شعار الموقع

شرح كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان_9 من بيان بطلان أن وجود الخوارق دليل على الولاية إلى بيان الإسلام بمعناه العام والخاص

00:00
00:00
تحميل
154

(متن)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

وَكُلُّ مَنْ خَالَفَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ مُقَلِّدًا فِي ذَلِكَ لِمَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ وَلِيُّ اللَّهِ فَإِنَّهُ بَنَى أَمْرَهُ عَلَى أَنَّهُ وَلِيٌّ لِلَّهِ؛ وَأَنَّ وَلِيَّ اللَّهِ لَا يُخَالِفُ فِي شَيْءٍ وَلَوْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ أَكْبَرِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ كَأَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ مَا خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ؛ فَكَيْفَ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ.

وَتَجِدُ كَثِيرًا مِنْ هَؤُلَاءِ عُمْدَتُهُمْ فِي اعْتِقَادِ كَوْنِهِ وَلِيًّا لِلَّهِ أَنَّهُ قَدْ صَدَرَ عَنْهُ مُكَاشَفَةٌ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ أَوْ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ مِثْلِ أَنْ يُشِيرَ إلَى شَخْصٍ فَيَمُوتَ؛ أَوْ يَطِيرَ فِي الْهَوَاءِ إلَى مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ يَمْشِيَ عَلَى الْمَاءِ أَحْيَانًا؛ أَوْ يَمْلَأَ إبْرِيقًا مِنْ الْهَوَاءِ؛ أَوْ يُنْفِقَ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ مِنْ الْغَيْبِ أَوْ أَنْ يَخْتَفِيَ أَحْيَانًا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ؛ أَوْ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ اسْتَغَاثَ بِهِ وَهُوَ غَائِبٌ أَوْ مَيِّتٌ فَرَآهُ قَدْ جَاءَهُ فَقَضَى حَاجَتَهُ؛ أَوْ يُخْبِرَ النَّاسَ بِمَا سُرِقَ لَهُمْ؛ أَوْ بِحَالِ غَائِبٍ لَهُمْ أَوْ مَرِيضٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ.

وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَاحِبَهَا وَلِيٌّ لِلَّهِ؛ بَلْ قَدْ اتَّفَقَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ طَارَ فِي الْهَوَاءِ أَوْ مَشَى عَلَى الْمَاءِ لَمْ يُغْتَرَّ بِهِ حَتَّى يَنْظُرَ مُتَابَعَتَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمُوَافَقَتَهُ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ.

(شرح)

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.

قال المؤلف: وكل من خالف شيئاً مما جاء به الرسول ﷺ مقلّداً في ذلك لمن يظن أنه ولي لله فإنه بنى أمره على أنه ولي الله وأن ولي الله لا يُخالف في شيء يعني بعض الناس يخالف شيء مما جاء به الرسول تقليداً لغيره وهذا الغير يظن أنه ولي لله وأن ولي الله لا يغلط ولا يخطئ هذا غلط خطأ،كل من خالف شيئاً مما جاء به الرسول يقلد غيره معتقداً أن هذا الغير الذي قلده أنه ولي لله وأنه لا يغلط ولا يخطئ فهذا خطأ بل ولي الله يغلط ويخطئ ولو كان أكابر الصحابة كعمر عمر في أشياء رجع عنها قال عمر دعني أضرب عنق هذا المنافق قال له النبي الله ﷺ وَمَا يُدْرِيكَ يَا عُمَرُ، لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فدمعت عين عمر .

فإذاً المؤلف يقر أن الولي مهما كان فإنه يغلط و يخظئ، الذي لا يغلط ولا يخطئ هو النبي، النبي معصوم، معصوم في أي شيء؟ معصوم عن الوقوع في الشرك ومعصوم عن الوقوع في الكبائر ومعصوم عن الغلط والخطأ في ما يُبلّغ عن الله، لكن قد تحصل بعض الصغائر قال الله تعالى عن موسى قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ قال عن داود فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ وقال عن النبي ﷺ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يعني يقع النبي بالصغائر والخلاف لكنه معصوم من الشرك ومعصوم من الكبائر ومعصوم من الغلط والخطأ فيما يُبلّغ عن الله.

إذاً يجب اتباع رسول الله في تصديقه في كل خبر يخبره و اتباعه في كل أمر يأمر به هذا معصوم لا لغو فيه لأنه معصوم أما غيره غير النبي فإنه لا يجوز اتباعه في كل شيء و لا يجوز تصديقه في كل شيء فقد يغلط ولو كان من كبار الصحابة ولو كان عمر.

فالمؤلف يقول للناس بعض الناس يخالف ما جاء به الرسول تقليداً لمن يظن أنه ولي لله وأنه لا يغلط ولا يخطئ وهذا خطأ لأن الولي يغلط ويخطئ ولو كان من أكابر الصحابة فلا يُقبل منه الشيء الذي يخالف فيه الكتاب والسنة فكيف إذا كان دون الصحابة دون عمر من باب أولى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله إن بعض الناس يعتمد على كونه ولي على الخوارق كونه يحصل أنه خارق هذا هو الدليل على أنه ولي وهذا خطأ لأن الخوارق يجريها الله على أيدي الأولياء ويجريها على أيدي السحرة ويجريها الله على أيدي الكفار فليست الخوارق هي الدليل، ما هو الدليل على أنه ولي الله؟ الإيمان والتقوى أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ أمر أنه يكون يطير في الهواء أو يغوص بالماء أو يتكلم يُخبر شيئاً من المغيّبات أو يختفي أحياناً عن أعين الناس وما أشبه ذلك هذه قد تكون دليل على أنه ولي إذا كان مستقيما على طاعة الله وقد تكون حالة شيطانية إذا كان منحرفا.

ويجري على يد سحر الدجّال خوارق عظيمة، أخبرنا عنها النبي ﷺ يأمر الأرض فتنبت يأمر السماء فتمطر خوارق العظيمة (06:30) يقول قم فيستوي قائماً خوارق عظيمة (06:37) النار ومع ذلك كافر دجّال كافر يدّعي الصلاحة ثم يدعي النبوة ثم يدعي الربوبية ولا تنفعه هذه الخوارق التي جرت على يديه فإذاً ليست الخوارق هي الدليل على أنه ولي الله، الدليل على أنه ولي الله الاستقامة والإيمان والتقوى كما قال الله تعالى: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ.

المؤلف يقول تجد كثيراً من هؤلاء عمدتهم في اعتقاد كونه ولي لله الخوارق.

ثم ذكر أنه قد صدر منهم مكاشفة في بعض الأمور أو بعض التصرفات الخارقة للعادة مثل أن يشير إلى شخص فيموت هذا خارق أو يطير في الهواء إلى مكة مثل السحرة تطير أحياناً إلى مكة وبلاد بعيدة في وقت الحج ويقف مع الناس في عرفة ثم يعود في يومه فيظن أنه شارك لا يحرم ولا طاف ما يصير يطير ويقع في عرفة ويرجع لا اعتمر لا طاف ولا أتى بشيء من مناسك الحج أو يطير إلى مكة أو غيرها أو يمشي على الماء أحياناً أو يملأ إبريقاً من الهواء أو ينفق بعض الأوقات من الغيب يعني ينفق شيء وهو ما عنده شيء يأتي بشيء طعام أو كذا أو يختفي أحياناً عن أعين الناس هذه من الخوارق أو أن بعض الناس استغاث به وهو غائب أو ميت فرآه قد جاءه فقضى حاجته أو يُخبر الناس بما سُرق لهم أو بحال غائب لهم أو مريض كل هذه خوارق ليست هي دليل على أنه ولي الله إنما الدليل هو الإيمان والتقوى.

قال المؤلف وليس في شيء من هذه الأمور ما يدل على أن صاحبها ولي لله بل إذاً هذه الخوارق لا تدل على أنه من أولياء الله.

قال المؤلف بل قد اتفق أولياء الله على أن الرجل لو طار في الهواء ومشى على الماء لم يغتر به حتى ينظر متابعته لرسول الله ﷺ وموافقته لأمره ونهيه قال بعض السلف إذا رأيت الرجل يطير في الهواء فلا تغتر به حتى تعلم أمره على الكتاب والسنة فقال قد قصّر فلان لو رأيته يطير في الهواء أو يغوص في الماء فلا تغتر به حتى تعلم أمره على الكتاب والسنة.

(متن)

فصل يعتبر أولياء الله بصفاتهم وأفعالهم وأحوالهم لا بكراماتهم

وَكَرَامَاتُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ؛ وَهَذِهِ الْأُمُورِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ صَاحِبُهَا وَلِيًّا لِلَّهِ فَقَدْ يَكُونُ عَدُوًّا لِلَّهِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْخَوَارِقَ تَكُونُ لِكَثِيرِ مِنْ الْكُفَّارِ وَالْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُنَافِقِينَ وَتَكُونُ لِأَهْلِ الْبِدَعِ وَتَكُونُ مِنْ الشَّيَاطِينِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ أَنَّهُ وَلِيٌّ لِلَّهِ؛ بَلْ يُعْتَبَرُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ بِصِفَاتِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَيُعْرَفُونَ بِنُورِ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ وَبِحَقَائِقِ الْإِيمَانِ الْبَاطِنَةِ وَشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ.

(شرح)

هذا الفصل فيه العلامات الفارقة أو الصفات صفات أولياء الله.

يقول المؤلف أن صفات أولياء الله إنما تكون بأفعالهم وأحوالهم وصفاتهم لا بالكرامات لا بالخوارق يعتبر ولي الله بصفاته وأفعاله وحاله إن كان يستقيم على طاعة الله مؤدياً لفرائض الله مبتعد عما حرم الله عليه فهذا يدل على أنه ولي الله لا بالخوارق.

ولهذا قال المؤلف وكرامة أولياء الله أعظم من هذه الأمور وهذه الأمور الخارقة للعادة وإن كان قد يكون صاحبها ولي لله فقد يكون عدواً لله إذاً الخوارق تجري على يدين الولي وتجري على يدين العدو كما تجري على يد السحرة تجري على يد المسيح الدجال في آخر الزمان قال فإن هذه الخوارق تكون لكثير من الكفار والمشركين وأهل الكتاب والمنافقين وتكون لأهل البدع وتكون من الشياطين إذاً إذا كانت مشتركة فهي ليست دليل على ماذا؟ على أن صاحبها وليا لله ولهذا قال فلا يجوز أن يُظنّ أن كل من كان له شيء من هذه الأمور أنه ولي لله.

إذاً ما هي العبرة ما هي العلامة الفارقة قال بل يعتبر أولياء الله بصفاتهم وأفعالهم وأحوالهم التي دلّ عليها الكتاب والسنة هذه خصائص أولياء الله ما هي علاماتهم؟ صفاتهم وأفعالهم وأحوالهم التي دلّ عليها الكتاب والسنة ويعرفون بنور الإيمان والقرآن وبحقائق الإيمان الباطنة وشرائع الإسلام الظاهرة هذه هي العلامات الفارقة إذا مات الشخص مستقيما على طاعة الله مؤدياً لأوامر الله عاملاً بالسنة كامل نور الإيمان والقرآن وحقائق الإيمان الباطنة وشرائع الإسلام الظاهرة يؤديها يؤدي الصلاة في المساجد يؤدي زكاة ماله يحج بيت الله الحرام يأمر بالمعروف وينهى  عن المنكر هذه شرائع الإسلام الظاهرة هذه هي العلامة وليست العلامة الخوارق.

(متن)

مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الْمَذْكُورَةَ وَأَمْثَالَهَا قَدْ تُوجَدُ فِي أَشْخَاصٍ وَيَكُونُ أَحَدُهُمْ لَا يَتَوَضَّأُ؛ وَلَا يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةَ؛ بَلْ يَكُونُ مُلَابِسًا لِلنَّجَاسَاتِ مُعَاشِرًا لِلْكِلَابِ؛ يَأْوِي إلَى الْحَمَّامَاتِ والقمامين وَالْمَقَابِرِ وَالْمَزَابِلِ؛ رَائِحَتُهُ خَبِيثَةٌ لَا يَتَطَهَّرُ الطَّهَارَةَ الشَّرْعِيَّةَ؛ وَلَا يَتَنَظَّفُ؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ وَلَا كَلْبٌ.

