بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(المتن)
قال المؤلف رحمنا الله وإياه:
وَغَايَةُ حَقِيقَةِ هَؤُلَاءِ إنْكَارُ " أُصُولِ الْإِيمَانِ " بِأَنْ يُؤْمِنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَحَقِيقَةُ أَمْرِهِمْ جَحْدُ الْخَالِقِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا وُجُودَ الْمَخْلُوقِ هُوَ وُجُودُ الْخَالِقِ وَقَالُوا: الْوُجُودُ وَاحِدٌ وَلَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْوَاحِدِ بِالْعَيْنِ وَالْوَاحِدِ بِالنَّوْعِ فَإِنَّ الْمَوْجُودَاتِ تَشْتَرِكُ فِي مُسَمَّى الْوُجُودِ كَمَا تَشْتَرِكُ الْأَنَاسِيُّ فِي مُسَمَّى الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانَاتُ فِي مُسَمَّى الْحَيَوَانِ وَلَكِنَّ هَذَا الْمُشْتَرَكَ الْكُلِّيَّ لَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا كُلِّيًّا إلَّا فِي الذِّهْنِ وَإِلَّا فالحيوانية الْقَائِمَةُ بِهَذَا الْإِنْسَانِ لَيْسَتْ هِيَ الْحَيَوَانِيَّةُ الْقَائِمَةُ بِالْفَرَسِ وَوُجُودُ السَّمَوَاتِ لَيْسَ هُوَ بِعَيْنِهِ وُجُودُ الْإِنْسَانِ فَوُجُودُ الْخَالِقِ لَيْسَ هُوَ كَوُجُودِ مَخْلُوقَاتِهِ.
وَحَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ قَوْلُ فِرْعَوْنَ الَّذِي عَطَّلَ الصَّانِعَ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُنْكِرًا هَذَا الْوُجُودَ الْمَشْهُودَ؛ لَكِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ بِنَفْسِهِ لَا صَانِعَ لَهُ وَهَؤُلَاءِ وَافَقُوهُ فِي ذَلِكَ؛ لَكِنْ زَعَمُوا بِأَنَّهُ هُوَ اللَّهُ فَكَانُوا أَضَلَّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ هَذَا هُوَ أَظْهَرُ فَسَادًا مِنْهُمْ.
وَلِهَذَا جَعَلُوا عُبَّادَ الْأَصْنَامِ مَا عَبَدُوا إلَّا اللَّهَ وَقَالُوا: " لَمَّا كَانَ فِرْعَوْنُ فِي مَنْصِبِ التَّحَكُّمِ صَاحِبَ السَّيْفِ وَإِنْ جَارَ فِي الْعُرْفِ النَّامُوسِي كَذَلِكَ قَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى. أَيْ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ أَرْبَابًا بِنِسْبَةِ مَا فَأَنَا الْأَعْلَى مِنْكُمْ بِمَا أُعْطِيته فِي الظَّاهِرِ مِنْ الْحُكْمِ فِيكُمْ ".
قَالُوا: " وَلَمَّا عَلِمَتْ السَّحَرَةُ صِدْقَ فِرْعَوْنَ فِيمَا قَالَهُ أَقَرُّوا لَهُ بِذَلِكَ وَقَالُوا: فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا قَالُوا: فَصَحَّ قَوْلُ فِرْعَوْنَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى وَكَانَ فِرْعَوْنُ عَيْنَ الْحَقِّ.
" ثُمَّ أَنْكَرُوا حَقِيقَةَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَجَعَلُوا أَهْلَ النَّارِ يَتَنَعَّمُونَ كَمَا يَتَنَعَّمُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَصَارُوا كَافِرِينَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبِمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ مَعَ دَعْوَاهُمْ أَنَّهُمْ خُلَاصَةُ خَاصَّةِ الْخَاصَّةِ مِنْ أَهْلِ وِلَايَةِ اللَّهِ وَأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ إنَّمَا يَعْرِفُونَ اللَّهَ مِنْ مِشْكَاتِهِمْ.
وليس هذا موضع بسط بيان إلحاد هؤلاء، ولكن...
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد ﷺ وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد:
فالمؤلف رحمه الله تعالى يرد على الاتحادية الذين يقولون بوحدة الوجود، وهم من أكفر خلق الله، وأعظم الناس كفراً الاتحادية الذين يقولون الوجود واحد، الاتحادية يقولون اتحد الخالق بالمخلوق والمخلوق هو الخالق، وهؤلاء هم متكلمة الصوفية، المؤلف يقارن بين متكلمة الصوفية ومتكلمة الفلاسفة والمتفلسفة.
متكلمة الصوفية ابن عربي رئيس وحدة الوجود، يعتقد أن الوجود واحد، في الاتحادية يقولون أن الوجود واحد يقولون أن الرب هو العبد والعبد هو الرب، أنت الرب وأنت الخالق وأنت المخلوق، كل ماتراه هو الله هكذا يقولون -نعوذ بالله-.
ولهذا يقول ابن عربي في أبيات له:
الرَّبُّ حَقٌّ وَالْعَبْدُ حَقٌّ | يَا لَيْتَ شِعْرِي مَنْ الْمُكَلَّفُ؟ |
إذا كان العبد هو الرب والرب هو العبد أيهما المكلف.
إنْ قُلْت عَبْدٌ فَذَاكَ مَيْتٌ | أَوْ قَلَتْ رَبٌّ أَنَّى يُكَلَّفُ؟ |
ويقول: رب مالك وعبد هالك وأنتم ذلك. والعبد فقط كثرة توحد، يقول كثرة توحد، يقول سر حيث شئت فإن الله ثمة، وقل ما شئت فالواسع الله.. سر ما شئت فكل ما تراه هو الله الجبال والأشجار والآدمي كلها هو الله، كيف نقول.. يقول هذه مظاهر يتجلى الحق والأسماء والصفات لها مثل زبد البحر وهي شيء واحد، العبد (6:29)، هذا مذهب الاتحادية أغلظ الناس كفراً.. أعظم الناس كفراً.
ويقول أن فرعون مصيب حينما قال أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى. كما بيّن المؤلف، صحح قالوا زميلهم وأخوهم ويقول هو مصيب ولكن لما أغرق .. لماذا أغرق ليزول حسبان التوهم، يعني أنت فرعون تقول أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى. كل الناس أرباب، فأغرق حتى يزول الوهم.. حسبان الوهم.. حسبان الوهم.. توهم أنه ما في إلا هو.. كل الناس أرباب (مو بس أنت) فلذلك أغرق، حتى هنا قال لما قال أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى. لما أوتي منصب التحكم.
فالمقصود أن المؤلف (7:12) الاتحادية ويرد عليهم.. الاتحادية يقولون اتحد الخالق والمخلوق صارا شيئاً واحداً، يسمونهم أهل الوحدة، ومن قال أنهم حلولية، قالوا لا أنت محجوب.. أنت محجوب عن سر المذهب ولا تعرف المذهب، الحلولية يقولون باثنين أحدهما حل في الآخر كما حل في الكوز ونحن لا ثنينية ولا تعدد.. ما في تعدد عندنا..
المؤلف يقول وغاية تحقيق هؤلاء.. نهايته إنكار أصول الإيمان، فإن أصول الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره كما في حديث جبريل لما سأل النبي ﷺ عن الإيمان قال أن تؤمن بالله.. الإيمان أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، حقيقة قولهم إنكار أصول الإيمان لا يؤمنوا بالله ولا بالملائكة ولا بالكتب ولا بالرسل ولا باليوم الآخر ولا بالقدر، وحقيقة أمرهم جحد الخالق إنكار الخالق، فإنهم جعلوا وجود المخلوق هو وجود الخالق.. إذاً ما في خالق.. أنت الخالق وأنت المخلوق.. شيء واحد، مافي خالق ومخلوق ما تراه هو الخالق وهو المخلوق، هو الرب وهو العبد، هؤلاء أعظم الناس كفراً وأغلظ الناس كفراً.
يقول المؤلف وقالوا الوجود واحد ولم يميزوا بين الواحد بالعين والواحد بالنوع، يعني هذا شبهتهم.. شبهتهم ما هي؟ يعني أعظم الناس اشتباهاً.. أعظم الناس شبهة اشتباها هم الاتحادية الذين اشتبه عليهم الخالق والمخلوق فلم يميزوا بينهم، السبب في ذلك -يعني شبهتهم- أنهم رأوا الخالق والمخلوق اشتركا في مسمى الوجود ولم يفرقوا بين الواحد بالنوع والواحد بالعين.. الخالق موجود والمخلوق موجود اشتركا في مسمى الوجود ولم يفرقوا بين الواحد بالنوع.. الواحد بالنوع هو الجنس الذي يدخل تحته أنواع متعددة مثل التمر جنس تحته كم نوع سكري عجوة نبتة سيف إلى آخره.. مئات من النوع، هذا يسمى جنس تحته أنواع .. هذا يسمى واحد بالنوع، وأما الواحد بالعين فهو الفرد الواحد من أفراد التمر، واحد لا يتقسم.. لا يتقسم ولا يتنوع ولا يتجزأ، ما فرقوا بين هذا وهذا، الوجود ينقسم إلى واحد بالنوع، ينقسم إلى وجود واجب وهو وجود الخالق ،ووجود ممكن وهو وجود المخلوق.. ما فرقوا بين هذا وهذا، ما فرقوا بين الواحد بالنوع والواحد بالعين فلهذا ضلوا ، سبب ضلالهم رأوا المخلوقات تشترك في مسمى الوجود، ولم يفرقوا بين الواحد بالنوع والواحد بالعين، الواحد بالنوع هو الجنس الذي تحته أفراد.. أنواع، أو النوع الذي تحته أفراد، والواحد بالعين الفرد الواحد من أفراد النوع الذي لا يتقسم ولا يتجزأ، والوجود من أيهما.. الوجود واحد بالنوع، وينقسم إلى وجود واجب وهو وجود الخالق ووجود ممكن وهو وجود المخلوق.. هذا شبهتهم.
هذا معنى قوله وقالوا الوجود واحد ولم يميزوا بين الواحد بالعين والواحد بالنوع فإن الموجودات تشترك في مسمى الوجود.. تشترك في مسمى الوجود.. كلها الخالق والمخلوق كلها موجود، كما تشترك الأناسي في مسمى الإنسان، مسمى الإنسان جميع الناس يشتركون فيه، كما تشترك الحيوانات في مسمى الحيوان.. لكنها مختلفة.. الحيوانات كم نوع من أنواع الحيوانات الإبل والبقر والغنم والوحوش والسباع كلها حيوانات وحيوانات البحر كلها تشترك في المسمى، ولكنها أنواع متعددة ، لكنها كلها تشترك في مسمى الحيوان، الأناسي كم أنواع الناس وأصناف الناس العرب والعجم وهم مختلفون في عقولهم وأفهامهم وطولهم وقصرهم وأعمالهم وأخلاقهم وأذواقهم ورغباتهم ورهباتهم، كلهم يشتركون في مسمى الإنسان، في مسمى الإنسان وكذلك الموجودات تشترك في مسمى الوجود والخالق والمخلوق يشتركون في مسمى الوجود، فلهذا اشتبه عليهم ، فهم أعظم الناس اشتباهاً هم الاتحادية..
يقول المؤلف ولكن هذا المشترك الكلي لا يكون مشتركاً كلياً إلا في الذهن يعني الحيوانية.. مثلا الإنسانية كل بني آدم يشتركون في مسمى الإنسانية لكن هذا الاشتراك أين هو في الذهن والتصور، لكن في الخارج ما في اشتراك، زيد لا يشترك مع عمر.. عمر لا يشترك مع خالد، كل واحد له صفات كل واحد له رغبات، لا يمكن أن يكون إثنان متشابهان في جميع الوجوه.. هذا طويل.. هذا قصير.. هذا عاقل وهذا أقل عقلاً من الثاني، هذا يحب كذا وهذا يكره كذا، هذا يحب من الطعام كذا.. يختلفون لا يمكن أن يشتركون في كل شيء لكن الاشتراك إنما في الذهن.. في الذهن المشترك في تصور الإنسان في ذهنك، لكن الأفراد كل واحد له ما يميزه.
كذلك الحيوانية أمر كلي في الذهن، يشترك بها الإبل والبقر والغنم والسباع وهكذا.. هذا معنى قول المؤلف والحيوانية.. فإن الموجودات تشترك في مسمى الوجود، كما تشترك الأناسي في مسمى الإنسان والحيوانية في مسمى الحيوان، ولكن هذا المشترك الكلي لا يكون مشتركاً كلياً إلا في الذهن، وإلا فالحيوانية القائمة بهذا الإنسان ليست هي الحيوانية القائمة بالفرس، الحيوانية القائمة في الإنسان غير الحيوانية.. كل مسمى حيوان، الإنسان حيوان ناطق، والحيوانات حيوانات أعجمية لا تتكلم.. كلها داخلة في مسمى الإنسان.. في مسمى الحيوان، حيوانية الإنسان ليست كحيوانية الفرس، حيوانية الإبل ليست كحيوانية البقر ليست كحيوانية السباع، ليست كحيوانية الحوت، الحيتان في البحار وإن كانوا يشتركون في مسمى الحيوانية، كذلك الوجود وجود السماوات ليس هو بعينه مثل وجود الإنسان وليس هو مثل وجود البحر كلها تشترك في مسمى الوجود هل وجود النبات مثل وجود الإنسان؟.. هل وجود الإنسان مثل وجود السباع؟.. هل وجود الإنسان مثل وجود البحار؟.. هل وجود الإنسان مثل وجود السماوات؟.. هل وجود السماوات مثل وجود الأرضين؟.. لا، تختلف!.
هؤلاء اشتبه عليهم الأمر فلما رأوها تشترك في مسمى الوجود اختلط عليهم الأمر، فقالوا الوجود واحد، فلذلك قالوا وجود الخالق.. ، فوجود الخالق مباين لوجود مخلوقاته.
وحقيقة قولهم يعني الاتحادية الذين يقولون الوجود واحد قول فرعون الذي عطل الصانع، فإنه لم يكن ينكر هذا الموجود المشهود، ولكن زعم أنه موجود بنفسه لا صانع له، وهؤلاء وافقوه في ذلك لكنهم زعموا بأنه هو الله، يعني الاتحادية الذين يقولون بأن الوجود واحد وافقوا فرعون ، فرعون يقول ما في .. ما في رب.. أنكر الرب، هذا الوجود يقول فرعون موجود بنفسه، والاتحادية يقولون هذا الموجود بنفسه هو الله، هو ما قال هو الله، لكنهم هم قالوا هو الله، وإلا فقول فرعون هو قول الاتحادية أنه ما في وجودين خالق ومخلوق، ولكن فرعون قال ما تراه من المخلوقات موجود بنفسه ليس له خالق ولا صانع، والاتحادية وافقوه لكنهم قالوا هذا الوجود هو الله، هو الله -نعوذ بالله-، قال فكانوا أضل منه.. لماذا أضل منه؟.. وإن كان قوله هو أظهر فساداً.. يعني هم الاتحادية أضل من فرعون حيث قال هو الله وفرعون ما قال هو الله، وقول فرعون هو أظهر فساداً لأنه قال موجود بنفسه ولا يمكن للشيء أن يوجد بنفسه، لا يمكن مستحيل فكان قوله أظهر فساداً، وهم أضل منه، هم أضل منه من جهة الضلال وقوله أشد فساداً من قولهم، ولهذا جعلوا عباد الأصنام ما عبدوا إلا الله.. يعني الاتحادية لما قالوا الوجود واحد قالوا عباد الأصنام مصيبون عبدوا الله، وعباد النار مصيبون، وعباد القبور مصيبون، وعباد الفروج مصيبون، كل من عبد شيء فهو مصيب، ليش؟ لأن الوجود واحد، والكفر بالتخصيص، من خصص وقال لا أعبد إلا هذا عندهم كافر، الكافر الذي يخصص، والذي يعمم هذا هو المصيب عندهم، ولهذا قالوا لفرعون لما أغرق لأنه خص نفسه قال أنا ربكم، أأنت والرب واحد؟ فأغرق حتى يزول الوهم.. توهم الحسبان ، حسب أنه هو الرب وحده، فأغرق حتى يزول هذا الوهم فكان تطهيرا له.
وهنا قال المؤلف لما كان صاحب التحكم قال أنا ربكم، وإن كان الكل أرباباً.. الكل أرباب ليس فقط أنت لكنه لما كان، لما كان صاحب التحكم والسلطان قال أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى، قال فأنا أعلى منكم بما أعطيتيه في الظاهر من الحكم فيكم، قال ولما علمت السحرة صدق فرعون فيما قاله أقروا له بذلك وقالوا له فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ،، انظر تأويلهم من القرآن -والعياذ بالله تحريفهم للقرآن- قالوا فرعون.. قالوا السحرة الذين آمنوا وافقوا فرعون وأقروا له لأنهم قالوا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ، فقوله فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ، هذا دليل على أنهم علموا صدقه وأقروا له فقالوا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ، فصح قول فرعون: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى.
قال المؤلف وإن كان فرعون عين الحق، يعني عندهم فرعون وعين الحق، الحق هو فرعون وفرعون هو الحق، وهو المخلوقات كلها، ثم أنكروا حقيقة اليوم الآخر، قالوا لا يوجد يوم آخر ولا في قيامة ولا بعث ولا جزاء رب ولا معاد ولا أمر ولا نهي ولا حلال ولا حرام -نعوذ بالله-، أنكروا حقيقة البعث قالوا إن أهل النار يتنعمون كما يتنعم أهل الجنة، يتنعمون بالعذاب.. إذاً ما في عذاب فصاروا كافرين بالله واليوم الآخر وبملائكته وبكتبه ورسله، مع دعواهم أنهم خلاصة خاصة الخاصة من أهل الله، هم يدّعون الاتحادية يسمون أنفسهم أهل التوحيد وأهل التحقيق وأهل المعرفة هم أعظم الناس كفراً، وأعظم الناس كفراً ماذا سموا أنفسهم.. أهل التوحيد والتحقيق والمعرفة يسمون أنفسهم، فمن قال الوجود واحد فهو مؤمن، ومن قال هناك وجودين اثنين كافر عندهم -والعياذ بالله- مشرك.. من يقول خالق ومخلوق مشرك هذا، متى يكون موحد عند الاتحادية، عندما يقول أن الوجود واحد، ويسمون أنفسهم أهل التوحيد وأهل التحقيق، ويسمون أنفسهم خاصة الخاصة، فيقسمون أنفسهم ثلاثة أقسام عامة وخاصة وخاصة الخاصة، فالعامة الأنبياء والرسل وأتباعهم عندهم أمر ونهي وحلال وحرام وشريعة وطاعات ومعصية، الخاصة الذين تجاوزوا مرتبة العامة وألغوا صفاتهم وأفعالهم وجعلوا الصفات لله.. سقط عنهم التكليف وليس عندهم معاصي، كل ما عندهم طاعات حتى الكفر الذي يفعلونه و الزنا والسرقة يسمون هذا طاعات ما عندهم معاصي، وسقط عنهم التكليف ولا عليهم أوامر ولا نواهي لأنهم تجاوزوا مرتبة العامة وألغوا صفاتهم وجعلوا الصفات لله، ثم يأتي خاصة الخاصة.. خاصة الخاصة الذين يقولون بوحدة الوجود، ما عندهم لا طاعات ولا معاصي يسمون أنفسهم أهل التحقيق، ويسمون الخاصة أهل الحقيقة، ويسمون العامة أهل الشريعة.
فهم ثلاثة أقسام أهل الشريعة وأهل الحقيقة وأهل التحقيق، فأهل الشريعة هم الأنبياء وأتباعهم، يقول ابن القيم هنيئا ً للعامة إذا كان الرسل منهم.. أهل الشريعة، وأهل الحقيقة وهم الخاصة الصوفية، وأهل التحقيق خاصة الخاصة، عامة وخاصة وخاصة الخاصة.
ولكل منهم له ذكر، فالعامة أذكارهم لا إله إلا الله.. سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، هذه أذكار العامة.. أذكار الرسل وأتباعهم، الخاصة طويلة عليهم لا إله إلا الله.. الذكر لفظ الجلالة الله الله.. الله الله.. الله الله.. الله الله..الله الله، يقول واحد ذهب إلى أفريقيا فوجد جماعة يذكرون الله الله الله الله من بعد العصر للمغرب حتى يدوخ فيسقط.. الله الله.. الله الله.. الله الله، الله الله لاتفيد كلمة واحدة لابد أن تضيف لها كلمة أخرى حتى تفيدها.. الله أكبر سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر، أما تردد كلمة الله لا تستفيد، لا بد أن تضيف إليها كلمة أخرى حتى تكون كلمة مفيدة.. حتى تكون كلمة مفيدة ولها ثواب وأجر.. الله أكبر سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، كذلك محمد.. محمد رسول الله.. بعض الناس يكتب في المسجد.. الله محمد، هذا موافق للصوفية.. الله بس لوحدها ومحمد، أكمل الله أكبر ومحمد رسول الله حتى تكون جملة مفيدة، أما تكتب جملة كلمة الله تكتب في الجهة الثانية محمد هذه موافقة للصوفية، كلمة.. لا تكفي كلمة هذه ينبغي أن ينتبه لها، بعض الناس في المحراب يكتب في المساجد الله في اليمين وفي اليسار محمد، كلمة و كلمة.. لا تفيد هذه الكلمة. خاصة الخاصة الله طويلة عليهم يذكر الهاء فقط "هو هو.." وهوهة كالكلاب، هذه خاصة الخاصة -والعياذ بالله-.
وهم لا يؤمنون بالقرآن يقولون القرآن كله من أوله إلى آخره شرك -والعياذ بالله- كما ذكر المؤلف ولكن مع ذلك من باب ذر الرماد في العيون يقولون في دليل على ذكر الخاصة، ماهو قول الله تعالى قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ، وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ.. قُلِ اللَّهُ. قال هذا دليل الخاصة.. هذا ذكر الخاصة قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ، خاصة الخاصة يقولون في دليل من القرآن، ما هو؟.. قوله وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، قالوا هذا دليل على خاصة الخاصة، قال شيخ الإسلام فقلت لهم لو كانت كما تقولون لفصلت الهاء ، ومايعلم تأويله هو ، لكن الهاء مقترنة في وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ.
حتى إن ابن عربي ألف كتاب سماه كتاب الـ "هو".. كتاب سماه كتاب الـ "هو" بين فيه ذكر العامة وذكر الخاصة وذكر خاصة الخاصة.
فالمؤلف يقول أنهم يزعمون أنهم خلاصة خاصة الخاصة من أهل الله وأنهم أفضل من الأنبياء، وأن الأنبياء إنما يعرفون الله من مشكاتهم، هكذا يزعم ابن عربي أنه خاتم الأولياء ومحمد خاتم الأنبياء، وخاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء -هكذا يزعمون- فكفروا كفر فوق كفر الذين قالوا لن نؤمن حتى نؤتي مثل ما أوتي رسول الله، نسأل الله السلامة والعافية.. نعم..
وليس هذا موضع بسط..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِ إلْحَادِ هَؤُلَاءِ؛ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْكَلَامُ فِي " أَوْلِيَاءِ اللَّهِ " وَالْفَرْقُ بَيْنَ " أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ " وَكَانَ هَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ ادِّعَاءً لِوِلَايَةِ اللَّهِ وَهُمْ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وِلَايَةً لِلشَّيْطَانِ نَبَّهْنَا عَلَى ذَلِكَ.
وَلِهَذَا عَامَّةُ كَلَامِهِمْ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَالَاتِ الشَّيْطَانِيَّةِ وَيَقُولُونَ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْفُتُوحَاتِ: بَابُ أَرْضِ الْحَقِيقَةِ وَيَقُولُونَ هِيَ أَرْضُ الْخَيَالِ. فَتُعْرَفُ بِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الَّتِي يَتَكَلَّمُ فِيهَا هِيَ خَيَالٌ وَمَحَلُّ تَصَرُّفِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُخَيِّلُ لِلْإِنْسَانِ الْأُمُورَ بِخِلَافِ مَا هِيَ عَلَيْهِ
(الشرح)
نعم هؤولاء الاتحادية لا يفرقون.. يزعمون أنهم أولياء الله، والمؤلف في هذا الكتاب يبين الفرق أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، هم أولياء الشيطان وليسوا أولياء الرحمن، وهم يدّعون أنهم أعظم الناس ولاية لله، وهم أعظم الناس كفرا وعداوة لله، وهم أعظم الناس ولاية للشيطان لا لله.
والمؤلف يقول عامة كلامهم في الخيالات الشيطانية ويقول بأن صاحب الفتوحات هو ابن عربي صاحب فلسفة الوجود، له كتاب الفتوحات المكية، وله كتاب الـ هو، وله كتاب فصوص الحكم يعارض فيها القرآن، (25:23 فص يسميها فص) وهكذا يعارضها، فهم يتكلمون في الخيال والخيالات الشيطانية والشياطين تتسلط عليهم، نعم.. يعترفون بأن الحقيقة التي يتكلم فيها هي خيال، والخيال محل تصرف الشيطان، ثم سرد المؤلف أدلة.. سردها كلها تدل على أن الشيطان يتسلط على هؤلاء، نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم والشاهد قوله تعالى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا، من ترك ذكر الله فإنه لا بد أن يقيض له شيطان فيكون له قريناً.. نعم.. فيصده عن سبيل الله.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
وقبلها إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ
هكذا الشياطين تتسلط عليهم ما دام يشركون بالله ويدعون الشيطان فلذلك تتسلط عليهم الشياطين فيضلهم ويمنيهم ويعدهم ويأمرهم بتبتيك آذان الأنعام.
نعم..
(المتن)
(الشرح)
هذه خطبة للشيطان يوم القيامة، يخطب بها في أتباعه، يوم القيامة يخطب الشيطان بهذا وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ يعني خطبة يوم القيامة يخطب بها في الكفار والعياذ بالله يبين لهم أن الله وعدهم من الحق وأنه وعدهم وأخلفهم وأنه ليس له عليهم سلطان إلا أن دعاهم فاستجابوا له قال لا تلوموني ولوموا أنفسكم..نسأل الله العافية.
نعم قال الله تعالى..
(المتن)
(الشرح)
وهذه الآية نزلت في غزوة بدر، لما جاء المشركون تبدل لهم الشيطان في صورة سراقة بن مالك وجعل يحضهم على قتال المؤمنين وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ فئة المؤمنين وفئة الكفار للقتال ورأى الملائكة هرب وتركهم، قالوا مالك قال إنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، إني أرى ملائكة إنِّي أَخَافُ اللَّهَ، يخاف العقوبة في الدنيا قبل الآخرة، فهرب وتركهم قال إنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إنِّي أَخَافُ اللَّهَ. يخاف العقوبة في الدنيا، وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ.
نعم..
(المتن)
(الشرح)
يعني يرتب ويسدد الصفوف، وجبريل يسدد الصفوف قال لا أستطيع أن أقاتل الملائكة، الشيطان لما رأى الملائكة وجبريل يرتبهم هرب خاف.. خاف من الهلاك.. خاف من الهلاك في الدنيا.
(المتن)
الشرح
إذاً الملائكة تثبت المؤمنين وتؤيدهم والشياطين تكون مع الكفار.. تؤزهم وتوردهم موارد العطب والهلاك ثم تتخلى عنهم -نسأل الله السلامة والعافية- نعم..
(المتن)
(الشرح)
هنا الشاهد تأييد الله للملائكة بالريح والجنود.. والملائكة، أيدهم يوم الأحزاب.. تأييد من الله، الملائكة تؤيد المؤمنين، أيدهم الله بالريح القوية التي تقلع خيام المشركين وتكفأ قدورهم وتزعزعهم، والملائكة ترهبهم كذلك فرجعوا خائبين، هذا من تأييد الله لحزبه وعباده.. نبيه وحزبه المؤمنين أيدهم بالريح والجنود الملائكة، نعم.. يوم الأحزاب.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
قبلها فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ قبلها وقال تعالى.. ساقطة.. ساقطة عندك؟ نعم.. قبلها فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ. والشاهد أن الله أنزل السكينة على الرسول وعلى المؤمنين، السكينة فيها طائفة من الملائكة، نعم..
(المتن)
(الشرح)
وهذا لما كان النبي ﷺ مع أبو بكر في الغار في الهجرة قال لَا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا هذه معية خاصة يقول صاحب هذه صحبة خاصة، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ وهم الملائكة.. تأييد.. الملائكة يؤيد بها الله المؤمنين والسكينة، والشياطين تكون مع الكفار والملائكة مع المؤمنين.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
وهذا يوم بدر.. في غزوة بدر أيدهم الله بالملائكة وقاتلت معهم.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
وهؤلاء الكفرة تأتيهم أرواح وتخاطبهم ويظنونها ملائكة وهي من الجن والشياطين ، فالجن والشياطين تكون مع الكفار، والملائكة مع المؤمنين، فهؤلاء الكفرة والاتحادية وغيرهم تأتيهم أرواح تخاطبهم وتتمثل لهم أمامهم، صور يتصور الشيطان بصورة إنسان، كما يذكر المؤلف حين ينشق القبر فيخرج صورة أمامك.. صورة من القبر.. صورة الميت ويسلم عليه ويشجعه ويأمره بالشرك وهو شيطان فيظن أنه صاحب القبر فهذا من تسلط الشياطين، هؤلاء تأتيهم أرواح تخاطبهم وتتمثل لهم يقول هذه ملائكة وهي من الجن والشياطين
مثل الأرواح التي تخاطب من يعبد الكواكب والأصنام، ولهذا كانت العزى يسمع منها صوت الشيطانين فيها
ولما أمر النبي ﷺ بقطع العزى، خرجت حبشية ناشرة شعرها تصك أسنانها فقتلها خالد، قتلت وهي شيطانة بصورة حبشية ناشرة شعرها خرجت من العزى من الصنم، ويسمع من الأصنام الصوت وتخاطب الشياطين وتقضي حوائجهم وتغريهم وتشجعهم على الشرك نعوذ بالله..نعم..
(المتن)
وَهَؤُلَاءِ تَأْتِيهِمْ أَرْوَاحٌ تُخَاطِبُهُمْ وَتَتَمَثَّلُ لَهُمْ وَهِيَ جِنٌّ وَشَيَاطِينُ فَيَظُنُّونَهَا مَلَائِكَةً كَالْأَرْوَاحِ الَّتِي تُخَاطِبُ مَنْ يَعْبُدُ الْكَوَاكِبَ وَالْأَصْنَامَ.
وَكَانَ مِنْ أَوَّلِ مَا ظَهَرَ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي الْإِسْلَامِ: الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ سَيَكُونُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ. وَكَانَ الْكَذَّابُ: الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ وَالْمُبِيرُ: الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ. فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّ الْمُخْتَارَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَنْزِلُ إلَيْهِ فَقَالَا: صَدَقَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. وَقَالَ الْآخَرُ وَقِيلَ لَهُ إنَّ الْمُخْتَارَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ.
(الشرح)
أول من ظهر من هؤولاء في الإسلام المختار بن أبي عبيد الثقفي ادعى النبوة وأخبر النبي ﷺ في الحديث الصحيح أنه يكون في ثقيف، يعني قبيلة ثقيف كذاب ومبير، فالكذاب هو المختار بن أبي عبيد ادعى النبوة، والمبير الحجاج بن يوسف، المبير المهلك الظالم، قال وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا، فكان الكذاب المختار والمبير الحجاج، كلهم من قبيلة ثقيف، علم من أعلام النبوة حيث أخبر بأنه سيخرج من هذه القبيلة كذاب ومبير فخرج، فدل على أنه رسول الله حقاً.
قيل لابن عمر وابن عباس إن المختار يزعم أنه يوحى إليه، فقال الأول لابن عمر صدق قال الله تعالى هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يعني ابن عمر قيل له يدعي أن يتنزل عليه قال نعم تنزل عليه الشياطين صحيح، وقيل لابن عباس قيل إن ابن المختار يوحى إليه عليه قال نعم الشياطين توحي إليه صحيح وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ.
(المتن)
وقال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم يقول المؤلف من هذه الأرواح الشيطانية الروح التي يزعم صاحب الفتوحات وهو ابن عربي، ابن عربي صاحب وحدة الوجود له كتاب سماه الفتوحات المكية وله كتاب الهو وله كتاب فصوص الحكم يزعم أنه القي إليه هذا الكتاب ويذكر في هذا أنواع في هذا الكتاب منها الخلوات والأحوال سماها الفتوحات وصدق هذه فتوحات شيطانية تفتح للجن والشياطين يتصلون به.. فتوحات شيطانية -نسأل الله العافية-. فيظنون بعض الناس أن الشياطين تساعدهم قالوا هذه من كرامة الأولياء، وإنما هي أحوال شيطانية مثل السحرة والكهان يأتون بالخوارق، يأتون بالخوارق أمام الناس يظنون أنها كرامة وهي حالة شيطانية..
قد يطير الساحر في الهواء وقد يغوص في البحار تحمله الشياطين، بعض الشياطين.. يقول المؤلف أن بعض السحرة تحمله الشياطين يوم الحج.. في أيام الحج وتوصله إلى عرفة، يوم عرفة وترجعه في نفس اليوم، فيقول أنه حج وأنه مع الناس ولا أحرم ولا كذا ولا هو شيطان ليس بمؤمن، يقول هذه كرامة أنا رحت مع الحجاج ووقفت معهم في عرفة، تحملهم في الهواء النخل (38:10)، ولكن لو ذكر الله سقط، لو واحد معهم قال لا إله إلا الله قل بسم الله تسقط الشياطين ومن معه وكذلك غوص البحار إلا على ترك الذكر أما مع الذكر لا يستطيعون.. نعم..
(المتن)
أحسن الله إليكم، قال رحمه الله
(الشرح)
المؤلف يقول وأعرف عدد من هؤلاء السحرة والكهان والشياطين منهم من يحمل في الهواء تحمله الشياطين توديه وترجع به إلى مكان بعيد، ومنهم من يؤتى بمال مسروق بعض الشياطين تسرق نوع من الطيب الجيد من الهند تسرقه وتأتي به إلى الساحر، يصير عنده أنواع من الطيب لأنه يعبدهم إذا عبدهم يخدمونه، ومنهم من كانت تدله على السرقات، يعني تدله إذا جاء واحد قال سرق لي كذا وكذا يخبره الشيطان أعطني فلوس سلم كذا خمسين.. ألف سبعين ألف وأدلك على السارق، فيسلمه الدراهم فيخبره الشيطان تدله على هذا، لأن هؤلاء والعياذ بالله آثروا الدنيا على الآخرة، لهم الدنيا.. كفروا بالله فلا يبالون بالمال، تدل على السرقات بجعل يعني بأجرة تحصل له من الناس فإذا أعطوه دلهم على السرقات.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
يقول أحوال هؤلاء الشياطين يناقضون الرسل، ويوجد في كلام صاحب الفتوحات المكية ابن عربي، الفتوحات المكية وهي فتوحات شيطانية، والفصوص.. فصوص الحكم يعارض بها القرآن في كتب هذا يمدح الكفار مثل قوم نوح وقوم هود وفرعون وغيرهم، ويتنقص الأنبياء في كتبه كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى، ويذم شيوخ المسلمين المحمودين عند المسلمين كالجنيد بن محمد وسهل بن عبد الله التستري، ويمدح المذمومين عند المسلمين كالحلاج الذي ادعى النبوة المقصود، كما ذكره في تجلياته خيالات يسميها تجليات يسميها التجليات ابن عربي الخيالية الشيطانية.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى
فَإِنَّ الْجُنَيْد - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى فَسُئِلَ عَنْ التَّوْحِيدِ فَقَالَ: " التَّوْحِيدُ " إفْرَادُ الْحُدُوثِ عَنْ الْقِدَمِ. فَبَيَّنَ أَنَّ التَّوْحِيدَ أَنْ تُمَيِّزَ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ وَبَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ.
وَصَاحِبُ " الْفُصُوصِ " أَنْكَرَ هَذَا؛ وَقَالَ فِي مُخَاطَبَتِهِ الْخَيَالِيَّةِ الشَّيْطَانِيَّةِ لَهُ: يَا جنيد هَلْ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُحْدَثِ وَالْقَدِيمِ إلَّا مَنْ يَكُونُ غَيْرَهُمَا؟ فَخَطَّأَ الْجُنَيْد فِي قَوْلِهِ: "إفْرَادُ الْحُدُوثِ عَنْ الْقِدَمِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ هُوَ: إنَّ وُجُودَ الْمُحْدَثِ هُوَ عَيْنُ وُجُودِ الْقَدِيمِ كَمَا قَالَ فِي فُصُوصِهِ: " وَمِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى " الْعَلِيُّ " عَلَى مَنْ؟ وَمَا ثَمَّ إلَّا هُوَ وَعَنْ مَاذَا؟ وَمَا هُوَ إلَّا هُوَ فَعَلُوهُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ عَيْنُ الْمَوْجُودَاتِ فَالْمُسَمَّى مُحْدَثَاتٌ هِيَ الْعَلِيَّةُ لِذَاتِهِ وَلَيْسَتْ إلَّا هُوَ " إلَى أَنْ قَالَ: " هُوَ عَيْنُ مَا بَطَنَ وَهُوَ عَيْنُ مَا ظَهَرَ وَمَا ثَمَّ مِنْ يَرَاهُ غَيْرُهُ وَمَا ثَمَّ مَنْ يَنْطِقُ عَنْهُ سِوَاهُ وَهُوَ الْمُسَمَّى أَبُو سَعِيدٍ الْخَرَّازُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُحْدَثَاتِ ".
(الشرح)
المؤلف يقول الجنيد بن محمد رحمه الله كان من أئمة الهدى، سئل عن التوحيد فقال التوحيد إفراد الحدوث عن القدم، يعني إفراد الله عن المخلوقات، تمييز.. الله تعالى هو الخالق والمخلوقات محدثة، فبين الجنيد أن التوحيد أن تميز بين القديم والمحدث وبين الخالق والمخلوق، فصاحب الفصوص.. من هو صاحب الفصوص؟ ابن عربي صاحب فصوص الحكم أنكر هذا وقال في مخاطباته الخيالية الشيطانية، يخاطب الجنيد: يا جنيد هل يميز بين المحدث والقديم إلا من يكون غيرهما؟.. يكون ثالث، الذي يميز بين القديم والمحدث يكون ثالث، وهؤلاء الملحد يقول الوجود واحد.. ابن عربي يقول الوجود واحد وينكر على الجنيد يقول أنت تميز بين القديم والمحدث إذاً هناك يكون ثالث، فخطّأ الجنيد في قوله بإفراد الحدوث عن القدم، لأن قوله هو.. قول ابن عربي المحدث عين وجود القديم، المحدث هو القديم والقديم هو المحدث، ما في المحدث هو المخلوق هو عين القديم وهو الخالق، كما قال في فصوصه كتاب فصوص الحكم، انظر كلام ابن عربي قال: ومن أسمائه -أي أسماء الله- الحسنى العلي على من وما ثم إلا هو، علي على من؟ هو هو ما في غيره كيف يكون علي، انظر اعتراضه يقول من أسماء الله الحسنى (العلي) علي على من؟ وما ثم إلا هو، وعن ماذا؟ وما هو إلا هو، ما في غيره فيكون علي على من؟ علي على نفسه، العلي على من؟ وما ثم إلا هو، لا يوجد إلا هو، وعن ماذا وما هو إلا هو.
قال فعلوه لنفسه من حيث الوجود، علوه لنفسه لأنه لا يوجد غيره، وهو عين الموجودات وهو المسمى المحدثات وهي العلية لذاتها وليس إلا هو، إلى أن قال هو عين ما بطن وعين ما ظهر.. عين ما بطن وعين ما ظهر هو الباطن وهو الظاهر هو شيء واحد، هو عين ما بطن وعين ما ظهر من المخلوقات، المخلوقات الظاهرة والباطنة هي هو، وما ثم من يراه غيره، ما ثم من يرى إلا الله، وما ثم إلا من يبطن غيره، ما في باطن إلا هو ولا في ظاهر إلا هو وهو المسمى أبو سعيد الخراز شخص وغير ذلك من أسماء المحدثات. المؤلف سيرد عليه.. فيقال لهذا الملحد..نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
لأنه أنكر عليه قال للجنيد يا جنيد هل يميز بين المحدث والقديم إلا من يكون غيرهما، يقول ليس من شرط المميز أن يكون ثالثاً، بل الإنسان اثنين أحدهما يميز على الآخر ولو كانوا اثنين، أنت الآن تتكلم تميز بين الخالق والمخلوق لا يشترط أن يكون ثالث، هو أنكر قال هل يميز يا جنيد بين المحدث والقديم إلا من يكون غيرهما.. يكون ثالثاً..
فيقال لهذا الملحد.. نعم ليس من شروط المميز..
(المتن)
(الشرح)
يعني المؤلف يرد على الملحد ابن عربي، يقول ليس من شرط المميز بين الشيئين أن يكون ثالثاً بل الواحد يميز بينه وبين غيره، كل واحد من الناس يميز بين نفسه وبين غيره، تميز بين نفسك وبين زميلك، تميز بين نفسك وبين ربك، فأنت تعلم أنك مخلوق وربك هو الخالق، وأنت العابد وربك المعبود. قال ولا يلزم أن يكون هناك ثالث، فالعبد يعرف أنه عبد ويميز بين نفسه وبين خالقه، والخالق يميز بين نفسه وبين مخلوقاته، ويعلم أنه ربهم، وأنهم عباده... وأما هؤلاء الملاحدة.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
هؤلاء الملاحدة يزعمون ما كان يزعمه التلمساني.. العفيف التلمساني هذا من الملاحدة أيضاً.. من وحدة الوجود، وهو أحذقهم في إلحادهم لما قرئ عليه الفصوص -فصوص الحكم- فقيل له القرآن يخالف قولكم، فقال: القرآن كله من أوله إلى آخره شرك، و التوحيد في كلامنا فقيل له إذا كان الوجود واحد، فلم كانت الزوجة حلالاً والأخت حراما، قال أنتم حرام عليكم، لكن حل لنا، قال كل عندنا حلال لكن أنتم محجوبون، والمحجوب حرام عليه، حرام عليه لأنكم محجوبون، حرام عليكم لأنهم محجوبون، محجوبون عن معرفة السر.. معرفة المذهب أو معرفة الحقيقة فلذلك صار حرام عليكم، المؤلف سيرد عليهم.. يقول حسناً إذا كان هناك حاجب ومحجوب إذا هناك اثنين فأين القول بوحدة الوجود إذا كان هناك حاجب ومحجوب، يقول أنتم محجوبون إذاً الحاجب غير المحجوب، أليس كذلك؟ أقررتم بالتثنية.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
أم هي هو؟ ، أم هي هو؟ يسأل يقول المظاهر غير الظاهر، أم هي هو،هل هي؟ أم غيره فإن كانت غيرها فقد قلتم بالتثنية، وإن كانت هي إياها فلا فرق.
المؤلف يرد عليهم يقول هذا مع كفرهم العظيم متناقض، هم كفار كفر عظيم غليظ ومع ذلك متناقض، الوجود إذا كان واحدا أين الحاجب وأين المحجوب، أنتم محجوبون.
إذاً الحاجب غير المحجوب، هناك حاجب وهناك محجوب هناك تثنية.. فصار هناك اثنان، وأنتم تقولون الوجود واحد، تناقضتم مع الكفر العظيم.
وقال بعض الشيوخ لمريده من قال لك إن في الكون سوى الله فقد كذب، إذا من هو الكاذب؟ في كاذب وفي مكذوب إذاً في تثنية، فقال له مريده فمن هو الذي يكذب؟.. قال وقالوا لآخر: هذه مظاهر قال الظاهر غير الظاهر أم غيره، هل هو الظاهر؟ هل الظاهر.. المظاهر غير الظاهر؟ هل هي هو أو غيره؟ فإن كانت غيرها فقد قلتم بالتثنية صار اثنين، وإن كانت هي فلا فرق.. نعم..
فهذا المؤلف يبين أن مع كفرهم العظيم أنهم متناقضون، لا يستطيعون أن يطبقوا المذهب.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
نعم يقول الآن إن صاحب فصوص الحكم يقول المعدوم شيء ووجود الحق فاض عليها، فيفرق بين الوجود والثبوت..نعم والمعتزلة..
(المتن)
وَالْمُعْتَزِلَةُ الَّذِينَ قَالُوا: الْمَعْدُومُ شَيْءٌ ثَابِتٌ فِي الْخَارِجِ مَعَ ضَلَالِهِمْ خَيْرٌ مِنْهُ فَإِنَّ أُولَئِكَ قَالُوا: إنَّ الرَّبَّ خَلَقَ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّابِتَةِ فِي الْعَدَمِ وُجُودًا لَيْسَ هُوَ وُجُودُ الرَّبِّ.
وَهَذَا زَعَمَ أَنَّ عَيْنَ وُجُودِ الرَّبِّ فَاضَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ عِنْدَهُ وُجُودُ مَخْلُوقٍ مُبَايِنٌ لِوُجُودِ الْخَالِقِ.
وَصَاحِبُهُ الصَّدْرُ القونوي يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُعَيَّنِ
(الشرح)
هنا صدر الكلام على هؤلاء بين قول صاحب الفصوص يعني ابن عربي يقول المعدوم شيء ووجود الحق وهو الله فاض عليها فيفرق بين الوجود والثبوت، يعني المعدوم يقول شيء فاض عليها الحق فصار ثابتاً.. فصار ثبوتا.
والمعتزلة قالوا المعدوم شيء ثابت في الخارج، فقول المعتزلة يقول مع ضلالهم خير من ابن عربي، لماذا؟ لأن المعتزلة يقولون المعدوم شيء ثابت في الخارج وهم ضلوا بذلك، وابن عربي يقول المعدوم شيء فاض عليه الحق فصار ثابتاً.
قال المؤلف يبين الآن ضلال.. أن المعتزلة خير من ابن عربي، قال فإن أولئك قالوا: إن الرب خلق لهذه الأشياء الثابتة في العدم وجوداً، الرب خلق لهذه الأشياء الثابتة في العدم وجوداً، قال ووجودها وجود الرب هذا هو الصواب عندك في تعريف .. عندكم الآن، قالوا: إن الرب خلق لهذه الأشياء الثابتة في العدم وجوداً ليس هو وجود الرب، لا الصواب ووجودها وجوده.. فإن أولئك قالوا إن الرب خلق لهذه الأشياء الثابتة في العدم وجوداً ووجودها وجود الرب، فدل ليس هو مكتوب كما هو موجود في النسخة في الأسفل، في بعض النسخ، رقم كم عندك التعليق؟ (54:21)، ووجودها، والمعتزلة الذين قالوا المعدوم شيء ثابت في الخارج مع ضلالهم خير منه، فإن أولئك قالوا: إن الرب خلق لهذه الأشياء الثابتة في العدم وجوداً ووجودها وجود الرب، هؤلاء المعتزلة، وهذا أي ابن عربي وهذا زعم أن عين وجود الرب فاض عليها، فليس عنده وجود مخلوق مباين لوجود الخالق، فصار المعتزلة خير من ماذا؟ من ابن عربي لأن المعتزلة قالوا المعدوم شيء ثابت في الخارج.. شيء.. شيء ثابت في الخارج، وابن عربي قال زعم أن عين وجود الرب فاض عليها، فليس عنده وجود مخلوق مباين لوجود الخالق، يعني المعتزلة وإن كان قالوا شيء ثابت في الخارج مع ضلالهم خير منه يعني أثبتوا أن هناك وجودين، وهذا ابن عربي قال لا.. عين وجود الرب فاض عليها فقط، وليس عنده وجود المخلوق مباين عن وجود الخالق، فكان المعتزلة خيرٌ منه لأنهم أثبتوا وجودين، نعم وصاحبه الصدر القونوي.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
صاحب الصدر القونوي أيضاً هذا ملحد بوحدة الوجود، صاحب ابن عربي اسمه الصدر القونوي يفرق بين المطلق والمعين ولأنه يبيع فلسفة الصدر القونوي ففرق بين المطلق والمعين فلم يقر بين المعدوم شيء، المعدوم لا.. لكن جعل الحق وهو الله الوجود المطلق.. ما معنى الوجود المطلق؟ الذي لا يقيده اسم ولا صفة في الذهن يعني، لا وجود لله إلا في الذهن -نعوذ بالله- ويقول هو جميع هذه المحدثات تلبسه وتخلعه، الخالق جميع المخلوقات تلبسه وتخلعه، الوجود المطلق في الذهن، فلم يقر بأن المعدوم شيء لكن جعل الوجود هو الوجود المطلق وصنف كتاب مفتاح غيب الجمع والوجود.. غيب الجمع والوجود.. صنف كتاب مفتاح غيب الجمع والوجود، ما معنى الجمع يجمع بين الخلق والمخلوق فيكون شيئاً واحداً والوجود يكون وجوداً واحداً، الجمع.. جمع الخالق مع المخلوق.
قال القول.. المؤلف وهذا القول أدخل في تعطيل الخالق وعدمه، هذا القول أشد دخولاً في تعطيل الخالق وهو قول الصدر القونوي لأن المطلق.. لأن الحق هو الوجود المطلق، قال فإن المطلق بشرط الإطلاق هذا كلي يكون في الذهن، المطلق.. ما معنى المطلق؟ الذي لم يقيد باسم ولا صفة، ليس له اسم ولا صفة، هذا كلي في الذهن، لا شيء في الخارج إلا له اسم أو صفة، أي شيء، هذه الطاولة موجودة لها طول ولها عرض ولها عمق وهي من حديد أو من خشب وهي موجودة فوق الأرض، فإذا قلت هي طاولة ليس لها طول ولا عرض ولا عمق وليست من زجاج ولا من خشب ولا من أي شيء وليست فوق الأرض ولا تحت الأرض ولا متصلة بالأعلى ولا من أسفل، ماذا تكون؟ تكون عدم، بل مستحيلة، هكذا معبودهم والعياذ بالله لا يصفوه بأي صفة يكون بالذهن، هذا معنى المطلق، جعلوا وجوده مطلق الذي لا يقيد باسم ولا صفة فيكون في الذهن فقط.. ربه في الذهن، نعوذ بالله. هذا هو الكلي العقلي، لا يكون إلا في الأذهان لا في الأعيان، في العين لابد يكون له صفات، والمطلق لا بشرط الإطلاق هذا الكلي الطبيعي..
نعم.. وإن قيل..
(المتن)
(الشرح)
يعني إذا قيل أنه موجود في الخارج فلا يمكن أن يوجد في الخارج إلا له أسماء وصفات أبدا وهو جزء معين عند من يقول.. نعم
(المتن)
(الشرح)
إما أن يكون منتفياً في الخارج إذا قلنا مطلقاً بشرط الإطلاق، وإما أن يكون جزءاً من وجود المخلوقات فيكون هو المخلوق.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
عندهم يقولون إن وجود الرب منتفي في الخارج أو يكون الرب هو جزء من المخلوقات أو يكون هو عين المخلوقات، فإذا كان عين المخلوقات أو جزء منها فهل يخلق الجزء الكل، إذا كان جزء المخلوقات قال يخلق المخلوقات؟ لا يمكن، أو هل يخلق الشيء نفسه إذا كان هو المخلوقات هل يخلق الشيء نفسه؟ أم العدم يخلق الوجود؟ أو يكون بعض الشيء خالقاً لجميعه؟
كل هذه فرضيات باطلة تدل على كفرهم وضلالهم.. نعم..
(المتن)
أحسن الله إليكم، قال رحمه الله تعالى:
وَهَؤُلَاءِ يَفِرُّونَ مِنْ لَفْظِ " الْحُلُولِ " لِأَنَّهُ يَقْتَضِي حَالًا وَمَحَلًّا وَمِنْ لَفْظِ " الِاتِّحَادِ " لِأَنَّهُ يَقْتَضِي شَيْئَيْنِ اتَّحَدَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَعِنْدَهُمْ الْوُجُودُ وَاحِدٌ. وَيَقُولُونَ: النَّصَارَى إنَّمَا كَفَرُوا لَمَّا خَصَّصُوا الْمَسِيحَ بِأَنَّهُ هُوَ اللَّهُ وَلَوْ عَمَّمُوا لَمَا كَفَرُوا.
وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي عُبَّادِ الْأَصْنَامِ: إنَّمَا أَخْطَئُوا لَمَّا عَبَدُوا بَعْضَ الْمَظَاهِرِ دُونَ بَعْضٍ فَلَوْ عَبَدُوا الْجَمِيعَ لَمَا أَخْطَئُوا عِنْدَهُمْ. وَالْعَارِفُ الْمُحَقِّقُ عِنْدَهُمْ لَا يَضُرُّهُ عِبَادَةُ الْأَصْنَامِ.
(الشرح)
نعم، يقول المؤلف إن الاتحادية يفرون من لفظ الحلول، لا يقولون الحلولية ، لماذا؟ لأن الحلولية لما قالهم من قالهم (1:1:37) قال لا أنت محجوب عن المذهب الحلولية تقتضي اثنين أحدهما حل في الآخر، الماء حل في الكوز، فيفرون من لفظ الحلول. ويفرون من لفظ الاتحاد لأن اثنين اتحدا فصارا واحدا ، ويسمون أنفسهم بلفظ الوحدة، أهل وحدة الوجود، فإذا قيل لهم أهل الاتحاد قالوا لا أهل الاتحاد معناه كانوا اثنين ثم اتحدا، وإذا قيل لهم أهل الحلول قالوا لا الحلول معناه اثنين أحدهما حل في الآخر، نحن أهل الوحدة.. أهل وحدة الوجود، وعندهم الوجود واحد ويقولون النصارى لماذا كفروا؟ لأنهم خصوا المسيح بأنه الله ولو عمموا لما كفروا.. لو قالوا الله كل شيء ما كفروا، لكن كفروا لأنهم قالوا المسيح ابن الله فقط واحد..
وكذلك يقولون في عباد الأصنام: إنما أخطؤوا لما عبدوا.. اعتقدوا أنها لا تعبد إلا الأصنام ولو عمموا لأصابوا، يقول لا تعبد إلا الأصنام؟! كل شيء يعبد الأصنام والنيران.. كل شيء يعبد، تخصون عبادة الأصنام هذا كفر، التخصيص هو الكفر، فلو عبدوا الجميع لما أخطؤوا، قالوا والعارف المحقق عندهم لا يضره عبادة الأصنام.. العارف المحقق عندهم لا يضره عبادة الأصنام.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وَهَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْكُفْرِ الْعَظِيمِ فَفِيهِ مَا يَلْزَمُهُمْ دَائِمًا مِنْ التَّنَاقُضِ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ: فَمَنْ الْمُخْطِئُ؟ لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الرَّبَّ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِجَمِيعِ النَّقَائِصِ الَّتِي يُوصَفُ بِهَا الْمَخْلُوقُ.
وَيَقُولُونَ: إنَّ الْمَخْلُوقَاتِ تُوصَفُ بِجَمِيعِ الكمالات الَّتِي يُوصَفُ بِهَا الْخَالِقُ وَيَقُولُونَ مَا قَالَهُ صَاحِبُ " الْفُصُوصِ ": " فَالْعَلِيُّ لِنَفْسِهِ هُوَ الَّذِي يَكُونُ لَهُ الْكَمَالُ الَّذِي يَسْتَوْعِبُ بِهِ جَمِيعَ النُّعُوتِ الْوُجُودِيَّةِ وَالنِّسَبِ الْعَدَمِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَحْمُودَةً عُرْفًا أَوْ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا أَوْ مَذْمُومَةً عُرْفًا وَعَقْلًا وَشَرْعًا وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِمُسَمَّى اللَّهِ خَاصَّةً.
(الشرح)
نعم يقول هذا مع كفرهم العظيم الغليظ متناقضون ففيه ما يلزمهم من التناقض لأنه يقال لهم من المخطئ إذا قالوا إن الرب هو الموصوف بجميع النقائص التي يوصف بها المخلوق، إذا قالوا من المخطئ إذا كان هناك.. إذا كان الوجود واحد، لا يكون هناك مخطئ أحد لا يوجد أخطاء، لا يوجد مخطئ ولا خطأ، لكن يقولون الرب هو الموصوف بجميع النقائص التي يوصف بها المخلوقات، كل صفة كمال أو صفة نقص فهي لله عندهم، وكل كلام في الوجود هو كلام الله سواء كان نثراً أو شعراً أو كفراً أو هزلاً، ولهذا قول ابن عربي: وكل كلام في الوجود كلامه سواء علينا نثره ونظامه، كل ما تسمعه من الأصوات فهو كلام الله لأن الوجود واحد وكل ما هناك من الصفات المذمومة أو الممدوحة فهي صفة لله لأنه هو الوجود -نعوذ بالله-، ويقول ما يقوله صاحب الفصوص وهو ابن عربي: العلي لنفسه هو الذي يكون له الكمال الذي يستوعب جميع النعوت الوجودية وجميع النسب العدمية، كلها صفات لله، جميع النعوت له الوجودية وجميع النسب له سواء كانت محمودة أو مذمومة عرفاً أو عقلاً أو شرعاً.. سواء كانت محمودة عرفاً أو عقلاً أو شرعاً أو مذمومة عرفاً أو عقلاً أو شرعاً لأن الوجود واحد فليس ذلك إلا لمسمى الله.. نعم.. نعوذ بالله.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم هم يقول المؤلف مع الكفر العظيم هم متناقضون لا يستطيعون أن يثبتوا مذهبهم مع الكفر العظيم متناقضون، لأنه معلوم بالحس والعقل أن الحيوان ليس مثل الإنسان، حس كل واحد لديه حس وعقل يدرك أن الحيوان غير الإنسان غير البحار غير الأشجار غير الثمار، هذا يدرك مثل هذا، لكن يقولون هم ما يقوله العفيف التلمساني: وثبت عندنا في الكشف ما يناقض صريح العقل، الكشف الذي هو الكشف الشيطاني عندهم يقول ثبت عندنا ما يناقض صريح العقل، ويقولون من أراد التحقيق عندنا يقولون أنت لا تعرف سر المذهب، انظر الاتحادية ماذا يقولون: إذا قيل لهم مذهبكم الآن يخالف الحس ويخالف العقل، قالوا أنت لا تعرف المذهب إلا إذا تركت الشرع والعقل والحس، اخرق الشرع فلا تلتزم بشرع، وأخرق العقل تصير مجنون، واخرق الحس فلا تميز الأشياء فتعرف المذهب وإلا فلاتعرف المذهب إلا بهذا، إذا خرقت العقل فصرت من المجانين وخرقت الشرع فكنت كافر -والعياذ بالله- وأيضاً خرقت الحس فلا تحس بالأشياء ولا تميز بين الأشياء عرفت المذهب، هذا معنى قولهم، يقول لك اترك الشرع والعقل والحس تعرف المذهب -نعوذ بالله- ، يعني هذا المذهب مع كفره العظيم مذهب مجانين ألغى عقولهم وألغى الحس والشرع، كفروا بالله وألغوا الشرع وخرقوا العقول فليست عندهم عقول فيتكلمون بكلام مجانين، وخرقوا الحس فلا يحسون ولا يميزون بين الأشياء..
نعم يقول هذا من أراد التحقيق يترك العقل والشرع والحس فتعرف المذهب.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وَقَدْ قُلْت لِمَنْ خَاطَبْته مِنْهُمْ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَشْفَ الْأَنْبِيَاءِ أَعْظَمُ وَأَتَمُّ مِنْ كَشْفِ غَيْرِهِمْ وَخَبَرَهُمْ أَصْدَقُ مِنْ خَبَرِ غَيْرِهِمْ؛ وَالْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ يُخْبِرُونَ بِمَا تَعْجِزُ عُقُولُ النَّاسِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ؛ لَا بِمَا يَعْرِفُ النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ فَيُخْبِرُونَ بِمَحَارَاتِ الْعُقُولِ لَا بِمُحَالَاتِ الْعُقُولِ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي إخْبَارِ الرَّسُولِ مَا يُنَاقِضُ صَرِيحَ الْعُقُولِ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَتَعَارَضَ دَلِيلَانِ قَطْعِيَّانِ: سَوَاءٌ كَانَا عَقْلِيَّيْنِ أَوْ سَمْعِيَّيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَقْلِيًّا وَالْآخَرُ سَمْعِيًّا فَكَيْفَ بِمَنْ ادَّعَى كَشْفًا يُنَاقِضُ صَرِيحَ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ؟
وَهَؤُلَاءِ قَدْ لَا يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ لَكِنْ يُخَيَّلُ لَهُمْ أَشْيَاءُ تَكُونُ فِي نُفُوسِهِمْ وَيَظُنُّونَهَا فِي الْخَارِجِ وَأَشْيَاءَ يَرَوْنَهَا تَكُونُ مَوْجُودَةً فِي الْخَارِجِ لَكِنْ يَظُنُّونَهَا مِنْ كَرَامَاتِ الصَّالِحِينَ وَتَكُونُ مِنْ تَلْبِيسَاتِ الشَّيَاطِينِ. وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِالْوَحْدَةِ قَدْ يُقَدِّمُونَ الْأَوْلِيَاءَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَيَذْكُرُونَ أَنَّ النُّبُوَّةَ لَمْ تَنْقَطِعْ.
كَمَا يُذْكَرُ
(الشرح)
نعم هنا المؤلف رحمه الله يبين المذهب هذا قال ولقد قلت لمن خاطبته منهم: معلوم أن كشف الأنبياء أعظم وأتم من كشف غيرهم، وخبرهم أصدق من خبر غيرهم، والأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه يخبرون بما تعجز عقول الناس عن معرفته لا بما يعرف الناس بعقولهم أنه ممتنع، يعني الأنبياء ما جاؤوا بشيء مستحيل.. ما جاؤوا بشيء يستحيل.. تستحيله العقول ولكن جاء بشيء تعجز العقول عنه وتدركه على استقلالها، فيخبرهم بمحارات العقول لا محالات العقول.
وهذا معنى قول العلماء الشريعة جاءت بمحارات العقول لا بمحالاتها، ما معنى ذلك؟ الشريعة جاءت بمحارات العقول لا بمحالاتها؟ يعني الشريعة جاءت بشيء تتحير فيه العقول ولا تدركه على استقلالها لكن لم تأت بشيء تحيله العقول وتنكره، لا تأتي بمستحيل.. الرسول ﷺ ما جاء بشيء مستحيل لكن جاؤوا بشيء تتحير فيه العقول ولا تدركه على استقلالها، وهذا معنى قول العلماء مشهور هذا يقال: الشريعة جاءت بمحارات العقول لا بمحالاتها ، محارات يعني ما تتحير به العقول ولا تدركه على استقلالها ولم تأت بشيء تحيله العقول وتنكره، فالأنبياء ما جاؤوا بشيء تعجز عقول الإنسان عن معرفته، ويعرف الناس بأنه ممتنع مستحيل بل جاؤوا يخبرون بمحارات، مكتوب عندكم بمجازات بعض النسخ بمجازات مكتوب بمجازات، عدلها بمحارات، عندي النسخة بمجازات، فيخبرون بمحارات العقول لا بمحالاتها يعني يخبرون الرسل بشيء تتحير فيه العقول ولا تدركه على استفرادها ولم تأت بشيء تحيله العقول وتنكره.
قال ويمتنع أن يكون في أخبار الرسول ما يناقض صريح العقول، لا يمكن أن يأتي الرسول بخبر تحيله العقول وتنكره يعني صحيح العقل ينكره أبداً، يمتنع عن التعارض دليلان قطعيان، لا يمكن سواء كانا عقليين أو سمعيين، أو كان أحدهما سمعياً والأخر عقلياً. لا يمكن، إذا تعارض دليلان إما أن أحدهما غير عقلي.. إما أن يكون غير قطعي، وأما إذا تعارض دليلان قطعيان مستحيل هذا سواء كانا عقليين أو سمعيين أو كان أحدهما سمعياً والآخر عقلياً، لا بد أن يكون أحدهما قطعي والآخر غير قطعي والعمدة على القطعي ، فكيف بمن ادّعى كشفاً يناقض صريح العقل والشرع، من هم هؤلاء؟ الصوفية يقولون إن لديهم كشف.. هذه كشوف شيطانية، ثبت عنده بالكشف ما يناقض صريح العقل وصريح الشرع -نعوذ بالله- هذا باطل، المؤلف يقول هؤلاء قد لا يتعمدون الكذب، لكن يخيل لهم أشياء تكون في نفوسهم -الشياطين تخيلها لهم- فيظنونها في الخارج وأشياء يرونها تكون موجودة في الخارج يظنونها من كرامة الصالحين وهي من تلبيسات الشياطين، وهؤلاء الذين يقولون بوحدة الوجود يقدمون الأولياء على الأنبياء، يقولون الأولياء أفضل من الأنبياء ويدعون أن النبوة لم تنقطع مستمرة، النبوة ما انقطعت ولا ختمت بمحمد بل هي مستمرة، بل والولاية أفضل منها وأعلى منها.
كما يذكر عن ابن سبعين.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
كما يذكر عَنْ ابْنِ سَبْعِينَ وَغَيْرِهِ وَيَجْعَلُونَ الْمَرَاتِبَ " ثَلَاثَةً " يَقُولُونَ: الْعَبْدُ يَشْهَدُ أَوَّلًا طَاعَةً مَعْصِيَةً ثُمَّ طَاعَةً بِلَا مَعْصِيَةٍ ثُمَّ لَا طَاعَةَ وَلَا مَعْصِيَةَ وَ " الشُّهُودُ الْأَوَّلُ " هُوَ الشُّهُودُ الصَّحِيحُ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي وَأَمَّا " الشُّهُودُ الثَّانِي " فَيُرِيدُونَ بِهِ شُهُودَ الْقَدَرِ كَمَا أَنَّ بَعْضَ هَؤُلَاءِ يَقُولُ: أَنَا كَافِرٌ بِرَبِّ يُعْصَى وَهَذَا يَزْعُمُ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ مُخَالَفَةُ الْإِرَادَةِ الَّتِي هِيَ الْمَشِيئَةُ. وَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ دَاخِلُونَ تَحْتَ حُكْمِ الْمَشِيئَةِ وَيَقُولُ شَاعِرُهُمْ:
أَصْبَحَتْ مُنْفَعِلًا لِمَا تَخْتَارُهُ | مِنِّي فَفِعْلِي كُلُّهُ طَاعَاتٌ |
(الشرح)
نعم هؤلاء الذين يقولون بوحدة الوجود يقدمون الأولياء على الأنبياء، ويجعلون المراتب ثلاثة، ويقولون الناس ثلاثة عامة وخاصة وخاصة الخاصة، فالعامة يشهد طاعة ومعصية، العامة الأنبياء والرسل وأتباعهم يسمونهم العامة، عنده طاعات ومعاصي.. طاعات ومعاصي وإيمان وكفر وشرك وتوحيد، هؤلاء من هم؟ العامة.. الرسل وأتباعهم، يقول ابن القيم هنيئا للعامة نصيبهم منه إذا كان الرسل منهم.. ثم خاصة.. الخاصة عندهم طاعات بلا معاصي، الخاصة يأتون بعد مرتبة العامة يسمون العامة أهل الشريعة ويسمون أنفسهم أهل الحقيقة، عندهم طاعة بلا معصية، كيف؟ لأنهم تجاوزوا مرتبة العامة وألغوا صفاتهم وأفعالهم وصفاتهم وأفعال الله فسقط عنهم التكليف فكل ما يفعلونه طاعات ولو الشرك ولو الزنا ولو السرقة.. طاعة.. ما في ، هؤلاء يشهدون القدر يقول: أصبحت منفعلاً لما يختاره مني فكله طاعات.. ففعلي كله طاعات، يقول قائلهم أصبحت منفعلاً لما يختاره مني.. في الإرادة الكونية.. فأنكروا الإرادة الدينية ففعلي كله طاعات، يعني أنا منفعل لما يختاره، يختار لي أسرق.. أسرق!، يختار أفعل كذا أفعل كذا.. إذاً فعلي كله طاعات، لأنهم أنكروا الإرادة الدينية الشرعية.. أصبحت منفعلاً لما يختاره..، هؤلاء إنما ينظرون إلى القدر (والشيخ 1:14:47).
يقول من اعتقد أن أحدا يسقط عنه التكليف وعقله معه فهو مرتد بإجماع المسلمين يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافراً، لا أحد يسقط عنه التكليف إلا إذا فقد العقل كالصغير والمجنون والمخرف هذا نعم سقط عنه التكليف أما إذا كان العقل موجود فلا يسقط التكليف، والحائض إنما تسقط عنها الصلاة في وقت الحيض لكنها مكلفة ، فمن قال أنه يسقط عنه التكليف وعقله معه فهو كافر بالله العظيم بإجماع المسلمين، قال تعالى وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ وهو الموت ، وهم يقولون حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ العلم، إذا وصلت إلى العلم وصلت إلى درجة من العلم وعلمت أن ما قدر سيكون وألغيت صفاتك وجعلت الصفات لله سقط عنك التكليف وهذا ردة عن الإسلام.
فإذا الخاصة عندهم طاعات بلا معاصي ثم أهل وحدة الوجود خاصة الخاصة ليس عندهم لا طاعات ولا معاصي يسمونهم أهل التحقيق، هذا معنى قوله : العبد يشهد أولا طاعة ومعصية هذا العامة، ثم طاعة بلا معصية هذا الخاصة أهل الشريعة والحقيقة، ثم لا طاعة ولا معصية هؤلاء من هم؟ خاصة الخاصة أهل وحدة الوجود، والشهود الأول هو الشهود الصحيح، ما هو الشهود الأول؟ طاعات ومعاصي، في طاعات ومعاصي وهو الفرق بين الطاعات والمعاصي، وأما الثاني فيريدون به شهود القدر.. يشهد القدر ويلغي الشرع، كما أن بعض هؤلاء يقول: أنا كافر برب يعصى، يقول لا يمكن أن يعصى.. كيف؟ يقول الزانية الآن والكافر فعلا ما أراده الله قدرا وكوناً، إذا لا يعصى لأنه أنكر الشريعة الآن، قال أنا كافر برب يعصى فلو كان هناك شريعة وكان هناك رب يعصى أنكر.. لكن ليس هناك.. ألغى الشريعة وجعل المعصية هي مخالفة الإرادة الكونية، كل واحد يجري على الإرادة الكونية ما أراده الله كوناً وقدراً لا بد أن يقع، فلهذا قال أنا كافر برب يعصى، ولهذا قال:
أَصْبَحَتْ مُنْفَعِلًا لِمَا تَخْتَارُهُ | مِنِّي فَفِعْلِي كُلُّهُ طَاعَاتٌ |
نعم.. والرد عليهم.. ومعلوم أن هذا
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
فالمؤلف رحمه الله سرد الأدلة التي فيها الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الدينية، قال ومعلوم أن هذا خلاف ما أرسل الله به رسله، وأنزل به كتبه، فإن المعصية التي يستحق صاحبها الذم والعقاب هي مخالفة أمر الله ورسوله ليست مخالفة القدر، مخالفة القدر.. القدر من شؤون الله.. لا من شؤونك.. أنت كعبد مكلف بالعمل بالشريعة فالمعصية مخالفة -التي يستحق صاحبها العقاب- مخالفة أمر الله ورسوله ليست مخالفة القدر ليست مخالفة الإرادة الكونية، الإرادة الكونية هذه تابعة للقدر لكن الإرادة الدينية الشرعية.
ثم سرد الآية من يطع الله ورسوله ومن يعص الله ورسوله ومن يعص الله ورسوله.
قال المؤلف وسنذكر الفرق بين الإرادة الكونية والقدرية، والأمر الكوني والأمر الديني.
أهل السنة يقسمون الإرادة إلى كونية وقدرية والأمر كوني وقدري، والأشاعرة جبرية يقولون ما في إلا الإرادة الكونية فقط ينكرون الإرادة الدينية، والمعتزلة ليس لديهم إلا الإرادة الدينية ينكرون الكونية، وهدى الله أهل السنة والجماعة فقسموا الإرادة إلى كونية وشرعية تبعاً للنصوص، النصوص فيها الإرادة الكونية ونصوص فيها الإرادة الدينية.
المعتزلة أخذوا الأدلة التي فيها ماذا؟ الأدلة التي فيها الإرادة الدينية، والأشاعرة أخذوا الأدلة التي فيها الإرادة الكونية، وأهل السنة أخذوا بالأدلة من الجانبين فأخذوا الأدلة التي فيها الإرادة الكونية وصفعوا بها وجوه المعتزلة فأبطلوا مذهبهم، وأخذوا النصوص التي فيها الإرادة الدينية وصفعوا بها وجوه الأشاعرة فأبطلوا مذهبهم، واستدلوا بالأدلة من الجانبين فخرج مذهب أهل السنة لبناً خالصاً مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وَسَنَذْكُرُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْإِرَادَةِ الْكَوْنِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ وَالْأَمْرِ الْكَوْنِيِّ وَالدِّينِيِّ.
وَكَانَتْ هَذِهِ " الْمَسْأَلَةُ " قَدْ اشْتَبَهَتْ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ الصُّوفِيَّةِ فَبَيَّنَهَا الْجُنَيْد رَحِمَهُ اللَّهُ لَهُمْ مَنْ اتَّبَعَ الْجُنَيْد فِيهَا كَانَ عَلَى السَّدَادِ وَمَنْ خَالَفَهُ ضَلَّ لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِي أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَفِي شُهُودِ هَذَا التَّوْحِيدِ وَهَذَا يُسَمُّونَهُ الْجَمْعَ الْأَوَّلَ فَبَيَّنَ لَهُمْ الْجُنَيْد أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شُهُودِ الْفَرْقِ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُ مَعَ شُهُودِ كَوْنِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا مُشْتَرَكَةً فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ يَجِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَبَيْنَ مَا يَنْهَى عَنْهُ وَيَكْرَهُهُ وَيَسْخَطُهُ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ أَوْلِيَائِهِ وَأَعْدَائِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
(الشرح)
نعم هم يسمونه الجمع الأول.. الجمع الأول اجتماع الناس كلهم في الإرادة الكونية، كل الناس تنفذ فيهم مشيئة الله وقدرته، ولكن لا بد من الفرق.. الفرق بين الإرادة الدينية ومشيئته، بين ما يريده الله ويرضاه ويحبه فيما شرعه وبين ما يكرهه ويأباه، هم أخذوا الجمع الأول وتركوا الفرق الثاني.
الجنيد رحمه الله بين لهم أن هذه الإرادة الكونية لكن هناك الإرادة الدينية الشرعية، بين لهم لا بد من شهود الفرق الثاني وأنه مع شهود كون الأشياء كلها مشتركة في مشيئة الله وإرادته يجب الفرق بين ما يأمر به الله ويحبه ويرضاه، وبين ما ينهى عنه ويكره ويسخطه ويفرق بين أولياء الله وأعداء الله.
ثم سرد المؤلف أدلة التي فيها التفريق بين هؤلاء وهؤلاء، الفرق بين الإرادة الكونية والقدرية، الفرق بين أولياء الله وأعداء الله، قال تعالى أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ لا يمكن، مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ، أَفَلَا تَذَكَّرُونَ فنعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى
(الشرح)
لا يمكن أن يكونوا سواء، لا بد من التفريق بينهم.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
لا بد من الفرق بينهما لا يمكن أن يستوي هؤلاء وهؤلاء.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
ذم.. ساء ما يحكمون.. كيف تجعلون هؤلاء أهل السيئات مثل أهل الإيمان والصالحات؟ لا يمكن!..نعم...
(المتن)
(الشرح)
لا يستويان، كما أنه لا يستوي الأعمى والبصير فلا يستوي المؤمن والكافر.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
وهذا واضح علم السلف ما دام أن الله خالق كل شيء وربها ومليكها هذا القدر، ومع ذلك أمر بطاعته ونهى عن معصيته شرعا ولهذا أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، والله لا يحب الفساد ولا يرضى لعباده الكفر ولا يأمر بالفحشاء وإن كانت واقعة بمشيئته.. قدر، الكفر والمعاصي واقعة بمشيئة الله وإرادته لا يقع منها إلا ما يريد، لكن الله تعالى نهى عن الكفر وعن المعاصي شرعا وأرسل الرسل وأنزل الكتب تنهى عن ذلك وتأمر بالتوحيد.. توحيد الله وطاعته وتنهى عن معصيته، فلا بد من الفرق بين المشيئة والإرادة الكونية وبين الإرادة الدينية والمحبة والرضا.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
هذا أهل وحدة الوجود ليس عندهم لا طاعات ولا معاصي أهل وحدة الوجود.. نعم..
(المتن)
فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّ الْوُجُودَ وَاحِدٌ وَعِنْدَهُمْ أَنَّ هَذَا غَايَةُ التَّحْقِيقِ وَالْوِلَايَةُ لِلَّهِ؛ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ غَايَةُ الْإِلْحَادِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ وَغَايَةُ الْعَدَاوَةِ لِلَّهِ فَإِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْمَشْهَدِ يَتَّخِذُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَسَائِرَ الْكُفَّارِ أَوْلِيَاءَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ وَلَا يَتَبَرَّأُ مِنْ الشِّرْكِ وَالْأَوْثَانِ فَيَخْرُجُ عَنْ مِلَّةِ إبْرَاهِيمِ الْخَلِيلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ.
وَقَالَ الْخَلِيلُ لِقَوْمِهِ الْمُشْرِكِينَ: أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَقَالَ تَعَالَى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ.
(الشرح)
يعني هذا أهل وحدة الوجود لا يشهدون طاعة ولا معصية أي ما عندهم طاعات ولا معاصي، ويرون أن الوجود واحد، ويرون أن هذا غاية التحقيق والولاية لله، يرون أن هذا هو الغاية، ولكنه هو في الحقيقة هو غاية الإلحاد في أسماء الله وآياته، وغاية العداوة لله ولرسوله، لأن صاحب المشهد الذي لا يفرق بين الطاعات والمعاصي ووحدة الوجود يتخذ اليهود والنصارى أولياء و يتخذ الكفار أولياء ولا يتبرأ من الشرك والأوثان ويخرج عن ملة إبراهيم، والنصوص من كتاب الله وسنة رسول الله كلها في بيان الفرق بين أولياء الله واعداء الله وبين الكفار وبين المؤمنين وبين الأبرار والفجار كما سرد المؤلف، نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وَهَؤُلَاءِ قَدْ صَنَّفَ بَعْضُهُمْ كُتُبًا وَقَصَائِدَ عَلَى مَذْهَبِهِ مِثْلِ قَصِيدَةِ ابْنِ الْفَارِضِ الْمُسَمَّاةِ بِ " نَظْمِ السُّلُوكِ " يَقُولُ فِيهَا:
لَهَا صَلَاتِي بِالْمَقَامِ أُقِيمُهَا | وَأَشْهَدُ فِيهَا أَنَّهَا لِي صَلَّتْ |
كِلَانَا مُصَلٍّ وَاحِدٌ سَاجِدٌ إلَى | حَقِيقَتِهِ بِالْجَمْعِ فِي كُلِّ سَجْدَةِ |
وَمَا كَانَ لِي صَلَّى سِوَائِي وَلَمْ تَكُنْ | صَلَاتِي لِغَيْرِي فِي أدا كُلِّ رَكْعَةِ |
الشرح:
نعم يصنف كتبا على هذا المذهب مثل قصيدة ابن الفارض المسماة بنظم السلوك يقول:
لَهَا صَلَاتِي بِالْمَقَامِ أُقِيمُهَا | وَأَشْهَدُ فِيهَا أَنَّهَا لِي صَلَّتْ |
لها صلاتي وأنا أصلي لها لأن الوجود واحد، كلانا مصل.. كل واحد يصلي للآخر واحد ساجد إلى حقيقته بالجمع في كل سجدة، قال:
وَمَا كَانَ لِي صَلَّى سِوَائِي وَلَمْ تَكُنْ | صَلَاتِي لِغَيْرِي فِي أدا كُلِّ رَكْعَةِ |
ما صلى لغيري ولم تصح صلاتي لغيري.. ماكان لي صلى سواي ولم تكن صلاتي لغيري لأن الوجود واحد نعوذ بالله..نعم.. إلى أن قال..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
إلَى أَنْ قَالَ:
وَمَا زِلْت إيَّاهَا وَإِيَّايَ لَمْ تَزَلْ | وَلَا فَرْقَ بَلْ ذَاتِي لِذَاتِي أَحَبَّتْ |
إلَيَّ رَسُولًا كُنْت مِنِّي مُرْسَلًا | وَذَاتِي بِآيَاتِي عَلَيَّ اسْتَدَلَّتْ |
فَإِنْ دُعِيت كُنْت الْمُجِيبَ وَإِنْ | أَكُنْ مُنَادًى أَجَابَتْ مَنْ دَعَانِي وَلَبَّتْ |
(الشرح)
هذا يبين إن الوجود واحد يقول: ما زلت إياها وإياي.. أنا هي وهي أنا لا فرق بيننا بل ذاتي لذاتي صلت.. ذاتي وذاتها واحدة،
إلَيَّ رَسُولًا كُنْت مِنِّي مُرْسَلًا | وَذَاتِي بِآيَاتِي عَلَيَّ اسْتَدَلَّتْ |
فَإِنْ دُعِيت كُنْت الْمُجِيبَ وَإِنْ | أَكُنْ مُنَادًى أَجَابَتْ مَنْ دَعَانِي وَلَبَّتْ |
لأن الوجود واحد نسأل الله العافية.. نعم..إلى أمثال..
(المتن)
إلَى أَمْثَالِ هَذَا الْكَلَامِ؛ وَلِهَذَا كَانَ هَذَا الْقَائِلُ عِنْدَ الْمَوْتِ يَنْشُدُ وَيَقُولُ:
إنْ كَانَ مَنْزِلَتِي فِي الْحُبِّ عِنْدَكُمْ | مَا قَدْ لَقِيت فَقَدْ ضَيَّعْت أَيَّامِي |
أُمْنِيَةً ظَفِرَتْ نَفْسِي بِهَا زَمَنًا | وَالْيَوْمَ أَحْسَبُهَا أَضْغَاثُ أَحْلَامِ |
(الشرح)
نعم يقول ضيعت أيامي الآن ظفر الآن تبين..
(المتن)
(الشرح)
نسأل الله العافية، لما حضرته الملائكة تبين له بطلان ما هو عليه، هو يظن أنه الله، قال تعالى في بيان أن المخلوقات كلها تسبح لله .. نعم..
(المتن)
(الشرح)
هذا فيه بيان أن المخلوقات كلها تسبح لله وأن الله مالك السموات والأرض وأنه يحيي ويميت وأنه على كل شيء قدير وأن المخلوقات كلها تحت تصرفه وفي قبضته ..نعم..
(المتن)
(الشرح)
هذا دعاء عظيم في صحيح مسلم فيه بيان أن الله هو رب السماوات والأرض وأنه رب كل شيء.
وفيه بيان الإثبات أنه الأول سبحانه وليس قبله شيء، وأنه الآخر وأنه الظاهر وأنه الباطن، كل هذه من أسمائه.. أسماؤه الأربعة المتقابلة الأول والآخر والظاهر والباطن، إتماماً لأوليته وآخريتيه وإتماما لفوقيته وعدم حجب شيء من المخلوقات له.. نعم..
(المتن)
ثُمَّ قَالَ: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.فَذَكَرَ أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ - وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ - وَمَا بَيْنَهُمَا مَخْلُوقٌ مُسَبِّحٌ لَهُ.
وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَهُوَ مَعَكُمْ فَلَفْظُ (مَعَ) لَا تَقْتَضِي فِي لُغَةِ الْعَرَبِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ مُخْتَلِطًا بِالْآخَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ وقَوْله تَعَالَى وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ.
وَلَفْظُ (مَعَ) جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ عَامَّةً وَخَاصَّةً فَ " الْعَامَّةُ " فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي آيَةِ الْمُجَادَلَةِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فَافْتَتَحَ الْكَلَامَ بِالْعِلْمِ وَخَتَمَهُ بِالْعِلْمِ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ مَعَهُمْ بِعِلْمِهِ.
وَأَمَّا " الْمَعِيَّةُ الْخَاصَّةُ " فَفِي قَوْله تَعَالَى إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ وقَوْله تَعَالَى لِمُوسَى: إنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى وَقَالَ تَعَالَى: إذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ وَأَبَا بَكْرٍ فَهُوَ مَعَ مُوسَى وَهَارُونَ دُونَ فِرْعَوْنَ وَمَعَ مُحَمَّدٍ وَصَاحِبِهِ دُونَ أَبِي جَهْلٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ وَمَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَاَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ دُونَ الظَّالِمِينَ الْمُعْتَدِينَ.
فَلَوْ كَانَ مَعْنَى " الْمَعِيَّةِ " أَنَّهُ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ تَنَاقَضَ الْخَبَرُ الْخَاصُّ وَالْخَبَرُ الْعَامُّ؛ بَلْ الْمَعْنَى أَنَّهُ مَعَ هَؤُلَاءِ بِنَصْرِهِ وَتَأْيِيدِهِ دُونَ أُولَئِكَ.
وقَوْله تَعَالَى وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إلَهٌ أَيْ هُوَ إلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَإِلَهُ مَنْ فِي الْأَرْضِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَكَذَلِكَ وقَوْله تَعَالَى وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ كَمَا فَسَّرَهُ أَئِمَّةُ الْعِلْمِ كَالْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ الْمَعْبُودُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ.
(الشرح)
نعم.. نقف على هذا.. هنا بين المؤلف رحمه الله أن الله تعالى هو خالق السموات والأرض وأنه استوى على العرش، وأن السماوات والأرض فذكر أن السماوات والأرض، وفي موضع آخر وما بينهما كلها مخلوقة ومسبحة لله.
وأما المعية فهي نوعان معية عامة ومعية خاصة لا تقتضي الاختلاط، المعية معناها تقتضي المصاحبة.. هي المصاحبة وتقتضي المقارنة في أمر من الأمور، ولا تقتضي الاختلاط.
قوله مَعَكُمْ المعية نوعان:
معية عامة وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ، مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ يعني معهم بعلمه وإطلاعه وإحتياطه وهو فوق العرش ، والعرب تقول ما زلنا نسير والقمر معنا مازلنا نسير والنجم معنا، وأنت تقول المتاع معك وإن كان فوق رأسك فلا تقتضي الاختلاط والامتزاج.
وأما المعية الخاصة فهي خاصة بالمؤمنين والأنبياء لَا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ المعية تقتضي النصر والتأييد والحفظ والكلاءة.
والمعية العامة تكون للمؤمن والكافر، والمعية الخاصة خاصة للمؤمن، فتجتمع المعيتان في حق المؤمن العامة والخاصة وتنفرد المعية العامة بالكافر وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ، وهي تأتي في سياق المجازاة والمحاسبة والتخويف وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.
وأما المعية الخاصة فهي تقتضي الحفظ والكلاءة والنصر والتأييد والحفظ إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ لَا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا.
فالمعية الخاصة خاصة بالمؤمنين بالمتقين بالأنبياء، والمعية العامة عامة المؤمن والكافر.
ولهذا العامة تأتي في سياق المحاسبة والمجازاة.
وكل منهما فيها مصاحبة فلا تقتضي الاختلاط ولا الامتزاج.
فبطل بذلك قول الاتحادية وقول الجهمية وثبت قول المؤمنين وقول الأنبياء والمرسلين، وصح أنه هو الحق والصواب.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه.....