شعار الموقع

شرح كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان_6 من بيان أنه ليس لأولياء الله شيء يتميزون به عن الناس في الظاهر إلى بيان عدم ثبوت حديث رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر

00:00
00:00
تحميل
150

(المقدمة)

النبي الكريم محمداً بن عبد الله الصادق الوعد الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً.

باسمكم أيها الأحبة وباسم المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد لتوعية الجاليات في جنوب جدة نرحب بفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عبد العزيز الراجحي الذي يشاركنا في هذا الأسبوع الثاني من هذه الدورة العلمية الثامنة عشرة لهذا العام 1435 والذي يتحدث في موضوع الفرقان في كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لشيخ الإسلام ابن تيمية جزاه الله خيراً على حضوره ونسأل الله أن يجزيه الله الأجر والمثوبة على استجابة الدعوة، ولكم أنتم أيها الأحبة ونسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما نسمع ويجعلنا من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه فليتفضل مشكوراً مأجوراً.

(الشيخ)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثم المدني أشهد أنه رسول الله إلى الثقلين الجن والأنس بين العرب والعجم وأشهد أنه خاتم الأنبياء والمرسلين فلا نبي بعده وأشهد أنه بلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه من ربه اليقين وصلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى آله وعلى أصحابه وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فإني أحمد الله إليكم وأثني عليه الخير كله وأسأله المزيد من فضله وأسأله سبحانه أن يصلح قلوبنا وأعمالنا ونياتنا و ذرياتنا كما أسأله أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً وألا يجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروماً كما أسأله سبحانه أن يجعل جمعنا هذا جمع خير وعلم ورحمة تنزل عليه السكينة وتخشاه الرحمة وتحفه الملائكة ويذكرهم الله فيمن عنده

أيها الأخوة إن أعظم نعمة أنعم الله بها على الإنسان بعد أن أوجده وخلقه من العدم أن هداه للإسلام ووفقه للإيمان هذه أعظم نعمة أعظم نعمة يمن بها على الإنسان ويقدّرها عليه نعمة الهداية للإسلام فعلينا أن نرتبط بهذه النعمة ونشكر الله ونحمده عليها، الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله كما قال الله عن أهل الجنة أنهم قالوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ.

ونحن نرى اليهود والنصارى والوثنيين والشيوعيين و الملاحدة والرافضة وغيرهم من فرق الكفر والضلال كلهم ضلوا، والله تعالى هدانا ومنَّ علينا وأنعم علينا بنعمة الإسلام جعلنا نحب الإيمان وزينَّ هذا الإيمان في قلوبنا وجعلنا نكره الكفر والفسوق والمعاصي وجعلنا من الراشدين وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ۝ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً.

فلله تعالى على المؤمن نعمة دينية خصّه بها دون الكافر فعلينا أن نرتبط بهذا ونفرح، المؤمن يفرح بتوفيق الله له الإسلام و هدايته للإيمان وتعليمه للقرآن وتوفيقه لطلب العلم فإذا فرح بذلك يفرح بفضل الله ورحمته  قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ.

والفرح فَرَحان:

الفرح الأول فرح الغبطة الفرح بالإسلام الفرح بتوفيق الله للإيمان الفرح بتوفيق الله بتعليم القرآن.

والثاني فرح الأشر والبطر هذا فرح الكفار و العصاة قال الله تعالى: ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ نسأل الله السلامة والعافية، وقال الله تعالى عن الذين نصحوا قارون: إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ يعني فرح الأشر والبطر.

فالذي يفرح ويحمد الله ويسأله الثبات على دين الإسلام وإذا وجّه الله المسلم إلى طلب العلم وتعلم العلم وتعليمه فهذه نعمة أخرى نعمة عظيمة منّ الله بها عليك أيها الطالب للعلم أن جعلك ترث إرث.. ترث من إرث الأنبياء والمرسلين إرث نبينا محمد ﷺ، الأنبياء والمرسلون عليهم الصلاة والسلام لم يرثوا الدنيا لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍكما جاء في الحديث الصحيح وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ.

فعلى طالب العلم أن يحمد الله على هذه النعمة وأن يستمر في طلب العلم وأن يتحلى بالصبر وأن يتأدب بآداب طلب العلم التي أعظمها وأهمها الإخلاص لله إخلاص وإصلاح النية وجهاد النفس على إصلاح النية، فإنَّ تعلّم العلم وتعليمه طاعة وقربى لله بل هي من أفضل القربات والطاعات والطاعة والقربى لله

لا تصح ولا تكون نافعة عند الله ولا مقبولة حتى يتوفّر فيها الأصلان:

الأصل الأول أن تكون خالصة لله مراداً بها وجه الله والدار الآخرة.. مراداً بها وجه الله والدار الآخرة.

والأصل الثاني أن تكون موافقة لشرع الله وصوابا على هدي رسول الله ﷺ قال الله تعالى في كتابه العظيم فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا فالعمل الصالح ما كان موافقاً للشرع والعمل الذي ليس فيه شرك هو الخالص لله.

قال تعالى: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ وإسلام الوجه هو إخلاص العمل لله والإحسان هو أن يكون العمل موافقاً للشريعة. وقال تعالى: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.

وثبت في الصحيحين بحديث عمر بن الخطاب أن النبي ﷺ قال إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ولهذا افتتح الإمام البخاري رحمه الله كتابه الجامع الصحيح بهذا الحديث وافتتح النووي في كتابه كتاب الأربعين النووية فيبتدئ به كثير من أهل العلم قال العلماء في إشعار الإنسان نفسه وغيره بالإخلاص وأنه لابد من الإخلاص، هذا الأصل الأول هو إخلاص العمل لله والذي إذا تخلّف خلّف محله الشرك وهو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله.

والأصل الثاني هو أن يكون العمل موافقاً للشريعة دلَّ عليه من السنة ما ثبت عليه من الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ وفي لفظ لمسلم مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ.

وإذا تخلّف هذا الأصل حل محله البدع وهو مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله يتبين بهذا أن الإخلاص إخلاص العمل لله هو مقتضى شهادة لا إله إلا الله وأن الموافقة للشريعة هو مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله.

وهذان الأصلان وهاتان الشهادتان هو أصل الدين وأساس الملة،أصل الدين وأساس الملة هو أن يشهد الإنسان لله تعالى بالوحدانية وأن يشهد لنبيه محمداً ﷺ بالرسالة، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله هما أصل الدين وأساس الملة.

فاحمد الله يا من وفقك الله لطلب العلم واشكر الله على هذه النعمة واسأله الثبات عليها وجاهد نفسك على الإخلاص واصبر وصابر وثابر على طلب العلم فإنّ طلب العلم يحتاج إلى صبر و مثابرة  واستمرار وتحمّل يحتاج إلى حضور الدروس العلمية وحلقات الدروس والدورات العلمية وعدم التخلف كالاستمرار في المراجعة والمتابعة وسؤال أهل العلم.

أما ما يفعله بعض الطلبة من مثلاً يحضر درس في الشهر وما أشبه ذلك، وبعد ذلك تجده يحضر حسب فراغه إن فرغ حضر الدرس وإن لم يحضر هذا ما يحصل إلا على شيء قليل هذا يعطيه التذّوق،لكن العلم.. تحصيل العلم يحتاج إلى صبر و مصابرة ومثابرة واستمرار، العلم لا بدَّ أن تعطيه كلك فيعطيك بعضه كذلك الحرص على الفوائد وتنفيذها والمذاكرة مع الزملاء وكذلك يحتاج إلى السؤال عما أشكل تسأل أهل العلم عما يشكُل عليك ويكون قصدك الفائدة لا تسأل كما يسأل الأطفال ليعنت ليوقع المسؤول في العنت والحرج أو لأجل أن يُظهر نفسه ليُرائي الناس أو يسأل على المسائل التي لم تقع والفرضيات وإنما يسأل للاسترشاد والاستفهام هكذا ينبغي للإنسان طالب العلم وبد ذلك أيضاً عليك أن تسأل الله أن يوفقك وأن يرزقك العلم فإن العلم رزق يرزقك الله، العلم رزق القلوب العلم الشرعي رزق القلوب كما أن الأكل والشرب رزق الأبدان فالعلم رزق القلوب، والمراد بالعلم العلم الشرعي.

العلوم تنقسم إلى قسمين، بل قل تنقسم إلى ثلاث أقسام:

القسم الأول العلوم الضارة المحرّمة كعلم السحر تعلم السحر تعلم السرقة فهذا بالسرقة يسرق في خفية ويتخلّص،  يتعلم السحر،يتعلم الخداع كيف يخادع الناس يتعلم كيف يخدع الناس بالخفية هذه علوم محرّمة هذا حرام صاحبه آثم ومرتكب جريمة من الجرائم.

العلم الثاني العلم غير العلم الشرعي علم الطب علم الصيدلة علم الفلك علم الكيمياء علم الزراعة علم التجارة علم الإدارة علم السّباكة علم الكهرباء وما أشبه ذلك من العلوم، فهذه العلوم نافعة ومفيدة ويجوز أن يتعلمها من أجل الدنيا ولكن إذا صلُحت نية الإنسان فإنه يؤجر وهي من فروض الكفاية، فروض الكفاية يجب على الأمة أن يتعلّموا هذه العلوم حتى يستغنوا عن غيرهم من أمم الكفر ينبغي أن تكون أمة الإسلام فيها متخصصون في الزراعة متخصصون في الطب وفيها علماء في الزراعة وفيها علماء في الهندسة والصيدلة والكيمياء والكهرباء حتى يستغنوا عن الأجانب الكفار وهي علوم لا بأس أن يتعلمها الإنسان لتكون حرفة ويتعيش منها ولكن إذا حسنت نيته فإنه مأجور مثاب.

والنوع الثالث هو العلم الشرعي العلم الشرعي هذا دين وقربى لله ولا يجوز أن يتعلّمه من أجل الدنيا لأنه علم..لأنه عبادة والعبادة لا تُؤدى من أجل الدنيا العبادة يتعبد بها الإنسان ربه فإذا تعلّم من أجل الدنيا فعليه الوعيد الشديد جاء في الحديث مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَرِح رَائِحَةَ الجَنَّةَ والله تعالى يقول في كتابه العظيم: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وقال سبحانه مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا وقال سبحانه مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ.

فالواجب على الإنسان أن يجاهد نفسه.. أن يجاهد نفسه على أن تكون نيته في طلبه العلم لله وجه الله والدار الآخرة، وأن يجاهد نفسه حتى تزول هذه الخواطر والوساوس الرديئة، والمجاهد موعود بالهداية قال الله تعالى: وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ وقال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ وهو على خير إذا جاهد الإنسان نفسه على خير قال بعض السلف تعلّم من العلم من أجل الدنيا فأبى إلا أن يكون لله.

والعلم الشرعي ينقسم إلى ثلاث أقسام ويتنوع إلى ثلاثة أنواع:

النوع الأول وأهمها وأشرفها وأعظمها العلم بالله.. العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، هذا أشرف العلوم شرف العلم من شرف المعلوم والمعلوم هو الله فأنت تعلم ربك بأسمائه وصفاته وأفعاله، فالعلم بالله أن تعلم أن ربّك موجود وأنه فوق السماوات العلا وفوق العرش، هذه المخلوقات نهايتها وسقفها عرش الرحمن والله فوق العرش، تؤمن بأن الله فوق العرش وبأنه متّصف بالصفات العليا التي وصّف بها نفسه ووصّفه بها رسوله، ومسمىً بالأسماء الحسنى التي سمى بها نفسه أو سماه بها رسوله عليه الصلاة السلام، تعلم وتعتقد أن الله هو الرب وغيره مربوب، وتعلم أن الله هو الخالق وغيره مخلوق وتعلم بأن الله هو المالك وغيره مملوك، وتعلم أن الله هو المدبر وغيره مدبَّر، في هذا (19:00) حتى الله في ربوبيته وأسمائه وصفاته وأفعاله، تؤمن وتعلم أن الله هو الرب وغيره مربوب، تؤمن وتعلم أن الله هو الخالق وغيره مخلوق، تؤمن بأن الله هو المالك وغيره مملوك، تؤمن بأن الله هو المدبر وغيره مدبَّر، وتؤمن بأسمائه وصفاته وأفعاله التي وردت في الكتاب والسنة، تؤمن بأن الله عالم الغيب والشهادة بأنه الملك بأنه القدّوس بأنه السلام بأنه المؤمن بأنه المهيمن بأنه العزيز بأنه الجبّار بأنه المتكبر بأنه الخالق بأنه الرازق بأنه البارئ بأنه المصور ومتّصف بالرضا متّصف بالمحبة متّصف بالاستواء على العرش متصف بالفوقية والعلو وهكذا في جميع الأسماء والصفات والأسماء والصفات توقيفية ليس للعقل مجال فيها والناس لا يخترعون الصفات وإنما هذه الأسماء الصفات توقيفية قاعدة هذه من قواعد أهل السنة والجماعة أن الأسماء والصفات توقيفية بمعنى أنه يوقَف بها عند النصوص فما ورد من النصوص إثباته من الأسماء والصفات أثبت لله، وما لم يرد لا نثبته، وبهذا تعلم أن الله تعالى عالم الغيب والشهادة وأنه علمه محيط بكل شيء وأنه قادر على كل شيء وأنه مالك لكل شيء وأنه متصرف في هذا الكون وأنه لا يقع في ملك الله إلا ما يريد وأنه بيده الحياة والموت وأنه بيده الأرزاق وأنه يحيي ويميت ويُمرض ويُصح ويعز ويذل ويُسعد ويُشقي، بهذا تكون عرفت ربك عرفت المعبود العظيم الذي لا أعظم منه.

وننتقل إلى القسم الثاني..

النوع الثاني من أنواع العلم معرفة حقه الذي من أجله خلقنا وأوجدنا، عرفنا المعبود عرفنا ربنا بعد ذلك نعرف حقه الذي أوجبه علينا، ما هو حقه؟ ما هو حقه الذي أوجدنا من أجله؟ خلقنا لعبادته وتوحيده وطاعته وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ نعبده.. نعبده بأي شيء؟ نعبده بالأوامر والنواهي بالشرع الذي أنزله علينا الشرع الذي شرعه لنا في كتابه وعلى لسان رسوله الشرع الذي أنزله على نبينا محمد ﷺ نعبده بالأوامر والنواهي الشريعة أمر ونهي.. افعل لا تفعل.

الأمر نوعان أمر وجوب كقوله وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ. أقيموا الصلاة هذا أمر وجوب، أو أمر استحباب كالأمر بالسواك عند الصلاة،كل منهما عبادة.. هذا أمر وجوب و هذا أمر استحباب وكذلك النهي نوعان نهي تحريم قوله وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا، وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ أو نهي تنزيه كالنهي عن الحديث بعد صلاة العشاء كان يكره النوم قبله والحديث بعده.

فإذاً حقه سبحانه أن نعبده بالأوامر والنواهي ننفذ الأوامر وننتهي عن النواهي، فالعبادة قائمة على أصلين كمال الحب والتعظيم لله والثاني كمال الخوف والذل أنت تعبد ربك بالصلاة مع كمال الحب والتعظيم وكمال الذل والخوف إذاً دوافع العبادة كمال الحب وكمال الذل وإذا انفرد أحدهما فلا تكون عبادة ما تكمل العبادة إذا انفرد الحب وحده ما تكون عبادة كمحبة المال والصديق ومحبة الولد تكون طبيعية وكذلك الخوف إذا انفرد لا تكون عبادة كالخوف من السبع الخوف من السلطان الظالم لكن إذا اجتمعا تكون عبادة، وكل شيء إذا خفت منه تبغضه إلا الله، وكل شيء إذا خفت منه هربت منه إلا الله، لا مفر من الله إلا إليه لا مجال من الله إلا إليه، فهذان الأصلان بهما تكون العبادة ولهذا يقول العلامة ابن القيم رحمه الله:

وَعِبَادَةُ الرَّحْمَنِ غَايَةُ حُبِّهِ  مَعْ ذُلِّ عَابِدِهِ هُمَا قُطْبَانِ
وَعَلَيهِمَا فَلَكُ العِبَادَةِ دَائِرٌ مَا دَارَ حَتَّى قَامَتِ القُطْبَانِ
ومَدَارُهُ  بالأَمْرِ أَمْرِ رَسُولِه لاَ بِالهَوَى وَالنَفْسِ وَالشَّيْطَانِ

قال افعل .. لا تفعل..

ثم النوع الثالث معرفة الجزاء في الآخرة جزاء الموحّدين.. ما هو جزاؤهم وما أعد الله من كرامة في دار كرامته وجنته والتي أعظم أعلى نعيم يتنعم به أهل ى الجنة هو النظر إلى وجه الله الكريم ورضاه فالله تعالى يكرمهم بإدخالهم الجنة دار كرامته ويكرمهم بأن يرضى عنهم فلا يسخط عليهم أبداً ويكرمهم بالنظر إلى وجهه الكريم الذي هو أعلى نعيم في  الجنة هو النظر إلى وجه الله الكريم حتى أنهم إذا نظروا إلى وجه الله الكريم نسوا ما هم فيه من النعيم نسأل الله من فضله.

ومعرفة جزاء من ترك التوحيد من المشركين وهو العقوبة العظيمة في النار والخلود فيها للكفرة، فإنهم مخلّدون على اختلاف الطبقات يتفاوتون فيها فالنار أعوذ بالله دركات كل دركة سفلى أشد عذاباً من الدركة التي فوقها والمنافقون أين هم؟ في الدرك الأسفل من النار كما قال تعالى إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا في دركة سفلى تحت دركة اليهود والنصارى لماذا؟ لأنهم شاركوا اليهود والنصارى في الكفر كلهم كفرة وزادوا عليهم في الخداع فالمنافق يعيش بين المسلمين يصلي بجوارك ويجاهد معك وهو عدو لدود يدبر المكائد للقضاء على الإسلام والمسلمين، هذه مصيبة لكن اليهودي والنصراني هذا عدو مكشوف تأخذ حذرك هذا يهودي هذا نصراني وثني معروف عدو مكشوف تأخذ منه حذرك، لكن المصيبة الذي يعيش بين المسلمين منافقون زنادقة يدبرون المكائد للقضاء على الإسلام والمسلمين وينشرون الفساد على الناس ويسمونها إصلاح كما قال الله تعالى في المنافقين وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ۝ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ فهي دركات.

والعصاة على خطر، عصاة الموحدين على خطر لكن مآلهم إلى الجنة والسلامة لكن مَن هو من يُعذب ويطول مكثه لكثرة جرائمه ومعاصيه؟ تواترت الأخبار عن النبي ﷺ أنه يدخل النار جملة من الكبائر من الموحدين المؤمنين المصلين ولا تأكل النار وجوههم مواضع السجود لكنهم ماتوا أو عصوا أهل التوحيد بالمعاصي ماتوا على كبائر بغير توبة هذا مات على الزنا بغير توبة هذا مات على السرقة بغير توبة هذا مات على التعامل بالربا بغير توبة هذا مات على عقوق الوالدين بغير توبة هذا مات على الغيبة هذا مات على النميمة هذا مات على أكل أموال الناس بالباطل فيُعذبون ومنهم من يطول مُكثه لكثرة جرائمه والوحشية كالقاتل أخبر النبي أنه يُخلد.

والخلود خلودان خلود مؤبد لا نهاية له هذا خلود الكفرة والثاني خلود مؤمّد له نهاية هو خلود بعض العصاة كالقاتل وهو المكث الطويل.

وثبت أنه يقال للنبي ﷺ اشفع وأنه يشفع أربع شفاعات وفي كل مرة يحد الله له حداً بالعلامة فيخرجهم من النار وثبت أنه يقال له في آخر مرة أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالِ حَبَّةِ مِنْ إِيمَانٍ ثم قال ذَرَّةٍ حتى يُقال في المرة الرابعة انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ.

وفيه دليل على أن الإيمان يضعُف حتى يكون أدنى أدنى من مثقال حبة ويدل على أن المعاصي ولو كثرت لا تقضي على الإيمان فالمعاصي ولو كثرت لا تقضي على الإيمان بل لا بد يبقى بقية يخرج بها من النار، متى ينتهي الإيمان؟ إذا جاء الكفر الأكبر أو الشرك الأكبر أو النفاق  الأكبر أو الفسق الأكبر أو الظلم الأكبر أو الجهل الأكبر الذي يخرج من الملة، بهذا ينتهي الإيمان، أما المعاصي ولو كثرت ولو عظمت لا تقضي على الإيمان بل تبقى بقية يخرج بها من النار، فمن فعل التوحيد ليس لديه شرك ولا كفر أكبر ولا فسق أكبر ولا ظلم أكبر هذا لا يُخلّد في النار كما دلت عليه النصوص وأجمع عليه أهل السنة والجماعة بل لا بد أن يخرج، وبعضكم يعلم الحديث الذي فيه قصة الرجل الذي هو آخر آخر أهل النار خروجاً وآخر أهل الجنة دخولاً خرج أطال مكثه في النار طول فصار آخر واحد.. آخر واحد يخرج من النار وآخر واحد يدخل الجنة هذا ثبت في صحيح البخاري، ما هي قصته قصته أنه يخرج فإذا خرج وجِّه وجهه إلى النار فيجلس يحمد الله ويشكر الله على أن أُخرج من النار (31:4) ثم يجلس ما شاء الله ثم يسأل ربه قال رب اصرف وجهي عن النار فقَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا، وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا فيأخذ منه الله ميثاقاً إن أعطاه ألا يسأله غيره، فيعطيه الميثاق؛ فيصرف الله وجهه عن النار، الآن سلم من النار وسلم من ..ثم بعد ذلك ترفع له شجرة فيها خضرة وفيه ماء أمامه فيسكت ما شاء الله ثم يسأل ربه يقول ربي قربني من الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها، فيقول الله تعالى يا ابن آدم ويلك ما أغدرك ألم تعطني مواثيقاً بألا تسأل، وربه يعذره لأنه يرى شيئاً لا صبر له، فيدنيه الله، ثم يرفع له شجرة أحسن منها، فيسكت ما شاء الله، ثم يسأل ربه حتى يرى الجنة تنفتح له الجنة ويرى ما فيها من النعيم فيقول ربي قربني من باب الجنة فيأخذ الله منه العهود والمواثيق ألا يسأله غيرها ، فإذا وصل إلى الجنة سكت ما شاء الله، ثم قال: يا رب أدخلني الجنة يسأل ربه فيقول ربه ويلك يا ابن آدم ما أغدرك ألم تعطني المواثيق على ألا تسأل وربه يعذره لأنه يرى شيئاً لا صبر له، فيقول الله ادخل الجنة فيخيل إليه أنها ملأى  أمامه أنه ما في مكان يريد أن يدخل.. أمامه كل شيء والمساكن مأخوذة مأهولة يقول يا رب ما في مكان فيقول الله له أما ترضى أن يكون لك مثل مُلك مَلك ملوك الدنيا قال يا رب رضيت بعد خروجه من النار فيقول الله له لك ذلك وعشرة أمثاله.. عشرة أمثاله، ثم يقول الله لك مثل ذلك  ومثله ومثله ومثله ومثله ومثله خمس مرات خمسة في عشرة خمسين، مثل ملك ملوك الدنيا خمسين مرة.

هذا آخر واحد يخرج من النار وآخر واحد يدخل الجنة فما بالك بالأبرار والأتقياء ومنازل الأبرار ومنازل المجاهدين في الحديث إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ.

وثبت في الحديث عن النبي ﷺ إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ فِي الأُفُقِ، مِنَ المَشْرِقِ أَوِ المَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لاَ يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ، قَالَ: بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا المُرْسَلِينَ. نسأل الله الكريم من فضله.

والجنة درجات كل درجة عليا أفضل وأحسن من الدرجة التي تحتها عكس النار نسأل الله الكريم من فضله.

فهذا النوع الثالث وهو الجزاء هذه أقسام العلم النافع، كما قال العلّامة ابن القيم:

وَالعِلْمُ أَقْسَامٌ  ثَلاثٌ مَا لَهَا مِنْ رَابِعٍ  وَالحَقُّ ذُو تِبْيَانِ
عِلْمٌ بِأَوْصَافِ الإلهِ وَفِعْلِه وَكَذَلكَ  الأَسْمَاءُ  للرّحْمَنِ

هذا الأول

وَالأَمْرُ والنَّهْي  الذِي  هُوَ  دِينُهُ (هذا الثاني) وَجَزَاؤهُ   يَوْمَ  المَعَادِ  الثَّانِي

فنسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وأن يثّبتنا على دينه القويم إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، هذه مقدمة بين يدي قراءة الدرس نعود إلى الكتاب نحن وقفنا في العام الماضي على صفحة ماذا؟ في النسخة التي عندي إياها صفحة 122 من يعرف الموقف.. ما هو الموقف ؟ اقرأ أول موقف..اقرأ كلمة.. اقرأ أول كلمة..

نقرأ من أول الفصل، وقفنا على وكان السلف يسمون أهل العلم والدين القراء، هذا الموقف.. لكن نبدأ من أول.. من أول الفصل..

نعم... تفضل..

(متن)

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنباء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين قال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

وَلَيْسَ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ شَيْءٌ يَتَمَيَّزُونَ بِهِ عَنْ النَّاسِ فِي الظَّاهِرِ مِنْ الْأُمُورِ الْمُبَاحَاتِ فَلَا يَتَمَيَّزُونَ بِلِبَاسِ دُونَ لِبَاسٍ إذَا كَانَ كِلَاهُمَا مُبَاحًا وَلَا بِحَلْقِ شَعْرٍ أَوْ تَقْصِيرِهِ أَوْ ظَفْرِهِ إذَا كَانَ مُبَاحًا كَمَا قِيلَ: كَمْ مِنْ صِدِّيقٍ فِي قَبَاءٍ وَكَمْ مِنْ زِنْدِيقٍ فِي عَبَاءٍ؛ بَلْ يُوجَدُونَ فِي جَمِيعِ أَصْنَافِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ إذَا لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ الظَّاهِرَةِ وَالْفُجُورِ فَيُوجَدُونَ فِي أَهْلِ الْقُرْآنِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَيُوجَدُونَ فِي أَهْلِ الْجِهَادِ وَالسَّيْفِ وَيُوجَدُونَ فِي التُّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ وَالزُّرَّاعِ.

(شرح)

بسم الله الرحمن الرحيم الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وسلم أما بعد:

فهذا فصل فيه بيان أن أولياء الله لا يتميزون عن غيرهم وأولياء الله هم المتقون من هم أولياء الله هم المتقون كما قال الله تعالى في سورة يونس أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ كل مؤمن تقي فهو ولي لله كل مؤمن تقي فهو ولي لله.

وفي مقدمة أولياء الله الرسل والأنبياء، الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام هم في المقدمة مقدمة الأولياء مقدمة المؤمنين ثم يليهم الصدّيقون في مقدمتهم الصدّيق الأكبر أبو بكر ثم يليهم الشهداء ثم يليهم الصالحون.

إذاً أولياء الله هم المؤمنون المتقون كل مؤمن تقي فهو ولي لله، ليس أولياء الله كما يزعم الصوفية أناس مختصون يقولون أنهم يتصرفون في الكون أو مثلاً لهم تصرفات في الكون والعياذ بالله بعضهم يزعم أن بعض ضعفاء العقول يجد بعض الصوفية يرى أن الولي يتصرف في الكون والتصرف في الكون أربعة وبعضهم يقول اثني عشر أوتاد وأقطاب كل هذا من الباطل والشرك فلا يتصرف في الكون إلا الله من اعتقد أن هناك من يتصرف في الكون مع الله أحد فهو مشرك أعظم من شرك كفار قريش يعني شرك كفار قريش في الألوهية وهذا شرك في الربوبية أعظم، فلا يتصرف في الكون إلا الله.

فالصوفية الذين يقولون أن هناك أحد يتصرف في الكون كفرة كفرهم أغلظ من كفر كفار قريش يقولون هناك أربع وأربعون وأقطاب وأوتاد وبعضهم يرى أن ضعفاء العقول يتصرف في الكون فتجد بعضهم.. بعض الضعفاء فاقد العقل عليه ثياب مخرّقة لا كما يزعمه الصوفية الكفرة الجهلة.

يقول المؤلف وليس لأولياء الله شيء يتميزون به عن الناس في الظاهر من الأمور المباحات فلا يتميزون بلباس دون لباس إذا كان كلاهما مباحاً نعم أولياء الله ليس لهم لباس خاص فلا تقول مثلاً للذي يلبس الغترة يكون من أولياء الله أو يلبس الغترة الحمراء أو يلبس المشلح أو يلبس العقال كل هذا لا، الغترة يلبسها الجميع، يلبسها المؤمن والكافر،يلبسها البر والفاجر، ما في ميزة لا يتميز بها لا بلباس ولا بثياب ولا بغترة ولا بمشلح ولا بغير ذلك ليس لهم لباس خاص يتميزون به، من الأمور المباحات ولذا هنا قال لا يتميزون بلباس دون لباس إذا كان كلاهما.. ولا بحلق شعر أو تقصيره أو ظفره فلا يقال إن المؤمنين يتميزون بحلق الشعر بل حلق الشعر هذا من شعار الخوارج حلق الشعر ديناً تديناً هذا من شعار الخوارج ولهذا جاء في الحديث أن رسول الله ﷺ قال سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ حلق الشعر مباح لكن الخوارج يشددون ويأمرون بحلقه بالمرة بالموس ويتدينون بذلك، هذا شعار الخوارج كذلك لا يتميزون بتقصير الشعر أو ظفره أي جعله ظفائر كل هذا لا يعتبر ميزة.

يقول كما قيل كم من صدّيق في قباء وكم من زنديق في عباء، كم للتكثير بمعنى يوجد كثير من الصدّيقين في قباء ويوجد كثير من الزنادقة في عباء، القباء نوع من اللباس يعني لباس عادي والعباء لباس أحسن بعض الناس يظن أن الذي يلبس عباءة أو يلبس كذا أو يلبس لباس خاص أن هذا صدّيق وأنه ولي والذي يلبس قباء ويلبس لباس عادي أن هذا ما يلبسه الأولياء هنا نقول لا، كم من صدّيق في قباء إنسان صدّيق وولي لله لكن يلبس لباس عادية لا تعلم عنه لا يلبس لا يتميز ما يهتم بألبسة جميلة أو نوعية خاصة لا يلبس مشلح قال الصدّيق مثال الناس، وكم من زنديق في عباء كم من زنديق تجده يلبس ثيابا جميلة يلبس لباسا خاص ويلبس مشلح خاص وهو زنديق ما نفعه لباسه هذا المعنى، المعنى أنه ليس هناك لباس كم من إنسان في لباس عادي وهو صدّيق وكم من إنسان يلبس لباس متميز وهو زنديق، كم يعني بالتكثير، كم من صديق في قباء وكم من زنديق في عباء.

قال بل يوجدون في جميع أصناف أمة محمد ﷺ، يعني الأولياء والصالحون يوجدون في أصناف الأمة إلا أن يكونوا من أهل البدع الظاهرة والفجور، بدعة الظاهرة مثل بدعة الخوارج بدعة القدرية بدعة الرافضة بدعة الجهمية يوجدون في جميع الفرق يعني يكون ولي لله تجدهم من أهل القرآن يحفظون القرآن وهو ولي من أولياء الله تجده ولي من أولياء الله وهو يطلب العلم تجده ولي من أولياء الله وهو من المجاهدين قد يكون من أولياء الله وهو تاجر من التجار، قد يكون أولياء الله وهو مزارع قد يكون سبّاك قد يكون مهندس قد يكون زرّاع قد يكون يبيع ويشتري يعني لا يشترط أن يكون اتجاههم واحد، فأولياء الله.

وكذلك أخبر النبي ﷺ في آخر الزمان تبقى طائفة على الحق، المهم هذه الطائفة قال العلماء في مقدمتهم العلماء وأهل الحديث كما يقول بعضهم إلا أن يكون الحديث (44:35)لكن قد يكون من الطائفة المنصورة أو من الأولياء قد يكون زارع ذلك مستقيم على طاعة الله قد يكون تاجر يبيع ويشتري وهو من الطائفة المنصورة ومن الأولياء قد يكون سبّاك قد يكون كهربائيا قد يكون جزّارا، المهم الاستقامة إذا استقام لا يضر الحرفة إذا كانت مباحة وليس عنده بدع إذاً بعض الناس قد يتصور أن الطائفة المنصورة أو الأولياء لا يكون إلا طالب علم لا طبعاً قد يكون طالب علم وقد يكون غير طالب علم ولكنه عابد متعلم أمور دينه لكنه ما استمر في طلب العلم اشتغل بتجارة اشتغل زراعة اشتغل بأي حرفة من الحرف المباحة،واضح هذا ؟

إذاً أولياء الله ليس لهم لباس خاص وليس لهم حرفة خاصة ولا يشترط أن يكونوا علماء قراء،بل في مقدمتهم العلماء والقراء لكن غيرهم تبع لهم ولو لم يتعلم مثلاً يقيم الصلاة ويقيم دينه والذي يتعلم ما زاد عن العلم الواجب يكون مستحب يجب على الإنسان أن يتعلم كيف يصلي كيف يصوم كيف يحج إذا كان يبيع ويشتري يتعلم أحكام البيع والشراء إذا كان عنده زوجة يتعلم كيف يؤدي حقوق زوجته وما زيد على ذلك يكون نافلة أن يكون يتعلم تفاصيل البيع تفاصيل الشراء تفاصيل المزارعة هذا فرض كفاية لكن يجب عليه أن يتعلم ما يقيم دينه يجب عليه أن يتعلم كيف يقيم الصلاة وأن الله أوجب عليه خمس صلوات في اليوم والليلة وأن صلاة الظهر أربع ركعات صلاة العصر أربع ركعات أن صلاة الفجر ركعتان صلاة المغرب ثلاث ركعات صلاة العشاء أربع ركعات وأن الصلاة لها أركان وشروط وواجبات يجب عليه ما يقيم الدين إلا بهذا، لديه مال يجب عليه أن يتعلم كيف يؤدي الزكاة يجب عليه أن يتعلم كيف يصوم وأن الصيام هو الإمساك عن المفطرات بنية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس هذا فرض عين على كل أحد إذا وجب الحج وجب عليه الحج وما يزيد عليه مستحب وهو فرض كفاية فقد يكون من أولياء الله وقد يكون من الطائفة المنصورة وهو ما تعلم إلا يقيم دينه لكن ليس من العلماء يتجه يبيع ويشتري أو يتجه للزراعة للتجارة أو في حرفة من الحرف هذا ما  يقوله المؤلف فيوجدون في أهل القرآن وأهل العلم ويوجدون في أهل الجهاد والسيف ويوجدون في التجّار والصنّاع والزرّاع.

نعم..

(متن)

قال رحمه الله:

وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ أَصْنَافَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ فِي قَوْله تَعَالَى: إنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ.

(شرح)

يقول المؤلف رحمه الله ذكر الله أصناف أمة محمد في هذه الآية ذكر..قال إنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ، هذه الطائفة الأولى يصلون مع النبي ﷺ يصلون يقومون يصلون في الليل يتهجدون ثلثي الليل مع النبي ﷺ والطائفة الثانية مرضى..عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى، والطائفة الثالثة يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يسافرون والطائفة الرابعة يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كل هذه الأصناف هذه أصناف الأمة كلهم على خير كلهم مؤمنون كلهم أولياء الذين يصلون مع النبي ﷺ والمرضى وكذلك المسافرون وكذلك المجاهدون أصناف فلا يلزم أن يكون صنف واحد الأولياء أصناف، المهم كلهم مؤمنون بالله ورسوله ويقيمون دينهم ثم يتفاوتون بعد ذلك. نعم..

(متن)

وَكَانَ السَّلَفُ يُسَمُّونَ أَهْلَ الدِّينِ وَالْعِلْمِ " الْقُرَّاءَ " فَيَدْخُلُ فِيهِمْ الْعُلَمَاءُ وَالنُّسَّاكُ.

ثُمَّ حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْمُ " الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ "

. وَاسْمُ " الصُّوفِيَّةِ "

(شرح)

كان السلف يسمّون أهل الدين والعلم القرّاء لأنهم كانوا يقرؤون القرآن ويتعلمون معانيه كما قال أبو عبد الرحمن السلمي التابع الجليل حدثّنا الذين يقرؤون القرآن عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود أنهم كانوا إذا تعلّموا من النبي ﷺ عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا معانيها والعمل بها فصار القراء هم الفقهاء قارئ وفقيه في نفس الوقت لأنهم لا يتجاوزن القرآن حتى يتعلمون معانيه والعمل به.

ثم بعد ذلك يأتون متأخرة صار وجد قرّاء غير فقهاء ووجد فقهاء غير قرّاء فقال العلماء أيهم يقدّم لإمامة الصلاة إذا وجد قارئ أو فقيه أيهم يقدّم، قارئ ولكنه غير فقيه قد يشكل عليه إذا حصل في صلاته ماذا يعمل إذا حدث خلل وهذا فيه قال العلماء يقدم القارئ إذا كان يقيم دينه ويستطيع أن يعلم الحكم الشرعي لما حصل له في صلاته أما إذا كان لا يستطيع ولا يعرف الحكم من الإسلام فإنه يقدّم الفقيه هذا من علم المتأخرين لكن القدامى الصحابة والتابعون القرّاء هم الفقهاء لهذا قالوا وكان السلف يسمّون أهل الدين والعلم القرّاء فيدخل فيهم العلماء ويدخل فيهم النسّاك العبّاد فالعابد والعالم كلهم قرّاء بنفس الوقت ونساك وعباد، يتعلم ويتعبد ويتفقه فهو عابد وفقيه وعالم في نفس الوقت.

قال ثم حدث بعد ذلك اسم الصوفية والفقراء..

(متن)

قال رحمه الله:

وَاسْمُ " الصُّوفِيَّةِ " هُوَ نِسْبَةٌ إلَى لِبَاسِ الصُّوفِ؛ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ نِسْبَةٌ إلَى صَفْوَةِ الْفُقَهَاءِ وَقِيلَ إلَى صُوفَةَ بْنِ أد بْنِ طانجة قَبِيلَةٌ مِنْ الْعَرَبِ كَانُوا يُعْرَفُونَ بِالنُّسُكِ وَقِيلَ إلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ وَقِيلَ إلَى الصَّفَا وَقِيلَ إلَى الصَّفْوَةِ وَقِيلَ إلَى الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ أَقْوَالٌ ضَعِيفَةٌ

(شرح)

فإن المؤلف اختار أنها نسبة إلى لبس الصوف من هذه الأقوال نسبة الصوفية نسبة للبسهم الصوف أما هذه الأقوال الصفة الصفوة الصف المقدّم يقول هذه أقوال ضعيفة.. نعم..

(متن)

وهذه أقوال ضعيفة فإنه لو كان كذلك لقيل صُفّي أو صفائي أو صفوي أو صفي ولم يُقل صوفي

(الآن يُقال صوفي صوفية)

وصار اسم الفقراء يعني به أهل السلوك وهذا عرف حادث

(يعني فقهاء أهل السلوك العبادة عبادة الله يسمونهم الفقراء والواحد يسمى فقير يعني العابد والناسك هذا حادث الصوفية يسمى صوفي يسمى فقير يسمى ناسك يسمى فقراء ويقول هذا حادث)
 

وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ أَيُّمَا أَفْضَلُ مُسَمًّى " الصُّوفِيُّ " أَوْ مُسَمَّى " الْفَقِيرِ "؟ وَيَتَنَازَعُونَ أَيْضًا أَيُّمَا أَفْضَلُ: الْغَنِيُّ الشَّاكِرُ أَوْ الْفَقِيرُ الصَّابِرُ؟ . وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا نِزَاعٌ قَدِيمٌ بَيْنَ الْجُنَيْد وَبَيْن أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ عَطَاءٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ فِيهَا رِوَايَتَانِ.

وَالصَّوَابُ فِي هَذَا كُلِّهِ مَا قَالَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيْثُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.

(شرح)

أيهما أفضل الفقير الصابر أو الغني الشاكر قال بعض العلماء الغني الشاكر أفضل وقال آخرون الفقير الصابر أفضل والصواب الذي رجحه المؤلف وغيره أن الأفضل التقي منهما من كان تقياً هو أفضل سواء كان غنياً أو فقيراً كما في الآية إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.

وبعض العلماء قال إن الغني الشاكر مقدّم لأن نفعه متعد بخلاف الفقير الصابر فإن صبره خاص بنفسه بخلاف الغني الشاكر نفعه متعد.

 ويدل على ذلك المنافسة التي حصلت بين الفقراء والأغنياء بين فقراء الصحابة وأغنيائهم فإن الأغنياء لدى الصحابة يتصدقون ويعتقون، فجاء فقراء الصحابة قالوا يا رسول الله إنه سبق أهل الدثور في الدرجات العلى والنعيم المقيم سبقونا -أهل الدثور الأموال- إلى الدرجات العلى والنعيم المقيم، قال وَمَا ذَاكَ؟ قالوا يا رسول الله يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق فقال عليه الصلاة والسلام أَدُلّكُمْ عَلَى شَيْء إِذَا فَعَلْتُمُوهُ سَبَقْتُمْ مَنْ قبلكم وَلَا يَلحَقُكُم أَحَدٌ بَعدَكُم قالوا بلى يا رسول الله قال تُسَبِّحُونَ الله دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وتحمدون الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وتكبرون الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ هذه من أنواع الذكر تسعاً وتسعين ما فيها مائة.

والنوع الثاني تكملة لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

والنوع الثالث بدل لا إله إلا الله تكبير أربع وثلاثين كل هذه ثابتة.

فعلم الأغنياء فجعل الأغنياء يسبّحون ويتصدقون ويعتقون فرجع الفقراء مرة أخرى إلى النبي ﷺ وقالوا يا رسول الله علم الأغنياء ما أعلمتنا فجعلوا يتصدقون ويسبحون فقال رسول الله ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ.

هذا استدل به بعض العلماء على أن الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر المؤلف اختار قال الأفضل التقي منهما فإن الفقر والغنى أمر عارض.. أمر يعرض الإنسان فالتقي منهما هو الأفضل واستدل بالآيات وبالنصوص منها قوله تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.

نعم..

(متن)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ أَتْقَاهُمْ. قِيلَ لَهُ: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُك فَقَالَ : يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ يَعْقُوبَ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ إسْحَاقَ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ. فَقِيلَ لَهُ: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُك. فَقَالَ: عَنْ مَعَادِنَ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي؟ النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إذَا فَقِهُوا.

(شرح)

والشاهد قوله لما سئل أي الناس أكرم قال أَتْقَاهُمْ. هذا عام يشمل الغني ويشمل الفقير أتقاهم، قالوا ليس عن هذا نسألك فقال الأفراد أو البيوتات نسبياً فقال يوسف أكرم الناس يوسف نبي الله بن يعقوب نبي الله بن إسحاق نبي الله بن إبراهيم خليل الله هذا البيت النسبي هذا أشرف بيت نسبي على الإطلاق هو هذا البيت بيت إبراهيم عليه الصلاة والسلام أشرف بيت نسبي (نسبي ليس بيت الطين والإسمنت) أشرف بيت نسبي هو بيت إبراهيم الخليل فإن قلت نبينا محمد ﷺ نقول نبينا محمد ﷺ من هذا البيت النسبي.. نبينا من هذا البيت النسبي لأنه عليه الصلاة والسلام جده إبراهيم، إبراهيم رزقه الله ابنان على الكبر أحدهما إسماعيل ومن سلالته نبينا محمد ﷺ والثاني إسحاق ومن سلالته يعقوب ويعقوب هو إسرائيل وأبناء إسرائيل كلهم ختمهم الله بعيسى كلهم من سلالته، فصار هو أحسن بيت النسب هو بيت إبراهيم أشرف بيت نسبي على الإطلاق هو بيت إبراهيم الخليل ومن هذا البيت نبينا محمد ﷺ ثم قال عَنْ مَعَادِنَ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي؟ النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إذَا فَقِهُوا. نعم هذا في فضل الفقه وأن الفقيه من الخيار الفقه في اللغة هو خيار الناس والمراد الفقه الذي يحمل الإنسان على العمل والتنفيذ.

نعم..

(متن)

فَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ إنَّ أَكْرَمَ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ. 

وَفِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيِّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَبْيَضَ، وَلَا لِأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ إلَّا بِالتَّقْوَى، كُلُّكُمْ لِآدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ.

(الحديث الأول رواه الشيخان وغيرهما خِيَارُكمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكمْ فِي الْإِسْلَامِ إذَا فَقِهُوا. والثاني رواه كما ذكر المحشّي والبزار وأبو داود والترمذي وجمعه)

وَعَنْهُ أَيْضًا ﷺ أَنَّهُ قَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، النَّاسُ رَجُلَانِ: مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ. فَمَنْ كَانَ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ أَتْقَى لِلَّهِ فَهُوَ أَكْرَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي التَّقْوَى اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَةِ.

(شرح)

قال لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيِّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَبْيَضَ، وَلَا لِأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ إلَّا بِالتَّقْوَى واضح هذا إن الناس لا يتفاضلون بالجنس ولا باللون ولا بالمكان ولا بالدم وإنما يتفاضلون بالتقوى. وعنه أيضاً أن الله..

(متن)

وَعَنْهُ أَيْضًا ﷺ أَنَّهُ قَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، النَّاسُ رَجُلَانِ: مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ.

( شرح)

نعم كل هذه النصوص دليل على أن التفاضل بالتقوى..

بالجاهلية كانوا يتعصّبون لقبائلهم وأنسابهم ويتفاخرون ويعيبون الأنساب ويتفاخروا بالأحساب كل هذا أبطله الإسلام

 (المتن)

فَمَنْ كَانَ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ أَتْقَى لِلَّهِ فَهُوَ أَكْرَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي التَّقْوَى اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَةِ.

(الشرح)

إذا استويا في التقوى كانت درجتهما واحدة وإن فضل أحدهما الآخر في التقوى كان أفضل..نعم..

(المتن)

قال رحمه الله:

وَلَفْظُ " الْفَقْرِ " فِي الشَّرْعِ يُرَادُ بِهِ الْفَقْرُ مِنْ الْمَالِ وَيُرَادُ بِهِ فَقْرُ الْمَخْلُوقِ إلَى خَالِقِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَقَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إلَى اللَّهِ.

(شرح)

الآية الأولى إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ هذا فقر المال والثانية أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إلَى اللَّهِ. هذا فقر المخلوق إلى خالقه فالناس كلهم فقراء إلى الله القسم الثاني هذا يشمل الناس كلهم يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ هذه لجميع الناس ملوكهم وسوقتهم كلهم فقراء إلى الله يفتقرون إلى الله في جميع أحوالهم لا يستوون عند الله طرفة عين في وجودهم في قيامهم في أنفسهم في تعليمهم في هدايتهم جميع الناس فقراء والثاني فقر المال الناس تنقسم إلى قسمين قسم الفقراء وقسم الأغنياء.

(المتن)

وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ صِنْفَيْنِ مِنْ الْفُقَرَاءِ: أَهْلَ الصَّدَقَاتِ وَأَهْلَ الْفَيْءِ فَقَالَ فِي الصِّنْفِ الْأَوَّلِ: لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إلْحَافًا.

(شرح)

الفقراء يعني يتصدقون وينفقون هؤلاء أهل الصدقات لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ۝ لِلْفُقَرَاءِ هؤلاء للمنفقون  أهل الصدقات، هؤلاء الذين مدحهم الله..نعم..

(متن)

وَقَالَ فِي الصِّنْفِ الثَّانِي وَهُمْ أَفْضَلُ الصِّنْفَيْنِ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ.

وَهَذِهِ صِفَةُ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ هَجَرُوا السَّيِّئَاتِ وَجَاهَدُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ.

(شرح)

المهاجرون هجروا السيئات ومن أعظم السيئات أنهم هجروا الكفر وهجروا الكفرة وتركوا أموالهم وديارهم طاعة لله ورسوله، استطاعوا أن يغلبوا الهوى والنفس الأمارة بالسوء، هجروا السيئات وجاهدوا أعداء الله وهاجروا تركوا ديارهم وأموالهم لله، فلهذا هم أفضل الصنفين المؤمنون المهاجرون والأنصار، فأفضلهم المهاجرون ثم يليهم الأنصار، قال هجروا السيئات وجاهدوا أعداء الله باطناً وظاهراً ظاهراً بالسلاح، وباطناً بالحجج وإقامة الحجة، كما قال النبي الله ﷺ الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يعني المؤمن كامل الإيمان وإلا فالمؤمن الذي لا يأمن الناس على دمائهم وأموالهم ضعيف الإيمان، مؤمن ولكن هذا أصل الإيمان إذا كان موحد ولكنه قد يعتدي على الدماء والأموال ولا يستحلها هذا مؤمن ضعيف الإيمان.

وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ والذي لا يسلم الناس من لسانه ويده مسلم لكنه عنده نقص في إسلام عنده ضعف في إسلامه.

 وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، المهاجر أصله المهاجر الذي هاجر من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام هذا مهاجر ولكن الذي يهجر السيئات كلها أفضل وأفضل ومن ذلك هجر الكفار والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله تعالى، المهاجر الذي هاجر من بلاد الكفار إلى بلاد الإسلام، لكن من جاهد نفسه في طاعة الله فيعمل جميع الطاعات ويترك جميع السيئات ومن ذلك تركه بلاد الكفار هذا فيه بيان الأفضل والأعلى.. الأفضل والأعلى من المؤمنين من أمنهم الناس وغيره مؤمن، والأفضل والأعلى من المسلمين من سلم الناس من لسانه ويده وغيره مسلم والأفضل والأعلى من المهاجرين من هجر ما نهى الله عنه وغيره مهاجر قد يهاجر ويفعل بعض ما نهى الله عنه.

وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ. وقد يكون مجاهدا ولكن عنده لا يجاهد في الطاعات في طاعة الله كلها بل يقصّر في بعضها. لكن هذا الكامل فالنبي ﷺ ذكر الكامل الأعلى من الأصناف.

(متن)

قال رحمه الله:

 أَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي يَرْوِيه بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ (رَجَعْنَا مِنْ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ) فَلَا أَصْلَ لَهُ وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِأَقْوَالِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَفْعَالِهِ

(شرح)

هذا حديث مشهور (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) تكلم عليه المحشّي والراوي الخطيب في بغداد والبيهقي في الزهد وسنده ضعيف فيه الليث ابن أبي سليمة وضعه شيخ الإسلام من جهة المعنى (رجعنا من الجهاد الأكبر إلى الجهاد الأصغر) والمؤلف يعني طعن في متنه متنه منكر وسنده ضعيف رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر سمى قتال الكفّار جهاد أصغر ، هذا ذروة سنام الإسلام في الحديث، ذُرْوَةُ سَنَامِ الْإِسْلَامِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كيف يكون أصغر يعني فهذا حديث مطعون في متنه يعني ضعيف السند منكر المتن، أما السند ففي سنده ضعفاء في متنه الليث ابن أبو سليمة، وأما المتن فلأنه سمى الجهاد الأكبر جهاد أصغر وجهاد الكفر ليس هو جهاد أصغر بل هو الجهاد الأكبر فضله عظيم، ذرة سنام الإسلام كيف يكون جهاد أصغر وفيه يقدم الإنسان على إزهاق روحه.

والمؤلف تكلم عليه.. نعم..

(المتن)

وَجِهَادُ الْكُفَّارِ مِنْ أَعْظَمِ الْأَعْمَالِ؛ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ مَا تَطَوَّعَ بِهِ الْإِنْسَانُ

(يعني كيف يكون الجهاد الأصغر)

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا

(شرح)

وهذا فيه بيان فضل المجاهدين، قال لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ثم قال وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى، قال كل منهما موعود بالجنة لكن المجاهدون لهم فضل في الحديث الآخر إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ.نعم..

(متن)

وَقَالَ تَعَالَى: أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ۝ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ۝ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ ۝ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ.

(شرح)

هذا في فضل الجهاد فكيف يكون جهاد أصغر.. كيف يكون جهاد أصغر وهذا فضله، إن الله فضل المجاهدين درجة وقال لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ يعني من جلس في سقاية الحاج يسقي الحاج وعمارة المسجد الحرام هذا، الجهاد في سبيل الله أعظم من هذا أعظم من سقاية الحاج وأعظم من عمارة المسجد الحرام ولهذا قال لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ ثم قال الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً من ماذا؟ من سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ثم ذكر فضلهم يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبداً. نعم..

(متن)

وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كُنْت عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أُبَالِي أَلَّا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ أَسْقِيَ الْحَاجَّ وَقَالَ آخَرُ: مَا أُبَالِي أَنْ أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ أُعَمِّرَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِمَّا ذَكَرْتُمَا فَقَالَ عُمَرُ: لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَكِنْ إذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ سَأَلْته فَسَأَلَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ ؟ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا قُلْت ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ. قُلْت: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلَوْ اسْتَزَدْته لَزَادَنِي.

(شرح)

والشاهد قال الجهاد في سبيل الله جعله من أفضل الأعمال فكيف يقال إنه الجهاد الأصغر؟ هذا كله يبين المؤلف يبين ضعف الحديث (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) لا شك أنه جهاد النفس جهاد لكنه هو الأول أول يبدأ الإنسان يجاهد نفسه الآن الحديث يقول (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) وفسر جهاد الأصغر جهاد النفس.. الجهاد الأصغر جهاد الكفار والجهاد الأكبر جهاد النفس، بالعكس لولا أنه جاهد نفسه ما جاهد الكفار ما يستطيع أن يجاهد الكفار حتى يجاهد نفسه أول يجاهد الإنسان نفسه.

الجهاد أنواع أول جهاد أن تجاهد نفسك على أي شيء؟ تجاهدها في فعل الطاعات وترك المحرمات تحملها حتى تفعل الطاعات وتترك المحرمات، ثم يأتي هناك جهاد الشيطان في عدم الاستجابة لوساوسه، وأيضاً جهاد المنافقين بالكلمة والبيان وجهاد الفسّاق والعصاة ثم جهاد الكفار هو الأعلى جهاد الكفار أعلى هو الجهاد الأعلى هو الجهاد الأكبر بالسلاح، جهاد النفس أن تجاهد نفسك حتى تحملها على طاعة الله جهاد الكفار بالبعد عن وساوسه، جهاد الفسّاق والعصاة والمنافقين بالبيان والإيضاح وبيان الأدلة، ثم جهاد الكفار بالسلاح هو الأعلى فكيف يكون هو الأدنى؟

نعم..

(متن)

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ سُئِلَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إيمَانٌ بِاَللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ ﷺ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلِ يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: لَا تَسْتَطِيعُهُ أَوْ لَا تُطِيقُهُ قَالَ فَأَخْبِرْنِي بِهِ قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ إذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ

(شرح)

وفي الصحيحين عنه ﷺ أنه سُئل أي الأعمال أفضل قال إيمان بالله وجهاد في سبيله هذا الشاهد أنه جعله بعد الإيمان بالله، بعد الإيمان بالله الأعمال كلها داخلة في مسمى الإيمان لكن إذا عُطف عليه وإلا الإيمان يشمل تصديق القلب وإقراره ويشمل أعمال القلوب ويشمل أقوال اللسان  والجوارح كله داخل بما في ذلك الجهاد داخل بالإيمان لكن إذا عُطف عليه عطف عليه للأهمية فعطف الجهاد عليه وجعله من الإيمان بالله فدل على أنه ليس أصغر قال ثم ماذا قال حَجٌّ مَبْرُورٌ.

نقف على هذا.. الأسئلة..

وفق الله الجميع لطاعته وصلى الله وسلم على سيدنا محمد.....

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد