( متن )
قال المؤلف الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله:
النوع الأول شرك الدعوة و الدليل قوله تعالى فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ.
النوع الثاني شرك النية و الإرادة و القصد و الدليل قوله تعالى مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.
( شرح )
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله أما بعد:
قال المؤلف رحمه الله تعالى " النوع الأول شرك الدعوة ".
سبق أن بيَّن المؤلف رحمه الله أن التوحيد ثلاث أقسام ، توحيد الربوبية و هو توحيد الرب بأفعاله هو و توحيد الألوهية و هو توحيد الله بأفعال العباد و توحيد الأسماء و الصفات.
ثم قال " اعلم أن ضد التوحيد الشرك و هو ثلاثة أنواع الشرك الأكبر و الشرك الأصغر و الشرك الخفي.
و الشرك الخفي ينقسم إلى أصغر و أكبر.
و سمي خفيا لأنه يقع خفيا في القلوب لكن ينقسم إلى قسمين أكبر و أصغر و الشرك شرك أكبر يخرج من الملة و شرك أصغر لا يخرج من الملة.
و سبق أن ذكرنا المقارنة بين الشركين الشرك الأكبر الشرك الأكبر يحبط جميع الأعمال أما الشرك الأصغر يحبط العمل الذي قارنه فقط ، الشرك الأكبر يخرج من ملة الإسلام و الشرك الأصغر لا يخرج من ملة الإسلام ، الشرك الأكبر يخلد صاحبه في النار أما الشرك الأصغر لا يخلد صاحبه في النار ، الشرك الأكبر الشرك الأكبر يحبط جميع الأعمال أما الشرك الأصغر يحبط العمل الذي قارنه فقط هذه مقارنة بين الشركين ، الشرك الأكبر لا يغفره الله هذا الرابع أما الشرك الأصغر يدخل تحت الموازنة بين الحسنات و السيئات.
المؤلف رحمه الله قال " الشرك الأكبر ذكر الأدلة على الشرك الأكبر " قال إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ هذا دليل أنه لا يغفر وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ الجنة حرام على صاحب الشرك الأكبر لأن صاحبه مخلد في النار.
ثم قال الشرك الأكبر أربعة أنواع و هذه أهم الأنواع و إلا هناك أنواع أخرى:
النوع الأول شرك الدعوة و المقصود بالدعوة الدعاء يعني دعاء غير الله شرك و شرك الدعوة معناه هو أن يدعو ميتا أو غائبا أو حيا حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله مثال يدعو الميت ، هذا الميت الذي يدعوه و لو كان نبيا و لو كان رسولا و لو كان ملكا و لو كان جنيا كأن يقول يا رسول الله اشفع لي دعا الرسول أم لا ؟ و الرسول ميت ، قال الله إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ فإذا قال يا رسول الله اشفع لي مشرك ، إذا قال يا رسول الله أغثني يا رسول الله فرج كربتي مدد يا رسول الله مشرك إذا قال مدد يا بدوي مدد يا دسوقي مدد يا ابن علوان يا عبد القادر الجيلاني مشرك دعا غير الله من دعا غير الله فهو مشرك.
و الأدلة سبق ذكرها مثل قوله تعالى وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ و قال تعالى فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ، وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ، وقال تعالى وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا.
إذا من دعا غير الله فهو مشرك إذا دعا ميت أو دعا غائب أو حي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله كأن تقول لشخص حاضر يا فلان اغفر لي ذنبي هل يستطيع أن يغفر الذنب ؟ أو قال يا فلان أدخلني الجنة هذا مشرك لكن إذا دعا حيا قادرا فيما يقدر عليه فلا يكون شركا كأن تدعو تقول يا فلان أقرضني مالا يستطيع أن يقرضك أم لا يستطيع ؟ يستطيع ، يا فلان أعني في إصلاح بيتي إصلاح مزرعتي يا فلان انصرني على العدو الذي آذاني يستطيع أو السباح غريق يستنجد بسباح قال يا فلان أنجدني من الغرق و هو يستطيع السباحة و يجيد السباحة فلا يكون شرك إذا الدعاء نوعان يكون شركا و لا يكون شركا ، متى يكون شرك إذا كان المدعو ميت أو غائب أو حي حاضر لا يقدر عليه إلا الله هنا يكون شرك متى يكون جائزا إذا كان المدعو حيا حاضرا قادرا ، حي حاضر قادر كم شرط ؟ ثلاثة شروط حي حاضر قادر أما إذا دعا ميتا يكون شركا إذا دعا غائبا يكون شركا إلا إذا كان الغائب يمكن أن يصله مثل أن أدعو غائب و لكن أبلغه عن طريق الهاتف هذا في حكم الحاضر و هو قادر.
الدليل على أن الدعاء لغير الله شرك الأدلة كثير مثل ما ذكره المؤلف رحمه الله قوله تعالى فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ.
النوع الثاني شرك النية والإرادة و القصد و هذا ينقسم إلى قسمين شرك النية و الإرادة و القصد ينقسم إلى قسمين يكون أكبر و يكون أصغر يكون أكبر شرك النية و الإرادة إذا صدر من المنافقين في أصل الإسلام ، فالمنافقون دخلوا في الإسلام رياءً دخلوا في الإسلام يراؤون الناس نيتهم لغير الله فالمنافق دخل في الإسلام و قلبه كذب منكر فهذا وقع في شرك النية دخل في الإسلام رياء و مراءآة للناس هذا شرك أكبر فهو يصلي و يصوم و يظهر الإسلام وهو مكذب في الباطن إذا يرائي في أصل الإسلام قصده غير الله قال الله تعالى عن المنافقين وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ يعني بألسنتهم وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ، بقلوبهم. و قال سبحانه إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ.
النوع الثاني شرك النية و الإرادة و القصد الشرك الأصغر و هو الذي يصدر من مسلم في صلاته أو صيامه وعبادته قال عليه الصلاة و السلام أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ و سُئِلَ عنه فقال : الرِّيَاءُ، يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ. هذا رياء شرك أصغر يصدر من مسلم ، مسلم يصلي لله لكن لما جاء بجانبه من له مكانته صار يطمئن في الصلاة و يتم الركوع أو السجود أو يحسن قراءته لأجل هذا الرجل الذي يراه فوقع في الشرك الأصغر و الشرك الأصغر قلنا أنه يُحبط العمل الذي قارنه و الشرك الأصغر إذا طرأ على الإنسان ثم دافعه كان طارئا ثم دافعه و استعاذ بالله من الشيطان فلغا يضره فإن استمر معه الرياء إذا آخر صلاته فقيل تحبط الصلاة تبطل الصلاة و قيل يجازى بنيته الأولى و عل كل حال هذا الرياء يحبط العمل الذي قارنه فقط يبطل الصلاة فلا تصح ليس له ثواب نسأل الله العافية إذا استمر معه.
و قيل يجازى بنيته الأولى فإذا شرك النية و الإرادة و القصد يكون شرك أكبر و هو الذي يصدر من المنافقين و يكون شرك أصغر و هو الذي يصدر من المؤمن في الصلاة و في غيرها.
و الدليل على هذا الشرك قوله تعالى مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. بين الله أنه يحبط الأعمال وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا حبط يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ما يريد وجه الله ليس له في الآخرة إلا النار إذا شرك النية يحبط العمل لكن إن كان في أصل الإسلام مثل المنافق فهذا شرك أكبر و إن صدر من المسلم فإنه يكون شرك أصغر .
( متن )
( شرح )
هذا النوع الثالث شرك الطاعة المراد به شرك الطاعة في التحليل و التحريم يطيعه في التحليل كأن يحل له الزنا فيعتقد حله يحل له شرب الخمر فيعتقد حله يحل له الربا فيعتقد حله .
( متن )
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.
يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في رسالته أنواع التوحيد و الشرك ":
( شرح )
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه أجمعين أما بعد:
قال المؤلف رحمه الله " النوع الرابع شرك المحبة " سبق أن المؤلف رحمه الله قسم التوحيد لثلاثة أقسام توحيد الألوهية و توحيد الربوبية و توحيد الأسماء و الصفات و قسم الشرك إلى قسمين شرك أكبر و شرك أصغر و شرك خفي و الشرك الخفي ينقسم إلى قسمين أكبر و أصغر و سمي شركا خفيا لأنه يكون في القلوب خفيا و و ينقسم إلى سمين قسم أكبر و هو الذي يقوم في قلوب المنافقين حينما يدخلون في الإسلام رياء أن المنافقين دخلوا في الإسلام رياء مراءآة للناس حتى تسلم دماءهم و أموالهم و هم مكذبون في الباطن هذا رياء أكبر و القسم الثاني شرك أصغر و هو الرياء الذي يصدر من المؤمن في صلاته أو عبادته في حجه أو عبادته.
و سبق أن المؤلف قال أن الشرك الأكبر أربعة أنواع شرك الدعوة و هو الدعاء و شرك النية و الإرادة و القصد و شرك الطاعة النوع الرابع شرك المحبة ، شرك المحبة المراد محبة العبادة التي تقتضي الخضوع و الذُّل وهي تقتضي الطاعة و الامتثال هذه هي محبة العبادة لا بد من أمرين خضوع و ذل غاية المحبة في غاية الذُّل و غاية الخضوع و تقتضي الطاعة المحب يطيع محبوبه يقتضي الطاعة و الامتثال أما المحبة الطبيعية ليست شركاً مثل محبة المال هذه غريزة و جبلة في الإنسان وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا، محبة الولد محبة الصديق محبة الوالد لأولاده هذه محبة طبيعية و هي أقسام منها المحبة الطبيعية مثل محبة الجائع للطعام و محبة الظمآن للماء و محبة رحمة و إشفاق مثل محبة الوالد لولده و محبة إجلال و تقدير احترام مثل محبة الولد لأبيه و محبة أُنس وأُلف مثل محبة المشتركين في تجارة و الصناعة هذه كلها محبة طبيعية لكن محبة العبادة هذه هي الشرك ، محبة العبادة هي المحبة التي فيها خضوع و ذل و تعظيم و تقتضي الطاعة و الامتثال فلابد من أمرين إذا أحبه وخضع له و ذل و لا يجتمع الأمران إلا في محبة العبادة لأن الإنسان إذا أحب شخصا و لم يذل له و لم يخضع لم تكن عبادة كما يحب المال و الصديق لكن لا يذل له و لا يخضع و إذا خضع له و ذل كما يخضع لسلطان أو أمير ظالم لكنه لا يحبه فإذا اجتمع الأمران خضوع و ذل و محبة فهي العبادة كما قال العلامة القيم :
وَعِبَادَةُ الرَّحْمَنِ غَايَةُ حُبِّهِ | مَعْ ذُلِّ عَابِدِهِ هُمَا قُطْبَانِ |
وَعَلَيهِمَا فَلَكُ العِبَادَةِ دَائِرٌ | مَا دَارَ حَتَّى قَامَتِ القُطْبَانِ |
ومَدَارُهُ بالأَمْرِ أَمْرِ رَسُولِهِ | لاَ بِالهَوَى وَالنَفْسِ وَالشَّيْطَانِ |
غاية الحب مع غاية الذل هذه العبادة لابد من أمرين غاية الحب مع غاية الذل و فيه أيضا خوف و رجاء لابد من الخوف و الرجاء من أركان العبادة محبة و خوف و رجاء فإذا اجتمعت هذه الأقسام الثلاثة فهي العبادة محبة و خوف و رجاء ، خوف من الله يحدوه على ترك المحرمات و رجاء يؤمل الخير من الله و لا يسيء الظن بالله و خوف لا يصل به إلى سوء الظن و التشاؤم و رجاء لا يصل به إلى الأمن من مكر الله فلا يخاف من المعاصي و لا يحذر المعاصي بل خوف و رجاء و محبة.
و شرك المحبة المراد محبة العبادة و هي المحبة التي معها خضوع و ذل و هي تقتضي الطاعة و الامتثال و هي التي هذه المحبة اقتضت تسوية آلهة المشركين برب العلمين هذه المحبة محبة العبادة هي التي اقتضت تسوية آلهة المشركين برب العالمين سووا آلهتهم بالله فأدخلهم الله النار كما قال الله تعالى فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ سووهم بأي شيء بالمحبة و التعظيم و الإجلال و لم يسووهم في الخلق و الرزق يقول بعضهم لبعض و هم في النار تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ سووه بالمحبة و التعظيم و الإجلال لا بالخلق و الرزق و الإماتة هذه محبة العبادة الدليل قول الله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يعني أمثالا و نظراء يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا أي أمثالا و نظراء يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ. أشد حبا لله من محبة أهل الأنداد لأندادهم لأن محبة المؤمنين خالصة لله و محبة أهل الأنداد مشتركة.
و قيل المعنى و الذين آمنوا أشد حبا لله من محبة أهل الأنداد لله لأنهم يحبون الله لكن محبتهم مشتركة بخلاف المؤمنين فإن محبتهم خالصة .
( متن )
( شرح )
النوع الثاني الشرك الأصغر و الشرك الأصغر هو كل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر و هو ما ورد تسميته شركاً في النصوص ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر لأنه ليس شركاً في العبادة ولا ناقضا من نواقض الإسلام و إنما هي معصية وسيلة إلى الشرك الأكبر هذا الشرك الأصغر وسيلة إلى الشرك الأكبر.
مثل له المؤلف قال مثل الرياء و الرياء هو ما يقوم في القلوب و جاء في الحديث لآخر أن الرسول ﷺ قال إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ إليه هذا الرياء يحسن صلاته من أجل الناس و يحسن قراءته و حديث آخر مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ هذا مثال و ليس المراد الحصر و من الشرك الأصغر الحلف بغير الله كالحلف بالحياة بالنبي بلحيتك بشرفك و قول ما شاء الله وشئت و لولا الله و فلان ما لي إلا الله و أنت و مطرنا بنوء كذا و هو يعتقد أن النجم سبب هذه كلها من أنواع الشرك الأصغر و تعليق التمائم و الحروز و الخيوط و يعتقد أنّها سبب لحديث مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً، فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ كل هذا من الشرك الأصغر ولكن المؤلف ذكر مثال و هو الرياء و الدليل قال تعالى فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا.
( متن )
و النوع الثالث الشرك الخفي و الدليل عليه قول النبي ﷺ الشِّرْكُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِةِ السّودَاءِ عَلَى صَفَاةٍ سَوْدَاءَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ.
و كفارته قوله ﷺ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ شَيئًا وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِن الذَنبِ الَّذِي لاَ أَعْلَمُ.
( شرح )
الشرك الخفي من أنواع الشرك ، الشرك الخفي و سبق أن الشرك الخفي يكون أصغر و يكون أكبر يكون أكبر و هو الذي يصدر من المنافقين دخلوا في الإسلام رياء لكن المؤلف رحمه الله هنا أراد به الشرك الأصغر و الدليل عليه قول النبي ﷺ الشِّرْكُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِةِ السّودَاءِ عَلَى صَفَاةٍ سَوْدَاءَ يعني الشرك أصغر فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ. و كفارته لأنه خفي بسبب خفائه لأنه يقوم بالقلوب و لا يشعر به الإنسان كفارته أن تقول هذا الدعاء اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ شَيئًا وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِن الذَنبِ الَّذِي لاَ أَعْلَمُ.
( متن )
( شرح )
الكفر كفران كفر أكبر و كفر أصغر كفر أكبر يخرج من الملة و كفر أصغر لا يخرج من الملة الكفر الأكبر الذي لا يخرج من الملة يقول المؤلف خمسة أنواع:
النوع الأول كفر التكذيب كأن يكذب الله أو يكذب الرسول عليه الصلاة و السلام أو يُكَذَّب في أمر معلوم بالدين بالضرورة كأن يكذب الله في خبره أو يكذب الرسول عليه الصلاة و السلام في خبره فيكون كافر بهذا التكذيب إذا كذب خبر الله أو خبر رسوله إذا كذب الله بأنه أرسل محمدا أو كذب الرسول ﷺ في دعوة الرسالة فيكون كافرا كفر أكبر والدليل قوله تعالى وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ. و يدخل في هذا التكذيب مثلا بملك من الملائكة أو التكذيب بكتاب من الكتب أو برسول من الرسل أو التكذيب بالبعث أو التكذيب بالجزاء و الحساب أو التكذيب بالجنة أو التكذيب بالنار كل هذا يخرج من الملة أو كذب بأمر معلوم من الدين بالضرورة كذب بوجوب الصلاة أو كذب بوجوب الزكاة أو كذب بوجوب الحج أو كذب بوجوب الصيام أو كذب بتحريم الربا و تحريم الزنا و تحريم الخمر أو عقوق الوالدين فيكون كافرا كفرا يخرج من الملة نسأل الله السلامة و العافية .
( متن )
( شرح )
هذا النوع الثاني كفر الإباء و الاستكبار مع التصديق النوع الأول مكذب صاحبه و هذا مصدق لكن كفره بالرفض و الإباء يرفض الشريعة يرفض أمر الله و أمر رسوله لا يعمل و هو مصدق لكن لا يعمل مثل كفر إبليس قال الله تعالى عن إبليس وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ.
و مثل كفر فرعون كفر فرعون بالإباء و الاستكبار أخبر الله عنه قال لما جاء موسى و هارون قال أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ و كفر اليهود فإنهم كذبوا الرسول و كفر أبي طالب بالإباء و الاستكبار لأنه يعلم قال :
وَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ | مِن خَيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دين |
لَولا المَلامَةُ أَو حِذاري سُبَّةً | لَوَجَدتَني سَمحاً بِذاكَ مُبينا |
فهذا كافر كفر بالرفض رفض الشريعة يرفض الاتباع يرفض الأوامر يرفض أمر الله و أمر رسوله فلا يقبل أمر الله و لا أمر رسوله و لو كان مصدقا فيكون كافرا بهذا الرفض و الإباء و الاستكبار
( متن )
( شرح )
هذا النوع كفر الشك و هو الظن و هو أن يشك في أمر معلوم بالدين بالضرورة كأن يشك في قيام الساعة ذكره الله في قوله تعالى في قصة الرجلين المتحاورين وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ الصلاة أو شك في وجوب الزكاة أو شك في وجوب الصوم أو شك في تحريم الزنا أو شك في تحريم الربا أو شك في تحريم الخمر أو شك في تحريم عقوق الوالدين أو غير ذلك أو ما هو معلوم من الدين بالضرورة تحريمه أو وجوبه يكون كافرا بهذا الشك شك في ملك من الملائكة أو نبي من الأنبياء أو كتاب من الكتب المنزلة .
المتن :
( شرح )
هذا النوع الرابع كفر الإعراض و هو أن يعرض عن دين الله فلا يتعلَّمه ولا يعبد الله هذا الإعراض يعرض هن دين الله لا يتعلم دينه و لا يعبد الله فيكون معرض عن العلم و عن العمل فيكون كافراً بذلك الإعراض قال الله تعالى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ. و قال سبحانه وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ فإذا أعرض عن دين الله لا يتعلمه و لا يعبد الله صار كافرا بهذا الإعراض نسأل الله العافية .
( متن )
( شرح )
النوع الخامس كفر النفاق و هو أن يظهر الإسلام ويبطن الكفر يكون له باطن و ظاهر باطنه الكفر و ظاهره الإسلام هذا يسمى منافق هذا كفر النفاق و هو من أشدها و المنافقون في الدرك الأسفل من النار قال الله تعالى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ.
المتن:
( شرح )
الكفر الأصغر لا يخرج من الملة و هو كل ذنب سمي في النصوص كفرا و لم يصل إلى الحد الأكبر ليس شركا في العبادة و لا ناقضا من نواقض الإسلام مثل كفر النعمة يعني جحد النعمة و الدليل قوله تعالى وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ يعني جحدت أنعم الله فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ.
و مثال ذلك أيضا الطعن بالأنساب و النياحة على الميت قال عليه الصلاة السلام اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ يعني عيب أنساب الناس و تنقصها وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ هذا من الكفر الأصغر و من الكفر الأصغر انتساب الإنسان إلى غير أبيه في الحديث مَنِ انْتَسَبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فقد كفر و في رواية فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ و كذلك انتساب العبد إلى غير مواليه كل هذا من أنواع الكفر الأصغر و له أمثلة كثيرة المؤلف مثل بكفر النعمة .
( متن )
( شرح )
النفاق هو إظهار شيء و إبطان خلافه ، هو أن يكون الإنسان له ظاهر و له باطن و هو أن يظهر شيئا و يبطن خلافه هذا هو النفاق.
و هو نوعان اعتقادي و عملي.
فالاعتقادي يخرج من الملة و العملي معصية لا تخرج من الملة من المعاصي.
و الاعتقادي ستة أنواع ذكر المؤلف ستة أنواعا:
منها تكذيب الرسول إذا كذب الرسول عليه الصلاة و السلام فهذا يعتقد في قلبه أن الرسول كاذب إذا كافر يخلد في النار و تكذيب الله من باب أولى عظم و أعظم.
ثانيا تكذيب بعض ما جاء به الرسول كذب ببعض ما جاء به كالزكاة و الصلاة و الصوم كفر.
الثالث بغض الرسول عليه الصلاة و السلام هذا في القلب و هذا يكون من أهل النار أو بغض شيء مما جاء به الرسول شيء من الشريعة يكون كفر أيضا.
الرابع و الخامس المسرة بانخفاض دين الرسول إذا ضعف الإسلام أو المسلمون وحصل للمسلمين نكبات أو هزيمة و ضعفوا سر بذلك و فرح هذا دليل على أن في قلبه نفاق الذي يسره ضعف الإسلام و المسلمين هذا منافق فهو في الدرك الأسفل من النار.
السادس الكراهية بانتصار دين الرسول ﷺ إذا انتصر الإسلام و إذا أعز الله الإسلام و المسلمين و قوي أهل الخير و الصلاح و الذين يحفظون القرآن و الدعاة و المصلحون كره ذلك إذا كره ذلك دلَّ على كفره و نفاقه و أنه من أهل الدرك الأسفل من النار نعوذ بالله هذه أهم أنواع النفاق.
سمي نفاقا لأنه يظهر شيئا و يبطن غيره مأخوذ من " نافق الجربوع " الجربوع له جحر معروف و جحر آخر خفي و ذلك ليحفره فإذا أرقه بقي عليه التراب فإذا جاءه أحد دخل عليه من جحر معروف جفا رأسه بالتراب و خرج فهذا التراب ظاهره تراب و باطنه حفر كذلك المنافق ظاهر إيمان و باطنه كفر من النفاق.
و أما العملي فهي معاصي تضعف الإيمان و لكنها لا تخرج من الملة.
ذكر منها خمسة أنواع قال الدليل قول الرسول ﷺ آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ يعني ديدنه الكذب في الحديث هذا من علامات النفاق لكنه نفاق عملي وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ عادته يخلف الوعد وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ. إذا أمنته يخون الأمانة وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ إذا كان في خصومة يفجر وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ يغد العهود و لا يفي بها نعوذ بالله من النفاق والشقاق و سوء الأدب.
و كذلك هناك أمثلة أخرى منها تأخير الصلاة عن وقتها من النفاق العملي و منها نقر الصلاة كنقر الغراب لقول النبي ﷺ: تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ صفة صلاة المنافق يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا فنقر الصلاة كنقر الغراب و تأخيرها عن وقتها وعدم ذكر الله فيها هذا من أنواع النفاق.
و من ذلك أيضا ألا يحدث نفسه بالغزو مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ و هناك أنواع أخرى كثيرة لكن هذه أهمها .
وفق الله الجميع لطاعته و ثبت الله الجميع و صلى الله على نبينا و سلم .