شعار الموقع
  1. الصفحة الرئيسية
  2. الدروس العلمية
  3. الحديث وعلومه
  4. شرح كتاب الجهاد من عمدة الأحكام
  5. شرح كتاب الجهاد من عمدة الأحكام_2 من حديث عمر كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ إلى حديث مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

شرح كتاب الجهاد من عمدة الأحكام_2 من حديث عمر كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ إلى حديث مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

00:00
00:00
تحميل
69

ِِبسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد :

فإنه ينبغي على المسلم أن يحرص على حضور الحلقات العلمية و الدروس العلمية لما في ذلك من الفضل و الأجر العظيم لأن حضور الدروس العلمية يستفيد المسلم فوائد متعددة يتبصر في دينه و في شريعة ربه ، يعلم الأوامر و النواهي و الحلال و الحرام.

و أيضا الملائكة تحف مجالس العلم ، تحف الذاكرين و المعلمين و المتعلمين و تنزل الرحمات.

فينبغي للمسلم أن يحرص على حضور الحلقات و أن يستفيد منها.

و قد وردت نصوص كثيرة في كتاب الله و سنة رسوله ﷺ في فضل العلم و تعلم العلم و تعليمه و لا يخفى هذا على كثير من الإخوان.

و نحن قد شرحنا عمدة الأحكام و بقي آخر درس ، الباب الأخير و ما قبله ، باب الجهاد و باب العتق ، و ننتهي إن شاء الله منه .

المتن :

420 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلا رِكَابٍ، وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَالِصاً، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْزِلُ نَفَقَةَ أَهْلِهِ سَنَةً، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي الْكُرَاعِ، وَالسِّلاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ .

الشرح :

هذا الحديث حديث عمر بن الخطاب في الجهاد في سبيل الله قال : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله ﷺ بنو النضير طائفة من طوائف اليهود و كان النبي ﷺ لما قدم المدينة ، كانت في المدينة ثلاث طوائف من اليهود ، بنو النضير و بنو قينقاع  و بنو قريضة و كلهم عاهدهم النبي ﷺ وصالحهم على أن لا يقاتلوه و كلهم نقضوا العهد ، فأما بنو النضير فإن النبي ﷺ أجلاهم ، أجلاهم و هم قبيلة كبيرة اتفق معهم على ألا يحاربوه و صالحهم و ألا يعينوا عليه عدوه لا كنهم نقضوا العهد ، نكثوا العهد ، فحاصرهم النبي ﷺ حتى نزلوا على حكمه ، وصالحهم على أن لهم ما حملت الإبل إلا السلاح ، يحملون ما حملت الإبل من أمتعتهم إلا السلاح و أجلاهم النبي ﷺ  فقسم منهم ذهبوا إلى الشام و قسم ذهب إلى الحيرة و فيهم أنزل الله سورة الحشر و تسمى سورة بنو النضير .

و أموالهم التي خلفوها هذه حصلت للمسلمين بدون قتال و الذي يحصل للمسلمين بدون قتال يسمى فيء ، أما أموال المشركين أو الكفار التي يحصل عليها المسلمون من دون قتال تسمى فيء ، و أما الأموال التي يحصل عليها المسلمون بعد القتال تسمى غنيمة ، و الغنيمة التي يحصل عليها المسلمون بعد القتال يؤخذ خمسها ، ينزع منها الخمس و يقسم خمسة أخماس خمس لله و للرسول و خمس لقرابة الرسول و خمس لليتامى و خمس للمساكين و خمس لابن السبيل . كما قال الله تعالى وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ. و أربعة أخماس تقسم على الغانمين ، هذه الغنيمة التي يخلفها المشركون بعد القتال .

أما أموال المشركين التي تؤخذ بدون قتال فهذه تكون للنبي ﷺ يتصرف فيها ،فكانت أموال بني النضير حصلت للمسلمين بدون قتال و لهذا في هذا الحديث قال عمر كانت أموال بني النضير  مما أفاء على رسوله يعني من الفيء ، الفيء هو المال الذي يحصل بدون قتال يسمى فيء و ما يحصل بعد القتال يسمى غنيمة و لهذا قال عمر كانت أموال بني النضير  مما أفاء على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون من خيل و لا ركاب ، الإيجاف هو السير السريع ، قالوا أوجف دابته إذا حثها و الخيل القتال على الخيل ، و الركاب هي الإبل و ذلك أن بني النضير ليست ببعيدة ، ليست ببعيدة عن المدينة فكانت على ميلين ، فمشوا إليها مشاة غير النبي ﷺ فإنه ركب جملا و لم ينل أصحابه مشقة فلهذا صارت أموال بني النضير للنبي ﷺ ، لأن المسلمون لم يتعبوا عليها و لم يحملوا على الإبل أو على الخيل و لم يتكلفوا فكانت خاصة للنبي ﷺ ، فكانت للرسول الله ﷺ خالصة يعني خاصة للنبي ﷺ  فكان رسول الله ﷺ يعزل نفقة أهله سنة منها ثم يجعل ما بقي في الكراع و السلاح ، الكراع اسم يطلق على الخيل و البغال و الحمير ، فكان النبي ﷺ يعزل نفقة أهله سنة ثم ما بقي بعد ذلك يجعله في السلاح و في الإبل و الخيل المعدة للجهاد في سبيل الله ، عدة في سبيل الله .

و في هذا الحديث من الأحكام و الفوائد بيان مصرف الفيء و لهذا قال الله تعالى في سورة بني النضير  وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ۝ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ هذه مصرف الفيء ، يقسم خمسة أخماس ، اتخذ المال لنفسه خاصة ، و قسم هذا الأقسام الخمسة لقرابة الرسول عليه الصلاة و السلام خمس و اليتامى خمس و المساكين خمس و ابن السبيل خمس .

و فيه من الفوائد أن للإمام أن يحجز من مال الفيء ما لم يضعه في السلاح و الإعداد للحرب ، الدواب في الزمن السابق و في هذا الزمن صار القتال ليس على الدواب و إنما هو بالأسلحة الحديثة فيعد ولي الأمر من المال  ما يكون عدة للسلاح في مقابلة الأعداء.

و فيه دليل على جواز ادخار النفقة و أنه لا بأس أن يدخر الإنسان لنفسه ما يكفيه لمدة سنة أو أكثر و أن هذا لا ينافي التوكل على الله و لا يعد من باب التكاثر ، كون الإنسان يبقي عنده شيء من المال نفقة لأهله لمدة سنة أو أكثر هذا لا ينافي التوكل و لا ينافي الزهد ، و كان النبي ﷺ يعزل لأهله نفقة سنة و لكن ينتهي قبل السنة ، تأتي عليه النوائب و تأتي عليه الضيوف و ينفق منه النبي ﷺ حتى إنه ينتهي قبل السنة و يستدين النبي ﷺ و لهذا مات و درعه مرهونة عند يهودي مقابل ثلاثين صاعا من شعير عليه الصلاة و السلام ، فكان يعد له نفقة سنة لكن ينتهي قبل السنة تأتي عليه النوائب و تأتي عليه المصارف و تأتي عليه الضيوف و المحتاجون فينفق فلا يبقى منه شيء فيحتاج إلى الاستدانة عليه الصلاة و السلام.

المتن :

421 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَجْرَى النَّبِيُّ ﷺ مَا ضُمِّرَ مِنْ الْخَيْلِ مِنْ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَأَجْرَى مَا لَمْ يُضَمَّرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَكُنْتُ فِيمَنْ أَجْرَى. قَالَ سُفْيَانُ: مِنَ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ، وَمَنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ مِيلٌ.

الشرح :

هذا الحديث فيه أن النبي ﷺ سابق بين الخيل ، فيه دليل على مشروعية المسابقة بين الخيل ، سابق بين الخيل و قسم الخيل إلى قسمين ، قسم مضمرة و قسم غير مضمرة و الفرس المضمر ، التضمير معناه هو أن يحبس الفرس و يعلف علف خاص حتى يسمن و يتقوى ثم يجلل بالجلائل و يدخل بيتا و يغشى بالجلائل حتى يحمى و يعرق و يجف عرقه و يخف لحمه فيكون قويا على الجري يكون قوي يخرج بعد التضمير ، تكون مدة مثلا مدة أربعين يوم أو كذا ، يحبس الفرس و يعلف تعليف خاص و يوضع في مكان خاص و يطعم طعام خاص و يجلل أجلة خاصة حتى يعرق و يذهب رهله و يقوى و يخرج و هو قوي العضلات فيكون قويا شديدا واسع الجري في الحرب ، هذه الخيل المضمرة ، و الخيل التي لم تضمر ، فالخيل المضمرة قوية و لذلك سابق النبي ﷺ بين الخيل المضمرة من مسافة إلى مسافة ، من كذا إلى كذا أميال و سابق بين الخيل التي لم تضمر أقل ، مسافة أقل ، لأن الخيل المضمرة تستطيع أن تمشي مسافات أكثر لأنها صارت قوية و بسبب التضمير و صارت نشيطة و صارت خفيفة ، و لهذا سابق النبي ﷺ الخيل ، أجر النبي ﷺ مسابقة بين الخيل ، بين ما ضمر من الخيل من الحفياء إلى ثنية الوداع و هذا قيل أنه خمسة أميال إلى ستة أميال و الميل يقارب كيلوين إلا ثلث تقريبا أو كيلوين إلا ربع ، هذا الميل ، فالنبي ﷺ أجرى مسابقة بين الخيل التي ضمرت من خمسة أميال إلى ستة أميال من الثنية إلى مسجد بني زريق و المسافة خمسة أميال أو ستة أميال ، و أجرى مسابقة بين الخيل التي لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق كيلو واحد ، كيلوين إلا ثلث و تلك المضمرة خمسة أميال ، فرق بينها لأن المضمرة قوية واسعة الجري شديدة لأنها ضمرت و نشئت و هيأت للمسابقة و الحفية و ثرية الوداع أماكن معروفة في المدينة .

و في الحديث من الفوائد جواز المسابقة على الخيل و كذلك غيرها من الدواب بدون عوض بدون مال ، أما في المال فلا يجوز إلا في الخيل و الإبل و كذلك الرماية ، لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ، أَوْ خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ، إِلَّا فِي نَصْلٍ هذا الرماية نصل السلاح ، أَوْ خُفٍّ هذا الإبل أَوْ حَافِرٍ، الخيل ، هذه يجوز المسابقة عليها بالمال لأن فيها تدريب و تمرين على المجاهدة في سبيل الله و أما ما عداها فلا يجوز ، ما يجوز المسابقة على غيرها ، على السيارات و الدراهم ، لا يجوز بدراهم ، أو المسابقة مثلا على الحمير أو على البغال هذا لا يجوز ، إنما أخذ المال من المسابقة على ثلاث أشياء على الإبل و الخيل و السهام ، الرماية يعني ، يكون هناك رماية نصل فمن يصيب فله كذا و كذا .

و الحديث فيه دليل على جواز المسابقة على الخيل و على الإبل و غيرها من الدواب و أما أخذ العوض فلا يجوز إلا في ثلاثة أشياء و أن هذا ليس من العبث ، هذا ليس من العبث لأن فيه تدريب و تمرين لها على الجهاد في سبيل الله.

و في الحديث دليل على جواز تضمير الخيل  و أن هذا ليس تعذيبا لها بل مستحب لما في ذلك من إعدادها للغزو والجهاد في سبيل الله.

و فيه أنه خصص ميدان للسباق معروف بدايته و نهايته للإبل و الخيل.

 في الحديث دليل على أنه يميز بين الأشياء و يغاير بين الأشياء فليست الأشياء كلها في مرتبة واحدة فالخيل المضمرة لها من المزية ما ليست لغيرها فلهذا تطول المدة و المسافة التي تتسابق عليها و أما الخيل الغير مضمرة فتكون مدتها أقصر .

المتن :

422 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي.

الشرح :

هذا الحديث حديث ابن عمر فيه قال عرضت على النبي في يوم أحد و أنا ابن أربعة عشر سنة فلم يجزني في المقاتلة و في لفظ فلم يرني بلغت و عرضت عليه يوم الخندق و أنا ابن خمسة عشرة سنة فأجازني يعني عرض عليه الجهاد في سبيل الله ، ابن عمر كان صغير في غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة و غزوة الخندق في السنة الرابعة من الهجرة ، في غزوة أحد كان ابن أربعة عشرة سنة ، عرض عليه بعض الصبيان الذين لم يبلغوا فردهم و عرض عليه ابن عمر و هو ابن أربعة عشرة سنة يوم أحد فرده ، لم يجزه في القتال ، في الجهاد في سبيل الله و لما كان بعد سنة ، عرض عليه و هو ابن خمسة عشرة سنة فأجازه و جعله يبلغ مبلغ الرجال.

استدل به العلماء على أن بلوغ خمسة عشرة سنة يعتبر بلوغ و لما بلغ عمر بن عبد العزيز هذا الحديث ، قال هذا حد فاصل بين البلوغ و غيره ، فتكون من دلائل البلوغ و من علامات البلوغ ، بلوغ خمسة عشرة سنة.

و جاءت أدلة أخرى تدل على أن بلوغ الصبي و الصبية يكون له علامات منها إنبات الشعر الخشن حول القبل حول الفرج ، إذا أنبت الصبي أو الصبية شعرا خشنا حول الفرج فهذا يعتبر بالغ حتى و لو كان ابن عشر سنين و لو ابن اثنا عشرة سنة إذا أنبت شعر خشن ، أما الشعر الرقيق ، الشعر الخفيف اللين الرقيق فهذا ليس دليل على البلوغ ، كالشعر الخشن ، إذا أنبت شعرا خشنا حول الفرج فهذا من علامات البلوغ .

العلامة الثانية : الاحتلام في اليقظة ، إذا خرج منه مني ، احتلم في اليقظة أو في النوم فإنه يعتبر بالغ و لو كان ابن عشرة سنين .

العلامة الثالثة : إذا لم يوجد لا هذا ولا هذا بلوغ خمسة عشرة سنة كما في الحديث إذا بلغ خمسة عشرة سنة يعتبر بالغا و إن وجدت علامة قبل اثنا عشرة سنة ، الإنبات أو الاحتلام فيكون بالغ.

و تزيد الأنثى علامة رابعة و هي الحيض ، إذا حاضت الأنثى تعتبر بالغ و لو كانت بنت تسع سنين ، قالت عائشة رضي الله عنها إذا بلغت الأنثى تسع سنبين فهي امرأة و قال الشافعي رحمه الله رأيت جدة لها إحدى و عشرين سنة يمكن تبلغ و يولد لها كيف ذلك !

هذه بنت تزوجت لها تسع سنين و حملت في الحال فلما مضى عليها سنة ولدت ثم لما بلغت البنت الصغيرة تسع سنين تزوجت أيضا ثم جاءت ببنت و عمرها عشر سنين فصارت الأم لها عشر سنين و الجدة الأولى لها إحدى و عشرين السنة ، ولهذا قال الشافعي رأيت جدة لها إحدى و عشرين سنة .

فهذا الحديث فيه دليل على أن من بلغ خمسة عشرة سنة فإنه إذا احتيج في الجهاد يؤذن له في الجهاد ، و أما إذا لم يلغ خمسة عشرة سنة فلا يؤذن له لأنه يكون من الصبيان.

و من الأدلة على أن الشعر الخشن يكون من البلوغ ما فعله النبي ﷺ مع بني قريضة لما حكم. فكانوا يعرضون على النبي ﷺ و من شك فيه من الصبيان يكشف عن مؤتزره فإن أنبت شعرا خشنا قتله فإنه من الرجال  و إن لم ينبت الشعر الخشن أبقاه لأنه من الذرية فهذا دليل على أن الإنبات يعتبر من علامات البلوغ.

و فيه دليل على أن الإمام له أن يستعرض من يخرج معه للقتال قبل الحرب فمن وجد أهلا استصحبه و إلا رده و كذلك فيه دليل على أن من استكمل خمسة عشرة سنة أجريت عليه أحكام البالغين ، هذا إذا لم يحتلم ، إما إذا احتلم أو انبت فتكون سبقت العلامة .

المتن :

423 - وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَسَمَ فِي النَّفَلِ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّجُلِ سَهْماً.

الشرح

و هذا الحديث فيه أن النبي ﷺ استعرض المقاتلين و المجاهدين و لما قسم الغنيمة يقسم للفرس سهمين و للرجل سهما ، هذا في الغنيمة ، الغنيمة التي بعد الحرب و بعد القتال يكون المجاهد الذي يجاهد بنفسه و ليس معه فرس له سهم و من له فرس له سهمان و كذلك في النفل و النفل هو الذي يعطى من غير الغنيمة ، المال الذي يعطى من غير الغنيمة و يطلق النفل على الغنيمة لكن النفل ما ينفله الإمام زيادة على الغنيمة كأن يكون من له تأثير في القتال ، رجل له تأثير شجاع يؤثر في الكفار له تأثير أو أثر في الغنيمة من الكفار كثيرة و قتل مثلا رئيسا من رؤساء الكفار ينفله الإمام تشجيعا له ، يعطيه زيادة يسمى النفل و يطلق النفل على الغنيمة .

فهذا الحديث فيه أن النبي ﷺ قسم في النفل و أعطى للفرس ، من له فرس سهمان و للرجل سهما ، لأن من له فرس يحتاج إلى أن يعطى لفرسه لأن فرسه يحتاج إلى علف يحتاج إلى رعاية و عناية بخلاف الراجل ما معه شيء ، الراجل يمشي على رجليه ، أما صاحب الفرس فله عناية يعتني بفرسه و يعلفه و يسقيه و يلاحظه و يركبه و يؤثر أكثر في الأعداء و لهذا كان الفارس له سهمان و الراجل له سهم.

المتن :  

424 - وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ فِي السَّرَايَا لأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً سِوَى قَسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ.

الشرح :

و هذا الحديث فيه أن الرسول ﷺ كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوا قسم عامة الجيش و السرايا جمع سرية و هي القطعة من الجيش التي تخرج و ليس معها رسول الله ﷺ ، فإذا خرج الجيش و معه الرسول ﷺ يسمى غزوة ، و إن خرج الجيش و ليس معه الرسول ﷺ يسمى سرية و السرية  التي لم يحضرها النبي ﷺ و الغزوة هي التي يحضرها النبي ﷺ و غزوات النبي ﷺ محصورة و سراياه محصورة قيل أن عدد سراياه خمسون سرية و غزواته مختلف فيها فوق العشرين .

فكان النبي ﷺ ينفل و الأصل نفل العطية غير اللازمة و أطلقه الفقهاء على ما يجعله الإمام لبعض الغزاة من الخمس لأجل الترغيب أو تحصيل مصلحة و كان النبي ﷺ ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة يعطيهم شيئا خاص سوا قسم عامة الجيش ، عامة الجيش يعطون أربعة أخماس الغنيمة و ينفل بعضهم يعطيهم من الخمس، الخمس الذي انتزعه من الغنيمة لله و لرسوله ، ينفل بعض الناس بعض الشجعان و بعض من له تأثير في الحرب من له تأثير في العدو ينفل تشجيعا له و يعطى زيادة عل ما يعطااه الجيش بسبب تأثيره و إفادته للجيش.

وفي الحديث من الفوائد الحض على اقتناء الخيل و اتخاذها للغزو لما فيها من البركة.

وفي الحديث الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ. و الآن الخيل لا تستعمل في الحروب لكن لا يستغنى عن الخيل حتى في الحروب الحديثة ، الخيل كما قال النبي ﷺ الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ. و هي باقية و الحاجة إليها ماسة حتى الآن في الحروب الحديثة تستعمل الخيل في أماكن لا تصل إليها السيارات و الطائرات في الجبال ، تستعمل في الجبال و في أماكن لا يراد أن يسمع فيها الصوت و لا في نور و الآن تستعمل في أفغانستان و في غيرها ، تستعمل الخيل في الجبال في أماكن ما يستطيع الأعداء ، لا يرون نور و لا يسمعون صوت و يصعدون بها الجبال و يتنقلون بها لكن السيارات و غيرها سريعة الاكتشاف.

و المقصود أن الخيل باقية إلى يوم القيامة و الحاجة ماسة إليها ، ولهذا قال النبي ﷺ الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.

و في الحديث من الفوائد أن الإمام ينظر إلى المصالح المتعلقة بالمال و له أن ينفل من له تأثير في الجيش زيادة على قسمه من الغنيمة و أنه يقدره على حسب ما تقضيه المصلحة  .

المتن :

425 - عَنْ أَبِي مُوسَى - عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ - عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا.

الشرح :

هذا الحديث فيه الوعيد الشديد على من حمل السلاح على المسلمين و أنه من كبائر الذنوب ، إذا قال النبي ﷺ فَلَيْسَ مِنَّا. فهذا دليل على أنه من كبائر الذنوب.

و ليس المراد منه أنه يخرج من ملة الإسلام لكن هذا من باب الوعيد و هذا يدل على أن من حمل السلاح على المسلمين هذا من الكبائر من يقاتل المسلمين كالبغاة الذين يقاتلونهم ، كذلك أيضا يفجرون بين المسلمين كل هذا من حمل السلاح على المسلمين هذا فيه أذية لهم و هذا من كبائر الذنوب من الكبائر العظيمة.

و الكبيرة عند أهل العلم ، كل ذنب كتب بنار أو لعنة أو غضب في الآخرة أو وجب فيه حد في الدنيا أو قال فيه النبي ﷺ ليس منا من فعل ذلك أو نفي عن صاحبه الإيمان أو برئ منه النبي ﷺ لقوله في الحديث برأ النبي ﷺ من الصالقة والحالقة والشاقة الصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة و الحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة و الشاقة التي تشق ثوبها عند المصيبة هؤلاء تبرأ منهم النبي ﷺ هذا يدل على أنه من الكبائر التي تشق ثوبها عند النياحة أو تنتف شعرها و كذلك الرجل تلطم خدها تسخط من قضاء الله وقدره و لهذا برئ النبي ﷺ من الحالقة و الصالقة و الشاقة .

و في هذا الحديث قال مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا. يعني ظاهره أنه ليس منا معاشر المؤمنين لكن ليس المراد هذا لا يكون كافرا لا كن هذا يدل على أنه مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب مثل قوله عليه الصلاة والسلام مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا. و في الحديث لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ. كل هذا يدل على أن هذا من الكبائر و كذلك من حمل السلاح على المسلمين و قاتل المسلمين بغير حق فإن هذا مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب لأنه حينما يقاتلهم يدخل الرعب عليهم و يخوفهم و يؤذيهم و لهذا توعده النبي ﷺ بهذا لوعيد .

و هذا الحديث فيه إبقاء على ظاهره عند أهل العلم يبقونه على ظاهره و لا يفسرونه حتى يقع موقعه من الزجر و التخويف.

المتن :

426 - عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً. أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

الشرح :

هذا الحديث فيه بيان المجاهد في سبيل الله و أن الذين يقاتلون الكفار أنواع منهم من يكون في سبيل الله و منهم من لا يكون في سبيل الله و أن العبرة بالنية و الإخلاص و أن العمل لا يعتبر و لا يكون صحيحا و لا مقبولا عند الله حتى يكون خالصا لله ، أي عمل يعمله الإنسان لابد أن يكون لله و أن يكون موافقا لشرع الله ، الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج و بر الوالدين و صلة الأرحام و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الدعوة إلى الله و الإحسان إلى الناس كل هذه الأعمال صالحة .

لكن لا تكون صالحة و لا تقبل عند الله إلا بشرطين الذي يتوفر فيه ركنان:

 الركن الأول : أن تكون خالصة لله مرادا بها وجه الله و الدار الآخرة لا يريد بها صاحبها مراءاة الناس  و لا محمدتهم و لا يريد مالا و لا يريد جاها.

و الشرط الثاني : أن تكون موافقة لشرع الله و صوابا على هدي رسول الله ﷺ و إذا تخلف الإخلاص حل مكانه الشرك و إذا تخلفت المتابعة حل محلها البدعة

قال الله تعالى في بيان هذين الشرطين فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا، فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا​​​​​​​ العمل الصالح هو موافقة شرع الله و العمل الذي ليس فيه شرك هو الخالص.

و قال سبحانه وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ إسلام الوجه هو إخلاص العمل لله و الإحسان هو أن يكون العمل موافقا للشرع.

كل عمل لابد أن يتوفر فيه الشرطان حتى يكون صحيح و مقبول ، أن يكون لله و أراد به وجه الله و الدار الآخرة و الثاني : أن يكون موافقا للشرع و من ذلك القتال قتال الأعداء و القتال في سبيل الله ، هل كل مقاتل في سبيل الله ! لا، و لهذا قال الرسول ﷺ في الحديث مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، والله أعلم مَنْ يُقَاتَلَ فِي سَبِيلِهِ (...)

و في لفظ آخر و رجل يقاتل يرى مكانه أي ذلك في سبيل الله و قد يقاتل حمية ، حمية لقومه يقاتل لأجل الحمية ليس لإعلاء كلمة الله أو يقاتل لأجل الدم أو يقاتل لأجل العروبة هذا ليس في سبيل الله ، في سبيل الشيطان ، يقاتل لأجل العروبة أو يقاتل عصبية للدم أو عصبية للعرق أو حمية أو أنفة أو يقاتل شجاعة حتى يري الناس شجاعته أو يقاتل ليرى مكانه و يقال الناس هذا فلان قوي .

ماذا قال النبي ﷺ ، لما سئل ﷺ يا رسول الله الرجل يقاتل شجاعة و الرجل يقاتل حمية و الرجل يقاتل رياء مراءاة للناس و الرجل يقاتل ليرى مكانه أي ذلك في سبيل الله فأعرض النبي ﷺ عن هذا كله و قال مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

أنظر ، مَنْ قَاتَلَ، بهذا القصد مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا كلمة الله يعني دينه ، دين الله ، كلمة الله الكلمة ، كلام الله إما خبر و إما أمر فالخبر يصدق و الأمر ينفذ ، هذه كلمة الله إما خبر كإخبار الله تعالى ما أخبر به عن الأنبياء و عن الأمم السابقة و عن يوم القيامة و عن الجزاء و عن الحساب و عن الجنة و النار و عن البعث ، هذا خبر يجب التصديق من لم يصدق خبر الله فهو كافر أو أمر ، أمر بالفعل ، أقيموا الصلاة ، أمر بالترك ذروا ما بقي من الربا هذه كلمة الله ، كلمة الله إما خبر و إما أمر فالخبر يصدق و الأمر ينفذ فالذي يقاتل لإعلاء كلمة الله يقاتل حتى ينفذ شرع الله تصدق أخبار الله و أخبار رسوله و تنفذ أحكام الله و أحكام رسوله من قاتل بهذا القصد لتكون كلمة الله هي العليا ليكون شرع الله هو الظاهر لتصدق أخبار الله و أخبار رسوله و تنفذ أحكام الله و أحكام رسوله فهذا هو الذي في سبيل الله مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

و العمل الصالح قد ينقلب بالنية السيئة فيكون وبالا على صاحبه ، العمل الصالح في ظاهره صالح ، و لكن قد يكون وبالا على صاحبه بالنية السيئة أرأيت قول النبي ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة قال إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ. قال أبو هريرة فهؤلاء الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة ، لماذا هؤلاء انقلبت أعمالهم وبالا عليهم بسبب النية السيئة و إلا لو كان العمل لله لكان العالم و القارئ صديق من الصديقين الذين رتبتهم تلي رتبة الأنبياء و لو كان المقاتل مخلصا لله لكان في المرتبة الثالثة ، لكان من الشهداء و لو كان الثالث الذي أنفق أمواله في سبل الخيرات مخلصا لله لكان من الصالحين كما قال الله تعالى وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا لكن هؤلاء و العياذ بالله لما كانت النية سيئة صارت أعمالهم وبالا عليهم نسأل الله السلامة و العافية .

فهذا الحديث فيه أن النبي ﷺ سئل عن الرجل يقاتل شجاعة يعني لأجل أن يري الناس شجاعته و يقاتل حمية حمية لقومه و يقاتل رياء يرائي الناس أي ذلك في سبيل الله ! فقال رسول الله ﷺ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

و هذا الحديث فيه تحريم قتال المسلمين ، فيه دليل على أن العمل الصالح عمدته الإخلاص في النية و أنه لا يعتبر بالظاهر عمدته الإخلاص و المتابعة.

و في الحديث ذم الحرص على الدنيا و القتال لحفظ النفس.

و فيه بيان المجاهد في سبيل الله أنه من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا .

و أما قتال أهل البغي ، قتال أهل الحق البغاة فهذا لا يشمله الحديث قتل البغاة الذين بغوا على المسلمين و أرادوا تفريق المسلمين و زعزعة الأمن هؤلاء إذا خرجوا على الإمام يكشف شبهتهم فإن امتنعوا و إلا قاتلهم .

انتهى.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد