شعار الموقع

شرح كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان_1 من بداية الكتاب إلى ذكر أولياء الرحمن وأولياء الشيطان في القرآن

00:00
00:00
تحميل
306

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله الا الله وحده لاشريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله سيد الأنبياء والمرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين وخاتم الأنبياء والمرسلين، الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه من ربه اليقين، أشهد أنه رسول الله حقاً إلى الثقلين إلى الجن والإنس، إلى العرب والعجم، وأنه لا نبي بعده، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى آله وعلى أصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فإني أحمد الله إليكم وأثني عليه الخير كله وأسأله المزيد من فضله، وأسأله سبحانه أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا وذرياتنا، كما أسأله أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعا مرحوما وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما وألا يجعل منا ولا فينا شقياً ولا محروماً، كما أسأله سبحانه أن يجعل جمعنا هذا جمع خير وعلم ورحمة، تنزل عليه السكينة فتغشاه الرحمة وتحفه الملائكة ويذكره الله فيمن عنده، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ  قال : مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ.

أيها الأخوان إن مجالس العلم هي مجالس الخير والذكر، هي المجالس التي تحفها الملائكة، ثبت في الأحاديث الصحيحة إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، وأعلى مجالس الذكر هي مجالس العلم فَإِذَا وَجَدُوها قَالُوا هَذِهِ طَالِبَتُكُم وحفوها..وأحفوها بأجنحتهم.

وثبت في الأحاديث الصحيحة أنه يغفر لأهل الذكر ولأهل مجالس الذكر، وأنه يغفر لمن جاء وكان معهم، وإن لم يكن منهم، كما ثبت في الأحاديث أن النبي ﷺ بيّن أن من جاء.. أن الملائكة تحف مجالس الذكر وتستغفر لهم، وأن الله تعالى يسألهم وهو أعلم..وأن الله تعالى يغفر لهم، وأن الملائكة تقول إن فيهم عبدك فلان ليس منهم، فيقول الرب سبحانه: هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ.

هذا فضل عظيم مجالس الذكر، وما ذاك إلا لأن مجالس الذكر يذكر فيها الله ، ويعظم في القلوب وفي الثناء بالألسن وفي الأعمال بالتعبد له ، وكذلك مجالس الذكر يذكر فيها كلام الله وكلام رسوله ﷺ يذكر فيها -في مجالس الذكر- يبين فيها أسماء الله وصفاته ومايستحقه من الأسماء والصفات التي وصف بها نفسه والتي وصف بها رسوله محمد ﷺ.

بهذه المجالس يعرف المعبود ، يعظم الرب ، هذه المجالس فيها يذكر الله، ويعظم الله ويبين مايستحقه من العظمة والجلال، تذكر أسماء الله وصفاته، يعرف بها الرب ، يعرف الناس ربهم بأسمائه وصفاته وأفعاله وماله عليهم عليهم من النعم العظيمة أوجدهم من العدم وخلقهم ورباهم بنعمه .

يعرف.. يذكر في هذه المجالس حق الرب الذي من أجله خلقهم ، يبين فيها الأوامر والنواهي ما أوجب الله وماحرم الله، فيتعبد لله تعالى بما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ.

في مجالس الذكر يتفقه في دين الله ، وقد ثبت في الصحيحين من حديث أمير المؤمنين معاوية بن سفيان ، أن النبي ﷺ قال: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، قال العلماء هذا الحديث له منطوق وله مفهوم، منطوقه أن من فقهه الله في الدين فقد أراد به خيرا، ومفهومه أن من لم يرد الله به خيراً لم يفقهه في الدين ولاحول ولاقوة الا بالله.

والفقه في الدين أعظمه الفقه في أسماء الله وصفاته.. في أسماء الله وصفاته ، ثم الفقه في شرعه ودينه.

والفقه الأكبر هو الفقه في أسماء الله وصفاته، تفقه في أسماء الله وصفاته، ماله.. تفقه في أسرار الأسماء والصفات، كما ذكر ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في كتبه المتعددة كالنونية وهي الكافية الشافية وفي طريق الهجرتين وفي كتابه بيان العلم وغير ذلك من كتبه المتعددة يبين فيها أسرار الأسماء والصفات وهذا هو الفقه الأكبر، ولهذا لما كتب الإمام أبو حنيفة رحمه الله كتابه في أسماء الله وصفاته سماه الفقه الأكبر.

والفقة الأصغر هو الفقه في شريعة الله ، وشرف العلم بشرف المعلوم، والعلم بأسماء الله وصفاته هو أشرف العلوم -العلم بأسماء الله وصفاته-، لأن شرف العلم بشرف المعلوم والمعلوم هو الرب ، ولما كان المعلوم هو الرب سبحانه فكان أشرف العلوم.. أشرف العلوم العلم بأسماء الله وصفاته، بذلك تعرف ربك وتعرف خالقك وتعرف المنعم والمتفضل الذي أوجدك من العدم والذي رباك بنعمه، تعرفه بأسمائه وصفاته وأفعاله ونعمه التي أنعم بها عليك، بهذا تكون قد عرفت ربك ومعبودك.

ثم بعد ذلك تنتقل إلى الفقه الثاني الفقه في الشريعة في الأوامر والنواهي الذي هو حق الله تعالى والذي من أجله أوجدك، والذي من أجله خلق الثقلين الجن والإنس: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، تعرف حقه سبحانه..حقه الأوامر والنواهي..حقه أن تمتثل الأوامر وتجتنب النواهي، تؤدي ما أوجب الله عليك وتنتهي عما حرم الله عليك.

هذا هو دين الله وكالأوامر والنواهي.. الشريعة أمر ونهي، تصديق بالأخبار التي أخبر بها ، تصديق وتنفيذ، تصديق للأخبار وتنفيذ للأوامر.

وهذا هو توحيد الألوهية .. توحيد العبادة، وأما معرفة الله بأسماءه وصفاته وأفعاله هذا هو توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.

فتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات بهما تعرف ربك ومعبودك وخالقك، وبتوحيد الألوهية تؤدي حقه الذي أوجبه الله عليك.. الذي أوجبه الله عليك.

وتوحيد العبادة هو الغاية المحبوبة لله  والمرضية له والذي من أجله خلق الله الثقلين الجن والإنس ومن أجله أنزل الله الرسل، ومن أجله أنزل الله الكتب ومن أجله قامت سوق الجنة والنار، ومن أجله انقسم الناس إلى شقي وسعيد.

ثم قسم ثالث من العلم وهو العلم بالجزاء يوم القيامة، العلم بجزاء أهل التوحيد والمؤمنين ومالهم عند الله من الكرامة، والعلم بجزاء من ترك التوحيد وهم أهل الشرك، أو ضعف في حقه التوحيد وهم أهل المعاصي وما أعد الله لهم من العقوبة والعذاب في الدار الآخرة.

وبهذا تنحصر أنواع العلوم وأقسام العلوم إلى هذه الأنواع الثلاثة:

النوع الأول: العلم بأسماء الله وصفاته، وهذا هو العلم بالمعبود، العلم بأسماء الله وصفاته وأفعاله.

النوع الثاني : العلم بحق المعبود وهذا هو توحيد الألوهية.

والعلم الثالث: العلم بالجزاء والعاقبة لأهل التوحيد ولمن ترك التوحيد.

ولهذا يقول العلامة ابن القيم رحمه الله:

وَالعِلْمُ  أَقْسَامٌ ثَلاثٌ مَا لَهَا مِنْ رَابِعٍ وَالحَقُّ ذُو تِبْيَانِ
عِلْمٌ بِأَوْصَافِ الإلهِ وَفِعْلِهِ وَكَذَلكَ الأَسْمَاءُ للرّحْمَنِ

هذا هو القسم الأول، والأمر والنهي الذي هو دينه -هذا القسم الثاني-، وجزاؤه يوم المعاد الثاني -هذا الثالث-". هذه أقسام العلم النافع، وماعدا ذلك من العلوم.. هذا هو العلم الشرعي..هذه أقسام العلم الشرعي، إذا أطلق العلم ينصرف إلى هذا العلم الشرعي، وإذا أطلق العالم ينصرف إلى العالم الشرعي، هذا هو الأصل وهذا هو الاصطلاح الشرعي.. إذا قيل عالم فهو العالم بأسماء الله وصفاته والعالم بحق الله تعالى والعالم بالجزاء. والعلم ..إذا قيل العلم ينصرف إلى هذه الأقسام الثلاث: علم بأسماء الرب وصفاته وأفعاله، علم بحقه ، علم بالجزاء، وإذا أريد ما سوى ذلك من العلم فلابد من القيد، إذا أريد عالم في غير العالم الشرعي يقيد يقال في العلم: عالم طب، عالم هندسة، عالم صيدلة، عالم جيولوجيا، عالم كيمياء، عالم نجارة، عالم حدادة، عالم سباكة، عالم كهرباء. وكذلك العلم :إذا قيل العلم وصفنا العلم الشرعي بأقسامه الثلاثة، وإذا أريد غيره فيقال:علم.. علم طب، علم صيدلة، علم فلسفة، علم كذا، علم جيولوجيا..

ولكن انعكست المفاهيم  عند بعض الناس اليوم، فصاروا يطلقون العلم على العلوم التجريبية يقول هذا العلم (فقه فقه هذا علم..العلم..علم الطب يسمى علم، علم الصيدلة علم الجيولوجيا علم بدون قيد، وكذلك العالم ، عالم.. يقولون عالم يريدون به عالم الصيدلة حتى رواد الفضاء يقولون علماء..العلماء..

وهذا لاشك أنه مخالف للغة العربية والاصطلاح الشرعي، بل يجب أن يقال عالم فضاء..علماء رواد الفضاء وهكذا..والعلوم الأخرى علم الطب وعلم الصيدلة وعلم الفلك وعلم الزراعة والتجارة والنجارة، هذه علوم لابد منها، وهي من فروض الكفايات ولابد للأمة أن تقوم بهذه العلوم حتى تستغني عن أعدائها، وإذا تعلم الإنسان المسلم هذه العلوم وعلمها وحسنت نيته فهو مأجور..وهو مأجور ولكن العلم الشرعي هو الذي وردت فيه النصوص بفضله.

والعلم الشرعي هو الذي عبادة.. العلم الشرعي عبادة يتعبد بها الإنسان لله، فلايجوز أن يريد به الدنيا وحطامها، فالعلم الشرعي أسمى وأعلى وأغلى من أن تريد به الدنيا. ولكن ما أتاك من الدنيا يكون وسيلة معيلة، أما أن تتعلم لأجل الدنيا هذا المصيبة والبلاء، ولهذا جاء في الحديث، ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ قال: مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَرِح رَائِحَةَ الجَنَّةَ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا.

وكذلك جاء الوعيد على من تعلم العلم ليباري به العلماء أو ليجاري به السفهاء أو ليصرف وجوه الناس إليه، وكذلك أيضا جاء..يقول الله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.

فالعلم الشرعي عبادة لابد أن يكون لله لا لأجل الدنيا، فإذا تعلم لأجل الدنيا عليه هذا الوعيد الشديد ويكون داخل هذه الآية: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.

وكذلك إذا تعلم لأجل الرياء مراءاة الناس ليقال عالم، تعلم لأجل الدنيا، تعلم لأجل الناس، لأجل مراءاة الناس لأجل أن يرتفع صيته عليه الوعيد الشديد ، كما ثبت في صحيح مسلم عن النبي ﷺ قال من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ. قال أبو هريرة : فهؤولاء الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة ، رواه مسلم في صحيحه.

هؤولاء الثلاثة ما الذي أوصلهم إلى هذه الحال، هو إرادة غير وجه الله، الأول العالم لو كان مريداً لوجه الله لكان من الصديقين الذين ينالون الأنبياء..درجة الأنبياء، لأن المؤمنون أربع طبقات كما قال الله: الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.

هذا العالم وهذا القارئ لو كان مريداً بهذا العمل وجه الله لكان من الصديقين، والثاني الذي قتل في المعركة لو كان مريداً بذلك وجه الله لكان من الشهداء، والشهداء مرتبتهم تلي مرتبة الصديقين، والمتصدق الذي أنفق أمواله في سبل الخيرات لو أراد بذلك وجه الله لكان من الصالحين.

وذلك أن العلم.. تعلم العلم والتعليم عبادة .. تعلم العلم والتعليم هو عبادة، والعبادة لاتصح ولا تقبل ولاتكون نافعة حتى يتحقق فيها أمران.. أو أصلان: الأصل الأول أن تكون خالصة لله مراداً بها وجه الله والدار الآخرة، والأمر الثاني : أن تكون موافقة للشريعة، لابد من هذين الأصلين، لابد أن تكون كل عبادة تعملها على هذا الحال، انظر وفتش في نفسك كل عبادة صلاة، صيام، زكاة، حج، بر الوالدين، صلة الأرحام، أمر بالمعروف، نهي عن المنكر، دعوة إلى الله، تعلم، تعليم، صدقة، إحسان إلى الجيران، كف نفسك عن المحارم...

انظر إذا توفر فيها أصلان فعملك مقبول: الأصل الأول: أن تريد بهذا العمل وجه الله لارياء ولا سمعة ولا الدنيا ولا حطامها. الأصل الثاني : أن يكون عملك موافقا للشريعة.

هذا الأصلان لابد منهما في كل عمل يعمله الإنسان.. الأصل الأول: أن يكون خالصاً لله مراداً به وجه الله والدار الآخرة، كما قال الله تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وهذا الأمر الثاني هو أن يكون العمل موافقا للشريعة .. العمل الصالح هو الموافق للشريعة، وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا: هذا الشرط الثاني وهو أن يكون العمل خالصاً لله، فالعمل الذي ليس فيه شرك هو الخالص، والعمل الصالح هو الذي ليس فيه شرك، قال تعالى: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ:  وهو أن يكون العمل خالصا لله، وهو محسن : الإحسان أن يكون العمل موافقاً للشريعة قال تعالى: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، وثبت في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب أن النبي ﷺ قال: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.

والأصل الثاني -وهو أن يكون العمل موافقاً للشريعة- دل عليه ماثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ، وفي لفظ لمسلم مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ.

إذا تخلف الأصل الأول وهو الإخلاص حل محله الشرك، وإذا تخلف الثاني وهو المتابعة للنبي ﷺ حل محله البدع. والأصل الأول وهو الإخلاص هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، مقتضى شهادة أن لا اله الا الله: أن يخلص العمل لله، والأصل الثاني وهو المتابعة هو مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله.

وهذا الأصلان هما أصل الملة وأساس الدين..أساس الدين، أصل الملة وأساس الدين أن يشهد الإنسان لله تعالى بالوحدانية، وأن يشهد لنبيه محمد ﷺ بالرسالة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله هما أصل الدين وهما أساس الملة، بهاتين الشهادتين يدخل الإنسان في الإسلام، فإذا شهد لله تعالى بالوحدانية وشهد لنبيه محمد ﷺ بالرسالة دخل في الإسلام.

وبهذين.. وبهاتين الشهادتين إذا ختم للإنسان في آخر حياته كان من أهل الجنة، مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ.

وهاتان الشهادتان هما مفتاح الجنة، يبقى بعد ذلك الأسنان وهي العبادة، قيل لوهب بن منبه: أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله، قال: نعم، ولكن ليس من مفتاح إلا وله أسنان فإن جئت بأسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك وأسنانه هي الواجبات والمحرمات.. واجبات يفعلها، والمحرمات يتركها..والصلاة..أسنان المفتاح ماهي: الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج، بر الوالدين، صلة الأرحام. كذلك ترك المحرمات: ترك الشرك، ترك عقوق الوالدين، ترك قطيعة الرحم، ترك الزنا، ترك السرقة، ترك شرب الخمر، ترك الغيبة، ترك النميمة، ترك عقوق الوالدين، وهكذا..

والعلم فضله عظيم وشرفه كريم كما لايخفى عليكم، النصوص.. تكاثرت النصوص في فضل العلم والعلماء، والله تعالى نوّه بأهل العلم ورفع شأنهم، قال تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ، والله تعالى قرن أهل العلم بالإيمان وقال: الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ، الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ....

لما خرج قارون الذي أتاه الله الدنيا وآتاه من الكنور ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، وكان يخرج على قومه في الصباح بحلة وفي المساء بحلة، قال ضعفاء البصائر لما خرج قارون،  فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ، قال ضعفاء البصائر الذين يريدون الحياة الدنيا.. الذين يريدون الحياة الدنيا : يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ.

انظر أهل العلم.. أهل العلم الذين أعطاهم الله العلم والبصيرة ماذا قالوا: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ، قال الله تعالى: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ۝ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ. هكذا أهل العلم وأهل البصيرة.. أهل العلم وأهل البصيرة هم الذين يفزع الناس إليهم في الملمات وفي الشدائد لأن الله أعطاهم العلم والبصيرة في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.

وأمر الله تعالى بالرجوع إليهم في الأمور التي تحصل سواء من أمور الأمن أو من أمور الخوف، قال تعالى: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ، انظر.. وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ،، أمور الأمن وأمور الخوف، مثل أمور الاضطرابات الآن و الشبهات التي تنشأ من الحروب أو من الشبهات..الشبهات التي تحصل من الاشتباه في الأمور، سواء كانت في الحروب أو الاشتباه التي تحصل من عدم فهم النصوص، كل هذا يرجع فيها إلى العلماء.. يرجع فيها إلى العلماء، والعلماء يبينون للناس.

ولهذا الله من رفعه لشأن العلماء أن الله قرن شهادة العلماء بشهادته وشهادة ملائكته على أجل مشهود به.. أجل ..أجل مشهود به.. أعظم شهادة وهي الشهادة لله تعالى بالوحدانية، الشهادة لله تعالى بالوحدانية هذه أعظم شهادة وأجل مشهود به.

استشهد الله تعالى عليها الله سبحانه ثم استشهد عليها نفسه سبحانه، شهد سبحانه نفسه بذلك ثم أشهد ملائكته ثم أشهد أهل العلم، قال تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

وأمر الله نبيه أن يسأله الزيادة من العلم دون غيره فقال تعالى لنبيه الكريم: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا.

وطلب العلم والسعي إلى العلم سعي إلى الجنة وطريق إلى الجنة، قال عليه الصلاة والسلام : وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وهو البصيرة التي يؤتاها أهل العلم وأهل الدعوة إلى الله ، الدعاة لابد لهم من علم وبصيرة، قال الله تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

فينبغي للمسلم أولا أن يحمد الله أن وفقه للإيمان وهداه للإسلام، وأن يعلم أن هذه نعمة عظيمة منّ الله بها عليه ليس بفضل منه ولا بحول منه ولاقوة، الله تعالى منّ علينا وهدانا للإسلام ليس بحول منا ولا قوة. ننظر إلى من حولنا : من اليهود والنصارى، الدول النصرانية كم أعدادها كثيرة..أمم، كلها ضلت عن سواء السبيل، كل هؤولاء من مات منهم على كفره فهو حطب جهنم مأواه النار.

ونحن منّ الله علينا بالإسلام ونسأل الله أن يثبتنا على الإسلام وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ثبتنا الله.. نسأل الله أن يثبتنا على الإسلام، نحن منّ الله علينا بالإسلام ليس بحول منا ولا قوة، انظر إلى اليهود ..إلى النصارى ..انظر إلى الوثنيين.. انظر إلى الملاحدة.. انظر إلى المجوس.. انظر إلى الرافضة.. كم أعدادهم، ونحن من الله علينا أن وفقنا للدين الحق، ولسلوك السبيل والطريق المستقيم، طريق أهل السنة طريق الحق طريق أهل السنة والجماعة، فعلينا أن نحمد الله ونشكر الله على هذه النعمة، ثم أيضا منّ الله عليك بالعلم، وجعلك تسلك طريق العلم، فهذه أيضاً نعمة أخرى، هذه أعظم النعم بعد نعمة الإسلام.

فعلى طالب العلم أن يحمد الله وأن يثني على الله وأن يلهج بذكره وتسبيحه وتقديسه، وأن يتأدب بالأداب.. بأداب طالب العلم حتى يمن الله عليه بالعلم، فالعلم رزق، هو رزق القلوب، رزق يرزقه الله من شاء من عباده .. العلم رزق..الله تعالى هو الرزاق .. إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ، وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ۝ إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

الرزق قسمان: رزق القلوب -وهو العلم والإيمان-، والثاني رزق الأبدان -وهو الطعام والشراب-.

ورزق القلوب أعظم، رزق الأبدان يرزق الله الكافر والمؤمن.. الكافر والمؤمن يرزقه الله: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا. المؤمن والكافر كله يرزقه الله رزق الأبدان .. الطعام والشراب ، تكفل الله برزق جميع الخلائق، كل نفس منفوسة تكفل الله برزقها، لاتموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، قال إنّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعِي أنّ نَفْسًا لنْ تَمُوتَ حَتّى تَسْتَكْمِلَ أجَلَها وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَها.

ولكن رزق القلوب هذا خاص.. خاص بالمؤمنين .. خاص بأهل العلم وأهل البصيرة، خاص ببعض المؤمنين وليس كل المؤمنين، لأن المؤمنين بعضهم عامة وهم مؤمنون، فهذا رزق خاص.. خاص ببعض المؤمنين وهم الذين منّ الله عليهم بالعلم.

فعلى المسلم أن يحمد الله وأن يتأدب بآداب طالب العلم التي أهمها الإخلاص لله ، أولا استشعار هذه النعمة وشكر الله عليها، ثم الإخلاص.. بأن يقصد بتعلمه وتعليمه وجه الله والدار الآخرة ، لا شهادة.. لا أقصد الشهادة ولا الرفعة ولا الشهرة ولا أي مقصود آخر، وماجاءه بعد ذلك يكون مشجع ومعين له.. جاءه من المال أو  مكافأة أو ما أشبه ذلك يكون معين ومساعد له.

ثم أيضا الحرص على طلب العلم وحضور الحلقات وعدم التخلف، ثم الإصغاء ومجاهدة النفس على حضور الذهن، ثم أيضا محبة الخير للغير، وأن تحب لأخيك ماتحب لنفسك، وأن لاتحسد غيرك، وأن تفيد غيرك وتعلم غيرك، وأن تحب لغيرك من الخير ماتحب لنفسك.

ومن أيضا شكر هذه النعمة أن تفشي هذا العلم وهذه الفائدة..الفوائد التي تحصل عليها وتعلمها غيرك حتى ينتفعوا، ومنها الحرص على تقييد الفوائد وضبطها في الذهن وفي الكتابة ومع الزملاء، ومنها أن تسأل الله أن يمن عليك بفضله  وأن يرزقك من العلم مارزق به عباده المؤمنين.

فنسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، ونسأل الله أن يعلمنا ماينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وهدىً وتقى، وأن يثبتنا على دينه القويم، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد أن هدانا وأن يهب لنا رحمة إنه هو الوهاب، وأن يثبتنا على دينه القويم إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ونحن في هذه الدورة -إن شاء الله- ندرس ولا أتكلم على مايسر الله على هذه الرسالة التي سمعتم اسمها رسالة الفرقان بن أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، هذه رسالة للإمام العالم العلامة شيخ الإسلام الإمام المجتهد أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني المولود سنة  661 هجرية والمتوفى سنة 728 هجرية رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجمعنا به وإخواننا ومشايخنا وعلماءنا في الفردوس الأعلى إنه ولي ذلك والقادر عليه.

هذه الرسالة رسالة عظيمة سماها مؤلفها بهذا الاسم: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.

وكلمة الفرقان معناها التفريق..التفريق .. الفرق، الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان يعني الفرق.. الأولياء جمع ولي، الفرق بين ولي الله -الرحمن من أسماء الله- وولي الشيطان، مالفرق بينهما، يعني المؤلف يريد أن يفرق بين ولي الله وعدو الله، ولي الله وولي الرحمن، ولي الله هو ولي الرحمن، وولي الشيطان هو عدو الرحمن، يعني الفرق بين ولي الله وعدو الله ، لأن عدو الله هو وليه الشيطان.

بين المؤلف رحمه الله في هذه الرسالة أن لله أولياء وللشيطان أولياء وسرد الآيات الواضحة في ذلك، وبين في هذه الرسالة وجوب التفريق بين هؤولاء وهؤلاء.. هؤولاء لهم صفات ولهم علامات، أولياء الله لهم صفات ولهم علامات وأولياء الشيطان لهم صفات ولهم علامات. وبيّن الأدلة المفرقة بينهم.

وبيّن المؤلف معنى الولاية، مامعنى الولاية لغة وشرعاً ومن هم أفضل الأولياء، وبيّن أن الولاية لها شروط، وأن ليس كل من ادعى الولاية يكون ولياً لله بل لابد من توفر الشروط.

وبيّن رحمه الله الكلام على الأبدال والعلماء الذين يخلف بعضهم بعضاً، الكلام على أهل الصفة، وبين رحمه الله أن من الناس من يكون في إيمان، وأن الناس أقسام منهم من هو مؤمن كامل الإيمان، ومنهم من هو عدو كامل العداوة، ومنهم من هو مؤمن وفيه شيء من شعب النفاق أو شعب الكفر أو شعب الشرك.

وبيّن أن أولياء الله على طبقتين، وأن منهم السابقون المقربون ومنهم المقتصدون.

وبيّن أن الناس يتفاضلون في ولاية الله ويتفاضلون في عدواة الله، فأولياء الله متفاضلون وأعداء الله متفاضلون، أعداء الله هم أولياء الشيطان.

وبيّن رحمه الله أن الولاية والإيمان مقترنان لاينفك أحدهما عن الآخر، وأن الولي هو المؤمن التقي، وأنه إذا فقد الإيمان فليس هناك ولاية، إذا فقد الإيمان كان الإنسان عدواً لله.

وبيّن المؤلف رحمه الله أن أولياء الله لايتميزون عن غيرهم بشي لا من اللباس ولا من غيره.. ولا من الهيئة ولا من الحال، حالهم وهيأتهم ولباسهم كعامة الناس، بخلاف الصوفية الذين يتميزون عن الناس وأن مايدعيه الصوفية أنهم أولياء، ليسوا أولياء وإنما أولياء الصوفية هؤولاء يدعون الولاية وهي ولاية وهم أولياء الشيطان. الصوفية الذين لهم طرق تجرهم إلى النار، طرق الصوفية.. طريقة الشاذلية والتيجانية والنقشبندية والسهروردية والرفاعية .. كل هذه الطرق توصّل إلى النار.. كلها توصّل أصحابها إلى النار.

وبيّن رحمه الله في هذه الرسالة -كما سنجد- أن الولي ليس معصوماً..لا بل قد يغلط ويخطئ.. ولكنه لا يصر على المعاصي بل سرعان ما يعود إلى الله ، قال تعالى في وصف المؤمنين: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ۝ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ.

قد يغلط الولي فليس معصوماً ، العصمة للأنبياء فيما يبلغون عن الله، الأنبياء معصوم من الشرك ومعصوم من الكبائر ومعصوم من الغلط فيما يبلغون عن الله، وأما غيرهم فليس معصوماً، ماعدا الأنبياء ليس معصوماً لا من الشرك ولا من غيره قد يقع منه الشرك، وقد يقع منه الكبيرة، وقد يقع منه الخطأ.

وبيّن رحمه الله أن أئمة الهدى وأن أولياء الله يجب عليهم الاعتصام بالكتاب والسنة والرجوع إليهما.

وبيّن رحمه الله أن خوارق العادة ليست علامة على الأولياء، خوارق العادة قد تحصل على يد الولي وقد تحصل على يد العدو ، خوارق العادة قد تحصل على يد مؤمن.. قد تحصل على يد معجزة .. قد تحصل على يد الأنبياء كالمعجزات التي حصلت للأنبياء كالعصا لموسى واليد، والإسراء والمعراج لنبينا ﷺ ونبع الماء من بين أصابعه ، هذه معجزات.

 وتحصل أيضا الكرامات لبعض الأولياء..للأولياء المؤمنين الذين اتبعوا النبي ﷺ، تحصل لهم ببركة اتباعهم للنبي ﷺ، مثل ما حصل لأسيد بن حضير وعباد بن بشر لما خرجا من عند النبي ﷺ في ليلة مظلمة أضاء لهما السوط -العصا- فلما افترقا أضاء لكل منهما سوطه حتى وصل إلى بيته، هذه من الكرامات، ولكن تحصل الخوارق أيضا لبعض المنحرفين -هذه حالة شيطانية- كما يحصل للسحرة والمشعوذين هؤلاء تحصل لهم خوارق، الساحر قد يطير في الهواء، قد يغوص في البحر.. هذه أحوال شيطانية، فالخوارق إن جاءت..إن كانت على يد نبي تسمى معجزة تسمى آية، وإن كانت على يد صالح من الصالحين تسمى كرامة، وإن كانت على يد منحرف فهي حالة شيطانية كالسحرة.

ومن ذلك الخوارق التي تخرج على يد الدجال، المسيح الدجال الذي في آخر الزمان يعطيه الله خوارق من العادات وهو كافر، من الخوارق التي أعطاه الله فيحصل بها..يحصل بها لبس لبعض الناس أنه يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت، هذا خارق عظيم، ابتلاء وامتحان، ومعه صورة الجنة وصورة النار، فالجنة خضراء والنار سوداء تدخن، والذي يضعه في الجنة.. فيما يراه الناس في الجنة هو في النار، والذي يضعه فيما يراه الناس في النار هو في الجنة.. هذه خوارق عظيمة.. ابتلاء وامتحان.

فالخوارق يظن بعض الناس بعض الجهّال أنها تدل على كرامة ويغتر بما يحصل للسحرة والكهنة، لا هذا خطأ! فالخوارق قد تكون خيراً وقد تكون شراً، فإذا جرت على يد نبي فهي معجزة وآية، وإذا جرت على يد صالح من الصالحين فهي كرامة، وإذا جرت على يد منحرف فهي حالة شيطانية كما جرى للسحرة.

وبيّن رحمه الله الفرق بين الحقيقة الشرعية والحقيقة الدينية، الحقيقة الشرعية هي توحيد الربوبية والإيمان بأن الله هو الرب والخالق والرازق والمدبر وأن في الحقيقة الكونية يجتمع الناس كلهم مؤمنهم وكافرهم، كلهم مؤمنون بربوبية الله، وأما الحقيقة الدينية الشرعية فهي التي يتميز بها المؤمن من الكافر ، وهي  الإيمان بالله وعبادة الله عن اختيار من أن تعبد الله وتخلص له الدين.. هذه هي الحقيقة الدينية التي يتميز بها المؤمن والكافر.

وبيّن رحمه الله في هذه الرسالة أن الأنبياء أفضل الأولياء، وأن أفضل الأولياء هم الأنبياء، أن المؤمنون كلهم أولياء الله، لكن أعلى الأولياء الأنبياء، وأن الأنبياء أفضل الأولياء.. الأنبياء أفضل الأولياء الذين ليسوا بأنبياء، وأن أفضل هذه الأمة بعد نبيها : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، هذا متفق عليه. والنبي ﷺ خاتم الأنبياء وهو أفضل الأنبياء والمرسلين. ومايدّعيه الصوفية من أن الولاية أفضل من النبوة هذا مذهب فاسد.. انتكاس، فالصوفية يقولون درجة الولاية هذه أعلى شيء ثم يليها درجة النبوة ثم يليها درجة الرسالة. فعكسوا هكذا، فأفضل شيء الولي ثم يليه النبي ثم يليه الرسول، ولهذا يقول ابن عمر :مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي.، يعني النبوة فوق الرسول معاذ الله!

ويدّعون أن الولاية هي أعلى من النبوة ومن الرسالة ويقولون إن خاتم الرسل هو محمد ﷺ، ولكن خاتم الأولياء ابن عربي، ويقولون خاتم الأولياء -يدّعون أن خاتم الأولياء- أفضل من خاتم الأنبياء، ويقولون -الصوفية- إن خاتم الأولياء وهو ابن عربي تابع لخاتم الأنبياء في الأمور الظاهرة.. في الظاهر، وخاتم الأنبياء تابع لخاتم الأولياء في الباطن، ويقولون في الباطن أفضل، هذا ابن عربي يمثل نفسه يعارض الحديث الذي ذكره النبي ﷺ، قال: مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ.

قد يقول ابن عربي خاتم الأولياء لابد أن يرى مثل هذه الرؤية، ويرى أن هذا البيت مكون من لبنتين: لبنة باطنة ولبنة ظاهرة، لبنة من ذهب ولبنة من فضة، ويرى نفسه تنطبع مكان اللبنة الفضية، يقول خاتم الأنبياء هو اللبنة الفضية وخاتم الأولياء مكان اللبنة الذهبية، يجعل نفسه فوق الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا من زيغهم وضلالتهم وفسادهم، نسأل الله السلامة والعافية.

وكذلك بين المؤلف رحمه الله فساد قول الفلاسفة في النبوات وتلبيسهم وقولهم - الفلاسفة-: إن النبوة يقولون هذه سياسة للعامة وأما الفلسفة فهي سياسة للخاصة، ويقولون إن الفلسفة نبوة الخاصة، والنبوة هذه سياسة العامة، وفلسفة الخاصة أعلى، فيجعلون أنفسهم أعلى من ماذا؟.. أعلى من الأنبياء، وهؤولاء كفار كفرهم فوق كفر الذين قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسول الله، وتعالوا قالوا أحسن من الرسل

ولهذا تطلع بنو هود وأضرابه إلى أن يكونوا أعلى من الأنبياء، نسأل الله السلامة والعافية.

كذلك أيضاً تكلم المؤلف على احتجاج موسى وآدم عليهما السلام، وكذلك من زعم أن أحداً يسعه الخروج عن شريعة محمد ﷺ هو كافر مرتد لأن شريعة نبينا ﷺ عامة، بعض الناس يدّعي أنه يجوز له الخروج على شريعة محمد ويستدل بقصة موسى والخضر، ويقول الخضر خرج عن شريعة موسى.. الخضر خرج عن شريعة موسى ومع ذلك ما كفر، فيزعم بعض الناس أنه يخرج على شريعة محمد ﷺ و يقول أنه يستطيع أن يصل لله من غير طريق محمد عن طريق الفلسفة عن طريق الصبو، فهذا كافر بإجماع المسلمين، وذلك لأن الفرق بين الخضر وموسى، أن الخضر.. شريعة موسى ليست عامة وإنما خاصة ببني إسرائيل ولهذا لما قال له الخضر أنت مرسل لبني إسرائيل قال: نعم ، فلذلك الخضر خرج عن شريعة موسى، ثم الخضر على الصحيح نبي يوحى إليه -وإن كان قول الجمهور أنه عبد صالح- فالخضر ما هو بملزم بشريعة موسى، ولا هو من بني إسرائيل، أما نحن.. فنحن فملزمون بشريعة محمد ﷺ، وشريعة موسى خاصة ببني إسرائيل، وشريعة نبينا ﷺ عامة للثقلين الجن والإنس، فمن قال إنه يجوز له الخروج على شريعة محمد كما جاز للخضر الخروج على شريعة موسى فهو مرتد بإجماع المسلمين لأن شريعة نبينا ﷺ عامة.

وبيّن المؤلف رحمه الله أيضاً الفروق بين الإرادة والأمر والقضاء والأذن والتحريم والبعث والإرسال والكلام والجعل وأن هذه تنقسم إلى كوني قدري وإلى شرعي ديني.

وكذلك تكلم عن أقسام خوارق العادات، وعقد فصلاً بيّن فيه أن النبي مبعوث إلى الثقلين باتفاق المسلمين.

نبدأ في الرسالة..

(المتن)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين..

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في كتابه الفرقان:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا.

(الشرح)

هذه الخطبة تسمى خطبة الحاجة، وكثيراً ما يفتتح بها شيخ الإسلام رحمه الله رسائله، "الحمد لله".. بعضها: "إن الحمد لله نستعينه ونستغفره" بعضها، على اختلاف "نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ".

وهنا المؤلف كأنه في هذه الرسالة ما أكملها فتكملة لها تقرأ الآيات الثلاث..آية آل عمران : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، ثم الآية الثانية..أول آية من سورة النساء: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا، ثم آية الأحزاب: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا.

يعني هذه هذه الحمد لله والشهادة لله بالوحدانية ولنبيه ﷺ بالرسالة وهذه الآيات الثلاث تسمى هذه خطبة الحاجة، وهذه يخطب بها عند عقد النكاح.. عند عقد النكاح يسن قراءة هذه الخطبة وبعد الحمدلة والشهادتين وقراءة هذه الآيات الثلاث بعد ذلك يقول الولي للزوج زوجتك ابنتي فلانة، فيقول الزوج قبلت هذه الزوجة ورضيت بها يقولها بعد الخطبة، وهذه الخطبة تكون في الحاجة للنكاح وفي غيره.. عامة.. تكون فيه وفي غيره. كثيراً مايفتتح بها شيخ الإسلام كتبه ورسائله رحمه الله.

والحمد هو الثناء على المحمود بصفاته الاختيارية .. الحمد لله، و (ال) للاستغراق والمعنى جميع أنواع المحامد كلها لله ملكاً واستحقاقاً.

الحمد أبلغ.. هو الحمد أبلغ من المدح، المدح قد يكون مدحاً للإنسان بالصفات الخَلقية فتمدح الإنسان بأنه طويل أو يده جميلة..وهذا ليس اختيارٌ فيه.. هذا مدح، وأما الحمد فإنه يكون بالصفات الاختيارية التي يفعلها باختياره كالشجاعة والكرم والجود وما أشبه ذلك. وحمد الله هو الثناء عليه بصفاته الاختيارية.. بصفاته جميعا مع حبه وإجلاله وتعظيمه.

وأيضاً هذا الفرق بينه وبين المدح مايجب فيه الحب، قد يمدح الإنسان الشخص ولايلزم ذلك حبه، أما الحمد فهو ثناء وإخبار بالصفات مع حبه وإجلاله وتعظيمه. والاستعانة طلب العون، والاستغفار طلب المغفرة.

ونعوذ بالله. الاستعاذة بالله من شرور أنفسنا لأن النفس لها شر من الاعداء إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ.

ومن سيئات أعمالنا..سيئات الأعمال.. يعني الأعمال..سيئات الأعمال لها آثار في الدنيا، المصائب والنكبات كلها من سيئات الأعمال، وعذاب القبر وعذاب النار كلهم من سيئات الأعمال، ولهذا يسأل ربه المغفرة (رب اغفر لي ذنبي) فإذا غفر الله لك الذنب والسيئة وقيت شره..سلمت من شر هذا الذنب في الدنيا وفي الآخرة، وإلا الذنوب كلها..كلها أسباب النكبات والمصائب في الدنيا كلها الذنوب والمعاصي ، وأعظم الذنوب والمعاصي الكفر، ما الذي أخرج أبوينا من الجنة إلا الذنوب والمعاصي، ما الذي أهلك قوم نوح بالغرق إلا الذنوب والمعاصي والكفر، ما الذي أهلك عاد بالريح إلا الذنوب والمعاصي، ما الذي أهلك قوم صالح بالصاعقة إلا الذنوب والمعاصي، ما الذي أهلك قوم لوط برفع القرى إلى السماء ثم قلبها عليهم ويجمعهم فيها إلا الذنوب والمعاصي، عذاب القبر..عذاب النار كلها من أسباب الذنوب المعاصي، ولهذا يستعيذ الإنسان من شر نفسه ومن سيئات أعماله.

من يهده الله فلا مضل له، لأن الله تعالى هو الموفق وهو الهادي. ومن يضلل فلا هادي له، من خذله الله فهو المخذول.

وأشهد أن لا إله إلا الله..ويشهد أن لا إله إلا الله يعني يشهد أن لامعبود بحق إلا الله.. هذه كلمة التوحيد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، شهادة لله تعالى بالوحدانية وشهادة لنبيه محمد بالرسالة، أشهد أن محمداً عبده ورسوله، عبده هذا خروج من الغلو، الذين عبدوا الرسول وجعلوه إلهاً، ورسوله لإثبات الرسالة وخروج وبراءة من مذهب الجافين الذين تلقوا الرسول ﷺ وأنكروا وجحدوا رسالته ونبوته، أرسله بالهدى ودين الحق، الهدى هو الدين والعلم.. الهدى هو العلم النافع ، ودين الحق هو العمل الصالح. ليظهره على الدين كله يعني على جميع الدين، وكفى بالله شهيداً.. نعم أرسله..

(المتن) :

أَرْسَلَهُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا فَهَدَى بِهِ مِنْ الضَّلَالَةِ وَبَصَّرَ بِهِ مِنْ الْعَمَى وَأَرْشَدَ بِهِ مِنْ الْغَيِّ وَفَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا وَفَرَقَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ وَالرَّشَادِ وَالْغَيِّ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ. وَالسُّعَدَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالْأَشْقِيَاءِ أَهْلِ النَّارِ وَبَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَاءِ اللَّهِ.

(الشرح)

نعم هذا وصف الرسول عليه الصلاة والسلام، وصف النبي أرسله بين يدي الساعة يعني نبي الساعة، لأنه ليس بعده نبي والساعة تقوم في آخر أمته، قال بعثت بالساعة.. بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ، وأشار باصبعيه السبابة والوسطى.. بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ، لأن النبي نبي الساعة ليس بعده نبي. ومن علامات الساعة الصغرى بعثته عليه الصلاة والسلام، وموته أيضاً وفتح بيت المقدس.

علامات الساعة نوعان : صغرى وكبرى، فمن العلامات الصغرى بعثة النبي ﷺ، ومن علاماتها وفاته، ومن علاماتها.. ولاتزال العلامات الآن تكثر..تكثر.. وأغلبها خرج ومنها أيضاً إضاعة الأمانة، وإماتة الصلاة، واستحلال الخمور والغناء والمزامير إلى آخر ماورد، وكثرة الحروب.

بقي أشراط الساعة الكبار التي تعقبها الساعة مباشرة لم يخفى منها شيء، وهي عشرة:

أولها خروج المهدي: رجل من آل النبي ﷺ، اسمه كاسمه وكنيته ككنيته، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، محمد بن عبدالله المهدي يبايع له في وقت ليس فيه للناس إمام بين الركن والباب.. بين الركن والباب في الكعبة، المهدي لايقاتل الناس ولكنه في نفس الوقت ما في للناس إمام ثم يبايع له. وفي زمانه تكثر الحروب وتحصل للناس فتن في الشام، وتحصل حروب طاحنة بين النصارى والمسلمين. ومن آخرها فتح القسطنطينية.

وبعد فتح القسطنطينية يخرج الدجال في زمن المهدي وهو العلامة الثانية، وهو رجل يدّعي أولا الصلاح.. يدّعي أنه رجل مصلح، ثم يدّعي النبوة .. تطور .. ثم يدّعي الربوبية ويقول للناس أنا ربكم، ويمكث في الأرض أربعين يوماً، اليوم الأول طوله سنة، تطلع الشمس ولاتغيب إلا بعد 350 يوم، ثم اليوم الثاني طوله شهر، تطلع الشمس ولاتغيب إلا بعد 30 يوم، ثم اليوم الثالث طوله أسبوع تطلع الشمس ولاتغيب إلا بعد سبعة أيام.. كله نهار، ثم بقية الأيام 37 يوم كأيامنا 24 ساعة، قيل للنبي ﷺ : يارسول الله هذه الأيام الطويلة -الأيام الثلاث- تكفينا صلاة في اليوم، قال: لَا، اقْدُرُوا لَهُ، كل 24 ساعة صلي خمس صلوات والشمس طالعة.

ثم بعد ذلك في زمن الدجال ينزل عيسى ابن مريم وهو العلامة الثالثة، ينزل من السماء ويقتل الدجال. ثم بعد نزول عيسى يخرج يأجوج ومأجوج في زمن عيسى.

هذه أربعة متوالية مرتبة.. المهدي ثم الدجال ثم عيسى ثم يأجوج ومأجوج.

ثم تتابع أشراط الساعة والتي منها الدخان يملأ مابين الأرض والسماء، ومنها نزع القرآن من المصاحف ومن السطور إذا ترك الناس العمل به نُزع من قلوب الناس ومن مصاحفهم، ثم هدم الكعبة والعياذ بالله.

ثم بعدها الدابة وطلوع الشمس من مغربها، ثم تأتي الريح التي تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات الروح الطيبة،ومن آخرها النار التي تسوق الناس إلى المحشر من قعر عدن.

هذه عشر متوالية تتعاقب كالسلك.. سلك الخرز الذي انقطع فتتابع، ثم بعد قبض أرواح المؤمنين والمؤمنات تقوم الساعة على الكفرة والعياذ بالله، لا تقوم الساعة حتى يخلو هذا الكون من التوحيد، إذا خلا من الإيمان والتوحيد قامت القيامة وخرب هذا العالم، ولايخرب هذا العالم مادام فيه موحد، وفي الحديث: لاَ تَقُومُ السَّاعةُ حَتَّى لاَ يُقَالَ فِي الأَرْضِ: الله الله.

فنبينا ﷺ قال أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، هو نبي الساعة عليه الصلاة والسلام، فهذا وصفه بشير ونذير، بشير للمؤمنين بالجنة، ونذيرا للكفار بالنار.

وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا يدعو إلى الله بإذنه الشرعي والقدري، وسراجاً منيراً : السراج منير.. سراج معنوي..سراج معنوي .. منير.. ينير للناس الطريق الذي يوصلّهم إلى الله. فهدى به من الضلالة، فهدى به أي الباء سببية فيه الرد على من أنكر الأسباب من الأشاعرة وغيرهم، فهدى به من الضلالة وبصّر به من العمى..من العمى المعنوي..عمى القلوب والعياذ بالله.

وأرشد به من الغي وفتح به أعيناً عمياً، يعني عمياً عن النظر للحق، وآذاناً صماً يعني عن قبول الحق، وقلوباً غلفاً يعني لاتعي الحق. فرّق به بين الحق والباطل.. بين الحق والباطل، بين التوحيد والشرك، والإيمان والكفر، والطاعة والمعصية، وبين الهدى والضلال كذلك، والرشاد والغي، والمعنى واحد، والمؤمنين والكفار والسعداء أهل الجنة والأشقياء أهل النار، وبين أولياء الله وأعداء الله، أولياء الله هم المؤمنون وأعداء الله هم الكفار.

نعم..

(المتن)

فَمَنْ شَهِدَ لَهُ مُحَمَّدٌ ﷺ بِأَنَّهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ وَمَنْ شَهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ.

(الشرح)

نعم..إذاً الفارق بين أولياء الله وأولياء الرحمن أن من شهد له النبي ﷺ بأنه من أولياء الله فهو من أولياء الله، ومن شهد له النبي أنه من أعداء الله فهو من أعداء الله وأولياء الشيطان، والرسول ﷺ كما بيّن صفات المؤمنين وأنهم أولياء الله، وبيّن صفات الكفار وأنهم أعداء الله، وهذه شهادة منه ﷺ، فمن شهد له النبي ﷺ بأنه من أولياء فهو من أولياء الله، ومن شهد له أنه من أعداء الله فهو من أعداء الله وهو من أولياء الشيطان.

نعم..

(المتن):

وَقَدْ بَيَّنَ فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ أَنَّ لِلَّهِ أَوْلِيَاءَ مِنْ النَّاسِ وَلِلشَّيْطَانِ أَوْلِيَاءَ فَفَرَّقَ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ فَقَالَ تَعَالَى أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ۝ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

(الشرح):

إذاً هذه الآية الكريمة فيها بيان أولياء الله، من هم أولياء الله.. أَلَا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، هذا حكمهم الآن وثوابهم، لا خوف عليهم في الدنيا، لا خوف عليهم في المستقبل، ولا هم يحزنون على ماخلفوا من أموال. يعني إذا مات المؤمن فلا خوف عليه، لا يخاف في المستقبل تبشرهم الملائكة كما قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا، لاتخافوا في المستقبل، لاتخافوا من عذاب القبر ولاتخافوا من عذاب النار، لاتخافوا على المستقبل، ولاتحزنوا على ماخلفتم من أموال وأولاد فنحن نخلفكم فيهم، لاخوف عليهم أي في المستقبل ولاهم يحزنون على ماخلفوا في الماضي. من هم هؤلاء؟..الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ إذا قيل لك من هم أولياء الله، فتقول من هم؟ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ من هو ولي الله هو المؤمن التقي، طيب ماهو دليلك؟...كتاب الله..كتاب الله هذا القرآن.. هذا كلام الله، من هو الولي؟..هو المؤمن التقي، كل مؤمن تقي فهو ولي لله..قاعدة، إذاً عرفنا وصفهم، من هم أولياء الله المؤمنون والمتقون ، الدليل القرآن نص الآية أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ،  الَّذِينَ آمَنُوا يعني وحدوا الله وأخلصوا له العبادة، آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وَكَانُوا يَتَّقُونَ أي يتقون الله تعالى، فاتقوا الشرك واتقوا المعاصي فلا يصرّون على الكبائر ،لايفعلون الزنا ولا السرقة ولا الخمر ولا عقوق الوالدين ولاقطع الرحم، ولايتركون فريضة من الفرائض يؤدون الصلاة والزكاة والحج والصوم وبر الوالدين.. ويؤدون الحقوق بر الوالدين، حقوق الله وحقوق العباد.. حقوق الله وحقوق العباد، هولاء هم المتقون، واضح هذا؟

الصوفية من عندهم هو الولي؟.. الولي عندهم هو الذي له طريقة خاصة وله هيئة خاصة ويلبس لباس خاص، يطيل العمامة، ويطيل الأكمام، يطيل السبحة، له سبحة طويلة، وله أوراد خاصة شركية وأعمال يعملها.

هل هذا هو الولي؟ لا ,عندنا كتاب الله، كتاب الله يقول: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، وهم كسائر الناس لايتميزون عن غيرهم، لايتميزون عليهم بعمامة ولا بلباس ولابشيء خاص.

إذاً عرفنا من هذا من هم أولياء الله أنهم المؤمنون والمتقون، وأن الولي هو التقي.. كل مؤمن تقي هو ولي لله، ثوابهم لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ.

نعم..

(المتن)

وقال تعالى: إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ، وَقَالَ تَعَالَى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا....

(الشرح)

وهذه أيضاً الآية فيها بيان.. بيان الولي وهو الصالح إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ، والصالح هو الذي أدى ما أوجب الله عليه وانتهى عما حرّم الله عليه وأخلص العبادة لله، هذا هو الصالح.

نعم..

(المتن)

وَقَالَ تَعَالَى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.

(الشرح)

بيّن في هذه الآية بيّن الله تعالى أنّ الله ولي المؤمنين، إذا من هم أولياء الله؟.. هم المؤمنون اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا، المؤمن الذي وحد الله وأخلص له العبادة، وصدّق إيمانه بالعمل، وأن الله يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ، وأما الذين كفروا فأولياؤهم الطاغوت، والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده، كل ماتجاوز بالعبد به حده فهو طاغوت من معبود أو متبوع أو مطاع، فإذا أمر الناس بعبادته فهو طاغوت لأنه خرج عن حده، وإذا أمر الناس أن يطيعوه في غير طاعة الله فهو طاغوت خرج عن حده، وإذا أمر الناس أن تطيعه في غير طاعة الله فهو طاغوت لأنه تجاوز حده، حد الإنسان أن يكون عبداً  الله، إذا تجاوز هذا الحد صار طاغوت. يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.

نعم..

(المتن)

وَقَالَ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ۝ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ۝ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ ۝ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ۝ إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ۝ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ.

(الشرح)

نعم هذه الآيات ساقها المؤلف رحمه الله لبيان أولياء الله وأعداء الله، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ، لأن اليهود والنصارى أعداء الله، إذا في هذه الآية فيها بيان أن اليهود والنصارى أعداء الله، وأن اليهود والنصارى أعداء الله لأن الله نهى المؤمنين أن يتخذوهم أولياء فدل على أنهم أعداء الله، إذاً اليهود والنصارى من أعداء الله وهم من أولياء الشيطان، إذا قيل لك مثّل لأولياء الشيطان تقول اليهود والنصارى من أولياء الشيطان، مثّل لأعداء الله هم اليهود والنصارى، ولذلك نهانا الله أن نتخذهم أولياء فقال لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ هذا وعيد شديد.

فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ: من هم هؤولاء ؟ هم المنافقون، فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مرض النفاق والشك، يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ يعني أن الذين في قلوبهم مرض وهم المنافقون يوالون اليهود والنصارى، لماذا يوالونهم؟ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ: نخشى أنه ينتصر اليهود والنصارى على المسلمين فتكون الدائرة لليهود والنصارى فنكون معهم، تكون لنا يد معهم. هم يجعلون بزعمهم يد مع المسلمين ومع ماذا؟ يد مع اليهود والنصارى، فإن انتصر هؤلاء قالوا نحن معكم، وإن انتصر هؤولاء قالوا نحن معكم، قالوا: نحن نخشى الدائرة..الدائرة لهم والانتصار لهم. قال الله فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ، فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ، وهم المنافقون يُسَارِعُونَ فِيهِمْ في موالاة اليهود والنصارى، يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ، قال الله فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ،.

وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ الذين أقسموا أنهم يكونون مع الكفار حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين.

ثم قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ في بيان هذا ..بيان أولياء الله، وبيان أعداء الله مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ هؤلاء أعداء الله -المرتدون- وهم أولياء الشيطان.

إذاً عرفت من أعداء الله اليهود والنصارى، ومن أعداء الله المرتدون مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ وهم من أولياء الشيطان، فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ هؤلاء أولياء الله، أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ إذاً هذا فيه وصف لأولياء الله ووصف لأعداء الله، مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ هذا وصف لأعداء الله، ومن أوصاف المؤمنين وأوصاف أولياء الله يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ.

ثم قال سبحانه إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ إذاً ولي المؤمنين من هو؟ الله ورسوله والمؤمنون الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، هذه من أوصاف المؤمنين، من أوصاف أولياء الله أنهم يتولون الله ورسوله ومن أوصافهم أنهم يقيمون الصلاة، ومن أوصافهم أنهم يؤتون الزكاة وهم راكعون.

ثم قال وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ. وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يعني فهو المؤمن، وإن حزب الله هم الغالبون.

نعم..

(المتن)

وَقَالَ تَعَالَى هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا.

(الشرح)

نعم هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا، الولاية لله.. ولاية الله هي الولاية الحق وهي خيرٌ ثواباً وخيرٌ عقباً، إذاً الولاية لله هي الولاية الحق، وأصل الولاية المحبة والنصرة، وأصل العداوة البغض والمجانبة، هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا.

نعم..

(المتن)

وَذَكَرَ " أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ " فَقَالَ تَعَالَى فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ۝ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ۝ إنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ.

(الشرح)

نعم هذا أولياء الشيطان ، قال :فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ۝ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ۝ إنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ، هذا فيه بيان أولياء الشيطان وأولياء الرحمن، فقال: أولياء الله لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ هذا لأولياء الله، من هم؟ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، هؤولاء أولياء الله وليس للشيطان عليهم سلطان. أولياء الشيطان، قال إنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ، الذين يتولون الشيطان ويحبونه ويوافقونه ويطيعونه وهم مشركون بالله، هؤولاء هم أولياء الشيطان، إذاً الآية فيها أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، أولياء الرحمن الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ​​​​​​​ فليس له سلطان عليهم. أولياء الشيطان سلطانه على الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ.

نعم..

(المتن)

وَقَالَ تَعَالَى الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا.

(الشرح)

إذاً هنا في أوصاف أولياء الله ، وأعداء الله الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ هؤلاء هم أولياء الله إذا وصفهم وحدوا الله وأخلصوا العبادة وآمنوا برسله عموماً وبمحمد خصوصاً، هؤولاء هم أولياء الله وهم يقاتلون في سبيل الله، وأعداء الله هم وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ، قال فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا، من هم أعداء الله وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ.

إذاً الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ، أولياء الشيطان هم الذين كفروا الذين يقاتلون في سبيل الشيطان إنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا.

نعم..

(المتن)

وَقَالَ تَعَالَى وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلَّا إبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا وَقَالَ تَعَالَى وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا.

(الشرح)

نعم، قوله: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلَّا إبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ، قال تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلَّا إبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ، إذا بيّن أن الشيطان وذريته من أعداء الله، وهم.. أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ، إذاًً الشيطان وذريته هم أعداء لنا، وهم أعداء لله ولرسوله ﷺ، وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا، وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ إذاً من اتخذ الشيطان ولياً من دون الله فهو من أعداء الله، وهو من أولياء الشيطان.

نعم..

(المتن)

وَقَالَ تَعَالَى وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا.

(الشرح)

نعم، وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ إذا من يتخذ الشيطان وليا من دون الله فهو من أعداء الله.

نعم..

(المتن)

وقال تَعَالَى الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ۝ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ۝ إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. وَقَالَ تَعَالَى إنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ۝ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا إلَى قَوْلِهِ إنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ.

(الشرح)

نعم، قوله وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا. إذا من اتخذ الشيطان ولياً فهو عدو لله، وهو ولي للشيطان، هذا وصف من أولياء الشيطان من اتخذه ولياً وهو من أعداء الله.

قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ، اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا هذا هو الشاهد..وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ، يعني ناصرهم ومؤيدهم، وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ هذا أعداء الله،الطواغيت هم أعداء الله وهم أولياء الشيطان.

قال تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ.. نقف على الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ سيأتي إن شاء الله التفصيل، الآن بيان أولياء الله وأعداء الله مجملاً، سيأتي بعد ذلك التفصيل، التفصيل لأولياء الله وأعدائه.

وفق الله الجميع لطاعته، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد.

نعم..

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد