بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله تعالى على رسوله محمد الذي جعل اتباعه سببًا لكفارة السيئات، وعلى آله وأزواجه وسائر أصحابه الذين نالوا به المنازل الرفيعة والدرجات؛ أما بعد: ...
(المتن)
فيقول العبد الفقير إلى الله تعالى أبو عبد الرحمن شرف الحق الشهير بـ محمد أشرف بن أمير بن علي بن حيدر الصديقي العظيم آبادي غفر الله لهم وستر عيوبهم:
إن هذه الفوائد المتفرقة والحواشي النافعة على أحاديث سنن الإمام الهمام المجتهد المطلق أبي داود سليمان بن أشعث السجستاني جمعتها من كتب أئمة هذا الشأن رحمهم الله تعالى، مقتصرًا على حمل بعض المطالب العالية، وكشف بعض اللغات المغلقة، وتراكيب بعض العبارات، مجتنبًا عن الإطالة والتطويل، إلا ما شاء الله تعالى، وسميتها بـ (عون المعبود على سنن أبي داود) تقبل الله مني.
(الشرح)
قوله: (عون المعبود على سنن أبي داود) المعبود: هو الله ، وهذا شرح من أمثل الشروح الموجودة الآن المطبوعة ، وإن كان فيه بعض النقص؛ لكن مع تهذيب السنن لابن القيم ومع مراجعة كتب الرجال تحصل إن شاء الله الفائدة.
(المتن)
(الشرح)
يَعْنِي عَلَى معاني الأحاديث.
(المتن)
من غير بحث؛ لترجيح الأحاديث بعضها على بعض، إلا على سبيل الإيجاز والاختصار، ومن غير ذكر أدلة المذاهب المتبوعة على وجه الاستيعاب، إلا في المواضع التي دعت إليها الحاجة، أعان الله تعالى وتبارك على إتمام هذه الحواشي، ونفع بها إخواننا أهل العلم وإياي خاصة.
وأما الجامع لهذه المهمات المذكورة من الترجيح والتحقيق، وبيان أدلة المذاهب والتحقيقات الشريفة وغير ذلك من الفوائد الحديثية في المتون والأسانيد وعللها الشرح الكبير لأخينا العلامة الأعظم الأكرم أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي المسمى بـ "غاية المقصود في حل سنن أبي داود"، وفقه الله تعالى لإتمامه كما وفقه لابتدائه، وهو شرح كبير جليل عظيم الشأن، وشارحه العلامة صرف همته إلى إتمامه، والمشغول فيه بحسب الإمكان، جزاه الله تبارك وتعالى وتقبل منه وجعله خير العقبى.
وإني استفدت كثيرًا من هذا الشرح المبارك، وقد أعانني شارحه في هذه الحاشية في جل من المواضع، وأمدني بكثير من المواقع، فكيف يكفر شكره؟! والباعث على تأييد هذه الحاشية المباركة أن أخانا الأعظم الأمجد أبا الطيب شارح السنن ذكر غير مرة في مجلس العلم والذكر أن شرحي: " غاية المقصود " يطول شرحه إلى غير النهاية، لا أدري كم تطول المدة في إتمامه، والله يعينني.
والآن لا نرضى بالاختصار؛ لكن الحبيب المكرم الشفيق المعظم جامع الفضائل والكمالات خادم سنن سيد الكونين الحاج تطلف حسين العظيم آبادي؛ مُصِّر عَلَى على تأليف الشرح الصغير سوى غاية المقصود، فكيف أرد كلامه؟! فأمرني أخونا العلامة الأعظم الأكرم أبو الطيب أدام الله مجده لإبرام هذا المرام فاعتذرت كثيرًا، لكن ما قبل عذري، وقال: لا بد عليك هذا الأمر، وإني أعينك بقدر الإمكان والاستطاعة، فشرعت متوكلًا على الله في إتمام هذه الحاشية، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، استغفر الله ربي من كل ذنب وأتوب إليه وأما إسناد هذا الكتاب المبارك مني الى المؤلف الإمام المسلم.
(الشرح)
شوف الحاشية الثانية ما بعده إِلَّا الإسناد ها؟ حاشية السنن لابن القيم المقدمة.
(المتن)
رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا.
قال الشيخ الإمام العلامة شمس الدين أبو بكر محمد بن القيم الجوزية الحنبلي غفر الله له: الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وإله المرسلين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، ومحجة للسالكين، وحجة على جميع المكلفين، فرق الله برسالته بين الهدى والضلال، والغي والرشاد، والشك واليقين، فهو الميزان الراجح الذي على أقواله وأعماله وأخلاقه توزن الأخلاق والأعمال والأقوال، وبمتابعته والاقتداء به يتميز أهل الهدى من أهل الضلال، أرسله على حين فترة من الرسل فهدى به إلى أقوم الطرق، وأوضح السبل، وافترض على العباد طاعته ومحبته وتأزيره وتوقيره والقيام بحقوقه، وأغلق دون جنته الأبواب، وسد إليها الطرق، فلم يفتح إلا من طريقه، فشرح له صدره، ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره.
(الشرح)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد: ...
هذا فيه بيان أنه ليس هناك طريق يوصل إلى الله ﷺ إلا من طريق الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن تعبد الله بغير الشريعة التي جاء بها الرسول عليه الصلاة والسلام فعبادته باطلة (.....) ، سدت الطرق التي توصل إلى الله إلا من طريق الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فالرسول عليه الصلاة والسلام هو الواسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ الرسالة، ولكن ليس هناك واسطة بين الله وبين خلقه في دعائه وعبادته والتضرع إليه؛ لكن الرسول عليه الصلاة والسلام واسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ الكتاب والرسالة.
(المتن)
وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، هدى به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وأرشد به من الغي، وفتح به أعينًا عميًا وآذانا صمًا وقلوبًا غلفًا، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد، لا يرده عنه راد، ولا يصده عنه صاد؛ حتى سارت دعوته مسير الشمس في الأقطار، وبلغ دينه القيم ما بلغ الليل والنهار؛ فصلى الله عليه وعلى آله الطيبين صلاة دائمة على تعاقب الأوقات والسنين، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:
فإن أولى ما صرفت إليه العناية، وجرى المتسابقون في ميدانه إلى أفضل غاية، وتنافس المتنافسون فيه، وشمر إليه العاملون: العلم الموروث عن خاتم المرسلين ورسول رب العالمين، الذي لا نجاة لأحد إلا به، ولا فلاح له في داره إلا بالتعلق بسببه، الذي من ظفر به فقد فاز وغنم، ومن صُرف عنه فقد خسر وحرم؛ لأنه قطب السعادة الذي مدارها عليه، وآخية الإيمان الذي مرجعه إليه، فالوصول إلى الله وإلى رضوانه بدونه محال، وطلب الهدى من غيره هو عين الضلال، وكيف يوصل إلى الله من غير الطريق التي جعلها هو سبحانه موصلة إليه، ودالة لمن سلك فيها عليه، بعث رسوله بها مناديًا، وأقامه على أعلامها داعيًا وإليها هاديًا.
فالباب عن السالك في غيرها مسدود، وهو عن طريق هداه وسعادته مصدود، بل كلما ازداد كدحًا واجتهادًا ازداد من الله طردًا وإبعادًا؛ ذلك بأنه صدف عن الصراط المستقيم، وأعرض عن المنهج القويم، ووقف مع آراء الرجال، ورضي لنفسه بكثرة القيل والقال، وأخلد إلى أرض التخليد، وقنع أن يكون عيالًا على أمثاله من العبيد، لم يسلك من سبل العلم منهاجها، ولم يرتق في درجاته معارجها، ولا تألقت في خلده أنوار بوارقه، ولا بات قلبه يتقلب بين رياضه وحدائقه، لكنه ارتضع من ثدي من لم تطهر بالعصمة لبانه، وورد مشربًا آجنًا طالما كدره قلب الوارد ولسانه.
(الشرح)
الماء الآجن هو: الماء المتغير.
(المتن)
(الشرح)
يعني عن هؤلاء المنحرفين الذين أنحرفوا وأحلوا ما حرم الله، وحرموا ما أحل الله.
(المتن)
فحق على من كان في سعادة نفسه ساعيًا، وكان قلبه حيًا واعيًا، أن يرغب بنفسه عن أن يجعل كده وسعيه في نصرة من لا يملك له ضرًا ولا نفعًا، وألا ينزلها في منازل الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا؛ فإن لله يومًا يخسر فيه المبطلون، ويربح فيه المحقون: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا [الفرقان/27]. يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا [الإسراء/71].
فما ظن من اتخذ غير الرسول إمامًا، ونبذ سنته وراء ظهره، وجعل خواطر الرجال وآراءها بين عينيه وأمامه، فسيعلم يوم العرض أي بضاعة أضاع، وعند الوزن ماذا أحضر من الجواهر أو خرثي المتاع.
(الشرح)
يعني: هل أحضر شيئًا نفيسًا، أو شيئًا سافلًا تافهًا؟!، تكلم عليها؟
الطالب: لا.
الشيخ: المتاع التافه الجواهر تسمى بالنفيس العالي، يَعْنِي هَلْ عنده أعمال صالحة أو عنده أعمالٌ سيئة؟!.
(المتن)
(الشرح)
الطالب: ذكر الخرسيُ بالضم أثاث بيته أو أردأ (.....) والغنائم.
الشيخ: الشئ الرديئ.
(المتن)
فإنه جمع شمل أحاديث الأحكام ورتبها أحسن ترتيب ونظمها أحسن نظام مع انتقائها أحسن انتقاء واطراحه منها أحاديث المجروحين والضعفاء.
وكان الإمام العلامة الحافظ تقي الدين أبو محمد عبد العظيم المنذري رحمه الله تعالى قد أحسن في اختصاره وتهذيبه، وعزو أحاديثه وإيضاح علله وتقريبه، فأحسن حتى لم يكد يدع للإحسان موضعًا، وسبق حتى جاء من خلفه له تبعًا، جعلت كتابه من أفضل الزاد، واتخذته ذخيرة ليوم المعاد، فهذبته نحو ما هذب هو به الأصل، وزدت عليه من الكلام على علل سكت عنها أو لم يكملها، والتعرض إلى تصحيح أحاديث لم يصححها، والكلام على متون مشكلة لم يفتح مقفلها، وزيادة أحاديث صالحة في الباب لم يشر إليها، وبسطت الكلام على مواضع جليلة؛ لعل الناظر المجتهد لا يجدها في كتاب سواه، فهي جديرة بأن تثنى عليها الخناصر، ويعض عليها بالنواجذ، وإلى الله الرغبة أن يجعله خالصًا لوجهه، موجبًا لمغفرته، وأن ينفع به من كتبه أو قرأه أو نظر فيه أو استفاد منه، فأنا أبرأ إلى الله من التعصب والحمية، وجعل سنة رسول الله ﷺ تابعة لآراء الرجال، منزلة عليها مسوقة إليها، كما أبرأ إليه من الخطأ والزور والسهو، والله سبحانه عند لسان كل قائم وقلبه، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
(الشرح)
ولهذا يقال أن حاشية ابن القيم إِنَّمَا هِيَ على مختصر، مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري.
(المتن)
كِتَاب الطَّهَارَةِ.
بَابُ التَّخَلِّي عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ.
1 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا ذَهَبَ الْمَذْهَبَ أَبْعَدَ.
(الشرح)
وهذا فيه بيان استحباب البعد عند قضاء الحاجة، وكان النبي ﷺ إذا ذهب لقضاء الحاجة أبعد؛ حتى لا تراه العيون ولا يسمع له صوت، ولهذا كان في يوم تبوك تأخر النبي ﷺ وذهب معه المغيرة وقضى حاجته، ثم جعل يصب عليه، وتأخر عن الصحابة في صلاة الفجر، فقدموا عبد الرحمن بن عوف وصلى بهم ركعة ثم جاء النبي ﷺ والمغيرة؛ يَعْنِي أبعد المذهب عَلَيْهِ الصلاة السلام، فالسنة أن الإنسان إِذَا أراد قضاء حاجته في البرية في الصحراء يبعد، يبعد ويتوارى عن الناس؛ حتى لا ترى له عورة ولا يسمع له صوت، والحديث لا بأس بسنده، وهو في الصحيح.
الطالب: الفرق بين البول والغائط يبعد في الغائط ولا؟
الشيخ: لاشك أن الغائط أولى من غيره وَهَذَا كَذَلِكَ أَيْضًا عَلَى حسب الحال، المهم يكون عنده شَيْء يتقيه يستتر به.
(المتن)
(الشرح)
البراز بالفتح المراد به: الخراج، البراز يعني: قضاء الحاجة، وأصله اسم للصحراء البارزة، ثم أطلق على قضاء الحاجة، وأما البِراز بالكسر: فهو المبارزة، إيش قاله عَلَيْهِ؟
الطالب: قال الخطابي: البراز مفتوحة الباء: اسم للفضاء الواسع من الأرض، كنوا به عن حاجة الإنسان كما كنوا بالخلاء عنه، يقال: تبرز الرجل إذا تغوط، وهو أن يخرج إلى البراز، كما قيل: تخلى إذا سار إلى الخلاء، وأكثر الرواة يقولون: البِراز بكسر الباء وهو غلط، إنما البراز مصدر: بارزت الرجل في الحرب مبارزة وبرازًا.
الشيخ: إذًا البراز، إِذَا أراد البراز، البراز في الصحراء، سمي براز؛ لِأَنَّهُ بارز للناس؛ ثُمَّ كني به عَنْ الخارج من الإنسان من الغائط يَعْنِي تغوط، كما يقال: ذَهَبَ إِلَى الخلاء، الخلاء المكان الخالي الَّذِي ليس فِيهِ أحد ثُمَّ أطلق عَلَى قضاء الحاجة، البراز يَعْنِي الغائط، أَمَّا البِراز بالكسر هُوَ المبارزة، مبارزة العدو في الحرب، أعد السند.
(المتن)
(الشرح)
الظاهر لا بأس به فيه عنعنة أبي الزبير مدلس، لكن له شواهد الحديث .
(المتن)
(الشرح)
يعني: يختار لبوله مكانًا رخوًا كما سيأتي، فلا يبول في أي مكان؛ لأنه إذا بال في أرض صلبة يرتد عليه جاءه شيء من رشاش البول، فلا بد أن يتبوأ ويرتاد لبوله مكانًا رخوًا؛ حتى لا يرتد إليه البول أو يصيبه شيء من رشاش البول.
(المتن)
(الشرح)
هذا الحديث ضعيف فيه مبهم، وهو الشيخ؛ لكن معناه صحيح، الإنسان يرتاد لبوله مكانًا دمثًا، يَعْنِي ما يبول عَلَى شَيْء صلب؛ لِأَنَّهُ إِذَا بال عَلَى شَيْء صلب جاءه شَيْء من رشاش البول، وَكَذَلِكَ أَيْضًا إذا بال في مكان مرتفع ارتد إليه البول، وإنما يرتاد مكانًا منخفضًا أو أرضًا مستوية ليست صلبة، أعد السند.
(المتن)
(الشرح)
يرتد لبوله يَعْنِي موضعًا مناسبًا، يكون أرض سهلة ليست صلبة ولا مرتفعة، ما تكلم على الحديث؟ تكلم على الرجال؟
الطالب: الرجال كلهم ثقات، موسى بن إسماعيل ثقة، حماد بن سلمة وأبو التياح رواه البخاري عفا الله عنك.
الشيخ: قصدي الشيخ المبهم هَذَا؟
الطالب: ما تكلم عنه.
الشيخ: قَدْ يأتي في طريق أخرى مسمى، إِذَا جاء في طريق أخرى مسمى زال الإشكال، ورجالهم لا بأس بهم ما عدا الشيخ هَذَا، والحديث له شواهد.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى.
(المتن)
بَابُ كَيْفَ التَّكَشُّفُ عِنْدَ الْحَاجَةِ
14 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا أَرَادَ حَاجَةً لَا يَرْفَعُ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنَ الْأَرْضِ».
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ -
(الشرح)
هذه الترجمة عقدها المؤلف رحمه الله لبيان كيفية التكشف عند قضاء الحاجة، يعني: متى يرفع ثوبه؟! ذكر هذا الحديث، وهذا الحديث ضعيف فيه هذا الرجل المبهم، والثاني كذلك قال: رواه عبد السلام عن أنس.
ولكن من المعلوم أن من الأدلة العامة أنه لا يجوز كشف العورة إلا عند الحاجة، والحاجة إلى ذلك حاجتان: إذا أراد أن يقضي حاجته، أو أراد أن يغتسل وليس عنده أحد فإنه يخلع ثوبه، وهنا عند قضاء الحاجة إذا قرب من الأرض ودنا من الأرض، فَإِنَّهُ يكشف قدر الحاجة، أما هذا الحديث ففيه ضعف، تكلم عَلَيْهِ الشيخ؟
الطالب: عفا الله عنك ذكر قول السيوطي في قوله وَهُوَ ضعيف، قال السيوطي رحمه الله تعالى: ليس المراد هو تضعيف عبد السلام؛ لأنه ثقة حافظ من رجال الصحيحين، بل تضعيف من قال: عن أنس؛ لأن الأعمش لم يسمع من أنس ولذا قَالَ مرسل.
الشيخ: يَعْنِي الأعمش دلس قَالَ: رواه عبد السلام عَنْ الأعمش.
الطالب: قَالَ عفا الله عَنْك: رواه عبد السلام بن حرب عَنْ الأعمش عَنْ أنس بن مالك.
الشيخ: يَعْنِي أَنَّهُ دلسه والأعمش تدليسه قليل؛ لكن الحديث الأول ضعيف لإبهام الرجل، إِلَّا لو جاء من طريق أخرى مسمى، تكلم عَلَى تخريجه؟
الطالب: عفا الله عنك، قَالَ: أخرجه الترمذي فقط. (.....) ذكرت لأبي عبد الله يعني أحمد حديث الأعمش عَنْ أنس وَقَالَ: لَمْ يسمع الأعمش من أنس ولكن رأه زعموا (.....) من حديث الأعمش بِهَذَا عَنْ أنس (.....) في العلل، وَقَالَ الخلال أَيْضًا: حدثنا مهنا قَالَ: سألت أحمد لما تركت مراسيل الأعمش؟ قَالَ: كَانَ لا يبالي عمن حدث، قلت: كَانَ له رجل ضعيف سوى يزيد الرقاشي وإسماعيل بن مسلم؟ قَالَ: نعم كَانَ يحدث عَنْ غياث بن إبراهيم عَنْ أنس.
الشيخ: هَذِهِ الرواية الثانية هذه رواية عبد السلام عَنْ أعمش عَنْ أنس، لكن الحديث الأول فِيهِ الرجل المبهم. إيش التخريج الثاني؟
الطالب: (.....) .
الشيخ: وضعف الحديث؟ هَذَا تعليق لمن؟
الطالب: (.....) .
(المتن)
بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ
4 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ وَقَالَ: عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ، وَقَالَ مَرَّةً: أَعُوذُ بِاللَّهِ، وَقَالَ وُهَيْبٌ: فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ.
(الشرح)
هذا الحديث فيه استحباب هذا الذكر عند دخوله الخلاء، وهو قول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ، وهذا الحديث رواه الشيخان وغيرهما، يقال خُبُث بضم الباء وبإسكانها والخُبْثُ والخبائث: ذكران الشياطين وإناثهم، هذا الذكر فيه تعوذ من ذكران الجن والشياطين وإناثهم، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ،.
قوله: (إذا دخل الخلاء) يعني: إذا أراد دخول الخلاء كما في قوله فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل/98]، يعني: إذا أردت قراءة القرآن، وهنا إذا دخل الخلاء، يعني: إذا أراد دخول الخلاء قال هذا الدعاء؛ لأنه حال قضاء الحاجة لا يذكر الله.
وأما قول: بِسْمِ اللَّهِ فهذه جاءت في حديث ضعيف، ولكن من الأدلة العامة التسميه إذا سمى أخذا من الأدلة العامة فلا بأس: باسم الله عند دخول البيت، وعند الخروج منه، وعند دخول المسجد: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ،، استعاذة بالله، أعوذ يعني: ألوذ وألتجئ وأعتصم بك يا ألله من الخبث -وهم ذكران الشياطين والخبائث إناثهم.
الطالب: عفا الله عنك ذكر ابن حجر أن في رواية عَلَى شرط مسلم فِيهَا بسم الله، أقرأها عليكم عفا الله عنك؟
الشيخ: نعم.
الطالب: وقال الحافظ: وقد روى العمري عن طريق عبد العزيز بن مختار عن عبد العزيز بن صهيب بلفظ الأمر قال: إذا دخلتم الخلاء فقولوا: باسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث. إسناده على شرط مسلم.
الشيخ: إِذَا ثبت هَذَا فيكون تشرع التسمية والحمد لله، هَذَا في الشرح عندك؟
الطالب: إي نعم في (.....) ، يَقُولُ عفا الله عنك: إِذَا أراد قضاء الحاجة في الصحراء.
الشيخ: نعم عِنْد رفع ثوبه في الصحراء وَإِذَا كَانَ عِنْد الدخول.
(المتن)
5 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو يَعْنِي السَّدُوسِيَّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ هُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ وَقَالَ شُعْبَةُ: وَقَالَ مَرَّةً: أَعُوذُ بِاللَّهِ.
6 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضِرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ.
(الشرح)
وهذا فيه بيان الحكمة من شرعية هذا الدعاء.
إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ، الحشوش: جمع حش، وهو مكان قضاء الحاجة.
مُحْتَضَرَةٌ يعني: تحضرها الشياطين: فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ، يعني: أعوذ وألوذ وألتجئ وأعتصم بك يا الله.
مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ،، من ذكران الشياطين وإناثهم.
(المتن)
بَابُ كَرَاهِيَةِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ
7 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قِيلَ لَهُ لَقَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ، قَالَ: أَجَلْ لَقَدْ «نَهَانَا ﷺ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَأَنْ لَا نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، وَأَنْ لَا يَسْتَنْجِيَ أَحَدُنَا بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ»
(الشرح)
وهذه الترجمة فيها كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، والمراد بالكراهية: التحريم؛ لأنه يحرم استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، وهذا في غير البنيان، وأما في البنيان فإنه جائز في أصح أقوال أهل العلم جمعًا بين النصوص.
وذهب بعض العلماء إلى المنع حتى في البنيان، والمسألة فيها خلاف لأهل العلم: منهم من أجاز الاستقبال بإطلاق، ومنهم منعها بإطلاق.
ومنهم من فصل، ومنهم من أجاز الاستدبار دون الاستقبال.
والصواب: المنع في الصحراء والفضاء، والجواز في البنيان جمعًا بين النصوص؛ لأنه ثبت في حديث ابن عمر أنه رأى النبي ﷺ يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة.
والعلماء يطلقون الكراهة ويريدون بها كراهة التحريم.
وفي هذا الحديث حديث سلمان أنه قال: «نهانا النبي ﷺ أن نستقبل القبلة بغائط أو بول»، والنهي يفيد التحريم، فدل على تحريم استقبال القبلة بغائط أو بول في الصحراء والفضاء.
«وألا نستنجي باليمين» يفيد تحريم الاستنجاء باليمين.
«وألا يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار» يعني: هذا إذا أراد أن يكتفي بها عن الماء إذا أراد أن يكتفي بالأحجار فلا بد أن تكون ثلاثة أحجار، لا يكفي حجر ولا حجران، ولا بد أن تكون منقية: لا يبقى إلا أثر يسير لا يزيله إلا الماء فيعفى عنه، ولكن إذا لم ينق بالثلاث فيزيد رابعة، وإذا أنقى بالرابعة فالأفضل أن يزيد الخامسة حتى يقطع على وتر، فإذا لم ينق بالخامسة زاد السادسة فإن أنقى بالسادسة فالأفضل أن يزيد السابعة حتى يقطع على وتر، فالقطع على وتر مستحب، وكذلك يشترط ألا يتجاوز الخارج موضع العادة، فإن تجاوز الخارج موضع العادة فلا ينقي إلا الماء.
كذلك «أو أن نستنجي برجيع أو عظم» هذه أمور في هذا الحديث نهى عنها النبي: استقبال القبلة بغائط أو بول، هذا حرام إلا في البنيان، الثاني: الاستنجاء باليمين؛ لأن اليمين للتكريم، وإنما يكون الاستنجاء باليسار.
والثالث: «ألا يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار»، إذا أراد أن يكتفي بها عن الماء.
الرابع: « أن نستنجي برجيع أو عظم» والرجيع: هو رجيع الدابة، رجيع الدابة لا يستنجى به، وكذلك العظم؛ لأن العظم زاد إخواننا من الجن، والرجيع والبعرة علف لدوابهم، لأنه ثبت أن وفدًا من الجن جاءوا إلى النبي ﷺ فسألوه الزاد فقال: لكم كل عظم يذكر اسم الله عليه، يعود أوفر ما كان عليه لحمه، وكل بعرة علف لدوابكم.
قال النبي ﷺ: فلا تستنجوا بالعظام ولا بالروث فإنها زاد إخوانكم من الجن.
(المتن)
(الشرح)
وهذا الحديث فيه دليل على تحريم استقبال القبلة بغائط أو بول، قال النبي: إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ فلا شك أنه عليه الصلاة والسلام بمنزلة الوالد بل هو حقه أعظم من حق الوالد عليه الصلاة والسلام، ومحبته ينبغي أن تكون أعظم من محبة الوالدين والنفس عليه الصلاة والسلام؛ لأن محبة النبي تابعة لمحبة الله؛ لأنه عليه الصلاة والسلام هو السبب في إنقاذ الأمة من الهلاك، والسبب في وهو الواسطة بين الله وبين عباده في تبليغ الشرع والدين، وكل سبب نالته الأمة كل سبب خير وكل شر دفع عنه فبسببه عليه الصلاة والسلام.
قال: إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ، أُعَلِّمُكُمْ فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا - يعني: في الصحراء- وَلَا يَسْتَطِبْ بِيَمِينِهِ، يعني: لا يستنج بيمينه، يسمى الاستنجاء استطابة لما فيه من إزالة النجاسة وتطهير موضعها.
(وكان يأمر بثلاثة أحجار)، يعني: في الاستجمار، هذا إذا أراد أن يكتفي بها عن الماء.
(وينهى عن الروث والرمة) ينهى عن الروث يعني: الاستنجاء بالروث، والرمة: العظام البالية، يعني: لا يستنجى بالروث ولا بالرمة يعني ولا بالعظام؛ لأنها زاد إخواننا من الجن كما سبق.
(المتن)
(الشرح)
وهذا الحديث وهو حديث أبي أيوب رواه الشيخان وغيرهما، فيه النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول، يعني: في الصحراء، وقال النبي ﷺ: وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا، هذا خطاب لأهل المدينة؛ لأن قبلة أهل المدينة جنوب، والشمال دبر القبلة، فيشرقون أو يغربون، أما غيرهم فإنه يختلف، في نجد مثلًا يقال: شمل أو جنب؛ لأن قبلتنا غرب، وهذا خطاب لأهل المدينة.
وفيه دليل على جواز استقبال النيرين، وأنه لا كراهة في استقبالهما، وهما الشمس والقمر كما يلفظ بعض الفقهاء من الحنابلة وغيرهم أنه يكره استقبال النيرين، لا كراهة.
قال أبو أيوب : فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله.
هذا يدل على أن أبا أيوب يرى المنع من استقبال القبلة حتى في البنيان، ولهذا قال: فكنا ننحرف عنها -يعني: في البنيان- ونستغفر الله .
(المتن)
10 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ أَبِي مَعْقِلٍ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَتَيْنِ بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ».
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَأَبُوزَيْدٍ هُوَ مَوْلَى بَنِي ثَعْلَبَةَ
(الشرح)
وهذا الحديث ضعيف، أراد بالقبلتين الكعبة وبيت المقدس، تكلم عنه؟
الطالب: إني نعم أبو زيد هَذَا عفا الله عنك مجهول، الوليد هُوَ الوليد مولى بني ثعلبة.
قال ابن حجر عفا الله عنك في التهذيب: قيل: اسمه الوليد روى عن معقل بن أبي معقل الأسدي في النهي عن استقبال القبلتين، وعنه عمرو بن يحيى بن عمارة، قال ابن المديني: ليس بمعروف.
الشيخ: عَلَى هَذَا فيكون الحديث ضعيفًا، فلا حجة فيما دل عليه من كراهة النهي عن استقبال القبلتين، والقبلة المنسوخة وَهِيَ بيت المقدس لا حرج في استقبالها، وإنما نهي عن استقبال الكعبة.
(المتن)
(الشرح)
وهذا فيه أن ابن عمر رضي الله عنهما يرى أنه لا بأس باستقبال القبلة إذا كان بينه وبينها حائل، جمعًا بين النصوص؛ لأنه روى أنه لما صعد سطح بيت له رأى النبي ﷺ يقضي حاجته على لبنتين مستقبل الشام مستدبر الكعبة، فلهذا كان يفتي بهذا ويرى أنه لا بأس في أستقبال القبلة عند قضاء الحاجة إذا كان بينه وبينها حائل؛ فلهذا أناخ راحلته وجعلها بينه وبين القبلة، ثم جلس يقضي حاجته ، وهذا هو الصواب، واختاره البخاري رحمه الله وجماعة.
ولهذا بوب البخاري باب استقبال القبلة في البنيان أو قريبًا من هذا، فدل على أنه في البنيان يجوز، وفي الفضاء لا يجوز جمعًا بين النصوص.
(المتن)
بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ
12 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَقَدْ ارْتَقَيْتُ عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ، «فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ»
(الشرح)
وهذا الحديث أخرجه البخاري في الوضوء: «باب من تبرز على لبنتين»، ومسلم أيضًا في الطهارة، وابن ماجة والنسائي.
وفيه الرخصة في استقبال القبلة عند قضاء الحاجة واستدبارها؛ ولهذا بوب الإمام أبو داود رحمه الله، قال: باب الرخصة في ذلك.
يعني: الاستقبال والاستدبار عند قضاء الحاجة، أخذًا بهذا الحديث، حديث ابن عمر فيكون هذا مخصص لقوله ﷺ: لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ خصصه حديث ابن عمر وأنه لا بأس بالاستقبال في البنيان.
(المتن)
(الشرح)
تكلم عَنْ سند الحديث؟
الطالب: رواه الترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
الشيخ: السند ما تكلم عَلَيْهِ؟
الطالب: ما تكلم عَلَيْهِ.
الشيخ: هذا أخذ به بعض العلماء وقالوا: إنه لا بأس بالاستقبال.
الطالب: في كلام لابن القيم عفا الله عنك، قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى بعد قول الحافظ زكي الدين: وقال الترمذي: حديث غريب، وقال الترمذي: سألت محمدًا عن هذا الحديث؟ فقال: حديث صحيح، وقد أعل ابن حزم حديث جابر بأنه عن أبان بن صالح وهو مجهول ولا يحتج برواية مجهول، قال ابن المفوز: أبان بن صالح مشهور ثقة صاحب حديث وهو أبان بن صالح بن عمير أبو محمد القرشي مولى لهم المكي، روى عنه ابن جريج وابن عجلان وابن إسحاق وعبيد الله بن أبي جعفر.
واستشهد بروايته البخاري في صحيحه عن مجاهد والحسن بن مسلم وعطاء، وثقه يحيى بن معين، وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان والنسائي وهو والد محمد بن أبان بن صالح بن عمير الكوفي الذي روى عنه أبو الوليد وأبو داود الطيالسي وحسين الجعفي وغيرهم، وجد أبي عبد الرحمن مشكدانة شيخ مسلم وكان حافظًا، وأما الحديث فإنه انفرد به محمد بن إسحاق وليس هو ممن يحتج به في الأحكام، فكيف نعارض بحديثه الأحاديث الصحاح، أو ينسخ به السنن الثابتة مع أن التأويل في حديثه ممكن، والمخرج منه معرض. تم كلامه.
وهو لو صح حكاية فعل لا عموم لها ولا يعلم هل كان في فضاء أو بنيان؟ وهل كان لعذر من ضيق مكان ونحوه أو اختيارًا؟ فكيف يقدم على النصوص الصحيحة الصريحة بالمنع، فإن قيل: فهب أن هذا الحديث معلول فما يقولون في حديث عراك عن عائشة: «ذكر عند رسول الله ﷺ أن ناسًا يكرهون أن يستقبلوا بفروجهم القبلة، فقال رسول الله ﷺ: أَوَقَدْ فَعَلُوهَا! حَوِّلِي مِقْعَدَتِي إِلَى الْقِبْلَةِ.
فالجواب: أن هذا الحديث لا يصح وإنما هو موقوف على عائشة حكاه الترمذي في كتاب العلل عن البخاري.
وقال بعض الحفاظ: هذا حديث لا يصح وله علة لا يدركها إلا المعتنون بالصناعة المعانون عليها، وذلك أن خالد بن أبي الصلت لم يحفظ متنه ولا أقام إسناده، خالفه فيه الثقة الثبت صاحب عراك بن مالك المختص به، الضابط لحديثه: جعفر بن ربيعة الفقيه، فرواه عن عراك عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تنكر ذلك، فبين أن الحديث لـ عراك عن عروة ولم يرفعه ولا يجاوز به عائشة، وجعفر بن ربيعة هو الحجة في عراك بن مالك مع صحة الأحاديث عن النبي ﷺ وشهرتها بخلاف ذلك.
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب المراسيل عن الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله وذكر حديث خالد بن أبي الصلت عن عراك بن مالك عن عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ هذا الحديث، فقال: مرسل، فقلت له: عراك بن مالك قال: سمعت عائشة فأنكره، وقال عراك بن مالك: من أين سمع عائشة؟ ما له ولـعائشة؟ إنما يرويه عن عروة هذا خطأ، قال لي: من روى هذا؟ قلت: حماد بن سلمة عن خالد الحذاء قال: رواه غير واحد عن خالد الحذاء، وليس فيه سمعت، وقال غير واحد أيضًا عن حماد بن سلمة: ليس فيه سمعت.
الشيخ: الحديث هذا تفرد به محمد بن إسحاق، فيكون شاذًا مخالفًا للأحاديث الصحيحة والشاذ ضعيف، ولو صح قد يكون محتملًا.
ونقول: قوله: «رأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها» محتمل أن يكون يستقبلها في البنيان، ثم أيضًا هو حكاية فعل فلا يعارض به بالأقوال الصريحة، وعلى كل حال هذا محتمل مجمل مشتبه، والقاعدة عند أهل العلم: أن المجمل لا يعارض به المحكم الواضح، وإنما يرد إلى المحكم ويفسر به، ولا يتعلق بالمشتبه والمجمل إلا الضعفاء من أهل البصيرة، والمقصود أن العمدة على الأحاديث الصحيحة: النهي عن استقبال القبلة، أما هذا فهو محتمل لو صح فهو تفرد به محمد بن إسحاق، ولو صح فهو محتمل أن يكون في البنيان أو في الصحراء، ثم أيضًا هو حكاية فعل.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى.
(المتن)
بَابُ الِاسْتِتَارِ فِي الْخَلَاءِ
35 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنِ الْحُصَيْنِ الْحُبْرَانِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنِ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقْدَ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ، وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ، وَمَنْ أَكَلَ فَمَا تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْ، وَمَا لَاكَ بِلِسَانِهِ فَلْيَبْتَلِعْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ، وَمَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ثَوْرٍ، قَالَ: حُصَيْنٌ الْحِمْيَرِيُّ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنْ ثَوْرٍ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخَيْرُ،
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو سَعِيدٍ الْخَيْرُ هُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ»
(الشرح)
هذا الحديث فيه هذه الأوامر وهي قوله: مَنِ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقْدَ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ فالاكتحال سنة مستحبة ويستحب أن يكون على وتر يوتر بأن يكتحل في كل عين ميلًا أو ثلاثة أميال، وهذا من باب الاستحباب.
وكذلك: وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ وهذا من باب الاستحباب، وإلا فلو لم يوتر فلا حرج، لكن لا بد أن يكون ثلاثة أحجار فأكثر إذا كان يريد أن يكتفي بها عن الماء.
وكذلك: وَمَنْ أَكَلَ فَمَا تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْ، وَمَا لَاكَ بِلِسَانِهِ فَلْيَبْتَلِعْ هذا من باب الاستحباب أيضًا.
وَمَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ هذا واجب فالإستتار فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ، هذا فيه نظر؛ ولهذا فإن هذا الحديث في سنده أبو سعيد وهو مجهول. أبو سعيد الراوي عَنْ أبي هريرة تكلم عَلَيْهِ عندك؟
الطالب: قال أبو داود: (أبو سعيد الخير من أصحاب النبي ﷺ) غرض المؤلف من إيراد هذه الجملة: أن في رواية إبراهيم بن موسى أبا سعيد بغير إضافة لفظ الخير هو ليس بصحابي لأن أبا سعيد هذا بغير إضافه الخير هذا لا يعد في الصحابة، بل هو مجهول، وإنما يعد في الصحابة أبو سعيد الخير.
قال المنذري: وأخرجه ابن ماجة في إسناده أبو سعيد الخير حمصي، فهو الذي رواه عن أبي هريرة، قال أبو زرعة الرازي: لا أعرفه، قلت: لقي أبا هريرة؟ قال: على هذا يرضى. انتهى.
الشيخ: هذا الحديث فيه نكارة (.....) : مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ،؛ يدل على أنه إذا لم يستتر فلا حرج، وهذا فيه نكارة، هَلْ مر في سنن ابن ماجة؟
الطالب: في سنن ابن ماجة عفا الله عنك على أنه منكر وفيه الحصين الحبراني.
قال ابن حجر حسين الحميري ثم الحبراني بضم المهملة وسكون الموحدة مجهول.
الشيخ: وعلى هذا يكون الحديث ضعيفًا، بسبب جهالة لأبي سعيد، الجهالة صارت للحسين الحبراني وأبو سعيد صحابي، أبي سعيد الخير، وَعَلَى هَذَا فيكون ضعيف وهذه اللفظة فيها نكارة، قوله: مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ؛ يدل على أنه إذا لم يستتر فلا حرج عليه، والاستتار في الخلاء واجب.
أما هذا الحديث: مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ؛ فهذه اللفظة غير صحيحة، والحديث في سنده هذا المجهول فيكون ضعيفًا؛ لأن النصوص دلت على أن الاستتار واجب، فلا بد أن يستتر.
(المتن)
بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ أَنْ يُسْتَنْجَى بِهِ
36 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ يَعْنِي ابْنَ فَضَالَةَ الْمِصْرِيَّ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ، أَنَّ شِيَيْمَ بْنَ بَيْتَانَ، أَخْبَرَهُ عَنْ شَيْبَانَ الْقِتْبَانِيِّ، قَالَ: إِنَّ مَسْلَمَةَ بْنَ مُخَلَّدٍ اسْتَعْمَلَ رُوَيْفِعَ بْنَ ثَابِتٍ عَلَى أَسْفَلِ الْأَرْضِ، قَالَ شَيْبَانُ: فَسِرْنَا مَعَهُ مِنْ كَوْمِ شَرِيكٍ، إِلَى عَلْقَمَاءَ أَوْ مِنْ عَلْقَمَاءَ إِلَى كَوْمِ شَرِيكٍ يُرِيدُ عَلْقَامَ فَقَالَ رُوَيْفِعٌ: «إِنْ كَانَ أَحَدُنَا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَيَأْخُذُ نِضْوَ أَخِيهِ عَلَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ مِمَّا يَغْنَمُ، وَلَنَا النِّصْفُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَطِيرُ لَهُ النَّصْلُ وَالرِّيشُ، وَلِلْآخَرِ الْقِدْحُ».
ثُمَّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا رُوَيْفِعُ لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي، فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ، أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا، أَوْ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ، أَوْ عَظْمٍ فَإِنَّ مُحَمَّدًا ﷺ مِنْهُ بَرِيءٌ.
(الشرح)
وهذا الحديث رواه الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد: باب الرقى والتمائم.
والشاهد: قوله: فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ، أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا؛ (.....) الأوتار.
وهذا الحديث فيه أن مسلمة بن مخلد استعمل رويفعًا على الأرض، وأن رويفعًا قال له: كان الواحد منا في زمن النبي ﷺ يأخذ نضو أخيه يعني: البعير المهزول على أن له مثل ما يغنم، وهذه شركة، وله النصف، يعني: أحدهما منه العمل، والثاني منه الدابة، وهذا يشبه المضاربة، يعطيه بعيره ويغنم عليه ويكون النصف بينهما، وإن كان أحدنا ليطير له النصل والريش وللآخر القدح من خشب السهم قبل أن يراش.
ثم قال: قال لي رسول الله: يَا رُوَيْفِعُ لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي. وهذا فيه علم من أعلام النبوة، فالحياة قد طالت بـ رويفع.
فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ؛ على طريقة الأعاجم يتركونها تتجعد تكبرًا أو خيلاء، وكانوا في وقت الجاهلية في الحروب يعقدون لحاهم، وهذا من زي الأعاجم يرسلونها ويعقدونها، وقيل المعنى: أنهم يعالجون الشعر ليتعقد ويتجعد، ويكون من فعل أهل التخنث والتأنيث، فنهي عنه.
وعقد اللحى على وجهين: إما أنهم يعقدون لحاهم ويفتلونها تشبهًا بالأعاجم، أو يعالجون الشعر حتى يتجعد ويتعقد تشبهًا بأهل التخنث والتأنيث.
وَفِيهِ الوعيد الشديد أن من فعل ذلك فقد ارتكب كبيرة.
مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ، أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا؛ الوتر هو: ما يقلد الدواب لقصد دفع العين كالتميمة، أما إذا قلده لأجل الزينة والجمال فلا يدخل في هذا.
أَوْ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ، أَوْ عَظْمٍ وهذا هو الشاهد (.....) ، واستنجى يعني: استجمر بِرَجِيعِ دَابَّةٍ؛ يعني: بعر الدابة البقر أو الغنم «أو عظم، فإن محمدًا بريء منه»؛ لأنه أفسده على الجن؛ لأن العظام يعود إليها لحمها الذي أكل منها، والرجيع يعود إليه حبه الذي أكل، فهذا هو الشاهد من الحديث تحريم الاستنجاء بالعظام والروث.
(المتن)
37 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُفَضَّلٌ، عَنْ عَيَّاشٍ، أَنَّ شِيَيْمَ بْنَ بَيْتَانَ، أَخْبَرَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا، عَنْ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، يَذْكُرُ ذَلِكَ وَهُوَ مَعَهُ مُرَابِطٌ بِحِصْنِ بَابِ أَلْيُونَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «حِصْنُ أَلْيُونَ بِالْفِسْطَاطِ عَلَى جَبَلٍ».
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهُوَ شَيْبَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يُكْنَى أَبَا حُذَيْفَةَ»
38 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ أَوْ بَعْرٍ»
(الشرح)
وهذا أيضًا فيه النهي عن التمسح يعني: الاستجمار بعظم أو بعر، لما في ذلك من إفسادها على الجن، فالعظم لأنه يعود إليه لحمه الذي أكل فيفسده على الجن إذا استجمر به، والبعر يفسده على دواب الجن؛ لأنه يعود إليه حبه الذي أكل، والحديث أخرجه مسلم في الطهارة، وفيه تحريم الاستجمار بالعظم والبعر؛ لأن النهي يفيد التحريم.
(المتن)
(الشرح)
والسيباني هذا بالسين المهملة، عن عبد الله بن الديلمي عن عبد الله بن مسعود، والسيباني كأن فيه سقط وتحريف، والحديث في إسناده إسماعيل بن عياش فيه مقال، في روايته عن الحجازيين، وإنما روايته تكون صحيحة إذا كانت عن الشاميين، وفيه سقطًا وتحريفًا، ففي السند عبد الله بن الديلمي عن عبد الله بن مسعود وفيه لو صح دليل على النهي عن الاستنجاء بالعظم والروث.
فالحديث السابق حديث رويفع كما سبق علم من أعلام النبوة، حيث طال عمر رويفع قال: لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ، وفيه أن تقليد الحيوان الوتر من العين من الكبائر، وكذا الاستجمار بالعظم والروث وهو روث الدابة لقوله: فَإِنَّ مُحَمَّدًا ﷺ مِنْهُ بَرِيءٌ، فإذا جاء في فعل أن النبي برئ منه كحديث أن النبي ﷺ برئ من الحالقة والصالقة والشاقة دل على أنه من كبائر الذنوب، فيكون تقليد الحيوان الوتر من العين من الكبائر، وكذا الاستجمار بالعظم والروث من الكبائر؛ لأن النبي ﷺ تبرأ ممن فعل ذلك فدل على أنه من الكبائر.
(المتن)
بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ
40 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قُرْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ، فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ.
(الشرح)
وهذا أخرجه النسائي في الطهارة والدارقطني وفيه: أنه ينبغي للإنسان أن يستجمر بثلاثة أحجار، فإنها تجزئ عن الماء، إذا لم يتجاوز الخارج موضع العادة وكانت الثلاثة منقية فإنها تكفي عن الماء، تكلم عن الحديث؟
الطالب: فقط تخريجه عفا الله عنك إذا كان (.....) .
(المتن)
41 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الِاسْتِطَابَةِ، فَقَالَ: بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَا رَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي ابْنَ عُرْوَةَ
(الشرح)
نعم عَنْ هشام عن ابن عروة وهذا أخرجه ابن ماجة في الطهارة، وفيه أن الاستطابة تكون بثلاثة أحجار إذا أراد أن يكتفي بها.
لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ. وهو روث الدابة، وكذلك العظم ليس فيها رجيع ولا عظم.
(المتن)
بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ
42 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْمُقْرِئُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى التَّوْأَمُ، ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوبَ التَّوْأَمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: بَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَامَ عُمَرُ خَلْفَهُ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عُمَرُ، فَقَالَ: هَذَا مَاءٌ تَتَوَضَّأُ بِهِ، قَالَ: مَا أُمِرْتُ كُلَّمَا بُلْتُ أَنْ أَتَوَضَّأَ، وَلَوْ فَعَلْتُ لَكَانَتْ سُنَّةً.
(الشرح)
وهذا أخرجه ابن ماجة، والحديث في سنده عبد الله بن يحيى التوأم، وفيه (.....) والكوز: ما له عروة من الأواني، قوله: في الاستبراء، أي: الاستنقاء من البول، والاستبراء: هو أن يمكث حتى يستنقي من البول، أما ما جاء عن بعض الفقهاء أو جاء في بعض الأحاديث أنه ينتر ذكره فهذا ضعيف، وفيه أن هنا في سنده عبد الله بن (.....) تكلم عَلَيْهِ عندك؟
الطالب: ذكر في التقريب أَنَّهُ ضعيف عفا الله عنك.
الشيخ: نعم يكون ضعيف، وهذا الحديث فيه أن قال: مَا أُمِرْتُ كُلَّمَا بُلْتُ أَنْ أَتَوَضَّأَ، وَلَوْ فَعَلْتُ لَكَانَتْ سُنَّةً؛ هذا يعارضه حديث بلال: أن النبي ﷺ سمع خشخشته أمامه في الجنة، فسأله فقال: كلما توضأت صليت ركعتين، لكن قد يقال: إن هذا فيمن توضأ وصلى ركعتين، أما من لم يتؤضأ لكن لو توضأ كلما قضى حاجته فهو حسن وصلى ركعتين، إن تيسر له هذا حسن، أبو يعقوب مجهول عنده أوهام أو التوأم؟.
الطالب: عبد الله بن يحيى التوأم، قَالَ في التقريب ضعيف، هُوَ أبو يعقوب عفا الله عنك.
الشيخ: تكلم عَلَيْهِ في الحاشية عندك؟
الطالب: ما ذكره.
(المتن)
بَابٌ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ
43 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي الْوَاسِطِيَّ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي الْحَذَّاءَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَخَلَ حَائِطًا، وَمَعَهُ غُلَامٌ مَعَهُ مِيضَأَةٌ، وَهُوَ أَصْغَرُنَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ السِّدْرَةِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا وَقَدْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ»
(الشرح)
هذا فيه الاستنجاء (.....) ، أخرجه الشيخان، وفيه أن النبي ﷺ استنجى بالماء، والاستنجاء بالماء أبلغ من الاستجمار بالحجارة، فإذا استجمر بالحجارة واكتفى بها وكانت ثلاثة فأكثر منقية ولم يتجاوز الخارج موضع العادة كفى، والاستنجاء بالماء أفضل؛ لأنه أكمل في النقاء، والميضأة: المطهرة.
(المتن)
(الشرح)
وهذا الحديث أخرجه الترمذي في الطهارة وابن ماجة في الطهارة، وهو حديث ضعيف، فيه إبراهيم بن أبي ميمونة مجهول، وعلى هذا فلا يصح أنها نزلت فيهم هذه الآية فتكون الآية عامة، (.....) نزلت في أهل قباء هذا ضعيف، لكن الاستنجاء بالماء لا شك أنه أنقى من الاستجمار بالحجارة.
(المتن)
بَابُ الرَّجُلِ يَدْلُكُ يَدَهُ بِالْأَرْضِ إِذَا اسْتَنْجَى
45 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ - وَهَذَا لَفْظُهُ - ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْمُخَرَّمِيَّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَتَى الْخَلَاءَ، أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ أَوْ رَكْوَةٍ فَاسْتَنْجَى».
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ: «ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ آخَرَ فَتَوَضَّأَ».
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ أَتَمُّ
(الشرح)
تكلم عليه عندك؟
الطالب: فِيهِ شَرِيك عفا الله عنك صدوق يخطئ كثيرًا، وفيه إبراهيم بن جرير قال عنه: صدوق، إلا أنه لم يسمع من أبيه، وقد روى عنه بالعنعنة، وجاءت روايته بصريح التحديث لكن.
الشيخ: إبراهيم بن جرير عَنْ المغيرة؟
الطالب: عَنْ المغيرة وليس عَنْ أبي زرعة، قَالَ: صدوق.
الشيخ: هنا لَمْ يسمع من أبيه؟
الطالب: قَالَ في التقريب صدوق إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يسمع من أبيه.
الشيخ: عَلَى كُلّ حال الحديث فِيهِ ضعيف، في الدلك في الأرض، لكن الدلك ثابت من حديث عائشة في الصحيح، «أن النبي كان إذا استنجى ضرب بيده الحائط مرتين أو ثلاثًا»؛ لكن الحديث ضعيف فِيهِ شَرِيك، لكن الدلك ثابت في الحديث الصحيح.
الطالب: يقول عفا الله عنك في الشرح: انه لم يذكر في جميع الأسانيد المغيرة، إنما هو عن إبراهيم بن جرير عن أبي زرعة.
الشيخ: فيكون منقطعًا، ما في عَنْ أبيه هُوَ لَمْ يسمع من أبيه، وَعَلَى كُلّ حال الدلك هَذَا أو ضرب الأرض ثابت في الحديث الصحيح، أَمَّا هَذَا الحديث في سنده شَرِيك، محمد إبراهيم بن جرير فِيهِ كلام.
(المتن)
بَابُ كَرَاهِيَةِ الْكَلَامِ عِنْدَ الْحَاجَةِ
15 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: لا يَخْرُجُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا يَتَحَدَّثَانِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا لَمْ يُسْنِدْهُ إِلَّا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ
(الشرح)
يَعْنِي يكون موقف. أعد السند.
يَعْنِي يكون موقوف عَلَى أبي سعيد، إيش قَالَ عَلَيْهِ؟
الطالب: عفا الله عنك ما ذكر هنا شَيْء لكن فيه.
الشيخ: (.....) يَعْنِي أَنَّهُ موقوف لكن مثل هَذَا لا يقال من جهة الرأي، (.....) التخريج؟
الطالب: قَالَ: أخرجه ابن ماجة وأحمد والبيهقي والحاكم وابن خزيمة في صحيحه وابن حبان، قال ابن حبان في الثقات: عكرمة بن عمار روايته عن يحيى بن أبي كثير فيها اضطراب، قال الذهبي في الميزان: عياض بن هلال أو هلال بن عياض عن أبي سعيد لا يعرف، ما علمت روى عنه سوى يحيى بن أبي كثير.
الشيخ: وقال أبو داود: لم يذكره إلا عكرمة بن عمار، يعني: أنه موقوف على أبي سعيد، ولكن مثل هذا لا يقال من جهة الرأي.
وفيه إثبات المقت لله ، وإذا صح الحديث يؤخذ منه صفة المقت لله، وصفة المقت ثابتة في القرآن الكريم، وهو: أشد البغض، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ [غافر/10].
ولكن ما دل عليه الحديث صحيح أيضًا؛ فإن كشف من يتخلى عند حاجته بكشف عورته أو الاثنين يقضيان حاجتهما ويكشفان عوراتهما هذا لا يجوز هذا ممنوع، ويتحدثان أيضًا، فإن هذا ليس مكانًا للحديث، فقضاء الحاجة ماهو مكانًا للحديث إلا للضرورة، كأن يتكلم مع إنسان كفيف يريد أن يسقط في حفرة أو ما أشبه ذلك، أما ما عدا ذلك فلا يتكلم؛ ليس محلًا للكلام.
فإذا كشف الإنسان عن عورته أو الرجلين عن عورتهما ويتحدثان كل هذا ممنوع.
(المتن)
بَابُ أَيَرُدُّ السَّلَامَ وَهُوَ يَبُولُ
16 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، وَأَبُو بَكْرِ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «مَرَّ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ».
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَيَمَّمَ ثُمَّ رَدَّ عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ»
(الشرح)
وهذا فيه أنه لا يسلم على من يبول من يقضي حاجته لا يسلم عليه، وإذا سلم عليه وكان موجودًا وأمكنه رد السلام عليه بعد ذلك فلا بأس، والتيمم هذا من باب الاستحباب؛ لأن النبي ﷺ كان يذكر الله على جميع أحيانه، والسلام اسم من أسماء الله.
وقد جاء في الحديث الآخر أنه سلم عليه وهو ليس على حاجته؛ ولكنه ليس عَلَى طهر، فتيمم ورد عليه السلام.
وفي الحديث الآخر أنه لم يجد ماءً أو كان قريبًا من البلد فحك الجدار وتيمم عليه ورد عليه السلام وقال: كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ.
هذا إذا أمكن رد السلام عليه، فإذا سلم عليه وهو يبول وأمكن ولم يذهب فله أن يرد السلام عليه بعد ذلك وإذا تيمم، وإذا كان الماء يتوضأ؛ إذا كان (.....) الوضوء فهو افضل. إيش قَالَ عَلَيْهِ؟
الطالب: قال: فلم يرد عليه الجواب، وفي هذا دلالة على أن المسلم في هذا الحال لا يستحق جوابًا، وهكذا في رواية مسلم وأصحاب السنن من طريق الضحاك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «مر رجل على النبي ﷺ وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عَلَيْهِ»، وكذا في ابن ماجة من حديث أبي هريرة وجابر بن عبد الله .
وأما في رواية محمد بن ثابت العبدي وابن الهاد كلاهما عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما التي أخرجها المؤلف في باب التيمم ففيها أن السلام كان بعد البول.
الشيخ: وفي رواية مسلم: أنه سلم عليه وهو يبول ولم يرد عَلَيْهِ، فلا يستحق الرد؛ فإذا سلم عليه وهو يقضي حاجته لا يرد عليه، وأما إذا كان ليس في قضاء الحاجة فإنه يجب رد السلام، لكن إن رده وهو على طهارة فهو أفضل، وإلا فلا يجب يرد عليه (.....) ؛ لأن النبي ﷺ كان يذكر الله على جميع الأحيان.
وجاء في الحديث الآخر أن النبي ﷺ حك الجدار لما سلم عليه الرجل وتيمم وقال: كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ.؛ فهذا من باب الاستحباب، فالأفضل أن يكون الإنسان على طهارة إذا ذكر الله، والسلام من ذكر الله، ولكن لا بأس بذكر الله ولو لم يكن على طهور، وأعلى ذكر الله قراءة القرآن، وأفضل الذكر قراءة القرآن، فيجوز للإنسان أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب إذا لم يمس المصحف، إلا إذا كان عليه جنابة، كما في حديث علي: فَأَمَّا الْجُنُبُ فَلا، وَلا آيَةَ فالجنب ما يقرأ ولا عن ظهر قلب، وأما غير الجنب فله أن يقرأ من غير مس المصحف، ولكن الأفضل أن يكون على طهارة.
(المتن)
(الشرح)
تكلم عَلَى السند؟
الطالب: ما تكلم عَنْ السند، ولكن (.....) عَنْ الرجال عفا الله عنك، محمد بن المثنى قال فيه ابن حجر: ثقة ثبت. وعبد الأعلى: ثقة. وسعيد، هو سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري، ثقة حافظ، لكنه كثير التدليس، واختلط، وكان من أثبت الناس في قتادة. عن الحسن قال ثقة فقيه قاض مشهور، وكان يرسل كثيرًا ويدلس. عن حضين بن المنذر أبي ساسان قال ثقة.
الشيخ: ولا شك أن ذكر الله على طهارة أفضل كونه يأخر رد السلام حتى يتؤضأ هذا وقت طويل، قد يذهب لكن لو لم يذهب توضأ وهو موجود ورد عليه السلام لكن لولا في مثل هذه الحاله يرد عليه في الحال لأن ذكر الله على غير طهارة لا بأس ، كما في حديث عائشة: «كان النبي ﷺ يذكر الله في كل أحيانه»، وقد يتأثر المسلِّم قد يقع في نفسه شيء إذا أخر رد السلام حتى يتوضأ لأنه وقت طويل.
لكن لو صح الحديث فيه الحسن، وفيه سعيد بن أبي عروبة كثير التدليس والإرسال، فلو صح فهو محمول على ما إذا لم يتأثر المسلِّم ولم يقع في نفسه شيء، أو أخبره وقال: إني سأتوضأ، وإلا فالأولى في مثل هذه الحالة أن يرد عليه السلام في الحال.
الطالب: ونقل الخطابي أن الرجل إذا خاف خروج الوقت يتيمم من غير مرض ولا حرج، قال: وإلى هذا ذهب الأوزاعي وقال: يتيمم ويصلي قبل فوات الوقت.
الشيخ: هذا (.....) وليس بصحيح، فقول الأوزاعي هذا ليس بشيء، والصواب: أنه لا يجوز له أن يتيمم مع وجود الماء، فهذا مصادم لقول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء/43]، في الحضر تخشى طلوع الشمس، إذا كان نائمًا نومًا يعذر فيه فوقتها من حين يستيقظ، يقول النبي ﷺ: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذَلِكَ، فإذا استيقظ قرب طلوع الشمس فوقتها من حين يستيقظ، معذور إذا كان نومًا يعذر فيه، يسخن الماء إذا كان في الشتاء ويغتسل ولو طلعت الشمس ويصلي، أما أن يصلي بالتيمم فهذا باطل ولا يجوز التيمم إلا عند عدم الماء أو العجز عن استعماله.
الطالب: (.....)
الشيخ: كَذَلِكَ، والصواب أَنَّهُ لا يتيمم في هَذِهِ الحالة، لَابُدَّ من الوضوء إِلَّا عِنْد العجز، أَمَّا رد السلام فهذا من باب الاستحباب، فجاء في الصحيحين أن النبي ﷺ لما سلم عليه إنسان وهو في مكان في بئر جمل وكان قريبًا من البلد حك الجدار وتيمم، ثم رد عليه السلام وقال: كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ. فهذا يحتمل أن الماء بعيدًا عنه أو أنه تيمم؛ قد يكون قريب لكن يفوت تيمم لأن هذا من باب الاستحباب وليس لأداء فريضة، أما الفريضة فلا بد لها من الوضوء إذا كان يجد الماء ويستطيع استعماله.
الطالب: (.....) عَنْ ابن عمر«أن رجلًا مر على النبي ﷺ وهو يبول فلم يرد عَلَيْهِ» (.....) «أن رجلًا مر بالنبي ﷺ وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى فرغ من حاجته، ثم رمى يده على الجدار ثم تيمم، فرد عَلَيْهِ»؛ ثُمَّ قَالَ (.....) وذكر عَلَى طاهرة أفضل، ولاسيما إذا كان دعاءً، وقد كان مالك لا يُقرأ عليه حديث رسول الله ﷺ حتى يتوضأ.
الشيخ: هَذَا كلام من؟
الطالب: (.....).
(المتن)
باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر
18 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ يَعْنِي الْفَأْفَاءَ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ»
(الشرح)
وهذا أخرجه مسلم في الصحيح، وفيه جواز الذكر في جميع الأحيان، سواء متوضئًا أو غير متوضئ، حتى ولو كان عليه جنابة فله أن يذكر الله ويسبح سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ويقرأ القرآن عن ظهر قلب إلا إذا كان عليه جنابة فلا يقرأ القرآن؛ لما جاء في حديث علي فَأَمَّا الْجُنُبُ فَلا، وَلا آيَةَ فالجنب لا يقرأ شيئًا من القرآن حتى يغتسل، أما إذا لم يكن عليه جنابة فإنه يذكر الله، وأعلى الذكر تلاوة القرآن، له أن يتلو الْقُرْآن وله أن يسبح ويهلل ويكبر ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله وهو على غير طهارة، لكن الأفضل أن يكون على طهارة، إِذَا تيسر فَهُوَ أفضل.
الطالب: حديث علي «كَانَ يقرأ الْقُرْآن عَلَى كُلّ حال ما لَمْ يكن جنبًا».
الشيخ: نعم وفي الحديث الآخر: فَأَمَّا الْجُنُبُ فَلا، وَلا آيَةَ.
(المتن)
بَابُ الْخَاتَمِ يَكُونُ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى يُدْخَلُ بِهِ الْخَلَاءُ
19 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ».
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، ثُمَّ أَلْقَاهُ» وَالْوَهْمُ فِيهِ مِنْ هَمَّامٍ، وَلَمْ يَرْوِهِ إِلَّا هَمَّامٌ "
(الشرح)
وهمام ثقة، لكنه خالف الثقات، وأبو داود يرى أن ابن جريج دلس عن الزهري، وأنه أسقط زياد بن أنس.
وقال آخرون: إن له متابعون ولم يدلس وإنه جاء ما يتابعه ويؤيده، أبو داود يقول: إن هذا إنما هو في إلقاء الخاتم.
في حديث الآخر: «أن النبي ﷺ اتخذ خاتمًا من ذهب؛ فاتخذ الناس خواتم من ذهب، ثم نزعه وألقاه» جاء النهي هذا كان في أول الأمر كان مباح التختم بالذهب، ثم جاء النهي، فاتخذ النبي خاتمًا من ورق، يعني: من فضة، وألقاه. إيش قَالَ عَلَيْهِ؟
الطالب: ذكر: وقال السخاوي في فتح المغيث: وكذا قال النسائي: إنه غير محفوظ. انتهى.
وهمام ثقة احتج به أهل الصحيح، ولكنه خالف الناس، ولم يوافق أبو داود على الحكم عليه بالنكارة؛ فقد قال موسى بن هارون: لا أدفع أن يكونا حديثين.
ومال إليه ابن حبان فصححهما معًا، ويشهد له أن ابن سعد أخرج بهذا السند: «أن أنسًا نقش بخاتمه: محمدًا رسول الله، قال: فكان إذا أراد الخلاء وضعه»؛ لَاسِيَّمَا وهمام لم ينفرد به، بل تابعه عليه يحيى بن المتوكل عن ابن جريج.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ولكنه متعقب؛ فإنهما لم يخرجا لكل منهما على انفراده. وقول الترمذي: إنه حسن صحيح غريب فيه نظر.
وبالجملة فقد قال شيخنا: إنه لا علة له عندي إلا تدليس ابن جريج؛ فإن وجد عنه التصريح بالسماع فلا مانع من الحكم بصحته في نقدي.انتهى.
الشيخ: ولم يذكر أنه صرح بالسماع، وعلى كل حال لا شك أنه ينبغي للإنسان ألا يدخل الخلاء بشيء فيه ذكر الله، خاتمًا أو غيره إذا أمكن، فإذا كان الخاتم فيه ذكر الله فإنه يخلع، إلا إذا كان يخشى عليه من الضياع، وكذلك إذا كان معه أوراق فيها ذكر الله يلقها، إلا إذا خاف عليها أن تضيع أو ينساها أو تؤخذ فيكون معذورًا في هذه الحالة، فلا بأس، وإلا فالأولى أن يلقي الخاتم.
الطالب: قال الدارقطني في كتاب العلل: رواه سعيد بن عامر وهدبة بن خالد عن همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس به، وخالفهم عمرو بن عاصم فرواه عن همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس موقوفًا جميعا من طريق همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس به وفي النسائي نزع خاتمه ولم يتابع عليه، ورواه يحيى بن المتوكل بن الضرير عن ابن جريج عن الزهري عن أنس نحو قول سعيد بن عامر ومن تابعه عن همام.
ورواه عبد الله بن حارث المخزومي وأبو عاصم وهشام بن سليمان وموسى بن طارق عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس: «أنه رأى في يد النبي ﷺ فقال: لاَ أَلْبَسُهُ أَبَدًا؛ وهذا هو المحفوظ والصحيح عن ابن جريج.انتهى.
الشيخ: وهو خاتم من الذهب، فنزعه وقال: لاَ أَلْبَسُهُ أَبَدًا؛ بعد أن جاءه الوحي، كان في أول الأمر مباحًا، وكان النبي ﷺ تختم اتخذ خاتم من ذهب فاتخذ الناس خواتمًا من ذهب، ثم نزعه النبي فنزع الناس خواتيمهم، فاتخذ النبي ﷺ الخاتم لما جاءه الوحي والنهي ثم اتخذ خاتم من ورق، من فضة.
(المتن)
بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنَ الْبَوْلِ
20 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يُحَدِّثُ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى قَبْرَيْنِ، فَقَالَ: إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ، ثُمَّ غَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا، وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا، وَقَالَ: لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا.
قَالَ هَنَّادٌ: يَسْتَتِرُ مَكَانَ يَسْتَنْزِهُ.
(الشرح)
وهذا الحديث أخرجه الشيخان، وفيه وجوب الاستنزاه والاستبراء من البول، ووجوب اجتناب النميمة، وفيه: أن عدم الاستبراء من البول والنميمة من أسباب عذاب القبر.
قوله: لَا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ؛ (ال) هنا المراد العهد، يعني: البول المعهود، وهو بول الآدمي كما جاء في اللفظ الآخر: مِنْ بَوْلِهِ احتج به بعضهم في الشافعية على أن بول ما يؤكل لحمه نجس، والصواب: أنه طاهر ليس بنجس، وأن المراد بالبول هنا البول المعهود وهو بول الآدمي، ويدل على هذا رواية أخرى: مِنْ بَوْلِهِ، فـ (أل) عوض عن (الهاء).
وأما بول الإبل فهي طاهره، والإبل الغنم والبقر ما يؤكل لحمه روثه وبوله طاهر، والدليل على هذا أن النبي ﷺ أمر العرنيين الذين استوخموا المدينة أن يلحقوا بإبل الصدقة، ويشربوا من أبوالها وألبانها، ولم يأمرهم بغسل أفواههم، ولم يقل: اغسلوا أفواهكم لأنها نجسة، فدل على أنها طاهرة، وإما البول هنا المراد بالبول المعهود بول الآدمي البول (ال) عوضا عنها من بوله أو بول غيره يعني بول الأدميين كما في اللفظ الأخر مِنْ بَوْلِهِ
أي أنه ينبغي على الإنسان أن يستنزه ويستبرئ من البول، وكذلك يحذر النميمة؛ لأنهما من أسباب عذاب القبر. تكلم عَلَى يستنزه عندك؟
الطالب: قال: يَسْتَتِرُ مَكَانَ يَسْتَنْزِهُ. كذا في أكثر الروايات بمثناتين من فوق الأولى مفتوحة والثانية مكسورة وفي رواية ابن عساكر يَسْتَبْرِئُ بموحدة ساكنة من الاستبراء، فعلى رواية الأكثر معنى الاستتار: أنه لا يجعل بينه وبين بوله سترة، يعني: لا يتحفظ منه، فتوافق رواية لَا يَسْتَنْزِهُ؛ لأنها من التنزه وهو الإبعاد.
ووقع عند أبي نعيم عن الأعمش: كان لا يتوقى وهي مفسرة للمراد.
وأجراه بعضهم على ظاهره فقال: معناه لا يستتر عورته، فقلت: لو حمل الاستتار على حقيقته للزم أن مجرد كشف العورة كان سبب العذاب المذكور.
وسياق الحديث يدل على أن للبول بالنسبة لعذاب القبر خصوصية، ويؤيده ما أخرجه ابن خزيمة من حديث أبي هريرة مرفوعًا : أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْبَوْلِ أي: بسبب ترك التحرز منه، وعند أحمد وابن ماجة من حديث أبي بكرة: أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيُعَذَّبُ فِي الْبَوْلِ ومثله للطبراني عن أنس.
الشيخ: يعني: أنه ينبغي للإنسان أن يستبرئ من البول ويتوقى ويتحفظ ويتحرز من النجاسة.
(المتن)
(الشرح)
مِنْ بَوْلِهِ، هذه مفسرة للبول (.....) كَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ وأن المراد به بول الآدمي لا بول الحيوانات، لَا يَسْتَتِرُ أو لا يَسْتَنْزِهُ روايات، يَسْتَتِرُ وفي لفظ يَسْتَنْزِهُ وفي لفظ يَسْتَبْرِئُ هَذِهِ ألفاظ.
(المتن)
22 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَخَرَجَ وَمَعَهُ دَرَقَةٌ ثُمَّ اسْتَتَرَ بِهَا، ثُمَّ بَالَ، فَقُلْنَا: انْظُرُوا إِلَيْهِ يَبُولُ كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَةُ، فَسَمِعَ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا لَقِيَ صَاحِبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، كَانُوا إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَوْلُ قَطَعُوا مَا أَصَابَهُ الْبَوْلُ مِنْهُمْ، فَنَهَاهُمْ فَعُذِّبَ فِي قَبْرِهِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ مَنْصُورٌ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: جِلْدِ أَحَدِهِمْ، وَقَالَ عَاصِمٌ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: جَسَدِ أَحَدِهِمْ.
(الشرح)
إيش قَالَ في التخريج؟
الطالب: قال: أخرجه النسائي وابن ماجة وأحمد.
الشيخ: لِأَنَّ هَذَا من عادة العرب وَأَنَّهُمْ أنكروا عَلَى النَّبِيّ ﷺ كونه يستتر، كان من عادة العرب أن الواحد يبول قائمًا، وينكرون على من بال جالسًا وقال: هذا من خصائص النساء أو من شئون النساء «انظروا إليه يبول كما تبول المرأة». وسيأتي أن البول قائمًا يجوز للحاجة وأن البول جالسًا هو الأفضل.
وفيه أن النبي استتر، فلما أنكروا عليه أنكر عليهم عليه الصلاة السلام، وبين لهم أن بني إسرائيل كان شدد عليهم في هذا، وكان الواحد منهم إذا أصابه البول يقرض مكان البول ولا يزيله بالغسل، فلما نهاهم إنسان عذب في قبره؛ لأنه نهاهم عن أمر واجب، فالنبي ﷺ أنكر عليهم وقال: كيف تنكرون عليّ استتاري من البول وصاحب بني إسرائيل لما أنكر عليهم عذب في قبره؟! كان الواحد منهم إذا أصاب أحدهم البول قرض مكانه بالمقراض ولا يجزئه الغسل، وهذا من الآصار التي عليهم، وأما في شريعتنا -والحمد لله- فإنه يطهره الغسل بالماء.
صاحب بني إسرائيل أنكر عَلَيْهِمْ ونهاهم، لما نهاهم عَنْ القرض مكان البول عذب في قبره، فالنبي أنكروا عَلَيْهِ وَقَالُوا: «انظروا إليه يبول كما تبول المرأة»؛ قَالَ: كيف تقولون هَذَا، وذكر صاحب بني إسرائيل لما نهاهم عَنْ التنزه من البول، عذب في قبره.