شعار الموقع

شرح كتاب الطهارة من سنن أبي داود_3

00:00
00:00
تحميل
143

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم عَلَى نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه أجمعين. 

(المتن) 

قَالَ الإمام أبو داود رحمه الله تعالى:  

باب السواك 

حدثنا قتيبة بن سعيد عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه قال: «لولا أن أشق على المؤمنين لأمرتهم بتأخير العشاء وبالسواك عند كل صلاة». 

(الشرح) 

(.....) في الصحيحين ثبت عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (.....) حَتَّى ذَهَبَ (.....) فِيهِ استحباب (.....) السواك «لولا أن أشق على المؤمنين لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة». وفي لفظ: «عِنْد وضوء». 

(.....) دل ذَلِكَ عَلَى الاستحباب (.....) أَنَّهُ شرط لصحة الصلاة, (.....) لكن هَذَا قول مخالف لما عَلَيْهِ الجماهير, والصواب أَنَّهُ مستحب, أَنَّهُ مستحب وَأَنَّهُ يندب عند كل صلاة وعند الوضوء، والسواك مستحب في مواضع كما سبق, مستحب عِنْد دخول البيت, وَعِنْد تغير الفم, وَعِنْد الصلاة, وَعِنْد الوضوء. 

وله فوائد عظيمة؛ حتى أوصلها بعض العلماء إلى أكثر من مائة فائدة، ومنها: أَنَّهُ يذكر الشهادة عند الموت، وفي الحديث: «السواك مطهرة للفهم مرضاة للرب». 

الطالب: قَالَ: أخرجه البخاري وليس فيه تأخير العشاء، ومسلم مقتصرًا على السواك. 

الشيخ: نعم, تأخير العشاء ثبت في حديث مستقل في الصحيحين وهو: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر العشاء يومًا حتى ذهب ثلث الليل أو نصف الليل، فجاء عمر فقال: يا رسول الله، نام النساء والصبيان، قال: إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي». 

الطالب: (.....)؟ 

الشيخ: قَالَ بَعْضُهُمْ: أصحه مالك عَنْ نافع عَنْ ابن عمر. 

(المتن) 

حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى بن يونس أخبرنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن زيد بن خالد الجهني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، قال أبو سلمة: فرأيت زيدًا يجلس في المسجد وإن السواك من أذنه موضع القلم من أذن الكاتب، فكلما قام إلى الصلاة استاك». 

(الشرح) 

وَهَذَا كما سبق الحديث ثابت, الحديث فيه عنعنة محمد بن إسحاق وهو ثقة؛ لكنه يدلس في العنعنة لكن الحديث ثابت. 

(المتن) 

حدثنا محمد بن عوف الطائي حدثنا أحمد بن خالد قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عبد الله بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قلت: «أرأيت توضؤ ابن عمر لكل صلاة طاهرًا وغير طاهر عم ذلك؟ فقال: حدثتنيه أسماء بنت زيد بن الخطاب أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر حدثها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمر بالوضوء لكل صلاة طاهرًا وغير طاهر، فلما شق ذلك عليه أُمر بالسواك لكل صلاة، فكان ابن عمر يرى أن به قوة، فكان لا يدع الوضوء لكل صلاة». قال أبو داود: إبراهيم بن سعد رواه عن محمد بن إسحاق، قال عبيد الله بن عبد الله. 

(الشرح) 

نعم هَذَا ثابت الوضوء عند كل صلاة؛ هذا مستحب ولكن ليس بواجب, فِيهِ عنعنة محمد بن إسحاق, إيش قَالَ في تخريجه؟  

الطالب: قَالَ: أخرجه الدارمي وأحمد وابن خزيمة والحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. 

الشيخ: قوله: «قال: قلت: أرأيت توضؤ ابن عمر لكل صلاة طاهرًا وغير طاهر عمَّ ذلك؟ فقال: حدثتنيه أسماء بنت زيد بن الخطاب أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر حدثها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمر بالوضوء لكل صلاة طاهرًا وغير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة، فكان ابن عمر يرى أن به قوة فكان لا يدع الوضوء لكل صلاة». 

يعني: أُمِرَ أَمْرَ استحباب، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الفتح صلى خمس صلوات بوضوء واحد، وقيل: ست صلوات، فسأله عمر، قال: «عمدًا فعلته يا عمر»؛ هَذَا لبيان الجواز, هَذَا فِيهِ عنعنة محمد بن إسحاق؛ لكن إن صح السند يحمل الْأَمْرِ عَلَى أَنَّهُ أمر استحباب, أو أن هَذَا كَانَ أولًا ثُمَّ نسخ. إيش قَالَ في التخريج؟ 

الطالب: قَالَ عفا الله عنك: أخرجه الدارمي وأحمد وابن خزيمة والحاكم في المستدرك وَقَالَ: صحيح عَلَى شرط مسلم, وَلَمْ يخرجاه ووافقه الذهبي. 

الشيخ: طيب إيش قَالَ الشارح عَلَى قول: «لأمرت», تكلم عَلَيْهِ الشارح؟ قوله: أمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. 

الطالب: قوله: «أُمر» بضم الهمزة على البناء للمجهول. 

قوله: «فلما شق ذلك عليه» أي: شق الوضوء لكل صلاة «عَلَيْهِ» أيْ: على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي التوسط شرح سنن أبي داود, وهذا الأمر يحتمل كونه خاصًا به صلى الله عليه وسلم أو شاملًا لأمته، وهو يحتمل كونه شاملًا؛ لقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة/6] بأن تكون الآية على ظاهرها. انتهى. 

قلت: وهكذا فهم علي رضي الله عنه من هذه الآية، فقد أخرج الدارمي في مسنده قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا شعبة حدثنا مسعود بن علي عن عكرمة «أن سعدًا كان يصلي الصلاة كلها بوضوء واحد، وأن عليًا كان يتوضأ لكل صلاة». 

الشيخ: هو مثل ما سبق فيه عنعنة محمد بن إسحاق، لكن إن صح الحديث فإنه يحمل عَلَى أن هَذَا كَانَ أولًا, ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رخص, أو أن الأمر أمر استحباب، إِمَّا الْأَمْرِ أمر استحباب أو أن الْأَمْرِ كَانَ أولًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ نسخ الوجوب وبقي الاستحباب؛ لِأَنَّهُ ثبت أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في يوم الفتح صلى خمس صلوات بوضوء واحد, ولما سأله عمر قال: «عمدًا فعلته يا عمر». 

الطالب: قَالَ الخطابي: ويحتج بهذا الحديث من يرى أن المتيمم لا يجمع بين صلاتي فرض بتيمم واحد، وأن عليه أن يتيمم لكل صلاة فريضة. 

قال: وذلك لأن الطهارة بالماء كانت مفروضة عليه لكل صلاة، وكان معلومًا أن حكم التيمم الذي جعل بدلًا عنها مثلها في الوجوب، فلما وقع التخفيف بالعفو عن الأصل ولم يذكر سقوط التيمم كان باقيًا على حكمه الأول. 

الشيخ: يَعْنِي هَذَا إشارة إِلَى أَنَّهُ منسوخ, كَانَ أولًا ثُمَّ نسخ, هَذَا يحمل عَلَى هَذَا أَنَّهُ كَانَ واجبًا ثُمَّ نسخ, أو أن الْأَمْرِ أمر استحباب؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك»؛ يَعْنِي: الْأَمْرِ أمر إيجاب, قَدْ أمرهم أمر ندب واستحباب. 

الطالب: فلما وقع التخفيف بالعفو عن الأصل ولم يذكر سقوط التيمم كان باقيًا على حكمه الأول, وهو قول علي بن أبي طالب وابن عمر رضي الله عنهما والنخعي وقتادة، وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، فإن سئل على هذا فقيل: فهلا كان التيمم تبعًا له في السقوط كهو في الوجوب؟ قيل: الأصل أن الشيء إذا ثبت وصار شرعًا لم يزُل عن محله إلا بيقين نسخ، وليس مع من أسقطه إلا معنى يحتمل ما ادعاه ويحتمل غيره. 

الشيخ: الَّذِينَ قَالُوا بأن التيمم لا يَجِبُ لكل وضوء استدلوا بأدلة أخرى؛ بأن الله سمى التراب طهورًا. هَذَا كلام من هَذَا؟ 

الطالب: الخطابي. 

الشيخ: شرح من؟ 

الطالب: (.....) معالم السنن للخطابي (.....) أو ينقل عَنْ نقولات فقط. 

(المتن) 

باب كيف يستاك 

حدثنا مسدد وسليمان بن داود العتكي قالا: حدثنا حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه، قال مسدد: قال: «أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستحمله فرأيته يستاك على لسانه، وقال سليمان: قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك وقد وضع السواك على طرف لسانه وهو يقول: أه أه، يعني: يتهوع». قال أبو داود: قال مسدد: كان حديثًا طويلًا ولكني اختصرته. 

(الشرح) 

الحديث طويل أصله في الصحيح, قصة أبو موسى رضي الله عنه أنه جاء مع نفر من الأشعريين يستحملون النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: يطلبونه أن يحملهم وأن يعطيهم راحلة للجهاد، فحلف ألا يحملهم قال لهم: «ليس عندي شيء أحملكم والله لا أحملكم، ثم أتي النبي صلى الله عليه وسلم بذود من الإبل من الغنيمة فقال: أين النفر الأشعريون؟ فجاءوا فأعطاهم، فلما ذهبوا قالوا: تغفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه، قد حلف ألا يعطينا وقد حملنا والله لا نفلح أبدًا، فرجعنا إليه فقلنا: يا رسول الله، إنك حلفت ألا تحملنا ثم حملتنا، فقال: «إني لست أنا حملتكم ولكن الله حملكم، قال: وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير». 

وفي هذا الحديث أنه رآه يستاك على طرف لسانه، فيكون الأفضل إذا استاك على اللسان أن يستاك طولًا وفي الأسنان عرضًا؛ لأنه إذا استاك بأسنانه طولًا قد يجرح اللثة، وإذا استاك عرضًا يكون هذا أسلم.والحديث متفق عليه. 

الشيخ: (.....). 

(المتن) 

باب في الرجل يستاك بسواك غيره 

حدثنا محمد بن عيسى أخبرنا عنبسة بن عبد الواحد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن وعنده رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فأوحى الله إليه في فضل السواك أن كبر، أعط السواك أكبرهما». 

(الشرح) 

هذا فيه تقديم الأكبر في السواك، وفيه فضل السواك، فَإِذَا أراد أن يعطي سواكًا فليعطي الأكبر, وَكَانَ إِذَا أراد أن يعطي ماءًا فَإِنَّهُ يعطي الأكبر, هَذَا إِذَا لَمْ يترتبوا, أَمَّا إِذَا تربوا فَإِنَّهُ يعطي الأيمن فالأيمن. 

فالداخل الذي معه طعام أو شراب أو سواك يعطي الأكبر ثم الأكبر وقيل: من على يمينه؛ قد ثبت في الصحيح: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسًا وعن يمينه ابن عباس وعن يساره أشياخ، فأتي بشراب لبن فقال النبي صلى الله عليه وسلم للغلام وهو ابن عباس: أتأذن أن أعطي الأشياخ وكانوا عن يساره، قال: لا والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدًا، فتله النبي صلى الله عليه وسلم في يده». إيش قَالَ عَلَى تخريجه؟ 

الطالب: قَالَ عفا الله عنك: أخرجه أبو داود. 

الشيخ: قوله: «كبر كبر», يَعْنِي قدم الأكبر في الكلام, إِذَا أراد أن يتكلم اثنان أحدهما أكبر من الآخر يقدم الأكبر, كما في قصة عبد الرحمن بن سهل لما قتل أخوه وجاء معه ابنا عمه وأراد الأصغر أن يتكلم قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «كبر كبر», إِذَا كَانَ اثنان أو ثلاثة وأراد أحد أن يتكلم قدم الأكبر, وفي السواك إذا أراد أن يدفعه إلى أحد يعطيه الأكبر، وكذلك الطعام والشراب يعطيه الأكبر، ثم إذا بقي فضل فالأكبر يعطي من على يمينه, وكذلك البخور يعطى الأكبر ثم هو يعطيه من على يمينه. 

الشيخ: (.....). 

الطالب: قال المنذري: وأخرج مسلم الحديث بمعناه من حديث ابن عمر مسندًا، وأخرجه البخاري تعليقًا, قَالَ أحمد: هُوَ ابن حزم, قَالَ لنا أبو سعيد: هُوَ ابن الأعرابي هَذَا مِمَّا تفرد به أهل المدينة. 

(المتن) 

باب غسل السواك 

حدثنا محمد بن بشار أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا عنبسة بن سعيد الكوفي الحاسب أخبرنا كثير عن عائشة أنها قالت: «كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يستاك فيعطيني السواك لأغسله فأبدأ به فأستاك، ثم أغسله وأدفعه إليه». 

(الشرح) 

أي: أنها كانت تعطيه السواك ليستاك به حتى تصيبها من البركة الَّتِي أصابته من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يخص به غيره، فإذا أعطاها السواك استاكت به ثم غسلته ثم دفعته إليه، وفيه غسل السواك للتنظيف، وإذا أراد أن يستاك به اثنان يغسل حتى لا يكون هناك نفرة للثاني، فإذا غسل أخذه الثاني من باب النظافة وإلا فلو لم يغسله فلا حرج. إيش قَالَ عَنْ تخريجه؟ 

الطالب: أخرجه البغوي (.....) في مشكاة المصابيح, وقال ابن حجر: عنبسة بن سعيد الكوفي الحاسب ثقة، وكثير مقبول.  

الشيخ: مقبول إذا توبع يكون حسنًا لغيره. 

(المتن) 

باب السواك من الفطرة  

حدثنا يحيى بن معين أخبرنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن ابن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، والاستنشاق بالماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء - يعني الاستنجاء بالماء -». 

قال زكريا: قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة. 

(الشرح) 

نعم وَهَذِهِ العشر من الفطرة يَعْنِي من الدين, جاء بها الإسلام، وهذه العشر منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب، فإعفاء اللحية واجب فرض، وكذلك قص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة كل هذه مؤقتة لا يجوز تأخيرها عن الوقت المحدد لها، كما في صحيح مسلم «أنه وقت في هذه الأشياء ألا تزيد عن أربعين يومًا» تأخيرها مكروه كراهة شديدة، فلا تؤخر حلق العانة ونتف الإبط، وقص الشارب، وقص الأظفار كذلك، وأما السواك فهو مستحب. 

