المتن :
كِتَابُ اللِّبَاسِ
401 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ.
الشرح :
كتاب اللباس ، بعد ما انتهى المؤلف رحمه الله من كتاب الأشربة انتقل إلى كتاب اللباس و هو مناسب ، الأطعمة ثم الأشربة ثم الألبسة لأن الإنسان يحتاج إلى الطعام و يحتاج إلى الشراب و يحتاج إلى اللباس .
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ. الخطاب للرجال ، ويدل على ذلك الحديث الآخر أن النبي ﷺ قال : الذَّهَبُ وَالحَرِيرُ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ فالحرير يجوز للنساء أن تلبسه أما الرجال فيحرم عليهم.
قال : لا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ؛ فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ. من لبسه في الدنيا و لو لم يستحله و لا يشترط أن يستحله إذا استحله وهو يعلم بتحريمه فقد يكفر ، لم يلبسه في الآخرة يعني عقوبة له .
فيه من الأحكام تحريم لبس الحرير على الرجال و يشمل ذلك افتراشه و الجلوس عليه كما ثبت قي الحديث الآخر أن النبيﷺ نهى عن لبس الحرير و الديباج و أن يجلس عليه .
و فيه أن الجزاء من جنس العمل و أن العقوبة بمثل الفعل ، لقول النبي ﷺ مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ. الجزاء من جنس العمل ، عوقب من جنس عمله و هذا من باب الوعيد و لا يدل على أنه كافر إذا لم يستحله و لكن هذا من باب الوعيد يدل على أنه مرتكب للكبيرة ، لبس الحرير من كبائر الذنوب ، لأن النبي ﷺ توعده بأنه لن يلبسه في لآخرة .
المتن :
الشرح :
الحرير عام يشمل جميع أنواع الحرير الثخين و الغليظ ، و الديباج حرير غليظ و الإستبرق حرير رقيق فالديباج منه ما هو رقيق و منه ما هو غليظ فالحرير يشمل الغليظ و الثخين ، و الديباج هو الحرير الثخين ، ما ثقل و غلظ من ثياب الحرير و جمعه دبايج و دباييج و الإستبرق حرير رقيق .
قوله وَلا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا صحاف جمع صحفة و هي أصغر من القصعة قال بعضهم الصحفة يأكل فيها خمسة و القصعة يأكل فيها عشرة فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا يعني للكفرة فَإِنَّهَا يعني الذهب و الفضة ، لَهُمْ يعني للكفرة ، فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ يعني للمؤمنين .
الحديث فيه من الأحكام تحريم لبس بس الحرير بأنواعه للرجال سواء كان غليظا كالديباج أو رقيقا كالإستبرق لقوله : لا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلا الدِّيبَاجَ
و فيه من الأحكام تحريم الشرب في آنية الذهب و الفضة ، ولا يجوز للإنسان أي يشرب في كأس إناء ، و كذلك يشرب بملعقة ذهب كل هذا محرم و فيه من الفوائد تحريم الأكل في أواني الذهب و الفضة ، لقوله وَلا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا.
و فيه أن الشريعة معللة في قوله : فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ. هذا فيه بيان العلة ، العلة أنها للكفرة في الدنيا يستحلونها و للمؤمنين في الآخرة.
أما التحلي بالذهب و الفضة فهذا يجوز للنساء ، المرأة تتحلى بالذهب و الفضة لأنها محتاجة إلى الجمال ، تتجمل لزوجها ، تتحلى بالذهب و الفضة في رقبتها و في ساعدها الأساور و في أصابعها و في أذنيها و في أنفها و في رجليها كالخلاخل الخلخال ، المرأة تتحلى بالذهب و الفضة لها أن تتحلى بالذهب و الفضة و لكنها لا تأكل و لا تشرب في أواني الذهب و الفضة كالرجل ، لا يجوز للمرأة و لا للرجل أن يشرب في كأس الذهب ولا أن يأكل ف إناء ذهب و لا أن يأكل في ملعقة ذهب أو فضة و كذلك حتى المكحلة ، لا يجوز للمرأة أن تجعل المكحلة من ذهب إنما يجوز لها أن تتحلى بالذهب و الفضة فقط .
المتن :
الشرح :
اللمة هي وفرة الشعر ، شعر رأس وفرة الشعر حتى يصل إلى شحمة الأذن و كان النبي ﷺ لا يحلق رأسه إلا في الحج و العمرة و إنما يوفر شعره فيكون وفرة إلى الأذن أو يكون جمة إلى الكتف .
مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِي لِمَّةٍ يعني صاحب لمة و هي وفرة الشعر إلى شحمة الأذن.
فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ يعني لابس حلة حمراء و الحلة مكونة من قطعتين ، قطعة تستر النصف الأسفل و قطعة تستر النصف الأعلى يقال لها حلة ، كالإزار مثل المعتمر و المحرم يلبس قطعة الإزار يشده من النصف الأسفل و الرداء يجعله على الكتفين ، هذه يقال لها حلة حلة حمراء ، حلة حمراء قطعتين قطعة للنصف الأسفل و قطعة للنصف الأعلى.
لَهُ شَعَرٌ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ يعني يصل إلى منكبيه و المنكب مجمع عظم العضد و الكتف يقال له منكب .
لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ الرسول عليه الصلاة و السلام بل هو متوسط ربعة بين الطويل و القصير عليه الصلاة والسلام ، الرسول ﷺ هذا وصفه ، ليس بالطويل ولا بالقصير ، ليس بالطويل البائن المفرط في الطول و ليس بالقصير المتردد و إذا ماشى الطوال طالهم ، معجزة من الله ، أذا ماشى الطوال صار مثلهم ما يطولونه و إذا ماشى القصار فهو أطول منهم عليه الصلاة والسلام ، فوصفه علي الصلاة والسلام.
بعيد ما بين المنكبين هذا وصفه عليه الصلاة و السلام ، له شعر يضرب إلى منكبيه بعيد ما بين الكتفين ما بين المنكبين ليس بالقصير و لا بالطويل .
الحديث فيه دليل على جواز لبس الأحمر ، قوله: مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِي لِمَّةٍ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ فيه مشروعية توفير الشعر شعر الرأس إلى الأذن فيكون وفرة أو إلى الكتف فيكون جمة ، قال الإمام أحمد رحمه الله هو سنة لو نقوا عليه لاتخذناه لكن له كلفة و مشقة و من كان له شعر فليكرمه و لكن لا بأس بحلق الرأس حلق الرأس جائز و الأفضل أن يتركه إذا استطاع اقتداء بالنبي ﷺ ، مستحب أن يتركه فإن شق عليه فحلقه فلا حرج لا حرج عليه في ذلك.
و فيه جواز لبس الأحمر كقوله : فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ .
و يعارض هذا الحديث حديث آخر أن النبي ﷺ نهى عن لبس الأحمر.
و اختلف العلماء في الجمع بينهما هذا الحديث أن النبي ﷺ لبس الأحمر حلة حمراء و الحديث الآخر نهى عن لبس الأحمر فاختلف العلماء في الجمع بينهما فقيل الذي لبسه النبي ﷺ ليس أحمرا خالصا و النهي إنما على الأحمر الخالص و الحلة التي لبسها ليس فيها حلة خالصة بل فيها خطوط أو نقاط ، إذا كان فيها خطوط أو نقاط مثل الشماغ الآن ليس أحمر خالص فيه خطوط أو نقط لا بأس به و إن كان أحمرا خالصا فهو منهي عنه.
و قال آخرون من أهل العلم الجمع بينهما أن النهي محمول على التنزيه بدليل لبس النبي ﷺ لما لبسه دل على أن النهي ليس للتحريم و إنما للتزيه فترك الأحمر أفضل و لكن يجوز لبسه لفعل النبي ﷺ .
و قيل أن المنهي عنه هو ما صبغ ، ما كان مصبوغا بالأحمر و قيل أقوال أخرى.
و الأرجح أحد القولين ، القول الأول : أن النهي محول على التنزيه و الفعل محمول على الجواز ، هذه قاعدة معروفة عند أهل العلم ، إذا نهى النبي ﷺ عن شيء ثم فعله دل على أن النهي ليس للتحريم بل هو للتنزيه و كذلك إذا أمر بشيء ثم فعله دل على أن الأمر ليس للوجوب كما نهى النبي ﷺ قال : إِذَا رَأَيْتُمُ الجَنَازَةَ، فَقُومُوا ثم قعد ، الأمر للوجوب و لكن لما قعد صرف فعله الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب فلأفضل إذا رأى الجنازة أن يقوم و إن قعد فلا حرج ، و كذلك هنا الأفضل أن لا يلبس الأحمر فلبس الأحمر الخالص مكروه كراهة تنزيه و لكنه يجوز لبسه لفعل النبي ﷺ .
و الجمع الثاني أن النهي محمول على الأحمر الخالص و فعل النبي ﷺ محمول على الأحمر الذي ليس بخالص بل فيه خطوط أو نقط و هذا اختيار ابن القيم رحمه الله و اختيار شيخنا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله أن النهي إنما محمول على الأحمر الخالص ، إذا كان الأحمر خالص مطبق هذا منهي عنه ، أما إذا كان فيه نقوط أو خطوط فلا بأس به و هو الذي يحمل عليه فعل النبي ﷺ .
فهذا الحديث الأول دل على تحريم الحرير في الألبسة و هذا دل على جواز لبس الأحمر من الألبسة لفعل النبي ﷺ .
و فيه مشروعية إبقاء شعر الرأس اقتداء بالنبي ﷺ و استحبابه لمن قوي على ذلك .
المتن :
الشرح :
هذا الحديث حديث البراء ابن عازب قَالَ: أَمَرْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرْنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ يعني بزيارته.
و زيارة المريض فيها فوائد و مصالح منها تقوية نفس المريض فإن إخوانه إذا زاروه تتقوى نفسه فقد يتغلب على المرض.
و منها أيضا التضامن مع المريض و أهله و تقوية الصلة و الرابطة بين المسلمين.
و منها أن المريض قد يحتاج قد تكون له حاجة فيوصي الزائر لقضاء حوائج أهله و أولاده و لهذا جاءت النصوص بفضل زيارة المريض .
جاء في الحديث أن مَنْ عَادَ مَرِيضًا، لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ، و جاء في الحديث الآخر مَنْ زَارَ مَرِيضًا فِي الصَّبَاحِ صَلَّى عَلَيهِ كَذَا مِن المَلَائِكَةِ حَتَّى يُمسِي وَإِذَا زَارَهُ مَسَاءا صَلَّى عَلَيهِ كَذَا مِن المَلَائِكَةِ حَتَّى يُصبِحُ.
و اتباع الجنازة كذلك اتباع الجنازة يعني الخروج معها حتى تدفن ، وجاء في الحديث الآخر أن مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً حَتَّى تَدفَنَ فَلَهُ قِيرَاطٌ.
من الأجر و تشميت العاطس تشميت العاطس يعني الدعاء له إذا عطس فحمد الله الدعاء له فتقول : يرحمك الله فيقول هو : يهديكم الله و يصلح بالكم.
و إبرار القسم أو المقسم إبراره يعني الوفاء بمقتضاه و عدم الحنث فيه ، فإذا حلف عليه قال: و الله تجلس ، تجلس حتى لا يترتب عليه حنث ، تبر قسمه ، وإن قال والله تأكل طعامي تأكل طعامه فإن لم تأكل طعامه و لم تجلس صار عليه كفارة يمين يحنث و يكون عليه كفارة يمين و لكن الأفضل أن تبر بقسمه إلا إذا كانت مشتقة و لم تكن مستطاعه.
و لكن لا ينبغي للإنسان أن يقسم ، ينبغي للإنسان أن يلزم ، يقول اجلس كذا لا يحلف مما ينبغي هذا لأنه قد يحرج أخاه ، قد يكون عنده ظروف ما يستطيع البقاء لكن الأفضل إبرار القسم بكل ما أمكن ، إذا قدرت أن تبر قسم أخيك فهذا هو المطلوب.
و نصر المظلوم يعني إعانته على الظالم حتى يأخذ حقه ، الأخذ بيده و إعانته على الظالم حتى يأخذ حقه ، و إجابة الداعي يعني إذا دعاك أخوك إلى وليمة تجيب دعوته هذا من حقه عليك ، قال بعض العلماء هذا خاص بوليمة العرس هي التي يجب الإجابة و ما عداها يستحب و قال آخرون هذا عام في وليمة العرس و غيرها و هذا هو الصواب و الأقرب .
لكن إذا كان الإنسان لا يستطيع و عليه مشقة يعتذر من أخيه و يقول يا أخي اسمح لي أنا علي مشقة و له ألا يجيب الدعوة إذا كان فيها منكر ، إذا كان فيها منكر فإنه ينكر المنكر فإن زال و إلا انصرف و كذلك إذا كان عليه مشقة أو مرض تضرر بنفسه أو يتضرر مريضه ، أو فيه سهر طويل فيه تضرر بحيث أنه يؤدي به إلى تأخير صلاة الفجر أو ترك ورده من الليل فهذا عذر له في عدم الإجابة ، إذا كانت الإجابة وليمة سهر إلى آخر الليل و هذا عليه مشقة و مضرة فهذا عذر له .
و إفشاء السلام إفشاء السلام يعني إظهاره و بذله لمن عرفت و من لم تعرف بعض الناس لا يسلم إلا على من يعرف و من لا يعرف ما يسل عليهم ذا غلط ، السنة كل من لقيت سلم عليه ، جاء في حديث في آخر الزمان يكون السلام للمعرفة للمعرفة يعني لا يسلمون إلا على من يعرفون .
هذه السبعة التي أمر النبي بها ﷺ .
قال : ( ونهانا عن سبع ) أيضا تَخَتُّمٍ بِالذَّهَبِ و هذا النهي للرجال خاصة و أما المرأة فلها أن تتختم بالذهب.
و عن شرب بالفضة الشرب بإناء الفضة هذا عام للرجال و النساء.
و عن المياثر: المياثر هو غطاء يوضع على سرج الفرس أو رحل البعير من الأرجوان و النهي عنه لأن فيه تشبه بالأعاجم و لأنه مظهر من صفات المتكبرين فالمياثر الحمر من الأرجوان يضعها الأعاجم ، الأعاجم يضعونها على سرج الفرس أو رحل البعير و نهي المسلم عن التشبه بالأعاجم و لأنه مظهر من مظاهر المتكبرين.
و نهى وَعَنْ الْقَسِّيِّ القسي ثياب من حرير تنسب إلى القس بلدة في مصر و الإستبرق سبق أنه حرير ، الإستبرق حرير رقيق و الديباج حرير رقيق .
هذا الحديث فيه أن النبي ﷺ أمر بهذه السبع عيادة المريض و اتباع الجنازة و تشميت العاطس و إبرار القسم و نصر المظلوم و إجابة الدعوة و إفشاء السلام ، ونهى عن الخواتم أو التختم بالذهب و عن شرب من آنية الفضة و عن المياثر و عن القسي و عن لبس الحرير و الإستبرق والديباج .
أمر بسبع و نهى عن سبع ، هذا الحديث فيه الحث على هذه الأمور السبعة و أنه يستحب للمسلم عيادة المريض و اتباع الجنازة و تشميت العاطس و إبرار المقسم و نصر المظلوم و إجابة الداعي و إفشاء السلام .
و هذه الأمور السبعة بعضها مستحب و بعضها واجب ، فزيارة المريض واجب قال بعضهم أنه فرض كفاية و اتباع الجنازة مستحب و تشميت العاطس واجب ، إذا عطس و حمد الله عليك أن تشمته أن تقول يرحمك الله و يرى بعض أهل العلم أنه واجب و أنه يجب على الإنسان أن يشمت العاطس و يقال أن أبا داود صاحب السنن ذكر أن رجلا عطس و هو على السفينة فسمعه من على الساحل فاستأجر قاربا حتى وصل إليه و شمته فدل على أنه يرى وجوب تشميت العاطس و إبرار المقسم هذا أيضا مستحب و إجابة الدعوة واجب و قيل أن إجابة الدعوة خاصة بوليمة العرس و قيل على العموم و إفشاء السلام مستحب .
و نهانا عن خواتم وهو التختم بالذهب للرجال هذا حرام و عن الشرب بالفضة أيضا هذا حرام للرجال و النساء و عن المياثر الحمر هذا أيضا للرجال و هو الجلوس عليه يكون غطاء في رحل الفرس و على رحل البعير لما فيه من التشبه بالأعاجم و لما فيه من التكبر و لبس الحرير و الإستبرق و الديباج هذه محرمة على الرجال .
و الحديث فيه هذه الفوائد هذه الأحكام و هي الأمر بهذه الأشياء السبعة و النهي عن هذه الأشياء السبعة على التفصيل السابق .
المتن :
وَفِي لَفْظٍ جَعَلَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى .
الشرح :
هذا الحديث حديث عمر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اصْطَنَعَ خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ اصطنع يعني أمر أن يصنع له ، فكان يجعل فصه في باطن كفه ، الفص ما ينقش عليه اسم صاحبه و تارة يكون من جنس الخاتم و تارة يكون من جنس آخر من حجر يقال له فص ، فكان النبي ﷺ يجعل فصه في باطن كفه ، أحيانا الفص يكون من هنا و من هنا و أحيانا يكون من فوق ، فص الخاتم .
و الخاتم يلبس في الخنصر أو في البنصر كما جاء في الحديث ، و في اليد اليمنى أو اليسرى و لا يلبس في الوسطى و لا في الإبهام و لا في السبابة و إنما يلبس في الخنصر أو البنصر ، الخنصر أو البنصر من اليمنى أو من اليسرى و النبي ﷺ كان يجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه ، فصنع الناس مثل ذلك ثم إنه جلس على المنبر فنزعه فقال : إنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الْخَاتَمَ وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ ، فَرَمَى بِهِ يعني حرم في الأول كان مباح ، كان لبس الذهب مباح للرجال فكان النبي ﷺ يلبس خاتم من ذهب و كان الناس يلبسون خواتم من ذهب ثم نزل التحريم ، جاءه الوحي في المنبر فنزعه و كذلك الحرير كان مباحا ، كان مباحا ثم جاء الوحي فنزعه النبي ﷺ نزعا شديدا و قال لاَ يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ فكان في أول الإسلام الذهب مباحا للرجال ثم حرم و كان الحرير كذلك ، هنا كان النبي ﷺ لابسا خاتما من ذهب و الصحابة لبسوا خواتم من ذهب فجاء الوحي فرمى به النبي ﷺ فرمى الناس بخواتيمهم ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لا أَلْبَسُهُ أَبَداً فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ يعني طرحوها وَفِي لَفْظٍ جَعَلَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى .
ثم اتخذ النبي ﷺ بعد ذلك خاتما من فضة و اتخذ الناس خواتم من فضة ، خاتم من فضة جائز للرجال .
الحديث فيه تحريم لبس الخاتم من الذهب للرجال.
و فيه اقتداء الناس بالنبي ﷺ و التأسي به في نظر الصحابة و التأسي بالنبي ﷺ و اجتنابهم كل محرم .
المتن :
وَلِمُسْلِمٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلاَّ مَوْضِعَ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ.
الشرح :
هذا الحديث حديث عمر فيه أنه يستثنى من لبس الحرير للرجال موضع أربعة أصابع أو ثلاثة أو اثنتين فهذا يرخص فيه ، تجعل أحيانا في أطراف الثوب أو تجعل مكان الأزارير ، مكان الأزارير شيء من الحرير بمقدار أربعة أصابع ، إصبع أو إصبعين أو ثلاثة أو أربعة ، يكون خط طويل و كذا أو خط في الأسفل و في أطراف الأكمام و في الأزارير لا بأس بذلك و لهذا قال عمر نَهَى عَنْ لُبُوسِ الْحَرِيرِ إلاَّ هَكَذَا ، وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُصْبُعَيْهِ: السَّبَّابَةَ ، وَالْوُسْطَى
وَلِمُسْلِمٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلاَّ مَوْضِعَ أُصْبُعَيْنِ ، أَوْ ثَلاثٍ ، أَوْ أَرْبَعٍ .
و هو ما يكون في الثوب من تطريف و تطريز كالأعلام .
الحديث فيه دليل على جواز لبس الثوب الذي يخالطه شيء من الحرير كمقدار العلم ، مقدار العلم مقدار أربعة أصابع أو ثلاث أو أصبعين أو أصبع سواء كان مجموعا أو مفرقا ، إذا كان مجموع الحرير في أربع أصابع و لو كانت متفرقة فلا بأس .
الحديث في دليل على استثناء ما يقارب أربعة أصابع من الحرير للرجال بمقدار العلم سواء كان مجموعا أو مفرقا ، يجعل في أطراف الثوب أو الأزارير أو في الأكمام أو غيرها .
انتهى ...........