتى الإبل وقالوا أنه نجس ولكن أجيب عنهم لو كان بول الإبل نجس ما أمرهم النبي ﷺ أن يغسلوا أفواههم إذا أرادوا أن يصلوا وما أمرهم النبي ﷺ أن يغسلوا أفواههم إذا أرادوا أن يصلوا فدل على أن البول طاهر.
وهذا هو الصواب أن بول ما يؤكل لحمه وفضلاته وروثه وبنيه طاهر كالإبل والبقر والغنم ولهذا قال لهم ولو كان أبوال الإبل نجسه لما أمرهم النبي أن يشربوا النجس ولا أمرهم أن يغسلوا أفواههم عند إرادة الصلاة فلما لم يخبرهم أنه نجس وأمرهم بشربها ولم يأمرهم بغسل أفواههم دل ذلك على أنها طاهرة.
وهذا هو الصواب خلافا للشافعية الذين يرون نجاسة جميع البول ويستدولون فيها بأحاديث فيها تنزه من البول وقالوا القول العام تشمل جميع البول فيها بول الحيوانات وبول الآدمي لكن يجاب بأن هذا الحديث يخصص وعموم هذا الحديث ويدل على أن بول ما يؤكل لحمه طاهر.
وفيه قدوم الوفود على النبي ﷺ على ولي الأمر وأنّ ولي الأمر يقابل الوفود ويفاوضهم.
وفيه من الحديث مشروعية القصاص وهو أن يُفعل بالجاني مثلما فعل.قال الله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ.
والقصاص هو أن يفعل بالجاني مثل ما فعل وكما سبق الحديث السابق بالأمس أن اليهودي الذي رض رأس جاريه وسرق الأوضاح أمر النبي ﷺ أن يرض رأسه بحجرين لأنه رض رأس الجارية بحجرين قصاص عقوبة وكذلك من جنى فإنه يؤخذ بجنايته ولما كسرت جارية ثنية جارية متعمدة أمر بالقصاص وأمر بكسر ثنية الجارية المعتدية قصاص قال الله تعالى: وكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ وهذا كان فيمن كان قبلنا وشرع ما قبلنا شرع لنا وإذا لم نشرع بشرع ما قبلنا نخالفه ولقد جاء شرعنا بما يوافق ما شرعه الله لبني إسرائيل من القصاص فهؤلاء سملوا أعين الرعاة فسمل النبي ﷺ أعينهم بأن أتى بمسامير فأحميت فكويت بها أعينهم قصاص كما فعلوا بالرعاة وأمر لكل واحد أن تقطع يده ورجله كالمحاربون المحاربون وقطاع الطريق سرقوا وقتلوا وهربوا والمحارب لله و لرسوله ﷺ بين الله حكمه في كتابه العزيز إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ هذا حكم المحارب وقطاع الطريق.
قال بعض العلماء الإمام مخير بين أن يقتلهم أو يصلبهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف يعني يقطع من كل واحد يده اليمنى ورجله اليسرى ويترك حتى يموت أو ينفوا من الأرض وقال بعض العلماء وإن قتلوا قتلوا وإن قتلوا أحد ما صلبوا وإن سرقوا المال قطعوا من كل واحد يده اليمنى ورجله اليسرى ويترك حتى يموت وإن خافوا السبيل فلم يقتلوا ولم يسرقوا نفوا من الأرض.
وهؤلاء سرقوا سرقوا الإبل وقتلوا الرعاة وارتدوا على إسلامهم فلهذا قطع النبي ﷺ من كل واحد يده اليمنى ورجله اليسرى وتركوا حتى ماتوا في الحر يستسقون فلا يسقون والدم يجري عقوبة لهم وحداً أقيم عليهم حد المحاربين لله ورسوله ﷺ.
و لهذا قال أنس هؤلاء قال أبو قلابة الراوي أنس هؤلاء سرقوا يعني سرقوا الإبل وقتلوا قتلوا الرعاة وكفروا بعد إيمانهم ارتدوا وحاربوا الله ورسوله نسأل الله السلامة والعافية جمعوا شؤوناً كثيرة. نعم!
المتن :
العَسيفُ: الأَجيرُ. أهـ
الشرح :
نعم هذا الحديث حديث أبي هريرة فيه هذه القصة وهي أن رجلاً من الأعراب أتى إلى النبي ﷺ و ذكر له القصة وهو: أنَّ له ابن وهذا الابن يعمل أجيرا عاملا عند هذا الشخص والعامل زنا بامرأته فسأل بعض الناس فقالوا على ابنك الجلد ولما قالوا على ابنك الرجم فاصطلح على زوج المرأة على أن يعطيه مئة شاة ووليدة افتداء افتدى منه مئة شاة ووليدة يعني أمة حتى يسقط عنه الرجم ثم سألوا أهل العلم قال سألت أهل العلم فأخبروه أن على ابنه الجلد ليس عليه رجم وإن إمرأة هذا عليها الرجم والنبي ﷺ قضى بينهما وقال: الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ عَلَيْك هذا حد لا بد من إقامة الحد ما ينفع الافتداء وقال وَعَلَى ابْنِك جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ لأنّه بكر ووكل رجلا أن يذهب لامرأة الرجل و يسألها هل فعلت الفاحشة فاعترفت بأنها زنّت فأمر بها فرُجِمَت.
وهذا الحديث فيه من الفوائد أن هذا الرجل من العرب قال أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله أن أحد الخصمين إذا قال اقض بيننا بكتاب الله فإن هذا حق ولا ينبغي أن يغضب والنبي ﷺ سيد الخلق مع ذلك قيل له اقض بيننا بكتاب الله يعني بحكم الله ورسوله ﷺ وائذن لي فقال: قُلْ، تكلم قال إنَّ ابني كان عسيفاً عن هذا يعني أجير عنده يشتغل عنده يحتمل أنه في مزرعة أو أنه في غير مزرعة فزنى بامرأته.
وهذا فيه دليل على أنه ينبغي للإنسان والناس أن يلاحظوا الخدم وقائدين السيارات قد يكونوا في بيوت والمزارعين والطبّاخين وغيرهم أن يلاحظوهم وألا يجعلوهم يختلطون بالنساء؛ هذا بسبب الاختلاط و الاحتكاك زنى بامرأته، خلا بها فزنى فلا بد من أخذ الاحتياطات وأن يكون على المرأة أن تتحجب عن الرجل الأجنبي و لا يجوز أن تركب معه في السيارة وحدها يذهب بها إلى السوق أو إلى المدرسة هذه خلوة محرمة هذا من أسباب الفاحشة هذا الرجل الأجير زنى بامرأته بسبب التساهل وعدم أخذ الحيطة فكان عندها يشتغل ويعمل ولم يكن هناك تحرز ولا احتياط، فحصلت الخلوة فوقع الشيطان بينهما ففعل الفاحشة، والآن كثير من الناس الآن يعني امتلأت البيوت بالخدم وقائدين السيارات والطباخين والمزارعين بحاجة أو بغير حاجة وأسرف الناس في مجتمعنا في استقدام الخدم وصار هناك تباهي مباهاة يأتي بالخادم وليس له حاجة إلى الخادم وقائد السيارة وليس له بقائد والمزارع من باب المباهاة فلان عنده خادم وأنا ما عندي لدي خادم فلان عنده خادمة وأنا ما عندي خادمة فحصل شرور وفتن فكم نسمع أن من الشرور التي حصلت وأن بعض الناس يقولون أن له ولد يشبه الخادم الذي عنده أو يشبه قائد السيارة أو يشبه المزارع أو يشبه الطباخ كل هذا بسبب التساهل والواجب عدم التساهل ولا يجوز للإنسان أن يترك امرأته أو بنته تذهب مع السائق وحدها لا بد أن يكون معها ثالث هذه خلوة محرمة قال النبي ﷺ: لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ. لا بد أن يكون معهم ثالث تزول بينهم الخلوة مثل اثنتين مع السائق أو رجلان ومعهم امرأة بشرط ألا يكون هناك ريبة ولا شك أما إذا كان لا يوجد هناك ريبة فما ينفع حتى لو كان هناك اثنان أو ثلاثة وتواطؤوا على الشر لكن الخلوة واحد يكون رجل أجنبي يخلو بامرأة في البيت أو في الغرقة أو في السيارة أو حتى بالمصعد الكهربائي هذا من باب الشر أسباب وقوع الفاحشة.
فهذا الأجير بقي عند هذه المرأة بسبب التساهل زنى بها وحصلت الفاحشة فلما زنى بها وعلم والد الزوج سأل بعض الناس فلما سأل بعض الناس فأفتاه بفتوى باطلة قال على ابنك الرجم ابنك يرجم بالحجارة حتى يموت هذا فيه دليل على أن الإنسان يحترز من الفتوى الباطلة وأن لا يسأل إلا أهل العلم بعض الناس يسأل من هب ودب فيفتيه لا لا تسأل إلا من تثق بدينه وعلمه ورأيه قال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.
بعض الناس يسأل ما يشاء يفتيه شخص ما يعرفه في الشارع أو يفتيه على القنوات الفضائية وهو ما يدري إن كانوا أهلاً للفتوى ولا يبالي أو بعض الناس كذلك يسأل فإذا أفتي ولم توافقه الفتوى سأل الثاني و إذا لم توافقه سأل الثالث حتى يجد من يوافقه توافق هواه فيأخذ به هذا حرام عليه لأنه يعمل بهواه الواجب على الإنسان أن يتحرى فيمن يسأله ولا يسأل إلا من يثق بدينه وعلمه ورأيه فإذا أفتاه (17:49) يبحث فإذا علم حكم المسألة يجب عليه أن يعمل بها لا بد من معرفة هذا الأمر.
فهذا الرجل هذا الأجير سأل والده شخص غير طالب علم قالوا ابنك عليه الرجم وما عليه رجم لأنه بكر قال عليك رجم فلما قالوا عليك الرجم اصطلح مع زوج المرأة على أنه يعطيه مئة شاة وأمة عبدة حتى يسقط عنه الرجم ثم جاؤوا إلى النبي ﷺ يستفتونه وقالوا فسألت أهل العلم فأخبروني بعد ذلك قال لما اتفق معه ولما أعطاه المئة والوليدة فسألت أهل العلم فأخبروني بالفتوى الصحيحة قالوا على ابنك جلد مئة في دليل الرجوع إلى أهل العلم يرجع إلى أهل العلم لا إلى أهل الجهل الإفتاء الأول جاهل فلما سأل أهل العلم أخبروه قالوا لا ابنك ما عليه الرجم عليه الجلد جلد مئة وتغريب عام لأن النبي ﷺ قال خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي... وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ قال الله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ فإذا زنى وهو بكر لم يتزوج رجل أو إمراة فإنه يجلد مئة جلدة ويغرب عام في السنة يعني يغرب عام عن البلد الذي وقع فيه الفاحشة سنة كاملة أما إذا كان ثيب وهو الذي تزوج لو مرة في عمره و لو لم تكن معه زوجة فإنه يُرجم بالحجارة حتى يموت يُرجم بالحجارة حتى يموت وهذا إذا ثبت عليه الزنا ويثبت عليه بأحد أمرين إمَّا أن يشهدوا عليه شهود أربعة يشهدون أنهم رأوه أنه فعل بها الفاحشة أو يعترف على نفسه يقر على نفسه.
فالنبي ﷺ قال: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ حِلف النبي ﷺ لتأكيد المقام وهو الصادق وإن لم يقسم لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ عَلَيْك يعني المئة الشاة والغنم رد عليك هذه ترد عليك ما ينفع الحدود لابد أن تقام والحدود ما تفتدى بمال الوليدة والغنم رد عليك وَعَلَى ابْنِك جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ عليه جلد مئة وتغريب عام لأنه اعترف بأنه زنى فالنبي ﷺ أمر بأن يجلد مئة جلدة ويغرب عام لكن المرأة هل يكفي اعترافه عليها؟ ما يكفي لو اعترف على نفسه يأخذ على نفسه لكن ما يأخذ على المرأة فالمرأة وكّل النبي ﷺ رجلا يذهب إليها وقال اذهب يسألها فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، وإن لم تعترف فليس عليها الحد لا يثبت عليها الحد فإذا قال قائل لماذا لا يأخذ بقول الشاب الذي زنى بها نقول لا يأخذ بقوله كلامه شهادته على غيره لا تقبل إنما يؤخذ بما اعترف به على نفسه اعترف أنه زنى فيجلد ويغرم أما المرأة التي اعترف أنه زنى بها لا يثبت عليها الحد بقوله بل لا بد من اعترافها أو شهادة فوكل النبي ﷺ رجلا فجاء إليها فاعترفت فأمر بها فرجمت بالحجارة حتى ماتت.
الحديث فيه من الفوائد كما سبق الاحتراز ينبغي الاحتراز من العمال والخدم وقائدين السيارات وأنه ينبغي للإنسان أن يحتاط ولا يجعلهم يختلطون بالنساء وأن تكون المرأة تتحجب ولا تخلو بالرجل الأجنبي لا في السيارة ولا في البيت وسبق الحديث إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ قال رجل أحدهم أرأيت الحمو أخو الزوج أو قريب الزوج وعم الزوج قال الحَمْوُ المَوْتُ يدخل في البيت ولا يستغرب يتشبه بالموت والموت أفظع حال ينزل للإنسان لابد من الاحتياط ولا يجوز أن يخلو بالمرأة ولو كانت امرأة أخيه أو عمه إذا كان ليس معهم ثالث في البيت فلا أما إذا كان معهم ثالث أو رابع زوجة له أو أولاد كبار بالغين أو زوجة له أو والدة له فهذا ما فيه خلوة لكن يدخل على امرأة وحدها أو ما عندها إلا أطفال صغار هذه خلوة حرام وهو أجنبي ومن أسباب وقوع الفاحشة.
وفيه من الفوائد كما سبق أن قول الإنسان للقاضي أن يقضي بكتاب الله هذا حق ولا ينبغي له أن يغضب.
وفيه من الفوائد الرجوع إلى أهل العلم وسؤال أهل العلم عند الاشتباه لقوله: (فسألت أهل العلم) في الأول سأل أهل الجهل فأفتوه بفتوى خاطئة ثم لما سأل أهل العلم أفتوه بالحق.
وفيه من الفوائد أن الزاني البكر يجلد مئة جلدة ويغرب عام كما في هذا الحديث قال: عَلَى ابْنِك جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وكما قال الله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وكما في حديث عبادة الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ.
وفيه أن الزاني الثيب يرجم بالحجارة حتى يموت إذا ثبت عليه بإقرار أو ببينة.
وفيه أن شهادة الإنسان على غيره في الحدود لا تقبل فشهادة الشاب الذي زنى عليها لا تقبل وإنما أقيم عليه الحد بسبب إقرارها فيه من الأحكام الرجوع إلى كتاب الله.
وفيه جواز القسم على الأمر لتأكيده والحلف بغير استعلاء فوالله والذي نفسي بيده وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ.
وفيه حسن الأدب في مخاطبة الأكابر والرجوع إلى العلماء عند الاشتباه في الأحكام والشك فيها.
وفيه استنابة الإمام في إقامة الحدود فالنبي ﷺ أقام رجل يسمى أنيس أناب عنه في أن يقيم الحد يدل على أنه الإمام له أن يستنيب ويستناب يوكل من يقيم عنه الحد فإن النبي ﷺ وكل أنيس في أن يقيم الحد قال اذهَب إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا.
وفيه أن الزاني البكر يجلد مئة ويغرب عام والزاني الثيب يرجم بالحجارة حتى يموت وفيه أنه يقام الحد على الزاني بالإقرار ويكفي الإقرار مرة واحدة وفي حديث قال بعض العلماء لابد أن يكرر الإقرار أربعة مرات في حديث ماعز فإنه شهد على نفسه أربعة مرات وتكون أربعة مرات قائمة مقام الشهادات مقام الشهود الأربعة ولكن ظاهر هذا الحديث أنه لم يكرر الإقرار قال اعْتَرَفَتْ ولم يقل لها اعترفت أربعة مرات فأمر بها فرجمت.
وفيه أن الحدود لا يؤخذ عنها عِوَض مالي وأنه إذا أخذ عنها عوض مالي فإنه يرد على صاحبه ويقام الحد الحدود لا يعوض عنها لابد من إقامة الحدود فالسارق إذا سرق وقال لا تقطعوا يدي سأعطيكم مال ما يقبل لابد من قطع يده والزاني إن قال سأعطيكم مال لا ترجموني ولا تجلدوني ما يقبل لابد من إقامة الحد إذا وصلت إلى القاضي إلى الحاكم الشرعي أما قبل أن تصل يمكن لأهل الحي أن يتعافوا الحدود فيما بينهم مثلا يأدبوه فيما بينهم أو يوبخوه أو يضربوه فيما بينهم ويأخذ عليه تعهد قبل أن تصل إلى الحاكم أما إذا وصلت إلى الحاكم فلابد من إقامة الحد ولا شفاعة فيها.
ولهذا لما سرقت امرأة مخزومية وأهمهم شأنها وهي من قريش شريفة شق ذلك على الناس وقالوا كيف تقطع يدها وهي شريفة ولكن من يكلم النبي ﷺ فقالوا يكلمه أسامة ،أسامة حب النبي ﷺ فلما شفع أسامة غضب النبي عليه فقال أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ. حتى قال للرسول ﷺ استغفر لي إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا عليه الصلاة والسلام فإذا وصلت الحدود إلى الحاكم ما فيه شفاعة والحاكم هو القاضي لاتقبل لكن قبل ذلك يمكن ألا يرفع إذا لم يرفع ولم تصل للقاضي يمكن أن يعفى عنه كما عفا عنه أهل الحي أو سمحوا له أو أدبوه فيما بينهم أو أخذوا عليه تعهد رجال الهيئة أو إمام المسجد أو إمام الحي لهم هذا لكن إذا وصلت القضية للحاكم فلابد من إقامة الحد ولا شفاعة في ذلك.
وقول أنشدك بالله أي أسألك بالله إلا قضيت إلا حكمت بيننا والقضاء إحكام الشي والمعنى تبين الحكم الشرعي في الخصومات. نعم!
المتن :
قالَ ابنُ شِهابٍ: «ولاأَدري أَبَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعةِ». والضَّفيرُ: الحَبْلُ.
الشرح :
نعم هذا الحديث حديث أبي هريرة رواه البخاري عن أبي هريرة و سعيد بن خالد قالا: سأل النبي ﷺ عن الأمة إذا زنت الأمة التي تُباع و تُشترى العبيد الآن ما فيه عبيد ما فيه عبيد يباعون ويشتروا الآن لكن وجود العبيد يدل على قوة المسلمين وعدم وجودهم يدل على ضعف المسلمين العبيد يوجدون بسبب الجهاد في سبيل الله، إذا قاتل المسلمون الكفار ثم جاهدوا في سبيل الله أسروهم أسروا الكفار فيكونوا أرّقة هم وذراريهم يكونوا أرقة وعبيد يباعون ويشترون، فإذا لم يكن هناك قتال والمسلمين ضعفاء ما يكون هناك عبيد ما فيه أرقة ما فيه عبيد ما يغزون ،يغزون المسلمين ،المسلمين الذين لم يغزوا هزموا إذا لم يغزوا الكفار غزوهم في عقر دارهم ما تركوا مجاهد في سبيل الله إلا ذلوا لكن كانوا المسلمين أقوياء وكانوا يجهزون الجيش ويقاتلون الكفرة ويغنمون أموالهم ونساءهم وذراريهم، والأسرى يخير الإمام فيهم بين قتل الأسير وبين استرقاقه وبين فداء نفسه سيكون هناك عبيد رجال ونساء يتناسلون وهم عبيد يباعون ويشترون.
فإذا كان الإنسان عنده أمة فيكون سيدها يسمى سيد إذا اشترى الإنسان أمه يكون سيدا لها وهو بالخيار إن أحب أن يزوجها يزوجها وهي أمة له وإن أحب أن يتسراها يطؤها بملك اليمين فله ذلك وإذا ولدت فيكون أولادها حامل منها وإن حب أن يبيعها يتصرف فهي ماله فالنبي ﷺ سأل عن الأمة إذا زنت فماذا يعمل بها ولم تحصن قال: إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ. والظفير حبل والخطاب هنا للأسياد، السيد هو الذي يُقيم عليها الحد لأنها ماله ما ترفع إلى المحكمة إن كان عندة أمة وزنت يجلدها هو ثم إن زنت يجلدها الثانية ثم إن زنت يجلدها الثالثة ثم إن زنت يبيعها ،يبيعها ولو بحبل من شعير لا خير فيما.
قال العلماء الحكمة في بيعها أنَّه قد يكون المشتري الثاني قد يكون أهيب لها من البائع الأول تخافه أكثر أو يؤدبها أو يتسرها هو أو يزوجها فلا تفعل الفاحشة فالأول فعلت الفاحشة ثلاث مرات زنت ثم جلدها ثم زنت ثم جلدها بعد ذلك يبيعها ،يبيعها ولو بحبل من شعر ولو بظفير لعل البائع الثاني يعفها هو بنفسه أو يزوجها أو يؤدبها ويكون أهيب.
وفيه من الفوائد أن الأمة إذا زنت فإنها تجلد و لا تُرجم الإماء ليس عليهم رجم ولكن حدّها نصف حد الحُرَّة فالحُرَّة تجلد مئة والأمة تجلد خمسين العبيد نصف الحد تجلد خمسين جلدة وليس عليها رجم لأنها مال حتى ولو كانت تزوجت الإماء لا يرجمون العبيد لا يرجمون وإنما يجلدون والجلد يكون على نصف الحر فيجلدها خمسين ثم إن زنت يجلدها ثم إن زنت يجلدها ثم في الرابعة يبيعها قال الراوي لا أدري بعد الثالثة أو الرابعة.
والأمة هي الجارية التي تباع وتشترى إذا زنت ولم تحصن يعني لم تتزوج والإحصان في الأصل المنع المرأة تكون محصنة بالإسلام والعفاف والحرية والتزويج هنا الإماء لا يرجمون لأنهم مال وتضيع ماليتهم لو رجموا.
والحديث فيه من الفوائد إقامة الحدود على مماليك والعبيد و أن الذي يقيمها عليهم أسيادهم فيه إقامة الحد على العبد أو الأمة وأن الذي يقيمها سيده لأنه ماله والسيد يقيم الحد على من يملكه ولو لم يأذن له الإمام.
وفيه من الفوائد أن الزنى عيب في الرقيق يرد به ويحط من قيمته ولهذا قال إن زنت في الرابعة فبيعها ولو بحبل من شعر وفيه أن المشتري أن البائع يعلم المشتري بعيبها بالعيب بعيب السلعة يقول أنها كذا باعها من أجل الزنا حتى لا يغش لا يغش المشتري الدِّينُ النَّصِيحَةُ فلا يغش أخاه وقد قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا أي بينا العيوب بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا العيوب مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا.
وفيه أن النبي ﷺ أمر السيد أن يجلد عبده أو أمته وأمر أن يبيعها وفيه الزجر عن مخالطة الفُسَّاق و معاشرتهم وعلى السيد أن يؤدب ويلاحظ العبيد الذي عنده والمماليك والعمال وهو مسؤول عنهم يلاحظهم ويمنعهم مما حرم الله ويلاحظهم لأنه المسؤول عنهم ولا يتركهم يخالطوا الفساق ويعاشروهم حتى لا يكون ذلك سبب في وقوع الفواحش والشر. نعم!