قوله: «وغسل البراجم» يعني المفاصل. 

قال زكريا: «ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة» والمضمضة فرض في الوضوء وفي الغسل على الصحيح، والنسيان كما قال تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه/115]. 

والحديث أخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد في مسنده. 

(المتن) 

حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب قالا: أخبرنا حماد عن علي بن زيد عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر، قال موسى: عن أبيه، وقال داود: عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من الفطرة المضمضة والاستنشاق، فذكر نحوه ولم يذكر إعفاء اللحية، وزاد: والختان، قال: والانتضاح، ولم يذكر انتقاص الماء، يعني: الاستنجاء». 

(الشرح) 

وَهَذَا في سنده بعض المجاهيل إيش قَالَ عَلَيْهِ؟ 

الطالب: قَالَ: أخرجه ابن ماجة وأحمد من طريق حماد عن علي بن زيد، ولكنه عفا الله عنك ذكر في ترجمة بعض الرجال ابن حجر قَالَ: علي بن زيد هَذَا ابن جدعان ضعيف وسلمة بن محمد بن عمار بن ياسر مجهول. 

الشيخ: فيكون فيه ضعيف ومجهول، لكن الحديث معناه صحيح، كما سبق في الحديث السابق, هَذِهِ الأشياء الَّتِي ذكرت هذه الأشياء ومنها: المضمضة والاستنشاق وهما فرضان معروفان، والاستنجاء كذلك معروف. 

(المتن) 

قال أبو داود: وروي نحوه عن ابن عباس وقال: خمس كلها في الرأس، وذكر فيه الفرق ولم يذكر إعفاء اللحية. 

(الشرح) 

والفرق يعني: فرق الرأس، إذا كان للإنسان شعر يفرقه فرقتين في الوسط، عن اليمين وعن اليسار (.....). 

(المتن) 

قال أبو داود: وروي نحو حديث حماد عن طلق بن حبيب ومجاهد وعن بكر بن عبد الله المزني قولهم ولم يذكروا إعفاء اللحية. 

(الشرح) 

يعني: من قوله. 

(المتن) 

وفي حديث محمد بن عبد الله بن أبي مريم عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه: «وإعفاء اللحية». وعن إبراهيم النخعي نحوه وذكر إعفاء اللحية والختان. 

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم عَلَى نَبِيّنَا محمد وَعَلَى آله وصحبه أجمعين. 

قال الامام ابو داوُد: 

 باب السواك لمن قام من الليل 

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن منصور وحصين عن أبي وائل عن حذيفة رضي الله عنه قال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك». 

(الشرح) 

هذا حديث صحيح رواه مسلم، وفيه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك» يعني: يدلك فاه بالسواك، وفيه مشروعية السواك بالسواك عند الصلاة سواء كان في قيام الليل أو غيره، وفيه مشروعية الاستياك عند القيام من الليل؛ لما فيه من النظافة ولما فيه من رضا الرب سبحانه وتعالى، ولأن الإنسان عند الاستيقاظ من النوم يتغير فمه، فيستحب للمسلم أن يشوص فمه إِذَا تغيرت الرائحة وَعِنْد القيام من الليل عِنْد الصلاة, عِنْد الصلاة مشروع, ولهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة». 

(المتن) 

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد أخبرنا بهز بن حكيم عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوضع له وضوءه وسواكه، فإذا قام من الليل تخلى ثم استاك». 

(الشرح) 

الأفصح «وَضوءه» بالفتح وهو الماء، وَفِيهِ أَيْضًا ما دل عليه الحديث السابق، باب السواك عند القيام من الليل، وَهَذَا الحديث في سنده بهز بن حكيم, تكلم عَلَيْهِ؟  

الطالب: في التقريب صدوق.  

الشيخ: يَعْنِي الحديث حسن. 

(المتن) 

حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا همام عن علي بن زيد عن أم محمد عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرقد من ليل ولا نهار فيستيقظ إلا تسوك قبل أن يتوضأ». 

(الشرح) 

هذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، وفيه أم محمد وهي مجهولة. ولا شك أن السواك مشروع في كل وقت, وَهَذَا فِيهِ كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يستيقظ من نوم إِلَّا استاك, لكن السواك مشروع في كُلّ وقت. 

(المتن) 

حدثنا محمد بن عيسى أخبرنا هشيم أخبرنا حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «بت ليلة عند النبي صلى الله عليه وسلم فلما استيقظ من منامه أتى طهوره فأخذ السواك فاستاك، ثم تلا هذه الآيات: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ} [آل عمران/190] حتى قارب أن يختم السورة أو ختمها، ثم توضأ فأتى مصلاه فصلى ركعتين، ثم رجع إلى فراشه فنام ما شاء الله ثم استيقظ ففعل مثل ذلك، ثم رجع إلى فراشه فنام، ثم استيقظ ففعل مثل ذلك، كل ذلك يستاك ويصلي ركعتين، ثم أوتر». 

(الشرح) 

هذا الحديث رواه مسلم مطولًا، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ استاك ثم توضأ، وقرأ الآيات من خواتيم سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ} [آل عمران/190] إلى آخر السورة، فيشرع في قراءتها عند الاستيقاظ من النوم. 

الطالب: قال أبو داود: رواه محمد بن فضيل الضبي عن حصين قال: «فتسوك وتوضأ وهو يقول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران/190] حتى ختم السورة». 

الشيخ: رواية أبي داود رواها الشيخان أيضًا، وفيه شرعية السواك عند الوضوء وعند الصلاة وعند الاستيقاظ من النوم، (.....). 

(المتن) 

حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي حدثنا عيسى حدثنا مسعر عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: قلت لـ عائشة رضي الله عنها: «بأي شيء كان يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك». 

(الشرح) 

نعم وَهَذَا رواه الشيخان, فيه مشروعية السواك عند دخول البيت، والسواك مشروع في كل وقت، ويتأكد عند دخول البيت وعند الوضوء وعند الصلاة وعند تغير رائحة الفم، وفي الحديث: «السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب». 

الطالب: (.....)؟ 

الشيخ: في كُلّ وقت مشروع, لكن إِذَا دخل المسجد علم أَنَّهُ سيصلي, إِذَا دخل المسجد صلى تحية المسجد فيشرع له السواك. 

الطالب: (.....)؟ 

الشيخ: ما أخرجه البخاري, الحديث أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجة مختصرًا. 

(المتن) 

باب فرض الوضوء 

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ، وَلَا صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ». 

الشيخ: (.....). 

(الشرح) 

وَهَذَا رواه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما, وَفِيهِ أن المتصدق من غلول لا تقبل صدقته, والغلول هُوَ الخيانة في الغنيمة, السرقة من الغنيمة يقال لها غلول, ومثله أَيْضًا السرقة من بيت المال, الأخذ من بيت المال خفية, اختلاس من الغنيمة, مثله الأخذ من بيت المال أو الصدقات الَّتِي تجمع أو أموال, فَإِذَا أخذ من الغنيمة وتصدق فَإِنَّهُ لا تقبل صدقته, لا تقبل صدقة من غلول ولا صلاة بغير طهور؛ لِأَنَّ الطهارة شرط في صحة الصلاة فلا تصح الصلاة, فكذلك إِذا تصدق فقد أخذ هَذَا المال من غير حله, كالأخذ من الغنيمة والأخذ من بيت المال أو من صدقات تجمع هَذَا يسمى غلول, قَالَ الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[آل عمران:161]. 

وفي الحديث أن من غل أتى به يحمله يوم القيامة, قَالَ عليه الصلاة والسلام: «لا ألفين أحدكم يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر». 

وفي رواية: «لا ألفين أحدكم يوم القيامة وعلى رقبته رقاع تخفق, فيقول: يا رسول الله أغثني, فأقول: لا أملك شيئًا, قَدْ أبلغتك». أو كما قَالَ عليه الصلاة والسلام, فمن غل شيئًا جاء به يوم القيامة يحمله يعذب به, نعوذ بالله. 

(المتن) 

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ تعالى جل ذكره صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ، حَتَّى يَتَوَضَّأَ». 

(الشرح) 

نعم وَهَذَا رواه الشيخان البخاري ومسلم, وقوله: (جل ذكره) هَذِهِ زيادة من بعض النساخ, تنزيه لله U, لكنها ليست في الحديث: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ، حَتَّى يَتَوَضَّأَ». وَهَذَا رواه الشيخان وَهُوَ حديث مشهور ومعروف, والطهارة شرط في صحة الصلاة, وأن الصلاة ولا تقبل إِلَّا بالطهارة, إِمَّا بالماء أو بالتراب عِنْد العجز, عِنْد العجز أو فقد الماء. 

(المتن) 

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ». 

(الشرح) 

وَهَذَا في سنده عبد الله بن محمد بن عقيل وَهُوَ لين الحديث وَفِيهِ كلام لأهل العلم, وَهَذَا الحديث يشتمل عَلَى ثلاث جمل:  

الجملة الأولى: أن مفتاح الصلاة الطهور, أيْ: الدخول فِيهَا, لا تصح إِلَّا بها, وَهَذَا دلت عَلَيْهِ الأحاديث الأخرى, دلت عَلَيْهِ الأحاديث السابقة, حديث: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ تعالى جل ذكره صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ، حَتَّى يَتَوَضَّأَ». 

والجملة الثانية: «تحريمها التكبير», تحريمها يَعْنِي للدخول في الصلاة يلزم التكبير, وَهِيَ تكبيرة الإحرام, ومعنى تحريمها يَعْنِي إِذَا كبر ودخل في الصلاة حَرَّمَ عليها ما كَانَ منافيًا للصلاة, حَرَّمَ عَلَيْهِ الكلام والأكل والشرب والحركات المنافية للصلاة, تكبيرة الإحرام تحرم عَلَيْهِ, تدخله في الصلاة وتحرم عَلَيْهِ ما كَانَ يعمله قبل دخوله في الصلاة, والتكبير لا يجزئ غيره, لا يجزئ غير التكبير, يَقُولُ: الله أكبر, هَذَا هُوَ الصواب الَّذِي عَلَيْهِ الجماهير ودلت عَلَيْهِ النصوص. 

وروي عَنْ الشافعي أَنَّهُ أجاز: الله الأكبر, بأل, وَكَذَلِكَ أَيْضًا الأحناف, مذهب الأحناف أَنَّهُ يدخل في الصلاة بما يَدُلَّ عَلَى تعظيم الله, إن قِيلَ: الله الأجل أو الله الأعظم صح دخل في الصلاة, وَهَذَا ليس بصحيح هَذَا باطل. 

والجملة الثالثة: «وتحليلها التسليم», يَعْنِي الَّذِي يخرج من الصلاة ويتحلل منها ويباح له ما كَانَ محرمًا بالتسليم, فيقال: السلام عليكم ورحمة الله, السلام عليكم ورحمة الله, فلا يخرج من الصلاة إِلَّا بالتسيلم هَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الجماهير وروي عَنْ الأحناف أَنَّهُ يخرج منها بما ينافي الصلاة, فَإِذَا قضى التشهد انتهت الصلاة, يخرج من الصلاة بأي شَيْء, فلو أحدث خرج من الصلاة بالحدث, وَهَذَا ليس بصحيح, هَذَا أمر باطل, كون تحليلها بالتسليم اختلف العلماء هَلْ لَابُدَّ من التسليمتين أو تكفي إحداهما؟ فمن العلماء من أوجبهما وَهُوَ الصواب, وَهُوَ مذهب الإمام أحمد والجماعة, والجمهور عَلَى أن الواجب التسليمة الأولى فرض والثانية سُنَّة.إيش قَالَ عَلَيْهِ ابن القيم في الكلام هَذَا. 

الطالب: قَالَ ابن القيم: قوله صلى الله عليه وسلم: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ». 

اشتمل هَذَا الحديث عَلَى ثلاثة أحكام:  

الحكم الأول: أن مفتاح الصلاة الطهور، والمفتاح: ما يفتح به الشيء المغلق فيكون فاتحًا له، ومنه مفتاح الجنة: لا إله إلا الله.وقوله: «مفتاح الصلاة الطهور», يفيد الحصر، وأنه لا مفتاح لها سواه من طريقين:  

أحدهما: حصر المبتدأ في الخبر إذا كانا معرفتين؛ فإن الخبر لا بد وأن يكون مساويًا لمبتدأ أو أعم منه، ولا يجوز أن يكون أخص منه، فإذا كان المبتدأ معرفًا بما يقتضي عمومًا كاللام وكل ونحوهما ثم أخبر عنه بخبر اقتضى صحة الإخبار أن يكون إخبارًا عن جميع أفراد المبتدأ؛ فإنه لا فرد من أفراده إلا والخبر حاصل له، وإذا عرف هذا لزم الحصر، وأنه لا فرد من أفراد ما يفتتح به الصلاة إلا وهو الطهور، فهذا أحد الطريقين. 

والثاني: أن المبتدأ مضاف إلى الصلاة، والإضافة تعم، فكأنه قيل: جميع مفتاح الصلاة هو الطهور، وإذا كان الطهور هو جميع ما يفتح به لم يكن لها مفتاح غيره، ولهذا فهم جمهور الصحابة والأمة أن قوله تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق/4] أنه على الحصر، أي: مجموع أجلهن الذي لا أجل لهن سواه وضع الحمل، وجاءت السنة مفسرة لهذا الفهم مقررة له. 

الحكم الثاني: قوله: «وتحريمها التكبير»، وفي هذا حصر التحريم في التكبير مضي ما تقدم في حصر مفتاح الصلاة في الطهور من وجهين: وهو دليل بين أنه لا تحريم لها إلا التكبير وهذا قول الجمهور وعامة أهل العلم قديمًا وحديثًا، وقال أبو حنيفة : ينعقد بكل لفظ يدل على التعظيم، فاحتج الجمهور عليه بهذا الحديث ثم اختلفوا، فقال أحمد ومالك وأكثر السلف: يتعين لفظ: (الله أكبر) وحدها.  

وقال الشافعي : يتعين أحد اللفظين (الله أكبر) و(الله الأكبر).  

وقال أبو يوسف : يتعين التكبير وما تعرف منه نحو: (الله الكبير) ونحوه. 

الشيخ: والصواب أنه لا يجزئ إلا التكبير (الله أكبر). 

الطالب: قال: الحكم الثالث: قوله: «تحليلها التسليم»، والكلام في إفادته الحصر كالكلام في الجملتين قبله، والكلام في التسليم على قسمين: أحدهما: أنه لا ينصرف من الصلاة إلا بالتسليم، وهذا قول جمهور العلماء.  

وقال أبو حنيفة : لا يتعين التسليم بل يخرج منها بالمنافي لها من حدث أو عمل مبطل ونحوه، واستدل له بحديث ابن مسعود الذي رواه أحمد وأبو داود في تعليمه التشهد، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمه المسيء في صلاته ولو كان فرضًا لعلمه إياه، وبأنه ليس من الصلاة؛ فإنه ينافيها ويخرج به منها، ولهذا لو أتي به في أثنائها لأبطلها، وإذا لم يكن منها علم أنه شرع منافيًا لها والمنافي لا يتعين، هذا غاية ما يحتج له به. 

والجمهور أجابوا عن هذه الحجج: أما حديث ابن مسعود فقال الدارقطني والخطيب والبيهقي وأكثر الحفاظ: الصحيح أن قوله: «إذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك» من كلام ابن مسعود وصله شبابة عن زهير وجعله من كلام ابن مسعود. 

وقوله: أشبه بالصواب ممن أدرجه، وقد اتفق من روى تشهد ابن مسعود رضي الله عنه على حذيفه. 

الشيخ: (.....). 

وأما قولكم: إنه ليس من الصلاة؛ فإنه ينافيها ويخرج به منها فجوابه: أن السلام من تمامها وهو نهايتها ونهاية الشيء منه ليس خارجًا عن حقيقته، ولهذا أضيف إليها إضافة الجزء بخلاف مفتاحها؛ فإن إضافته إضافة مغاير بخلاف تحليلها فإنه يقتضي أنه لا يتحلل منها إلا به. وأما بطلان الصلاة إذا فعله في أثنائها؛ فلأنه قطع لها قبل إتمامها. 

الشيخ: ما تكلم عن حديث عبد الله بن عقيل تكلم عليه؟ 

الطالب: قال: صدوق فيه حديثه لين ويقال: تغير في آخره. 

الشيخ: تكلم عن تخريج الحديث؟ 

الطالب: قال الشارح: قال المنذري: وأخرجه الترمذي وابن ماجة, وقال الترمذي: هذا حديث أصح شيء في الباب وأحسنه. 

الشيخ: (.....)، هو حديث مشهور عمل به العلماء. 

الطالب: الخطابي يقول: والألف واللام مع الإضافة يفيدان السلب والإيجاب, وهو عنه يسلب (.....) فيما عدا المذكور (.....). 

الشيخ: يعني(.....), ما في كلام على السند هل له شواهد ومتابعات؟ 

الطالب: قال: أخرجه الترمذي وابن ماجة وأحمد والشافعي وغيره, قال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب. 

الشيخ: يعني ما في أصح منه هذا اللي ورد في هذا الباب, لكنه معروف العلماء يحتجون به والفقهاء.  

(المتن) 

باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث 

حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ح وحدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس قالا: حدثنا عبد الرحمن بن زياد -قال أبو داود : وأنا لحديث ابن يحيى أضبط- عن غطيف ، وقال محمد: عن أبي غطيف الهذلي قال: «كنت عند ابن عمر فلما نودي بالظهر توضأ فصلى، فلما نودي بالعصر توضأ، فقلت له فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات» . قال أبو داود : وهذا حديث مسدد وهو أتم . 

(الشرح) 

وهذا ضعيف، عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي ضعيف، وأبو غطيف مجهول، فيكون ضعيف عَلَى هذا، «من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات»؛ لكن إذا أراد أن يجدد الوضوء لنشاط فلا بأس. إيش قَالَ عَلَيْهِ في الشرح؟ 

قال ابو غطيف: نودي أي أذن فقلت له أي لابن عمر في تكراره الوضوء مع كونه متوضأ فقال ابن عمر على طهر أي مع كونه طاهرا كتب له عشر حسنات. 

الطالب: قال ابن رسلان في شرحه: يشبه أن يكون المراد: كتب الله به عشرة وضوءات؛ فإن أقل ما وعد به من الأضعاف الحسنة بعشر أمثالها، وقد وعد بالواحدة سبعمائة ووعد ثوابًا بغير حساب. قال المنذري : وأخرجه الترمذي وابن ماجة ، وقال الترمذي : هذا إسناد ضعيف. 

الشيخ: إذًا: الحديث ضعيف، لكن اذا جدد الوضوء إذا استعمل الوضوء ، توضأ مثلاً وقرأ القرآن أو صلى ثم أراد أن يجدد الوضوء، أما كونه يتوضأ ولم يصل بوضوئه ثم يتوضأ مرة أخرى هذا لا يعتبر تجديدًا، بل التجديد أن يصلي به الظهر فإذا جاء العصر وجدد الوضوء؛ لأنه صلى بوضوء سابق، أو جلس قرأ الْقُرْآن ثُمَّ جدد النشاط, لكن الحديث ضعيف كونه يكتب له عشر حسنات.  

الطالب: (.....)؟ 

الشيخ: كَانَ النَّبِيّ يتوضأ لكل صلاة, ثُمَّ في عام الفتح صلى خمس صلوات بوضوء واحد, سأله عمر, قَالَ: «عمدًا فعلته يا عمر» لبيان الجواز فلا بأس أن يصلي الصلوات المتعددة بوضوء واحد. 

الشيخ: (.....). 

(المتن) 

باب ما ينجس الماء 

حدثنا محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة والحسن بن علي وغيرهم قالوا: حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث». 

(الشرح) 

هذا الحديث حديث مشهور رواه الإمام أبو داود والنسائي وجماعة، فهو حديث مشهور عِنْد أهل العلم, اختلف العلماء في صحته وعدم صحته، فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه بالاضطراب، ومنهم من قال: إنه موقوف كشيخ الإسلام ابن تيمية، والأقرب أنه صحيح وأنه ثابت، سيذكر له المؤلف رحمه الله شاهد. 

 والإمام أبو داود رحمه الله بوب بقوله: باب ما ينجس الماء، فظاهر هذه الترجمة أنه يختار العمل بهذا الحديث: «سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب؟ قال: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث» . وفي لفظ: «لم ينجس» .  

قوله: «وما ينوبه» يعني: السباع ترد عليه وتنوبه مرة بعد أخرى للشرب، وقد تبول فيه، فالحديث له منطوق وله مفهوم. 

أما منطوقه: فإن الماء إذا بلغ قلتين فإنه لا ينجس، إلا إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة: اللون والطعم والريح، فهذا نجس بالإجماع، يَعْنِي المراد إِذَا لَمْ يتغير, إِذَا بلغ الماء قلتين وأصابته نجاسة فإنه لا ينجس إِلَّا إِذَا تغير, هذا منطوق الحديث.  

واختلف العلماء في المراد بالقلتين والأقرب أَنَّهُمْ قلال هجر, أن القلة تسع قربتان وشيئًا, والأقرب أن يجعل الشيء نصف, فتكون القلة قربتان ونصف، فتكون القلتان خمس قرب، وأقرب ما حددت به خمسة قرب هِيَ زراع وربع, طولًا وعرضًا وعمقًا, ما يسع ذراع وربع طولًا وعرضًا وعمقًا هَذِهِ هِيَ القلتان, فَإِذَا بلغ هَذَا المقدار فَإِنَّهُ لا يحمل الخبث ولا وينجس مهما أصابته نجاسة إِلَّا إِذَا تغيرت أحد أوصافه الثلاثة. 

ومفهوم الحديث: أنه إذا لم يبلغ الماء قلتين فإنه ينجس بمجرد وقوع النجاسة فيه ولو لم يتغير أحد أوصافه، إِذَا بلغ الماء قلتين فَإِنَّهُ لا ينجس إِلَّا بالتغير, وَإِذَا لَمْ يبلغ قلتين فَإِنَّهُ ينجس ولو لَمْ يتغير, هَذَا هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إليه جمهور العلماء والفقهاء.  

قَالُوا: ويؤيد هذا حديث ولوغ الكلب: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله»، والماء الذي يكون في الإناء أقل من القلتين فهو ينجس، قال: ويدل عليه حديث الأعرابي, حديث الأعرابي قَدْ لا يرد عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ الذنوب طهر الماء؛ لكن فرقوا بين ورود النجاسة على الماء وورود الماء على النجاسة، فقالوا: حديث الأعرابي فيه أن الماء هو الذي ورد على النجاسة. 

وذهب جمع من المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجماعة إلى أن مفهوم هَذَا الحديث أبي سعيد ملغى, ألغاه حديث أبي سعيد : «الماء طهور لا ينجسه شَيْء»؛ فلا ينجس الماء ما دون القلتين إِلَّا بالتغير, فيكون مفهوم الحديث معطل ألغاه حديث أبي سعيد: «الماء طهور لا ينجسه شَيْء»؛ وسيذكره المؤلف رحمه الله, وَهَذَا هُوَ الأقرب عملاً بالأحاديث, أن هَذَا الحديث إِنَّمَا يعمل بمنطوقه أَمَّا مفهومه فلا يعمل به. 

ولكن إذا كان الماء قليلًا في الأواني فإنه يراق لحديث الكلب إِذَا وقعت منه نجاسة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإراقة ما ولغ فِيهِ الكلب في بعض ألفاظ الحديث, في حديث مسلم: «فليهرقه», وَهَذَا هُوَ الأقرب, الأقرب أن الماء لا ينجس إِلَّا بالتغير قليلًا أو كثيرًا.  

لكن حديث القلتين يفيد أنه ينبغي للإنسان إذا كان الماء قليلًا أن ينظر فيه ويتأمل؛ فإنه قد يتغير ولا يشعر الإنسان بتغيره. إيش قَالَ عَنْ تخريجه؟ 

الطالب: قَالَ: والحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة والشافعي وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي, قال الحاكم : صحيح على شرطهما، وقد احتج بجميع رواته. وقال ابن مندة : إسناده على شرط مسلم . 

قال أبو داود : هذا لفظ ابن العلاء, وقال عثمان والحسن بن علي : عن محمد بن عباد بن جعفر ، قال أبو داود : وهو الصواب. 

الشيخ: يعني: الصواب عن محمد بن عباد بن جعفر . 

الطالب: (.....)؟ 

الشيخ: هَذَا إِذَا وقع في الماء نجاسة كيف الطريق إِلَى تطهيره؟ ذكره العلماء إِمَّا أن ينزح منه ويضاف إليه ماء كثير, أو يزال عين النجاسة, إِذَا زال عين النجاسة إذا جعل فِيهِ أشياء وزالت عنه النجاسة, وَلَمْ يتغير طعم ولا لون ولا ريح صار طهورًا, (.....) هيئة كبار العلماء في هَذَا. 

الطالب: (.....)؟ 

الشيخ: نعم إِلَّا إِذَا كَانَ الماء قليلاً في الأواني فَإِنَّهُ يراق, القليل كما هُوَ في العرف إِذَا كَانَ قليل في الأواني فَإِنَّهُ يراق, أَمَّا إِذَا كَانَ أكثر من ذَلِكَ فلا ينجس إِلَّا بالتغير, عملاً عَلَى قول المحقق هنا, أَمَّا الجمهور يرون أَنَّهُ إِذَا كَانَ أقل من القلتين ينجس ولو لَمْ يتغير. 

(المتن) 

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد ح وحدثنا أبو كامل حدثنا يزيد يعني ابن زريع عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر ، قال أبو كامل: ابن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الماء يكون في الفلاة» فذكر معناه. 

(الشرح) 

تكلم عَنْ عنعنة محمد بن إسحاق؟ 

(المتن) 

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا عاصم بن المنذر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم قال: حدثني أبي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس». 

(الشرح) 

الحديث له متابعات. 

الطالب: قَالَ: أخرجه الترمذي, وقال أبو عيسى : وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء ما لم يتغير ريحه أو طعمه, وقالوا: يكون نحوًا من خمسة رطل. 

الشيخ: هَذَا كلام من؟ 

الطالب: هَذَا عفا الله عنك مجموعة السيد محمد سيد والدكتور عبد القادر(.....).  

الشيخ: التعليق. 

الطالب: قال أبو داود : حماد بن زيد وقفه عن عاصم. 

الشيخ: جعله موقوف, وهذا هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، والموقوف يؤيد المرفوع, عَلَى كُلّ حال له متابعات والموقوف يؤيد المرفوع والحديث الَّذِي قبله متابع له, من رواية محمد بن إسحاق. 

(المتن) 

باب ما جاء في بئر بضاعة 

حدثنا محمد بن العلاء والحسن بن علي ومحمد بن سليمان الأنباري قالوا: حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن كعب عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتوضأ من بئر بضاعة؟ -وهي بئر يطرح فيها الحيض ولحم الكلاب والنتن- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الماء طهور لا ينجسه شَيْء». قال أبو داود : وقال بعضهم: عبد الرحمن بن رافع. 

(الشرح) 

وهذا حديث أبي سعيد المشهور وهو حديث بئر بضاعة: «أن النبي سئل عن بئر بضاعة -وهي بئر يلقى فيها النتن والحيض- فقال: الماء طهور لا ينجسه شَيْء».  

يعني: إلا ما غلب على طعمه أو لونه أو ريحه، كما في رواية ابن ماجة : «إلا ما غلب على طعمه أو لونه أو ريحه» وهذا ضعيف، ولكنه معلوم من النصوص الأخرى بالإجماع؛ أَنَّهُ إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه بنجاسة, وفي رواية ابن ماجة: «إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه بنجاسة تحدث فِيهِ», لكنه ضعيف. 

لكن هذا إجماع عندهم إِذَا تغير أحد أوصافه الثلاثة فَإِنَّهُ ينجس, وَهَذَا الحديث مشهور حديث بئر بضاعة رواه أبو داود والترمذي والنسائي وجماعة، وهو دليل على أن الماء لا ينجس إذا لم يتغير ولو كان أقل من القلتين، وهو يلغي مفهوم الحديث السابق. 

والمراد بإلقاء الحيض والنتن في البئر, المراد أَنَّهُمْ يلقونها خلف بيوتهم ثم تأتي الريح فتأخذها وتلقيها في البئر، وليس المراد أنهم يتعمدون إلقاءها فيه، كما ذكر الخطابي رحمه الله, قَالَ: هَذَا لا يمكن أن الصَّحَابَة,, هَذَا لا يمكن أن يصدر من إنسان يتعمد تنجيس الماء أو إلقاء القاذورات في الماء, قَالَ: هَذَا لا يمكن أن يصدر من غير الصَّحَابَة فكيف من الصَّحَابَة؟!. 

لكن المراد أَنَّهُمْ يلقونها خلف بيوتهم ثُمَّ تَأْتِيَ الريح فتأخذها والبئر في مكان منحدر فتسقط فِيهَا هَذَا الأشياء, وَقَالَ النَّبِيّ: «الماء طهور لا ينجسه شَيْء», إيش قَالَ عَنْ تخريجه؟ 

الطالب: قَالَ: أخرجه الترمذي والنسائي ، وتكلم فيه بعضهم، وحكي عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال: حديث بئر بضاعة صحيح. وقال الترمذي : هذا حديث حسن. وجود أبو أسامة هَذَا الحديث, لم يرو حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة. 

الشيخ: (.....). 

(المتن) 

حدثنا أحمد بن أبي شعيب وعبد العزيز بن يحيى الحرانيان قالا: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن سليط بن أيوب عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري ثم العدوي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقال له: إنه يستقى لك من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها لحوم الكلاب والمحايض وعذر الناس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الماء طهور لا ينجسه شَيْء» . 

قال أبو داود : سمعت قتيبة بن سعيد قال: سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها؟ قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة، قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة. قال أبو داود : وقدرت أنا بئر بضاعة بردائي مددته عليها، ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه: هل غير بناؤها عما كانت عليه؟ قال: لا، ورأيت فيها ماء متغير اللون. 

(الشرح) 

وهذا في زمن أبي داود وكانت ربما قبل ذلك أكثر، كان إذا زاد وصل إِلَى العورة، إذا وقف الإنسان وصل الماء تقريبًا إلى السرة، فإذا نقص وصل إلى الفخذين أو أعلى الفخذين، قدرها ستة أذرع, ترى في ماء متغيرًا من غير النجاسة، متغير بأشياء, لمن المراد المتغير بالنجاسة هَذَا في زمن أبي داود, ويحتمل أَنَّهُ كَانَ قبل  ذلك كَانَ الماء أكثر. 

الشيخ: (.....). 

(المتن) 

باب الماء لا يجنب  

حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص حدثنا سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليتوضأ منها أو يغتسل، فقالت له: يا رسول الله إني كنت جنبًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الماء لا يجنب». 

(الشرح) 

جزم أبو داود رحمه الله في الترجمة؛ لِأَنَّهُ أخذ من الحديث, باب الماء لا يجنب؛ لِأَنَّ النَّبِيّ قَالَ: «الماء لا يجنب», وفيه دليل على أنه لا بأس باغتسال الرجل من فضل الماء الذي اغتسلت منه المرأة، والمراد بالفضلة يَعْنِي الباقية في الإناء بعدها. 

فَهُوَ دليل عَلَى أن ما لا يجنب تغسل به للجنابة, فإذا كان الماء في إناء ثم اغتسل منه ثم جاء بعده رجل أو امرأة واغتسل فلا بأس، أو اغتسلت امرأة من ماء ثم بقي في الإناء فاغتسل به الرجل بعدها فلا بأس؛ فالماء لا يجنب ولا تنتقل إليه الجنابة, فِيهِ سماك عَنْ عكرمه فِيهِ كلام, تكلم عَلَيْهِ؟ 

الطالب: قَالَ: أخرجه الترمذي, وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة والحاكم وقال: هذا حديث صحيح في الطهارة ولم يخرجاه، ولا يحفظ له علة، ووافقه الذهبي . 

الشيخ: والمقصود: أن الماء الذي يبقى بعد المرأة طهور ليس فيه شيء، وأما الحديث الآخر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يغتسل الرجل من فضل المرأة», فهذا محمول عَلَى التنزيه, أَمَّا إِذَا لا يوجد غيره فلا كراهة فِيهِ, الأولى ألا يغتسل إِذا وجد غيره, فَإِذَا وجد غيره فلا محذور, فهذا من باب التنزيه, النهي يحمل عَلَى التنزيه في هَذَا الحديث, هَذَا الحديث حمل النهي في قوله: «نهى أن يغتسل الرجل من فضل المرأة», يحمل النهي عَلَى التنزيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من جفنة اغتسل فيها بعض أزواجه عليه الصلاة والسلام. 

الطالب: وسماك بكسر أوله وتخفيف الميم هو ابن حرب بن أوس بن خالد الذهلي البكري الكوفي أبو المغيرة وهو صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، تغير بأخرة، وكان ربما يلقن. 

الشيخ: رواته عَنْ عكرمة فِيهَا اضطراب؛ لكن له شواهد. 

الشيخ: (.....). 

(المتن) 

باب البول في الماء الراكد 

حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زائدة في حديث هشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه». 

(الشرح) 

هذا الحديث فيه تحريم البول في الماء الراكد ثم الاغتسال منه، يَعْنِي يجمع الأمرين يبول فِيهِ ثُمَّ يغتسل منه, وفي الحديث الآخر النهي عَنْ كلٍ من الأمرين, عن البول وحده والاغتسال فيه؛ وَذَلِكَ؛ لأنه إذا بال فيه فقد يقذره على غيره، إِذَا كَانَ هَذَا يبول وَهَذَا يبول وَهَذَا يبول قذره عَلَى نفسه وَعَلَى غيره, ولا يلزم من هذا النجاسة إلا إذا تغير أحد أوصافه كما سبق. 

لكنه إذا بال فيه وتتابع الناس في البول فيه أدى ذلك إلى تنجيسه، والنهي للتحريم، فيحرم على الإنسان أن يبول في الماء الراكد، أما إذا كان الماء جاريًا فلا بأس أن يغتسل فيه؛ لأنه يذهب, لكن إِذَا كَانَ الماء راكد هَذَا يحرم البول فِيهِ ثُمَّ يغتسل منه, فيحرم عَلَيْهِ أن يبول فِيهِ ثُمَّ يغتسل منه. 

وفي الحديث الآخر النهي عَنْ كُلّ واحد من الْأَمْرِين عَلَى حدة: «لا يبولن أحدكم في الماء الراكد ولا يغتسل منه». سُئِلَ أبو هريرة : كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولًا، يعني: يأخذ منه.  

إذا كان الماء في الإناء أو في الحوض لا يغتسل في وسطه, وإنما يغترف ويغتسل خارج الإناء، أو خارج الحوض, أَمَّا أن يغتسل في وسطه هَذَا قَدْ يكون يقذره عَلَى غيره, قَدْ يكون فِيهِ آثار من جسده أو شَيْء من آثار المني أو البول, فيأتي الثاني والثالث يغتسلون فيقذرونه عَلَى غيره.  

فلا ينبغي للإنسان أن يغتسل في وسط الماء وإنما يغتسل خارجه بأن يتناوله تناولًا ويغترف منه، وكذلك لا يجوز له البول في الماء الراكد حرام، أما إذا كان الماء جاريًا فلا بأس أن يغتسل في وسطه؛ لأن الجارية تذهب فيعقبها غيرها، وكذلك أيضًا إذا كان الماء جاريًا وبال فيه فلا حرج، وكذلك مياه البحار والأنهار الكبيرة.  

أما الماء الراكد فإنه يحرم عليه أن يبول فيه؛ لأنه وسيلة إلى تنجيسه وتقذيره على غيره, وَكَذَلِكَ يحرم عَلَيْهِ أن يغتسل في وسطه, وَإِنَّمَا يغتسل خارج الحوض أو خارج الإناء. إيش قَالَ عَنْ تخريجه؟ 

الطالب: قَالَ: متفق عَلَيْهِ, أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب البول في الماء الدائم، ومسلم في كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الماء الراكد، والترمذي. 

(المتن) 

حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن محمد بن عجلان قال: سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة». 

(الشرح) 

هذا فيه النهي عَنْ كُلّ واحد من الأمرين عَلَى حدة, النهي عَنْ البول والنهي عن الاغتسال، يحرم البول وحده ويحرم الاغتسال في وسط الماء الراكد، والحديث السابق فيه النهي عن الجمع بينهما: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فِيهِ», يعني: فلا يجمع بين الأمرين بأن يبول فيه ثم يغتسل، والحديث الثاني دل على النهي عن كل واحد من الأمرين على حدة، النهي عن البول، والنهي عن الاغتسال فيه للجنب، والنهي للتحريم. إيش قَالَ عَلَيْهِ. 

الطالب: قَالَ: حسن صحيح, أخرجه ابن ماجة وأحمد في مسنده. 

الشيخ: نعم ظاهره أَنَّهُ إِذَا كَانَ للتبرد يكون خارج, لِأَنَّ النهي من باب النظافة أن يكون الماء نظيف. 

الطالب: رواية محمد بن أبي عجلان عَنْ أبي هريرة؟ 

الشيخ: سبق الكلام فِيهَا وأن فِيهَا اختلاف, أعد السند. 

الطالب: حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن محمد بن عجلان قال: سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة. 

الشيخ: عَنْ أبيه هَذَا يحدث عَنْ أبيه. 

الطالب: ومحمد بن عجلان المدني صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، وهو من الخامسة، ولكن هذا الحديث يشهد للآخر. 

(المتن) 

باب الوضوء بسؤر الكلب 

حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زائدة في حديث هشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب». 

(الشرح) 

وهذا رواه مسلم والنسائي، ورواه الشيخان بلفظ آخر: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب». 

وفي لفظ: «إحداهن بالتراب», ويدل على أن الكلب نجس؛ لأن الإناء يغسل من ولوغه فيه سبع مرات إحداهن بالتراب، والأولى أن تكون الأولى حتى يغسل بالماء بعد، وفي لفظ: «وعفروه الثامنة بالتراب» سماها ثامنة؛ لأنها مع الماء تكون ثامنة, فالأولى أن تكون الأولى بالتراب حتى يغسلها بعد ذلك بالماء، وإن كانت الثامنة غسله حتى يزيل ما عليه من التراب.  

قال الأطباء: إن الكلب فيه مادة جرثومية لا يزيلها إلا التراب، وهذا من دلائل النبوة وأنه رسول الله حقًا وأنه نبي الله حقا، وأنه عليه الصلاة والسلام لم يتعلم الطب وجاء بهذا بوحي من الله، وهذا حجة للجمهور القائلين بأن الماء ينجس إذا لم يبلغ قلتين، قالوا: هذا دليل على أنه ينجس ولو كان قليلًا، ولكن هذا ليس بحجة؛ لأن هذا خاص بالكلب وبالإناء الصغير، وهو يدل على نجاسة الكلب خلافًا للبخاري ومالك رحمهما الله فإنهما يريان طهارة الكلب، والصواب أنه نجس نجاسة عينية. 

الطالب: (.....). 

الطالب: قَالَ أبو داود: وَكَذَلِكَ قَالَ أيوب وحبيب الشهيد عَنْ محمد . 

(المتن) 

حدثنا مسدد حدثنا المعتمر بن سليمان ح وحدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد جميعًا عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه بمعناه ولم يرفعاه، وزاد: «وإذا ولغ الهر غسل مرة». 

(الشرح) 

هذه الزيادة ليست ثابتة، وإنما هي مدرجة، والصواب: أن سؤر الهر كما سيأتي طاهر, إيش قَالَ عَلَى تخريجه؟ 

الشيخ: (.....). 

الطالب: قال المنذري : أخرجه مسلم والنسائي ، وأخرجه الترمذي وفيه: «أولاهن أو أخراهن بالتراب». 

(المتن) 

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا قتادة أن محمد بن سيرين حدثه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، السابعة بالتراب». قال أبو داود : وأما أبو صالح وأبو رزين والأعرج وثابت الأحنف وهمام بن منبه وأبو السدي عبد الرحمن رووه عن أبي هريرة ولم يذكروا التراب. 

(الشرح) 

واللفظ الآخر: «وعفروه الثامنة بالتراب»، ورواية البخاري : «إحداهن بالتراب». أما: «والسابعة بالتراب», أخرجه النسائي ومسلم. 

(المتن) 

حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة حدثنا أبو التياح عن مطرف عن ابن مغفل رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب، ثم قال: ما لهم ولها، فرخص في كلب الصيد وفي كلب الغنم. وقال: إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرار، والثامنة عفروه بالتراب». قال أبو داود : وهكذا قال ابن مغفل. أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة. 

(الشرح) 

وفيه دليل على أن الأمر بقتل الكلاب منسوخ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب أولًا ثم نهى عن قتل الكلاب فقال: «ما لهم ولها» وفي الحديث الآخر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الكلاب، إلا الكلب الأسود البهيم؛ فإنه شيطان». 

فالكلاب أمة من الأمم فلا تقتل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بقتلها ثم نهى عن قتلها, فلا يقتل من الكلب إِلَّا الأسود البهيم.  

وفيه دليل على أنه رخص في اقتناء كلب الصيد والماشية، وكذلك كلب الحرس، هذه الثلاث مستثناة كما جاء في الحديث وما عداها فلا يقتنى الكلب فيها. 

وفيه أنه إذا ولغ الكلب في الإناء فإنه يغسل سبع مرات إحداهن بالتراب، والأولى أن تكون الأُولى بالتراب. 

الطالب: (.....)؟ 

الشيخ: الأولى أن تكون الأولى حتى يغسلها ما بعدها, وسميت ثامنة؛ لأنها مختلطة مَعَ الماء, هِيَ سبع لكن واحده فِيهَا تراب. 

الطالب: عِنْد مسهم الإنسان يتوضأ منهم أم لا؟ 

الشيخ: إِذَا مسه ويده يابسة فلا يتوضأ ولا يغسل يده، وإن كانت يده رطبة يغسل يده والوضوء صحيح؛ فَهُوَ من نواقض الوضوء, يغسل ما أصابه, إن أصابت يده نجاسة وَهُوَ متوضأ ما يعيد الوضوء يغسل يده.  

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد