بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم عَلَى نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه أجمعين.
(المتن)
قَالَ الإمام أبو داود رحمه الله تعالى:
باب البول قائمًا
حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم قالا: حدثنا شعبة ح وحدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة -وهذا لفظ حفص عن سليمان عن أبي وائل عن حذيفة رضي الله عنه قال: «أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سباطة قوم فبال قائمًا، ثم دعا بماءٍ فمسح على خفيه».
قال أبو داود: قال مسدد: فذهبت أتباعد فدعاني حتى كنت عند عقبه.
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عَلَى نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
هذا الحديث أخرجه الشيخان، وهو دليل على جواز البول قائمًا عند الحاجة إلى ذلك مع التستر والأمن من نظر أحد إلى عورة الرجل، وهو مباح عند الحاجة، ولكن الأفضل البول قاعدًا وهذا هو الأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم، ولهذا روت عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يبول إلا قاعدًا»؛ لأنها علمت هذا من فعله في البيوت، وحذيفة رآه خارج البيوت، وهو مقدم على حديث عائشة, حديث عائشة قالت: «من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم بال قائمًا فلا تصدقوه؛ ما كان رسول الله يبول إلا قاعدًا»؛ وهذا على حسب علمها ما رأته في البيوت، وحذيفة رآه خارج البيوت وَهُوَ مقدم عَلَى حديث عائشة؛ لِأَنَّ حذيفة مثبت وعائشة نافية؛ والمثبت مقدم على النافي.
والسباطة هي: القمامة التي يلقى فيها الكناسة وما أشبهها.
فالنبي صلى الله عليه وسلم بال قائمًا لحاجة دعت إلى ذلك؛ لأن المكان غير مناسب للجلوس، أو لِأَنَّ البول يرتد إليه, أو لِأَنَّ الأرض صلبة ولا يأمن من رشاش البول، أو لأن الأرض وسخة، والصواب أنه فعله للحاجة، وليس لمرض كما زعمه بعضهم، فقد قال بعضهم: إنه فعل هذا لوجع في مأبضه، وهو باطن الركبة، أو لوجع في صلبه، وهذا ليس بصحيح، والصواب: أنه فعله للحاجة لبيان الجواز.
وكان أهل هراة يرونه سنة، وكان أحدهم يبول قائمًا في السنة مرة وَهَذَا ليس بواجب، والصواب: أن الأفضل البول قاعدًا، لكن إذا دعت الحاجة فلا بأس يبول قائمًا مع التستر، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة أن يدنو حتى يستره، كأنه ولاه ظهره؛ حَتَّى قرب عِنْد عقبيه, ولاه ظهره كَانَ سترةً له عليه الصلاة والسلام, والقمامة تستره من الجهة الثانية، ويحتمل أن هناك جدارًا أيضًا من الجهة الأخرى.
وفيه دليل على مشروعية مسح الخفين من الحدث الأصغر؛ لأن النبي مسح على خفيه، وحديث مسح الخفين من الأحاديث المتواترة رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يقارب سبعين صحابيًا, وَهِيَ من الأحاديث المتواترة, وَقَدْ يجمع عَلَى هَذَا أهل السُّنَّة ولا يكرها إِلَّا أهل البدع من الرافضة وأشباههم, والرافضة ليسوا أهلاً ليؤخذ بأقوالهم.
(المتن)
باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده
حدثنا محمد بن عيسى حدثنا حجاج عن ابن جريج عن حكيمة بنت أميمة ابنت رقيقة عن أمها أنها قالت: «كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل».
(الشرح)
وَهَذَا ضعيف لِأَنَّ حكيمة هَذِهِ مجهولة وأمها أميمة صحابية, لكن حكيمة مجهولة، فَهُوَ ضعيف, فلا يشرع للإنسان أن يضع إناء عنده في الليل حَتَّى يبول فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يخشى أن ينكفئ الإناء فيتنجس المحل, إِلَّا إِذَا دعت الحاجة إلى ذلك، كأن يكون الإنسان مريضًا أو كبير السن يشق عليه الخروج، وما أشبه ذلك؛ فإنه يضعه ثم يؤخذ ويوضع في مكانه، أما عند عدم الحاجة فلا ينبغي؛ لأن هذا الحديث ضعيف؛ فـحكيمة هذه مجهولة، ذكر كلامًا في التقريب عَنْ حكيمة؟
الطالب: أحسن الله إليك في التقريب لا تُعرف.
الشيخ: مجهولة عَلَى كُلّ حال الحديث ضعيف.
(المتن)
باب المواضع التي نهي عن البول فيها
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اتقوا اللاعنين! قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟! قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم».
(الشرح)
وهذا فيه تحريم التخلي في طريق الناس أو في ظلهم، والتخلي يعني: قضاء الحاجة من البول والغائط.
وقوله: «اتقوا اللاعنين», يعني: اللذين يجلبان اللعن؛ لأن الناس عادة يلعنون من رأوه يفعل ذلك، فإذا رأوا من يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم لعنوه.
فالمعنى: اتقوا ما يجلب لكم اللعن، وفي الحديث تحريم التخلي وقضاء الحاجة في طريق الناس أو في ظلهم؛ لما فيه من إفساد المحل على الناس بتنجيس المحل, وإبعاد الناس وحرمانهم من مكان الظل والطريق الذي يمرون به.
الطالب: (......)؟
الشيخ: هَذَا ليس إلا إخبار عَنْ الواقع, قَدْ يقال: من أذى النَّاس هَذَا من باب القصاص يقتصون منه, لكن المراد أن النَّاس عادةً يلعنون من يفعل ذَلِكَ.
(المتن)
حدثنا إسحاق بن سويد الرملي وعمر بن الخطاب أبو حفص وحديثه أتم أن سعيد بن الحكم حدثهم قال: أخبرنا نافع بن يزيد قال: حدثني حيوة بن شريح أن أبا سعيد الحميري حدثه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل».
(الشرح)
وهذا فيه تحريم قضاء الحاجة في هذه المواضع الثلاثة.
وقوله: «اتقوا الملاعن الثلاثة» أي: التي تجلب اللعن.
وقوله: «البراز في الموارد» يعني: طريق الناس إلى الماء، و «البراز» بفتح الباء يعني: قضاء الحاجة، أما «البراز» بكسر الباء الموحدة فتعني: المبارزة في الحرب.
وقوله: «وقارعة الطريق» يعني: طريق الناس، سميت قارعة الطريق؛ لأنها تقرعها الأقدام، والمعنى: الطريق التي تقرعها الأقدام، وهذا من إضافة الصفة إلى الموصوف، يعني: الطريق التي تقرعها الأقدام.
وقوله: «وفي ظل الناس» الظل الذي يستظل به الناس، مثل ظل الشجرة، وظل الجدار، ومثله المشمس في الشتاء، وهو المكان الذي يجلس فيه الناس في الشمس ، لما فيه من إفساده عليهم وتنجيسه.
والملاعن الثلاثة يعني: التي يلعن الناس عادة من فعلها، والمراد: اتقوا ما يجلب اللعن, البراز قضاء الحاجة في الموارد موارد الطرق إِلَى الماء, طريق النَّاس إِلَى الماء, فَإِذَا كَانَ عِنْد الماء أَيْضًا يكون أشد وأشد, والظل الَّذِي يستظل به ظل الشجر أو الجدار, طريق النَّاس أَيْضًا كَذَلِكَ, ومثله المشمس ما يجلس النَّاس فِيهِ في الشمس, كُلّ هَذَا لا يجوز للإنسان أن يقضي حاجته فِيهَا لما فِيهِ من إفسادها عَلَى النَّاس, التنجيس وإيذاء النَّاس, تخريجه؟
الطالب: عفا الله عنك, قَالَ المنذري: قَالَ المنذري: أخرجه ابن ماجة والحاكم والبيهقي من طريق عن أبي سعيد الحميري عن معاذ به, وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي، وأورده المنذري في الترغيب والترهيب.
الشيخ: يَعْنِي صحيح ثابت.
الطالب: (.....) قَالَ المفسر: هَذَا مرسل أي: منقطع، وهذا استعمال مشهور في كلام المتقدمين وسيرد كثيرًا في كلام أبي داود, قَالَ في (.....) أبو سعيد هَذَا(.....).
الشيخ: أعد السند.
الطالب: حدثنا إسحاق بن سويد الرملي وعمر بن الخطاب أبو حفص وحديثه أتم أن سعيد بن الحكم حدثهم قال: أخبرنا نافع بن يزيد قال: حدثني حيوة بن شريح أن أبا سعيد الحميري حدثه عن معاذ بن جبل.
الشيخ: (.....)؟
الطالب: في التقريب مجهول من الثالثة وروايته عَنْ معاذ مرسلة.
الشيخ: هُوَ أبو سعيد فيكون منقطع, يَقُولُ أبو داود: وَهَذَا الحديث مرسل.
الطالب: يقول أبو داود: وهذا الحديث مرسل, وَهُوَ مِمَّا انفرد به أهل مصر, أي: منقطع، وهذا استعمال مشهور في كلام المتقدمين وسيرد كثيرًا في كلام أبي داود.
الشيخ: معروف إطلاق الإرسال عَلَى الانقطاع بعض المحدثين يسمى المنقطع مرسل والمشهور أن المرسل هُوَ ما سقط منه الصحابي, ولكن الحديث المعنى الَّذِي دل عَلَيْهِ صحيح, ويشهد له الحديث السابق, الَّذِي يتخلى في طريق النَّاس وظلهم, الطريق والظل والموارد كَذَلِكَ في معناه.
الطالب: (.....)؟
الشيخ: معروف الظل الماء اللي ما يستفاد منه هَذَا معروف, وإن كَانَ الظل ما ينفع في مكان ما ينفع النَّاس ولا في طريقهم كَانَ في البرية بعيد هَذَا ما ينفع أحد, ما يستفاد منه, يَعْنِي ظل يستفاد منه هَذَا هُوَ المراد.
(المتن)
باب في البول في المستحم.
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل والحسن بن علي قالا: حدثنا عبد الرزاق قال أحمد: حدثنا معمر أخبرني أشعث وقال الحسن: عن أشعث بن عبد الله عن الحسن عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يغتسل فيه».قال أحمد: «ثم يتوضأ فيه؛ فإن عامة الوسواس منه».
(الشرح)
هذا في رواية أبي داود عن أحمد بن حنبل، فإن من شيوخه الإمام أحمد بن حنبل، وفي الحديث النهي عن البول في المستحم، يعني: مكان الاستحمام، ثم يتوضأ منه أو يغتسل منه؛ فإن عامة الوسواس منه؛ لأنه قد يصب الماء على البول فيصيبه من رشاشه أو يقع في قلبه شيء، وهذا إذا كانت الأرض لينة يبقى فيها البول، أما إذا كانت الأرض صلبة مبلطة يصب عليها الماء أو كان له طريق ينفذ منه كالبالوعة وما أشبهها، فهذا لا محذور فيه.
لِأَنَّهُ إِذَا كانت الأرض صلبة صب عَلَيْهِ يزال كما في الحمامات الآن, لكن إِذَا كانت لينة يبقى فِيهَا البول فهذا هُوَ محل النهي.
لكن الحديث فيه الحسن عن عبد الله بن مغفل لا أدري هل أدرك الحسن عبد الله بن المغفل؟! تكلم عَلَيْهِ عندك في رواية الحسن عبد الله بن مغفل؟
الطالب: ما تكلم, قَالَ: الحسن يَعْنِي ابن علي بصيغة العنعنة.
الشيخ: الحسن بن علي هُوَ؟
الطالب: نعم عفا الله عنك, قَالَ: الحسن بن علي.
الشيخ: الحسن البصري عَنْ عبد الله بن مغفل إيش قَالَ في تخريجه؟
الطالب: (.....).
الشيخ: هَذِهِ غير رواية الحسن.
الطالب: (.....).
الشيخ: لكن تكون شاهد له.
الطالب: والحسن بن أبي الحسن البصري -واسم أبيه يسار - الأنصاري مولاهم، ثقة فقيه فاضل مشهور، وكان يرسل كثيرًا ويدلس.
قال البزار: كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم، فيتجوز ويقول: حدثنا وخطبنا -يعني: قومه الذين حدثوا وخطبوا بالبصرة- هو رأس أهل الطبقة الثالثة، مات سنة عشر ومائة وَقَدْ قارب التسعين.
الشيخ: وعبد الله بن مغفل؟
الطالب: وعبد الله بن مغفل مات سنة خمس وسبعون هجرية.
الشيخ: سبعة وخمسين نحتاج أن نعرف ولادة الحسن.
الطالب: أحسن الله إليك مات سنة عشر ومائة وَقَدْ قارب التسعين.
الشيخ: قَدْ قارب التسعين عشر ومائة يَعْنِي تكون ولادته عام كم؟ قَدْ قارب التسعين ومائة وعشرية يَعْنِي عشرين.
الطالب: يكون أدركه سبعة وثلاثين سنة.
الشيخ: نعم سبعة وخمسين أدركه كبير, ما في إشكال ويشهد وله الروايات الَّتِي ذكرها(.....).
الطالب: (......)؟
الشيخ: يَعْنِي رواه بالعنعنة لكن تشهد له الروايات الأخرى, مدلس ويرسل؛ لكن الأصل السلامة إِلَّا إِذَا وجد ما يستنكر منه, ويشهد له الروايات الأخرى.
(المتن)
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير عن داود بن عبد الله عن حميد الحميري -وهو: ابن عبد الرحمن - قال: «لقيت رجلًا صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم أو يبول في مغتسله». أخرجه النسائي وأحمد في مسنده.
(الشرح)
والنهي عن الامتشاط كل يوم إنما هو لما فيه من الترفة والتنعم، وينبغي أن يكون الامتشاط يومًا بعد يوم، ويكون هذا النهي للتنزيه، والبول في المستحم كما سبق؛ لِأَنَّهُ إِذَا كانت الأرض لينة، أما إذا كانت الأرض صلبة يزول عنها البول ويعقبه الماء فلا محذور فيه، كما سبق، ويشهد عليه الحديث السابق.
(المتن)
باب النهي عن البول في الجحر.
حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة عن عبد الله بن سرجس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الجحر».
قال: قالوا لـ قتادة: ما يكره من البول في الجحر؟ قال: كان يقال: إنها مساكن الجن.
(الشرح)
وهذا الحديث في سنده عن قتادة وهذا قد يكون تدلس، والأصل السلامة، وفيه النهي عن البول في الجحر؛ وعلل ذلك: بأنها مساكن الجن والهوام والحشرات لانه قد يخرج عليه شيء من الهوام والحشرات فيؤذيه، وقد تكون مساكن للجن فيتضرر ، لهذا لا ينبغي للإنسان أن يبول في الجحر، والجحر هو: الشق في الأرض.
وقصة سعد بن عبادة مشهورة أنه بال في جحر فمات، فسمع قائل يقول: قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة رميناه بسهم فلم يخطئ فؤاده وهذه القصة مشهورة، لكنها تحتاج إلى نظر في إسنادها.
فالمقصود: أنه ينبغي للإنسان ألا يبول في الجحر؛ لما يخشى عليه من الضرر.
(المتن)
باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء.
حدثنا عمرو بن محمد الناقد حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه حدثتني عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الغائط قال: غفرانك».
(الشرح)
قوله: «غفرانك» أي: رب أسألك غفرانك, والحكمة في سؤاله المغفرة قيل: الحكمة في ذلك لتقصيره في الذكر حال قضاء الحاجة؛ لأنه ممنوع من الذكر في ذلك الوقت، فسأل ربه المغفرة على هذا التقصير.
وقيل: المعنى: أسألك غفرانك من التقصير في شكر النعمة، حيث إن الله أنعم على الإنسان بنعمة الطعام، وأبقى فيه لذته، وأخرج منه الفضلة بسهولة، وكأنه يقول: يا ألله! أنا عاجز عن شكرك، فأسألك غفرانك على التقصير في شكر النعمة التي أنعمت بها علي، وسهلت خروج الخارج, فسأل ربه عَنْ المغفرة عَنْ التقصير. إيش قَالَ عَلَى تخريجه؟
الطالب: عفا الله عنك, قَالَ: أخرجه الترمذي, وقال أبوعيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة، وابن ماجة والدارمي وأحمد وابن خزيمة والنسائي والحاكم وقال: صحيح، ووافقه الذهبي، وقال النووي في شرح المهذب: وهو حديث حسن صحيح، وغرابته لانفراد إسرائيل به، وإسرائيل ثقة حجة.
الشيخ: وهناك زيادة عند ابن ماجة: «الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني»، وهذه الزيادة ضعيفة، وأما حديث: «غفرانك»، فصحيحة ثابتة.
الطالب: (.....).
الشيخ: (.....).
(المتن)
باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء
حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا أبان حدثنا يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه، وإذا أتى الخلاء فلا يتمسح بيمينه، وإذا شرب فلا يشرب نفسًا واحدًا».
(الشرح)
هذا الحديث ثابت في الصحيحين وغيرهما، وفيه تحريم هذه الأشياء الثلاثة: مس الذكر باليمين حال البول، والتمسح من الخلاء بيمينه، أي: الاستجمار والاستنجاء باليمين؛ لأنه قد تصيبها النجاسة إذا مس ذكره بيمينه قَدْ تصيبها البول هُوَ يبول, وَإِذَا تسمح من الخارج قَدْ يصيبها اليمين شَيْء من النجاسة، واليمين موضوعة للتكريم.
وَكَذَلِكَ النفس في الشرب, يتنفس في الإناء, قوله: «وإذا شرب فلا يشرب نفسًا واحدًا» معناه: أن يزيل القدح عن فمه.
الأمران الأولان هَذَيْنِ ثابتين في الصحيحين, أَمَّا النهي عَنْ الشرب نفسًا واحدًا الجمهور يرون أن النهي هَذَا عَلَى التنزيه, لكن النبي صلى الله عليه وسلم جمع هذه الأمور الثلاثة وحكم عليها حكمًا واحدًا، والأصل في النهي التحريم هذا هو الاصل, (.....) إيش قَالَ عَلَى تخريجه؟
الطالب: قَالَ: متفق عَلَيْهِ, قَالَ: والأفعال الثلاثة إما مجزومة على النهي، أو مرفوعة على النفي.
الطالب: (.....)؟
الشيخ: مس الذكر والاستنجاء هَذَا للتحريم لاشك جاء في الصحيحين, وَهَذَا كَذَلِكَ الأصل في النهي هُوَ التحريم إِلَّا بصارف, والمؤلف رحمه الله بوب على ذلك فقال: باب كراهة, والمراد بالكراهة كراهة التحريم، فهذا هو الذي يظهر، ولكن المؤلف لم يجزم؛ لِأَنَّهُ بعضهم حمله على التنزيه، والصواب أنه على التحريم.
الطالب: (.....)؟
الشيخ: إِذَا ورد صارف لهذا النهي للتنزيه, إِذَا ثبت القاعدة أن النَّبِيّ نهى عن شيء ثم فعله فهنا يكون النهي للتنزيه، وذلك كما نهى عن الشرب قائمًا ثم شرب قائمًا.
الشيخ: (.....).
(المتن)
حدثنا محمد بن آدم بن سليمان المصيصي أخبرنا ابن أبي زائدة أخبرنا أبو أيوب -يعني: الإفريقي - عن عاصم عن المسيب بن رافع ومعبد عن حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه قال: حدثتني حفصة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه ويجعل شماله لما سوى ذلك».
(الشرح)
وهذا ثابت كما في حديث عائشة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله، وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله»، فاليمين تكون للأمور التي فيها التكريم، والشمال لما سوى ذَلِكَ, اليمين للأخذ والإعطاء والسلام والأكل والشرب، والشمال لما سوى ذلك.
(المتن)
حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع أخبرنا عيسى بن يونس عن ابن أبي عروبة عن أبي معشر عن إبراهيم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى».
(الشرح)
هذا الحديث منقطع؛ لأن إبراهيم لم يدرك عائشة، لكن يشهد له الحديث السابق، ويشهد له حديث عائشة في الصحيحين: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله، وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله»، وهو من رواية مسروق عن عائشة.
(المتن)
حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه.
(الشرح)
إيش قَالَ عَلَى الحديث اللي قبله الحديث الأول في التخريج؟
الطالب: حديث المصيصي عفا الله عنك؟
الشيخ: نعم.
الطالب: قَالَ: أخرجه أحمد والحاكم في المستدرك، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي بقوله: في سنده مجهول.
وقال المنذري: في إسناده أبو أيوب الإفريقي وعبد الله بن علي وفيه مقال.
الشيخ: واللي بعده؟
الطالب: قَالَ: أخرجه أحمد والبيهقي والبغوي في السنة، وأورده ابن حجر في «تلخيص الحبير» ونسبه إلى الطبراني.
الشيخ: واللي بعده؟
الطالب: ما ذكر شَيْء.
الشيخ: هَذَا الحديث الَّذِي فِيهِ إبراهيم؟
الطالب: نعم عفا الله عنك, ذكر الشارح عفا الله عنك, قَالَ: قال المنذري: إبراهيم لم يسمع من عائشة فهو منقطع، وأخرجه من حديث الأسود عن عائشة رضي الله عنها بمعناه، وأخرجه في اللباس من حديث مسروق عن عائشة رضي الله عنها، ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.انتهى كلامه.
الشيخ: نعم الأصل في هَذَا ما في الصحيحين من حديث مسروق عَنْ عائشة: «أن النبي كان يعجبه التيمن في تنعله» يعني: في لبس النعل، «وترجله» يعني: تسريح الشعر، «وطهوره وفي شأنه كله».
والحديثان السابقان وإن كان في كل منهما مقال لكن يشهد لهما حديث عائشة، وهو يدل على أنه يشرع للمسلم أن يقدم اليمين في الأشياء التي فيها التكريم مثل: دخول المسجد بالرجل اليمنى، ولبس الثوب والنعل والأخذ والإعطاء والسلام والأكل، فكل ذلك تقدم فيه اليمين، واليسار للعكس من ذلك: للخروج من المسجد والاستنجاء والامتخاط وما أشبه ذلك.