بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبينا محمد , قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى:
( متن )
( شرح )
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين و أما بعد :
فهذا الحديث يعرف بحديث وفد عبد القيس و وفد عبد القيس ممن تقدم إسلامهم و هم يسكنون في البحرين في الإحساء الآن مكانهم معروف هناك في مسجد مهجور يقال له جواثة و كانوا ممن تقدم إسلامهم من بلاد البحرين و مسجد جواثة ثاني مسجد بعد مسجد النبي ﷺ فهم ممن تقدم إسلامهم و جاؤوا للنبي ﷺ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَقَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا، وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي شَهْرِ الْحَرَامِ يعني في الأشهر الحرم و هي ذو الحجة و ذو القعدة و محرم و رجب هذه الأشهر الحرم كانت الجاهلية تعظمها و كانوا لا يقاتلون فيها حتى يأمن الناس فهم يقولون حال بيننا و بينك الكفار من مضر فلا نستطيع إلا إذا جاءت الأشهر الحرم حيث تضع الحرب أوزارها لأن العرب كانوا يعظمون الأشهر الحرم فلا يقاتلون أحدا فمرنا بأمر فصل نأمر به من وراءنا و في رواية مرنا بأمر ندخل به الجنة لله درهم حيث سألوا هذا السؤال العظيم فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَعْمَلُ بِهِ، وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا، قَالَ: " آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: آمركم بالْإِيمَانِ بِاللهِ وحده أتدرون ما الإيمان بالله وحده! شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَ إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنَّ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ و في لفظ زيادة صوم رمضان فهذا الحديث من أدلة أهل السنة و الجماعة على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان فيها الرد على المرجئة حيث أنه فسر الإيمان بالأعمال قال أتدرون ما الإيمان بالله وحده ! ثم فسر الإيمان بالشهادتين شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَ إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنَّ تُؤَدُّوا خُمُسَ ففسر الإيمان بالأعمال و المرجئة يرون أن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان المرجئة ثلاث طوائف كما هو معروف , الطائفة الأولى المرجئة المحضة الغلاة مرجئة الجهمية تزعمهم الجهم بن صفوان يرون أن الإيمان هو مجرد المعرفة في القلب الإيمان معرفة الرب بالقلب و الكفر جحد الرب بالقلب و هذا أفسد قول قيل في مسمى الإيمان ألزمهم العلماء بأنه لا يوجد كافر على هذا يكون إبليس مؤمن و فرعون مؤمن و اليهود مؤمنون و أبو طالب مؤمن و الكفار مؤمنون كلهم عرفوا ربهم بقلوبهم فلا يوجد أحد كافر على مذهب الجهم إلا من لم يعرف ربه و هذا نادر وهذا من أفسد ما قيل و الطائفة الثانية من المرجئة الكرامية الذين يقولون الإيمان مجرد القول باللسان و النطق باللسان يقولون من نطق بالشهادتين فهو مؤمن و لو كان مكذبا بقلبه قالوا نسميه مؤمن إذا نطق بالشهادتين نسميه مؤمن و إذا كان مكذبا بقلبه فهو مخلد بالنار فقالوا من نطق بالشهادتين من المنافقين فهو مؤمن كامل الإيمان و هو مخلد في النار هذا من أفسد ما قيل أيضا لزمهم على هذا أن المؤمن كامل الإيمان مخلد في النار نعوذ بالله و الطائفة الثالثة مرجئة الفقهاء و هم أهل الكوفة هم الإمام أبو حنيفة و أصحابه أول من قال بالإرجاء حماد شيخ الإمام أبي حنيفة قالوا أن الإيمان شيئان إقرار باللسان و تصديق بالقلب هذا هو المشهور عن الإمام أبي حنيفة و أصحابه و الرواية الثانية عن الإمام الإيمان شيء واحد هو تصديق القلب و الإقرار باللسان أمر زائد مطلوب و لكنه ليس من الإيمان و الأعمال مطلوبة لكن ليست من الإيمان أما المرجئة المحضة يقولون الأعمال ليست مطلوبة هؤلاء طائفة من أهل السنة إلا أنهم خالفوا النصوص فهذا الحديث فيه رد على كل الطوائف جميع المرجئة بأصنافهم الثلاثة حيث أن النبي ﷺ فسر الإيمان بالأعمال ألا تدرون ما الإيمان بالله وحده شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَ إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنَّ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ فسر بهذه الأعمال الأربعة و في لفظ زاد صيام رمضان و من الأدلة أيضا من الكتاب العزيز قوله تعالى إنما المؤمنون الذي إذا ذكر الله وجلت قلوبهم و إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا و على ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناه ينفقون أولئك هم المؤمنون حقاهم يقومون بهذه الأعمال يوجل القلب عند ذكر الله و قراءة القرآن و التوكل على الله و إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة كلها إيمان و من الأدلة أيضا الحديث الصحيح عن النبي ﷺ قال الإيمان بضع و سبعون شعبة و في لفظ بضع و ستون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله و أدلناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من الإيمان فهذه الشعب كلها من الإيمان فهذه الأدلة واضحة في الرد على المرجئة قال النبي ﷺ لوفد بن قيس آمركم بأربع و في لفظ و عقد واحدة قال الإيمان بالله و أنهاكم عن أربع عَنِ الدُّبَّاءِ، وَ الْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْمُقَيَّرِ فهذه الأشياء الأربعة أشياء صلبة ينتبذون بها الأنبذة العصيدة و التمر أو العنب و الشعير و غيرها فالدبة القرع اليابس يؤخذ ما فيه من اللب ثم ينتبذ فيه النبيذ هذه الدبة و الحنتم هي جرار مقيرة بالأجواء تشبه الفخار تشبه الأزيار و النقير جذع النخل ينقرونه ثم ينبذون فيه الماء و المقير المطلي بالقار و هو الزفت المزفت هذه الأشياء الأربعة كانوا ينتبذون بها الأنبذة وهي صلبة فإذا نبذ فيها النبيذ يتخمر و هم لا يشعرون فإذا تخمر يفسد ماهيته و يصير نجسا حراما بعد أن كان مباحا ثم أيضا قد يشربه الإنسان و هو لا يشعر فيسكر فنهاهم النبي ﷺ أن ينتبذوا في هذه الأنبذة قال و انتبذوا في الأسقية , يعني أمرهم أن ينتبذوا في الأسقية , الأسقية هي الجلود من الجلد السقاء من الجلد إذا جعل فيه النبيذ ثم تخمر فإنه يتشقق يتمزق إذا قذف الزبد تمزق عرفوا أنه خمر لكن الأشياء الصلبة مثل النقير و المقير و الدباء و الحنتم ما يتبين لأنها صلبة يتخمر و لا يتبين فنهاهم النبي ﷺ من أن ينتبذوا في هذه الأوعية الصلبة لأن لا يتخمر و هم لا يشعرون فيصير مسكرا و يفسد عليهم هذا النبيذ لكن إذا نبذوا في الأسقية من جلد إذا تخمرت تشققت تمزقت الجلد فعرفوا أنه خمر و هذا في أول الأمر أول الإسلام نهاهم النبي ﷺ عن الأنبذة ثم أباحه لهم بعد ذلك لما استقرت الشريعة و عرفوا الحكم الشرعي قال عليه الصلاة و السلام في حديث بريدة كنت أنهاكم عن الانتباذ إلا في الأسقية فانتبذوا في كل وعاء و لا تشربوا مسكرا هذا النسخ هذا في أول الإسلام لأن وفد بن قيس جاؤوا قديما إلى النبي ﷺ في أول الهجرة ثم بعد ذلك لما استقرت الشريعة و عرف الناس الحكم الشرعي نسخ النهي عن الانتباذ بالأسقية الصلبة و قال عليه الصلاة و السلام كنت أنهاكم عن الانتباذ إلا في الأوعية فانتبذوا في كل وعاء و لا تشربوا مسكرا .
( متن )
( شرح )
أبو جمرة من تلاميذ ابن عباس يترجم يعني يبلغ المترجم ينقل الكلام من شخص إلى شخص يقال لهم المترجم ينقل الكلام من لغة إلى لغة يسمى مترجم و لكن هنا لا ينقله من لغة إلى لغة لكن المراد هنا المبلغ أنه يبلغ لأن ابن عباس رضي الله عنهما له تلاميذ كثيرون و كان الناس ليس عندهم كان المحدثين في الزمان الأول ليس عندهم مكبرات صوت و كان التلاميذ كثيرون يبلغون الألوف فيجعلون لهم مبلغين يبلغون فإذا قال الشيخ حدثنا يقول المبلغ حدثنا فيقول المبلغ الثاني حدثنا فيقول المبلغ الثالث حدثنا فيقول المبلغ الرابع حدثنا و هكذا هذا معنى المترجم يعني المبلغ يبلغ عن ابن عباس من كثرة التلاميذ كان يبلغ يرفع صوته و قد يكون وراءه أيضا مبلغ آخر .
( متن )
( شرح )
نبيذ الجر يعني الجرار و هي الحنتم كما في الحديث السابق و هي أشياء صلبة مصنوعة من الطين من الفخار مثل الأزيار الآن فإذا نبذ فيها شيء صلب يتخمر و هو لا يشعر ( تسأل عن النبيذ في الجر ) النبيذ الذي ينتبذ في الجرار فالجرار هذه تسمى جر .
( متن )
( شرح )
هذا فيه ترحيب بالوفد , النبي ﷺ ينبغي على العالم و الإمام أن يرحب بالوفد و الضيوف الذين يأتونه و لا سيما إذا كان ( 13:55 ) لهذا قال النبي مرحبا بالوفد غير ندامى أو غير الندامى , هذا فيه ترحيب بالضيوف بما فيهم الوفود و أتباعهم .
( متن )
( شرح )
يعني من مكان بعيد المسافة بعيدة من الإحساء إلى المدينة المسافة بعيدة و لم يكن في ذلك الوقت مواصلات ليس كالمواصلات في عصرنا الحاضر يحتاج إلى مدة طويلة السفر على الإبل و لهذا قال أتينا من شقة بعيدة من مكان بعيد .
( متن )
( شرح )
يعني في الأشهر الحرم و هي ذو القعدة و ذو الحجة و محرم و رجب هذه الأشهر الحرم كانوا في الجاهلية يوقفون القتال فيها فيأمن الناس قالوا أهلكتهم الحروب فاتفقوا على أن تكون هناك ثلاث أشهر متتالية ذو الحجة و ذو القعدة و محرم الشهر الأول ذو القعدة في السفر في الحج و ذو الحجة هو شهر الحج و محرم هو الشهر الذي يرجعون فيه إلى بلادهم و قالوا أيضا نحتاج إلى شهر في وسط السنة فاختاروا رجب فأقرهم الإسلام على ذلك فهم يقولون إنا لا نستطيع أن نأتي إليك يخاطبون النبي ﷺ إلا في هذه الأشهر الحرم حينما تضع الحرب أوزارها و إلا في غير هذه الأشهر الحرم لا نستطيع لأن هذا الحي فيه مضر يقاتلوننا و هم يحتاجون إلى وصية من النبي ﷺ جامعة يستفيدون فيها هذه المدة , فيه خلاف بين جمهور العلماء على أنه نسخ القتال في الأشهر الحرم يقول العلماء أنه منسوخ و قال آخرون من أهل العلم إنه باقي لقوله تعالى و لا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه الشهر الحرام بالشهر الحرام و الحرمات قصاص إلا إذا بدؤونا بالقتال قاتلناهم المسألة فيها خلاف بين العلماء لكن جمهور العلماء على أنه منسوخ أن هذا كان في أول الإسلام ثم نسخ .
( متن )
( شرح )
يعني أمر يفصل بيننا تكلم الشارح عن هذا
( مداخلة )
( (بأمر فصل) قال الخطابي وغيره هو البين الواضح الذي ينفصل به المراد ولا يشكل )
( شرح )
يعني يطلبون أمرا واضحا يكفيهم يعطيهم أوامر واضحة يعملونها في هذه المدة بأمر فصل واضح لا اشتباه فيه و النبي أعطاهم الأمر الواضح عليه الصلاة و السلام .
( متن )
( شرح )
همتهم عالية بِأَمْرٍ فَصْلٍ نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ .
( متن )
( شرح )
هنا أمرهم بصوم رمضان فسر الإيمان بالشهادتين و الزكاة و الصلاة و الزكاة و الصوم و أداء الخمس كل هذه الرسول جعلها من الإيمان هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللهِ؟ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنَّ تُؤَدُّوا خُمُسًا مِنَ الْمَغْنَمِ هذه أعمال الصلاة من الأعمال الشهادتان قول و اعتقاد فيها عمل قلب و إقرار باللسان و الصلاة عمل و الزكاة عمل و الصوم عمل و أداء الخمس عمل فجعله من الإيمان و هناك من الأدلة فيها الرد على المرجئة الذين يقولون أن العمل ليس من الإيمان .
( متن )
( شرح )
المقير المغلظ أو المزفت و النقير الجذع الذي ينقر يعني نهاهم عن الانتباذ بها جعل النبيذ فيها لأنها صلبة فيتخمر النبيذ و هم لا يشعرون و أمرهم أن ينتبذون بالأسقية التي تتشقق إذا تخمرت .
( متن )
( مداخلة )
قول مسلم رحمه الله حدثنا غندر عن أبي شيبة و محمد بن مثنى و محمد بن بشر ألفاظهم متقاربة قال أبو بكر حدثنا غندر عن شعبة و قال الآخران حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال الشارح : قَوْلُهُ (قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شعبة وقال الآخران حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا شُعْبَةُ) هَذَا مِنِ احْتِيَاطِ مُسْلِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّ غُنْدَرًا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَلَكِنْ أَبُو بَكْرٍ ذَكَرَهُ بِلَقَبِهِ وَالْآخَرَانِ بِاسْمِهِ وَنَسَبهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَنْهُ عَنْ شُعْبَةَ وقال الْآخَرَانِ عَنْهُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ فَحَصَلَتْ مُخَالَفَةٌ بَيْنهمَا وَبَيْنَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ فَلِهَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .
( شرح )
في الأول قال حدثنا غندر في اللفظ الأول حدثنا محمد بن جعفر محمد بن جعفر هو غندر لقبه غندر , غندر لقب لمحمد بن جعفر كان يقال بالعنعنة و قال حدثنا .
( مداخلة )
قوله أنهاكم عن أربع فالمنهي عنه واحد بالنوع و هو الانتباذ ثم إنه تعدد بحس النوعية الأربع و هي الدباء و الحنتم و المزفت و النقير و خص هذه بالنهي لأنها أوانيهم التي كانوا ينتبذون فيها .
( شرح )
خصها بالنهي لأنها أشياء صلبة يتخمر فيها النبيذ و هم لا يشعرون و هم ينتبذون فيها و في غيرها و سيأتي أنهم اعتذروا عن الانتباذ في الأسقية و قالوا أرضنا تأكلها الجرذان فقال النبي و إن أكلتها الجرذان و إن أكلتها الجرذان و إن أكلتها الجرذان كما سيأتي .
( مداخلة )
قال ( و أخبروا به من ورائكم ) و قال أبو بكر في روايته من ورائكم فليس في روايته المقير .
( شرح )
( فأخبروا به من ورائكم ) فأخبروا به الذي ورائكم يحمل نخبر به من ورائكم يعني (من)أمامكم لكن من أوضح .
( متن )
( شرح )
الأشج سمي الأشج لشجة في رأسه قال فيك خصلتين يحبهما الله ذكر أولا الحلم يعني العقل و الأناة يعني التثبت و عدم العجلة في الأمور قال إن فيك خصلتين يحبهما الله و في رواية قال يا رسول الله أهما خلقان تخلقت عليهما أم جبلني الله عليهما قال بل جبلك الله عليهما فقال الحمد لله الذي جبلني على ما يحبه الله و رسوله أو كما جاء في الحديث .
( متن )
( مداخلة )
أَمَّا الْأَشَجُّ فَاسْمُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ عَائِذٍ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْعَصَرِيُّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ هذا هو الصحيح المشهور الذي قاله بن عبد البر والأكثرون أو الكثيرون وقال بن الكلبي اسمه المنذر بن الْحَارِثِ بْنُ زِيَادِ بْنِ عَصَرِ بْنِ عَوْفٍ وَقِيلَ اسْمُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ عَامِرٍ وَقِيلَ الْمُنْذِرُ بن عبيد وقيل اسمه عائذ بن الْمُنْذِرِ وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ وَأَمَّا الحلم فهو العقل وأما الأناة فهي التثبت وَتَرْكُ الْعَجَلَةِ وَهِيَ مَقْصُورَةٌ وَسَبَبُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لَهُ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْوَفْدِ أَنَّهُمْ لَمَّا وَصَلُوا الْمَدِينَةَ بَادَرُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَامَ الْأَشَجُّ عِنْدَ رِحَالِهِمْ فَجَمَعَهَا وَعَقَلَ نَاقَتَهُ وَلَبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى النبي ﷺ فقربه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَانِبِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُبَايِعُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَقَوْمِكُمْ فَقَالَ الْقَوْمُ نَعَمْ فَقَالَ الْأَشَجُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَمْ تُزَاوِلِ الرَّجُلَ عَنْ شَيْءٍ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ دِينِهِ نُبَايِعُكَ عَلَى أَنْفُسِنَا وَنُرْسِلُ مَنْ يَدْعُوهُمْ فَمَنِ اتَّبَعَنَا كَانَ مِنَّا وَمَنْ أَبَى قَاتَلْنَاهُ قَالَ صَدَقْتَ إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ.. الْحَدِيثَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَالْأَنَاةُ تَرَبُّصُهُ حَتَّى نَظَرَ فِي مَصَالِحِهِ وَلَمْ يَعْجَلْ وَالْحِلْمُ هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ الدَّالُّ عَلَى صِحَّةِ عَقْلِهِ وَجَوْدَةِ نَظَرِهِ لِلْعَوَاقِبِ قُلْتُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَشَجِّ إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ الْحَدِيثَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَا فِيَّ أَمْ حَدَثَا قَالَ بَلْ قَدِيمٌ قَالَ قُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا الله .
( شرح )
هذا يدل على كبر عقله و حلمه يقول أهم شيء للإنسان هو الدين فقال نبايعك على الدين فمن تبعنا الحمد لله و من لم يتبعنا قاتلناه .
( مداخلة )
الوفد جماعة مختارة قوم يتقدمهم من لقي العظماء ( 27:00 ) قال ووفد عبد القيس هؤلاء مقدمة قبائل عبد القيس المهاجرة إلى رسول الله ﷺ و كان الأشج رئيسهم .
( شرح )
حقيق بأن يكون رئيسهم لما فيه من الحلم و الأناة كلامه كلام عظيم يقول أهم نبياعك على الدين فمن تبعنا الحمد لله و من أبى قاتلناه .
( مداخلة )
و قد يقال حلم الأناة و قد ظهر من حديث أبي داوود أن نبي الله ﷺ إنما قال ذلك الأشج لما ظهر له من رجاحة عقله و ترك عجلته و روي في كتاب داوود أنه لما بادر قومه إلى نبي الله ﷺ تأنى هو حتى جمع رحاله و عقد ناقته و لبس ثيابا جلدا ثم أتى إلى النبي ﷺ على حال هدوء و سكينة فأجلسه النبي ﷺ إلى جانبه ثم إن النبي ﷺ قال لوفد عبد القيس تبايعون على أنفسكم وعلى قومكم فقال القوم نعم فقال الأشج يا رسول الله إِنَّكَ لَمْ تُزَاوِلِ الرَّجُلَ عَنْ شَيْءٍ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ دِينِهِ نُبَايِعُكَ عَلَى أَنْفُسِنَا وَنُرْسِلُ مَنْ يَدْعُوهُمْ فَمَنِ اتَّبَعَنَا كَانَ مِنَّا وَمَنْ أَبَى قَاتَلْنَاهُ قَالَ صَدَقْتَ ثم إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ .
( متن )
( شرح )
قوله : اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا و في الحديث الآخر قال آمركم بالإيمان بالله وحده ثم فسر ذلك مجموع هذا يدل على أن الإيمان هو توحيد الله و عبادته وحده لا شريك له لأن الحديث الأول قال آمركم بالإيمان ثم فسر الإيمان بالشهادتين و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و أداء الخمس و هنا قال اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا و الحديث يفسر بعضه بعضا فدل على أن الإيمان هو عبادة الله وحده لا شريك له تعبد الله و لا تشرك به و هذا هو المراد بالشهادتين ليس المراد النطق فقط المراد المعنى و المعنى الالتزام معناه التوحيد المعنى وحد الله تعبد الله و لا تشرك به شيئا هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله و هو معنى الإيمان بالله وحده فالإيمان بالله وحده و الشهادتان هي المراد بهما عبادة الله و نفي الشرك عنه عبادة الله و إخلاص العبادة له و نفي الشرك عنه لأن الأحاديث يفسر بعضها بعضا و فيه دليل أن هذه الأمور من عمل بها دخل الجنة و هي عبادة الله وحده لا شريك له و إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة صوم رمضان و حج بيت الله الحرام ثم الابتعاد عن المحارم منها شرب المسكرات و من ذلك قوله أنهاكم عن الدباء و الحنتم و المقير و النقير يعني لا تنتبذوا في هذه الأسقية فهذه فيها الأوامر و الالتزام بها و الثاني فيها الانتهاء عن النواهي ثم وحد الله و أدى الأوامر وابتعد عن النواهي فهو من أهل الجنة فهذه الأمور من التزم بها فهو من أهل الجنة إذا التزم بعبادة الله و لم يشرك به شيئا و أقام الصلاة و آتى الزكاة و صام رمضان و أدى الخمس و اجتنب المحارم فإنه لابد أن يلتزم ببقية شرع الإسلام فالتزامه بالتوحيد و أداء أركان الإسلام الخمسة و الانتهاء عن هذه الأمور الأربعة يدفعه بأن يأتي ببقية فرائض الإسلام و ترك المحرمات , إذا أطلق الإيمان وحده دخل فيه الإسلام و إذا أطلق الإسلام دخل فيه الإيمان و إذا اجتمعا فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة و الإيمان بالأعمال الباطنة .
..................
( انفرد به مسلم عن قتادة يعني له طريق أخرى من الإمام البخاري له طريق أخرى قتادة رحمه الله معروف أنه مدلس إذا عنعن لكن صاحب الصحيحين البخاري و مسلم رحمهم الله لم يرويا من المدلسين فلم يرويا إلا ما ثبت سماعه فالصحيح أنه المدلسين الأعمش و قتادة و غيرهم يختاران من أحاديثهم ما ثبت سماعه أما غير الصحيحين فلا بد من العناية بروايته مثلا قتادة و الأعمش و غيرهم لابد من أن يصرح بالسمع فإذا لم يصرح بالسماع فإنه يحتمل أن يكون مدلس أما الصحيحان فإنهم اعتنيا برواية المدلين و انتقيا من روايتهم ما ثبت سماعهم فالصحيح كما قال العلماء الحديث الصحيح قد تجاوز القنطرة لا يحتاج بحث ما ثبت في الصحيح مقبول و الصحيحان لهما مزية حتى البخاري و مسلم قد يرويان أحيانا عن بعض المدلسين و عن بعض من هو ضعيف و بعض الناس يغلط يقولون هذا الراوي روى عنه البخاري ثم يروي عنه و هو معروف أنه ضعيف روى عنه البخاري لكن البخاري يمكن لم يروي عنه إلا هذا الحديث الذي ثبت السماع عنه , تروي عنه حديث آخر مطعون فيه ليس لك ذلك أنت لست كالبخاري البخاري إمام وعنده بصيرة في الرجال و في الأسانيد أنت لست كالبخاري البخاري ينتقي يختار و مسلم ينتقي و يختار أما أنت فليس لك أن تروي عنه و لا تصحح الحديث إلا عن بصيرة , هذا انفرد به مسلم و البخاري رواه من طريق آخر الأشهر أنه رواه من طريق آخر و الرواية الأخرى اشترك فيها الشيخان و هذه الرواية انفرد بها مسلم .
و كان هذا سابق في الجاهلية ينتسبون إلى أسماء أموات لا تتغير الأسماء مثل عبد مناف و عبد المطلب هذه كانت في الجاهلية لا تغير الأموات لا تغير أسمائهم بخلاف الأحياء لأنه ثبتت الأسماء و انتسبوا إليهم و لهذا النبي ﷺ انتسب إلى جده عبد المطلب فذكر الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد قال اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله حاشى عبد المطلب و قال بعضهم لأن عبد المطلب هو جد النبي ﷺ سمي عبد المطلب لأن عمه المطلب أردفه ( 35:56 ) فظن الناس أنه عبد فسموه عبد المطلب و ليس من أجل التعبيد لغير الله فسمي بن عبد المطلب حتى أن كثيرا من الناس لا يعلم اسمه شيبة الحمد .
( متن )
( شرح )
القطيعاء نوع من التمر ينقرون الجذع من النخل و يجعلون فيه القطيعاء التمر يصبون عليه الماء و يصير عصير يسمى في لهجتنا مريس في اللهجة العامية المريس هو العصير التمر إذا وضع في الماء يشرب يكون ماء حالي و هو نوع من الشراب أو العنب و القطيعاء نوع من التمر في الجذع يكون جذع كبير جذع النخلة كبير ينقرونه و يجعلون فيه نوع من التمر القطيعاء و يصبون فيه الماء فيكون شراب كالعصير يسمى مريس في اللهجة العامة نوع من الشراب فإذا كان في شدة الحر مضى عليه يومين أو ثلاثة يتخمر يصبح خمر فربما شربوه و هم لا يعلمون فقال النبي ﷺ لا تنتبذوا في هذا الوعاء الصلب انتبذوا في سقاء جلد حتى إذا تخمر يتشقق و يروى عن بعض أهل الكوفة أن النبيذ ليس بخمر و بعضهم قال لا يسمى خمر إلا عصير العنب أما عداه فلا يسمى خمر و الصواب أن كل ما تخمر يسمى خمر سواء من عصير العنب أو التمر أو الشعير أو غيره من الأنواع لكن ما روي عن بعض أهل الكوفة أنه ليس هناك خمر إلا عصير النبيذ فقط يعني عصير العنب خاصة و الصواب أن كل ما تخمر يسمى خمر من أي شيء سواء كان من العنب أو من التمر أو من الزبيب أو من الشعير أو من البر أو من غيره ممكن كل شيء يكون نبيذ ممكن التفاح يكون نبيذ ممكن البرتقال يكون نبيذ ممكن التمر يكون نبيذ و الشعير يكون نبيذ و البر يكون نبيذ ينبذ من كل شيء و إذا تخمر صار حرام أما قبل ذلك فهو شراب طيب لذيذ و الغالب أنه تخمر في اليوم الثالث من شدة الحر كان النبي ﷺ يقدم له النبيذ فيشربه اليوم و الغد فإذا كان اليوم الثالث سقاه للخادم أو أحرقه خوف أنه تخمر لكن مع الثلاجات الآن لا يتخمر لأن التخمر من شدة الحر يوضع في شدة الحر فيتخمر أما إذا وضع في مكان بارد مثل الثلاجة الآن لا يتخمر بل يجلس لعدة أشهر .
( متن )
( شرح )
يعني تخمر و الدليل على تخمره أنه يقذف بالزبد عند الغليان إذا غلا أو قذف بالزبد فهذا دليل على أنه صار خمرا و لهذا قال النبي تنقرون الجذع و تضعون القطيعاء وتضعون فيه من الماء حتى إذا سكن غليانه شربتموه يعني إذا تخمر شربتموه .
( متن )
حَتَّى إِنَّ أَحَدَكُمْ، أَوْ إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَضْرِبُ ابْنَ عَمِّهِ بِالسَّيْفِ
( شرح )
يعني إذا سكر و غاب عقله ضرب ابن عمه بالسيف لأن السكران لا يشعر غاب عقله يعني هذا من آثار شرب المسكرات الاعتداء يعتدي على من حوله و هو لا يشعر لفقدان عقله .
( متن )
( شرح )
يعني في القوم رجل فيه جرح مضروب بسبب سكران ضربه و هو سكران فكان يخبئ الجرح حياء من الرسول ﷺ يعني هذا تصديق لما قاله الرسول ﷺ قال الرسول أنكم تضعون القطيعة فإذا تخمر فشربه الإنسان سكر فضرب ابن عمه و في القوم رجل حصل له مثل ذلك يعني سكر أحد الجالسين فضربه فصار في رأسه شجة فكان يخفيها حياء من النبي ﷺ .
( متن )
( شرح )
أسقية الأدم هي الجلد يلاث على أفواهها يعني يربط على أفواهها الرباط و معروفة القرب سابقا من الجلد يكون فمها يربط برباط قالوا للرسول فيما نشرب إذا كنا لا نشرب في هذه في ماذا نشرب الأنبذة في ماذا ننتبذ ! لا نشرب في النقير و لا في الدباء و لا المقير قال عليه السلام في أسقية الجلد الأسقية التي يلاث على أفواهها التي يربط على أفواهها بالرباط و هي الحبل لأنها إذا تخمرت تشققت و تمزقت .
( متن )
( متن )
المعنى أنهم يقولون يا رسول الله أسقية الأدم ما تبقى لنا لأن أرضنا كثيرة الجرذان , الجرذان جمع جرذ و الجرذ هو الفأرة الكبيرة و يأكل الأسقية و معروف أن الفأرة فويسقة و لهذا الفأرة من الخمس الفواسق التي تقتل في المسجد الحرام قال الرسول خمس فواسق يقتلن في الحل و الحرم الحية و العقرب و الكلب العقور و الفأرة و الحدأة هذه خمس فواسق , الفواسق الخمسة كلهن فاسق سمي الفاسق لخروجه عن طبيعة غيره في الأذى و بني آدم سمي فاسق لخروجه عن طاعة الله إلى معصيته فأصل الفسق الخروج فيقال فسقت التمرة إذا خرجت و الفويسقة خرجت عن طبيعة غيرها في الأذى فهذه الجرذان أن أرضهم كثيرة الجرذان و أنها تأكل الأسقية من الجلد فقال النبي ﷺ وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ المعنى اعتنوا بها و احفظوها كما تحفظوا أمتعتكم حتى تبقى و تنتبذون بها وعظهم النبي ﷺ هذا من باب التأكيد كررها ثلاث قال وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ المعنى اعتنوا بها و احفظوها كما تحفظون أمتعتكم ثم انتبذوا بها احفظوها عن الجرذان حتى لا تأكلها كما تحفظون سائر أمتعتكم .
( متن )
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ لَقِيَ ذَاكَ الْوَفْدَ، وَذَكَرَ أَبَا نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ، غَيْرَ أَنَّ فِيهِ وَتَذِيفُونَ فِيهِ مِنَ الْقُطَيْعَاءِ، أَوِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ.
( مداخلة )
(45:50 )
( شرح )
تذيفون بفتح التاء والذال أو تديفون بالذال أو بالدال تذيفون أو تديفون و في روية تُذيفون و لكنها غير فصيحة تذيفون بالذال أو تديفون بمعنى تخلطون , تخلطون الماء بالتمر تذيفون أو تديفون فتح التاء و الذال أو بالدال روايتان تذيفون أو تديفون و في رواية ثالثة غير فصيحة تُذيفون بضم التاء والمعنى تخلطون .
( متن )
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو قَزَعَةَ، أَنَّ أَبَا نَضْرَةَ، أَخْبَرَهُ وَحَسَنًا، أَخْبَرَهُمَا، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوْا نَبِيَّ اللهِ ﷺ، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، جَعَلَنَا اللهُ فِدَاءَكَ مَاذَا يَصْلُحُ لَنَا مِنَ الْأَشْرِبَةِ ؟ فَقَالَ: لَا تَشْرَبُوا فِي النَّقِيرِ، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، جَعَلَنَا اللهُ فِدَاءَكَ ..
( شرح )
النقير هذا الجذع , الجذع الذي ينقر جذع النخلة ينقرونه ثم يصبون فيه , و فيه مشروعية قول جعلني الله فداك , و لا شك أن النبي ﷺ يفادى بالأب و الأم لأن محبته مقدمة ﷺ على محبة الولد و الوالد و النفس كما في حديث عمر قال أنت أحب إلي من كل شخص إلا من نفسي قال لا حتى أكون أحب إليك من نفسك قال أنت أحب إلي من نفسي فقال الآن يا عمر و لهذا قال جعلني الله فداك ففادوه بأنفسهم عليه الصلاة و السلام و هو أهل لذلك .
( متن )
( شرح )
الدباء القرع اليابس القرع المعروف يؤخذ اللب و يصب فيه الماء و الحنتم و عليكم بالموكى يعني الذي يربط و هو السقاء من الجلد هو الموكى و عليكم بالموكى الذي يربط و الوكاء هو الرباط و هو الجلد وعاء الجلد و القربة تربط بالحبل كما هو معروف عليكم بالموكى و هو السقاء فإنه إذا تخمر تشقق .
( مداخلة )
هذه الألفاظ من المشكل و ليس مشكلة عند أصحاب التحقيق و الإشكال في كونه ﷺ قال آمركم بأربع و المذكور في أكثر الروايات خمس و اختلف العلماء في الجواب عن هذا أظهرها قال الإمام (49:05) في شرح البخاري قال مرهم بأربع ثم زاد الخامسة لأنهم كانوا مزاولين لكفار مضر فكانوا أهل جهاد و غنائم و ذكر الشيخ هذا فقال قوله أمرهم بالإيمان بالله أعاده بالذكر أربع و وصفه لها بأنها أيمان فسرها بالشهادتين و الصلاة و الصوم فهذا موافق لحديث بني الإسلام على خمس في حديث جبريل و قد سبق أنما يسمى إسلاما يسمى إيمانا و أن الإسلام و الإيمان يجتمعان و يفترقان و قد قيل إنما لم يذكر الحج في هذا الحديث .
( شرح )
لم يفرض بعد لأن بني عبد قيس قدموا قيما في أول الهجرة و بعض الروايات ليس فيها الصوم أمرهم بأربع و بعضها يحتمل أنها قال الإيمان بالله وحده ثم الشهادتين تابعة للإيمان بالله وحدة فلا منافاة .
( مداخلة )
وَأَمَّا أَحْكَامُهُ وَمَعَانِيهِ فَقَدِ انْدَرَجَ جُمَلٌ مِنْهَا فِيمَا ذَكَرْتُهُ وَأَنَا أُشِيرُ إِلَيْهَا مُلَخَّصَةً مُخْتَصَرَةً مُرَتَّبَةً فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وِفَادَةُ الرُّؤَسَاءِ وَالْأَشْرَافِ إِلَى الْأَئِمَّةِ عِنْدَ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ وَفِيهِ تَقْدِيمُ الِاعْتِذَارِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَسْأَلَةِ .
( شرح )
تقديم الاعتذار قولهم إننا لا نصل إليك إلا في هذه الأشهر .
( مداخلة )
وَفِيهِ تَقْدِيمُ الِاعْتِذَارِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَسْأَلَةِ وَفِيهِ بَيَانُ مُهِمَّاتِ الْإِسْلَامِ وَأَرْكَانِهِ مَا سِوَى الْحَجِّ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فُرِضَ وَفِيهِ اسْتِعَانَةُ الْعَالِمِ فِي تَفْهِيمِ الْحَاضِرِينَ وَالْفَهْمِ عَنْهُمْ بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ كَمَا فعله بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .
( شرح )
كان يترجم بين يديه .
( مداخلة )
وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّرْجَمَةِ فِي الْفَتْوَى وَالْخَبَرِ قَوْلٌ وَاحِدٌ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِزُوَّارِهِ وَالْقَادِمِينَ عَلَيْهِ مَرْحَبًا وَنَحْوَهُ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ إِينَاسًا وَبَسْطًا وَفِيهِ جَوَازُ الثَّنَاءِ عَلَى الْإِنْسَانِ فِي وَجْهِهِ إِذَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ فِتْنَةُ بِإِعْجَابٍ وَنَحْوِهِ .
( شرح )
إذا كان ثناء قليل و لا يخشى عليه من الفتنة فلا بأس مثل قول النبي ﷺ لعمر يا ابن الخطاب و الله لو لقيك الشيطان تسلك فجا لسلك فجا غير فجك هذا مدح في الوجه لكنه قليل و لا يخشى عليه الفتنة أما الشيء الكثير الذي يخشى على صاحبه من العجب فلا ينبغي منهي عنه كون الإنسان يمدح في وجهه لأنه قد يخشى على صاحبه من الكبر و العجب ( 52:30 ) هذا محمول إذا كان مدحا كثيرا و يخشى على صاحبه من الفتنة أما المدح القليل الذي لا فتنة فيه فهذا مستثنى قول النبي الأشج بن القيس إن فيك خصلتين يحبهما اللهو قول النبي لعمر و الله ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك هذا قليل و لا يخشى على صاحبه الفتنة .
( مداخلة )
وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَنَّهُ لَا عَتَبَ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ وَالْمُسْتَفْتِي إِذَا قَالَ لِلْعَالِمِ أَوْضِحْ لِيَ الْجَوَابَ وَنَحْوَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقَوْلِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الشَّهْرِ وَفِيهِ جَوَازُ مُرَاجَعَةِ الْعَالِمِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِرْشَادِ وَالِاعْتِذَارِ لِيَتَلَطَّفَ لَهُ فِي جَوَابٍ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَفِيهِ تَأْكِيدُ الْكَلَامِ وَتَفْخِيمِهِ لِيَعْظُمَ وَقْعُهُ فِي النَّفْسِ وَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ الْإِنْسَانِ لِمُسْلِمٍ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ فَهَذِهِ أَطْرَافٌ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْحَدِيثِ .
( شرح )
قد جعلني الله فداك يعني إذا فدى بنفسه لا بأس لكن إذا فدى بوالديه هذا فيه كلام أفديك بأبي و أمي الرسول يفادى بالأب و الأم أما غيره ففيه كلام .
( متن )
( شرح )
و هذا الحديث فيه بيان أنه لابد من الدعوة قبل القتال و أن الكفار لا يقاتلون حتى يدعون أولا إلى الإسلام فإذا بلغتهم الدعوة و لم يقبلوا فإنهم يقاتلون و لهذا لما بعث معاذ إلى اليمن قال لهم : إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ و فيه أنه لا يبدأ قبل الشهادتين بشيء التوحيد أول شيء يبدأ به و فيه دليل على أن التوحيد أول واجب و فيه الرد على أهل الكلام الذين يقولون أن أول واجب النظر أو القصد إلى النظر و الشك كما يقول أهل الكلام , أهل الكلام يقولون أول ما يحب على الإنسان أولا أن تشك بما حولك ثم تتحول الشك إلى اليقين أو النظر و التأمل هذا خاطئ أول واجب على الإنسان توحيد الله و لهذا قال النبي ﷺ لمعاذ فليكن أول ما تدعوهم إليه شَهَادَةِ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فالمراد التوحيد و في لفظ إلى أن يوحدوا اللهو في لفظ إلى أن يعبدوا الله أول واجب هو التوحيد لا النظر و لا القصد إلى النظر و الرسل الذين أرسلهم الله أولهم نوح و آخرهم النبي ﷺ كلهم دعوا قومهم إلى التوحيد أولا قال الله تعالى و لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره دعاهم إلى التوحيد و لم يدعهم إلى الشك و النظر و إلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره و إلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره ) و قال سبحانه و لقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت و قال سبحانه و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون و النبي ﷺ مكث في مكة ثلاثة عشرة سنة يدعوا قومه إلى التوحيد ما دعاهم إلى الشك و لا إلى النظر هذه كلها أقوال باطلة أهل الكلام لهم ثلاثة أقوال في هذا تجدونها في كتبهم بعضهم يقول الواجب الشك أول واجب الشك يشك ثم ينتقل من الشك إلى اليقين و بعضهم يقول أول واجب النظر و بعضهم يقول أول واجب القصد من النظر كل هذه أقوال باطلة و فيه أنه ينبغي للإنسان أن يعرف حال المدعوين و لهذا أخبر النبي ﷺ معاذ قال إنك تأتي قوم أهل كتاب يعني أهل علم ليسوا جهالا فاستعد لمناظرتهم إنك ستأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله و فيه دليل على أن الداعي يبدأ بالأهم فالأهم يبدأ بالتوحيد و فيه أن الصلاة أعظم الواجبات بعد توحيد الله عز و جل ثم تليها الزكاة فالصلاة و الزكاة أختان فالصلاة فيها إحسان بعبادة الخالق و الزكاة فيها إحسان إلى المخلوق فيكون الإنسان يجمع بين إحسانين الإحسان في عبادة الله و الإحسان إلى خلق الله و لم يذكر الصوم و لم يذكر الحج اكتفى بهذه الواجبات العظيمة التوحيد و الصلاة و الزكاة لأن من استقام على هذه الأصول الثلاثة و أداها لابد أن يستقيم على غيرها من استقام على هذه الأصول الثلاثة دفعه ذلك إلى الاستقامة على غيرها و فيه دليل على أن الزكاة تسمى صدقة لأنها تصدق إيمان صحابها تطلق على صدقة التطوع و صدقة الفريضة قال الله تعالى إنما الصدقات للفقراء و المساكين هذه الزكاة و فيه دليل على أن العمل الذي يرسله و لي الأمر يأخذ بوسط المال يأخذ من خياره و لا يأخذ من شراره فإن الأخذ من خياره ظلم لرب المال و الأخذ من شراره ظلم للفقراء فيأخذ من الوسط و لهذا قال النبي لمعاذ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ لا تأخذ من أحد زيادة على الواجب فإن هذا ظلم وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَاب و تقبل دعوة المظلوم و إن كان كافرا و لا بد من التدريج يوحد الله أولا إذا لم يقم بالتوحيد لا ينفعه صلاة و لا زكاة أما المسلمون فإنهم إذا كان عندهم معاصي متعددة فيتكلم في هذا و في هذا .
( متن )
حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ: إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ..
( شرح )
قال هنا عبادة الله و في الأول و ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله دل على أن المراد من الشهادتين المعنى و هو توحيد الله و عبادته و ليس المراد اللفظ كما يظنه بعض الناس لأن الأحاديث يفسر بعضها بعضا هنا قال إلى أن يعبد الله فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله و الحديث الأول فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلى الله و في حديث آخر فليكن أول ما تدعوهم إليه توحيد الله و المعنى واحد معنى الشهادتين و عبادة الله كلها واحد فالمراد من الشهادتين التوحيد المراد التوحيد المعنى اللفظ و العمل ليس المراد كما يظن بعض الناس قول الشهادتين و إن لم يعتقد بقلبه .
( متن )
( شرح )
كرائم أموالهم الكريمة و الشريفة و فيه دليل على أنها مرتبة يبدأ بالتوحيد ثم الصلاة ثم الزكاة , و لأنهم علماء أهل علم بخلاف الوثنيين عندهم علم فيستعد لجدالهم و مناقشتهم يتهيأ لهم و فيه دليل على أنه ينبغي للداعية أن يعرف حال المدعوين حتى تكون دعوته مناسبة لهم العلماء لهم أسلوب و العامة لهم أسلوب قد يكن علماء و هم من أهل الشرك قال الله تعالى فلما جاءتهم رسلنا بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم و لهذا قال شيخ الإسلام : اعلم أن أهل الشرك عندهم علوم و عندهم فهوم و استدل بهذه الآية .
( متن )