(شرح)

هذا مثال يقال هذه الأمور أن يكون الخارقين للعادة الذي يطير في الهواء ويغوص في الماء ينفق في غير شيء هذه قد توجد في أشخاص ويكون هذا الشخص لا يتوضأ ولا يصلي الصلوات المفروضة ويكون ملامساً للنجاسات معاشراً للكلاب ويأوي إلى الحمّامات والقمّامين والمقابر والمزابل ورائحته خبيثة ولا يتطهر الطهارة الشرعية ولا يتوضأ وكل هذا يقول خارق عادة هل يكون هذا ولي؟

قال النبي ﷺ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ وَلَا كَلْبٌ. خطاب أبو خالد السعيد بدون جنب لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ. وفي بعضها يقول جُنُبٌ.

وقول جُنُبٌ وَلَا كَلْبٌ. فيه خلاف، نتأكد من صحتها من أهل العلم، إذاً يدل هذا على أن أهل الخوارق والعادات ليست هي المقياس لأن الخوارق تكون على يد الولي وتكون على يد العدو.

(متن)

وَقَالَ عَنْ هَذِهِ الأخلية: إنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضِرَةٌ أَيْ يَحْضُرُهَا الشَّيْطَانُ

(شرح)

قال عن هذه الأخلية يعني مكان قضاء الحاجة إنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضِرَةٌ يعني تحضرها الشياطين هذا الشخص الذي يأوي إلى النجاسات والحمّامات لا يكون ولياً لله هو عدو لله.

(متن)

وَقَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ الْخَبِيثَتَيْنِ فَلَا يَقْرَبَن مَسْجِدَنَا؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ.

(شرح)

هذا الحديث رواه البخاري في الصحيح رواه أيضاً مسلم رواه الشيخان قال مَنْ أَكَلَ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ الْخَبِيثَتَيْنِ فَلَا يَقْرَبَن مَسْجِدَنَا؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ. فالذي يتلبس بالروائح الكريهة وإن جرى عليه خوارق هذه حالة شيطانية ليس من أولياء الله.

(متن)

وَقَالَ إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا.

(شرح)

هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا. وعلى هذا يكون من أسماء الله الطيب لأن نبي الله أطلقه على الله إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا. رواه مسلم في الصحيح والترمذي وغيرهم.

(متن)

وَقَالَ: إنَّ اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ.

(شرح)

الحديث إنَّ اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ. ضعفّه المحشي قال سنده ضعيف جداً في خالد بن إلياس مسند الحديث إنَّ اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا. هذا صحيح رواه مسلم في الصحيح.

(متن)

وَقَالَ: خَمْسٌ مِنْ الْفَوَاسِقِ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ.

(شرح)

هذه الأمور خمس يقتلن في الحل والحرم يقول فيها لخروجها عن طبيعة غيرها في الإيذاء.

الحية لأنها مؤذية يُسم بها.

والفأرة لأنها مفسدة في البيت إذا أتت شيء قرضته فأفسدته.

والغراب لأنه يأكل سهول الزرع وينقر الدبر في ظهر البعير الخبثة أنه يأكل سهول الزرع والخبثة أن البعير إذا كان فيه جراح في ظهره جروح ثم دويت ينقرها من جديد ينقرها  من خبثه حتى يعود الجرح مرة أخرى .

والحدأة طائر يخطف الشيء الأحمر شيء يظنه لحما.

والكلب العقور لأنه يعقر الناس بنابه.

فهذه فواسق تسمى فواسق لأنها خارجة عن طبيعة غيرها بالإيذاء والفاسق الخارج عن طاعة الله وهذه الدواب تسمى فواسق لأنها خرجت عن طبيعة غيرها بالإيذاء.

(متن)

وَفِي رِوَايَةٍ الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ.

وَأَمَرَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَقَالَ: مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا وَلَا ضَرْعًا نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ.

(شرح)

وأمر ﷺ بقتل الكلاب ثم نُسخ هذا وقال مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا وَلَا ضَرْعًا نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ. ويستثنى من هذا صاحب الصيد إذا كان عنده كلب مُعلّم يجوز أن يقتنيه للصيد وصاحب البستان صاحب المزرعة والبستان يجوز له أن يأتي بكلب حارس وكذلك صاحب الصيد هذا مستثنى قال مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا وَلَا ضَرْعًا نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ​​​​​​​، القيراط جزء من أربعة وعشرين جزءاً سهم من أربعة وعشرين والمعنى أنه ما يحصل عليه من الأجر في اليوم والليلة يُقسّم إلى أربعة وعشرين قسم ويفوت عليه قسم لاقتناء الكلب ما يبقى له إلا ثلاثة وعشرين.

(متن)

وَقَالَ: لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً مَعَهُمْ كَلْبٌ.

(شرح)

لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً مَعَهُمْ كَلْبٌ أَو جَرَسٌ كما رواه مسلم وأبو داود.

(متن)

وَقَالَ: إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ.

(شرح)

حديث صحيح رواه الشيخ خالد وغيره إذا كان إناء كلب يغسل سبع مرات فإذا كان شخص يخالطه الكلاب والنجاسات ثم جرت على يده خارق عادة فهي ليست كرامة وإنما حالة شيطانية.

(متن)

وَقَالَ تَعَالَى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ۝ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

(شرح)

الشاهد من هذه الآيات، من يعرف ما الشاهد لماذا ساق المؤلف  هذه الآيات؟ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ يعني الذي يتلّبس الخبائث والنجاسات ليس من أولياء الله.

وقال وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ الرحمة صفات النبي ﷺ أنه يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم الأغلال التي كانت على من سبقنا.

(متن)

فَإِذَا كَانَ الشَّخْصُ مُبَاشِرًا لِلنَّجَاسَاتِ وَالْخَبَائِثِ الَّتِي يُحِبُّهَا الشَّيْطَانُ أَوْ يَأْوِي إلَى الْحَمَّامَاتِ وَالْحُشُوشِ الَّتِي تَحْضُرُهَا الشَّيَاطِينُ أَوْ يَأْكُلُ الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَالزَّنَابِيرَ؛ وَآذان الْكِلَابِ الَّتِي هِيَ خَبَائِثُ وَفَوَاسِقُ أَوْ يَشْرَبُ الْبَوْلَ وَنَحْوَهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ الَّتِي يُحِبُّهَا الشَّيْطَانُ أَوْ يَدْعُو غَيْرَ اللَّهِ فَيَسْتَغِيثَ بِالْمَخْلُوقَاتِ وَيَتَوَجَّهَ إلَيْهَا أَوْ يَسْجُدُ إلَى نَاحِيَةِ شَيْخِهِ وَلَا يُخْلِصُ الدِّينَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ أَوْ يُلَابِسُ الْكِلَابَ أَوْ النِّيرَانَ أَوْ يَأْوِي إلَى الْمَزَابِلِ وَالْمَوَاضِعِ النَّجِسَةِ أَوْ يَأْوِي إلَى الْمَقَابِرِ؛ وَلَا سِيَّمَا إلَى مَقَابِرِ الْكُفَّارِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَوْ الْمُشْرِكِينَ أَوْ يَكْرَهُ سَمَاعَ الْقُرْآنِ وَيَنْفِرُ عَنْهُ وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ سَمَاعَ الْأَغَانِي وَالْأَشْعَارِ وَيُؤْثِرُ سَمَاعَ مَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ عَلَى سَمَاعِ كَلَامِ الرَّحْمَنِ فَهَذِهِ عَلَامَاتُ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ لَا عَلَامَاتُ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ.

(شرح)

هذه علامات أولياء الشيطان علامة أولياء الشيطان تجد الشخص يباشر النجاسات والخبائث التي يحبها الشيطان ويأوي إلى الحمّامات والحشوش التي تحضرها الشياطين تجده دائماً متلبس بالنجاسات دائماً يأوي إلى الحمّامات والحشوش التي تحضرها الشياطين أو يأكل الحيّات والعقارب يأكلها والزنابير وآذان الكلاب يقطعها من الكلاب ويأكلها التي هي خبائث و فواسق أو يشرب البول ونحوه من النجاسات التي يحبها الشيطان أو يدعو غير الله أو يستغيث بالمخلوقات ويتوجه إليها ولا يخلص الدين لرب العالمين أو يلامس الكلاب أو النيران أو يأوي إلى المزابل والمواضع النجسة أو يأوي إلى المقابر ولاسيما إلى مقابر الكفار من اليهود والنصارى أو المشركين أو يكره سماع القرآن وينفر منه ويقدّم عليه سماع الأغاني والأشعار ويؤثر سماع مزامير الشيطان يؤثر يعني يُفضّل سماع مزامير الشيطان على سماع القرآن هذه عادة أولياء الشيطان لا عادة أولياء الرحمن ويكلم بعض السحرة أو بعض المشعوذين الذي يزعم أنه يعالج الناس الذين يأتون إليه ما يجدونة إلا في وسط حارة مزحومة بالسكان وفي بيت صغير ضيق ومظلم فإذا دخلت هذا البيت بيت وجدت رائحة كريهة منتن يخرج من هذا البيت هذه علامات السحرة والمشعوذين وهذا ما قاله تجد أن جميع السحرة والمشعوذين ما يمكن يسكن في مكان بارز أو مكان واضح أو بيت فيه هواء لا، بل يسكن في حارة في وسط حارة مزحومة بالسكان وضيقة وبيت منتن وصغير ما تقدر تدخله من النتن والنجاسات، السحرة هذه مساكنهم.

(متن)

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَا يُسْأَلُ أَحَدُكُمْ عَنْ نَفْسِهِ إلَّا الْقُرْآنُ فَإِنْ كَانَ يُحِبُّ الْقُرْآنَ فَهُوَ يُحِبُّ اللَّهَ وَإِنْ كَانَ يُبْغِضُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يُبْغِضُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ

(شرح)

قال ابن مسعود لا يسأل أحدكم عن نفسه إلا القرآن فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله لأن القرآن كلام الله وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله تعالى ،يقول ابن مسعود لا يسأل أحدكم عن نفسه إلا القرآن انظر نفسك مع القرآن إن كان يحب القرآن فهو يحب الله وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله أسأل الله السلامة والعافية

(متن)

وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عفان لَوْ طَهُرَتْ قُلُوبُنَا لَمَا شَبِعَتْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ .

(شرح)

هذا رواه الإمام أحمد في الزهد قال لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم.

(متن)

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الذِّكْرُ يُنْبِتُ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ وَالْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ.

(شرح)

وهذا الدور الوظيفي في تعليم قدر الصلاة (28:52) في ذم الملاهي يقول ابن مسعود الذكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء البقل والغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل الذكر والغناء متضادان فالذكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء البقل المراد بالذكر التسبيح والتهليل والتكبير وأعظم الذكر قراءة القرآن ثم يليه التسبيح والتهليل والتكبير كلام الناس فهذا الذكر يزيد الإيمان ينبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء البقل وأما الغناء بالعكس فإنه ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل، الذكر والغناء متضادان الذكر ينبت الإيمان في القلب والغناء ينبت النفاق في القلب.

(متن)

وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ خَبِيرًا بِحَقَائِقِ الْإِيمَانِ الْبَاطِنَةِ فَارِقًا بَيْنَ الْأَحْوَالِ الرَّحْمَانِيَّةِ وَالْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ فَيَكُونُ قَدْ قَذَفَ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ مِنْ نُورِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَقَالَ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا فَهَذَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ جَاءَ فِيهِمْ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

(شرح)

يقول المؤلف من علامات المؤمن علامات الولي لله أنه يكون خبيراً بحقائق الإيمان الباطنة يفرق بين الأحوال الرحمانية والأحوال الشيطانية قد قذف الله في قلبه من نوره، كما قال الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ  وقال الله تعالى وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ​​​​​​​ قال وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا سمى القرآن روح لأن الحياة الحقيقية متوقفة على القرآن.

