بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين..
(المتن)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان:
وَبَيْنَ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَمَا يُشْبِهُهَا مِنْ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ فُرُوقٌ مُتَعَدِّدَةٌ:
مِنْهَا أَنَّ " كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ " سَبَبُهَا الْإِيمَانُ وَالتَّقْوَى وَ " الْأَحْوَالُ الشَّيْطَانِيَّةُ " سَبَبُهَا مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ.
فَالْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَالشِّرْكُ وَالظُّلْمُ وَالْفَوَاحِشُ قَدْ حَرَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ فَلَا تَكُونُ سَبَبًا لِكَرَامَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكَرَامَاتِ عَلَيْهَا فَإِذَا كَانَتْ لَا تَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بَلْ تَحْصُلُ بِمَا يُحِبُّهُ الشَّيْطَانُ وَبِالْأُمُورِ الَّتِي فِيهَا شِرْكٌ كَالِاسْتِغَاثَةِ بِالْمَخْلُوقَاتِ أَوْ كَانَتْ مِمَّا يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى ظُلْمِ الْخَلْقِ وَفِعْلِ الْفَوَاحِشِ فَهِيَ مِنْ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ لَا مِنْ الْكَرَامَاتِ الرَّحْمَانِيَّةِ.
وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ إذَا حَضَرَ سَمَاعَ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ...
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد:
فهذا البحث فيه فروق بين كرامات الأولياء والأحوال الشيطانية، وكرامة الأولياء كما سبق هي التي خوارق العادة التي تحصل على أيدي صالح من الصالحين متبع لنبي من الأنبياء السابقين أو متبع لنبينا محمد ﷺ بعد بعثته، فالخوارق التي تحصل على أيدي الصالحين والمؤمنين تسمى كرامات.
مثل ما حصل لعمر مثل ما حصل حينما كلم قائداً في نهاوند، ومثل ما حصل لأسيد بن حضير وعباد بن بشر لما أضاء لهما السوط، هذه الكرامة تسمى كرامة خارقة للعادة تحصل على يدي صالح من الصالحين مؤمن من المؤمنين تابع لنبي من الأنبياء السابقين أو تابع.. أو مؤمن بنبينا محمد ﷺ بعد بعثته.
وأما الخوارق بعد ذلك التي تحصل على أيدي منحرف على أيدي كافر أو مبتدع فهذه تسمى حالة شيطانية.. تسمى حالة شيطانية، مثل ما يحصل على أيدي السحرة والكهان والدجاجلة، وكذلك سيحصل في آخر الزمان الدجال الأكبر الذي ينزل.. الذي يخرج في آخر الزمان.. الدجال الذي فتنته عظيمة، كما ثبت في صحيح مسلم مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ، يعني الدجال يخرج في آخر الزمان في زمن المهدي.. (المهدي 3:44 النبوة)، يخرج الدجال ويدعي الصلاح أولاً يدعي أنه رجل صالح، ثم يدعي النبوة، ثم يدعي الربوبية، ويقول أنا ربكم وأن الله تعالى يجري عليه خوارق عظيمة كلاها امتحان منها يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت ومنها أن يقطع الرجل صنفين فيحييه الله (4:7) هذا فيقول قم فيستوي قائماً.
هذه خوارق ومع ذلك فلا تدل على صلاحه، مع ذلك هو كافر ناكر لله، ولهذا أمرنا النبي ﷺ أن نستعيذ بالله من فتنته وشر الدجال في كل ركعة من ركعات الصلاة من عظم فتنته.
هذا فارق القصد.. فكرامات الأولياء سببها الإيمان والتقوى، المؤمن الذي تحصل عليه خارقة سببها الإيمان والتقوى، والأحوال الشيطانية سببها ما نهى الله عنها ورسوله هذا فارق، إذا رأيت الشخص الذي يخرج عنه خارق مستقيم على طاعة الله فهذه كرامة، وإذا رأيته منحرف مبتدع أو كافر فهذه حالة شيطانية.
كما استدل المؤلف بالآية قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ. فالقول على الله بلا علم والشرك والظلم والفواحش حرمها الله تعالى ورسوله.
فلا تكون هذه المعاصي سبباً لكرامة الله ولا يستعان بالكرامات عليها، فإذا كان خارق العادة لا يحصل بالصلاة ولا بالذكر ولا بقراءة القرآن والدعاء، بل يحصل بما يحبه الشيطان وبالأمور التي فيها شرك أو معصية لله ولرسوله أو استغاث بالمخلوق أو استعان على ظلم الخلق أو على فعل الفواحش، فهذا حالة الشيطانية وليست كرامة.
وسيذكر المؤلف رحمه الله شيء من أحوال هؤلاء المشعوذين والمخرفين.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم هذا إذا حضر سماع المكاء -المكاء هو الصفير والتصدية هي التصفيق- قال الله تعالى عن المشركين وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً يتعبدون بهذا.
فإذا حصل التصفيق والصفير وكذلك أيضاً الموسيقى والأغاني تنزل الشيطان على هذا تحمله في الهواء قد تخرجه من تلك الدار، وإذا حضر رجل من أولياء الله أو قرأ أحد آية الكرسي سقط، لأنه لا يحصل له ما يريد إلا إذا لم يذكر اسم الله، فإذا ذكر اسم الله بطل سحر الساحرين وبطل شعوذة المشعوذين.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم وهذا يدل على أن الشياطين لها تصرف ولها نفوذ، بعض المشركين إذا استغاث بالمخلوق سواء حي أو ميت، يتصور الشيطان بصورة ذلك المستغيث به ويقضي حاجة ذلك المستغيث حتى يغريه بالشرك ويحثه على الشرك حتى يستمر على شركه، فيظن هذا المسكين أن هذا الشخص هو نفسه خرج من القبر وهو شيطان تصور بصورته وقضى حاجته حتى يغريه على الشرك. كانت الشياطين تدخل الأصنام وتكلم الناس.. العزى كانت يسمع منها الصوت ولما قطعت العزى خرجت منها امرأة حبشية حتى قتلها خالد . شيطانة.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم وكلها من تصرفات الشياطين، يعني يأتي الشيطان بالصورة ويقول أنا الخضر، ويعينه على بعض مطالبه حتى يعتقد الباطل وقد يأتي بصورة المستغيث ويأتي بعد موته ويقضي الديون على صورته شكله.. على صورته، فيظن الأحياء أن الميت هو خرج بنفسه.. الميت لا يرجع لا يمكن! قال الله تعالى إِنِّي كَتَبتُ أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ، من مات لا يرجع.. إلا يوم القيامة يبعث، فهذا الشيطان يتصرف هذه التصرفات يتصور بصورته ويقضي الديون ويدخل إلى زوجته، وقد يكون الميت قد أحرق بالنار.. والهند يحرقون ميتهم بالنار، ثم يأتي الشيطان في صورة هذا الميت الذي أحرق ويقضي لهم الحوائج.. هل يمكن!.. كيف أحرق بالنار وجاء يقضي الديون ويكلمهم، لكن العقول إذا ضلت هكذا، وإلا هذا واضح الشخص يحرق.. مات وأحرق ثم يأتي في صورته الشيطان ويقول أنا فلان -نسأل الله العافية- فيحصل الضلال بهذا.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم وهكذا الشياطين تفعل، كأن يغسل نفسه.. كيف مات ويأتي يغسل نفسه، أين العقول كيف يقبل مثل هذا، لكن هذا الشيطان حتى يضل الأحياء بعدما أضل الأموات..نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم وهذا من حركات الشياطين يجعل العرش في الهواء أي يشبهه بعرش الرحمن، عبد القادر الجيلاني يقول أنه رأى عرشاً بين السماء والأرض، وجعل يناديه قال أنا ربك أسقطت عنك التكاليف.. قال اخسأ يا عدو الله فتمزق ذلك النور.. قال اخسأ يا عدو الله فتمزق ذلك النور وقال نجوت مني يا عبد القادر بعلمك وقد فتنت في هذه الفعلة سبعين شخصاً أو سبعين صديقاً أو ما أشبه ذلك، انظر كيف يفعل.. عرش بين السماء والأرض..
قيل له كيف عرفت أنه كذاب قال قال أسقطت عنك التكاليف.. أسقطت عنك التكليف ما عليك صلاة ولا صيام فعرفت أنه شيطان.. عرش بين السماء والأرض يتكلم شخص ويقول أسقطت عنك التكليف، فالشياطين لها أحوال ولها تصرفات.. نعم ..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم الشيخ يعرف هذا، يأتيه وحتى في اليقظة يشاهد أمامه كأنه آدمي وهو شيطان، لأن الشياطين و الجن يتشكلون ويتصورون أعطاهم الله القدرة على هذا وكذلك الملائكة..نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم ينشق القبر وتخرج الجني الشيطان بصورة الميت فيظن هذا المسكين أنه الميت فيصافحه ويتكلم معه نعم.. نسأل الله العافية نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم قد يرى فارسا أو فرسا خرج من القبر أو دخل في القبر.. كل هذا من الشياطين تتصور حتى تضل الناس.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم وهذا باطل نعم..
(المتن)
(الشرح)
نعم إلى هذا الحد أن الجن تحلق شعره.. تقص شعره ، ويرى في المنام أن الذي حلقه أبو بكر أو عمر أو عثمان، كل هذا من تصرفات الشياطين.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
هذا الضابط.. من خرج عن الكتاب والسنة حصل له أحوال شيطانية، ومن يلتزم بالكتاب والسنة فلا يحصل له شيء من ذلك، قال تعالى إِنَّمَا سُلْطَانُهُ أي الشيطان عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ قال إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أي ليس للشيطان سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ. نعم فمن خرج عن الكتاب والسنة تسلط عليه الشياطين ومن لزم الكتاب والسنة فإن الشيطان ليس له سلطان عليه.. نعم ..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وَهُمْ دَرَجَاتٌ وَالْجِنُّ الَّذِينَ يَقْتَرِنُونَ بِهِمْ مِنْ جِنْسِهِمْ وَهُمْ عَلَى مَذْهَبِهِمْ وَالْجِنُّ فِيهِمْ الْكَافِرُ وَالْفَاسِقُ وَالْمُخْطِئُ فَإِنْ كَانَ الْإِنْسِيُّ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ جَاهِلًا دَخَلُوا مَعَهُ فِي الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالضَّلَالِ وَقَدْ يُعَاوِنُونَهُ إذَا وَافَقَهُمْ عَلَى مَا يَخْتَارُونَهُ مِنْ الْكُفْرِ مِثْلُ الْإِقْسَامِ عَلَيْهِمْ بِأَسْمَاءِ مَنْ يُعَظِّمُونَهُ مِنْ الْجِنِّ وَغَيْرِهِمْ وَمِثْلُ أَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَ اللَّهِ أَوْ بَعْضَ كَلَامِهِ بِالنَّجَاسَةِ أَوْ يَقْلِبَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ أَوْ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ أَوْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ أَوْ غَيْرَهُنَّ وَيَكْتُبَهُنَّ بِنَجَاسَةِ فَيُغَوِّرُونَ لَهُ الْمَاءَ وَيَنْقُلُونَهُ بِسَبَبِ مَا يُرْضِيهِمْ بِهِ مِنْ الْكُفْرِ.
وَقَدْ يَأْتُونَهُ بِمَا يَهْوَاهُ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ إمَّا فِي الْهَوَاءِ وَإِمَّا مَدْفُوعًا مَلْجَأً إلَيْهِ. إلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي يَطُولُ وَصْفُهَا.
وَالْإِيمَانُ بِهَا إيمَانٌ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ.
وَالْجِبْتُ السِّحْرُ وَالطَّاغُوتُ الشَّيَاطِينُ وَالْأَصْنَامُ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مُطِيعًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا لَمْ يُمْكِنْهُمْ الدُّخُولُ مَعَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ مُسَالَمَتُهُ.
(الشرح)
نعم المؤلف يقول هم درجات، والجن الذين يقتربون إليهم من جنسهم، الجن فيهم الكافر والفاسق والمخطئ.. فيهم مثل الإنس.. كما أخبر عنهم الله قال كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا الجن فيهم الكافر فيهم الوثني فيهم اليهودي فيهم النصراني فيهم المبتدع الخارجي فيهم الرافضي فيهم الرافضة.. مثل الإنس.. فيهم خوارج فيهم قدرية فيهم جهمية فيهم أشاعرة فيهم معتزلة مثل الإنس، فهم درجات فيهم الكافر والفاسق والمخطئ..
فإذا كان الإنسي كافر أو فاسق أو جاهل اتخذوا بعض في الكفر، يأتيه كافر مثله ويدخل معه في الكفر ويتعاونون على الكفر أو إذا كان فاسق جاءه فاسق مثله وتعاونوا معه، ويطلبون منه أن يوافقهم بالكفر مثل أن يكتب أسماء الله، يقسم عليه بأسماء من يعظمونه من الجن، ومثل أن يكتب أسماء الله وبعض كلامه بالنجاسة، مثل السحرة والكهان كذا يطلبون من الجني حتى يخدمه، يعني خدمة متبادلة بين الجني وبين الساحر، الساحر يخدم الجني في الشركيات يطلب منه أن يسجد لغير الله، يطلب منه ترك الصلاة، يطلب منه أن يكتب القرآن بدم الحيض أو بالنجاسة أو بالبول، ثم الجني يخدمه فيخبره عن بعض المغيبات عن البلد، يسرق له بعض الأشياء، يلطم من أمره بلطمه، يخرج من المصروع حتى يحصل له شيء من المال، خدمة متبادلة بين الساحر وبين الجني، فيطلب أحيانا يكتب كلام الله بالنجاسة أو يقرأ فاتحة الكتاب.. يقرأ فاتحة الكتاب من آخرها، يقرأ الآية الأخيرة يقلبها.
وهذا قد يغتر به بعض الناس.. بعض الشباب قال لي من فترة أنه عنده إنسان قارئ من غير السعودية، جاءه القارئ يقول أحفظ القرآن كله كاملا كله ويقول من حفظه أنه ينكس في القرآن، يقول جاء عندي ينكس في القرآن انظر إليه حافظه، مرة يقرأه كامل ومرة يقرأه بالعكس، يقرأ الفاتحة من أسفل ويقرأ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ من أسفل، ويقول هذا ما شاء الله حافظ، قلت هذا لا يجوز هذا مبتدع وقد يكون كافرا ويقول يحفظ القرآن من أوله.. تحفظ؟.. لا يخطئ ولكن مع ذلك ينكسه يقرأ يقول مرة يقرأه صحيح ومرة يقرأه منكس.. مرة يقرأ بالفاتحة صحيح ومرة يقرأها منكس إلى هذا الحد والعياذ بالله، يعني حافظ القرآن حفظ كامل ويقرأه مرة منكس ومرة عادي -نعوذ بالله من هذا- هذا تنكيس القرآن هذا تغيير لكلام الله، مثل من يكتب القرآن بدم النجاسة بدم الحيض مثل بعض السحرة نسأل الله السلامة والعافية.
هذه كلها من الأحوال الشيطانية، كذلك أيضا يقلب الفاتحة ويقلب سورة الإخلاص أو يقلب آية الكرسي، إذا قلبت آية الكرسي ما كانت .. آية الكرسي ما يزال من الله حافظ ما قرأها ولا يقربه الشيطان ولكن إذا نكسها ليس هذا هو القرآن، قول الفاتحة وتنكيسها بعض سور القرآن يقرأها من أسفل.. من آخرها إلى أولها -نعوذ بالله- فالشياطين يستجيبون له يغورون له الماء.. ينقلونه.. يأتون له بما يريد والإيمان بهم كما قال هو إيمان بالجبت والطاغوت.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وَلِهَذَا لَمَّا كَانَتْ عِبَادَةُ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْرُوعَةُ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي هِيَ بُيُوتُ اللَّهِ كَانَ عُمَّارُ الْمَسَاجِدِ أَبْعَدَ عَنْ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ.
وَكَانَ أَهْلُ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ يُعَظِّمُونَ الْقُبُورَ وَمَشَاهِدَ الْمَوْتَى فَيَدْعُونَ الْمَيِّتَ أَوْ يَدْعُونَ بِهِ أَوْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَهُ مُسْتَجَابٌ أَقْرَبُ إلَى الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ
(الشرح)
نعم عبادة المسلمين في المساجد التي هي بيوت الله، وعمّار المساجد بعيدون عن الأحوال الشيطانية أهل الشرك والبدع الذين يعظمون القبور والمشاهد ويدعون الميت ويستغيثون به أو يجعلونه وسيلة يتوسلون به أو يدّعون أن الدعاء عندهم مستجاب هؤلاء هم أقرب للأحوال الشيطانية، الشياطين توافقهم، عمّار المساجد أبعد الناس عن الأحوال الشيطانية، والعاكفون عند القبور هم الأقرب إلى الأحوال الشيطانية.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
في هذا نهي عن اتخاذ قبور الأنبياء مساجد كفعل اليهود والنصارى في صحيح مسلم اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِم مَسَاجِدَ... صحيح الكلام.. وَصَالِحِيهِم. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
هذا في الحديث في الصحيحين فيه نهي عن اتخاذ القبور مساجد لأن هذا من البدع والشياطين تكون مع المبتدع ومع الكافر.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
جاء في الحديث أن الذي ذكر ذلك أم سلمة وأم حبيبة قال أُولَئِكِ خطاب لها، قال إنَّ أُولَئِكَ إذَا مَاتَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ أَو العَبدُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا. أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ. فهو هذا شرار الخلق الذين يبنون المساجد على القبور والشياطين توافقهم وتتسلط عليهم.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
تُدْرِكُهُمْ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءُ هم الكفرة تقوم عليهم الساعة بعد قبض أرواح المؤمنين والمؤمنات، وَاَلَّذِينَ اتَّخَذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ. هذه وسيلة قريبة إلى الشرك، وهؤولاء هم الذين تسلط عليهم الشياطين.. نعم
(المتن)
(الشرح)
كل هذا سد لذريعة الشرك.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
لأن هذا وسيلة إلى الشرك نعم..
(المتن)
(الشرح)
يعني لا تكثرون التردد إلى القبر تجعلونه كالعيد الذي يعود ويتكرر إنما زيارة من دون أن يجعله عيد كالعيد الذي يعود ويتكرر.. نعم.. هذا كله سد لذريعة الشرك.. نعم
(المتن)
(الشرح)
يعني في أي مكان فلا حاجة للإنسان إلى القبر كل هذا سد لذريعة الشرك.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
في أي مكان فلا حاجة للإنسان إلى القبر.. نعم..
(المتن)
(الشرح)
نعم وهذا أيضاً فيه دليل على أن الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ يبلغ ولا يأتى إلى قبره فلا حاجة إلى إتيان القبر، قال إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ. هذا تحريم قدري أو شرعي، مر بالأمس؟ تحريم قدري أو شرعي؟ قدري.. تحريم قدري إن الله منع الأرض.. منعها أن تأكل لحوم الأنبياء.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم العكوف على القبور وتصوير الصور هو وسيلة الشرك هذا مبدأ عبادة الأوثان والشياطين تتسلط على هؤلاء.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
أي سد الشرك، فالقبور في المساجد وسيلة للشرك، وكذلك الصلاة عند الطلوع بعد العصر وبعد المغرب سداً لذريع مشابهة المشركين الذين يسجدون للشمس عند طلوعها وعند غروبها.. نعم..
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وَالشَّيْطَانُ يُضِلُّ بَنِي آدَمَ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ فَمَنْ عَبَدَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْكَوَاكِبَ وَدَعَاهَا - كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ دَعْوَةِ الْكَوَاكِبِ - فَإِنَّهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ شَيْطَانٌ يُخَاطِبُهُ وَيُحَدِّثُهُ بِبَعْضِ الْأُمُورِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ رُوحَانِيَّةَ الْكَوَاكِبِ وَهُوَ شَيْطَانٌ وَالشَّيْطَانُ وَإِنْ أَعَانَ الْإِنْسَانَ عَلَى بَعْضِ مَقَاصِدِهِ فَإِنَّهُ يَضُرُّهُ أَضْعَافَ مَا يَنْفَعُهُ وَعَاقِبَةُ مَنْ أَطَاعَهُ إلَى شَرٍّ إلَّا أَنْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَغَاثَ بِمَيِّتِ أَوْ غَائِبٍ وَكَذَلِكَ مَنْ دَعَا الْمَيِّتَ أَوْ دَعَا بِهِ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَ قَبْرِهِ أَفْضَلَ مِنْهُ فِي الْبُيُوتِ وَالْمَسَاجِدِ وَيَرْوُونَ حَدِيثًا هُوَ كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ: "إذَا أَعْيَتْكُمْ الْأُمُورُ فَعَلَيْكُمْ بِأَصْحَابِ الْقُبُورِ" وَإِنَّمَا هَذَا وَضْعُ مَنْ فَتَحَ بَابَ الشِّرْكِ.
(الشرح)
نعم الشيطان نفسه يضل بني آدم بحسب استطاعته من عبد الشمس والقمر والكواكب ودعاها تنزل عليه الشياطين تخاطبه وتحدثه ببعض الأمور تسمى هذه روحانية الكواكب وهو شيطان.
إذاً الشيطان يعين الإنسان على بعض مقاصده.. يعينه في بعض مقاصده ولكن يضره أضعاف ما نفعه.
كذلك عباد الأصنام تخاطبهم الشياطين.. من استغاث بميت أو غائب.. من دعا الميت وظن أن الدعاء عند قبره أفضل.. كل هذا من وسائل الشرك، يروون حديثاً وهو كذب باتفاق أهل المعرفة "إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور" هذا وضعه الوثنيون، الذين وضعوا هذا الحديث كذبوا على النبي ﷺ أنه قال "إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور".
(المتن)
(الشرح)
نعم هذا يوجد أهل الشرك والبدع ومتشبهيهم من عباد الأصنام أحوال عند المشاهد يظنونها كرامات وهي من الشياطين مثل أن يضعوا سروال عند القبر فيجدونه قد عقد أو يضعوه عند المصروع فيرون أن الشيطان قد فارقه بفعل الشيطان ليضلهم، وإذا قرئت آية الكرسي بصدق بطل هذا لأن التوحيد يطرد الشيطان.
والمؤلف قال: ولهذا حمل بعضهم في الهواء فقال: لا إله إلا الله، فسقط، يعني يشترطون عليه عندما يحملونه الشيطان لا يذكر الله لا يقول بسم الله ولا يقول لا إله إلا الله ولا يقرأ شيء من القرآن، إذا قال لا إله إلا الله أو قال سبحان الله أو قال الله أكبر أو قرأ آية الكرسي سقط، نعم، لأن الشياطين يبطل يعني كيدها بالقرآن وبذكر الله نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم يعني الأمثلة في هذا كثيرة فالقبر ينشق يخرج منه شيطان فيظن من عنده أنه هذا الميت هو شيطان يتصور بصورة نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وَلَمَّا كَانَ الِانْقِطَاعُ إلَى الْمَغَارَاتِ وَالْبَوَادِي مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يُشَرِّعْهَا اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ صَارَتْ الشَّيَاطِينُ كَثِيرًا مَا تَأْوِي إلَى الْمَغَارَاتِ وَالْجِبَالِ: مِثْلِ مَغَارَةِ الدَّمِ الَّتِي بِجَبَلِ قاسيون وَجَبَلِ لُبْنَانَ الَّذِي بِسَاحِلِ الشَّامِ وَجَبَلِ الْفَتْحِ بِأَسْوَانَ بِمِصْرِ وَجِبَالٍ بِالرُّومِ وَخُرَاسَانَ وَجِبَالٍ بِالْجَزِيرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَجَبَلِ اللِّكَام وَجَبَلِ الأحيش وَجَبَلِ سولان قُرْبَ أردبيل وَجَبَلِ شُهْنَك عِنْدَ تَبْرِيزَ وَجَبَلِ ماشكو عِنْدَ أَقَشْوَان وَجَبَلِ نَهَاوَنْدَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْجِبَالِ الَّتِي يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ بِهَا رِجَالًا مِنْ الصَّالِحِينَ مِنْ الْإِنْسِ وَيُسَمُّونَهُمْ رِجَالَ الْغَيْبِ وَإِنَّمَا هُنَاكَ رِجَالٌ مِنْ الْجِنِّ فَالْجِنُّ رِجَالٌ كَمَا أَنَّ الْإِنْسَ رِجَالٌ قَالَ تَعَالَى: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا.
وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَظْهَرُ بِصُورَةِ رَجُلٍ شعراني جِلْدُهُ يُشْبِهُ جِلْدَ الْمَاعِزِ فَيَظُنُّ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ أَنَّهُ إنْسِيٌّ وَإِنَّمَا هُوَ جِنِّيٌّ وَيُقَالُ بِكُلِّ جَبَلٍ مِنْ هَذِهِ الْجِبَالِ الْأَرْبَعُونَ الْأَبْدَالُ وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُظَنُّ أَنَّهُمْ الْأَبْدَالُ هُمْ جِنٌّ بِهَذِهِ الْجِبَالِ كَمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِطُرُقِ مُتَعَدِّدَةٍ.
وَهَذَا بَابٌ لَا يَتَّسِعُ هَذَا الْمَوْضِعُ لِبَسْطِهِ وَذِكْرِ مَا نَعْرِفُهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا يَطُولُ وَصْفُهُ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ الَّذِي كُتِبَ لِمَنْ سَأَلَ أَنْ نَذْكُرَ لَهُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مَا يُعْرَفُ بِهِ جَمَلُ ذَلِكَ.
(الشرح)
نعم المؤلف رحمه الله يبين أن الانقطاع إلى الغارات في البوادي من البدع التي ما شرعت، والشياطين كثيراً ما تأوي إلى المغارات والجبال، ذكر أمثلة في زمن زمن الشيخ محمد الشيخ أسامة ابن تيمية مثل مغارة الدم التي بجبل قاسيون في زمانه، جبل لبنان في زمن شيخ الإسلام، كذلك جبل في مصر وجبال بالروم وخراسان وجبال الجزيرة وجبال اللكام كل هذه عندها بدع في زمن الشيخ رحمه الله، جبل اللكام وجبل الأحيش وجبل سولان وجبل شهنك عند تبريز وجبل نهاوند وغيرها من الجبال التي يظن بعض الناس أن بها رجالاً من الإنس يسمونهم رجال الغيب وهم رجال من الجن الجن يسمون رجال قال الله تعالى: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ للجن رجال كما للإنس رجال قال: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا.
كذلك يقول المؤلف هناك من يظهر بصورة رجل شعراني جلده يشبه جلد الماعز يعني جسمه شعر، فيظن البعض أنه إنسي وهو جني خرج بهذه الصورة ويقال: بكل جبل من هذه الجبال الأربعون الأبدال، وهؤلاء يظن أنهم الأبدال هم جن بهذه الجبال.
وهذه أمثلة ذكرها المؤلف رحمه الله ولهذا قال هذا باب واسع لا يتسع هذا الموضع، قال المؤلف: إنا قد رأينا وسمعنا شيئاً كثيراً لكن هذا ذكرنا شيئاً من ذلك من باب الاختصار نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وَالنَّاسُ فِي خَوَارِقِ الْعَادَاتِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
" قِسْمٌ " يُكَذِّبُ بِوُجُودِ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَرُبَّمَا صَدَّقَ بِهِ مُجْمَلًا وَكَذَّبَ مَا يُذْكَرُ لَهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ لِكَوْنِهِ عِنْدَهُ لَيْسَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ نَوْعٌ مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ كَانَ وَلِيًّا لِلَّهِ وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ خَطَأٌ وَلِهَذَا تَجِدُ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَذْكُرُونَ أَنَّ لِلْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ نُصَرَاءَ يُعِينُونَهُمْ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ. وَأُولَئِكَ يُكَذِّبُونَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ مَنْ لَهُ خَرْقُ عَادَةٍ.
وَالصَّوَابُ الْقَوْلُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنَّ مَعَهُمْ مَنْ يَنْصُرُهُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ لَا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ.
وَهَؤُلَاءِ الْعُبَّادُ وَالزُّهَّادُ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ الْمُتَّبِعِينَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تَقْتَرِنُ بِهِمْ الشَّيَاطِينُ فَيَكُونُ لِأَحَدِهِمْ مِنْ الْخَوَارِقِ مَا يُنَاسِبُ حَالَهُ؛ لَكِنَّ خَوَارِقَ هَؤُلَاءِ يُعَارِضُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَإِذَا حَصَلَ مَنْ لَهُ تَمَكُّنٌ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَبْطَلَهَا عَلَيْهِمْ.
وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمْ مِنْ الْكَذِبِ جَهْلًا أَوْ عَمْدًا وَمِنْ الْإِثْمِ مَا يُنَاسِبُ حَالَ الشَّيَاطِينِ الْمُقْتَرِنَةِ بِهِمْ لِيُفَرِّقَ اللَّهُ بِذَلِكَ بَيْنَ أَوْلِيَائِهِ الْمُتَّقِينَ وَبَيْنَ الْمُتَشَبِّهِينَ بِهِمْ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيَاطِينِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. وَالْأَفَّاكُ الْكَذَّابُ. وَالْأَثِيمُ الْفَاجِرُ.
(الشرح)
هذه أقسام الناس في خوارق العادات:
منهم من يكذب بخوارق العادات إلا للأنبياء وهم المعتزلة، المعتزلة أنكروا خوارق العادات لكرامة الأولياء وأنكروا خوارق السحرة شبهتهم قالوا لو قلنا إن الولي له خوارق وكذلك أيضاً المشعوذ له خوارق التي التبست بمعجزة الأنبياء قالوا: مافي خوارق إلا للأنبياء فقط وهذا كذبوه بشيء واقع، السحرة لهم خوارق مثل الدجال له خوارق ولكن الصواب مثل ما سبق.
ومن الناس طائفة يظن كل من كان معه خارق يكون ولي، كل من جرى على يده خارق فهو ولي، وهذا باطل لأن السحرة يكون على يدهم الخوارق وليسوا أولياء، أعداء لله.
قال المؤلف: كل من القولين خطأ، والصواب القول الثالث، وهو أن خوارق العادة تحصل على أيدي الأنبياء تكون معجزات وتحصل على أيدي الصالحين ببركة اتباعهم للنبي ﷺ وتحصل على أيدي المشعوذين والسحرة وهذه حالة شيطانية هذا هو الصواب كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ.
فالمؤلف يقول أولياء هؤلاء العباد والزهاد والذين ليسوا من أولياء الله العباد والزهاد الذين يتعبدون على جهل وضلال تقترن بهم الشياطين وقد يكون لأحدهم من الخوارق ما يناسب حاله ولو لم يكن مستقيما استدراج والخوارق يعارض بعضها بعضاً وإذا تجد يأخذهم الخوارق العادات وإذا حصل له تمكن من أولياء الله أبطل عليهم هذه الخوارق يقول وهؤلاء يكون في أحدهم من الكذب جهلاً أو عمداً عنده يكون إما جاء إما جهلاً وإما عمداً، وعليه من الإثم ما يناسب حال الشياطين المقترنة بهم ليفرق بين أوليائه المتقين وبين المتشبهين بهم من أولياء الشيطان نعم كما في الآية: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. والأفاك: الكذاب ، والأثيم: الفاجر نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُقَوِّي الْأَحْوَالَ الشَّيْطَانِيَّةَ سَمَاعُ الْغِنَاءِ وَالْمَلَاهِي وَهُوَ سَمَاعُ الْمُشْرِكِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ السَّلَفِ " التَّصْدِيَةُ " التَّصْفِيقُ بِالْيَدِ وَ " الْمُكَاءُ " مِثْلُ الصَّفِيرِ فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَتَّخِذُونَ هَذَا عِبَادَةً
وَأَمَّا النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ فَعِبَادَتُهُمْ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالِاجْتِمَاعَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَمْ يَجْتَمِعْ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ عَلَى اسْتِمَاعِ غِنَاءٍ قَطُّ لَا بِكَفِّ وَلَا بِدُفِّ وَلَا تَوَاجُدٍ وَلَا سَقَطَتْ بُرْدَتُهُ؛ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِحَدِيثِهِ.
وَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ إذَا اجْتَمَعُوا أَمَرُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ أَنْ يَقْرَأَ وَالْبَاقُونَ يَسْتَمِعُونَ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: ذَكِّرْنَا رَبَّنَا فَيَقْرَأُ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ.
وَمَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ فَقَالَ لَهُ: مَرَرْت بِك الْبَارِحَةَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ، فَجَعَلْت أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِك فَقَالَ: لَوْ عَلِمْت أَنَّك تَسْتَمِعُ لَحَبَّرْته لَك تَحْبِيرًا. أَيْ لَحَسَّنْته لَك تَحْسِينًا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ. وَقَالَ ﷺ لَلَّهُ أَشْهَدُ أُذُنًا أَيْ اسْتِمَاعًا إلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إلَى قَيْنَتِهِ.
وَقَالَ ﷺ لِابْنِ مَسْعُودٍ اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ فَقَالَ أَقْرَأُ عَلَيْك وَعَلَيْك أُنْزِلَ؟ فَقَالَ: إنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي فَقَرَأْت عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى انْتَهَيْت إلَى هَذِهِ الْآيَةِ فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا قَالَ: حَسْبُك. فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ مِنْ الْبُكَاءِ.
وَمِثْلُ هَذَا السَّمَاعِ هُوَ سَمَاعُ النَّبِيِّينَ وَأَتْبَاعِهِمْ
(الشرح)
نعم هذا سماع الأغاني والملاهي والموسيقا تقوي الأحوال الشيطانية، إن أعظم ما يقوي الأحوال الشيطانية سماع الغناء والملاهي وهو يفعل في القلوب كما يفعل الخمر بل قد يكون أشد وهذا هو سماع المشركين كما أخبر قال الله تعالى: وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً يعني كفار قريش صلاتهم المكاء وتصدية، المكاء الصفير، والتصدية التصفيق يتعبدون بهذا، يتعبدون بالصفير والتصفيق مثل ما يتعبد الملائكة مثلما يتعبد الصوفية بسماع الغناء، الصوفية يسمعون الغناء والموسيقا عبادة بزعمهم، يتعبدون بها كالمشركين المشركين كانت صلاتهم عند البيت مكاء وتصدية، فكذلك أصحاب الغناء والمزامير من الصوفية يتعبدون بهذا، يرى أن سماع الصوت الحسن هذا عبادة وكذلك رؤية الأمرد هذا عبادة وهذا من جهلهم وضلالهم وبدعهم، فمن أعظم ما يقوي الأحوال الشيطانية سماع الغناء والملاهي وهذا سماع المشركين والتصدية التصفيق باليد والمكاء مثل الصفير فكان المشركون يتخذون هذا عبادة.
وأما النبي ﷺ وأصحابه عبادتهم ما أمر الله به من الصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والاجتماعات الشرعية، ولم يجتمع النبي ﷺ وأصحابه على سماع الغناء أبداً لا بكف ولا بدف، ولا تواجد ولا سقطت بردته، بل كل ذلك كذب باتفاق أهل العلم بحديثه، يعني شيخنا شيخ الإسلام يقول: أن النبي ﷺ حديث أن النبي تواجد حتى سقطت البردة عن منكبه، قال هذا كذب حديث موضوع كذب، تواجد يعني يفعل ما يفعل الصوفية من التواجد وهز الرأس حتى سقطت البردة عن كتفه، قال هذا حديث كذب موضوع.
وكان أصحاب النبي ﷺ إذا جتمعوا أمروا واحداً منهم أن يقرأ القرآن والباقي يستمعون هذا السنة، ولا يصير قراءة جماعية إلا تلقين الأطفال والصغار، كان عمر بن الخطاب يقول لأبي موسى: ذكرنا ربنا، فيقرأ وهم يستمعون.
وكان أبو موسى حسن الصوت أعطاه الله صوتاً حسناً قال له النبي ﷺ لأبي موسى الأشعري: لقَدْ أُوتِيتَ مِزْمارًا مِن مَزامِيرِ آلِ داوُدَ والمزمار الصوت الحسن، المزمار يطلق على الصوت الحسن و يطلق على الغناء من الأضداد فالصوت الحسن يسمى مزمار من الأضداد لا يسمى مزمار على هذا وهذا هذه من الأضداد، والنبي ﷺ استمع لقراءة أبي موسى مر قال: مَرَرْت بِك الْبَارِحَةَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ، فَجَعَلْت أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِك ، فقال : لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيراً. يعني لزينته وحسنته.
وفي الحديث زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ. فنسب الصوت إلى الإنسان فالقرآن كلام الله والصوت صوت القارئ.
وفي الحديث لَلَّهُ أَشْهَدُ أُذُنًا أَيْ اسْتِمَاعًا إلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إلَى قَيْنَتِهِ. أذناً يعني استماعاً لله أشد استماعاً إلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إلَى قَيْنَتِهِ. يعني استماع المغني إلى مغنيته، المغني صاحب القينة المغنية إلى قينته، يعني صاحب القينة يستمع وينصت إلى سماع المغنية والله تعالى أشد استماعاً للرجل الحسن من هذا المغني الذي يستمع إلى قينته، يقول لَلَّهُ أَشْهَدُ أُذُنًا يعني استماعاً، ويقول تعالى: إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ يعني أذنت استمعت، وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ، وَأَذِنَتْ يعني استمعت.
قال النبي ﷺ لابن مسعود: اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ، قال: يا رسول الله كيف أقرأ وعليك أنزل ؟ فقال : إنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي ، فقرأ عليه من أول سورة النساء حتى وصل إلى هذه الآية : فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا خطاب للرسول فكيف يوم القيامة قال: حَسْبُك. فإذا عينيه تذرفان قال فالتفت إليه فإذا عينيه تذرفان فإذا عينيه تذرفان بالدموع عليه الصلاة والسلام تذكر هذا الموقف العظيم فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ يا محمد عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا قال: حَسْبُك. وهو يقرأ، قال ابن مسعود فالتفت إليه فإذا عينيه تذرفان بالدمع عليه الصلاة والسلام تذكر هذا الموقف نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
ومثل هذا السماع هو سماع النبيين وأتباعهم، كما ذكر الله ذلك في القرآن فقال: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا.
وقال في أهل.
(الشرح)
هذا سماع النبيين، سماع وأتباعهم سماع القرآن، أما سماع الصوفية وأشباههم وأهل البدع سماع الغناء والطرب، والغناء والطرب معه الشياطين وسماع القرآن السماع الرحماني وسماع الغناء والطرب السماع الشيطاني نعم.
(المتن)
(الشرح)
لأن هؤلاء نزلت في قوم من النصارى قرئ عليهم القرآن، ففاضت أعينهم بالدمع نعم وآمنوا نعم.
(المتن)
(الشرح)
هذا سماع أهل الإيمان من النبيين وأتباعهم سماع القرآن تقشعر جلودهم وتلين قلوبهم وتدمع أعينهم وهم المؤمنون الكمل قال: أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم هذا السماع المحدث المبتدع سماع الطرب والغناء سماع بالكف أو بالدف أو بالقضيب والمزمار هذا سماع أهل البدع سماع الصوفية وتحضره الشياطين والصحابة بعيدون عن هذا كل البعد والتابعون، ولا يعدون هذا من القرب والطاعات، بل يعدونه من البدع المذمومة، حتى قال الشافعي الإمام الشافعي: : خلفت ببغداد شيئاً أحدثه الزنادقة يسمونه التغبير، يصدون به الناس عن القرآن. وهو سماع الغناء والموسيقا والمزامير، أولياء الله يعلمون أن الشيطان له نصيب وافر من هذا نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم أولياء الله يعلمون أن للشيطان نصيباً وافرا للمغنين وأهل البدع ولهذا البعض تاب بعض الصالحين كان من الصوفية ومن المغنين ثم تاب فتاب الله عليه ومن كان بعيد المعرفة وبعيد الولاية لله يكون الشيطان في نصيبه أكثر.
يقول المؤلف أن الغناء مثل الخمر بل أشد، كما أن الخمر يؤثر في القلوب ويسكر كذلك المغنيين يؤثر الغناء يؤثر في النفوس أعظم من تأثير الخمر وإذا قوي سكره يسكر المغني يعني سماع الغناء يسكر كما يسكر شارب الخمر وإذا قويت سكرة أهله جاءت الشياطين نزلت عليهم الشياطين تحمل بعضهم تتكلم على لسان بعضهم تحمله في الهواء تطرب تتسلط عليه مادام في مجلس الغناء وقد يحصل بينهم عداوة بين شياطين هؤلاء وشياطين هؤلاء مثل شراب الخمر، يحصل بينهم عداوة تكون الشياطين لبعضهم أقوى شيطان فيقتلونه، الشيطان تتنازع عليه الشياطين هذا الشيطان فيكون شياطين هؤلاء أقوى من شياطين هؤلاء فيقتلونه فيقولون بعضهم هذا كرامة المقتول كرامة شهيد شهيد الغناء فيقول وهذا فيظن الجهال أن هذا من كرامة الله وإنما هذا مبعد عن الله وهو من الأحوال الشيطانية، قتل المسلم لايجوز إلا بسبب شرعي، فكيف يكون قتل المعصوم كرامة؟إذا قتل من سكر بسبب الغناء قالوا هذا كرامة وهذا من جهلهم وضلالهم قتل المسلم لا يجوز إلا بما أحله الله كرامة أهم كرامة أعظم كرامة لزوم الاستقامة فإذا وفق الله العبد الاستقامة على طاعة الله هذا أعظم كرامة ما أكرم الله عبداً مثل أن يعينه على ما يحبه ويرضاه ويزيده بما يقربه إلى الله ويرفع درجته الإيمان والعمل الصالح وتوبة نصوح، نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وذلك أن الخوارق منها ما هو من جنس العلم كالمكاشفات، ومنها ما من جنس القدرة والملك كالتصرفات الخارقة للعادات، ومنها ما هو من جنس الغنى من جنس ما يعطاه الإنسان في الظاهر، من العلم والسلطان والمال والغنى.
وجميع ما يؤتيه الله لعبده من هذه الأمور وغيرها، إن استعان به على ما يحبه الله ويرضاه ويقربه إليه ويرفع درجته ويأمره الله به ورسوله، ازداد بذلك رفعة وقرباً إلى الله ورسوله وعلت درجته، وإن استعان به على ما نهى الله عنه ورسوله، كالشرك والظلم والفواحش، استحق بذلك الذم والعقاب، فإن لم يتداركه الله تعالى بتوبة أو حسنات ماحية، وإلا كان كأمثاله من المذنبين ولهذا.
(الشرح)
نعم الخوارق أنواع منها ما يكون من جنس العلم كالمكاشفات كأن يكشف له ما لم يكشف لغيره مثل ما كشف لعمر وعن جيشه فسمع مثلما كشف لبعضهم قال كشف لعمر حتى أنه سيخرج من ذريته من يكون عادلاً فكان عمر بن عبدالعزيز، أن يكشف له ما لم يكشف لغيره كأن يرى ما لم يره غيره هذا يسمى كشف هذا أو يرى ما حدث في مكان بعيد هذا من باب الكشف وقد يكون من باب التأثير من باب القدرة في التصرف كأكل خالد السم فلم يضره هذا من باب التأثير، من باب القدرة والتأثير وقد يكون من جنس الغنى مثل ما يعطاه الناس من العلم والسلطان والمال والجاه هذا من جنس الغنى.
هذه أنواع خوارق قد يكون من جهة الكشف من جهة التأثير من جهة الغنى وهذه الخوارق التي يعطيها الله لبعض الناس إن استعان بها على طاعة الله نفعته وإذا استعان بها على معصية الله ضرته مثل المال والجاه والسلطان يعطي الله الإنسان المال، إن كسبه من وجوه مشروعة وأنفقه في المشاريع الخيرية نفعه، وإن كسبه من الشبهة من حرام أو مشتبه ولم يؤد حق الله فيه أو أنفقه في المعاصي ضره.
وكذلك السلطان والأمير إن استعمل سلطانه أو أميره في طاعة الله وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي إلزام الناس في طاعة الله نفعه، وإن استعمله في الصد عن سبيل الله وفي نشر الباطل كان هذا السلطان وهذه الإمارة وبال عليه نعم فهذا الذي يفعل ما نهى الله عنه إن لم يتداركه الله بتوبة أو حسنات ماحية وإلا صار مذنباً متعرضاً لغضب الله وسخطه نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
فقد يسلب التطوعات والنوافل التي كان يفعلها فينتقل من الولاية الخاصة إلى الولاية العامة يكون ولياً لله خاص يكون من الولاية العامة مثل سائر الناس وأحياناً ينزل إلى درجة الفساق بعدما كان صالحا صار فاسقا وتارة يرتد عن الإسلام والعياذ بالله، تارة يكون من أولياء الله من المؤمنين فإذا ترك معصية الله إلى البدع صار مبتدعاً ثم نزل إلى درجة الفساق وقد يرتد عن الإسلام.
يقول المؤلف هذا يكثر عنده الخوارق الشيطانية لأن بعضهم يرتد عن الإسلام والعياذ بالله وبعضهم لا يظن أنها من الشياطين بل يظنها كرامات، بعضهم يظن أن الله إذا أعطى عبداً خرق العادة لم يحاسبه ويظن أن الله إذا أعطى عبداً ملكاً وتصرفاً ومالاً فإن الله لا يحاسبه عليه.
ومنهم من يستعين بالأمور بالخوارق على أمور مباحة ليس فيها أمر ولا نهي فهذا يكون من عموم الأولياء وهم المقتصدون يعني الأولياء كما هو معروف ثلاثة أقسام السابقون المقربون الذين يفعلون الواجبات والمستحبات والنوافل ويتركون المحرمات والمكروهات وفضول المباحات وأما المقتصدون الذين يقتصد على أداء الواجبات وترك المحرمات فقط وأما الظالمون لأنفسهم الذين وحدوا الله وأخلصوا له العبادة لكن قصروا في بعض الواجبات وفعلوا بعض المحرمات.
فهذا الذي يأتي الخوارق بعضهم يستعين بها على طاعة الله وعلى النوافل فيكون من السابقين المقربين وبعضهم لا يستعملها إلا في أمور مباحة فيكون من المقتصدين، المقتصدون أدوا الواجبات وتركوا المحرمات أما السابقون المقربون أعلى من هؤلاء، السابقون المقربون أعلى من المقتصدين الذين لم يؤدوا النوافل وكما أن العبد الرسول أعلى من النبي الملك العبد الرسول أعلى فمحمد ﷺ عبد رسول وموسى وعيسى عبد رسول وسليمان ملك نبي وداوود ملك نبي، أيهما أفضل الملك النبي أو الرسول العبد؟ الرسول العبد أفضل أفضل إذا كان عبداً رسولاً هذا أفضل من كونه نبياً ملكاً فموسى وعيسى وإبراهيم أفضل من سليمان وداود لأن سليمان وداود أعطاهم الله الملك والنبوة نعم.
(المتن)
(الشرح)
نعم هذه كلها خوارق من خوارق العادات وقد تكون الخارق هذا يحصل على الإنسان ينقص به إيمانه ويضعف به إيمانه ولهذا يقول بعض الصالحين يتوب يتوب من مثل ذلك ويستغفر الله كما يتوب من الذنوب كالزنا والسرقة، تعرض الخوارق على بعضهم فيسأل الله زوالها وقد تكون هذه الخوارق هي هم الإنسان ويتبجح بها ويظن أنها كرامات وهي في الحقيقة من الشياطين تغويهم.
المؤلف يقول يعرف أناساً يخاطبه النبات بما فيها من المنافع، النبات يتكلم أحد في النبات يقول أنا شجرة شجرة كذا زيتون في كذا وكذا وكذا من المنافع الشيطان دخل فيها ويكلمه فيظن النبات أن هذه كرامة ومنهم من يخاطبه الحجر والشجر يقول هنيئاً لك يا ولي الله فإذا قرأت الكرسي ذهب ذلك ومنهم من يقصد صيد الطيور فتخاطبه العصافير وتقول خذني حتى يأكل الفقراء ويكون الشيطان دخل فيها كما يدخل في الإنس ويخاطبه هكذا شيخ الإسلام رأى هذا وشاهد شيئاً من ذلك فلا يستغرب نعم
(المتن)
(الشرح)
نعم هذا كله هذا من الخوارق الشيطانية هذا يرى في البيت مغلق ويرى نفسه خارج البيت تحمله الشياطين وهو لا يشعر والشياطين تتصور بصور متعددة يقول المؤلف إذا قرأ الكرسي مرة بعد مرة ذهب عنه ذلك فإذا حصل للإنسان يعني شيء من ذلك عليه أن يقرأ آية الكرسي، ذكر واحد يقول أنه كان له أب وتوفي ودفنه وهو يقود السيارة يقول فإذا قاد السيارة رأى أمامه صورة، صورة أبيه يضحك وهو دفن أباه، هذا الشيطان يتصور بصورته وإذا قرأ آية الكرسي أو سمى بالله أو استعاذ بالله تزول هذه الصورة نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
تحمله يعني الشياطين نعم.
(المتن)
أحسن الله إليكم.
(الشرح)
نعم كل هذا من مكر تصرف الشياطين المؤلف يقول أنا أعرف بعضهم أنه يأتيه الشيطان يقول أنا من أمر الله ويقول أنت المهدي وهذا حصل في عدد ذكر الحاضرون كثير حصل في أجزاء متعددة في العصر في سنة كذا خرج رجل ادعى أنه المهدي في سنة كذا خرج وادعى المهدي كثير الذين ادعوا المهدي وسيظهر البعض له الخوارق مثل أن يخطر بقلبه تصرف الطير والجراد فإذا خطر بقلبه ذلك رأى الجراد يميناً وشمالاً أمامه يقول تتصوره الشياطين إذا خطر بقلبه قيام بعض المواشي حصل له ما أراد من أي حركة، الشياطين تتصور وتأتيه الشياطين بأشخاص بصورة جميلة وتقول له هذه الملائكة (1:07:37 جزء من الصوت منقطع) وهو أفضل الملائكة الذين حملوا العرش قالوا: أرادوا زيارتك ورآهم في صورة المردان فيقول لنفسه كيف الملائكة بصورة المردان! فإذا رفع رأسه وجد لهم لحى كلها صور تتشكل الشياطين تتشكل مرة بصورة المردان ومرة بصورة اللحى ويظن أنهم الملائكة جاؤوا يزورونه وكذلك قد يقول بعضهم أنت المهدي، والعلامة أنك المهدي أنه ينبت في جسدك شامة فتنبت ويراها في الحال ويكون هذا من مكر الشياطين وتصور له أن في جسده شامة حتى يعتقد أنه المهدي نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم المؤلف يقول هذا باب واسع فالله تعالى قال: فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ. يعني ليس إكرام الله ليس إعطاء الله الإنسان للمال أو الجاه والسلطان يدل على كرامته ولا على ولا كذلك أيضاً كونه لا يعطى شيئاً يدل على إهانته بل المال يعطيه الله للفقير والغني والجاه يعطيه الله للفقير والغني العبرة بالاستقامة على طاعة الله.
وأما الغنى والمال والجاه والسلطان إذا استعمله الإنسان في طاعة الله كان كان ذلك خيراً وإن استعمله في معصية الله كان ذلك شراً ولهذا صاحب المال الذي ينفق ماله في سبل خفية مغبوط.
وكذلك العالم الذي ينشره علمه مغبوط قال عليه الصلاة والسلام: لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسلطه عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْماً -أو حكمة- فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا ولهذا الله تعالى ماذا قال؟ : كَلَّا. فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ يعني ضيق عليه فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلَّا. ليس الإكرام ليس توسع المال أو في الرزق دليل على الإكرام ولا التضييق دليل على الإهانة، وإنما هذا ابتلاء وامتحان فالله تعالى قد يعطي هذا المال وقد يحمي بعض أوليائه من المال لئلا تنقص بذلك درجته نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وأيضا فكرامات أولياء الله لا بد أن يكون سببها الإيمان والتقوى، فما كان سببه الكفر والفسوق والعصيان فهو من خوارق أعداء الله لا من كرامات أولياء الله، فمن كانت خوارقه لا تحصل بالصلاة والقراءة والذكر وقيام الليل والدعاء، وإنما تحصل عند الشرك، مثل دعاء الميت أو الغائب، أو بالفسق والعصيان وأكل المحرمات، كالخبائث مثل الحيات والزنابير والخنافس والدم وغيره من النجاسات، ومثل الغناء والرقص، لاسيما مع النسوة الأجانب والمردان، وحاله وخوارقه تنقص عند سماع القرآن وتقوى عند سماع مزامير الشيطان، فيرقص ليلاً طويلاً وإذا جاءت الصلاة صلى قاعداً أو ينقر نقر الديك، وهو يبغض سماع القرآن وينفر عنه أو يتكلفه، ليس له فيه محبة ولا ذوق ولا لذة عند وجده، ويحب سماع المكاء والتصدية، ويجد عنده مواجيد، فهذه أحوال شيطانية، وهو ممن يتناوله قوله تعالى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ.
فالقرآن هو ذكر الرحمن قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى يعني تركت العمل بها.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: تكفل الله لمن قرأ كتابه وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم قرأ هذه الآية.
(الشرح)
نعم كرامة الأولياء كما ذكر سببها التقوى والإيمان والعمل الصالح، أما ماكان سببه الكفر والفسوق والعصيان فهذا من خوارق أعداء الله لا من كرامات الله فإذا رأيت الخوارق تجري على يد مؤمن بالله تقي هذه كرامة، وإذا رأيت الكرامة تجري على رجل كافر أو فاسق فاعلم أن هذه حالة شيطانية.
ولذلك قال المؤلف من كانت خوارقه لا تحصل بالذكر والصلاة وقراءة القرآن وإنما تحصل بالشرك مثل دعاء الميت أو الغائب أو الفسوق والعصيان أو أكل المحرمات مثل الحيات والزنابير والخنافس مثل بعض الناس يأكلونها والدم وكذلك مثل الغناء والرقص لاسيما مع الأجانب مثل الأجانب والمردان كل هذا تنقص عند سماع القرآن وتقوى عند سماع مزامير الشيطان يقول تجد بعض المغنيين يرقصوا ليلاً طويلاً كل الليل يرقص طرق فإذا جاءت الصلاة صلى جالس قالوا: لم تصلي جالس؟ قال: تعبان، تعبان وهو كل الليل يرقص نسأل الله العافية، هكذا الشيطان يشجعه فيقوى ويثقل الصلاة عليه حتى يصلي جالساً ولا يصح الصلاة جالساً بحالته، لأنه قادر تجد هذا المغني يبغض سماع القرآن وينفر منه وليس له فيه محبة ولا لذة ويحب سماع المكاء والتصدية والصفير والتصفيق والمواجيد، مواجيد الصوفية يحبها هذه أحوال شيطانية هذه أحوال شيطانية وهو داخل بقوله تعالى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ القرآن هو ذكر الله، قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا.
قال ابن عباس على هذه الآية: تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ، ثم قرأ هذه الآية، نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
فصل
ومما يجب أن يعلم أن الله بعث محمداً ﷺ رسولاً إلى جميع الإنس والجن، فلم يبق إنسي ولا جني إلا ويجب عليه الإيمان بمحمد ﷺ واتباعه، فعليه أن يصدقه فيما أخبر ويطيعه فيما أمر، ومن قامت عليه الحجة برسالته فلم يؤمن به فهو كافر، سواء كان إنسياً أو جنياً.
فمحمد ﷺ مبعوث إلى الثقلين باتفاق المسلمين.
وقد استمعت الجن القرآن وولوا إلى قومهم منذرين لما كان النبي ﷺ يصلي بأصحابه ببطن نخلة لما رجع من الطائف، وأخبره الله بذلك في القرآن بقوله: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ.
وأنزل الله بعد ذلك: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا أي السفيه منا في أظهر أقوال العلماء.
وقال غير واحد من السلف: كان الرجل من الإنس إذا نزل بالوادي قال : أعوذ بعظيم هذا الوادي من شر سفهاء قومه، فلما استعاذت الإنس بالجن ازدادت الجن طغياناً وكفراً، كما قال تعالى: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا.
(الشرح)
نعم هذا فصل فيه بيان ووجوب اتباع الإمام برسالة النبي واتباعه على جميع الثقلين الجن والإنس لأن رسالة النبي ﷺ عامة للثقلين الجن والإنس فيجب على كل واحد كل إنسان ذكرا أو أنثى عربي أو أعجمي بعد بعثة النبي ﷺ أن يؤمن به ويعمل بشريعته ومن لم يؤمن به ولم يعمل بشريعته فهو كافر بإجماع المسلمين، رسالة الرسول ﷺ عامة بخلاف الأنبياء السابقين رسالتهم خاصة، موسى خاصة ببني إسرائيل وكذلك جميع الأنبياء صالح وصل إلى ثمود وشعيب إلى مدين وهود إلى عاد أما محمد ﷺ رسالته عامة يقول الله تعالى: قل أُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ من بلغ القرآن أقامت عليه الحجة قال تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا عامة، وقال تعالى: وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وقال عليه الصلاة والسلام: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ عام رسالته عامة.
فيجب على جميع الثقلين الإيمان بمحمد ﷺ والدخول في شريعته هذا واجب على كل أحد يجب على الإنسي والجني الإيمان بمحمد ﷺ واتباعه وعليه أن يصدقه في أخباره ويطيعه في أوامره ومن قامت عليه الحجة برسالة النبي ﷺ وبلغته رسالته ﷺ ولم يؤمن فهو كافر، سواء كان إنسياً أو جنياً بعموم الحديث : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ لأن عليه الصلاة والسلام مبعوث إلى الثقلين باتفاق المسلمين.
والجن استمعوا لقراءة النبي ﷺ ثم ولوا إلى قومهم مدبرين انظروا الجن، جاؤوا استمعوا جلسة واحدة اجتمعوا صاروا دعاة أقاموا دعاة وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ انظر دعوة الجن وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ هكذا المؤمن فالنبي ﷺ كان يصلي بأصحابه ببطن نخل لما رجع من الطائف أخبره الله بذلك وأنزل هذه الآيات وأنزل الله: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا إلى آخر الآيات وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا يعني السفيه منا.
قال وقال واحد من السلف: كان الإنس في الجاهلية إذا نزلت بالوادي قالوا نعوذ بعظيم هذا الوادي أو بسيد هذا من سفهاء قومه فلما استعاذت الإنس بالجن ازدادت الجن تكبراً وطغياناً وزادوا الإنس ذعراً وخوفاً كما قال تعالى: وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا والسماء ملئت بالحرس ورميت الشياطين بالشهب بعدما بعث النبي ﷺ نعم كانت الشياطين.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم وهكذا كانت الشياطين ترمى بالشهب قبل نزول القرآن وكانوا يسترقون السمع قبل أن يصلهم الشهاب ويلقونه في أذن الكهان فلما بعث النبي ﷺ ملئت السماء حرساً شديداً وشهباً فصارت الشهب معدة مرصدة للشياطين تحرقهم كما أخبر الله عن الجن قال: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يعني بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا قال تعالى: وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وقالوا: وأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا. يعني مذاهب شتى كما سبق فيهم الجن المسلم والمشرك واليهودي والنصراني والسني والبدعي ومن قالوا قال وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ يعني يخبرون أنهم لا يعجزون الله لا إن أقاموا في الأرض ولا إن هربوا منها وقالوا: وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ثم قالوا: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ نعم وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ.
(المتن)
قال رحمه الله:
وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ أي الظالمون، يقال: أقسط: إذا عدل، وقسط: إذا جار، فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا، ثم لما سمعت الجن القرآن أتوا إلى النبي ﷺ وآمنوا به، وهم من جن نصيبين.
كما ثبت ذلك في الصحيح من حديث ابن مسعود ، وروي أنه قرأ عليهم سورة الرحمن وكان إذا قال فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ قالوا : ولا بشيء من آلاء ربنا نكذب، فلك الحمد.
(الشرح)
المؤلف ساق آيات سورة الجن وأن منا المسلمون ومنا القاسطون، الجن يقول منا المسلمون ومنا القاسطون، القاسط الجائر الظالم وأما المقسط فهو العادل الثلاثي القاسط من قسط، قسط أجار وظلم، وأقسط عدل، عدل وبر، إذا زدت الهمزة صار عدل أقسط عدل، وإذا حذفت الهمزة جار من الثلاثي قسط يعني جار وظلم ومن الرباعي أقسط يقسط المقسطون عليهم علامة من نور أي عدل، ويقولوا: مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ يعني الظالمون فالمسلم يقول يتحرى الرشد والقاسط هو لجهنم حطباً، قال الله تبارك وتعالى: وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ.
ثم ذكر الآيات وأن فيها المساجد لله وأنه لا يدعى مع الله أحد وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا وأن الله أمر الرسول قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا وأنه لا يملك لهم ضراً وأنهم لا يجيرهم من الله أحد وأن من عصى الله ورسوله فله نار جهنم.
قال لما سمعت الجن القرآن أتوا إلى النبي ﷺ وسمعوا له وكلموه كما ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ قرأ عليهم سورة الرحمن على الجن فقالوا فكانوا في سورة الرحمن فيها فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وقرأها على الإنس، الإنس سكتوا، والجن كلما قرأها عليهم هذه الآية قالوا: ولا بشيء من نعمك نكذب ربنا فلك الحمد، فقال النبي ﷺ للإنس: الجَنُّ أَحسَنُ رَدّاً مِنكُم؛ مَا قَرَأتُ عَليهِم هذهِ الآيةِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ إلَّا قَالُوا لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الحَمْدُ فآمنوا بالنبي ﷺ وصدقوه وولوا إلى قومهم منذرين نعم ولما اجتمعوا.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وَلَمَّا اجْتَمَعُوا بِالنَّبِيِّ ﷺ سَأَلُوهُ الزَّادَ لَهُمْ وَلِدَوَابِّهِمْ فَقَالَ: لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ تَجِدُونَهُ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفًا لِدَوَابِّكُمْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا؛ فَإِنَّهُمَا زَادٌ لِإِخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ.
وَهَذَا النَّهْيُ ثَابِتٌ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَبِذَلِكَ احْتَجَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِذَلِكَ وَقَالُوا فَإِذَا مُنِعَ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِمَا لِلْجِنِّ وَلِدَوَابِّهِمْ فَمَا أُعِدَّ لِلْإِنْسِ وَلِدَوَابِّهِمْ مِنْ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ أَوْلَى وَأَحْرَى.
وَمُحَمَّدٌ ﷺ أُرْسِلَ إلَى جَمِيعِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَهَذَا أَعْظَمُ قَدْرًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ كَوْنِ الْجِنِّ سُخِّرُوا لِسُلَيْمَانَ فَإِنَّهُمْ سُخِّرُوا لَهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ وَمُحَمَّدٌ ﷺ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ يَأْمُرُهُمْ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ لِأَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَمَنْزِلَةُ الْعَبْدِ الرَّسُولِ فَوْقَ مَنْزِلَةِ النَّبِيِّ الْمَلِكِ.
وَكُفَّارُ الْجِنِّ يَدْخُلُونَ النَّارَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا مُؤْمِنُوهُمْ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الرُّسُلَ مِنْ الْإِنْسِ وَلَمْ يُبْعَثْ مِنْ الْجِنِّ رَسُولٌ. لَكِنْ مِنْهُمْ النَّذْرُ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ لِبَسْطِهَا مَوْضِعٌ آخَرُ.
(الشرح)
نعم وهو يدل على أن الجن أيضاً آمنوا بالنبي ﷺ وأن النبي بعث إليهم سألوه الزاد ولدوابهم فقال: لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ تَجِدُونَهُ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا يعني العظم إذا أُكل وكان ذكر اسم الله عليه يعود لحمه ويكون للجن والبعرة علف لدوابهم ولهذا نهي عن الاستنجاء بهما لأن فيه إفساد لا يستنجى بالعظم والروث لأن فيهم قال: فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا؛ فَإِنَّهُمَا زَادٌ لِإِخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ. يكون فيها إفساد قال النبي ﷺ.
قال المؤلف هذا النهي ثابت من وجوه متعددة، احتج العلماء على النهي عن الاستنجاء بذلك وأن لا يستنجى بالعظم الروث، لأنه معد للجن، فالذي يعد للإنس أعظم وأعظم، طعام أشد وأشد، الطعام والخبز للإنس أشد وأشد، إذا كان منهي عن العظم والروث لأنه يكون طعام للجن ولدوابهم فطعام الإنس أشد، لا يجوز.
ومحمد رسول الله ﷺ أرسل إلى جميع الثقلين الإنس والجن يقولون فهذا أعظم قدراً من كون الجن سخروا لسليمان، الجن سخروا لسليمان ولداوود مثلاً لأنه أوتي النبوة والملك فسليمان يتسخر فيه يتصرف فيهم بحكم الملك ومحمد ﷺ أرسل إليهم يأمرهم بما أمر الله به يأمرهم بالعمل بشريعته لأنه العبد الرسول، وسليمان وداوود عبد ملك نبي ملك، ومحمد وموسى وعيسى أنبياء رسل، والنبي العبد الرسول أفضل من النبي الملك.
وكفار الجن يقول المؤلف يدخلون النار بالإجماع، بالإجماع يدخلون النار وأما مؤمنهم فأكثر العلماء على أنهم يدخلون الجنة، وجمهور العلماء على أن الرسل من الإنس، ولم يبعث من الجن رسول، لكن فيهم نذر وكذلك من النساء، لم يبعث من النساء نبي وشذ ابن حزم فقال قال إن النساء فيهم أنبياء وقال أن مريم نبية وآسيا امرأة فرعون نبية، مريم بنت عمران نبية لأنها خاطبت الملائكة وهذا وهذا ليس بصحيح، خطاب الملائكة لا يدل على نبوتها وإنما صِدِّيقَةٌ كما قال الله صِدِّيقَةٌ، وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
والمقصود هنا أن الجن مع الإنس على أحوال : فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به ورسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه، ويأمر الإنس بذلك، فهذا من أفضل أولياء الله تعالى، وهو في ذلك من خلفاء الرسل ﷺ ونوابه من خلفاء الرسول ﷺ ونوابه ومن كان يستعمل الجن في أمور مباحة له فهو كمن استعمل الإنس في أمور مباحة له، وهذا إذا كان يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حُرم عليهم، ويستعملهم في مباحات له، فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك، وهذا إذا قدر أنه من أولياء الله تعالى، فغايته أن يكون في عموم أولياء الله تعالى، مثل النبي الملك مع العبد الرسول، كسليمان ويوسف مع إبراهيم وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ومن كان يستعمل.
(الشرح)
المؤلف يقول إن الجن الآن مع الإنس لهم أحوال فالذي يأمر الجن بطاعة الله ورسوله يأمرهم بعبادة الله وطاعة نبيه، ويأمر الإنس بذلك هذا أفضل أولياء الله هذا من الدعاة إلى الله دعاة إلى الله، يدعو إلى الله يدعو الإنس ويدعو الجن يدعوهم إلى عبادة الله وتوحيده وطاعته وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهناك من يدعوهم إلى ما يجب عليهم فقط، يقول أدوا الصلاة ولكن ما يأمرهم بالنوافل ويستعملهم في أمور مباحة، يكون هذا من المقتصدين، والأول يكون من السابقين المقربين، فالذي يأمر الجن بطاعة الله ويأمرهم بأداء الفرائض ويأمرهم بالنوافل ويأمرهم بعبادة الله هذا من السابقين المقربين، والذي يستعمل الجن في أمور مباحة ويأمرهم بالواجبات فقط وينهاهم عن المحرمات ولا يأمرهم بالنوافل هذا يكون من المقتصدين، نعم فإذا كان من أولياء الله كان كان غايته أن يكون من المقتصدين يكون من عموم أولياء الله ما تشبه المؤلف هذا بالملك النبي وبالعبد الرسول، الملك النبي هذا أقل من العبد الرسول، العبد الرسول أعلى مثل سليمان ويوسف، سليمان ويوسف وداود هؤلاء أنبياء، هؤلاء أنبياء وملوك، وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد هؤلاء رسل، عبيد لله ورسل، فهم أفضل أفضل من سليمان ويوسف وداود نعم، لأنهم أوتو النبوة والملك وهؤلاء كل منهم عبد رسول والعبد الرسول أفضل من النبي الملك نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم هذا الذي يستعمل الجن في المعاصي هذا قسم ثالث.
القسم الأول يأمر الجن بطاعة الله تعالى يأمرهم بالواجبات والمستحبات هذا من السابقين المقربين.
والثاني يأمرهم بالواجبات وترك المحرمات ويستعملهم في المباحات هذا من المقتصدين.
والقسم الثالث يستعملهم في المعاصي يستعمل الجن في المعاصي كالسحرة وغيرهم، فهذا أو يستعملهم في قتل قتل معصوم يطلب من الجن أن يقتلوا شخصاً أو يسحروه أو يلطموه أو يصرعوه هذا يستعملهم في المعاصي، هذا يكون عاصي هذا عاص معتد فاسق فهذا الإنسي فاسق وقد يكون كافر إذا استعان بهم على الكفر صار كافراً، وإن استعان بهم على المعاصي فهو عاصي، وإن استعان بهم على الفسق فهو فاسق.
فهذه الأحوال الثلاثة أحوال:
من أمرهم بطاعة الله في الواجبات والمستحبات هذا من السابقين المقربين.
من أمرهم بالواجبات وترك المحرمات ويستعملهم في المباحات هذا من المقتصدين.
من استعملهم في في معصية الله فهذا من العاصين، من استعملهم في الكفر استعان بهم على الكفر فهو كافر، من استعملهم في استعان بهم على الفسق فهو فاسق، استعملهم في المعاصي فهو عاصي، فتكون ثلاثة أحوال نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
هذا مغرور، هذا المغرور مكروا به يظن أن هذه كرامات يستعين بهم يطيرون به يطيرون به إلى الحج أو يطيرون حتى يسمع السماع البدعي، ويحملونه إلى عرفات وإلى الحج هذا مكر به الجن وهو مغرور نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
وكثير من هؤلاء قد لا يعرف أن ذلك من الجن، بل قد سمع أن أولياء الله كرامات خوارق للعادات، وليس عنده من حقائق الإيمان ومعرفة القرآن ما يفرق به بين الكرامات الرحمانية وبين التلبيسات الشيطانية، فيمكرون به بحسب اعتقاده، فإن كان مشركاً يعبد الكواكب أو الأوثان، أوهموه أنه ينتفع بتلك العبادة، ويكون قصده الاستشفاع والتوسل بمن صور ذلك الصنم على صورته من ملك أو نبي أو شيخ صالح، فيظن أنه يعبد ذلك النبي أو الصالح، وتكون عبادته في الحقيقة للشيطان، قال الله تعالى: ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ.
ولهذا لما كان الذين يسجدون للشمس والقمر والكواكب يقصدون السجود لها، فيقارنها الشيطان عند سجودهم ليكون سجودهم له، ولهذا يتمثل الشيطان بصورة من يستغيث به المشركون، فإن كان نصرانياً و قع استغاث وقد استغاث بجرجس أو غيره، جاء الشيطان في صورة جرجس أو من يستغيث به، وإن كان منتسباً إلى الإسلام وقد استغاث بشيخ يحسن الظن به من شيوخ المسلمين، جاء في صورة ذلك الشيخ، وإن كان من مشركي الهند جاء في صورة من يعظمه ذلك المشرك.
(الشرح)
هكذا الشياطين الشياطين لها تصرفات وبعض الناس لا يعرف أن هؤلاء من الشياطين، سمع أن لأولياء الله كرامات وخوارق للعادات وليس عنده من حقائق الإيمان ومعرفة القرآن ما يفرق بين الكرامة وبين التلبيسات الشيطانية، فيمكر به الشياطين بحسب اعتقاده إذا كان مشرك يعبد الكواكب والأوثان أوهموه أن هذه العبادة تنفعه، فيتوسل بذلك وفي الصورة التي يتصورها على صورة ذلك الصنم قد تكون صورة على صورة ملك أو نبي أو شيخ فيظن أنه يعبد ذلك النبي أو الصالح تكون عبادته في الحقيقة للشيطان.
ولهذا كان المشركون يسجدون للشمس والقمر عند طلوعها وعند غروبها والشيطان يأتي فيضع رأسه عند الشمس ناحية قرنه فحتى يكون السجود له، ولهذا في الحديث الشَّمسِ تغربُ بينَ قرني شيطانٍ وتُشْرِقَ بينَ قرني شيطانٍ تغرب في مكانها لكن الشيطان يأتي عند شروقها ويضع رأسه ناحية رأسه حتى يكون السجود له، لأن الناس المشركون يسجدون للشمس عند الغروب وعند الشروق، فيأتي الشيطان ويضع رأسه من ناحيته، ناحية رأسه قرني رأسه حتى يكون سجود المشركين له، ولهذا في الحديث الشَّمسِ تغربُ بينَ قرني شيطانٍ وتُشْرِقَ بينَ قرني شيطانٍ .
فهم فهم يقارنون الشيطان عند سجودهم ليكون سجودهم لها ولهذا تتمثل الشياطين بصورة بني إسرائيل عند المشرك، إن كان نصراني يستغيث بجرجس هذا النصراني جاءه الشيطان في صورة جرجس، إذا كان منتسب للإسلام واستغاث بشيخ عبد القادر الجيلاني جاء في صورة عبدالقادر في صورة ابن علوان جاء في صورة ابن علوان حتى يشجع على الشرك، إذا كان من مشركي الهند جاء في صورة من يعظمه وهكذا والشياطين تتسلط وتتصور وتغري والمشركين وتشجعهم على الشرك ليستمروا على الشرك وعبادة غير الله نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
ثم إن الشيخ المستغاث به إن كان ممن له خبرة بالشريعة لم يعرفه الشيطان أنه تمثل لأصحابه المستغيثين به، وإن كان الشيخ ممن لا خبرة له أخبره بأقوالهم ونقل أقوالهم له، فيظن أولئك أن الشيخ سمع أصواتهم من البعد وأجابهم، وإنما هو بتوسط الشيطان.
ولقد أخبر بعض الشيوخ الذين كان قد جرى لهم مثل هذا بصورة مكاشفة ومخاطبة فقال: يريني الجن شيئاً براقاً مثل الماء والزجاج، ويمثلون له فيها ما يطلب منهم الإخبار به، قال: فأخبر الناس به، ويوصلون إلي كلام من استغاث بي من أصحابي فأجيبه، فيوصلون جوابي إليه، وكان كثير من.
(الشرح)
هكذا الشياطين هكذا الشياطين الشيخ المستغاث به إذا كان له خبرة بالشريعة لم يعرفه الشيطان أنه يتمثل لأصحابه من المسلمين وإن كان ممن له خبرة أخبره بأقوالهم ونقل أقوالهم فيظن أن هذا الشيخ سمع أصواتهم من البعد وأجابهم، وإنما هو بواسطة الشيطان، بعض الشيوخ جرى له مثل هذا مكاشفة ومخاطبة فقال: يريني الجن شيئاً براقاً مثل الماء والزجاج، فأخبر الناس به فإذا وصلوني إلى كلام من استغاث به من أصحابه نعم.
(المتن)
قال رحمه الله تعالى:
(الشرح)
نعم هذا حجر الطلق يقول حجر براق يتحلل إذا دق إلى طاقات صغار دقاق ويحمل منه إلى الحمامات فيقوم مقام الزجاج مثل البلاط الآن الرخام مثله مثل الرخام الآن، حجر الطلق وقشور كذلك النارنج نوع من الأدوية وكذلك دهن الضفادع وهذه كلها من الحيل كلها من الحيل الشيطانية التي تلبس بها الشيطان على الناس يتعجب هؤلاء ويقولون: والله نحن لا نعرف شيئاً من هذه من هذه الحيل، نعم.
(المتن)
فلما ذكر لهم الخبير: إنكم صادقون في ذلك، ولكن هذه أحوال شيطانية، أقروا بذلك وتاب منهم من تاب الله عليه لما تبين لهم الحق، وتبين لهم من وجوه كثيرة أنها من الشيطان ورأوا أنها من الشياطين، لما رأوا أنها تحصل بمثل البدع المذمومة في الشرع وعند المعاصي لله وللرسول، ولا تحصل عند ما يحبه الله ورسوله من العبادات الشرعية، فعلموا حينئذ أنها من مخارق الشيطان لأوليائه ، لا من كرامات الرحمن لأوليائه.
والله سبحانه تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وصلى الله وسلم على محمد سيد رسله وأنبيائه وعلى آله وصحبه وأنصاره وأشياعه وخلفائه صلاة وسلاماً نستوجب بها شفاعته آمين.
(الشرح)
اللهم صل على سيدنا محمد.
نعم هذا يعني أحوال شيطانية لما ذكر لهم الخبير أنهم صادقون عن هذه الأحوال وأعلمهم أنها أحوال شيطانية أقروا وتاب منهم من تاب لما تبين لهم الحق، وأن هذه الوجوه وهذه التصرفات من الشيطان رأوا أنها من الشيطان، وأنها تحصل بالبدع وعند المعاصي عرفوا أنها أحوال شيطانية، لأنها لا تحصل عند ما يحبه الله ورسوله من العبادات الشرعية، علموا أن هذه من مخارق الشيطان لأعدائه لا من كرامة الرحمن، والحمد لله.
على كل حال هذا الكتاب كتاب عظيم بين فيه المؤلف رحمه الله وهو الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، من هم أولياء الرحمن؟ ومن هم أولياء الشيطان؟ أولياء الرحمن هم الرسل وأتباعهم الذين يعملون بكتاب الله وبسنة رسوله ﷺ الرسل وأتباعهم والصحابة والتابعون هؤلاء أولياء الله والأئمة وكذلك أهل السنة والجماعة الذين يعملون بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وأولياء الشيطان هم الكفرة والمبتدعة والفساق والعصاة هم من أعداء الله بحسب بعدهم عن الشريعة، والولي هو المؤمن التقي، كل مؤمن تقي فهو لله ولي، فأولياء الله هم الرسل وأتباعهم وأعداء الله هم الكفرة والفسقة والعصاة والناس يتفاوتون في الولاية ويتفاوتون في العداوة، فأعظم الناس ولاية هم الرسل عليهم الصلاة والسلام أعظم الناس ولاية هم الرسل، وأعظم الرسل ولاية لله هم أولو العزم الخمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم، وأعظم الناس ولاية لله أعظم من الرسل هم الخليلان إبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وأعظم الخليلين ولاية لله هو نبينا محمد ﷺ، هو أعظم الناس ولاية وأتقى الناس وأعبد الناس وأشجع الناس وأزهد الناس وأكمل الناس في العلم والتقوى والشجاعة ومعرفة الله كان يقوم عليه الصلاة والسلام حتى تتفطر قدماه تتشقق تقول عائشة: لم تفعل هذا؟ فقال: أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا تعبداً لله وشكراً لله وتعليماً للأمة عليه الصلاة والسلام فهو أشجع الناس وأفضل الناس وأتقى الناس وأعظم الناس ولاية لله.
ثم يليه في الولاية جده إبراهيم ثم يليه في الولاية والفضل والمنزلة موسى الكليم ثم يليهم بقية الرسل الخمسة ثم يليهم بقية الرسل ثم يليهم الأنبياء ثم يليهم الصديقون أعظم الناس ولاية لله بعد الرسل، الصديق جمع فعيل وهو الذي قوي إيمانه وتصديقه حتى أحرق الشبهات والشهوات وفي المقدمة الصديق الأكبر.
ثم يليهم الشهداء، الشهيد الذي قتل في المعركة لإعلاء كلمة الله أغلى ما يملكه هي نفسه التي بين جنبيه باعها لله، بذلها رخيصة لمحبة الله .
ثم يليه الصالحون والصالحون على درجات منهم السابقون المقربون ومنهم المقتصدون ومنهم الظالمون لأنفسهم، وأعداء الله أعظم أعداء الله هم الكفرة، الكفرة هم أعظم الناس عداوة وأعظم الناس عداوة لله الكفرة الذين يصدون عن سبيل الله ويقتلون أولياء الله ثم يليهم الكفرة أعداء الله الذي لا يصدون عن سبيل الله وهم أعداء ثم يليهم في العداوة الفساق والعصاة لهم من عداوة الله بحسب ما فيهم من الفسق والمعصية، لكن الكافر هذا عدو لله من جميع الوجوه والفاسق والعاصي الذي لا يصل إلى درجة الكفر عدو لله من جهة له من عداوة الله بحسب معاصيه، وله من ولاية الله بحسب طاعته، فهو ولي لله من وجه وعدو لله من وجه.
فالناس ثلاثة أقسام:
القسم الأول أولياء لله أولياء لله من جميع الوجوه وهم المؤمنون الرسل وأتباعهم الذين لم يقصروا بشيء من الواجبات ولم يفعلوا شيء من المحرمات.
الثاني أعداء الله من جميع الوجوه وهم الكفرة.
الثالث أعداء الله من وجه وأولياء الله من وجه وهو المؤمن العاصي فهو مؤمن فهو ولي لله بحسب ما فيه من الإيمان والطاعات، وهو عدو لله بحسب ما فيه من المعاصي وشعب الشرك والكفر.
فنسأل الله أن يجعلنا الله وإياكم من أولياء الله وأحبابه المتقين وأن يجعلنا وإياكم من أتباع الرسل الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين أدوا الواجبات وتركوا المحرمات واجتهدوا في فعل الطاعات وتركوا المكروهات والتوسع في المباحات وجاهدوا أنفسهم في العمل في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ والأسوة بنبيهم صلى الله عليهم وسلم بنبينا ﷺ والاقتداء به.
نسأل الله أن يثبتنا وإياكم على دينه القويم وأن يجعلنا وإياكم من أوليائه وحزبه المفلحين وأن يثبتنا على دينه القويم حتى الممات إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله محمد وعلى آله وصحبه والتابعين وعلى هذا نكون قد انتهينا من الكتاب فنسأل الله لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح والثبات على دينه.