أما إذا لم يكن عنده قرآن فإنه وإن عاش الجسد بالطعام والشراب إلا أنه ميتاً ميت القلب وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

فهذا الرجل الخبير بحقائق الإيمان يفرّق بين الأحوال الرحمانية والأحوال الشيطانية قد قذف الله في قلبه من نوره كما قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ  قال وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ.

فالمؤمن يعطيه الله نوراً يفرّق به بين الحق والباطل كما قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ما معنى فرقان؟ تفريق بين الحق والباطل بين العلم النافع العلم الشرعي وغيره والعلم الضار. وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

قال هذا من المؤمنين الذين جاء فيهم الحديث هذا من المؤمنين من هو؟ الذي قذف الله في قلبه من نوره والذي قذف الله فيه من روحه وجعله نبياً ، وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُالشاهد أن النبي ﷺ (34:07)  فأنزل الله عليه الكتاب العظيم ولكن جعله نوراً سماه الله نوراً لتوقف الهداية عليه كما سماه روحاً لتوقف الحياة الحقيقية عليه فالحياة للقلوب ونور للأبصار فهذا من المؤمنين الذين جاء فيهم الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ  قال الترمذي حديث حسن.

فإذاً الرجل الذي هو خبير بحقائق الإيمان الباطنة والرجل الذي يفرّق بين الأحوال الرحمانية والأحوال الشيطانية قد قذف الله في قلبه من نوره كما قال الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وقال تعالى وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ سمى القرآن نور لتوقف الهداية عليه وسماه روحاً لتوقف الحياة الحقيقية عليه كما سماه نوراً لتوقف الهداية عليه.

(متن)

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ فِيهِ: لَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، فَبِي يَسْمَعُ، وَبِي يُبْصِرُ، وَبِي يَبْطِشُ، وَبِي يَمْشِي، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنهُ، وَمَا تَرَدَّدْت فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي فِي قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ.

(شرح)

الحديث يقول : المؤمن إذا كان مستقيم على طاعة الله فإنه يكون فيه فراسة اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله قال الترمذي حديث حسن رواه الترمذي في التفسير والبخاري في التاريخ  وأبو الشيخ في طبقات المحددين هذا الحديث ضعّفه بعضهم قال اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ  فمنهم من ضعّفه ومنهم من حسّنه وقوّاه وقال هذه الصفات صفات المؤمنين هذا مؤمن لأن كله فراسة يتفرس في الإنسان ويتوقع ويعرف حاله في المستقبل هذه فراسة اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ  فمنهم من يقول حديث صحيح.

حديث البخاري حديث الأولياء حديث عظيم يقول النبي ﷺ حديث قدسي من كلام الله يقول الله تعالى: لَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ اختصر الحديث و أول الحديث رواه بخاري صحيح يقول النبي ﷺ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ هذا دليل على أن من عادى أولياء الله فإنه محارب لله.

مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ إذاً أحب شيء إلى الله ما هو؟ أداء الفرائض فإذا أدى الفرائض فإنه يتقرب إلى الله بالنوافل وإذا تقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض صار من أحباب الله وإذا صار من أحباب الله سدّده الله في جوارحه فلا يستخدمها إلا في طاعة الله هذه يسمى حديث الأولياء يقول النبي ﷺ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ​​​​​​​. إذاً أحب شيء يتقرب به المسلم إلى الله هو أداء الفرائض وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ​​​​​​​.

وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ هذا حديث عظيم  يسمى حديث الأولياء في تحذير من معاداة ولي الله .

وفيه أن أفضل ما يتقرب به الإنسان إلى الله أداء الفرائض الصلوات الخمس في بعض المساجد فريضة وكذلك أيضاً يتقرب إلى الله بالنوافل فإذا تقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض صار من أحباب الله وإذا صار من أحباب الله صار لا يستعمل جوارحه إلا في طاعة الله . ولهذا قال في هذا الحديث وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، المعنى أن الله يسدّده في جوارحه فلا يستعملها إلا في طاعة الله . ولهذا قال فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، فَبِي يَسْمَعُ، وَبِي يُبْصِرُ، وَبِي يَبْطِشُ، وَبِي يَمْشِي، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنهُ، هذا حديث عظيم.

ثم قال وَمَا تَرَدَّدْت فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي فِي قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ هذا يسمى حديث الأولياء.

وفيه فضل الفرائض وأنها أحب شيء إلى الله.

وفيه فضل أداء النوافل بعد الفرائض وأنه يكون من أحباب الله يسدّد في جوارحه ويُستجاب دعاءه إذا سأل الله يعطيه وإذا استعاذ أُعيذ.

وليس يتمسك للصوفية، بعض الصوفية يستفيد من الحديث على أن يٌحل بالمخلوقات وكنت سمعه الذي يسمع به أي أن الله حل في سمعه وبصره الذي يبصر به أي أن الله حل في بصره حل في يده حل في رجله هذا كلام باطل سقيم.

ثم قال الله تعالى في الحديث وَمَا تَرَدَّدْت فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي فِي قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ. التردد هذا تعارض بين إرادتين الله تعالى يريد قبض نفس عبده المؤمن لأنه تم أجله والعبد يكره الموت والله تعالى يكره ما يُسيء للمؤمن قال العلماء التردد تعارض بين إرادتين تعارض إرادتين قد تعارضت إرادة الله لما يريده العبد وإرادة الله لقبض روحه ولا بد من مضي القدر فقال وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ.

(متن)

فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ مِنْ هَؤُلَاءِ فُرِّقَ بَيْنَ حَالِ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ كَمَا يُفَرِّقُ الصَّيْرَفِيُّ بَيْنَ الدِّرْهَمِ الْجَيِّدِ وَالدِّرْهَمِ الزَّيْفِ وَكَمَا يُفَرِّقُ مَنْ يَعْرِفُ الْخَيْلَ بَيْنَ الْفَرَسِ الْجَيِّدِ وَالْفَرَسِ الرَّدِيءِ وَكَمَا يُفَرِّقُ مَنْ يَعْرِفُ الْفُرُوسِيَّةَ بَيْنَ الشُّجَاعِ وَالْجَبَانِ وَكَمَا أَنَّهُ يَجِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّبِيِّ الصَّادِقِ وَبَيْنَ الْمُتَنَبِّئِ الْكَذَّابِ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْأَمِينِ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَمُوسَى وَالْمَسِيحِ وَغَيْرِهِمْ وَبَيْنَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ؛ وَالْأَسْوَدِ العنسي وطليحة الأسدي وَالْحَارِثِ الدِّمَشْقِيِّ؛ وَبَابَاهُ الرُّومِيِّ؛ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْكَذَّابِينَ؛ وَكَذَلِكَ يُفَرِّقُ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ الضَّالِّينَ.

(شرح)

يعني المؤلف يقول إذا كان العبد من هؤلاء المؤمنين المستقيمين على طاعة الله الذي ينظر بنور الله والذي تقرب إلى الله بالفرائض ثم يتقرب إليه بالنوافل إذا كان العبد هكذا فإنه يفرّق بين حال أولياء الرحمن وحال أولياء الشيطان كما يفرّق الصيرفي بين الدرهم الجيد والدرهم الزائف مجرد أن يلمسه يعرف أن هذا مزيف أو جيد لماذا؟ من أجل الخبرة الخبرة الطويلة صار يفرّق بين الدرهم الجيد والدرهم المغشوش كذلك الإنسان إذا كان له خيل يعرفها فيعرف يفرّق بين الفرس الجيد والفرس الرديء كذلك من عرف الفروسية فإنه يفرّق بين الشجاع وبين الجبان وكما أنه يجب الفرق بين النبي الصادق والمتنبي الكذّاب فيفرّق بين محمد الصادق الأمين رسول الله رب العالمين وموسى والمسيح وغيرهم وبين مسيلمة الكذاب والأسود العنسي وطلحة الأسدي يقول كما أنه يجب الفرق بين المتنبي وبين النبي الأنبياء معروفون ومسيلمة الكذّاب والأسود العنسي وطلحة الأسدي والحارث الدمشقي هؤلاء ، المؤمنون يفرّقون بين المؤمنين وبين أولياء الله وبين أولياء الرحمن كما يفرّق الصيرفي بين الدرهم الجيد والدرهم الرديء وكما يفرّق صاحب الخيل بين الفرس الجيد والفرس الرديء وكما يفرّق في الفروسية والشجاعة بين الشجاع وبين الجبان وكما يفرّق بين النبي الصادق وبين المتنبي الكذّاب فيفرّق بين الرسول عليه الصلاة والسلام وأحواله وبين مسيلمة الكذّاب والأسود العنسي وغيرهم من الكذّابين وكذلك يفرّق بين أولياء الله المتقين وأولياء الشيطان الضالين.

(متن)

فَصْلٌ:
وَ " الْحَقِيقَةُ " حَقِيقَةُ الدِّينِ: دِينُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هِيَ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهَا الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ؛ وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ شِرْعَةٌ وَمِنْهَاجٌ. فَـ " الشِّرْعَةُ " هِيَ الشَّرِيعَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَقَالَ تَعَالَى: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۝ إنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ.

وَ " الْمِنْهَاجُ " هُوَ الطَّرِيقُ قَالَ تَعَالَى: وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ۝ لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا.

فَالشِّرْعَةُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرِيعَةِ لِلنَّهْرِ وَالْمِنْهَاجُ هُوَ الطَّرِيقُ الَّذِي سَلَكَ فِيهِ وَالْغَايَةُ الْمَقْصُودَةُ هِيَ حَقِيقَةُ الدِّينِ وَهِيَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَهِيَ حَقِيقَةُ دِينِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ أَنْ يَسْتَسْلِمَ الْعَبْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا يَسْتَسْلِمُ لِغَيْرِهِ فَمَنْ اسْتَسْلَمَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ كَانَ مُشْرِكًا وَاَللَّهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَسْلِمْ لِلَّهِ بَلْ اسْتَكْبَرَ عَنْ عِبَادَتِهِ كَانَ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ فِيهِ: إنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ​​​​​​​.

(شرح)

في هذا الفصل يبين المؤلف رحمه الله حقيقة الدين قال لا حقيقة إلا حقيقة الدين الحقيقة حقيقة الدين دين رب العالمين هي ما اتفق عليه الشرائع شرائع الأنبياء والمرسلين وإن كان لكل منهم شرعةً ومنهاجاً فالشرعة هي الشريعة والمنهاج هو الطريق دين رب العالمين هي ما اتفق عليه شرائع الأنبياء والمرسلين وإن كان لكل منهم شرعةً ومنهاجاً.

هذا فيه بيان أنّ دين الإسلام له معنىً عام وله معنىً خاص دين الإسلام بمعناه العام هو دين الأنبياء جميعاً الإسلام له معنىً عام وله معنىً خاص، دين الإسلام بمعناه العام هو دين الأنبياء جميعاً ودين آدم ودين نوح وهو دين إبراهيم وهو دين هود وصالح وشعيب ودين نبينا محمد ﷺ هذا الإسلام بمعناه العام هو دين الله في الأرض وفي السماء قال الله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ قال وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وهو دين الأنبياء جميعاً وهو توحيد الله وطاعة نبي في ما جاء به من الشريعة وأما الشرائع تختلف لكل منهم شريعة لكن الدين واحد هو التوحيد كل نبي دعا قومه للتوحيد ونهاهم عن الشرك كلهم يقول اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ .

فالإسلام في زمن آدم توحيد الله واتباع آدم فيما جاء به من الشريعة والإسلام في زمن نوح توحيد الله واتباع نوح فيما جاء به من الشريعة والإسلام في زمن هود توحيد الله واتباع هود فيما جاء به من الشريعة والإسلام في زمن صالح توحيد الله واتباع صالح فيما جاء به من الشريعة والإسلام في زمن موسى توحيد الله واتباع موسى فيما جاء به العمل بالتوراة وهكذا والإسلام في زمن إبراهيم توحيد الله واتباع إبراهيم فيما جاء به من الشريعة والإسلام في زمن عيسى توحيد الله واتباع عيسى فيما جاء به من الشريعة حتى بعث الله محمداً ﷺ بالشريعة الخاتمة فكان الإسلام بمعناه الخاص هو توحيد الله والعمل بالشريعة الخاتمة وهي شريعة القرآن التي مشى عليها محمد وأمته فصار الإسلام له معنىً عام وهو دين الأنبياء جميعاً وله معنىً خاص وهي شريعة القرآن التي جاء بها محمد ﷺ، الدين واحد والشرائع مختلفة لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا قال الله تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وقال وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وقال تعالى شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ كلهم الدين واحد شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ وقال عليه الصلاة والسلام نَحنُ مَعْاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، وَدِينُنَا وَاحِدٌ أُمَّهَاتُنا شَتَّى انظر الحديث حديث صحيح نَحنُ مَعْاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، وَدِينُنَا وَاحِدٌ أُمَّهَاتُنا شَتَّى، الأمهات الشرائع الأوامر والنواهي والحلال والحرام تختلف الدين واحد وهو التوحيد نَحنُ مَعْاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ هو الأخوة من الأب الأب واحد والأمهات متعددة فقال إخوة لعلات فالأب يمثّل الدين والأمهات تمثّل الشرائع كما قال تعالى لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا الأب يمثّل الدين يمثّل الأب والشرائع تمثل ماذا؟ الأمهات، هذا الأخوة لعلات الأخوة لعلات إخوة من الأب الأب واحد والأمهات متعددة.

يقابلهم إخوة الأخياف إخوة الأخياف الأم واحدة والآباء متعددون قالوا إخوة الأخياف الأم واحدة والآباء متعددون.

وإخوة الأعيان هم الأخوة الأشقاء الأب واحد والأم واحدة فصار إخوة الأعيان هم الأشقاء الأب واحد والأم واحدة إخوة العلّات إخوة من الأب الأب واحد والأمهات شتى إخوة الأخياف بالعكس الأم واحدة والآباء متعددون، فالأب من أي الأصناف الثلاثة؟ إخوة لعلات العلات يعني إخوة من الأب الدين الأب واحد والأمهات متعددة .

الأنبياء كلهم جاؤوا بتوحيد الله قال الله تعالى لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وقال هود مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وقال صالح مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ​​​​​​​ وقال تعالى وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ وقال تعالى وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ.

فالشرائع تختلف والدين واحد مثلاً في شريعة آدم شريعة آدم يجوز للإنسان أن يتزوج أخته لأنه ما في أحد من البشر وكانت حواء تحمل بذكر وأنثى في كل بطن تأتي بذكر وأنثى فالإنسان يحرم عليه أخته التي جاءت معه من بطن واحد ويجوز أن يتزوج أخته التي في بطن سابق أو في بطن لاحق لأن ما في أحد الكل ما في أحد حتى كثُر الناس فلما كثُر الناس حرّم الله نكاح الأخت فالشريعة تختلف في شريعة آدم يجوز نكاح الأخت ويحرم نكاح الأخت التي معه في بطن واحد أخته التي تحرم عليه التي جاءت معه في بطن واحد وأخته التي جاءت في بطن سابق أو لاحق حلال له حتى تناسل الناس كثُر الناس.

وفي شريعة يعقوب يجوز الجمع بين الأختين وفي شريعة التوراة يجب القصاص والقص في القاتل وليس هناك عفو ولا ديّة في شريعة الإنجيل يجب التسامح والعفو ولا يجب القصاص ولهذا يقولوا في شريعة الإنجيل من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر فالدين تسامح.

وأما شريعتنا الشريعة الخاتمة التي جاء بها النبي ﷺ فولي القتيل مخيّر بين واحد من أمور ثلاثة إما أن يقتص منه وإما أن يأخذ الديّة وإما أن يعفو عنه مجاناً يخيّر أولياء القتيل بين واحداً من ثلاثة إما القتل قصاصاً وإما الديّة وإما العفو مجاناً فشريعة نبينا أكمل الشرائع.

فالشاهد من هذا أن دين الأنبياء واحد وهو التوحيد وشرائعهم متعددة مختلفة.

والإسلام بمعناه العام هو دين الأنبياء جميعاً والإسلام بمعناه الخاص هو شريعة القرآن التي جاء بها محمد ﷺ وعلى هذا اختلف العلماء في المؤمنين في أتباع موسى وعيسى والمؤمنين من الشرائع السابقة هل هم مسلمون أم غير مسلمين فمن نظر إلى الإسلام العام قال هم مسلمون ومن نظر إلى الإسلام بمعناه الخاص وما جاء به محمد ﷺ قال ليسو مسلمين لا يسمّون مسلمين من جهة التسمية والخلاف لفظي.

فهذا الفصل يقرر فيه المؤلف رحمه الله أن حقيقة الدين دين رب العالمين ما اتفقت عليه شرائع الأنبياء والمرسلين وهو توحيد الله وأما الشرائع فإنها مختلفة ولهذا قال حقيقة الدين دين رب العالمين هي ما اتفقت عليه شرائع الأنبياء والمرسلين وهو توحيد الله وطاعة كل نبي بما جاء به من الشريعة توحيد الله في زمن نوح توحيد الله واتباع نوح بما جاء به من الشريعة في زمن هود توحيد الله واتباع هود بما جاء به من الشريعة في زمن موسى توحيد الله والعمل بشريعة التوراة في زمن عيسى توحيد الله والعمل بالإنجيل حتى بعث الله محمداً ﷺ فصار الإسلام بمعناه الخاص توحيد الله والعمل بالشريعة الخاتمة شريعة القرآن التي جاء بها نبينا محمداً ﷺ.

والشرائع تختلف ولهذا قال تعالى لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا  قال تعالى ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۝ إنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ.

قال المؤلف والمنهاج هو الطريق لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا  هو الطريق قال تعالى وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ۝ لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا، الشريعة هي النهر والمنهاج هو الطريق الذي يوصلك للنهر الشريعة بمنزلة النهر الذي يُشرب منه والمنهاج الطريق الذي يوصلك إلى النهر يعني لكل أمة شريعة تعمل بها والمنهاج الطريق الذي يوصل إليها فالشريعة هي توحيد الله الذي جاء به الأنبياء والطريق الذي يوصل إليه هو العمل بالشريعة التي جاء بها كل نبي والغاية هي حقيقة الدين الغاية هي الوصول إلى الدين الغاية من ذلك هي حقيقة الدين وهي عبادة الله وحده لا شريك له الغاية من بعثة الأنبياء إرسال الرسل والكتب وعبادة الله وحده لا شريك له وهذه حقيقة دين الإسلام.

فإذاً دين الإسلام هو أن يستسلم العبد لله رب العالمين لا يستسلم لغيره فمن استسلم لله ولغيره كان مشركاً والله لا يحب أن يُشرك به ومن لم يسلم لله بل استكبر عن عبادته كان ممن قال الله إنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ​​​​​​​.

فالناس أقسام ثلاثة مسلم ومشرك ومستكبر فالمسلم هو الموحد الذي قال لا إله إلا الله لأنه مستسلم لله والمستكبر هو المتكبّر عن عبادة الله والمشرك هو الذي أشرك مع الله غيره والمشرك والمستكبر كافران والمسلم المستسلم لله هو الموحد فتكون أقسام الناس ثلاثة مسلم ومشرك ومستكبر فالمسلم هو المستسلم لله الموحد لله والمشرك هو الذي يعبد الله ويعبد غيره والمستكبر هو الذي استكبر عن عبادة الله.

(متن)

وَدِينُ الْإِسْلَامِ هُوَ دِينُ الْأَوَّلِينَ والآخرين مِنْ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وقَوْله تَعَالَى وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ عَامٌّ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ. فَنُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَيَعْقُوبُ وَالْأَسْبَاطُ وَمُوسَى وَعِيسَى وَالْحَوَارِيُّونَ كُلُّهُمْ دِينُهُمْ الْإِسْلَامُ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ نُوحٍ: يَا قَوْمِ إنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ إلَى قَوْلِهِ: وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ تَعَالَى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ إلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ۝ إذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ وَوَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَقَالَ تَعَالَى: وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تتَوَكَّلُوا إنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ وَقَالَ السَّحَرَةُ: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وَقَالَ يُوسُفُ : تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وَقَالَتْ بلقيس: وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَقَالَ تَعَالَى: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ وَقَالَ الْحَوَارِيُّونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.

(شرح)

هذا بحث فيه بيان دين الإسلام بمعناه العام، الإسلام بمعناه العام هو دين الأنبياء جميعاً هو دين آدم هو دين نوح هو دين هود هو دين صالح هو دين شعيب هو دين لوط هو دين إبراهيم هو دين موسى وعيسى هو دين محمد ﷺ، الإسلام بمعناه العام توحيد الله والعمل بشريعة كل نبي في زمانه هو دين الله دين الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين قال تعالى وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ.

قال المؤلف رحمه الله فنوح وإبراهيم ويعقوب والأسباط وموسى وعيسى والحواريون كلهم دينهم الإسلام كلهم دينهم الإسلام بمعناه العام الذي هو عبادة الله وحده لا شريك له ثم ذكر الأدلة على أن كل نبي على الإسلام قال عن نوح وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ ۝ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وقال تعالى عن إبراهيم وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ إلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ۝ إذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ.

إذاً الإسلام دين إبراهيم والإسلام دين يعقوب وبنيه قال الله تعالى وَوَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ  إذاً الإسلام دين يعقوب وبنيه، الإسلام دين موسى قال تعالى وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تتَوَكَّلُوا إنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ، السحرة الذين آمنوا بزمن موسى على الإسلام قال تعالى عنهم أنهم قالوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ والإسلام دين يوسف قال يوسف تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ. الإسلام دين بلقيس، الإسلام دين يوسف قال تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ، الإسلام دين بلقيس وسليمان قال عن بلقيس أنها قالت وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الإسلام دين الأنبياء الذين يعملون بشريعة التوراة، التوراة التي أنزلها الله على موسى ثم جاء بعد موسى أنبياء كلهم عملوا بالتوراة حتى ختمهم بعيسى عيسى أنزل الله عليه الإنجيل فالأنبياء الذين جاؤوا بعد موسى مثل داود وسليمان و زكريا ويحيى كلهم عملوا بالتوراة قال تعالى يَحْكُمُ بِهَا (التوراة) يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ  يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا يحكم بالتوراة النبيون الذين أسلموا.

وقال عن الحواريين أصحاب عيسى آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.

إذاً الدين هو الإسلام ودين الأنبياء واحد وإن تنوعت الشرائع دينهم يعني التوحيد كما في الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال إِنَّا مَعْاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ دِينُنَا وَاحِدٌ.

(متن)

فَدِينُ الْأَنْبِيَاءِ وَاحِدٌ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ شَرَائِعُهُمْ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ إنَّا مَعْشَرُ الْأَنْبِيَاءِ دِينُنَا وَاحِدٌ قَالَ تَعَالَى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إلَيْهِ وَقَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ۝ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ۝ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ. وقال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ۝ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۝ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ.

(شرح)

هذه الآيات فيها بيان أن الأنبياء كلهم على الإسلام دينهم الإسلام قال شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا  أقيموا الذين كلهم على دين الإسلام.

وقال تعالى يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ۝ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ۝ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ. الله تعالى وجه الخطاب للرسل وأمرهم قال كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ۝ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ، الشاهد هنا قال يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا.

وقال وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ۝ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ.، فالأمة أمة واحدة والدين واحد.

وقال تعالى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ۝ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۝ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ. هذه الأحزاب المتناحرة لن تتفق الأحزاب إذا كانت متنافية فإنها لن تتفق أما إذا كانت على حق وإن حصل بينها خلاف فإنها تتحد.

وفق الله الجميع

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد